مع افتتاح الدورة الثانية من مهرجان الدوحة السينمائي «ترابيكا» أول
من أمس، يمكن الحديث أولاً عن الضخامة الإنتاجية، وذلك بالتزامن مع الحديث
عن فيلم افتتاح هذه الدورة «الذهب الأسود»، لا بل إن البيان الصحافي الخاص
بالمؤتمر الذي عقد بعد عرض الفيلم حمل عنواناً مثيراً ويستدعي التوقف،
يعتبر فيه «الذهب الأسود» بداية عصر جديد للسينما العربية! ولعل هذا
التوصيف يأتي قبل أي شيء من الضخامة الانتاجية والحديث عن كلفة وصلت إلى ما
يزيد على 55 مليون دولار، وهو انتاج مشترك بين شركة «كوينتا» للإعلام التي
يملكها المنتج التونسي طارق بن عمار ومؤسسة الدوحة للأفلام، كما أن عنوان
الفيلم يخبرنا الكثير عن محتواه، كما لن يخفى على أحد أن الحديث سيكون عن
النفط وبالتالي منطقة الخليج العربي، مع حضور أسماء مثل انطونيو بانديرس
وفريدا بينتو وطاهر رحيم، وآخرين بمن فيهم مخرج الفيلم الفرنسي جان جاك أنو
صاحب «سبع سنوات في التيبت»، و«اسم الوردة» وأفلام أخرى كثيرة.
كل ما تقدم يقول لنا إننا حيال فيلم محتكم إلى كل الصفات العالمية
إخراجاً وتمثيلاً، كما أن الإنجليزية ستكون لغة الحوار، بينما يتمركز موضوع
الفيلم حول المنطقة العربية وشبه جزيرة العرب تحديداً، ومن الجدير ذكره قبل
التقديم للفيلم والمضي خلف ما حمله، إيراد أن الفيلم مأخوذ عن رواية
السويسري هانز روش «العطش الأسود»، ولتجتمع كل العوامل لنكون حيال فيلم
يتطلع إلى أن يكون عابراً للحدود وعينه على صالات العرض العربية والعالمية.
ليس من الحكمة بشيء تتبع الفيلم دون الأخذ بعين الاعتبار أننا حيال
فانتازيا لا تتكئ على التأريخ أو التوثيق، ولعل التحلي بهذه الحكمة قد يصمد
أو لا يصمد أمام الفيلم الذي لن يكون حاسماً في هذا الخصوص، بمعنى أن بناء
الفيلم يقترح اسقاطات وإحالات إلى مفصل تاريخي في تاريخ هذه المنطقة وهو
يتكلم عن ظهور النفط في شبه الجزيرة العربية، الأمر الذي يمضي برفقة قصة
ليس الخيال فيها فعلاً معلقاً بين السماء والأرض، بل له أيضاً أن يجد ما
يوازيه في الواقع.
فيلم «الذهب الأسود» لا يمهلنا، فهو من البداية يضعنا في سياق صراعه
الأساسي، فنحن حيال الأمير عمار «مارك سترونغ» في صدد تسليم ابنيه إلى
الأمير نسيب «انتوني بانديراس» آخر كضمانة للسلام وعدم الاقتتال، واعتبار
أرض بينهما بمثابة منطقة عازلة تسمى «المنطقة الصفراء»، وعليه سنقع على
ولدي الأمير الأول يترعرعان في كنف نسيب (انطونيو بانديراس) ومن ثم حضور
الأميركان واكتشافهما النفط في «المنطقة الصفراء»، الأمر الذي يستدعي من
نسيب استعادة التفاوض مع عمار بهذا الخصوص، وليكون الأخير رافضاً لاستخراج
النفط الذي يجد فيه استقداماً لمشكلات وأخطار كبيرة وتغييراً ينال من هوية
سكان الصحراء، بينما نجد نسيب يتبع طموحه الجامع في تحويل مملكته من مملكة
تقع تحت رحمة المناخ والأوبئة إلى مملكة قوية وغنية ونحن نجده ينتقل من
افتتاح مشروع إلى آخر بما يشمل مرافق الحياة من تعليم وصحة وغيرها.
