دبي ـ «البيان»: تشارك فرنسا في مهرجان دبي السينمائي بأفلام
تحمل جنسيتها وأحياناً لغتها وفي معظم الأحيان لغات دول أخرى تعبر عن
مشاكلها وأحلامها من خلال إنتاج مشترك أو تمويل كامل لهذه الأفلام.
ففي قسم «ليالي عربية» تشارك بفيلم «ميثو من أوبير» إخراج
توماس جيلو ويتناول قصة.. مسعود الجزائري الذي يصبح ميثو الفرنسي، شعره
الأسود ينقلب إلى أصفر، ماذا يخبئ الزمن لهذا الطفل؟ وكيف يستطيع التأقلم
مع حياته الجديدة.
كوميديا إنسانية حول التآلف الاجتماعي السياسي والديني، وكذلك
فيلم «العدو الحميم» و«صيف 62» والذي يحكي قصة الجزائري مهدي مشارف الذي
يرحل بنا إلى عالم الطفولة في علاقة بين ولدين يقضيان إجازتيهما الصيفية،
معاً قبل حرب استقلال الجزائر.
وتشارك أيضاً في فيلم الجسر الثقافي من خلال فيلم «رحلة
البالون الأحمر» وفيلم «امرأتان» للمخرج فيليب فوكون. أما عروض سينما
العالم فتشارك بفيلم «جرس الغطس والفراشة» و«بارانويد بارك».
أكبر
صناعة
تعد السينما الفرنسية من أكبر صناعات السينما في العالم، وكذلك
في القارة الأوروبية، وبلغ اهتمام فرنسا بهذه الصناعة درجة كبيرة تمثلت في
الاهتمام بدور العرض السينمائي حيث تضم فرنسا أضخم عدد من دور السينما في
أوروبا بعد روسيا،
وتنتج عددا كبيرا من الأفلام في أوروبا، وبها نسبة إقبال عالية
على الأفلام المحلية، وميزانية ضخمة لأكبر مركز قومي للسينما في العالم،
وأيضًا أكبر مهرجان سينمائي دولي على مستوى العالم وهو مهرجان «كان»
السينمائي الدولي.
وفي فرنسا أيضًا أكبر ميزانية لدعم الإنتاج المشترك، ودعم
إنتاج الأفلام لمخرجين غير فرنسيين في العالم، وفرنسا هي الدولة الأوروبية
الوحيدة تقريبًا التي تمثل المعادل الموازي لسيطرة هيمنة شركات الإنتاج
الهوليودية الكبيرة على مستوى العالم حيث يتمتع الإنتاج السينمائي الفرنسي
بالتنوع منذ بداية السينما الصامتة وحتى الآن.
ومع تحرر فرنسا من الاحتلال النازي عام 1944 بدأت مرحلة إعادة
البناء في الدولة الفرنسية، وشمل ذلك بالطبع صناعة السينما الفرنسية، التي
كانت متأثرة بالاحتلال النازي بطبيعة الحال، ولذلك كانت الخطوة الأولى
محاولة إقامة مهرجان سينمائي دولي فكان مهرجان «كان»، والذي كان من المفترض
إقامته عام 1939،
وتم إلغاؤه لنشوب الحرب العالمية الثانية، وتم إقامة أولى
دوراته عام 1946، وفي الوقت نفسه تم سن قانون للمركز القومي للسينما،
وقانون آخر لدعم السينما عامي 1947 و1948، ولأن صناعة السينما الأميركية
كانت مزدهرة في هذه الفترة عكس السينما الفرنسية، التي كانت منهكة بفعل
الحرب.
تم توقيع اتفاق أميركي ـ فرنسي مشترك عام 1946 بعنوان «بلوم ـ
بيرنز»، وبمقتضى هذا الاتفاق يتم تخصيص عائدات الأفلام الأميركية في السوق
الفرنسية أربعة أسابيع كل ثلاثة شهور لصالح السينما الفرنسية، وتم زيادة
هذه الحصة إلى خمسة أسابيع عام 1948، ومضاعفة دم السينما الفرنسية عام
1953، وكذلك توقيع اتفاقية فرنسية إيطالية للإنتاج المشترك عام 1949.
