كما سبق أن ورد في هذه التغطية، تتبلور معالم مسابقة الأوسكار وما
يسبقها من مسابقات أخرى مهمة في الفترة المقبلة، من خلال العروض الحالية في
مهرجان فينيسيا. الكثير من الأفلام التي تحتل الشاشات المكتظة بالحضور،
غالبا في المسابقة وبعضها خارجه، تنطلق من هنا لتدخل رادارات المناسبات
المصطفة كمحطات على خط واحد من الغولدن غلوبس إلى البافتا، ومن جائزة
الفيلم الأوروبي إلى جائزة جمعية المخرجين الأميركيين، مرورا بالمناسبات
المتلاحقة من الآن وحتى النصف الثاني من شهر فبراير (شباط) المقبل.
وإذ تتوالى الأفلام، يمكن التكهن بمواهب كثيرة في شتى المجالات، ستتاح
لها فرص لاحقة للظهور وربما للفوز، فهناك ممثلون، وممثلات، ومخرجون، ومديرو
تصوير، وكتاب سيناريو، ومصممو ديكور، وبالطبع الأفلام ذاتها.
على سبيل البداية، لن يكون مستغربا البتة أن ينتقل التنافس بين فيلم
جورج كلوني «منتصف أشهر مارس»، وفيلم ستيفن سودربيرغ «عدوى»، وفيلم رومان
بولانسكي «أشلاء»، من فينيسيا إلى الأوسكار، مرورا بمعظم المحطات الأخرى.
فهذه الأفلام ما زالت، عند كثيرين من النقاد، أفضل ما تم عرضه من نواح
كثيرة. صحيح أن البعض يؤيد الأفلام الأوروبية بمنأى عن جودتها، لكن البعض
الغالب لا يمكن له تفويت حقيقة أن كل واحد من هذه الأفلام المذكورة، خصوصا
فيلم كلوني وفيلم سودربيرغ، عملية كاملة من الإبداعات الحرفية، التي تدعو
لا إلى الإعجاب فقط، بل إلى التقدير.
كل من «منتصف شهر مارس» و«عدوى»، يحتوي على أداءات جيدة. في الأول
رايان غوزلينغ يبدو مؤكدا لدخول الترشيحات حتى لحظاتها الأخيرة.. إنه
الممثل الرئيسي في ذلك الفيلم، مع حفنة من الممثلين الذين يظهرون في أدوار
أصغر، مما يجعلهم مرشحين نموذجيين لسباق التمثيل المساند في كل من الغولدن
غلوب والأوسكار. هناك فيليب سايمور هوفمن وبول جياماتي (ترشيح الأول أقوى
احتمالا) وجورج كلوني، وعلى الجانب النسوي هناك إيفان راتشل وود وماريسا
توماي، علما بأن الفيلم في واقعه رجالي، مما قد يساعد على الحيلولة دون
وصول ممثلاته إلى الخط النهائي.
كلوني لديه ثلاثة حظوظ في الواقع؛ فهو في دور مساند كما ذكرنا، وهو
المخرج أيضا، ثم هو شريك في كتابة السيناريو لجانب ريتشارد ويليمون.
في المقابل، «عدوى» سيستند في ترشيحاته المقبلة إلى بعض هذه العناصر:
أهم خصائصه الإخراج (لستيفن سودربيرغ) والكتابة (سكوت بيرنز)، كذلك
المونتاج (ستيفن ميريوني). أما التمثيل فمع الرغم من أن ممثليه جيدين، فإن
معالجة الموضوع وطبيعة تلك المعالجة، ستحصر الممثلين جميعا في إطار أفضل
ممثل مساند، فالفيلم قائم على الانتقال بين عدة شخصيات. الجهد الأفضل بينها
هو للبريطانية كيت وينزلت، لاعبة دور الطبيبة التي تتعرض للفيروس، في إشارة
إلى المخاطر التي تواجه الأطباء والممرضين إذا ما أغفلوا ضرورة الوقاية.
