كل
يوم من أيام
الدورة الرابعة والستين لمهرجان «كانّ» السينمائي، المنتهية مساء أمس الأول
الأحد،
«ماراثون»
حقيقيّ لجمهرة النقّاد والصحافيين والإعلاميين، الذين ازدحم بهم
الـ«كروازيت». ذلك أن جدولة العروض زخرت بعناوين لا يمكن إغفالها، أو
الاستهانة
بها. عروض الصحافة، الثامنة والنصف صباحاً، شهدت يوماً بعد آخر
حشوداً كبرت مع كل
فيلم حمل توقيع قامة إخراجية مميّزة. فتفويت العرض يتحوّل إلى انتقاصٍ
وسُبّة
وتخلّف عن ركب المهووسين بالتسابق وحجز الكراسي لامثالهم. معارك دخول
«القاعة
الكبرى» في «قصر المهرجانات» معقودة لثلاثة عروض: «شجرة
الحياة» للأميركي تيرنس
ماليك (السعفة الذهبية)، «ميلانكوليا» للدانماركي لارس فون ترير (فازت
الأميركية
كريستين دانست بجائزة أفضل ممثلة، عن أدائها فيه دور شقيقة صغرى تُصاب
بالكآبة، قبل
اصطدام كوكب غامض بالأرض، وإبادة الحياة منها)، و«الجلد الذي أحيا فيه»
للإسباني
بيدرو (المُظفر) ألمودوفار. عندما بدأت مضاربات التخمين، بدا التجاذب حاداً
وعدائياً بين مناصري الفيلمين الأوّلين. لكن المزاج العام شهد
هزّة قناعات، مع عرض
الفيلم المدهش «الفنان» للمخرج الفرنسي ميشيل آزانافيسيو، الذي ذهب فيه إلى
قلب
الانقلاب الحاسم للسينما كصنعة بين الصامت والمصوّت (فاز بطله الفرنسي جان
ديجاردان
بجائزة أفضل ممثل، عن أدائه فيه دور نجم أيام حقبة الفيلم
الصامت، وانهيار عالمه
إثر دخول الصوت إلى سينما هوليوود). وعلى الرغم من ذلك، بقي الجميع رهينة
قرار
الممثل والمخرج الأميركي روبرت دي نيرو ولجنة التحكيم التي ترأّسها،
والمحاصصة التي
أجروها بين أفلام، تضاربت حكاياتها الكالحة وعنف شخوصها. قبسٌ
سينمائيّ جاء انتصار
دي نيرو لمواطنه حاسماً. إذ قدّم ماليك (1943) قبساً نورانياً سينمائياً،
شحذ
الضمائر بحدود الوجود وسؤاله العصيّ. في «شجرة الحياة»، بناء صُوَري للكون
وبشره،
للخليقة وربِّها، للكينونة ومستقبلها، للعائلة ومسابرها، للموت
وغموضه، للطبيعة
واستحقاقاتها. إنه برج بابل سينمائي، اعتمد على لوحات تداخلت فيها الأزمنة
والألوان
والإيمانات. الأبطال فيها لُعبٌ صوفية، تربّت على صوغ يومياتها القدرية من
دون
تدخّل للحظوظ، على أساس أن ما يعيشه المرء مرسومٌ له، ومرصود،
ومعروف بنهايته.
تساءل فيلم ماليك، ابن «أوتاوا» في «إيلينوي» ومخرج «بادلاندز» («الجائزة
الكبرى»
في «مهرجان سان سباستيان» الإسباني في العام 1974) و«أيام الجنة» (جائزة
«أفضل
مخرج» في مهرجان «كانّ» في العام 1979)، عن موقع العقل في فهم القضاء
والحُكْم
والنوائب، من دون إغفال أهمية قيادة مشاهده داخل أوديسا سيرورة
التكوين. فالسديم
الذي تجمّع بإرادة ربّانية، وتفجّر في وقت لاحق، كان الغرض منه خلق الحياة
التي
توجب على ساكنها النظر إلى ربّه، والبحث عن حقيقته. في مونولوغها الطويل،
ناشدت
الأم السماء وهي تُشكّل برزخنا الحياتي قائلةً بلوعة: «ربّاه،
أين أنت؟»، وطارحة
السؤال الجوهري الذي يدور حوله الإيمان المطلق.