تيار
الطليعة
بعد تحرر فرنسا من الاحتلال النازي تحررت أيضًا السينما
الفرنسية، فلم تصبح أسيرة لسيطرة الدولة، فشهدت هذه الفترة في النصف الثاني
من الأربعينيات كلاسيكيات مهمة في تاريخ السينما الفرنسية مثل «السكوت من
ذهب» و«أبواب الليل» و«الحسناء والوحش»،
ويمكن تقسيم السينما الفرنسية عبر تاريخها الطويل إلى عدة
تيارات بدءاً من تيار الطليعة الفرنسية مع اندلاع الحرب العالمية الأولى
عام 1914، ورواده شعراء فرنسيون ومسرحيون مثل جان كوكتو، واندريه انطوان،
وانتونين آرتو،
كما انضم لهم فنانون من دول أخرى مثل الروسي جاكوب بروتوزانوف،
والأسباني سلفادور دالي، وجمعت أفلام الطليعة الفرنسية بين مختلف الاتجاهات
الفكرية والفلسفية والسياسية، وفي هذا الإطار تم تقديم أفلام معبرة عن هذا
الفكر مثل «معجزة الذئاب» «نابليون» و«العجلة»،
وكان رواد الطليعة لا يعترفون بأية محرمات، ولذلك كان بينهم
وبين الرقابة صدام دائم، ما أدى إلى منع بعض الأفلام ومنها «العصر الذهبي»
إخراج بونويل 1930 لأنه هاجم كل المؤسسات في الدولة ومنها الكنيسة والجيش،
والطريف أنه صُرح بعرضه بعدما يقرب من نصف قرن وتحديدًا عام 1981.
موجة
جديدة
كان للأدب نصيب في السينما الفرنسية، وسميت الأفلام التي تم
تقديمها من خلال أعمال أدبية على شاشة السينما «الواقعية الشعرية» وامتدت
من عام 1922 إلى 1957، ساهم في تحديد ملامح هذا التيار مجموعة من المبدعين
مثل جورج بيرنيال، كلود رينوار، آرمان تيرار، ومن الممثلين جان جابان، شارل
فانيل، ميشيل سليمون، أرليتي وميشيل مورجان،
ومن أهم كلاسيكيات هذه الفترة «مدام بوناري»، «الحياة لنا»،
و«جريمة السيد لانج»، وظهر ما يسمى بمصطلح الموجة الجديدة في السينما
الفرنسية بعد ازدهار حركة نوادي السينما في فرنسا منذ عام 1946،
وازدهار المجلات السينمائية، وتحول السينماتيك الفرنسي إلى
ورشة عمل فكرية لمشاهدة أروع الأفلام في تاريخ السينما ومراجعتها نقديًا،
وبتأثير الواقعية الجديدة في إيطاليا اختلفت الكتابة عن السينما،
وبدأت الدعوة لسينما المؤلف، وكانت بداية الموجة الجديدة، وكان
اتجاه مخرجي الموجة الجديدة هو نفس اتجاه مخرجي الواقعية الجديدة في
إيطاليا من حيث تحرير الأفلام السينمائية من جدران الاستوديوهات،
ومن نظام النجوم، وأيضًا من ميزانيات الإنتاج الكبيرة، التي
تخضع الأفلام لمقتضيات السوق، ووقف رواد الموجة الجديدة على يسار المجتمع
كما دخلوا في مواجهات حادة مع الرقابة، ولذلك كان من الطبيعي أن تُلغى
الرقابة عن طريقهم عام 1974، وساهمت هذه الموجة في تجديد تيارات سينمائية
حديثة.
