ما كتبه حسن حداد

 
 
 
 

Mississippi Burning

1988

الميسيسيبي يحترق

 
 
 

نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 3 مايو 1995

 
 
 

بطاقة الفيلم

 
 

تمثيل: جين هاكمان + ويليم دافوي + فرانسيس مكدورماند + براد دوريف + لي إرمي + غايلارد سارتين

إخراج: ألن باركر ـ سيناريو وحوار: كرس جيرولمو ـ تصوير: بيتر بيزيو ـ موسيقى: تريفور جونيس ـ مونتاج: جيري هامبلنج ـ إنتاج: فريدريك زولو، روبرت إف. كوليسبيري

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

Mississippi Burning

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

رؤية

 
 
 
 
 

من الأفلام الأجنبية الجيدة، الفيلم الأمريكي (المسيسبي يحترق ـ 1988). وهو من إخراج البريطاني "ألن باركر" وبطولة الأمريكي "جين هاكمان". وقد حصل الفيلم على أكثر من جائزة. فمن المجلس القومي الأمريكي، حصل هذا الفيلم على جوائز أفضل فيلم وأفضل إخراج (ألن باركر) وأفضل ممثل (جين هاكمان) وأفضل ممثلة مساعدة. كما حصل على أوسكار أفضل تصوير (بيتر بيزيو).

يضيء لنا هذا الفيلم صفحة سوداء من تاريخ أمريكا الحديث، وبالتحديد في عام 196. وهو نفس العام الذي منح فيه "مارتن لوثر كنج" جائزة نوبل للسلام. وبالتالي يركز الفيلم على واقعة حقيقية حدثت في بلدة صغيرة بولاية الميسيسبي في نفس العام، عن مقتل ثلاثة عمال (أحدهم أسود) وإخفاء جثثهم، وهم أعضاء في "لجنة الحقوق المدنية" المدافعة عن حقوق السود، على أيدي زمرة من العنصريين البيض المنتمين الى "منظمة كوكلوس كلان" الإرهابية المتطرفة. وقد وقع هذا الحادث بعد يومين ـ فقط ـ من إقرار مجلس الشيوخ وثيقة حقوق الإنسان. لذا يبذل مكتب المباحث جهوداً مكثفة للوصول الى سر إختفاء هؤلاء العمال الثلاثة، ويرسل عميلين (جين هاكمان، ويليم دافو) للتحقيق في حادث الإختفاء. يصلان الى البلدة ليجدا جواً مرعباً من التعصب والعنصرية ومظاهر الإرهاب، ويواجها كماً من التظليل والكذب من جانب السلطات المحلية، والصمت من جانب الأهالى المغلوبين على أمرهم. وبعد أحداث دامية وجهود دائبة ومكثفة من التحريات، تتخللها حوادث قتل وحرق وتخريب موجهة ضد الأهالي السود، وبفضل مكافأة مالية كبيرة (30'000 دولار)، يتم العثور على الجثث الثلاث وإعتقال مرتكبي جريمة القتل والمتورطين فيها، وهم من كبار المسئولين ورجال السلطة المحلية.

الفيلم أخرج بعد ربع قرن من حدوث هذه الجريمة البشعة (وتكلف إنتاجه خمسة عشر مليوناً من الدولارات)، يعبر عن ذلك الوعي الأمريكي الجديد ضد التفرقة العنصرية وضد منظمة كوكلوس كلان الإرهابية. هذا بالرغم من أن صانعي الفيلم قد حرفوا في التفاصيل الواقعية لهذا الحادث التاريخي، وذلك من أجل تقديم حبكة بوليسية مألوفة. حيث أن المصادر الموثقة تشير بأن مكتب المباحث الفيدرالي (FBI) ـ تحت ضغط المدعي العام آنذاك "روبرت كنيدي" ـ قد أرسل عميلين للتحقيق في الحادث. وقد نجحا في ذلك بعد أن قدما رشوة مجزية لشخص أو أكثر من أعضاء المنظمة العنصرية مقابل إفشاء سر مرتكبيها. أما مخرج الفيلم "ألن باركر"، فيبرر عدم إلتزامه بالوقائع، قائلاً: (...فيلمنا هذا ليس عن حركة الحقوق المدنية، وإنما عن الأسباب التي أدت الى ظهور هذه الحركة، وكيف أن وجودها كان ضرورياً آنذاك. ولأنه فيلم سينمائي، فقد شعرت بأن القصة ينبغي أن تكون خيالية، وكان لابد من إختيار بطلين من البيض. إنه إنعكاس لمجتمعنا بقدر ما هو إنعكاس لنظرة صناعة السينما...). ربما يتفق البعض مع بعض ما قاله المخرج، إلا أن الإنتقادات تركزت أكثر على إضفاء الموقف البطولي لعملاء الـ (FBI)، مقابل تهميش دور الأقلية السوداء والتي أظهرها الفيلم في أشكال سلبية ولا مبالية، مما أدى الى تحريف الصراع الحقيقي وإضعاف البعد الإجتماعي. وبالرغم من أن المخرج قد نجح في تقديم عمل مضاد للعنصرية، من خلال إبراز مظاهر العنف الدموي والتعصب الأعمى، وتصوير بشاعة هذا الواقع من خلال مشاهد الإرهاب والإذلال والعزل الذي يمارسه البيض ضد السود، إلا أن كل هذا قد تم على الستوى العاطفي وليس عبر التحليل السياسي العميق من خلال طرح الأبعاد السياسية والإقتصادية والإجتماعية لقضية جوهرية كهذه.

هذا من ناحية المضمون الفكري الذي يطرحه فيلم (الميسيسبي يحترق). أما من النواحي الفنية، فالفيلم عمل هام ومثير، يتميز بالجودة في التنفيذ وقدرة بصرية عالية جسدها هذا المخرج الكبير، والذي تشهد له أفلامه السابقة (قطار منتصف الليل ـ الجدار ـ بيردي ـ قلب ملاك).

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004