ما كتبه حسن حداد

 
 
 
 
أبو الدهب

1995

Abou El Dahab

 
 
 
نشر هذا المقال في جريدة اليوم السعودية
 
 
 

بطاقة الفيلم

 
 

أحمد زكي + معالي زايد + إسعاد يونس + رغدة + ممدوح وافي + محي الدين عبدالمحسن + صبري عبدالمنعم + سامي سرحان

إخراج: كريم ضياء الدين ـ تصوير: سعيد شيمي ـ  تأليف: سمير عبدالعظيم ـ  موسيقى: حسين الإمام ـ مونتاج: يوسف الملاخ ـ إنتاج: سمير عبدالعظيم

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

أبو الدهب

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

رؤية

 
 
 
 
 

لا يخفى على أحد بإن النجم الأسمر أحمد زكي هو أبرز النجوم المعاصرين في السينما المصرية.. وهو الذي يقع على عاتقه مسئولية نجاح فيلم أو فشله. ولم يأتي هذا بالطبع إلا بعد مشوار طويل من الجد والإجتهاد في إختيار أدواره بعناية فائقة، وصلت الى حد التميز والإبتكار.. حيث حرصه الدائم على التنوع في الإختيار وعدم التكرار والبعد عن الأدوار التقليدية.

إذاً ماذا حدث للفنان لأحمد زكي.. ففيلمه (أبو الدهب ـ 1995) يأتي بعد فيلميه (الرجل الثالث، وإستاكوزا)، ليشكل سقطة ثالثة، ويقدم فيه دوراً مكرراً ليس في السينما المصرية وإنما سبق وأداه هو في أكثر من فيلم.

يتحدث الفيلم عن (أبو الدهب) الشاب البسيط والفقير، الخارج من السجن حديثاً ليجد كل الأبواب موصدة أمامه، ويرى نفسه مسئولاً عن زوجة (إسعاد يونس) وإبن وشقيقة عليه أن يصرف عليهم. يعيش فترة من اليأس والإحباط من جراء عدم حصوله على مهنة شريفة يتعيش منها. الى أن يجد عملاً مع تاجر البن الذي يزاول تجارة المخدرات أيضاً. ولا يملك أبو الدهب القدرة على الهروب من قدره ورغباته، فيلقي بنفسه طائعاً بين يدي الشيطان ويشرك معه شقيقته جمالات (معالي زايد) في تجارته المحرمة هذه. وتتصاعد الأحداث بعد أن يتخلص من معلمه صاحب العمل، ويبدأ في التعامل مباشرة مع الرجل الكبير، ويصبح بذكائه ودهائه ملك تجارة المخدرات. هنا يشعر بأن زوجته لا تليق به وبمستواه الجديد، فيرتمي في حضن فكرية (رغدة) التي تطمع في ثروته وتحصل عليها بعملية نصب ساذجة. وفي ما قبل النهاية يقبض عليه متلبساً من قبل الشرطة، بعد أن تآمرت عليه شقيقته وعشيقها سيد (ممدوح وافي) ليتم زواجهما الذي يرفضه أبو الدهب. إلا أنه في النهاية يستطيع الهرب من الشرطة لينتقم من الذين خانوه. هذه هي التوليفة الدرامية التي إعتمد عليها الفيلم.

