ظلت هند رستم رمزاً للأنوثة والمرأة الناعمة. كانت حلماً لكل فتاة
تبحث عن الجمال في التشبّه بها. لُقبت بملكة الإغراء، لكنها أبداً لم تكن
تقدم فناً مبتذلاً بل كانت براعتها تتجلى في التفاف أفراد الأسرة كافة من
دون خجل حول أحد أفلامها.
الاثنين الماضي، توقّف قلب هند عن الخفقان داخل المستشفى عن عمر يناهز
الـ80 عاماً، في غرفة العناية الفائقة بعدما فشلت جهود الأطباء في إنقاذها.
أجرت “الجريدة” حواراً موسعاً مع ملكة الإغراء في السينما المصرية
التي اعتزلت الفن منذ 32 عاماً. الظروف آنذاك لم تسمح بنشر الحوار الذي
تجوّلنا فيه معها بين حياتها وأعمالها الفنية ورأيها في حال الدراما
راهناً… اليوم، نضع بين أيديكم تفاصيل وحكايات كثيرة عن حياة مارلين مونرو
الشرق.
بدايةً، ما الأسباب الحقيقية للاعتزال المبكر وأنت في قمة عطائك الفني؟
{الجبان والحب} كان آخر أفلامي. شاركني البطولة حسن يوسف. قبل ذلك
قدمت ثلاثة أفلام لم أشعر بالراحة أثناء تصويرها، فالمجموعة التي كنت أعمل
معها لم تكن ملتزمة كما تعودت أثناء أعمالي السابقة. لم يكن ثمة احترام
للمواعيد أو للفن عموماً وهذا ما لا أستطيع تحمّله. من ناحية أخرى الفنان
دائماً مظلوم، لا يستطيع أن يحيا حياة طبيعية. لا بد من أن يظل مرتدياً
قناع النجومية طيلة الوقت. يمشي ويتحدث بطريقة معينة، ولا يمارس حياته
بالشكل الذي يتمناه، وهذه هي ضريبة النجومية التي لا بد من أن يدفعها
الفنان، لذا فضلت الابتعاد والحياة في هدوء بعيداً عن الأضواء، خصوصاً مع
شعوري أنني قدمتُ أعمالاً جيدة أحبها الجمهور وتركتُ له رصيداً فنياً
جيداً. كذلك كنت أتمنى أن تظل صورتي في أذهان الناس كما شاهدوني في أفلامي
الأولى وألا تهتز هذه الصورة إذا قدمتُ أفلاماً وأنا كبيرة في السن.
·
هل صحيح أن زواجك من د. محمد
فياض كان سبباً في اعتزالك الفن وابتعادك عن الأضواء؟
هذا ليس صحيحاً أبداً. لم يكن للدكتور فياض أي دخل في قرار اعتزالي.
على العكس، كان فياض يحترم فني جداً وقد قدمتُ أفلاماً كثيرة بعد زواجنا،
وقد ناقشني عند اتخاذي هذا القرار وطلب مني التروي، مؤكداً أن الفن رسالة
راقية ولا يجب التخلي عنها، إلا أنني أقنعته بأن المناخ تغير وأنني لن
أستطيع الاستمرار في هذا الجو.
·
ألم تشعري يوماً بالندم على قرار
الاعتزال، أو أنه جاء مبكراً؟
لم أندم أبداً على الاعتزال، بل على العكس مع مرور الوقت، وما يحدث في
الوسط الفني من تدنٍّ وعدم التزام، زاد يقيني بأن قراري كان مناسباً في هذا
التوقيت للحفاظ على تاريخي، لكنني ندمت على أنني لم أقدم مسلسلاً
تلفزيونياً، على رغم العروض الكثيرة التي قُدمت لي.
·
لماذا رفضت هذه العروض؟
لأسباب مادية. بينما العرض المادي الكبير الذي قُدم لي كان من خلال
عمل يتم تصويره في إحدى الدول العربية، لكنني رفضت كي لا يكون العمل
التلفزيوني الوحيد لي خارج بلدي، على رغم أن الجهة المنتجة تركت لي تحديد
الأجر والقصة وفريق العمل في مقابل الموافقة، لكنني لم أتحمّس للفكرة.
