Our Logo

 سيرةجديد عبدالقادركــتـــابـــة  

 

مبدعون في سينماتك

تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

سجل الزوار

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

كتابة

 

رؤية نقدية لأفلام الزواج والطلاق في أمريكا

بقلم: توماس ديغان     ترجمة: عبدالقادر عقيل

إن لموضوع الطلاق تاريخاً طويلاً في السينما الأمريكية، ولأن السينما نوع من البارومتر السوسيولوجي، فإن أفلام الطلاق صارت تنتج في أوقات كانت فيه الأعراف الاجتماعية المتعلقة بالقوانين الجنسية، والالتزامات الزوجية، تخضع لتغيير كبير.

في فيلم " مطاردة السعادة " يعّرف ستانلي كافيل نوعاً من أفلام الطلاق، التي ظهرت في الثلاثينيات والأربعينيات، بـ " كوميديا الزواج ".  هذه الأفلام، مثل " حكاية فلادلفيا " (1940)، و " حبيبته فرايدي " (1940) ، تصوّر الزوجين وهما يتجاوزان العقبة التي كادت تؤدي إلى انفصالهما، ويتوحدان في الزواج، أو وعد بالزواج، أو إعادة الزواج.

خلال السبعينيات كان مفهوم الطلاق أكثر تسامحاً وتحرراً، وذلك عبر التبني الواسع لقانون الطلاق غير المذنب، الذي طُبق في ولاية كاليفورنيا عام 1969، وعليه فقد اتجهت كل ولاية، تقريباً، إلى تعديل قوانينها، وتبنت بعض أشكال الطلاق غير المذنب.

قبل السبعينيات كانت معظم حالات الطلاق في الولايات المتحدة تعلن على افتراض أن أحد الطرفين لابد وأن يكون مذنباً، وبأن الطرف المذنب أن يعاقب حسب قوانين نيوإنجلاند القديمة، بينما في القانون الجديد للطلاق غير المذنب فلا يعتبر أحد الزوجين "مذنباً" ويمكن أن تفسر أسباب الطلاق بـ "الاختلافات المتناقضة" .

ان التغيير الجذري في قانون الطلاق، إضافة إلى تضاعف معدلات الطلاق في الأعوام ما بين 1965-1975، أدى إلى ظهور عدد من الأفلام الدرامية الجماهيرية، التي صوّرت الجرح العاطفي الناجم عن قطع العلاقة الزوجية.  من بين هذه الأفلام نذكر فيلمي "Blume in Love" (1973) و " امرأة غير متزوجة " (1978) ، وكلاهما للمخرج بول مازورسكي، وفيلم " كرامر ضد كرامر " (1979) للمخرج روبرت بينتون، وفيلم " Shoot the Moon " (1982) للمخرج ألن باركر. وكلها أفلام تعكس الإرباك الاجتماعي الذي أحدثته المفاهيم الجديدة المتطرفة عن الزواج والطلاق.

الثيمة الشائعة في أفلام الطلاق هذه كانت التركيز على توبيخ طرف أو آخر، لكونه المسؤول عن قطع العلاقة الزوجية، أو محاولة التأمل في مصدر النزاع بين الزوجين. في فيلم " امرأة غير متزوجة " يظهر الزوج (مايكل مورفي) كشخص فج وغير مسؤول، بينما الزوجة إيريكا (جيل كلايبورغ) تبدو كامرأة ناضجة وشجاعة. في فيلم Shoot the Moon الزوج جورج دنلاب (البرت فيني) هو الذي يستحق اللوم. بينما الزوجة جوانا (ميريل ستريب) هي الملامة في فيلم " كرامر ضد كرامر ".

أحدث فيلمين عن الطلاق هما " الوقوع في الحب " Falling in Love  و " مرتان في الحياة " Twice in a Lifetime (1985)، وهما ينبئان عن بداية لاتجاه جديد في هذا النوع من الأفلام، ويشكلان اعترافاً بمباديء التشريع الجديد للطلاق غير المذنب.

كلا الفيلمين يرويان حكاية تورط أحد الزوجين في علاقة غرامية غير مشروعة تؤدي إلى فسخ الزواج، وكلاهما يختبر، بشكل تام، الجوانب الأخلاقية، ولكن دون إلقاء اللوم على الطرف الذي أحدث الطلاق نتيجة علاقته/علاقتها العاطفية الجديدة. ويتجاوز الفيلمان مسألة من هو المذنب، ليركزا على شجاعة الطرف الضال في الخروج من دائرة الزواج الفاشل الذي كان يخنق كلا الشريكين.