لكن السيناريو قد يكون أبرز العناصر الآيلة إلى الترشيحات خلال الفترة
المقبلة. ليس لموضوع الفيلم فقط، بل لصياغته أيضا. إنه يدور حول انتشار
وباء مفاجئ لا تملك الحكومة الأميركية، ولا أي حكومة أخرى فكرة كاملة عنه،
لكي تستطيع ابتكار الدواء الشافي منه، إلى أن يتم التحقيق فيه والوصول إلى
بعض الموقنات، يكون المرض الغريب قد حصد ملايين الأرواح.
وقد تحدثت، يوم الأحد الماضي، مع كاتب السيناريو، سكوت بيرنز، فقال إن
البحث عن المعلومات التي استمد منها عمله كان مجهدا. وبعض مصادره جاءت من
مؤسسات حكومية: «هناك ذلك الموظف الذي طلب السرية لاسمه ومعلوماته، سألته
هل لدى الحكومة خطة إنقاذ سريعة لمدينة أميركية إذا ما داهمها فيروس قاتل؟
أجاب: لا. خذ نيويورك مثلا، إنها مدينة كبيرة ومكتظة ومؤلفة من عناصر بشرية
مختلفة لا يمكن حصرها، كما أن للمدينة مداخل كثيرة، بحيث من الصعب مراقبتها
جميعا».
سألته عما إذا كانت الكتابة قد تمت على النحو الذي شاهدنا الفيلم
عليه، أي بالانتقال الدائم بين الخطوط والشخصيات، فأجاب: «نعم. لكن الإيقاع
والتوقيت من أمور المخرج، سودربيرغ أراد فيلما سريع الأداء، لذلك استغنينا
عن بعض المشاهد التي كان من الممكن الاستغناء عنها.. حين الكتابة وضعت
أمامي رسما بيانيا أتابع عليه أين وصلت الشخصيات، وإذا ما حان موعد العودة
إلى أحد منها».
* سمعة مضرة
* لكن على صعيد الممثلين أيضا، وفي الوقت الذي لا يمكن توقع وصول فيلم
«مادونا
W.E»
إلى أي مرحلة متقدمة من الترشيحات، فإن الممثلة التي تضطلع بواحدة من
الشخصيات الأساسية في الفيلم، واسمها أندريا رايزبورو، قد تطفو على السطح
ولو إلى حين، هي ممثلة إنكليزية ليست ذات شهرة، لكن هذا لا يعني أنها ليست
ذات موهبة. كان قد سبق لها الظهور في بعض الأعمال البريطانية مثل «برايتون
روك» و«السعيدة محظوظة» لمايك لي. هنا في فيلم «مادونا» تؤدي دور المرأة
التي وقع إدوارد الثامن في حبها. وأحد المشاهد المهمة لها هو ذلك الذي ترقص
فيه لحبيبها المشرف على الموت، بناءا على طلبه.
في الرقص أيضا تجيد جسيكا شستين دورها في فيلم لا هو مائة في المائة
تسجيلي، ولا هو مائة في المائة روائي، عنوانه «وايلد سالومي» لمخرجه آل
باتشينو. هذا اللاقرار قد يعترض طريق الفيلم إلى الجوائز والأوسكار، لكن
جسيكا هي من الآن واحدة من أكثر الممثلات حظوة في الترشيحات بسبب كل فيلم
ظهرت فيه هذا العام، من «شجرة الحياة» إلى «وايلد سالومي»، مرورا بدورها
الثانوي في «المساعدة»، ودورها في فيلم آخر موجود في فينيسيا سيعرض خلال
الساعات القريبة من بطولتها، هو «حقول القتل التكساسية».
من الصعب توقع دخول «رجل خطر» لديفيد كروننبيرغ في ترشيحات كثيرة، لكن
إن فعل فإن فيغو مورتنسن، في دور سيغموند فرويد، قد يجد نفسه محط اهتمام
المقترعين في جمعية الممثلين الأميركيين، وجمعية مراسلي هوليوود الأجانب،
التي تمنح الغولدن غلوب، كما لدى أعضاء الأكاديمية مانحة جوائز الأوسكار.
ويصاحبه في هذا الاحتمال المحدود الممثل مايكل فاسبيندر، عن دوره في
«العار»، ولو أن الظهور عاريا ليس تذكرة أكيدة إلى الجائزة الكبرى.