·
دخلتِ مجال التمثيل مصادفة. ماذا
كان موقف العائلة من هذه الخطوة؟
شاهدتني إحدى قريباتي بالصدفة في مشهد سينمائي فأخبرت زوجة أبي، التي
أخبرت بدورها أبي فقاطعني تماماً هو وعائلتي كلّها، لأن أبي أصوله تركية
والمعروف عن الأتراك أنهم يتمسكون بالتقاليد، إضافة إلى أنه كان لواءً في
الجيش فتأثر بالحياة العسكرية، وكان من غير المعقول أن يقبل بأن تكون ابنته
ممثلة، لذلك ابتعد عني تماماً ولم يرني إلا قبل وفاته بقليل، إذ حضر عيد
ميلادي بعد علمه بزواجي من د. فياض.
·
هل كنتِ تعلمين أثناء إقدامك على
هذه الخطوة برد فعل والدكِ هذا؟
إطلاقاً، لأني كنت صغيرة لم أبلغ السادسة عشرة، وكنت أتخيل أن هذا أمر
سهل، وبعيد عن المشاكل وفوجئت برد فعل أبي وعائلته.
·
هل فكرتِ في التراجع بعد رد
فعلهم العنيف؟
لم يترك لي أبي أي فرصة للتراجع، فقد قرر مقاطعتي تماماً من دون أي
مناقشة. عشت بعدها مع أمي التي كانت منفصلة عن أبي آنذاك وتعيش بمفردها،
وكانت ميسورة الحال فعشنا حياة كريمة بعيداً عن أبي.
·
كيف كان موقف والدتكِ من
التمثيل؟
رحبت بالأمر، وشجعتني على الاستمرار، لأنها كانت محبة للفن ولا ترى
عيباً في أن أكون فنانة.
·
هل كنت تستشيرينها في اختيار
أدواركِ؟
أحياناً كنت أستشيرها، وكانت دائماً تثق في اختياراتي.
·
إلى أي مدى تأثرت نفسياً بسبب
ابتعادك عن بيت والدك؟
لم أتأثر معنوياً. عوّضتني أمي بحنانها وتشجيعها لي، إلا أنني تأثرت
مادياً، إذ كنت أنفق على نفسي وأمي، لذا كنت أضطر الى قبول أفلام لا أؤمن
بها لأسباب مادية.
·
ما هي هذه الأفلام؟
لا أستطيع ذكرها لأنها ما زالت تباع حتى الآن ومنها ما حقق نجاحاً
جماهيرياً. ما أستطيع قوله إنها لم تزد على أربعة أفلام قدّمتها في
بداياتي.
·
متى قررتِ تقديم الأدوار التي
تقتنعين بها فحسب؟
منذ بداياتي أحاول ذلك، لكن بعد زواجي من د. فياض واستقراري مادياً لم
أقدم إلا الأفلام التي اقتنعت بها.
عمل لافت
·
ما معايير اختياراتك للأفلام؟
كان يهمني في المقام الأول أن يكون للفيلم هدف. كذلك كنت أحاول
التنويع في الأدوار التي أقدمها، وأرفض أفلاماً كثيرة كي لا أُحصر في نوعية
معينة من الأفلام، لذا قبلت القيام بدور والدة حسن يوسف الذي يصغرني بعامين
في فيلم {امرأه على الهامش}، لأنني اقتنعت بالفيلم الذي كان فعلاً عملاً
لافتاً ولاقى نجاحاً جماهيرياً واسعاً.
·
ما أحب الأفلام إلى قلبكِ؟
أحب الأفلام التي تتضمن مساحة تمثيل عالية مثل {الراهبة} و{شفيقة
القبطية}.
·
حدّثينا عن ذكرياتك مع {شفيقة
القبطية}؟
كان هذا الفيلم ممتعاً جداً، ويتضمن تمثيلاً عالياً جداً. ثمة مشهد
لاقى إعجاب الجمهور وهو مشهد تعاطي المخدرات، إذ اعتقد كثر من المشاهدين
أنني مدمنة فعلاً من شدة إتقاني الدور. الحقيقة، أنني ذهبت إلى طبيب متخصص
في علاج الإدمان لمعرفة تصرفات المدمن، كذلك استعنت بعامل من الاستوديو كان
مدمناً فعلاً للاستفادة من خبرته في هذا الأمر.