هذان الفيلمان يعلنان عن واقع جديد باعترافهما بإمكانية فشل أي زواج، وبأن ذلك الزواج يجب أن لا يستمر. وهما يدعمان التحولات في القيم الثقافية من تلك التي كانت تنادي باستمرارية الزواج إلى الحب في الزواج. وبالتالي فإن الزواج هنا يعرّف على أنه علاقة مؤقتة يحافظ عليها طالما انها تساعد كلا الطرفين الحصول على ما يريدانه من الحياة.

ويبدو أن المفهوم الجديد للطلاق غير المذنب، والذي أجاز تحوّل القيم في قانون الطلاق في الولايات المتحدة، قد تغاضى عن العلاقات العاطفية الجديدة وذلك على النقيض من أفلام السبعينيات، وعلى هذا فقد أحدث هذا المفهوم تخوفاً بين بعض النقاد، على سبيل المثال فقد تخوّفت الناقدة بولين كايل " من أن يكون فيلم مرتان في العمر فانتازيا مبررة لذات كل رجل ضال " (1). ولكن لا بد أن نتذكر بأن هذا هو بالتحديد دور هذا النوع من الأفلام في ثقافتنا لحل مشاكلنا الاجتماعية. يقول الناقد ديف كير " في الأفلام، حيث الأعراف المتزمتة، نجد نوعاً من التكرار وإعادة طمأنة النظام، فهذه الأفلام تلطف التناقضات في ثقافتنا، وتجعل العالم الذي نعيشه يبدو كما لو أنه مترابط منطقياً، فتمتليء كل الفجوات، وتزال كل العقبات.(2)

أفلام الطلاق غير المذنب الجديدة تتوجه نحو تعريف المجتمع الأمريكي بالأخلاقيات الاجتماعية الجديدة، والمربكة، فيما يتعلق بالطلاق والأعراف الجنسية – الاجتماعية الأكثر تساهلاً في المجتمع بشكل عام.

هذان الفيلمان يقدمان شخصياتهما كأناس عاديين، وهذا يعزز اقتراب المتفرج منها. فشخصيات مثل فرانك رافتس (روبرت دي نيرو)  وموللي جيلمور (ميريل ستريب) في فيلم "الوقوع في الحب "، وهاري مكنزي (جين هاكمان) في فيلم " مرتان في العمر" تمثل شخصية الرجل الأمريكي العادي، أو المرأة الأمريكية العادية. أناس عاديون يعيشون حياتهم اليومية. وحينما يواجهون صراعاً بين ذواتهم وبين تقاليد المجتمع فإنهم يثيرون الدهشة بشجاعتهم في رفضهم التسليم بالتقاليد الموروثة عن الزواج والعائلة.

فرانك وموللي في " الوقوع في الحب " يبدوان كشخصين طيبين، وطبيعيين، يقومان بدورهما حسب أنماط السلوك المفترض منهما في وضعهما العائلي. كلاهما حساس ويتحمل المسؤولية. فرانك أب محبوب، وموللي ابنة تعتني بأبيها المحتضر. بينما نتعرف على هاري في " مرتان في العمر" كرب عائلة تقليدية، وكعامل مجد في مصنع للصلب، يعيش وسط جماعة تقدس الفضائل التقليدية للعمل والعائلة. لا شيء يعكر صفو زواجه سوى انهما يفتقران إلى الحب الرومانتيكي، وهما، إلى هذا الحد، غير مكتملين.

أفلام الطلاق غير المذنب هذه تجابه مسألة ما إذا كان على المؤسسة التقليدية للزواج أن تحدد شكل العلاقة بين الزوجين، أو ان البناء لا بد وأن يتغير من أجل تحقيق الأهداف الذاتية. فقد تبدل المفهوم القديم " للصواب " و " الخطأ "، وحسبما تقول موللي في " الوقوع في الحب ": " فقط (حب فرانك) هو الشيء الصحيح، ما عدا ذلك فكل شيء خطأ ".