الفيلم الذي لن يكون له حظ يذكر هو فيلم رومان بولانسكي «أشلاء»، نظرا
لسمعة بولانسكي في الولايات المتحدة. صحيح أن لديه أنصارا كثيرين في
هوليوود، لكن أكثر منهم من سيرغب في تجنب التعامل مع مخرج ما زال هاربا من
المثول أمام المحكمة الأميركية. بل حتى لو فاز هنا فإنه لا يستطيع الحضور
لاستلام جائزته، وإلا لوجد نفسه (بكل تأكيد) في طريقه إلى بوليس لوس
أنجيليس علي أول طائرة ممكنة.
الفيلم جيد.. لكن ليس كل فيلم جيد يكون صالحا للتسابق للحصول على
جوائز الموسم، ومع تمتعه بأداءات أربع ممثلين بارعين، هم كايت وينسلت،
كريستوف وولتز، جون س. رايلي، وجودي فوستر، فإنه من السهولة بمكان المرور
عليهم بعد حين.
يجب أن نلحظ في النهاية أن الكلام نفسه ينطبق على وضع الأفلام
المتنافسة في هذا المهرجان العريق، أي أن التنافس بين هذه المذكورة سيمر
عبر «الفلتر» الإيطالي في لجنة تحكيم يرأسها دارن أرونوفسكي، صاحب الفيلم
الفائز بالأسد الذهبي في العام الماضي «بجعة سوداء». إنه من الصعب قراءة
ميوله السينمائية، لكنه من المرجح أن يتجه لفيلم يحمل بذورا مستقلة التوليف
والصنع، مثل ذاك الذي يوفره ستيفن سودربيرغ في «عدوى».
* مفكرة
* هل حان وقت المهرجانات المتخصصة؟
باستثناء بضع مهرجانات مغربية وتونسية و(سابقا) جزائرية و(ماذا عن)
ومصرية، فإن المنطقة العربية تخلو من مهرجانات متخصصة. في الحقيقة ما هو
موجود محدود القدرات المادية في أفضل أحواله، وبعضه يستحوذ على الاسم وحده
من دون أن يتسع لاحتواء معانيه ومتطلباته، فهناك مهرجان يعرض لعشر دول،
وآخر لديه نحو خمسة عشر فيلما معظمها شبع عروضا من قبل، وثمة مهرجانات
تندلع مثل نار صغيرة، ثم تمضي من دون أن تثير الحديث الذي قد تستحقه. كل
ذلك لأن الرغبة في إنجاز مهرجان ما، تسبق التعامل مع الواقع.
هذا تماما ما نراه ماثلا في الكثير من الإنتاجات السينمائية العربية.
الكثير منها رغبات وطموحات وقلة إمكانيات، مما يجعلها حبيسة ذلك. الفترة
الزمنية التي منحت السينما العربية التونسي رضا الباهي، والمغربي سهيل بن
بركة، والمصري شادي عبد السلام (وآخرين معه)، واللبناني مارون بغدادي، تبدو
الآن بلون الذهب مقارنة بالجفاف الذي يعتقد البعض أنه زائل بفضل بضعة أفلام
جديدة ستبدأ تغييرا مهما في صرح السينما العربية.
لكن ما يمكن أن يبدأ هذا الصرح هو أن تضع الحكومات (وهذا ما يبدو أن
المملكة المغربية تقوم به) خططا شاملة لعملية صنع السينما، من التمويل إلى
الشاشة. تبعا لما نسمع ونقرأ، فإن هذه الخطة أنجبت عشرات الأفلام في العام
الماضي وهذا العام، لكن هذا لن يكون كافيا إلا إذا صاحبت ذلك عملية تحويل
الرواد عن أجهزة التلفزيون والأسطوانات المقرصنة.