يُمكن اختزال الخطّ الدرامي
لـ«شجرة الحياة» على النحو الآتي: ذكر وأنثى يتزوجان
ويُخلّفان، ويواظبان على عيش
حياة مُثلى، ويسعيان إلى النشأة، وينتظران الآخرة. ما الذي يغيّر تراتب
المواقيت؟
الموت، ولا شيء آخر. فعند رحيل أحد الأبناء، تحوّلت الحياة إلى مأتم شخصيّ
للابن
البكر جاك (شون بن)، الذي تنوس روحه بين الخسران والعَتَب.
فالأول خطف منه رفيق
طفولته ومكمله العائلي. والثاني، لأنه لم يَعد نفسه سلفاً لمعركة غير
متكافئة، يكون
فيها الموت سيداً وهو المهزوم في وقائعها بالأحوال كلّها. جاك بين عالمين:
يفاعته
المتمثّلة بامتحانات قوّته البدنية، وارتكابه الحماقة الأولى،
وهوسه الجنسي الأول،
وطرحه السؤال حول النَّشْأة الأخرى. أثناء تجوّله في رجولته ضمن غابة عصرية
من
البناء الكونكريتي والمعدن، حكى لمحيطه عن النزع الفردي الذي استهدف الصفاء
الذاتي.
جاك أشبه بروح حداثية هائمة تنتظر ميتتها التي تأخّر موعدها. حاول «هندسة»
العالم
من حوله، بقدرة السؤال الذي يجب عليه أن يولّد قناعات راسخة في الإيمان
والبقاء
والزوال، في نهاية الخيط الذي قاد البطل المكلوم إلى الطبيعة،
باعتبارها خازنة
السرّ المعقد. صَحَبه المشاهدون إلى الحياة الأخرى، المتمظهرة له على شكل
موقع مائي
هو أساس كل شيء حيّ. لم يتحوّل جاك إلى صنو لوالده العصاميّ السيّد أوبراين
(براد
بيت)، الساعي إلى تربية متزمتة قائمة على الإيمان والطاعة
والولاء والشدّة، بل
تجبله الحياة كراع لتاريخ عائلي لا يتوجّب انقطاعه، وهو كالخارطة
البيولوجية ولاّدة
أجيال لن تنتهي حتى الحتف الربّاني.
بدأ مخرج «الخط الأحمر الرفيع» (1998)
جديده هذا بنور إلهيّ تأسّس عليه الكون وأحقابه. وخَتَم الساعتين والدقائق
الثماني
عشرة بالشعلة نفسها. وبينهما، خطفنا مدير التصوير إيمانويل لوبيزكي (صَوَّر
لماليك «العالم الجديد» في العام 2006) بكَمّ وافر
من دهشة الصورة المرافقة لقصّة الخليقة،
ووقائع نواميس الطبيعة، ومطالع الفُلك، وأسس الإيجاد. لم
يُخالف البناء البصري هذا
عند مقاربة العائلة. فالأم وهي في جذالاتها طائرةٌ أمام أطفالها. كما
كَثَّف (تعاون
ستة أشخاص على إنجاز المونتاج) إحالات أعمارهم إلى شذرات وقت، ورفقة
الأصدقاء إلى
لعب للبراءة، ولقاء الموت الأول (موت الصبي الجار غرقاً) إلى
بصيرة للخوف، وهكذا.
إن «شجرة الحياة» استكمال بهيّ لـ«2001: أوديسا الفضاء» (1986) لمواطنه
ستانلي
كيوبريك، من باب الفصاحة السينمائية المحتفلة بالنعمة الإلهية، التي شكّلت
كوننا،
وهيّأت لبشره مقام العيش ومثوى الموت.