هذه الأفلام تستبدل مفهوم الزواج من التزام تعاقدي شرعي مستمر يقوم على الحب، إلى حياة جديدة من الحب تقوم على العاطفة والإخلاص.  ان الزواج يخدم وظيفة الاستقرار الاجتماعي، ويقيد حاجات المرء نحو التكامل الذاتي والحرية الجنسية بالحدود التي يرسمها المجتمع. وراء كل هذا هناك الثيمة البالية جداً والتي تقول بأن بوسع الزواج، أو انه من المفترض، أن يروض ويبطل الوجد العاطفي والنشاط الجنسي.

تلخص آن، زوجة فرانك، هذه الأزمة، في حديثها عن صديقهما إد الذي يوشك على طلاق زوجته:

فرانك: " يقول إنه لم يعد يحب زوجته ".

آن: "لم يعد أحد يحب أحداً، إذن ما من شيء جديد ".

هذه المواجهات تتناغم مع المشاهد الأولى من فيلم " مرتان في العمر "، إننا نرى هاري مكنزي وهو يحتفل بعيد ميلاده الخمسين مع زوجته كيت (إيلين برستين) وعائلته. إنه محاط بأطفاله وأحفاده، وهو محبوب يحظى باحترام الجميع وحبهم، ولكن ليس لذاته وإنما للدور الذي يلعبه كـ " جد " وكبطريرك للعائلة. لقد فقد زواجه رومانسيته وعاطفته، والهدايا التي تقدم له كلها ذات ألوان بنية – قميص، رباط عنق، سترة - ، عملياً هي مناسبة لدوره العائلي، ولكنها تفتقر إلى أي تعبير عن الذاتية.

وعلى النقيض من هذا، فإن احتفاله الحقيقي يأتي لاحقاً مع أصدقائه في الحانة المجاورة. هناك، خطواته تتسارع ووجهه يتورد. ونرى هاري، في مشهد يذكرنا بمشهد الاحتفال في الحانة في فيلم " صائد الغزلان " أشبه ما يكون في جنة للكادحين. أصدقاؤه، مثل عائلته، يقدسون قيم العائلة والعمل، ولكن هذا هو المكان الذي يستطيع فيه أن يطلق الجوانب العاطفية وغير المكبوتة في شخصيته، وهو المكان الذي تفضل زوجته أن لا تدخله، مما يعكس الانفصام الكبير في قوانين الزيجات العمالية.

ان هاري هنا، في هذه الحانة، يقابل وينجذب إلى أودري (آن مارغريت). وعندما تتطور معرفتهما إلى علاقة عاطفية فإن هاري يكون قد تجاوز حدود الأعراف التقليدية لأصدقائه، مما أفقده احترامهم. ولا بد له أن يعاني الاهانة نتيجة انتهاكه للقانون الاجتماعي.

            هذان الفيلمان يعززان القيم المطروحة في قانون الطلاق غير المذنب، باستنادهما على حبكة تظهر وجهة نظر الطرف الذي كان يطلق عليه تقليديا " الطرف المذنب ". وعلى هذا فالمتفرج يتماثل مع هاري حين يتورط مع أودري، مثلما يتماثل مع فرانك وموللي في علاقتهما الغرامية، بينما هناك إشارات قليلة عن أوضاعهما الزوجية، والتي كانت ستطرح في أفلام أخرى، كما في فيلم " لقاء قصير " (1946) حيث نعرف جذور الحب " غير المشروع " ولكن هنا ينتصر الحبيبان. إضافة إلى ذلك، هذه العلاقات الغرامية غير المشروعة تبدو أنها تتطور كأحداث طبيعية. فالعلاقة الجديدة " تحدث " وتذهل الطرفين: فرصة اللقاء تتطور إلى إعجاب متبادل ومن ثم إلى حب.

لكن ماذا عن الطرف المجروح؟

الوضع هنا يختلف عن أفلام مثل " امرأة غير متزوجة " و " كرامر ضد كرامر "، فالشخصيات في أفلام الطلاق غير المذنب لا تبدو كضحايا تعتقد انها أقوم أخلاقاً من الآخرين، وتعاني من الطرف الأناني والنذل، بل ان هذه الأفلام تصوّر المشاهد المؤلمة للمواجهة بين الطرف المخطيء والطرف الضال، وتركز على عملية الاندمال التي ستحدث بعد ذلك، عوضاً عن تحديد من هو المذنب. وعلى هذا فإن هذه الأفلام تعكس الاتجاهات الاجتماعية المعاصرة التي تظهرها مطبوعات مجموعة " فينكس "، وكتب فنون الطلاق، وبطاقات تهنئة الطلاق، وحفلات الطلاق.