·
كان العمل مع عبد الحليم حافظ
حلم نجمات جيلك، فلماذا رفضت العمل معه في فيلم {أبي فوق الشجرة}؟
للأسف، لم تتح لي فرصة مناسبة للعمل مع عبد الحليم، على رغم أنني كنت
أتمنى ذلك، وقد قال إحسان عبد القدوس إن {أبي فوق الشجرة} كُتب خصيصاً لي
إلا أنني رفضته لأسباب عِدة، أبرزها أنني لم أجد شكلاً درامياً في الشخصية
بل راقصة فحسب، كذلك كنت قدمت في العام نفسه دور راقصة في {شفيقة القبطية}،
وكنت لا أفضّل في هذه المرحلة تكرار أدواري، وقدمت أيضاً فيلماً مع فريد
الأطرش.
·
هل رفضتِ دوراً ثم ندمت؟
لم يحدث هذا لأنني لا أرفض أو أوافق على أي دور إلا بعد تفكير عميق،
لأنني بطبيعتي لست متسرّعة في قراراتي.
·
من هم أكثر المخرجين الذين
استمتعتِ بالعمل معهم؟
كنت أحبهم جميعاً. للعمل مع كلّ منهم طعم مختلف، وتعلمت منهم جميعاً
لأنني لم أكن أهوى التمثيل فحسب، بل كانت لي ميول إخراجية فاستمتعت بالعمل
معهم جميعاً سواء يوسف شاهين أو فطين عبد الوهاب أو محمود ذو الفقار أو
غيرهم وخصوصاً حسن الإمام، لأنه هو الذي صنع اسم {هند رستم} وأول من قدمني
في بطولة {بنات الليل} مع مديحة يسري ثم أتاح لي البطولة المنفردة في فيلم
{الجسد}.
·
هل تمنيت العمل مع مخرج ما ولم
تتحقق أمنيتك؟
كنت أتمنى العمل مع كمال الشيخ فهو مخرج كبير وكنت بالتأكيد سأتعلم
منه كثيراً، إلا أن الظروف لم تسمح بذلك.
·
مَن مِن الممثلين كنت تشعرين
بالسعادة بالعمل أمامهم؟
كنت أطمئن حين أعلم أن أمامي رشدي أباظة أو عماد حمدي أو فريد شوقي
فقد كانوا نجوماً كباراً، ومخلصين في عملهم، ويحبون من يعمل معهم ويعملون
على ظهوره بشكل جيد.
·
كل من يدخل مكتب يوسف شاهين يرى
صورة كبيره له مع {هنومة} من فيلم {باب الحديد}، ما يؤكد اعتزازه بتجاربكما
سوياً. لماذا لم تتكرر التجربة؟
أعتز كثيراً بأفلامي مع يوسف شاهين الذي قدّمت معه ثلاثة من أحب
الأعمال إلى نفسي، كان أولها فيلمه الأول بعد عودته من أميركا وهو {بابا
أمين} مع فاتن حمامة، ثم {أنت حبيبي} مع فريد الأطرش وشادية، وأخيراً {باب
الحديد}. بعدها عرض عليّ دوراً في أحد أفلامه، لكنني وجدته غير مناسب لي
فاعتذرت. وعلمت بعدها أن سعاد حسني اعتذرت عنه أيضاً، وبعد ذلك للأسف
الشديد لم تأت فرصة للعمل معه، على رغم أنني أقدّر يوسف شاهين وأعتبره
مخرجاً عالمياً.
ولا ننسى أن {جو} مُقدّر جداً في الخارج وقد رأيت ذلك التقدير بنفسي
في إحدى المرات حيث كان يكرم في أحد المهرجانات عن مجمل أعماله، وعندما ظهر
شاهين صفَّق 7000 متفرج وقوفاً لدقائق متواصلة، ووجدتني أبكي بشدة، لأنني
شعرت بقيمة الفن المصري.
·
ماذا عن ذكرياتك التي لا تنسى مع
شاهين؟
شاهين أثناء العمل متعب جداً وجريء ويريد من الممثلة التي أمامه أن
تكون جريئة… ممثلة جريئة. أذكر في أحد مشاهد {باب الحديد} أنه طلب مني أن
أجري في القطار وأقفز على الرصيف، فوقعت وأصبت ونقلت إلى المستشفى وطلب مني
الطبيب البقاء لأسبوع كامل في السرير، إلا أنني بناء على تعليمات شاهين
خرجت من المستشفى إلى التصوير.
