Our Logo

 سيرةكــتـــابـــةمقالات أخرى  

 

مبدعون في سينماتك

تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

سجل الزوار

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 
ندعوك لزيارة مدونة الناقد طاهر علوان
مدونة الناقد السينمائي طاهر علوان الشخصية ـ أبعاد

 

كتابة

 

مجتمعاتنا المأزومة..

اين موقعها على هذه الشاشات الصماء؟

د.طاهر علوان/ بروكسل

(1)

ربما كانت مسألة تقديم وعرض صورة المجتمع هي احدى الأشكاليات التي تجابه صانعي الفيلم ، اذ تصدق حقيقة ان الفيلم ماهو الا مرآة للواقع الأجتماعي ، هذه الفرضية المبسطة ستتسع الى مديات اخرى بتقادم التجربة السينمائية من جهة والبحث عن موضوعات مؤثرة من جهة اخرى . فالعبرة ليست في النقل المجرد للمجتمع الى الشاشة ولا مايسمى بالحفاظ على المصداقية التي تقترب من النقل الفوتوغرافي . اذ لو تم تبسيط الموضوع الى درجة النقل المباشر بموجب مايطرحه منظر كأندريه بازان لكنا ازاء فيلم محكوم بشرطه الواقعي المباشر لا بشكله الفني ، ومابين الحالتين ثمة فاصلة شاسعة بكل تأكيد.

من هنا صرنا في مواجهة البحث في المسألة الأجتماعية على اساس تراكم تنظيري عميق ومتنوع كانت البشرية قد صنعته وصار موروثا نظريا وتطبيقيا واسعا ولطالما اثيرت عبقرية مفكر عربي كأبن خلدون في استقصائه لفكرة التجمعات البشرية ومنها مثلا فهمه للحضر والتحضر في مقابل البداوة سواء من جهة السلوك الأنساني الفردي والجماعي او من جهة التجمع كشكل من اشكال التعبير عن الذات وتبادل المنافع والحفاظ على شروط البقاء وتمتد الرحلة الى منظرين كبار آخرين كماكس فيبر واوكست كومت وجان بياجيه...... وغيرهم ... من هنا وجدنا ان مجرد نقل صورة المجتمعات الى الشاشة كمجرد موضوعي ليست بكافية تحت اي قياس ، اذ لابد من توفر ( رؤية) ويالها من كلمة جامعة مانعة ، فكل ابداع في كل حقل لن يكون ولن يعني شيئا يذكر بلا رؤية وتلك محنة التخبط الأنساني وآيات الفشل لأنها ملكة من الملكات التي يختص بها كائن دون سواه ولاسبيل لأكتسابها بسهولة.

على هذا كانت الرؤية هي المحرك والمعيار في النظرة للسياق الأجتماعي ، اذ ان هذه الرؤية تفرض مايتم انتقاؤه كي نراه على الشاشة من بين مالانهاية له من الأحتمالات الأخرى.

وخذ كيف عرض مخرجون كبار صور مجتمعات بأكملها ، خذ الأفلام التي قدمت صورة ما للمجتمع الشرقي في مقابل صورة موازية للمجتمع الغربي ، خذ شخصية العربي على الشاشة ، وشخصية الآسيوي والزنجي ، اذ صار هنالك تراكم و( دستور) متفق عليه وهو غير معلن للصورة النمطية لكل هؤلاء واولئك.

 (2)

على هذا كنا ازاء اشكالية موازية : اذ كما كنا نتحدث عن الصورة التي ظهرنا عليها بحسب رؤية ( الآخر) سنتساءل عن الكيفية التي اظهرنا فيها وقدمنا فيها انفسنا نحن.