منذ الوهلة الأولى يتضح لنا بأن الفيلم هو عبارة عن نسخة مشوهة وممسوخة للفيلم الأمريكي (الوجه ذو الندبة SCARFACE) للمخرج الفذ (بريان دي بالما) وبطولة الممثل الكبير (آل باتشينو) في دور »توني مونتانا« صاحب إمبراطورية قوامها تهريب الهيرووين الى الولايات المتحدة. فأبو الذهب هو صورة باهتة لمونتانا في صعوده من الحضيض وسقوطه فيه من جديد. كما أن الشخصيات الأخرى كشقيقته جمالات وحبيبها سيد، هما عبارة عن تقليد أعمى للشقيقة وحبيبها الذي قتله مونتانا في صورة غضب لشرفه المهان. وحتى فكرية التي أغرت أبو الدهب ونصبت عليه، قد روعي في إختيارها أن تكون قريبة الشبه بشعرها الأصفر وقوامها الممشوق بعشيقة مونتانا الشقراء. ونحن إذ نذكر مثل هذا التشابه بين الفيلمين، ليس لإجراء مقارنة بينهما حيث إنتفاء أية مقارنة بين الفيلمين، لا في السيناريو ولا في الحوار، فالشخصيات في الفيلم المصري مشوهة بل ممسوخة أيضاً، والأحداث لا تخضع لأي منطق درامي. فالسيناريو يريد لنا أن نصدق بأن رجلاً في ذكاء أبو الدهب وسيطرته، يجهل علاقة شقيقته بمساعده، وهما يمارسان علاقتهما علانية أمام جميع العاملين في الشركة. ثم أن هذا الرجل يكتب كل ثروته من الإتجار في المخدرات بإسم زوجة جديدة لا يعرف عنها شيئاً، لا بسبب سوى الخوف من مطاردات المدعي الإشتراكي. فكيف يمكن لفتاة ـ مهما بلغ شأن جمالها ـ أن تدفع رجلاً عصامياً فقيراً جمع أمواله بالمغامرة والجريمة، الى أن يكتب بإسمها كل أمواله، ومن ثم تدفعه الى طلاقها.. وكل ذلك من خلال حجج واهية لا تقف أمام أي منطق. كما أن السيناريو يريدنا أن نصدق بأنه في وسع هذا الرجل الأعزل مغافلة الشرطة والهروب الى حيث خصومه الذين غدروا به فيقتلهم الواحد تلو الآخر، والشرطة على بعد خطوات معدودة منه. وهذه فقط أمثلة، فأحداث الفيلم جميعها لا تخضع لأي منطق ولا تقف أمام أي نقاش. ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على رسم الشخصيات نفسها، حيث عانت كثيراً من الضعف والتردد وعدم المصداقية.

ثم أن التوليفة الدرامية من أحداث وشخصيات، دأبت السينما المصرية على معالجتها منذ أكثر من عشر سنوات (الجنس والمخدرات.. قصة الرجل الفقير الذي يرتقي طبقياً عن طريق التخلي عن كل القيم.. وقصة المساعد الذي يعمل دون أن يدري في تهريب المخدرات.. وقصة إستمراره في هذا العمل نتيجة الفقر والمعاناة التي يعيشها.. ومن ثم التنكر لزوجته الوفية بسقوطه في حبائل حسناء تفقده صوابه).. كل هذا قدمته السينما المصرية عشرات المرات، حتى أن كل مشهد في الفيلم يذكرنا بمشاهد أخرى في أفلام سابقة. هذا إضافة الى أن الفيلم قد إمتلأ بمشاهد جنسية مبتذلة.. ذلك الجنس الذي لا يخدم بتاتاً الموقف الدرامي بقدر ما يقدم الجنس من أجل الجنس.. الجنس الذي يفتقد الى أي نوع من الجماليات. حيث تتفرغ كاميرا سعيد شيمي للتنقل بين غرف النوم ليرينا تلك المشاهد الخالية من أي إحساس ومشاعر. حيث أنها قدمت بطريقة بعيدة تماماً عن الذوق الفني السليم، سواء في حوارها أو في تصويرها.

أما المخرج كريم ضياء الدين، فقد حاول جاهداً إنتشال السيناريو من الإبتذال والسطحية، إلا أنه لم يوفق، وسقط مع الفيلم. حيث كانت مسئوليته كبيرة أمام سيناريو مهلهل كهذا.

وماذا يمكن أن يقال عن التمثيل.. فأحمد زكي بلا منازع فنان قدير، إلا أنه أخفق في الإختيار، فلم يستطع المتفرج أن يصدقه، أمام هذا السيل من التصرفات والأحداث البعيدة عن المنطق الدرامي. فالأداء، إضافة الى إمكانيات الممثل يحتاج الى الصدق الفني الذي خلا منه أداء أحمد زكي. وهذا بالطبع ينطبق على بقية الممثلين.

وقبل الختام.. نود الإشارة الى الأغاني الثلاث التي غناها أحمد زكي ولحنها حسين الإمام. منذ أن قدم أحمد زكي أغاني فيلم (كابوريا) يحاول المخرجون والمنتجون إستثمار نجاحه في الفيلم. إلا أن هذا الإستثمار لم يكن موفقاً في فيلم (أبو الدهب)، حيث بدت الأغاني دخيلة ومحشورة في الفيلم، ولا تشكل موقفاً معيناً يخدم التصاعد الدرامي في الفيلم. وإنما حشرت في الفيلم لأنها أصبحت موضه في أفلام أحمد زكي بعد فيلم (كابوريا).

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004