بعد نجاح فيلم أوقات فراغ انتبهت السينما الي أن ما يعرض من
أفلام تدعي أنها شبابية هي مجرد شعار كاذب, وأن شباب الأفلام الكوميدية
والبوليسية هو شباب مستورد و مقتبس من عالم آخر لا نعرفه, وأنه شباب
يضحكنا ويضحك علينا في أعمال مسلية تتفنن في صنع الكوميديا الصاخبة
والفارغة سواء بالأداء الحركي أو المفارقة الأشبه بالنكتة, وليس هناك
دراما ولا يحزنون!.. وكان أوقات فراغ صدمة ومفاجأة لشباب نعرفهم جيدا,
هم أبناؤنا, ولكن لا نعرف شيئا عما يدور في رؤوسهم!
نجاح الفيلم أغري منتجه حسين القلا أن يخوض التجربة مرة
أخري, مع نفس المخرج محمد مصطفي ومدير التصوير سمير بهزان والأبطال
الشباب الثلاثة: أحمد حاتم وكريم قاسم وعمرو عابد!.. وعالم فيلم
الماجيك يتحرك بين7 شخصيات:4 شخصيات من الشبان وثلاث فتيات, وهنا
يكون الوجود النسائي أقوي, ويعيش في صدام حقيقي مع المجتمع وطموحات
الخروج من الفقر.. والشخصيات تمثل الطبقة المتوسطة في أدني مستوياتها,
ما عدا شخصية واحدة تحظي بمستوي اجتماعي أفضل( كريم قاسم), والتي اضطرت
أسرته للعمل في الخليج, وتركته طريد الوحدة والأحلام المجهضة.. هذا
الشاب يتعرف علي ثلاثة من الشبان الذين يعيشون حياة فقيرة في حي شعبي ميت
عقبة ويطاردهم الفقر وأحلام المستقبل التي تبدو كالسراب.. ولا يشغلهم سوي
حلم الثراء الاستهلاكي كما هو الحال مع المظهر الخارجي للمجتمع, ويقودهم
الماجيك( أحمد حاتم) ويقوم بالسرقة من أجل تحقيق ثراء سريع..
في المقابل هناك ثلاث فتيات الأولي( فرح يوسف) تتزوج من
الأثرياء العرب العواجيز من أجل المال, إنه زواج قصير موقوت, وقد وصل
عدد أزواجها إلي15 زوجا وهناك محامي يعقد لها صفقات الزواج.. والفتاتان
الأخرتان تعملان بالدعارة.. ويلتقي الشباب السبعة, ويعتقد كل منهم أن
الآخر هو منقذه وملاذه نحو عالم الأثرياء.. ويحسم الأمر قبيل نهاية
الفيلم في مشهد بديع عندما يتم الإفراج عن الشباب من تهمة السرقة بينما
تدخل الفتيات بتهمة الدعارة!.. بينما يقرر الشاب الثري الذهاب إلي أسرته
في الخليج.
نهاية قاتمة حيث تبدأ الاحداث كما تنتهي, وترصد من خلال
شخصياتها أن الشباب هو طريد هذا المجتمع, يعيش أحلام مبتورة لا ترقي
لمستوي الحلم نفسه, إنها أوهام البحث عن الوجود في مجتمع الأثرياء, بلا
طموح حقيقي, أو موهبة أو ابتكار.. ولا نعرف من تدين؟.. هل هؤلاء
الشباب الذين يعيشون علي هامشه وتسرق أعينهم الحياة الاستهلاكية المترفة في
المولات والديسكو؟.. أم المجتمع نفسه الذي لم يصنع علما أو حلما لهؤلاء
الشباب ليكونوا من أدواته نحو التطور؟
انشغل السيناريست محمد حسان في النصف الأول من الفيلم بطرح
تفاصيل كثيرة عن هؤلاء الشباب ولكنه قدمهم وكأنهم خارج المجتمع الذي بدأه
المخرج محمد مصطفي بلقطات واسعة كعالم مزدحم بالبشر والسيارات والكباري,
ويكاد تكدسه أن يوقف حركته, وكانت هذه لقطات نهاية الفيلم أيضا.. هذه
التفاصيل الكثيرة عن كل شخصية بأحلامها التافهة أدت إلي بعض الترهل في
ايقاع الفيلم, بينما كانت الـ20 دقيقة الأخيرة تمثل أفضل ما بالعمل حيث
تجمع كل الأحلام المجهضة( وهي أحلام غير مشروعة) في دراما السقوط لكل
الشخصيات.. ولكنها شخصيات شابة سقوطها في هذه المرحلة المبكرة يظل خطرا
داهما علي المجتمع.. وهذه هي قيمة وأهمية الفيلم.
