Our Logo

 سيرةجديد عبدالقادركــتـــابـــة  

 

مبدعون في سينماتك

تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

سجل الزوار

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

كتابة

 

أوليفر ستون:

كيندي كشف زيف وسائل الإعلام

ترجمة : عبدالقادر عقيل

(أوليفر ستون، أحد أبرز المخرجين الأمريكيين، بدأ كاتباً للسيناريو ثم مخرجاً. حازت بعض أفلامه على جوائز أوسكار. من أفلامه: ذو الندبة   Scarface   (سيناريو فقط) ، ( 1983) ، السلفادور (1986) ، الكتيبة  Platoon  (1986) ، وول ستريت (1987) ، ولد في الرابع من يوليو  Born on the Fourth of July ، وجون ف. كيندي JFK  ( (1992 

فيما يلي مقتطفات من ردوده على أسئلة وجهها له محمود حسين وريجيس دوبريه ونشرت في مجلة " رسالة اليونسكو " في عددها الصادر في أغسطس 1993) :

استطاع فيلم ( الكتيبة ) أن يستحوذ على المزاج القومي حين عرض لأول مرة. فقد كان الرئيس ريغان على وشك أن يغزو نيكاراجوا، وكان هناك شعور عام بأننا سوف ننجر إلى حرب أخرى ، وكان هناك فضول حقيقي عن حرب فيتنام، بعد ثمانية عشر أو عشرين عاماً من حدوثها. الناس كانوا يشعرون بالتعب من ريغان. ومحاكمة أوليفر نورث كانت قد بدأت لتوها في  1986 ، والرأي العام كان قد انقلب ضد عسكرة البلاد. لذا اعتقدتُ ان توقيت الفيلم كان مناسباً جداً.

فيلم (الكتيبة) كان يستند ، بشكل أساسي، على تجاربي الخاصة في فيتنام. فقد كنتُ في كتيبة المشاة الخامسة والعشرين، وسلاح الفرسان الأول. لكن الفيلم لم يكن سيرة ذاتية مباشرة وإنما وضعت القصة في قالب روائي ومزجت الشخصيات معاً. أنت لا تستطيع أن ترى جيداً عندما تكون في أتون المعركة.

لكنني شعرت بأن كل كتيبة شاركتُ فيها كانت مقسمة إلى أفراد ذوي حساسية أكبر تجاه الفيتناميين، وآخرين كانت تعوزهم الحساسية تجاه ما كنا نعمله في فيتنام. كان هناك انقسام أخلاقي داخل كل كتيبة. ورأيتُ الشيء نفسه في أمريكا عندما عدت إلى الوطن. كانت أمريكا منقسمة بين ما يدعونهم الصقور والحمائم. معظم الناس كانوا على الحياد، ولكن كانت هناك آراء قوية عند كلا الطرفين. لقد تشاجرت مع والدي، مع عائلتي، وشعرت بغربة شديدة. حاولت أن أتعامل مع هذه المشاعر في فيلم يحكي عن العودة إلى الوطن، وكان هذا في فيلم (ولد في الرابع من يوليو).

الفيلم الجيد هو الذي يسيطر عليك. الناس لا تريد أن تجلس لساعتين في الظلام لتشاهد فيلماً وثائقياً، لذا عليك أن تقدم عناصر التوتر، وعناصر الإثارة. اعتقد انني نجحت في التعامل مع الموضوعات الجادة نسبياً في أفلامي وجعلتها مثيرة للاهتمام، لذا ترى الناس ترغب في رؤيتها.  لنواجه هذه الحقيقة، هناك مليون من الأفلام التي صنعت في أوروبا، وحتى في أمريكا، التي لا يود أحد مشاهدتها. هم لا يريدون رؤية الحياة في الحقل إذا لم يكن هناك شيء يلفت انتباههم. أنت تعرف بأن الشمس تشرق، والشمس تغرب، والمزارع يغسل ثيابه. ولكن إذا كان للمزارع ابنة، وهذه الابنة متورطة في حب رجل ثري، هنا تبدأ التعقيدات، أي عندما تبدأ بإثارة اهتمام المشاهد.