كل ما تقدم سيضعنا أمام الشخصيتين الرئيستين في الفيلم، وبشكل خاص
نسيب الذي يجسد الأمير الاصلاحي المتطلع نحو تحديث وتطوير كل ما حوله، لكن
سرعان ما سيتغير ذلك، وينحى كل ما قام به نسيب جانباً أمام ظهور عودة (طاهر
رحيم) ابن عمار الذي تربى في كنف نسيب، والذي يكون مهوساً بالقراءة والكتب
وبعيداً كل البعد عن القتال والصراعات، كما أنه يكون عاشقا متيما بابنة
نسيب (فريدا بينتو) التي يتزوجها بما يضمن لنسيب وفاءه له عوضاً عن والده
عمار.
الصراع بين عمار ونسيب، لكن عودة سرعان ما ينحاز لوالده، وهنا سيستدعي
الفيلم الكثير من المعطيات بما فيها عبور عودة بما يوحي أنه الربع الخالي،
في انعطافة نحو المغامرة المحفوفة بفعل شيء لم يقدم عليه أحد من قبل، وحضور
المعارك الكبرى في الفيلم، مع انقضاض آليات نسيب المدرعة الشبيهة لتلك التي
شاهدناه في فيلم «عمر المختار»، وسيكون في ذلك نقطة انعطافة الفيلم الرئيسة
نحو تصعيد الأكشن وتحويل عودة إلى «مهدي منتظر»، إذ إنه يموت ويعود إلى
الحياة، واستدعاء كل عتاد متاح لجعله اسطورة سرعان ما ستنتصر وتقرر خواتم
الأشياء، حيث سيقتل والده بينما سيقوم بنفي نسيب.
يمكن اعتبار فيلم «الذهب الأسود» خلطة فانتازية لها بعض الملامح
التاريخية المحفوفة بالمغامرات والتشويق والحب والفروسية، الأمر الذي
يجعلنا أيضاً في سياق حيرات كثيرة في التنقل بين الشخصيات، والحديث عن
رهانات الفيلم التي تتعدد وتتفاوت لئلا أقول تتصارع ويشوش بعضها على بعض،
وإن كان الحديث عن القيمة الكبرى للفيلم خارج ضخامة انتاجه كما لو أنه مسعى
لأن يكون «لورانس العرب-الألفية الثانية»، فلنا أن نتفق على المتعة التي
يتاح في سبيلها استخدام كل ما بمتناول اليد من وصفات لها أن تعزز تلك
المتعة، حتى وإن كانت مستحضرة من سياقات عدة، بما يجعل «الذهب الأسود» أو
النفط صراعاً درامياً يسخر كل شيء في خدمته، دون أن نكون في النهاية أمام
قفزة في الهواء مع صعوبة العثور على رهان الفيلم!
لكن وحين الحديث عن المتعة لمجرد المتعة فإن التشويش أيضاً سيحضر من
جهات كثيرة، وبالعودة إلى كون هذا الفيلم يشكل بداية جديدة للسينما
العربية، فإن ذلك غير صحيح أبداً، إنه فيلم مشغول بما نجهله، ولا علاقة له
أولاً بالسينما العربية، بل هو من حيث البناء له أن يكون استشراقياً، وفي
هذا السياق أيضاً سيكون علينا وضعه إلى جانب أيقونة سينمائية مثل «لورانس
العرب»، الأمر الذي لن يكون صائباً أيضاً، ولعل السؤال الذي يحضر هنا: ماذا
نفعل بهذا الفيلم إذن؟ سؤال لم أعرف الإجابة عنه! إلا إن رددت مع السياب
«يا خليج يا واهب المحار والردى»، وليجيب الصدى بلا شيء، وربما بكلمة
«الردى» فقط طالما أن الفيلم يحول الجميع إلى متقاتلين بمن فيهم عودة الذي
كان من المفترض وكما قدم أن يكون حمامة سلام فإذا به يتورط بالاقتتال
والصراع والدم.