وهذه الأفلام تؤكد انه، بعد قطع الرابطة الزوجية، فلا التسوية بين الزوجين محتملة، ولا لها أية أهمية درامية. والمتفرج بدوره يكتشف أن العلاقة الجديدة هي أكثر قابلية للحياة من العلاقة القديمة.

ان هذه الأفلام تطرح، بشكل واضح، الصراع الثقافي عبر عناصر تقليدية متعددة – رموز، أفكار، وأشكال أسطورية - .

ومن الموضوعات المعروفة التي طرحت أيضاً في بدايات أفلام الطلاق هو دور الصديق الحميم، الذي يقوم بدور الشخص الذي يستطيع الطرف الضال أن يتحدث معه، حتى يتمكن المتفرج من أن يشاركه مشاعره.

ويتخذ الصديق في هذه الأفلام أيضاً موقفاً، أو أكثر، من المواقف التالية:

1 -        أن يكون ناطقاً باسم الأعراف التقليدية.

2 -        أن يكون شخصاً نقيضاً كما لو أنه أنا ثانية أو شخصية مماثلة.

3 -        أن يكون اختصاصياً بالمعالجة.

وهذه المواقف الثلاثة تتجسد، بشكل واضح، عند الصديقات المشجعات لإريكا (جيل كلايبورغ) في فيلم " امرأة غير متزوجة ".

في فيلم " مرتان في الحياة " نرى نيك (بريان ديني) صديق هاري لا يوافق على الطلاق، مع إنه مهمل لزوجته. هو يسرق الأدوات من المصنع الذي يعمل به، ولكنه، أخلاقياً، يغضب لعلاقة هاري الغرامية، ويتجنب صديقه القديم.

في فيلم " الوقوع في الحب " يثق فرانك بصديقه إد (هارفي كايتل)، الذي هو أيضاً على وشك الطلاق، بينما تثق موللي بإيزابيل (ديان ويست) التي طُلقت مؤخراً. ان وجود الأصدقاء الموثوقين يدعم حقيقة ان الانفصال الزوجي شائع جداً هذه الأيام في الولايات المتحدة، وتصل نسبته إلى 50% حسبما يقول أحد المحللين: (لم يعد أحد يحب أحداً، إذن ما من شيء جديد) . إيزابيل أيضاً تقوم بدور الاخصائية بالمعالجة أثناء مساعدتها لموللي على  اجتياز محنتها.

المحاكاة الرمزية للألم والمداواة بالعلاج لها أهمية كبيرة في أفلام الطلاق غير المذنب، والتي تطرح موضوع إنهاء العلاقة الزوجية وانتقالها إلى حب جديد. وهذه الأفلام تحتوي على كثير من الترابط البصري للألم العاطفي مما يجعل المتفرج يمرّ بتجربة القلق الكامل والمهانة، التي تحدث نتيجة قطع العلاقة الزوجية، كما لو أنها لطمة على الوجه.

في فيلم " الوقوع في الحب " يرمز الوضع الحقيقي لزواج موللي بالمرض (ضعف في القلب) وموت والدها. وهو يموت في أقصى درجات الفيلم درامية، حينما تشعر موللي بذنب شديد من جراء علاقتها بفرانك، والتي جعلتها تبتعد عنه. وتنهار موللي عاطفياً في جنازة والدها وتذبل في الفراش. وفي وقت لاحق، حينما يتصل فرانك بها من أجل مقابلة أخيرة، تقود سيارتها عبر قضبان سكك الحديد المتلاصقة مجازفة بحياتها من أجل أن تلقاه.

في فيلم " مرتان في العمر " يتمثل الألم في جواب أودري للذنب المؤلم، الذي أرتكبه هاري: " أحيانا نحن بحاجة إلى الألم كي نستيقظ من غفوتنا ". هذه الفكرة تظهر في المشهد الذي نرى فيه كيت وهي تثقب أذنها كجزء من ولادة حياتها الجديدة. ان المتفرج ليجفل معها حينما يثقب المسدس المثقاب لحمة أذنها. بينما إعادة ولادة هاري يرمز له بخروجه من البيت وإقامته في شقته الخاصة. وتبدأ كيت في تغيير مظهرها الخارجي وتخرج مع بناتها إلى حفلة للعراة الذكور.