الأفلام الجيدة تتلاعب بفكرتك حول هوية الشرير. ففي حين تعتقد ان شخصاً ما هو الشرير، تكتشف انه ليس كذلك. بينما ينقلب الطيب إلى شرير. لذا فان هذه الأفلام ليست بتلك البساطة. في أفلام الفريد هيتشكوك أنت نادراً ما تعرف من سيقوم بعمل ماذا وضد من. هل المرأة كانت شريرة أم طيبة في فيلم (دوار)Vertigo   ؟ . هل كاري غرانت كان طيباً أم شريراً في فيلم (المشهور) Notorious  ؟ . نحن نتلاعب بالشخصية في الأفلام .

ان تمجيد عصابات المافيا في بلادنا شيء مثير للاشمئزاز. ومع عظمة فيلم (الأب الروحي)  The Godfather  لكوبولا، بجزئيه الأول والثاني، إلا انني أعتقد بأنه من الخطأ التاريخي ان ننسب هذه الدرجة من القوة إلى رجال المافيا الذين هم ليسوا في الحقيقة سوى زمرة من قطاع الطرق الذين عملوا الكثير من أجل إفساد البلاد عبر النقابات العمالية، وتجارة الكحول والقمار، وابتزاز السياسيين وغير ذلك. أن جذور العصاباتية في بلادنا تسبق ظهور المافيا الإيطالية، وتعود إلى أيام بوس تويد، والمافيا الايرلندية، والمافيا القبيحة التي كانت في زمن جورج واشنطن. لقد وجدت جميع أشكال العصاباتية في حياة الأمريكيين ولكن من الخطأ أن نمجدها كما كنا نعمل.

لقد لمستُ عصباً حساساً جداً في فيلم (جون ف كيندي) حين هاجمتُ وسائل الإعلام واتهمتها بأن تغطيتها للحدث لم يكن من عمل مجموعة من موظفي الحكومة وحسب بل ان وسائل الإعلام تناقلت القصة وقبلتها حتى دون أن تبذل مجهوداً لمعرفة الحقيقة.. هم لم يفعلوا شيئاً على الإطلاق.  ان سلطة وسائل الإعلام، في اعتقادي، هي من أكبر المشكلات في بلادي. ان غرف الأخبار في وكالات ( سي بي اس) ، (ان بي سي) ، (أي بي سي) ، (نيوزويك)، (التايم)، (النيويورك تايمز)، إضافة إلى خمسة عشر أو عشرين وكالة أخرى، كلها تفكر بنفس الطريقة. فهم يحددون الأولويات ذاتها مراراً وتكراراً.  عندما تولى كلينتون الرئاسة، أجبروا هذا الشاب على وضع الأولويات بطريقتهم الخاصة. وقد أصروا على ذلك بفرض ضغط هائل على شخص جديد، قد يحمل أسلوباً جديداً لمواجهة الوضع.  اعتقد ان سبب ذلك يعود إلى هذا التأثير المشوه (للتعديل الأول) من الدستور، الذي لم يتوقع حتى مشرعوه أن تصل قوة وسائل الإعلام إلى هذا الحد في العصر الإلكتروني. أنا لا أعرف الحل. يجب أن تحظى بحرية الكلام، ولكن المسألة وصلت إلى درجة من الجنون حين استبدلت حرية الكلام بالرقابة على الكلام.

ان الصحافة مثل الشحارير التي تطير في نفس الوقت من على سلك الهاتف، وعندما يعود إحداها فأنها جميعاً تعود. نحن نعيش في مجتمع "أليس في بلاد العجائب " ، حيث في كل شهر نترنح تحت وطأة مسألة بعد ان ننتهي من مسألة قبلها. هم يخبروننا ما هو المهم لهذا الشهر أو ذاك.  لقد ذهبتُ إلى فيتنام نتيجة الهجوم الضاري من قبل وسائل الإعلام التي أقنعتنا بأننا يجب أن نمنع فيتنام من أن تكون حجر الدومينو التالي الذي يسقط في شرك الشيوعية.  ان وسائل الإعلام أوقعت البلاد في فوضى شديدة. وحين اغتيل كيندي اصطفوا جميعاً وراء فكرة ان مسلحاً وحيداً أطلق ثلاث رصاصات مجنونة أردت الرئيس قتيلاً، وان لم تكن هناك أدلة واقعية كافية.

