على الرغم من ان المهرجان لا يركز على افلام بعينها في
الاختيار الا ان الغريب ان هذه الدورة زخمت بالكثير من التجارب اللبنانية
السينمائية الشابة وغير الشابة والتي ركزت اغلبها على الحروب التي مرّ بها
لبنان والآثار السلبية التي طالت الشعب اللبناني جراء ما يحدث في وطنه من
خلال عرض اكثر من سبعة افلام في هذه الدورة. اهم هذه الأفلام “خلص” و”تحت
القصف” و”جيش من النمل” و”على الارض السماء” وغيرها، كذلك لم تركز هذا
الافلام على عرض صور مباشرة للحرب او لأصوات الانفجارات وانما اقتصر الامر
على الرمزية مع لقطات سرعة لمناطق او اشخاص من ضحايا الحرب على لبنان، ولا
شك في ان قبول مهرجان دبي لهذه التجارب الشابة يعتبر دعما كبيرا لاصحابها
الذين اشادوا بهذا الامر في إطار الحديث عن تفاصيل افلامهم.
فيلم المخرج برهان علوية “خلص” على رأس الافلام المعروضة والتي
تدور حول الحرب في لبنان وويلاتها النفسية على اللبنانيين حيث تدور قصة
الفيلم حول صديقين حميمين من ايام الحرب الاهلية فشلا في تحقيق احلامهما
بسبب الدمار والمعاناة النفسية نتيجة الحرب ويتجهان الى السرقة معتقدين
انها الطريق الوحيد للنجاح ويصور المخرج تجربة احدهما في الرغبة في
الانتقام من حبيبته حيث يفشل في ذلك، فتارة يهرب اليها وتارة أخرى يبعد
عنها وهو ما يؤكد ان الفشل شمل كل نواحي الحياة. ويؤكد علوية انه قصد من
هذا الفيلم تسليط الضوء على جدلية العلاقة بين الانسان والارض وبين الوطن
والمواطن، واشار علوية البلجيكي الجنسية اللبناني الاصل الى قلة الافلام
التي تدور حول هذه الفكرة عربيا على الرغم من الازمات التي يمر بها الوطن
العربي والتي تعتبر مادة ثرية لصناعة فيلم ناجح.
وعن اماكن التصوير والمشاهد التي استعان بها في فيلمه اضاف:
تصل مدة عرض الفيلم الى 101 دقيقة حيث صور في لبنان وفرنسا واغلب المشاهد
واقعية بالاضافة الى المشاهد الاخرى الارشيفية وفضلت ان يكون الفيلم عرضا
اول في دولة عربية وفي مهرجان دبي السينمائي الذي حقق نجاحا كبيرا منذ
انطلاقه ويدخل الفيلم ضمن مسابقة الافلام الروائية.
تجربة اخرى مع “جيش من النمل” للمخرج الشاب وسام شرف ويدور
الفيلم حول قصة شاب لبناني يعيش في الجنوب ويعمل على احدى الجرافات الكبيرة
التي تزيل آثار الدمار وأثناء عمله يكتشف وجود لغم ويستعين بخبراء الالغام
لإزالته الا انه بالخطأ يتم تفجير الجرافة التي يعمل عليها ويفقد الشاب
عمله ويبحث عن عمل آخر، الا ان وضع البلد لا يسمح بذلك فيقرر هو اصدقاؤه
تعلم الرماية عن طريق شراء “كلاشينكوف” على سبيل اللعب الا ان هذا اللعب
تحول الى رغبة في الانتقام. ويرجع الشاب الى مكان تفجير الجرافة التي كان
يعمل عليها وفي اثناء تجوله في المنطقة يقع في الحفرة التي فجر فيها اللغم
وتكسر رجله ولا يجد الا جيشا من النمل يصعد وينزل من تلك الحفرة وبعدها
يسمع اصوات انفجارات وينتهي الفيلم بتنويه عن بداية حرب جديدة وكأن الحروب
في لبنان لن تنتهي.