·
وأي مِن مخرجي الجيل الحالي
يعجبكِ؟
يعجبني خالد يوسف بشدة، خصوصاً في فيلم {هي فوضى} الذي ساعد فيه يوسف
شاهين.
·
ماذا أعجبك من أفلام في الفترة
الأخيرة؟
{همام في أمستردام} الذي أعتبره أهم فيلم كوميدي في السنوات الأخيرة،
وهو أحلى ما قدّم محمد هنيدي وأحمد السقا، إذ بيَّن العلاقة بين المسلمين
والأقباط بشكل بسيط من دون شعارات على عكس فيلم {حسن ومرقص} الذي لم أستطع
مشاهدته لأنه بدأ بالتظاهرات، وعالج القضية بشكل مفتعل.
·
هل كان إنتاج الدولة يساعد برأيك
على إنتاج أفلام مهمة؟
بالتأكيد، فالدولة تملك الجرأة على تقديم الأفلام التاريخية المكلفة،
على عكس القطاع الخاص الذي لا يسعى إلا إلى الربح. الفنانون قديماً كانوا
يقدمون على إنتاج الأفلام، والفنان عندما ينتج يكون حريصاً على تقديم عمل
جيد إلى جانب الربح المادي.
·
هل فكرتِ في الإنتاج؟
شاركت في إنتاج فيلم {ست البنات}، أنا ورشدي أباظة… و{انضحك علينا}،
إذ عرض علينا المخرج حسام الدين مصطفى أن ندخل شركاء معه في الفيلم الذي
ينتجه بمجهودنا، وفعلاً مثّلنا الفيلم ولم نحصل على أي أموال بعد عرضه.
·
{مارلين مونرو… ملكة الإغراء}…
وغيرهما من ألقاب أطلقت عليكِ، هل كنت سعيدة بها؟
ستندهش إذا قلت لك إنني لم أقدم أي أدوار إغراء في حياتي، والملابس
التي أرتديها كانت هي الملابس المعتادة آنذاك، بالإضافة إلى شكلي الأجنبي
بعض الشيء وجسمي الذي كان يمتاز بالسمات الأوروبية… هذه العوامل كافة كونت
هذه الحالة، وكان الإعلامي مفيد فوزي هو أول من أطلق عليّ لقب {ملكة
الإغراء} وكنت سعيدة به جداً لأنه كلّه أنوثة، ولا توجد امرأة في الدنيا لا
تحب أن تكون رمزاً للأنوثة.
·
ماذا عن القبلات في أفلامك
والضجة المثارة حولها؟
لم تكن القبلات مثيرة لأنها كانت تتم في وجود المخرج والفنيين،
والأجواء كانت غير ملائمة لأي إحساس سوى التمثيل، وأنا شخصياً كنت {أقرف}
جداً من القُبل وكنت أتشاجر مع المخرجين وأسألهم {هو لازم يبقى في قبلات
عشان الناس تعرف إن البطل والبطلة بيحبوا بعض}.
قبلات ساخنة
·
من هو أكثر ممثل قدمت معه قبلات
ساخنة في الأفلام؟
رشدي أباظة أكثر ممثل مثلت معه عموماً.
·
هل كنت {بتقرفي} من قبلته أيضاً؟
نعم كنت {بقرف} جداً لأنني بطبيعتي لا أحب القبلة من الفم، حتى في حال
تقبيل الأطفال، فأنا أقبل حفيدي من جبينه، وهو كان يعلم ذلك وكان دائماً
يمزح ويقول لي {والله غاسل سناني متقرفيش مني}.
·
ما رأيك في الممثلات اللاتي
يرفعن شعار السينما النظيفة ولا للقبل والأحضان؟
السينما النظيفة ليست فنًا بل دعاية لمساحيق الغسيل. الممثلة التي
ترفض أداء مشاهد معينة أو دور معين تكون ضعيفة، ويجب أن تبتعد عن التمثيل،
لأن النماذج التي ترفض تمثيلها موجودة فعلاً في المجتمع ولا بد من إلقاء
الضوء عليها. عموماً، منذ عامين تقريباً اختلفت الحال وبدأنا نرى سينما
حقيقية معبرة عن جميع شرائح المجتمع، إلا أن بعض الفنانات لم يستطعن
التفرقة بين التمثيل والابتذال، وأصبحنا نرى مشاهد مسيئة.