المطلوب يكمن غالبه في الخطط الثقافية لدى الدول التي أنتجت أفلاما
خلال حقب متوالية. هناك في زمن مضى كانت هذه الخطط موجودة، وإذا ما
استثنينا تجربتي مصر والجزائر، فإن هذه الخطط حققت أفلاما من دون شروط، على
عكس ما آلت إليه الخطط الحكومية في كل من سوريا والعراق، حيث التزمت مؤسستا
السينما فيهما بتمويل أفلام تعكس رعيلا انتمى إلى النظام، مع ملاحظة أن
التجربة العراقية كانت الأكثر وضوحا في هذا الاتجاه، إذ سادته الأفلام
الوطنية الموجهة.
أعود إلى مسألة المهرجانات، فهي جزء من هذه الخطة وجزء مهم. طبعا هناك
المهرجانات الدولية التي تقام اليوم في دبي وأبوظبي والدوحة ومراكش، لكن
ماذا عن مهرجانات متخصصة في السينمات الكرتونية، أو الدراميات الاجتماعية،
أو في أنواع الكوميديا والبوليسي، أو الفيلم القصير، أو الفيلم التجريبي،
أو مهرجانات المناطق (البحر المتوسط، جنوبه، شماله.. إلخ)؟
طبعا هناك مهرجانات قائمة لبعض هذه الأنواع، لكن إذا لم تستطع بلورة
نفسها والتقدم، فما تمر به هو استطراد أفقي يستهلك الوقت والجهد والقليل من
المال، عوض أن يكون استطرادا عموديا يمنح هذه الجهود النجاحات التي تتطلع
إليها.
* بين الأفلام
* «حبيبي راسك خربان» *** إخراج: سوزان يوسف تمثيل: قيس ناشف، ميساء
عبد الهادي.
* الفيلم الأول للمخرجة سوزان يوسف، وعنوانه «حبيبي راسك خربان» دراما
تحقق طموحاتها حينا، وتعجز عنها حينا، لكنها في كل الأحيان تعكس ذلك السعي
لتقديم حقائق الواقع عبر الحكاية العاطفية. جزء من هذه الحقائق التقاليد
التي تقيد المجتمعات المدنية، وانعكاس الحالة الاجتماعية ذاتها تحت سلطة
حماس في قطاعي غزة وخان يونس. الجزء الآخر يكمن في الجانب الآخر: إسرائيل
والتعسف الذي يعيش تحته الفلسطينيون في هذين القطاعين، وكيف يسهم ذلك في
ارتفاع التطرف الديني على جانبي ذلك الجدار. إنه عن قيس وليلى آخرين، قيس
(قيس ناشف الذي تعرفنا عليه في فيلم هاني أبو أسعد «الجنة الآن») واقع في
حب ليلى (ميساء عبد الهادي) منذ أن تعرف عليها في الجامعة، وهي تبادله
الحب. المعضلة التقليدية هي أن والدها، الذي يثق بها يتمنى تزويجها إلى
طبيب فلسطيني عائد من أميركا، وهي ترفضه. حين يغطي قيس جدران المدينة
بأشعاره يفرض الأب عليها إقامة جبرية في الوقت الذي يهرب فيه قيس من
القطاع، حتى لا يصاب بمكروه على يدي شقيقها. ليلى تجد طريقة للحاق به
مستفيدة من ثقة أبيها فيها، وتجد أن قيس عقد العزم على مغادرة فلسطين،
ويتقدمان من السلطات الإسرائيلية بطلب الهجرة، الذي يقول قيس إنه حصل عليه
من السفارة الهولندية. حين تطلب السلطات من قيس معلومات عن عناصر غزة
المسلحة يبدي استعداده للتعاون، فكل شيء يهون في سبيل الهرب من البلاد مع
حبيبته، لكن ليلى تحذره وترفض أن يستجيب لرغبة السلطة الإسرائيلية، مما
يدفع أحدهم إلى ضربها، وبالتالي تعذر حصولهما على السماح بالسفر.
المشهد ما قبل الأخير كان عليه أن يكون الأخير: قيس يصعد هضبة من
الأشلاء المدمرة، وصبي يحذره بأن رصاص العدو قتل صحافيا إيطاليا أول ما وصل
إلى قمة الهضبة، لكن قيس لا يبالي. لا يريد الحياة، وليست لديه وجهة أخرى
إذا ما بقي حيا. لكن المخرجة تضيف مشهدين لاحقين يستطردان ولا يضيفان.