حاول المخرج الا يركز على حرب معينة او زمن معين بل ترك
الكاميرا تتجول في مناطق الدمار مستعينا ببعض اللقطات الارشيفية التي ركزت
على الاصوات دون الصورة. واشار وسام الى انه لم يجد صعوبة في ايجاد مواقع
تصوير حقيقية للفيلم خاصة وان آثار الحرب موجودة بكثرة في لبنان وهو ما وفر
عليه كثيرا من المال وخلال ال 22 دقيقة يمر الابطال من الحرب الى السلام
المؤقت ثم الى الحرب مرة اخرى، وعن تاريخه السينمائي وحقيقة وجود سينما
لبنانية اكد شرف انه لا توجد سينما لبنانية ولا يوجد تمويل لها وانما هناك
سينما تحكي عن لبنان بتمويل خارجي خاصة في ظل تحطم المعنويات والوجدان من
جراء الحروب. واضاف: حاولت ان اجسد قضايا الشباب من خلال اخراجي لفيلم “هز
يا وز” الذي يدور حول غياب الثقافة العربية وفيلم “النادل” عام 1999.
وشارك شادي زين الدين بفيلمه “وعلى الارض السماء” الذي يحكي
قصة يوسف الرجل الحكيم الذي يعاني من ويلات الحرب ويبدو مختلا حيث يختار
العيش وسط الدمار وفي الاماكن المهدمة من الحرب ويجمع صور ملايين
الانفجارات وضحايها لمدينة جرحها الزمن راسما هدفا كبيرا امامه وهو عودة
بيروت التي يحكي الناس عنها متسائلاً: اين ذهبت تلك المدينة الساحرة؟
والموسيقا التصويرية للفيلم لا تخلو من اصوات الانفجارات والصراخ ومئات
الضحايا. وعن اماكن التصوير قال شادي: ان خلفية الفيلم لا تخلو من البنايات
المهدمة والشوارع الخالية من الناس المذعورين وقد استعنت بالمشاهد
الارشيفية الى جانب مواقع التصوير الحقيقية خاصة وانني اجهز للفيلم منذ
ثلاث سنوات ووجدت مادة ثرية جدا خلال تلك الفترة وشجعتني بطلة الفيلم كارمن
لبس على خروجه للنور ومشاركته في مسابقة الافلام الروائية مع مخرجين كبار.
“عا العتبة” مشاركة لبنانية اخرى للمخرج الشاب باسم بريش الذي
يقدم عملاً رمزياً حول عضو سابق في الميليشيات اللبنانية يهرب الى لندن
خلال العدوان “الاسرائيلي” على لبنان عام 2006 مروجا لفكرة ان لندن هي
الامان والديمقراطية والانفتاح على العالم وأن بيروت مجرد مدينة مدمرة لا
تنتهي الحروب فيها ولا تصلح للعيش. ويفتح المخرج النار على تحطم معنويات
ذلك الرجل وفقده لوطنيته من جراء ما رآه في الحروب التي عايشها، واختار
المخرج خلال 11 دقيقة ان يظهر مشاهد تذكرية للبطل خلال الحرب حيث تبقى صورة
البناية المتهدمة التي كانت تجمع الاصدقاء في إلفة بعيدة عن الانتماء
الطائفي، مستعينا بمشاهد واقعية لتلك البناية الموجودة بالفعل حتى الآن
شاهدة على الحرب حاملة آثار دماء الضحايا من الاطفال والكبار والنساء. واكد
بريش ان هناك غيابا كاملا للسينما اللبنانية على الرغم من وجود عدد كبير من
الشباب اللبناني المتخصص في السينما، ونوه إلى ان ظروف الحرب والحالة
النفسية التي تسيطر على الوضع هناك وجهت الطاقات الابداعية الى ترجمة تلك
المعاناة سينمائيا سواء بصورة مباشرة او بصورة رمزية، موضحا ان وجود مناطق
مدمرة يوفر الكثير من الجهد في البحث عن مواقع تصوير وكأن الحرب اصبحت فرصة
للابداع وبلورة المعاناة بطريقة سينمائية ايجابية لعلها تساهم في لفت انظار
العالم واللبنانيين لخطورة ما يمرون به وتبعيات ذلك على مستقبل الجيل
الحديث المحطم معنويا.