الإمارات اليوم في
27/10/2011
علواش في فيلم ثوري غير منتهٍ
زياد عبدالله
من البديهي أن يطغى الحديث عن ثورات «ربيع العرب» في مهرجان الدوحة «ترابيكا»
على ما عداها من موضوعات أخرى، وعلى شيء يجعل الأفلام على اتصال بها وإن
كانت لا تتناولها، كأن يجري التعريف بفيلم المخرج المصري خالد الحجر
«الشوق» ضمن مسابقة الأفلام العربية بأنه «يأخذنا إلى أحد الشوارع المهمشة
في الاسكندرية في مصر قبل الثورة»، وأن يحضر فيلم التونسي إلياس بكار
«الكلمة الحمراء» ضمن أفلام مسابقة الوثائقي الذي يقدم سرداً توثيقياً
لأحداث الثورة التونسية على لسان أحد أبطالها كما يقول لنا دليل المهرجان.
الفيلمان سابقا الذكر وغيرهما من أفلام ستعرض في الأيام المقبلة، وما
سأقدم له هنا فيلمان جزائريان عرضا أول من أمس، الأول بعنوان «نورمال» أي
طبيعي، له أن يقارب الثورة بطريقة تستدعي التوقف وهو بتوقيع المخرج
الجزائري مرزاق علواش، ولعل ما يحمله هذا الفيلم سيكون على شيء من المقاربة
الخاصة للثورات العربية، ونحن نتكلم عن فيلم بميزانية متواضعة، مصور
بكاميرا ديجتال، الأمر الذي علينا أن نضعه في عين الاعتبار، والذي سيقودنا
أيضاً إلى مسودة فيلم إن صح الوصف، فعلواش يخبرنا في هذا الفيلم من خلال
حوارات مترامية قصة فيلم غير منته، وعليه فإننا سنقع من البداية على مخرج
وزوجته وهما في نقاش مترام عن التظاهرات التي تشهدها الجزائر العاصمة،
وسنعرف أن المخرج سيقوم بدعوة من شاركوا في فيلمه من ممثلين لمشاهدة نسخة
منه، رغم أنه لم يكتمل، مع نية هذا المخرج أن يقوم بتضمين فيلمه شيئاً من
الأحداث التي تشهدها الجزائر، المخرج غير مشغول إلا بفيلمه، بينما زوجته
تسعى للمشاركة في التظاهرات، ولعل هذين الخيارين هما لب الفيلم، بمعنى طرحه
سؤالاً كبيراً خاصاً بمهمة الفنان، وأين تكمن وظيفته، هل الأمر مقتصر على
إنجاز المخرج فيلمه أم في مشاركته الفعلية في التظاهرات؟
ومع عرض المخرج فيلمه على الممثلين فإننا سنكون في فيلم داخل فيلم، أي
أن نشاهد الفيلم الذي لم ينته منه المخرج، والذي يحكي عن كاتب مسرحي ترفض
مسرحيته من قبل الرقابة، إضافة لعلاقته مع ممثلة فرنسية، وغير ذلك مما له
أن يسلط الضوء على واقع الجزائر اليوم وحالة التخبط التي يعيشها شبابه،
وخاصة مع الانتقال إلى تأثير الفيلم في الممثلين الذين يشاهدونه للمرة
الأولى.
يبدو الأمر لمن يقرأ أن الأمر أشبه بالأحجية ونحن نتكلم عن فيلم داخل
فيلم عن مسرحية لا تتم الموافقة عليها، لكن عند مشاهدة الفيلم سيبدو كل ذلك
بمنتهى الوضوح، كما أن المشاهد سيتابع عدداً كبيراً من الحوارات لها أن
تكون متمركزة تماماً حول دور الفنان في الثورة، وفي مستويات عدة بما فيها
نقاشات خاصة بالجزائر والمخاوف التي تحيط بإرادة التغيير كون هذا البلد كان
سباقاً في التجربة الديمقراطية التي أفضت في تسعينات القرن الماضي إلى
اقتتال أهلي دام، الأمر الذي يحضر كعائق أيضاً أمام الحراك الجماهيري
المطالب بالديمقراطية.
بالانتقال إلى فيلم جزائري آخر بعنوان «قديش اتحبني» إخراج فاطمة
الزهراء زعموم، مشارك أيضاً في مسابقة الأفلام العربية، فإننا سننتقل إلى
مزاج آخر تماماً عن فيلم علواش، حيث يمكن الحديث في هذا الفيلم عن العالم
في عيني طفل اسمه عادل في الثامنة من عمره، نجده في رعاية جده وجدته، إذ
تحضر علاقة الحفيد بجده وجدته في سياق مبني بحميمية لها أن تكون رهان
الفيلم الرئيس، والدافع الرئيس لمتابعة المشاهدة، ولعل تلك العلاقة أجمل ما
في الفيلم، ونحن نتابع ما يعيشه عادل معهما بينما والده ووالدته بعيدان عنه
وقد قررا الانفصال.