لم يخن مهرجان «كانّ» المخرج التركي
الموهوب نوري بيلجي جيلان هذه المرّة. فقد عبّر عن دهشته،
بتوجّهه إلى دي نيرو
وأعضاء لجنته التحكيمية بالقول، إثر تسلّمه «جائزتها الكبرى» عن جديده «كان
يا ما
كان في الأناضول»: «صدقاً، لم أتوقّع هذا. فكّرت أنه سيكون مضنياً لكم»،
وهذا كلّه
إثر الإعلان عن تكريمه مناصفةً مع الأخوين البلجيكيين جان بيار ولوك داردن
وفيلمهما
الأخير «الصبي ودرّاجته الهوائية»، واستكمالاً لـ«جائزة
الإخراج» التي حصدها في
العام 2008 عن فيلمه الباهر «ثلاثة قرود». هذه المرّة، تخلّى جيلان عن أكثر
صفاته
السينمائية تمايزاً: الصمت. فقد أغرق فيلمه الطويل (157 دقيقة) بوافر
الكلام، الذي
ملأ سكون ثقيل الوقع، صَاحَبَ عمليات البحث الجماعي عن جثة مغدور في قرية
أناضولية
نائية. فريق المدّعي العام ملزم الوصول إلى موقع الجريمة. هناك
اثنان ينوس في
روحيهما قلق الغدر. الطبيب الشاب جمال (محمد أوزنير) والمشتبه به المواطن
الهامشي
كنعان (فرات تانيس). الأول رأى أن الناس يقتلون بعضهم البعض في لحظة خطل
شخصي
وحماقات، بينما يكون صمت الثاني دليلاً على لوعته بخيانة رفيق
استضافه مع متّهم
آخر، قرّرا قتله غيلة ودفنه عند شجرة قرب تلّة، بعد جلسة سكر لن يُعرف ما
دار فيها.
بيد أن الأمر لا يتوقّف عند حدّ اكتشاف
الجثّة بعد 85 دقيقة من التصوير الليلي، وهي
مشاهد أخّاذة في معمارها البصري (تصوير قدير لقوخان تيرياكي)،
ولا مثيل في صنعتها
وتأثيرها الصادم. إذ كشف صاحب «غيوم أيّار» (1999) غَدْراً آخر، بطله
المدّعي العام
ناجي (يلماز أردوغان)، الذي أخفت ملاحمه بشأن شكله القريب من النجم
الهوليوودي
كلارك غيبل، عن كائن سافل غرق في لعبة زنى وإغواءات مع نسوة،
دفعت زوجته إلى
الانتحار. اعترافات اعترف ناجي للبطل الشاب بأنه لا يملك زمنه. رمى في وجهة
قناعته
أن «النساء عديمات الشفقة». هذا الاعتراف الغامض تولَّد في داخله رغماً
عنه، إثر
الجذوة التي صعقت كيانه بجمال الصبية التي قدّمت الشاي لهم في زيارتهم بيت
مختار
القرية. إنها الفتيل الذي أشعل روحه إلى الأبد، وأوقعه في
مُرِّ الندم الذي مثّلته
دموعه. في المقابل، رأى الطبيب جمال أن الخسّة ملمح جماعي لا يستثني الأميّ
أو
النافذ، وأن المشكلة واقعة في فصل القانون بين طبقتيهما ونوعية عقابهما.
قرّر جمال،
إثر لقائه ابن المغدور وأمّه، أن العقاب لن يوصلهما إلى الطمأنينة أو الثأر
أو ديّة
الدم. إنهما كائنان خسرا المُعيل والضامن. حسم أمره بشأن دليل
الجريمة المريعة،
المتمثّل بوجود تراب في أقنية تنفّسها، بمعنى دفنها وهي حية. أعلن لكاتب
العدل أنها
نظيفة وخالية من أي إثبات طبي يُمكنه سوق المشتبه بهما إلى حبل المشنقة.
فالحدث ليس
في القصاص بحدّ ذاته، بل في واقع لن تغيّر تفاصيله أو مساره حياة الضحيتين
الأخريين، أي الأم وصبيها، اللذين أغلق عليهما مخرج «بُعد»
(2003) و«مناخات» (2006)
نافذة المستشفى، حيث يبقى السرّ مدفوناً إلى الأبد.