كثير من الفنانات اللواتي يُتهمن بالابتذال يستشهدن بأفلامك ويقلن
{نحن نقدم إغراء مثل هند رستم}.
أرفض التشبيه بيني وبين هؤلاء الفنانات، فأنا لم أقدم طيلة حياتي
الفنية أي أدوار مبتذلة أو مشهداً خارجاً عن الدراما أو لمجرد الإثارة كما
يحدث الآن.
·
مَن تعجبك من فنانات الجيل
الحالي؟
منة شلبي، وحلا شيحة كنت أحبها جداً وحزنت لأنها تركت المجال الفني
فهي فنانة موهوبة، وكان يمكن أن تكون إحدى أهم الفنانات على الساحة.
·
هل أعجبتك نانسي عجرم عندما
ارتدت جلابية هنومة؟
نعم أعجبتني، فأنا أحب دلع نانسي كما أحب صوت إليسا ودلع هيفا وهبي،
وسعدت عندما علمت أن الأخيرة ستقوم ببطولة فيلم من إخراج خالد يوسف، وأتمنى
أن أراها في المسرح مع عادل إمام، وأعتقد أنهما سيكونان قنبلة فنية،
وسيحققان نسبة عالية من المشاهدة لأن كلاً منهما يملك جمهوراً كبيراً.
·
ما رأيك في جراحات التجميل التي
زادت نسبتها بين الفنانات؟
لا أرى أي عيب في أن تجري الفنانة جراحات تجميل كي تظهر بشكل أفضل
أمام جمهورها، فالله جميل يحب الجمال، ولا بد من استغلال التطور العلمي
والطبي للوصول إلى أفضل صورة ممكنة.
·
هل تتابعين التلفزيون؟
أحياناً.
·
ماذا أعجبك أخيراً؟
تعجبني الأعمال التركية جداً، لا سيما {نور ومهند} لأنه قدم الترابط
الأسري وشعرت أثناء مشاهدته بالبيت {بتاع زمان} حيث يجتمع الأبناء والأباء
والأجداد حول مائدة الطعام، كذلك أعجبتني جداً شخصية {نور}، فهي قوية
ومخلصة ومعتزة بشخصيتها.
·
ماذا أعجبك من الأعمال المصرية؟
لا أستطيع متابعة أي مسلسل مصري لأكثر من 10 دقائق، بسبب عدم وجود أي
جديد فالشخصيات مكررة والأحداث غير مثيرة، ولا أدري لماذا الإصرار على أن
تكون الحلقات 30 أو 40 حلقة، إذ يؤدي هذا إلى مط غير مبرر لجلب أكبر عدد من
الإعلانات، ما يضر بالدراما ويصيب المشاهدين بالملل.
·
شاركت فريد الأطرش التمثيل في
أكثر من فيلم ورقصتِ على أغانيه، فهل كنت تحبين هذه الأغاني؟
لم أكن {أطيق} أغاني فريد الأطرش، لكنني كنت أضطر الى الرقص عليها
بحسب تعليمات المخرج، إلا أنني أحب فريد على المستوى الإنساني فهو طيب جداً
وحنون.
·
إلى من تحبين الاستماع من
المطربين المصريين؟
لا أحب الأغاني المصرية نهائياً، ولم أحب سوى أم كلثوم وذلك منذ فترة
قصيرة بعد أن شجّعني زوجي على الاستماع إليها.
·
كانت علاقتك بالدكتور فياض وحبه
الشديد لك مثار إعجاب الكثيرين، فهل كان زواجكما تقليدياً أم عن قصة حب؟
كان زواجاً تقليدياً، إذ تعرفت إليه خلال عشاء مع أحد الأصدقاء وأبدى
إعجابه بي ثم تقدّم لزواجي.
·
هل أحببته قبل الزواج؟
أستطيع القول إنني أعجبت بمركزه وشخصيته، أما الحب فقد جاء بعد الزواج
والعشرة، بعدما اكتشفت أنه يملك طبيعة ملائكية. فلا أتذكر يوماً أنه أساء
إليَّ أو ضايقني، بل كان دائماً يعمل على راحتي بالسبل كافة، لذلك لم أحتمل
خبر وفاته وأصبت بجلطة، فالحياة من غيره صعبة جداً.