قدم المخرج محمد مصطفي في الماجيك تجربة أكثر تطورا سواء في
تعامله مع مفردات الصورة أو اختيار أماكن التصوير أو الاستفادة من مواهب
أبطاله الشباب, وكانت كاميرا سمير بهزان متميزة للغاية في كشف جوانب
الشخصيات والمجتمع نفسه اضاءة وظلال, ومنحت موسيقي تامر كروان للفيلم بعض
المرح والحيوية.. واكتشاف هذا الفيلم من المواهب الجديدة هي( فرح
يوسف) التي لعبت دور الفتاة التي تتزوج من الأثرياء العرب, ولحد كبير
كان أداء لارا وايناس المصري جيدا.. والفيلم اضافة لأبطاله الثلاثة:
أحمد حاتم وكريم قاسم وعمرو عابد انهم وجوه سيكون لها شأن, وأدوا أدوارهم
ببراعة بينما كانت الشخصية الرابعة حسين زيتونة ضعيفة في الأداء والحضور.
الماجيك نجح أن يصنع دراما لشخصياته, ولكن فصلهم عن
المجتمع, وجعلهم يتعاملون معه وكأنهم مجموعة لصوص وداعرين فأفقد الفيلم
الكثير.. ولكنه من ناحية أخري رصد هذا الصخب المتوتر للشخصيات الشابة في
المجتمع والتي تختلط بداخلها مفاهيم شديدة الاضطراب والغموض للأخلاق والشرف
والنجاح والطموح!
الأهرام اليومي في 5
ديسمبر 2007
مـناقشــات مـثـيرة واقــبال جـماهـيري علي
نــدوات المهــــرجان
متابعة:
عـلاء سـالم - د. مصطفي أحمد فهمي
شهدت الأيام الثلاثة الأولي من المهرجان ندوات مهمة ومثيرة
نتيجة ما طرحته الأفلام من قضايا سياسية واجتماعية وفنية.. وحول مادار في
هذه الندوات كان متابعة صفحة السينما.
* ندوة الفيلم المصري الوان السما السبعة تأليف زينب عزيز
واخراج سعد هنداوي وبطولة ليلي علوي وفاروق الفيشاوي, يشارك في المسابقة
الرسمية, وقد ادارتها الناقدة خيرية البشلاوي, ولاقت اقبالا كبيرا من
الجمهور الذي أبدي اعجابه بالفيلم.. وقالت ليلي علوي إن الدور الذي لعبته
أثر نفسيا عليها بشكل كبير لدرجة أن تأثير الشخصية التي جسدتها استمرت
لفترة طويلة بعد التصوير.
* كما اقيمت ندوة لفيلم علي الهواء تأليف واخراج ايهاب لمعي
وبطولة مجموعة من الوجوه الجديدة, وقد أثار حالة من الدهشة لدي الجمهور
نظرا لغرابة وجرأة موضوعه, حيث ظهر أبطال الفيلم طوال الأحداث صامتين,
واعتمدوا علي الحركات التعبيرية والاشارات والكتابة علي سبورة, والملفت
أن الموسيقي التصويرية حظيت بالاهتمام حيث انها أحد أبطال العمل وقد حضر
المؤلف الموسيقي داريل كيندي وهو أمريكي وقد أعرب عن سعادته بالمشاركة في
فيلم مصري وتمني تكرار التجربة.
* ضمن برنامج أضواء علي السينما الرومانية أقيمت ندوة فيلم
المتشردون اخراج سريان مارينسكو, الذي عبر عن الواقع الحالي وهيمنة
الطبقة الجديدة صاحبة رأس المال علي زمام السلطة.. وقال مارينسكو أردت
بهذا الفيلم كشف الطبقة الحالية التي وصل تدخلها في شئون الدولة الي شن
وتشريع القوانين.. وأضاف ان المجتمع الروماني يعيش حالة من الاضطراب بسبب
سيطرتهم مما جعل أفراد الشعب يعيشون مثل المتشردون.