الخليج الإماراتية في 16
ديسمبر 2007
خالد يوسف
مثّل شاهين
الغائب بأمر الأطباء
المكرمون يتمنون وجود
إنتاج آسيوي عربي أمريكي
دبي -
شيرين فاروق:
في اطار الاحتفاء بتكريم ثلاثة من المبدعين في السينما العربية
والعالمية والآسيوية، عقد صباح امس بمدينة جميرا مؤتمر صحافي ضم الأمريكي
داني جلوفر والكوري الجنوبي ايم كون تيك والمخرج المصري خالد يوسف الذي حضر
نيابة عن المخرج المصري يوسف شاهين، بدأ المؤتمر بكلمة ترحيبية من سايمون
فيلد المدير الفني للمهرجان والذي اوضح سبب اختيار المكرمين الثلاثة لنيل
جائزة الانجاز المتميز، حيث استعرض انجازاتهم الفنية في السينما الهادفة
والتي خرجت من المحلية الى العالمية. عن تكريم يوسف شاهين اشار فيلد الى أن
المخرج الشهير عمل بجد في السينما المصرية والعربية لمدة تزيد على 50 عاما
ناقلا اياها الى العالمية، كذلك ساهم رصيد داني جلوفر الفني كممثل وكمنتج
في ترجمة الكثير من القضايا خاصة التي كانت تتعلق بمعاملة الامريكيين للسود
في امريكا، اما ايم كون تيك فقام بإخراج اكثر من 150 فيلما متميزا آخرها
اثنان من الافلام التي يعرضها المهرجان في دورته الحالية، بدأ كون تيك
تميزه الاخراجي في فيلم “مانديلا” عام ،1971 وحول سبب غياب المخرج العالمي
يوسف شاهين عن حفل التكريم اكد خالد يوسف ان شاهين بصحة جيدة الا ان
الاطباء منعوه من ركوب الطائرات خوفا من تدهور صحته ناقلا سعادة المخرج
العملاق بهذا التكريم والذي يعتبره بمثابة جائزة تضاف الى رصيده، موجها
الشكر والتقدير للقائمين على المهرجان.
ومن جانبه اكد المخرج الكوري ايم كون تيك سعادته الكبيرة
بوجوده في دبي مكرما في مهرجانها الكبير الذي اعطاه فرصة ذهبية للتعرف إلى
السينما العربية وتعريف الناس بالسينما الكورية خاصة ان حضورها ضعيف في
الثقافة العربية، متأملا ان يكون هناك تعاون سينمائي مشترك يلغي كل الحواجز
الموجودة، وحول دور المهرجان في مد الجسور الثقافية بين منطقة الشرق الاوسط
وامريكا وآسيا، اشار الممثل الامريكي داني جلوفر في البداية الى فخره
الشديد بتكريمه بجوار اثنين من عمالقة السينما في العالم مؤكدا انه يعرف
يوسف شاهين منذ اكثر من 20 عاما من خلال متابعته المستمرة لاعماله خاصة
فيلم “المصير” الذي جسد ببراعة شديدة القمع والظلم الذي يمكن ان يتعرض له
المبدعون، كذلك تعرف جلوفر إلى كون تيك منذ اكثر من ثماني سنوات، مشيدا
بأعماله الرائعة التي نقلت الى العالم طبيعة المجتمع الكوري وما يمر به من
افراح واحزان وازمات في ترجمة حرفية لدولة لا يعرف الناس الكثير عنها.
وحول امكانية التعاون المشترك بين داني جلوفر ويوسف شاهين اكد
خالد يوسف ان هناك صعوبات كثيرة تعتري هذا التعاون مثل حاجز اللغة والتمويل
الضخم، مؤكدا انه لا توجد شركة انتاج تستطيع ان تغطي تكاليف فيلم بهذه
الضخامة بالاضافة الى عدم وجود نص يستوعب هذا الامر ويقدم عملا جيدا. وعن
الفائدة التي تعود على السينما العربية من جراء اقامة مثل هذه المهرجانات
ووجود مثل هؤلاء المكرمين اكد سايمون فيلد ان المهرجان يعتبر فرصة رائعة
لسد الفجوة بين السينمائيين على مستوى العالم، كما ان وجود عروض سينمائية
متعددة الجنسيات يساهم الى حد كبير في استفادة المخرجين من اعمال العملاقة
منهم. وبخصوص تكريم بعض الاشخاص اضاف فيلد: اختيار ثلاث شخصيات كل عام
لتكريمها هدية بسيطة يقدمها المهرجان لهم ولانجازاتهم كذلك هو نوع من دعم
الشباب الذين يتخذون من هذه الشخصيات قدوة لهم من خلال لمسهم للمردود
الايجابي لانجازاتهم وتأكيد على ان جهدهم لم يضع هباء.
وعن رغبة المخرجين العالميين من خارج الوطن العربي في تعاون
شرق اوسطي من خلال الاشتراك في اعمال عربية اكد جلوفر انه متابع جيد لقضايا
الشرق الاوسط وانه يعرف شخصيات كثيرة تعتبر رموزا مهمة في تلك المنطقة مثل
جمال عبد الناصر ولا يمانع في انتاج اعمال تحكي عن مشاكل تلك المنطقة او
الاشتراك فيها كممثل، موضحا ان تواصل العالم اصبح سهلا في ظل وجود التقنيات
والآليات التي تدعم هذه العلاقة.