الأب الثاني
·
ماذا عن علاقته ببسنت، ابنتك من
زوجك السابق المخرج حسن رضا؟
كانت تحبه جداً فهي تعتبره أباً ثانياً لها، فهو رباها وربى ابنها
أيضاً وكان يعتبرها ابنته، ولم تشعر يوماً بأنه زوج والدتها.
·
هل اختلفت تربيتك لابنتك عن
التربية التي نشأت عليها؟
على العكس، كنت حريصة على تربيتها بالأسلوب نفسه الذي اتبعه والدي معي
وهو الصرامة والحزم، لأنني اكتشفت أن هذا الأسلوب ناجح جداً وأثر جداً في
حياتي، إذ تعلمت الالتزام والتمسّك بالأخلاق، فكان ممنوعاً مثلاً أن أبقى
خارج المنزل بعد السادسة مساءً، وكان أبي على علم بكل أصدقائي وتحركاتي.
·
هل فكرت ابنتك في الاتجاه إلى
التمثيل؟
هي تهوى الرسم منذ الصغر وشجّعتها على هذه الهواية ولم أحاول فرض أي
شيء عليها، ولو كانت تريد أن تدخل مجال التمثيل، كنت سأتركها تدخل ولكن من
دون أن أساعدها كي لا تُتهم بأنها غير موهوبة وأنها دخلت لمجرد أن والدتها
هند رستم فحسب.
·
ما رأيها في أعمالك الفنية؟
تحب بسنت أفلامي، وعندما لا يعجبها دور أو مشهد تبدي انتقادات لاذعة،
وعندما تجد لي فيلماً تظل تشاهده، ولا تدير مؤشر المحطة.
·
هل صحيح ما أشيع حول وجود خلافات
شديدة وقضايا نسب بينك وبين زوجك السابق حسن رضا؟
هذا كلام غير صحيح أبداً. كنا صديقين بعد الانفصال، كما كان صديقاً
لزوجي الدكتور فياض، وكانت علاقاتنا ممتازة ليس بها أي خلافات، ولا أعرف
مَنْ الذي نشر هذه الشائعة بعدما اعتزلت الحياة الفنية، ورفضت الرد عليها.
·
هل طاولتكِ شائعات أخرى أثناء
وجودك في الوسط الفني؟
تعرضت لشائعات كثيرة، أذكر منها شائعة وجود علاقة بيني وبين المخرج
حسن الإمام، على رغم أنني كنت أعتبره والدي وكان هو متزوجاً وكانت تربطني
علاقة جيدة بزوجته، كذلك شائعة انتشرت بعد فيلم {شفيقة القبطية} إذ قيل
إنني مسيحية، وطبعاً كنت أتجاهل هذه الشائعات كافة التي أعتبرها ضريبة
الشهرة.
·
هل كان لك أصدقاء من الوسط
الفني؟
للأسف، لم تكن لي صداقات في الوسط الفني، وكنت في الإجازات أفضّل
السفر، علماً أن علاقات المودة والمحبة هي التي ربطتنا في الوسط الفني، لكن
كان لدي بعض الفنانين المقربين مثل رشدي أباظة.
·
هل كنتم تتابعون أعمال بعضكم
البعض؟
ليس بشكل دائم لأن كل فنان كان مشغولاً بأعماله، لكن عندما أشاهد
عملاً جديداً له، كنت أهنئه، وهو أيضاً كان يفعل ذلك باستمرار.
·
ألم تشاهدي دوراً لفنانة أخرى
وتشعرين بالغيرة من هذا الدور وتتمنين لو كنت أنت التي أدّيته؟
لم يحدث هذا لأنه كانت لدي كبرياء ولا يمكن أن أشعر بالغيرة من فنانة
أخرى.
·
ألم تكن ثمة غيرة بين الفنانين
في ذلك الوقت؟
بالطبع الغيرة موجودة في كل الأوقات خصوصاً بين الفنانات لأن الغيرة
طبع نسائي، لكنها كانت غيرة إيجابية، وكانت كل واحدة تسعى الى أن تكون أفضل
من ذي قبل، وليست غيرة هدامة كما نرى الآن.
