حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

محمّد رُضا يكتب لـ"سينماتك"

أوراق ناقد

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

رغبات ممنوعة

 

     

  

السبب الوحيد لوجود أفلام مثل تلك التي يحتج عليها المثقّفون لأنها تسيء الى الفن والذوق والحضارة هو الجمهور.

لولا الجمهور ما كان هناك داعياً لإنتاج أفلام مثل «كده رضا» (والكلام موجه الى غيري) و«تيمور وشفيقة» و«عندليب الدقّي» و«حرب إيطاليا» و«فول الصين العظيم» وعشرات غيرها عندنا ومئات في هوليوود ومئات، إن لم نقل ألوف في كبريات الدول المنتجة.

الجمهور يريد هذه الأفلام وحان وقتنا- نحن النقاد- لكي نفهم ذلك دون أن نُعحب به٠ والفهم ليس المعرفة لذلك حين أسمع شخصاً يقول: هذا أمر مفهوم، أتوقّف لأتبيّن ما إذا كان يقصد أن يقول: هذا أمر معلوم او معروف.

الحقيقة هي أن الأفلام الجماهيرية التي تفتح شهية الناقد للهجوم والنقد والنيل منها، هي محسوبة بعدد مشتري التذاكر. ليس عليك أن تشتري تذكرة لهذا الفيلم لكنك لا تستطيع أن تمنع الآخرين من الحذو بحذوك. الفارق بينك وبينهم أن مشروع حياتك مختلف عن مشروع حياتهم (حتى اللحظة التي يتغيّر فيها أحد من الطرفين أنت او هو- إذا ما تغيّر طرف). أولويّاتك، الحياتية والثقافية ونظرتك الى الواقع والعالم مختلفة عن أولويّاتهم ونظراتهم ومفاهيمهم. لماذا تريده أن يرى فيلماً لترنس مالك او بول توماس أندرسن إذا كان لا ينتمي الى نظرتك ومفهومك لا للسينما فحسب بل للحياة كلها. ففي نهاية المطاف ما يريده من الحياة يتمثّل في: المال والبنين وربما الآخرة. وما تريده أنت ربما يحتوى على المال ويحتوي على الجنس ويحتوي على الرغبة في دخول الجنّة لكنه يحتوي أيضاً صياغة مخ جديد لهذا العالم الذي نعيش فيه.

أنت مستعد لأن تجد نفسك في صراع أزلي مع هذه الرغبة، بينما هو مشغول في متابعة كرة القدم، وملاحقة الفتاة التي تعرّف عليها يسوقها عسل الكلام ليصل الى جسدها (كلنا اضطررنا لنفعل ذلك لكن  المثقف بيننا اختلفت وسائله لأنه كان يعرف أكثر من الآخر قليلاً)  ومشاهدة فيلم  يضحك فيه ويأكل وجبة شهية (ستكون أشهى لو كانت عزيمة). بعد كل هذه السنوات من العمل الجاد من قبل نقاد الجيل الأسبق والجيل السابق والجيل الوسط  ثم الجيل الجديد، لا يزال هناك الكثير مما يمكن فعله لكي تغزو الثقافة السينمائية عقول السائد من الجمهور.

لا أقترح أن السائد من الجمهور غبي او مفلس من هموم الحياة الأساسية، لكنه غائب وغير ملم تماماً بالتحدي الكبير الذي يواجهه العالم بأسره (عربي وغربي وسنسكريتي) في هذه الأيام حيث تم تصغير الدنيا لكي تستطيع الشركات الكبرى مد يدها الى جيوب كل واحد من  الستة بلايين نسمة على سطح هذا الكوكب شاء او أبى. وهي إذا لم تصل إليك وصل إليك جابي الضرائب هنا او محصّل الكهرباء والهاتف من هناك، او بائع الخضار والسمّان والبقّال والجزّار لأن آخرين رفعوا الأسعار عليهم فاضطروا لرفع الأسعار.

الجمهور السائد لا يكترث في معظمه لما يحدث في هذا العالم لأنه لا يتابع الا ما يلمسه مباشرة وأكثر ما يلمسه مباشرة إذا كانت صديقته مخلصة أم لا، او إذا كان محمد هنيدي يستحق المشاهدة في فيلمه الجديد او لا، او كيف سيتقرّب من هذا النافذ او ذلك الصديق لغاية ربما ليست أبعد من ركوب سيّارته الجديدة او على أمل أن يتذكّره ذاك حين يبحث عمّن يرقّيهم في العمل.

ربما هذا كلام قاس وبالتأكيد الإستتناءات كثيرة- لكنها ليست القاعدة. ورغم كل ذلك، فإن المشكلة التي تواجه المثقّف قائمة لأن السبل التي تؤدي به الى نشر ثقافته محاصرة بدورها٠

سينمائياً، لا توجد مجلة عربية متخصّصة وإذا وُجدت كيف ستصل.

لا توجد صالات تعرض المختلف من الأفلام الفنية وإذا ما وُجدت من سيدخلها؟

لا توجد علاقة قائمة لأن الجمهور السائد لم يعرف بعد لماذا عليه أن يترك «تيمور وشفيقة» ويقبل على  فيلم مثل «شفيقة ومتولي».

سينماتك في 22 مارس 2008