وحول تشابه وضع العرب الامريكان الموجودين حاليا في امريكا مع
وضع السود من قبل اشار جلوفر الى ان واقع العرب في امريكا يتطابق الى حد
كبير مع ما مر به السود فيها، حيث كان يظهر الافريقي في السينما الامريكية
بصورة مهينة، كما العربي الآن الذي غالبا ما تتم الاستعانة به او تجسيد
شخصيته على انه ارهابي، منوها الى ضرورة وجود سينما تنبذ التعصب وتركز على
وضع العرب في امريكا بعد احداث 11 سبتمبر، واختتم المؤتمر بمصافحة ثلاثية
بين جلوفر وتيك وخالد يوسف الذين تمنوا وجود انتاج آسيوي عربي امريكي بعد
هذا المهرجان.
الخليج الإماراتية في 16
ديسمبر 2007
مستقبل
السينما العربية
في يد التلفزيون
شاركت سبع شركات عربية من أكبر شركات البث التلفزيوني في جلسة
حوارية ضمن
المهرجان، وفي إطار فعاليات مكتب السينمائيين المتعلقة بالجانب التجاري
والاقتصادي
لصناعة السينما.
وتحدث خلال الجلسة نخبة من المسؤولين التنفيذيين من مؤسسات “شوتايم”،
و”راديو وتلفزيون العرب”، و”إم بي سي”، و”روتانا”، و”الجزيرة الدولية”،
و”03 برودكشنز”، و”مجموعة جود نيوز”، الذين ناقشوا مستقبل صناعة السينما في
المنطقة.
وتنشط كافة هذه المؤسسات بفعالية في قطاع الإنتاج السينمائي.
وبالرغم من أن كافة المشاركين أجمعوا على أن سقف ميزانية الفيلم العربي
يراوح عند 5.3 مليون دولار أمريكي، وأن أعمال الإنتاج المشترك والأفلام
المنتجة بالتعاون مع جهات خارج المنطقة العربية تحصل على حجم تمويل أكبر،
ساد جو من الأمل والتفاؤل خلال الجلسة في أن هناك العديد من فرص النمو وسط
التحديات والصعوبات القائمة.
وفي هذا الإطار تحدث العديد من المحاضرين خلال الجلسة حول
مبادرات جديدة. وأكد نبيل عيسى من “إم بي سي” أن المجموعة أطلقت مبادرة
لدعم الإنتاج السينمائي ستصدر ثلاثة إلى أربعة أفلام في عامها الأول.بدوره
أعلن مارك أنتوني هالوين من “شوتايم” أنه اعتباراً من بداية يناير/ كانون
الثاني المقبل سيتم إطلاق محطة جديدة “الشاشة 2” تستهدف فئة السيدات من
مشاهدي برامج الشبكة، مؤكداً أن “شوتايم” حريصة على تقديم أفلام مخصصة لتلك
الفئة المهمة من الجمهور.
بدوره قال ممثل “روتانا” إن نماذج وإيرادات الإنتاج الحالية
التي تتجه في معظمها إلى التلفزيون ستشهد تغيراً ملحوظاً بعد افتتاح دور
للسينما في السعودية، معبراً عن ثقته في أن هذه الخطوة ستتم قريباً.
ويقوم “راديو وتلفزيون العرب”، الذي أنتج مؤخراً فيلم “كراميل”
للمخرجة اللبنانية نادين لبكي، بإنتاج والمشاركة في إنتاج أكثر من 20
فيلماً سنوياً، وتمكنت الشركة من خلال اعتماد آليات تمويل مرنة، وشبكة
كبيرة من العلاقات، من تأسيس أكبر مكتبة للأفلام العربية في منطقة الشرق
الأوسط.
وركزت مجموعة “جود نيوز” على فكرة تأسيس سوق دولية لإنتاج
الأفلام العربية، وأشار ممثل المجموعة، عادل أديب، إلى أن الشركة قامت
بأبحاث لتقصي أفضل النماذج لإنتاج الأفلام وذلك على مدار ست سنوات قبل
إنتاج وتسويق فيلم “عمارة يعقوبيان” (2006)، وتقوم الشركة بإجراء اتصالات
مع نجوم عالميين للتعاون في المشاريع الجديدة.\
الخليج الإماراتية في 16
ديسمبر 2007
|