كما يبدي هذا التلخيص، فإن الحكاية بسيطة يراد لها دمج حكاية قيس
وليلى المعهودة في الأدب العربي، مع قيس وليلى شغل هذه الأيام، لا شيء يمنع
هذه المحاكاة، والمخرجة التي تسبر قصة الحب بمعالجة هادئة أكثر من اللازم،
حسنا تفعل حين تقطع السرد المتوقع بإشاراتها الاجتماعية والسياسية، رابطة
قصة الحب بالمواقف المعارضة فلسطينية وإسرائيلية. هناك ذكر للحواجز
العسكرية الإسرائيلية التي ينتظر عندها الفلسطينيون بالساعات، ومشهد قتل
صديق لشقيق ليلى برصاصة قناص من المستوطنين. وأخيرا الاعتداء على ليلى من
قبل محققي الجيش الإسرائيلي، مما يكمل صورة الوضع القائم، ويرفع من حدة
وقعه على المشاهد.
لكن في المقابل، يكشف الفيلم عن قصور في استخدام الأدوات التي يراد
منها تأييد العاشقين. هناك مشاهد في الجانب الفلسطيني لا تخدم المطلوب،
فالخلوة البريئة بين قيس وليلى على شاطئ البحر من الطبيعي أن يتخللها قيام
فلسطينيين بقطعها، كونها تنافي التقاليد. ليست المعارضة هنا في أن المخرجة
تنتقد مثل هذا التدخل، لكنها في أنها تعارض ما لن تجد الكثير من المعارضين
له أساسا. إلى ذلك، يبدو قيس سبب البلاء على أكثر من نحو، فهو يدرك ما يجره
على عائلة ليلى من إهانة بنشر قصة حبه أشعارا على الجدران، ويبدو ساذجا إذا
ما اعتقد أن والدها سيرضى به بلا عمل، وبشعره الكث وهيئته الكاشفة عن فقره
المدقع، كما هو ساذج في أكثر من مفارقة أخرى، مثل تعريضها أكثر من مرة
للضرب. سذاجته تستدعي سذاجتها هي التي ليس لديها سبب فعلي يدعوها لمثل هذا
التعنت في حبها، طالما أن المخرجة لم تقدم مزاياه، ولماذا اختار قلب ليلى
قيس دون من سواه. لكن المخرجة ذهبت وراء قصد آخر: تلك الأشعار أريد لها أن
تعكس حالة رومانسية غريبة خصوصا لدى الجمهور الغربي.
ما ينقص الفيلم قيس أقوى من هذا النحيل الهارب من الواقع. لا تشعر بأن
قيس ناشف يجسد دفئا أو يعكس حاجة ملحة، ليس لأنه ممثل رديء، بل لأن قراءته
للشخصية لم تكن صائبة دوما، ربما لعدم وجود إدارة فاعلة أساسا، هذا
الافتقاد إلى قيس أقوى وأكثر عنادا يجعل من الصعب على الجمهور (العربي قبل
سواه) مؤازرة أفعاله، خصوصا حين تبدو ساذجة.
لكن الفيلم يبقى طموحا أكثر بكثير من قدرته الإنتاجية، بل إن بعض
قرارات الكتابة، لا بد، ارتبطت بالميزانية الضحلة التي تتبدى على الشاشة،
خصوصا لناحية الشخصيات غير المتكاملة. ما يبرز على الرغم من كل شيء هو ذلك
الحس الشعري الذي تحاوله المخرجة، على الرغم من حدود خبرتها وضعف
اختياراتها من المشاهد.
* «Tinker, Tailor, Soldier, Spy» *** إخراج: توماس ألفردسون.
تمثيل: غاري أولدمان، كوني ساكس، بيتر غويلام، جون هيرت.
