حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

محمّد رُضا يكتب لـ"سينماتك"

أوراق ناقد

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

الناقد والطبّال

 

     

  

ربما لأننا نكد باحثين عن فيلم جيّد نتبنّاه، او ربما لأننا نمسك بزمام الأمور من حيث يسهل علينا تقسيم العمل حسب إنتماءات سهلة ومفاهيم جاهزة، ما أن يخرج فيلم مختلف حتى نعتبره فيلماً جيّداً نقف وراءه ونشد أزره وننطلق راقصين على قرعة طبله٠

هذا ما يحدث حالياً مع خروج فيلم »جنينة الأسماك« للمخرج يسري نصر الله الذي يقول أنه أنجز أفضل أفلامه، ويقول أن الفيلم يتعاطى ومسألة الخوف من الآخر ويربط ذلك بما حدث في الولايات المتحدة في أعقاب 11/9

أولاً، وحتى لا يكون الموضوع مفتوحاً على هناته  من الضروري طبعاً شد أزر السينمائيين المختلفين بأعمالهم عن السينما السائدة، لكن تبعاً للأعمال ذاتها وليس تبعاً للنيّات. الخطأ المتواصل الذي يرتكبه معظم النقاد العرب الذين أقرأ لهم (ولا أستطيع أن أتحدّث عن نقاد آخرين قلما تتاح لي فرصة القراءة لهم) أنهم مستعدون للتسامح وتمرير المسائل إذا ما كان المخرج ينتمي الى دائرة معيّنة بحيث يصبح هناك نوع من »التابو«، إذا كان المخرج هو يوسف شاهين او يسري نصر الله او من هذه المدرسة لا يعد هناك مجال للريب في أنه يمكن تحقيق فيلم أقل مستوى من نصف ما حققه ذات المخرج من قبل او أقل مستوى مما يجب٠

أما أنهم مستعدون للتسامح او أن قواعدهم النقدية وألفباء معرفتهم بالسينما محدودة في الأساس ما يجعل هذا الفريق يقلّد بعضه بعضاً في المواقف٠

لقد آن الأوان لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلّق بهذه المسألة. فبينما أحترم كل الآراء، الا أن المطلوب الرأي العالِم وليس الرأي الذي لا يزال أمامه مسافة من المعرفة قبل أن يستطيع الحكم على نحو دقيق وعلمي٠

الحقيقة الثانية هي أنه ليس كل فيلم من نوعية »جنينة الأسماك« جيّد لمجرد أنه مختلف وغير جماهيري وليس كل فيلم جماهيري رديء لأنه مصنوع لكافة الناس. والمخرج الذي يقبل أن يميّز فيلمه على هذا المستوى وحده على خطأ٠

إن معايير الحكم مختلطة تماماً  وتنتمي الى مواقف شخصية أكثر منها دقّة علمية ومعرفة بالسينما من الداخل. حين يذكر أحد أن الأفلام الأميركية لا تتساوى والأفلام من أوروبا قيمة، فإنه يتحدّث بمطلق غير صحيح، وربما تبعاً لموقف سياسي وليس سينمائي،  والا لما كان للسينما الأميركية كل هذا التاريخ المفعم بالإنجازات. السينما الأوروبية أيضاً لها وعليها. هناك إنتاجات مهمّة ورائعة جدّاً وأخرى لا تقل سوءاً عن أسوأ ما أنتجته السينما السائدة في هوليوود او بوليوود. كيف يُجاز لنا الحكم على هذا النحو التعميمي؟ او بالأحرى كيف لا ننساق الى الحكم التعميمي: الجواب بأن نكون على ثقافة فنية شاملة قبل أن نصل الى استنتاج٠

فيلم يسري نصر الله »جنينة الأسماك« لا علاقة له بـ 11/9 ويكاد أن لا يكون له علاقة بالخوف من أي شيء٠ علاقته بما يطرحه المخرج شفية. أي أن المخرج يقول أن فيلمي له علاقة بكذا، فيدخل المفهوم في ذات بعض النقاد، لكن الجمهور لا يقبض ذلك. أحدهم في خلال عرض الفيلم في مهرجان تطوان سأله: أين ذلك في الفيلم، فهو لم يشاهده. والحقيقة أنه لن يشاهده لأنه غير موجود٠

ذات مرّة فوجئت بالمخرج عبد اللطيف عبد الحميد  وهو يقول لي أن أحد أفلامه يقدّم حرب اكتوبر. كيف؟ سألته. فذكّرني بمشهد نسمع فيه نشوب الحرب عبر الراديو. يا سلام! هل هذا يعني أن الفيلم يقدّم او يطرح او يتحدّث عن حرب اكتوبر؟ لو كان هذا صحيحاً فإن فيلم ستيفن سبيلبرغ »ميونخ« يتحدّث عن حرب الخليج او أن فيلم»ذهب مع الريح« له علاقة بالحرب الأهلية في لبنان- أي شيء لأجل تسويق رغبة او فكرة في عقل المخرج. لكن وجود هذه الرغبة في باله لا يعني مطلقاً أنها وصلت الى الشاشة٠

فيلم »جنينة الأسماك« مجموعة ملاحظات عن الشخصيات والحياة في القاهرة منسوجة بخيط واحد يجعلها متتابعة. وعن قصد فإنه لا يحتوي على حكاية مترابطة الأحداث وقصّة تبدأ وتتطوّر وتنتهي حسب التقليد. لكن هذا وحده ليس سينما جيّدة او رديئة٠ 

سينماتك في 5 أبريل 2008