فيلم «قديش تحبني» يقارب عادل من خلال محيطه وينقلنا إلى أزمته
المتمثلة بتخلي والديه عنه برقة مفرطة، ولعل الأجواء التي يمضي فيها الفيلم
تقول الكثير في هذا الخصوص، إنه عادل من سيأخذ جدته «نجية دباحي لعراف»
للمرة الأولى إلى السينما، كما أن تلك الجدة ستكون بكامل حنانها محيطة
بعادل، سيكون طبخها معبراً إلى حنانها، وحين تتأزم أمور حفيدها في النهاية
مع معرفته أن والده ووالدته قد انفصلا عن بعضهما، وأن حياته لدى جديه دائمة
فإنه سيمرض، بينما لن تتردد جدته بالذهاب إلى مدير حديقة الحيوانات لتسأله
أن يسمح لحفيدها بالمشاركة في إطعام الحيوانات ومشاهدتها عن قرب. إنه فيلم
محاط بالحنان إن كان لنا أن نصفه ختاماً.
الإمارات اليوم في
27/10/2011
حكايات نسائية في «الدوحة السينمائي»
الدوحة ــ الإمارات اليوم
تقع قضايا النساء والأفلام الخاصة بهن ضمن قائمة أبرز الموضوعات خلال
هذا الأسبوع الذي تقام خلاله الدورة الثالثة من مهرجان الدوحة «ترابيكا»
السينمائي، والذي يقدم عدداً من الأفلام وحلقات النقاش وورش العمل والعروض
الموسيقية التي تلقي الضوء على أصوات النساء وقصصهن وآرائهن من مختلف أنحاء
العالم.
وتشكل النساء 40٪ من مجموع صانعي الأفلام الإجمالي ضمن مسابقة الأفلام
العربية. وتعرض هذه الأفلام العديد من الموضوعات عن النساء وقضاياهن، منها
الاجتماعية وما يتعلق بحياتهن، مثل الطفولة والحب والثقافة والعائلة ومفهوم
الأنوثة. ففي فيلم «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» للمخرجة رانية اسطفان،
تعرض قصيدة تأملية تأخذ المشاهد إلى العصر الذهبي للسينما المصرية من خلال
أعمال أشهر ممثلاته، سعاد حسني.
وضمن الأفلام الأخرى المشاركة في المسابقة الخاصة بالأفلام العربية
يحكي فيلم «أقلام من عسقلان» للمخرجة ليلى حطيط سالاس، قصة الفنان
الفلسطيني زهدي العدوي، الذي اعتقل عام 1975 وهو لايزال في الـ15 من عمره
في سجن عسقلان الإسرائيلي. أما المخرجة فاطمة الزهراء زعموم، فتقدم في فيلم
«قداش أتحبني» قصة عن العلاقات العائلية والحب والطفولة في الجزائر
المعاصرة. والمخرجان لطيفة ربانة الدغري وسالم طرابلسي يدخلان في فيلم
«بنات البوكس» إلى عالم الملاكمة النسائية في المجتمع العربي المعاصر في
تونس.
ويقيم المهرجان برنامجاً للسينما العالمية المعاصرة، يتضمن عدداً من
الأعمال السينمائية لصانعات أفلام من النساء، اللواتي حققن نجاحاً وتقديراً
على المستوى العالمي، ومن أبرز هذه الأسماء المخرجة ياسمين سامديرلي، كما
تقدم المخرجة نادين لبكي فيلمها «وهلأ لوين؟».
ويعرض فيلم «ماما أفريكا» للمخرجة ميكا كاوريسماكي قصة الفنانة
الموسيقية الراحلة صاحبة الكاريزما التي أصبحت رمزاً لجنوب إفريقيا، ميريم
ماكيبا، التي جابت العالم بصوتها القوي لتعمل على إيصال رسالة ضد العرقية
والفقر وتنادي بالمساواة والسلام.