إلى ذلك، حصل الأخوان داردن
على «سعفتين ذهبيتين» سابقاً، وهما «معبودان» في مهرجان
«كانّ». لكن فيلمهما الجديد
«الصبيّ
ودرّاجته الهوائية» لا يستحقّ تكريماً بهذا الحجم، بل كان من الواجب
الالتفات إلى الفيلم المحكم للفنلندي آكي كوريسماكي «لو هافر»، أو نظيره
الفيلم
الحيوي للإيطالي باولو سورينتينو «لا بُدّ أن يكون هذا هو
المكان»، وتخصيص المناصفة
لهما مع جيلان. في جديد داردن، رسم لدائرة عائلية ناقصة الضمير: أب شاب
تخلّى عن
يافعه المتمرّد على الجميع، قبل أن تُقرّر حلاّقة الشعر سامانثا (سيسيل دو
فرانس)
ضمّه إلى رعايتها كأم بالاستعارة. قوّة الفتى سيرل (أداء عالي الجودة
لتوماس دوريّ)
كامنة في حقّه بعائلة متكاملة العدد
والانتماء والهوية. بيد أن ظروف العائلة
الأوروبية العصرية كسرت التزاماتها. وكما هو انتقاصها، كان على
سيرل المرور بعلاقات
غير متكافئة، مستفيداً في جيلانه الطويل باستخدام درّاجته الهوائية، قبل
التورّط
بحادث اعتداء سرقة، قام بها تحت وطأة علاقة شاذّة مع ابن شوارع، وإيمانه
بأن
غنيمتها ستنقذ الأب من ورطة حاجته إلى المال، وهو ما رفضه
باعتباره المال هذا
ملوّثاً بجريمة، فإذا به يطرد الإبن نهائياً من حياته. عليه، لن يكون ملاذ
البطل
الصغير سوى صداقة سامانثا، واندماجه مع محيطها.
احتوى الفيلم على عناصر سينما
الاخوين داردن، خصوصاً في ما يتعلّق بحساسيتهما الاجتماعية،
وتحاملهما على السلطات
التي لا تجد سوى العقاب وليس إعادة التأهيل لإذلال الضحايا. كما أنهما
حافظا على
شبابية أبطالهما، والإطلالة على القلق العصري الذاهب ببراءتهم، وصناعة
القرار
العقلاني الذي عليه أن يقودهم إلى أمان اجتماعي، ورفاهية حقّة.
السفير اللبنانية في
24/05/2011
خلال حفل ختام الدورة الرابعة والستين وبمشاركة العديد من
النجوم
«شجرة الحياة» حصد «الذهبية» والكبرى
مناصفة بين بليج والأخوين داردين
عبدالستار ناجي
أعلنت لجنة التحكيم لمهرجان كان الرابع والستين برئاسة روبيرت دي نيرو
الفائزين في حفلة الاختتام للمهرجان والتي تم الاعلان عنها كالتالي السعفة
الذهبية لأفضل فيلم نالها المخرج الأميركي تيرنس ماليك عن فيلمه (شجرة
الحياة) اما الجائزة الكبرى فقد حصدها بالتعادل قال من المخرج التركي نوري
بلجي جيلان عن فيلمه (حدث ذات مرة في الأناضول والمخرجان البلجيكيان جان
بيير ولوك داردين عن فيلمهما (الطفل ذو الدراجة) واما جائزة لجنة التحكيم
تم منحها للممثلة الفرنسية مايوين لو بيسكو عن فيلما «بوليس» وأفضل مخرج
ذهبت للدانماركي نيكولا ويندينج ريفن عن فيلم «القيادة» وجائزة أفضل ممثل
نالها الفرنسي جان دوجاردين عن دوره في فيلم (الفنان) وجائزة أفضل ممثلة
ذهبت للأميركية كريستن دانست عن دورها في الفيلم الدانماركي (كآبة ) واما.أفضل
سيناريو تم منحها لجوزيف سيدار عن فيلم (هامش) وجائزة الكاميرا الذهبية
للمخرج بابلو جورجيلي عن فيلم «لاس أكاسياس»،
وتم منح جائزة السعفة الذهبية للمخرج الأميركي تيرينس ماليك عن فيلمه
The Tree of Life. بعد أن قامت الممثلة جان فوندا بتسليمه الجائزة
وقد صرح المنتج بيل بوهلاد الذي تسلم الجائزة بالانابة عن المخرج قائلا:
«لطالما وددت التكلم باللغة الفرنسية وهذا المساء أكثر من أي وقت مضى، يجب
أن أقوم بأداء دور كبير هذه الليلة. ان تيرينس ماليك خجول جدا ولا يحب
الظهور لكني حدثته اليوم وأعرف انه مسرور بحصوله على هذه الجائزة. لقد كان
The Tree Of Life مسيرة طويلة لكن الامر كان ستحق العناء. أود ان
أتقدم بالشكر بشكل خاص لمهرجان كان».