ما هو الاختلاف برأيك بين العلاقات في الوسط الفني في الفترة الحالية
وبين أيام زمن الفن الجميل؟
الاختلاف الجوهري هو الاحترام الذي كان موجوداً بين كل فناني تلك
الفترة وأصبح مفتقداً الآن، فأنا أذكر أنني كنت أجلس باحترام مع المخرج حسن
الإمام احتراماً لمكانته على رغم أنني كنت وصلت إلى مرحلة النجومية لكني
كنت دائما أعرف قدري بشكل صحيح، كذلك كان الفنانون الكبار يتعاملون مع
الوجوه الجديدة بكل حب ومن دون تعال كما يحدث الآن.
·
ما رأيك في الأجور الخيالية التي
يحصل عليها الفنانون الآن؟
أسمع عن أرقام غريبة وملايين كثيرة، لكن بالتأكيد أي منتج لن يدفع
لفنان من دون أن يحقق عائداً من ورائه سواء من خلال دور العرض أو الإعلانات
في المسلسلات لكني أتعجب من الفنانين الذين يحصلون على أجور خيالية من دون
أن ينفقوا على الملابس والأكسسوارات في أعمالهم. على رغم هذه الملايين إلا
أنني أعتقد أن {الفلوس} كانت قديماً لها قيمة أكثر بكثير من اليوم، فمع
أننا لم نكن نحصل على هذه الأموال إلا أننا كنا ننفق أكثر منهم الآن على
الملابس والمظهر.
·
هل كونت ثروة من الفن؟
لم يحدث لأننا لم نكن نتقاضى مبالغ كبيرة، اعتزلت قبل أن تصل الأجور
إلى هذه الأرقام الكبيرة، وبالنسبة إلي لم أحقق أي ثروة من الفن لأنني كنت
أنفق بسخاء على أعمالي وأعيش حياة من الرفاهية وبعد الاعتزال كان زوجي ينفق
عليّ، كأي زوجة مصرية.
·
دائما ما كانت الخمور ضيفاً
دائماً في الأفلام القديمة لدرجة شعر معها المشاهد أنها جزء من حياتكم، هل
كنت تتناولين هذه المشروبات بكثرة؟
على العكس تماماً، لم أحب يوماً أن أتناولها وذلك ليس لمعايير أخلاقية
أو دينية فحسب ولكن دافعي كان عدم الإضرار بنفسي وعقلي، وكنت لا أجلس على
{ترابيزة} تقدم عليها هذه المشروبات لأنني لا أضمن رد فعل الجالسين عليها
إذا حدث وغيبت عقولهم بسبب الخمور.
احترام الصحافة
·
ما رأيك في الصحافة وعلاقتها
بالفنانين هذه الأيام، هل اختلفت عن أيام زمان؟
في أيامنا لم تتدخّل الصحافة في الحياة الشخصية وكان تركيز النقد على
أعمال الفنان وليس على حياته الشخصية، وكان الفنانون يحترمون الصحافة
والنقاد بشكل كبير جدا، لدرجة أنني اتصلت في إحدى المرات بناقد لا أتذكر
اسمه في الوقت الراهن لأشكره لأنه انتقدني بشكل لاذع، حين قدمت فيلماً من
الأفلام الأربعة للعائد المادي فحسب، فكتب هذا الناقد واستنكر ذلك وقال
{إذا كنت تمثلين بدون رغبة فما ذنب جمهورك الذي ذهب إلى السينما ودفع
أموالا من أجل أن يراك}، فشكرته لأنه شعر بي ووجهني بشكل سليم، لأني أؤمن
بأن دور النقد ليس المدح فحسب ولكن أيضاً التوجيه والتقويم، وأنا أعتبر
النقاد شركاء معي في أدائي ونجاحي.
·
من يعجبك الآن من النقاد؟
طارق الشناوي فهو ناقد متميز، كذلك ماجدة خير الله، أما رفيق الصبان
فهو {شيك} جداً ومهذب ويصلح لأن يكون سفيراً وليس ناقداً.
·
لماذا ترفضين جوائز الدولة
والنقاد؟
لا أرفض الجوائز كافة فقد فزت بأول جائزة كأحسن ممثلة من نقابة
الصحافيين في آخر أفلامي {الجبان والحب}، وكنت سعيدة جداً بها. لكن ثمة
جوائز كثيرة تفقد قيمتها بعد أن يحصل عليها فنانون أو فنانات أرى أنهم أقل
مني، وبعد ذلك تقدم إليّ فلا أشعر بقيمتها وأرفضها لأنها لن تضيف إليّ في
هذه الحالة.