الطروحات الجنسية لهذين الفيلمين تسمح لمساواة أعظم في الفرص للمرأة من أفلام السبعينيات. فحياة الزوجة لا تتوقف إذا ما هي طُلقت، ومع ذلك فهذين الفيلمين يعكسان الاختلافات التكيفية بين النساء من مختلف الطبقات الاجتماعية- الاقتصادية.

ميريل ستريب، التي عادة ما تمثل دور المرأة الجديدة، أو البطلة المنادية في أفلامها بالمساواة، سياسياً واقتصادياً، بين الجنسين، تلعب هنا دور موللي الفنانة المحترفة والمثقفة التي ليست مقيدة تماماً بدورها كامرأة في المحافظة على استمرارية زواج فاشل. بينما كيت، رغم انها تعيش في محيط عمالي في فيلم " مرتان في العمر " إلا انها تواجه بأوقات أصعب من تلك التي تواجهها موللي، ومع ذلك فهي تظهر أقوى مما كانت هي تتوقعه.

المرض والألم يتحولان إلى الصحة العاطفية الجديدة، والموت (موت الزواج) يكون بعثاً لحياة جديدة. وتطور العلاقات العاطفية تبدو في الواقع كبداية لحياة جديدة، وعودة الشباب للطرفين المحبين. فهما يخوضان تجربة الوجد الصوفي بوقوعهما في الحب، وهما يعيشان الحياة بصورة مختلفة وجديدة، ويظهران انذهالهما الخاص والمتواصل بما يحدث لهما، وبأنهما مرغوبان من بعضهما.

في فيلم " الوقوع في الحب " يدهش فرانك صديقه إذ بأسئلته: " هل أبدو وسيماً؟ "، في حين تشعر موللي بالقلق من مظهرها واختيارها لملابسها، وتصبح مسألة أناقتها مسألة مهمة بالنسبة لها. كلاهما ينظر في المرآة، وفي صورته الجديدة. يقول فرانك: "هل حقاً أبدو مثل هذه الصورة ؟". ويدركان أخيراً حقيقة من يكونان، على النقيض من فكرتهما عما يريده المجتمع منهما.

في فيلم " مرتان في العمر " هاري يخبر أودري: "هذه هي المرة الأولى التي لا أعرف ما يخبئه لي اليوم ".

هذان الفيلمان يصوران إعادة الولادة، عبر طقوس مشاعية بدائية تعطي دلالة الحياة الجديدة. في " الوقوع في الحب " فرانك وموللي يتقابلان في بداية ونهاية الفيلم مع أعياد الميلاد، والمناسبة ترمز إلى معجزة الولادة. في " مرتان في العمر " يبدأ الفيلم بحفلة عيد ميلاد وينتهي بزواج – ابنة هاري- ووعد بزواج آخر.

قد لا يشكل هذان الفيلمان نوعاً جديداً من الأفلام، ولكن موضوع الطلاق غير المذنب تقدم بداية اتجاه جديد في أفلام الطلاق، التي تتزامن مع قبول المجتمع الأمريكي لقوانين الطلاق غير المذنب، وهي تظهر، بشكل عام، كوسيلة لتخفيف الأذى الناجم عن الطلاق، وذلك بتقليل معارك المحاكم حول من هو المذنب، وانتهاءً بالعقوبات التأديبية.

المفهوم الجديد للطلاق غير المذنب أحدث تحوّلاً كبيراً في أفلام الطلاق، باستخدام عناصر تقليدية بأسلوب جديد، لتخفيف قلق المجتمع من المفاهيم التي يطرحها قانون الطلاق غير المذنب عن الزواج والعائلة.

أوراق سينمائية (نادي البحرين للسينما) في 1 سبتمبر 1989

 

المصدر 

Cineaste Vol. XV, No, 2 1986

هوامش

جريدة "النيويوركر" 2 ديسمبر 1985.

مجلة "الفيلم الأمريكي"  إبريل 1983

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)