اعتقد ان كيندي قُتل لأسباب سياسية، وذلك لإبعاده عن السلطة. لأنه ابتداءً من العام 1963 كان هناك تغير ملحوظ في سياسته ونظرته إلى العالم. فقد عقد اتفاقاً مع خرتشوف، ووقعا معاً معاهدة حظر التجارب النووية في عام 1963. وكان يجرى اتصالاته مع كاسترو دون علم إدارته. ووقع على مذكرة لسحب القوات الأمريكية من فيتنام. ان هذا ليس تخميناً: فالوثيقة موجودة، وتحمل توقيعه، وأطلق عليها اسم (الأمن القومي - مذكرة التنفيذ رقم 263) . ومنذ فترة وجيزة اعترف روبرت ماكنمارا (وزير الدفاع الأمريكي الأسبق) بأن كيندي كان على وشك الانسحاب من فيتنام.  لقد حدث تصميم متعجل ملحوظ حين تولى ليندون جونسون السلطة: ففي نفس اليوم الذي دفن فيه كيندي، كما بينتُ في الفيلم، استدعى جونسون الجنرال ماكسويل تايلور، ورئيس الأركان، إلى اجتماع طارئ لوضع فيتنام على رأس جدول الأعمال. وفي اليوم الذي قتل فيه كيندي عقد في هونولولو اجتماع حول موضوع فيتنام. انه لمن المثير حقاً أن نعرف ماذا حدث في اليومين أو الأيام الثلاثة التي سبقت اغتيال كيندي.

انني على ثقة من ان كيندي، لو عاش، كان سينهي، في ولايته الثانية، الحرب الباردة مع خرتشوف في نهاية الستينيات. ومن المثير للاهتمام ان خرتشوف أقصى من السلطة بعد فترة قصيرة جداً من مقتل كيندي. وهذا ما يجعلني أعتقد بأن هناك صلة بين مصير الرجلين. ذلك هو السبب الذي يجعلني أعتقد بأن الموضوع مهم جداً، ليس للتاريخ الأمريكي وحسب، بل للتاريخ العالمي في القرن العشرين.

كل الأفلام تجد لها في النهاية طريقاً إلى الوعي الباطن لبلادنا. واعتقد ان ما تغير هو الثقة في الحكومة. فحوالي عشرين مليون أمريكي شاهدوا فيلم (كيندي)، ولا اعتقد ان أي صبي سوف يقبل الآن الرواية التي تقول بأن لي هارفي أوزوالد كان قاتلاً وحيداً. الصحف الآن لا تقول ذلك كثيراً. انهم يترددون قبل أن يتكلموا .

شخص ما قال لي ان حرب الخليج لم تكن حرباً، بل فيلماً تليفزيونياً. فلم يقتل أحد من جانبنا، وحتى اننا لم نعرف ان كان هناك كل هؤلاء الناس الذين قتلوا في الجانب الآخر. لقد نشرت مجلة (التايم) ست تغطيات عن الوضع قبل بداية الحرب،  وفي نهايتها بدا صدام حسين مثل هتلر، مكتملاً بالشاربين. لقد حولوه إلى شيطان في الوعي الباطن للأمريكيين، وجعلوه وحشاً. لذا كنا جاهزين للخروج والقتل. لقد مررنا بوقت عصيب، لأنك كنت ترى ثانية الطريقة التي تستنفر بها المشاعر الوطنية.

الآن هو الوقت المناسب لي لعمل أفلام صعبة. فقد أنهيت لتوي إخراج فيلم بعنوان (السماء والأرض) Heaven and Earth  في تايلاند وفيتنام. انها قصة ثلاثين سنة في حياة فلاحة فيتنامية. ولم يكن ذلك عملاً سهلاً.

العالم الآن هو عالم الأقمار الصناعية. وأمريكا تقف على حافة التمزق. الناس يحبون الموسيقى، فيشترونها. يحبون المظاهر، فيشترون الثياب. يحبون الهامبورغر. الشبان يريدون أن يكونوا أحراراً من قيود عالم البالغين وأساليب التفكير القديمة. الآن هناك كثير من المرح .. المرح. وكثير من أفلام هوليوود تستحث مفهوم المرح هذا، لذا تجدها خفيفة ومسلية.

الأيام البحرينية في 12 ديسمبر 1993

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)