ألمانيا/ فرنسا/ بريطانيا - المسابقة
* فيلم المخرج السويدي، توماس ألفردسون، هو إضافة إلى تلك الأفلام
المعروضة هنا، التي تتناول أوضاع العالم الغربي الآنية، ولو أن أحداثه تدور
في السبعينات، فظلال تلك الأحداث متوفرة بوضوح، وما يتحدث عنه من فساد
ومؤامرات داخلية (عدا العلاقات الدولية المرتهنة بالظروف والتقلبات) واقع
في سياق السياسات العالمية، والأحداث الاقتصادية والسياسية التي نعيش تحت
وطأتها.
الأصل هو رواية جون لي كاري، التي نشرت في السبعينات أيام «ووترغيت»،
والفيلم يبدأ بعد عدة صفحات منها مع رئيس الاستخبارات البريطانية (العتيد
جون هيرت)، وهو يطلب من رجل المخابرات جيم (مارك سترونغ) السفر إلى المجر،
لإقناع أحد جنرالاتها باللجوء إلى الغرب. الغاية أيضا تلقي مساعدة
استخباراتية تكشف عن ذلك الجاسوس المزروع في الاستخبارات البريطانية، الذي
يزود الشرق بمعلوماته من دون أن يتم الكشف عنه حتى الآن. فالجنرال المجري
يعرف هويته، والسؤال هو إذا ما كان سيتجاوب ويسميه.
هناك أربعة مشتبه فيهم، كل يحمل اسما وصفيا أو حركيا: السمكري هو توبي
جونز، الخياط هو كولين فيرث، الجندي هو شياران هيندز، وهناك الفقير (ديفيد
دنسيك). كذلك هناك عميل خامس هو جورج سمايلي (غاري أولدمن). من قرأ روايات
دي كاريه (الأكثر جدية من روايات إيان فلمينغ مبتدع جيمس بوند)، يشك في أن
سمايلي يمكن أن يكون العميل لأنه بطل الراوي الدائم، صحيح أنه عميل غامض،
لكن هل يمكن أن يكون خائنا؟ الاستخبارات البريطانية لا تعتقد ذلك، وهي
تطلبه للبحث عن ذلك الخائن الذي كشف خطة رئيس الاستخبارات، مما جعل مهمة
جيم فاشلة. هذا فيلم جاد، لكن خلفية المخرج الكوميدية تمنحه القدرة على
تلوين الجدية ببعض الملامح الهازلة. المخرج يعي الفارق الشاسع في كل شيء
(أزياء، ملابس، سلوكيات، مفاهيم) بين السبعينات حيث تدور الأحداث، واليوم،
ويحافظ على تلك المسافة الزمنية من باب العودة إليها في هذه الإطلالة. وهو
لا يريد منا أن نتبع أبطالا ونتحيز لهم. الفترة أساسا وشغل المخابرات عموما
لدى هذا المخرج من بين أكثر فترات الحياة سوادا أو تكاد. للغاية يضيف مشهدا
لم يرد في الكتاب، يظهر فيه كيف اكتشف سمايلي أن زوجته تخونه، هذا يضع بطله
على الحافة بين التقدير وبين التشهير.
5.
Habibi.jpg
«حبيبي راسك خربان» 6.
Tinker, Tailer, Sold., Spy.jpg
«سمكري، خياط، جندي، جاسوس».
الشرق الأوسط في
07/09/2011
حصلن على أدوار رئيسية في الأفلام المشاركة
النجمات يسرقن الأضواء بحضورهن اللافت في مهرجان فينيسيا
(فينيسيا – أ ف ب)
من السجادة الحمراء إلى الشاشة الكبرى، تتألق النساء هذه السنة في مهرجان
البندقية السينمائي مع حصولهن على أدوار رئيسية في الأفلام المشاركة حيث
سرقن الأضواء بحضورهن اللافت.
أبهرت نجمة البوب الأميركية مادونا الحاضرين عند مرورها على السجادة
الحمراء في مهرجان البندقية السينمائي، بفستانها الطويل المطبوع عليه
فراشات حمراء من تصميم دار فيونيه، في حين وضعت نظارات شمس حمراء.
وفيلمها الجديد “دبليو إي” يروي قصة الملك إدوارد الثامن وتنازله عن العرش
للزواج من المطلقة الأميركية واليس سمبسون.