وعن مدي مساحة الحرية وقيود الرقابة.. أكد أن رومانيا تعيش
الآن أزهي فترات الحرية, ولا يوجد أي تدخل رقابي علي السينما.
* جاء الفيلم الباكستاني بسم الله للمخرج شعيب منصور معبر عن
حالة التشدد الديني المسيطرة علي الحياة هناك, وولدت الارهاب ويقول
شعيب: نفتقد في باكستان الي الاعتدال الديني, فأنا مهيمن علي كل
الأمور, لدرجة عند تقديم السيناريو توقعت الرفض, ولكن لم يحدث وإن
استغرقنا فترة طويلة لعمله.. خاصة أن هناك ممثلين رفضوا المشاركة فيه
سواء باكستان أو أمريكا, وقد لجأت لممثلين أمريكيين حيث لعبت إحداهن دور
فتاة أمريكية تعبر عن حقيقة الشعب الأمريكي بأنه لا يبالي بالشعوب الأخري,
ولا يملك أية معلومات عامة عن الشعوب النامية.
* علي النقيض جاءت ندوة الفيلم المغربي عود الورد الذي يقوم علي تحليل
المخرج حسن زينونة لرموز فيلمه الذي قال عنه: أردت التعبير عن المغرب من
خلال الفتاة عازفة العود, والتي اشتراها أحد أمراء الصحراء في سوق العبيد
عام1915, فالزمن والفتاة يعبران عن وضعنا الحالي, بمعني أخر أنني
اكتشفت بعد سنوات من الغربة في بلجيكا أن المغرب للأسف يعيش مثل سنة1915,
ولاتزال المرأة مهانة بمجتمعنا العربي.. وعن استخدامه الموسيقي, كعنصر
أساسي قال: في الأساس أنا عازف موسيقي والرقص, وهذا فيلمي الأول الذي
أردت من خلاله الارتقاء بالروح وتهيئة المشاهد نفسيا لتلقي الفيلم
وقراءته, أما الانتاج فمن المفترض انني وأحد اصدقائي حصلنا علي دعم من
المؤسسة الفرانكفونية, ولكن صديقي أخذ المال وسافر الي الخارج وعمل
مشروعا خاصا به, لذلك أخذ عمل الفيلم سنوات, لأنني تحديت نفسي في
انتاجه.
* كما اقيمت ندوة للفيلم اليوناني أصدقاء تأليف واخراج وانتاج
سوتيرز جورتسا وادارتها د. ميرفت ابوعوف وحضرها المستشار الثقافي يني
ميلانوس ومخرج الفيلم الذي قال: إنه مواليد1955 ودرس الاقتصاد في جامعة
أثينا والسينما في المعهد القومي للسينما وقدم25 فيلما تسجيليا بالاضافة
الي الاعلانات, وأخيرا فيلمه الطويل الذي تدور فكرته حول جريمة تحدث في
قرية هادئة مما يغير حياة اهل القرية.. وحول مونتاج الفيلم الذي اثار
التساؤلات قال: رآيت أنه من الأفضل أن لا انتهج الشكل الكلاسيكي من خلال
تقطيعات مألوفة ولكني قدمت تمهيدا للحدث القادم من خلال تتابع غير تقليدي
مصحوبا بالصوت والمؤثرات التي تعبر عنه فلسفة الحدث.
* قدم المخرج الأمريكي ستيفن بيرس فيلما من نوع الديجيتال
انتاج مغربي بعنوان مراكش ان شاء الله والذي يعرض تفاصيل دقيقة لحياة الشعب
المغربي, حيث تأثر بكتابات الكاتب المغربي محمد شكري. ولهذا اختار أن
يكون موضوع أول أفلامه الروائية الطويلة له علاقة بالمغرب, وقد قام
المخرج بالتصوير والمونتاج وكتابة السيناريو وهي تجربة جديرة بالاهتمام,
وقال ستيفن: إنه سعيد بالمشاركة ومبهور بمصر ويتمني الفوز بجائزة من خلال
مشاركته في مسابقة افلام الديجتيال.
الأهرام اليومي في 5
ديسمبر 2007
|