اما المخرج نيكولاس ويندنغ ريفن بعد أن تلقى الجائزة على يد الممثلة
والمخرجة نيكول غارسيا قال ان «حصوله على هذه الجائزة لشرف عظيم لأن
السينما وسيلة للتعبير لأي مخرج. شكرا لتييري فريمو، شكراً للجنة التحكيم
وذوقها الرفيع، شكرا لأمي التي لطالما قالت لي انني عبقري شكرا لرايان
غوسلنغ الذي أتاح لي اخراج هذا الفيلم وأخيرا شكرا لزوجتي».
وبعده قامت الممثلة شيارا ماسترواني بتسليم جائزة لجنة التحكيم لفيلم
Polisse من اخراج مايوين التي قالت: قالت لي ابنتي بأنني لن أستطيع أن أستلم
الجائزة بدون بكاء أود أن أشكر تييري فريمو لاختياره فيلم
Polisse
وأيضا الناس الذين دعموني منذ سبع سنوات. كما أود أن أشكر طاقم فيلم
Polisse الذي لولا دعمه لما وصلت الى هنا ومكتب القاصرين الذي مكنني من
مراقبة بؤس الناس».
وبعدها تحدث المخرج التركي نوري بيلج عن شعوره بعد حصوله على الجائزة
فقال: هذه الجائزة تتجاوز كل توقعاتي، اخراج هذا الفيلم لم يكن سهلا، خاصة
أنه عرض في نهاية المهرجان، وظننت أنّ أعضاء لجنة التحكيم والصحافة
والجمهور لن يشاهدوه باهتمام لأنهم شاهدوا أفلاما كثيرة. آمل أن تكون جوائز
من هذا القبيل مفيدة للسينما التركية وللجيل الصاعد من المخرجين».
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
24/05/2011
{كان}.. أزمة تولد صــخبا كبيرا
الياس توما
اتصفت الايام الأولى من الدورة 54 لمهرجان كان السينمائي الدولي
بالصخب أكثر من الدورات السابقة، فبعد سنوات من الأزمة التي ألقت بثقلها
على الحياة السينمائية اكتظ السجاد الأحمر الذي فرش على الأرض بالنجوم،
وأيضا صالات العرض التي دخلتها هذه النجوم ليس فقط للاطلاع على الأفلام
الجديدة، وإنما للمشاركة في لجنة التحكيم، فيما توجب على أحد المخرجين حزم
حقائبه ومغادرة «كان» وذلك لأول مرة في تاريخ عروض هذه المهرجان.
المشاعر
يصعب القول كيف كان رد فعل رئيس لجنة التحكيم الدولية روبرت دي نيرو،
عندما شاهد الحفل الافتتاحي الكبير لليدي غاغا، لكن ما هو معروف بشكل مؤكد
هو أن الصوت الجميل لمغني وعازف الجاز جيمي كولوم قد سحره، لأن هذا العازف
أهداه عند افتتاح المهرجان أغنية «نيويورك نيويورك»، ولذلك لوجود الممثل
الأميركي الشهير في وضع كادت الدموع تنزل من عينيه.
الخطوة الثابتة
إن هذا الأمر ليس له علاقة عمليا بعالم السينما، ولكن الأمر سيان،
فنحن في مهرجان كان والسجاد الأحمر هو بمنزلة المنغاطيس، ولذلك فان كل واحد
يمر عليه ينتظر الثناء بصوت مرتفع، لأن المرور على السجاد الأحمر في كان
يعني أن الشخص قد أظهر موهبة في أمر ما بغض النظر عن هذه الموهبة.
أما عارضة الأزياء الشهيرة ايفا هيرزيغوفا فقد نجحت في جعل الحذاء
الذي كانت ترتديه يظهر في مختلف وسائل الإعلام العالمية، الأمر الذي أسعد
المخرج بيدرو المودوفارو المختص بالكعب العالي.
السنجاب
لم تحضر جودي فوستر إلى المهرجان هذه المرة كممثلة وإنما كمخرجة لفيلم
«السنجاب»، وقد تلقت أثناء العرض الأول للفيلم استقبالا عاصفا تمثل
بالتصفيق الحاد لها وقوفا من المشاركين وذرف الدموع من زملاء لها.
علقت على هذا الأمر بالقول «إنني لم أعش مثل هذا الأمر في حياتي»، أما
ميل غيبسون الذي لعب الدور الرئيسي في فيلمها فلم يقل شيئا.