اذ يمكن ان نمضي في نقد هذا الآخر ولومه لأنه يشوه صورتنا ، لكن السؤال هو كيف قدمنا صورتنا نحن للآخر ؟وكيف تمثلت صورة مجتمعاتنا على الشاشات؟

احسب ان هذا الموضوع من الأهمية بمكان لأنه ان كانت فيه ادانة وتحفظ او عدم قبول للصورة التي صنعناها نحن لأنفسنا على الشاشات فأن السؤال هنا هو : وماتراها تكون صورتنا الحقيقية غير التي قدمتها السينما العربية لصورة العربي خلال مايقرب او يزيدعلى نصف قرن بحسب اعما ر التجارب العربية؟.

بالطبع يمكن اجراء مسوحات تتعلق بتلك الصورة التي قدمنا بها مجتمعاتنا ومن خلالها قدمنا صورا لكل من : الأسرة – الفرد مجردا- المرأة.

كانت الأسرة العربية هي التي تؤرقها متطلبات العيش ، لم تكن هنالك غير الطبقات المتوسطة والفقيرة ، لم يظهر من المجتمعات الفقيرة غير ازمات الفقر وتبع ذلك شكل العلاقة الأجتماعية الملتبسة ، و صورة المرأة الأشكالية . كان هنالك افراد سلبيون كثر ، اناس غير مكتملي الأبعاد ، لايتم الحديث عن حيواتهم الجوانية ولا رؤاهم وافكارهم في موضوعات عديدة حساسة ، ثم انهم نمطيون تماما في التعبير عن انفسهم ، كانوا في الأغلب افرادا يمتهنون مهنا بسيطة ويمضون جل وقتهم على الشاشة في اللغو ، وفي تتبع سير الآخرين.

 (3)

ليس في ماذكرناه مبالغة تتصل وتصدق على السواد الأعظم من الأفلام العربية.... وعلى هذا لم تنتج الطبقة المتوسطة تلك العقول اللماحة والواعية والقادرة على جدل الواقع ، بينما قدمت الطبقات المتوسطة واقعيا و في عموم البلاد العربية نماذج عديدة من المثقفين الجدليين ، القادرين والمؤهلين على قيادة الرأي بينما حرصت جل نتاجات السينما العربية على تجاهل هذا النموذج ، وقدمت بدلا عن ذلك رجل وامرأة الطبقة المتوسطة وهما يغرقان في لذة العيش ، هما كائنان ينشدان الحب والعلاقات الغرامية في الغالب وتدور جل هذه الأفلام في مسألة الأحتقانات العاطفية ، والمغامرات التي تخلف وراءها مايعرف بجنون الحب وعدنا معها الى قيس وليلى ... الحرمان الذي تنضح به الطبقة الفقيرة يكتسب شكل حرمان قيمي لدى الطبقة المتوسطة في امثلة من افلام السمان والخريف والنظارة السوداء والرصاصة لاتزال في جيبي و عودة الأبن الضال و ثرثرة فوق النيل والعوامة 70 والبرئ و ميرامار وزوجتي والكلب والراقصة والسياسي و المستحيل وغيرها كثير ، فالمثقف الجدلي على الشاشات العربية في الغالب هو المثقف الفاشل او في الأقل المثقف المحبط ، وهو في الغالب ايضا المثقف اليساري وهو مثقف نظري في افعاله واقواله في العديد من الأفلام وهو طوباوي ، يحلم بالمدينة الفاضلة ويقص على من حوله قصصا هلامية عن والحرية والأستقلال ورفض العبودية وتحرر المرأة ونشر العدل والمساواة ، لكن هذا المثقف الطوباوي الذي انجبته الطبقة المتوسطة في الأغلب الأعم سرعان ما سينقلب على عقبيه بعدما يتحقق الأحلام والأنقلاب ويكون هو ضمن هرم السلطة ، سيتنكر للماضي وللشعارات وأماني الحرية وكل الكلام النظري الذي يتحول بالتدريج الى شكل هجيني من البرجوازية الثورية...

واجد ان الحديث في هذا الباب يتسع الى مديات اخرى سنحاول ان نسلط الضوء عليها في فرص مقبلة انشاء الله.

سينماتك في 31 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)