ورغم أن المغنية البالغة من العمر 53 عاماً لاقت انتقادات متفاوتة لثاني
تجربة لها في الإخراج، فإنها كانت نجمة حفلة أقامتها دار غوتشي للأزياء على
شرفها مع صديقها ابراهيم زايبات البالغ من العمر 24 عاماً.
وغنت مادونا أغنيتها الشهيرة “لايك آيه فيرجن”، بحضور مصمم الأزياء
فالنتينو على شرفة كبرى مطلة على القناة الكبرى في البندقية، واستمرت
الحفلة حتى الرابعة فجراً.
وربما كانت المغنية الشقراء تخطط للبقاء فترة أطول في البندقية بعدما أشارت
تقارير إلى أنها قد تشتري قصراً كبيراً مطلاً على القناة بقيمة 40 مليون
يورو.
وخلال الحفلة قدمت مادونا أول جائزة لدار غوتشي إلى النساء في السينما،
وكانت من نصيب الممثلة الأميركية جيسيكا شاستاين التي لعبت دور البطولة في
فيلمين صورا في البندقية هذه السنة، وذلك عن أدائها في فيلم “تري أوف لايف”
(شجرة الحياة).
أما الممثل جورج كلوني فيأمل الحصول على جائزة لفيلمه الرابع كمخرج، وهو
فيلم التشويق السياسي “ذي آيدس أوف مارتش” الذي افتتح به مهرجان البندقية.
ورغم أن نجم هوليوود كان متفاعلاً مع الجمهور ويبتسم طوال الوقت فإنه رفض
إعطاء أي مقابلة صحافية خلال إقامته، على أمل تجنب الأسئلة حول انفصاله في
الآونة الأخيرة عن صديقته الإيطالية إليزابيتا كاناليس.
ورافقته على السجادة الحمراء سيندي كروفرد عارضة الأزياء السابقة التي
ارتدت فستاناً أحمر كلاسيكياً من تصميم روبرتو كافالي قبل أن يتوجها إلى
حفلة على الشاطئ في جزيرة ليدو.
كايرا نايتلي
أثار أداء الممثلة البريطانية كايرا نايتلي وتجسيدها شخصية امرأة هستيرية
غيرت حياة اثنين من أعظم مفكري القرن العشرين، سيغموند فرويد وكارل يونغ،
إعجاباً كبيراً لدى النقاد، لكن النجمة أثارت جدلاً في بعض الدوائر بعدما
قالت مازحة إن أداءها في فيلم ديفيد كرونينبرغ “آيه دينجروس ميثود” (طريقة
خطيرة) كان من وحي جنونها ويعكس طبيعتها.
وفي ردّها على سؤال “هل استمتعت بأداء شخصية امرأة مضطربة عقلياً؟” قالت
نايتلي: “نعم كان الأمر متعة كبرى، أنا مجنونة في مطلق الأحوال وبالتالي
استندت إلى ذلك”.
كيت وينسلت
أما الممثلة البريطانية كيت وينسلت التي تلعب دور البطولة في ثلاثة أفلام
مشاركة في المهرجان فقالت إنها استمتعت بأدائها في فيلم “كارناج” لرومان
بولانسكي.
وبعدما تحدثت بالتفاصيل للصحافة عن التقنيات المستخدمة في الفيلم، دخلت
وينسلت مرتدية فستاناً من تصميم ستيلا ماكارتني وسط تصفيق المحتشدين في
الخارج، في حين التقطت صوراً لهم بهاتفها النقال.
غوينيث بالترو
وقالت الممثلة الأميركية غوينيث بالترو إنها استمتعت جداً بدورها في فيلم
ستيفن سودربرغ “كونتاجيون” حيث تقضي بفيروس قاتل.
ويترأس لجنة التحكيم هذه السنة السينمائي الأميركي دارن أرونوفسكي مخرج
فيلم “بلاك سوان”، كما تضم اللجنة في صفوفها السينمائي الفرنسي آندريه
تشينيه ونظيره الأميركي تود هاينز والقائد السابق لفرقة “توكينغ هيدز”
ديفيد بايرن.
الجريدة الكويتية في
05/09/2011 |