الشجرة ودب الباندا
لن يكون مهرجان «كان» مهرجانا بالمعنى الكبير للكلمة إذا لم يحضره
النجمان الكبيران اللذان يشكلان موضع اهتمام المصورين، وهما براد بيت
وأنجلينا جولي.
فبراد حمل معه إلى المهرجان فيلم «شجرة الحياة»، فيما أخذت زوجته
انجلينا جولي معها أولادهما لمشاهدة الجزء الثاني من فيلم الرسوم المتحركة
«كونغ فو باندا»، ويقال انها خافت قليلا لأن الدب في الفيلم علم بأنه قد
جرى تبنيه، ولذلك بدا البحث عن والده البيولوجي (الأمر الذي يمكن أن يخطر
ببال احد أولادهما).
اسم بالملايين
وودي آلن ماركة معتبرة، ولذلك إذا أردتم شراء فيلم له فيتوجب عليكم أن
تضعوا على الطاولة مئات الآلاف، والأخذ بالحسبان أنكم عمليا لن تشاهدوا حتى
العرض الأول سوى اسم آلن على العقد، لأنه هكذا كما قيل باع فيلمه «منتصف
الليل في باريس» الذي افتتحت عروض الأفلام فيه في كان.
ويقال انه في الفترة التي بيعت فيها حقوق التوزيع للفيلم، فإن المخرج
لم يكن بحوزته سوى الاسم من دون أي قصة.
ميني كان
البريطاني اندي غرينهووس لديه المهرجان في سيارة شحن صغيرة يقوم
بتوقيفها مباشرة في شارع كرواست، ثم يقوم بإخراج بعض الكراسي، ويبدأ العرض،
أما محتوى برنامج العروض فيتغير من عام إلى عام، في حين تبقى الأجواء
نفسها، فالناس يحبون صالة العرض الصغيرة له.
النساء و«كان»
في السابق كانت النساء الباحثات عن الشهرة من ذوات الصدور العامرة
يشغلن شواطئ كان، أما الآن فيأتي مكانهن نجمات الأفلام الإباحية، لكن من
دون تعرٍّ، فممثلتا الجنس والنساء بالتقنية الثلاثية الأبعاد يوكيو سو
وفوني لوي عرضتا نفسيمها مطولا، غير أن ذلك لم يجلب لهن أي ادوار.
قط المودوفار
يعتبر الممثل انتونيو بانديراس بالنسبة للمصورين هدية من السماء،
ولذلك فعندما روج مع الممثلة سلمى الحايك فيلم مغامرات «القط من شريك»،
اضطر بسبب ذلك إلى الصعود على حذاء ضخم نصب عند الشاطئ، وتصرف كولد وبالشكل
نفسه تصرف عند عرض فيلم أكثر جدية بكثير يشارك في المسابقة لبيدرو
المودوفار.
القرصان المحب للناس
عندما وصل «قراصانة الكاريبي» إلى كان لم يكن بالإمكان التحرك في شارع
كرواست، فعشاق هذا الفيلم انتظروا الكابتن جيك، وحتى عندما سقط المطر وكان
بحوزة عدد قليل من الناس المظلات، فإن الناس انتظروا، الأمر الذي ثمنه
الممثل جوني ديب، وقد قام بالتوقيع على صوره أكثر من أي وقت سابق للناس،
وتوجب على الحراس الشخصيين له سحبه بكل ما في هذه الكلمة من معنى من السجاد
الأحمر.
معتز بنفسه لكنه غير مرغوب
على خلاف الآخرين، فإن المخرج الدانمركي لارس فون تريز لم يتمكن من
مشاهدة السجاد الأحمر، لأنه لم ينتبه إلى ما يقوله في مؤتمر صحفي، ولذلك
سقطت من فمه عبارة أنه نازي، وأنه يتفهم هتلر، ثم حاول ومن دون فائدة
الاعتذار وتفسير ما قاله، مقدما الأمر على انه دعابة، غير ان منظمي
المهرجان طردوه فورا.
عضوة التحكيم الكبيرة
كان لدى عضوة لجنة التحكيم الممثلة أوما ثورمان مشكلة كبيرة بسبب
قامتها المرتفعة فوق الآخرين، وحتى فوق رأس رئيس لجنة التحكيم، ولأن السمو
فوق القادة أو المديرين غير مرحب به، فقد تعلمت تقديم نفسها أثناء التصوير
وهي منحنية قليلا.
القبس الكويتية في
24/05/2011 |