ومن الأفلام المشاركة أيضاً والتي تقدم موضوعات عن النساء، يبرز فيلم
«ساره بيلين - يو بيتشا» للمخرج نيك برومفيلد. وفي العرض الختامي للمهرجان،
يقدم لنا المخرج العالمي لوك بيسون فيلم «ذا ليدي» الذي يروي قصة واقعية عن
حياة الناشطة السياسية آن سان سو كي، قائدة الحركة الديمقراطية في بورما،
والتي انطلقت للحرية أخيراً بعدما قضت 15 عاماً من الإقامة الجبرية بسبب
سعيها لإحلال الديمقراطية في بورما.
وتتضمن لجنة تحكيم مسابقة الأفلام العربية حضوراً نسائياً بارزاً
بوجود صانعة الأفلام جاسميلا زبانيك الحائزة على جائزة الدب الذهبي،
والممثلة اللبنانية المتميزة كارمن، والممثلة الأميركية روبن رايت.
وإلى جانب قائمة الأفلام والحلقات النقاشية، يقيم مهرجان الدوحة
ترابيكا السينمائي 2011 عدداً من العروض الموسيقية لمجموعة من أبرز الأسماء
الفنية النسائية في العالم، إذ ستحضر المغنية الكينية أنجيليك كيدجو صاحبة
الصوت المميز، والحائزة على جائزة غرامي، والفنانة أوم إحدى أبرز الأصوات
النسائية الواعدة في المغرب، بالإضافة إلى إقامة عرض غنائي للفنانة المبدعة
سومي صاحبة الصوت المميز، وليونا لويس التي رشحت ثلاث مرات لجائزة غرامي.
الإمارات اليوم في
27/10/2011
افتتح «الدوحة ترايبكا السينمائي» الثالث
«الذهب الأسود» يقع في فخ صورة العربي السلبية
الدوحة ـ أسامة عسل
افتتح فيلم"الذهب الأسود" للمخرج الفرنسي الحائز على جائزة الأوسكار
جان جاك انو، مساء أول من أمس، مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي في نسخته
الثالثة، مشكلاً الإنجاز العالمي الأول لمؤسسة الدوحة للأفلام التي ساهمت
في إنتاج هذا العمل الضخم.
إلاّ أن الفيلم، وكعادة هذه النوعية من الأعمال التي تقدمها السينما
الأميركية في تصدير صورة سلبية عن العرب وتروج لها، وقع في الفخ نفسه، فيما
استقطب المهرجان الذي يختتم فعالياته السبت المقبل نجوماً عالميين؛ مثل
أنطونيو بانديراس بطل فيلم الافتتاح، إضافة إلى الهندية فريدا بينتو
والجزائري الفرنسي طاهر رحيم والنجم العالمي عمر الشريف والممثل المصري
محمود عبدالعزيز والمخرجة اللبنانية نادين لبكي، ونجوما عرب آخرين.
محور الفيلم
وعلى مدى يقارب الساعتين ونصف الساعة، عرض فيلم "الذهب الأسود" الذي
بلغت ميزانيته 55 مليون دولار، وهو ناطق بالانجليزية، ويرتكز على رواية
"العطش الأسود" للكاتب السويسري هانز روش، ويتناول صراعاً بين مملكتين
عربيتين وهميتين على النفط الذي يكتشفه رجل أعمال أميركي في أرض متنازع
عليها، ويلعب بانديراس دور الملك (نسيب) وهو تقدمي مثقف يخوض حرباً ويفوز
بها ضد الملك (عمار) التقليدي الذي يؤمن بقيمة الأصالة والحفاظ على العادات
والتقاليد القديمة.
ولتثبيت هدنة سلام بين المملكتين يضع الملك التقليدي نجليه (صالح
وعودة) رهينتين لدى (نسيب) لضمان السلام لمدة 15 عاماً، مع جعل المنطقة
الصفراء منطقة محايدة، غير أن اكتشاف النفط يسهم في لجوء الملك (نسيب) إلى
مجموعة من الخدع لنقض الهدنة للاستيلاء على نفط المنطقة الذي وظفه لتطوير (حبيقة)،
في مقابل البداوة التي تعيشها (سالمة)، التي سرعان ما ستتصدى لطموحات الملك
(نسيب) الذي وظف أحدث الأسلحة لقصف أتباع الملك (عمار)، بما في ذلك الطيران
الحربي.