يتردد أن الفنانين كانوا على علاقات قوية بأهل السياسة، فهل كانت لك
علاقة بالمسؤولين في هذه الفترة؟
لم تكن لي أي علاقة بأي مسؤول وكنت أكره السلطة وأكره التعامل مع
المسؤولين أو مع من يتعامل معهم، وأذكر أننا كنا يوماً نصوِّر أحد المشاهد
فقالوا إننا سنتوقف لأن يوسف السباعي لديه بعض الأعمال في الاستوديو
فانفعلت وقلت: {هنوقف الشغلانه علشان يوسف السباعي}، فإذا به يقف ورائي
ويقول: {معلش محدش قاللي انكوا هنا يا أم لسان طويل}.
·
كانت لك ضحكة مميزة بين
الفنانات، فهل كانت مفتعلة أم هي ضحكتك الحقيقية؟
كانت ضحكتي وقد فكرت في تغييرها في البداية لأنها كانت تشبه ضحكة
الرجال، إلا أن من حولي نصحوني بعدم تغييرها لأنها كانت متميزة، أما مشيتي
فقد غيرتها لأنها كانت مشية عسكرية مثل مشية أبي بما لا يتناسب مع الأدوار
التي أقدمها.
·
ما هو تاريخ ميلادك الحقيقي؟
12 نوفمبر 1931 فأنا من مواليد برج العقرب.
·
هل تؤمنين بالأبراج؟
لا أؤمن بها، لكن أحب أن أقرأ عنها فأنا أحب المعرفة عموماً.
·
ما هي هواياتك الأخرى؟
أحب ركوب الخيل ولعب {السيجا} وكنت أرسمها بالطباشير وألعبها مع
الأطفال حتى فترة قريبة.
·
هل تعلمت في مدارس عربية أم
أجنبية؟
كنت أدرس في المدرسة الألمانية إلا أنني فصلت منها لأنني كنت {أعض}
الأطفال وأسبهم وأضربهم بقسوة، إذ كنت عنيفة جداً مثل والدي، فهو كان
ضابطاً كبيراً وتعلمت منه أموراً كثيرة منها العنف في التعامل أحياناً.
·
لماذا لم تفكري في كتابة مذكراتك
أو تقديمها في عمل درامي، لا سيما أن حياتك ثرية؟
عرضت عليّ أكثر من قناة تلفزيونية أن أقدم مذكراتي مقابل مبالغ طائلة
وصلت لاثنين مليون دولار من إحدى القنوات، إلا أنني أرفض أن تكون حياتي
وسيلة تسلية للناس، كذلك لم تعجبني أي من أعمال السيرة الذاتية التي قدمت
ورأيت أنها شوّهت صورة بعض الفنانين.
·
ما أكثر شيء تكرهينه؟
أكره المجاملة ولا أحب أن أقول إلا ما في قلبي، أذكر أنني مرة كنت في
عزاء والد إحدى صديقاتي وحاولت أن أجاملها فقلت لها {عقبال البواقي}
فانزعجت جداً، وانتبهت الى هذا الخطأ ومن ذلك الوقت قررت ألا أقول إلا ما
أشعر به.
·
أي من الفنانين ظلّ على تواصل
معك بعد الاعتزال؟
في الفترة الأخيرة، أصبح عددهم محدوداً جداً من بينهم سمير صبري
ونبيلة عبيد ونادية الجندي، كذلك كنت على تواصل مع المخرج يوسف شاهين حتى
وفاته.
·
كيف تمضين وقتكِ الآن؟
بطبيعتي أحب البقاء في المنزل. حتى قبل الاعتزال كنت قليلة الخروج،
ولا أحب السهر في الخارج، لذلك أمضي وقتي الآن مع ابنتي، وأحياناً في
مشاهدة التلفزيون، والاستمتاع بالجلوس مع حفيدي عندما يأتي إلى المنزل. ولا
أحب الخروج كثيراً، خصوصاً مع ما نسمعه هذه الأيام من وقوع جرائم لم نكن
نسمع عنها في الماضي، عندما كان الشباب يحمون الفتيات في الشارع ولا
يتحرشون بهن كما يحصل راهناً.
الجريدة الكويتية في
10/08/2011 |