نجاح دولي
كان للأفلام الكوميدية حظ جيد في تاريخ السينما الفرنسية حيث
يعد هذا النوع من الأفلام من أكثر الأفلام شعبية وقبولاً على مستوى العالم،
وحققت الأفلام الكوميدية نجاحًا كبيرًا بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة
أفلام الممثل «فيرنانديل»، لويس دي فينيس،
وبالرغم من ذلك ظلت الكوميديا الفرنسية محلية ولا تتجاوز حدود
بلدها، في حين حققت بعض الأفلام الكوميدية نجاحًا دوليًا مثل «قفص
المجانين» إخراج ادوارد مولينار، «ثلاثة رجال ومهد رضيع» إخراج كولين سيرو،
و«الزوار» إخراج جان ماري بويرى،
وبالرغم من انتشار جهاز التليفزيون بشكل كبير في السبعينيات
إلا أن الحكومة الفرنسية حافظت على السينما عن طريق دمجها مع التليفزيون،
ومحاولة وضع سياسات مشتركة للوسائل السمعية والبصرية، وإنشاء مجلس أعلى
لوضع هذه السياسات،
وبزيادة الميزانيات المخصصة لدعم السينما وميزانيات الهيئات
التي تتولى الدعم في العاصمة والأقاليم تبلورت هذه السياسة في الثمانينيات
بعد نجاح الحزب الاشتراكي، واستمرت حتى الآن، وأصبح المجموع الكلي
للميزانيات السنوية لهيئات الدعم من الأموال العامة والأموال الخاصة الأكبر
في العالم
البيان الإماراتية في 11
ديسمبر 2007
«امرأتان» فيلم يسلط الضوء على أهمية التواصل
الثقافي
دبي ـ «البيان»: في إطار جهوده لتكريس شعاره كملتقى للثقافات
والإبداعات، يعرض المهرجان عدداً من الأفلام ضمن برنامج الجسر الثقافي تدعو
إلى السلام والحوار بين الشعوب ونشر ثقافة التسامح من خلال السينما.
ويمثل الفيلم الفرنسي امرأتان أحد أبرز هذه الأفلام، حيث
يتناول علاقة تربط بين سيدتين مسلمة ويهودية، تكافح كل منهما للتركيز على
الجانب الإنساني للأخرى في خضم الأزمات والمواقف المتوترة بين المسلمين
واليهود.
تدور أحداث الفيلم في فرنسا المعاصرة مع خلفية لنشرة أخبار
تمهد لوجود حالة معقدة من الانقسام العرقي والديني. ويعتمد المخرج فيليب
فوكون على طاقم من الممثلين غير المحترفين للغوص في تعقيدات العلاقة بين
المسلمين واليهود، والمقارنة بين أنماط الحياة العلمانية والدينية،
واستكشاف الروابط بين الأهل والأبناء.
يرصد الفيلم قصة الممرضة الشابة سليمة (صابرينا بن عبدالله)
التي عانت كثيراً من الاضطهاد العنصري خلال جولاتها اليومية التي تتردد
فيها على منازل المرضى، والتي تقودها لرعاية استير (أريان جاكو) العجوز
اليهودية المتبرمة التي لم يستطع أحد من قبل أن يتحمل مزاجها المتقلب. وفي
أمر يدعو للدهشة تنشأ بين السيدتين علاقة جيدة، حتى أن سليمة تجلب أمها
حليمة (زهرة موفق) للعمل في المنزل بعد أن قامت استير بطرد خادمتها.
وتدرك سليمة أنها تخاطر بجمع أمها المؤيدة لحقوق الشعب
الفلسطيني مع استير، خاصة وأن السيدتين تتمتعان بشخصية قوية. وفي نهاية
المطاف تقود الظروف حليمة وزوجها لاستضافة استير في منزلهما، حيث تكشف عن
حقيقة تاريخ عائلتها.
وقالت هانا فيشر، المسؤولة عن برنامج الجسر الثقافي: «نجح
فيليب فوكون في التعامل مع العلاقة بين المسلمين واليهود من الجانب
الأخلاقي من خلال رصد لحظات جميلة من الحياة اليومية تجمع الطرفين معاً.
ويصور الفيلم عالماً أنثوياً تنشأ داخله صداقات رائعة وغير
متوقعة. إن عمل فوكون هذا يحتفي بالقيمة السامية للعلاقات الإنسانية التي
تسود بين البشر بالرغم من الاختلافات الكبيرة فيما بينهم».
البيان الإماراتية في 11
ديسمبر 2007
|