حيث لجأ وبعد عودة ابنه (عودة) إليه إثر مقتل ابنه الأكبر (صالح) داخل
(حبيقة)، إلى تكليفه بالعبور مع مجموعة من الجنود الذين أخرج معظمهم من
سجونه عبر (المدى السرمدي ـ الرمال الناعمة للجزيرة العربية)، من أجل
الالتفاف عبر الجنوب وصولاً إلى (حبيقة) ومحاصرتها، حيث دارت معركة فاصلة
قتل فيها الملك (عمار) غدراً من طرف أحد زعماء القبائل التي اشتراها الملك
(نسيب) بأمواله، والذي سيجد نفسه (أي الملك نسيب) في نهاية المطاف يخسر
الحرب في مواجهة الابن والأمير (عودة) الذي كان رهينة لديه.
ولم يقدر مواهبه، وكان لا يرى فيه أكثر من شخص يصلح كأمين لمكتبة قلعة
(سالمة)، إلا أنه سرعان ما تغلب عليه، رغم أنه حاول استمالته وزوجه من
ابنته (ليلى) فريدا بينتو، ليغدو عودة بعد النصر الآمر الناهي بين قبائل
الجزيرة العربية التي وحدها تحت رايته، وعفا عن الملك (نسيب) وجعله ممثلاً
لمملكته في مجلس إدارة شركة "تكساس أويل" التي جاءت لاستغلال النفط
باعتباره خير من يدافع عن مصالح العرب لديها.
صورة سلبية
وكعادة هذه النوعية من الأعمال التي تقدمها السينما الأميركية في
تصدير صورة سلبية عن العرب وتروج لها، وقع فيلم "الذهب الأسود" في الفخ
نفسه، وأعطى مؤشراً سيئاً عن المرأة العربية، متمثلاً في الأميرة (ليلى)
التي تخفي وراء عباءتها رغبة جسدية جامحة، بعيدة تماماً عن الحياء الذي
يميز الفتاة، ورغم محاولة إعطاء صورة إيجابية عن فتاة من قبيلة أخرى تناصر
فكرة وجود المرأة بجوار الرجل، لكنها جاءت مثل الشكل الأميركي للمرأة في
أفلام الويسترون.
ووضح كذلك أن مخرج الفيلم جان جاك أنو افتقد ميزة أن يكون بجواره من
يساعده من هذه البيئة، فخبى كثير من مشاهده، واختفى منها لمعان الصدق
والعفوية، خصوصا في حركة المجاميع وطبيعة الصحراء التي لم يستغلها ليلا أو
نهارا، مع ثراء النص الدرامي وتعقيداته الإنسانية المتعددة، وانقسم العمل
إلى جزءين؛ الأول استهلكه الحوار فبدا مملاً، والثاني غاص في المعارك
واقترب كثيراً من الشكل التجاري لأفلام الحركة، وظهرت أيضاً أخطاء في
اللكنات الإنجليزية بين (البريطانية والهندية والأميركية).
وكان مضحكاً في الفيلم أن نسمع تعليقات للكومبارس باللهجتين المصرية
والتونسية، لكن أداء أنطونيو بانديراس كان مقنعاً للغاية، وبذل فيه مجهودا
كبيرا، واقترب كثيرا من التركيبة العربية، وكان نجم ليلة الافتتاح، كما
جاءت موسيقى جيمس هورنر لتضيف إلى الفيلم زخما وثراء، وتؤكد أسطورته
الموسيقية لقائمة طويلة من الأفلام العالمية. هي الفيلم
تقام غداً حلقة نقاش بعنوان "هي الفيلم" تجمع خمس نساء رائدات في عالم
السينما، وتتمحور الحلقة النقاشية حول تمثيل النساء في مجال صناعة السينما
العالمية، وتشارك في الندوة المخرجة والممثلة اللبنانية الصاعدة نادين لبكى
(سكّر بنات، وهلأ لوين؟)، وياسمين سامديرلى (ألمانيا)، إلى جانب المنتجة
التونسية دورا بوشوشة (ريد ستين)، والمنتجة الصينية وعضو لجنة تحكيم مهرجان
كان سابقا نانسون شى، وجاسميلا زبانيك مخرجة فيلم (نا بوتو، جربافيكا).
البيان الإماراتية في
27/10/2011 |