خيم الموقف المعادي للمخرج الدنمركي "لارس فون تراير" من قبل إدارة
المهرجان على الأجواء في "كان"؛ حيث شعر عديد من النقاد والفنانين أن
المهرجان الذي يعلي من شأن الحرية يتراجع أمام كلمات أخذت ملمح السخرية
أدلى بها "تراير"، ثم أعلن بعد ذلك التراجع والاعتذار لليهودي، الذي قال
مستطردًا في محاولة لامتصاص الغضب: "إنه يهودي بالميلاد"؛ حيث إنه كان
يعتقد ذلك قبل أن يكبر ويكتشف أن أباه اليهودي ليس أباه الحقيقي، كما أن
زوجته يهودية وأن أبناءه بالتبعية يهود.
وعلى الرغم من ذلك، فقد صدر قرار لجنة إدارة المهرجان برئاسة "جيل
جاكوب" باعتبار أن المخرج الدانمركي شخصية غير مرغوب في وجودها داخل مهرجان
"كان".
إلا أن السؤال الذي تردد وقتها ما هو مصير الفيلم "مانخوليا" أو
"كآبة" الذي شارك في المسابقة الرسمية.. هل صار أيضًا فيلمًا غير مرغوب
فيه؟.
الأمر هنا كان من الممكن أن ينعكس بالسلب على مصداقية المهرجان في
الزمن المقبل وليس فقط هذه الدورة، ما تجاوزته الإدارة عندما قالت إن هذا
لا يعني أن يتم إقصاء الفيلم من التسابق على الجوائز، وبالفعل كان الفيلم
واحدًا من الأفلام المرشحة للجوائز، ذلك من خلال الترشيحات والأرقام التي
تُصاحب عادة أفلام المهرجان في المجلات السينمائية، مثل: "سكرين" و"فاريتي"
و"فيلم فرانسيس".
إلا أنه لم يكن هو الفيلم الأقرب للجائزة أو الأوفر حظًا؛ حيث تفوقت
عليه بعض الأفلام الأخرى، وعلى رأسها الفيلم الأمريكي الذي حصد السعفة
الذهبية "شجرة الحياة" للمخرج "تيرانس ماليك" على سبيل المثال في حدث نادر
التكرار؛ حيث تتوافق آراء لجنة التحكيم مع ترشيحات النقاد في المهرجان.
و"ماليك" مخرج مقل جدًا في تقديم الأفلام هذا هو فيلمه الروائي الخامس
رغم أنه يقترب من السبعين.. الفيلم بطولة "براد بيت" و"شين بين"، ويقدم
رؤية للحياة أقصد "فلسفة الحياة كلها"، أنت في الفيلم لا تتابع عائلة رب
الأسرة "براد بيت" يعامل الابن الأكبر بدرجة من الجفاء، ولا يعنينا الإطار
الزمني الذي يتحرك فيه الفيلم في الخمسينات من القرن الماضي، لكن هناك تطلع
لرؤيته يتعمق في الحياة عبر بدء الخليقة إلى اليوم، تتساءل عن جدواها
ومعناها، نشاهد أنفسنا في تلك الرؤية.
"الحياة والموت"
المخرج التركي "نوري بيلجي سيلان" حصل مناصفة على الجائزة الكبرى مع
الأخوين "داردين لوك" و"جان"، الجائزة الكبرى تلي في الأهمية السعفة
الذهبية.
فيلم "نوري" عنوانه "كان يا ما كان في الأناضول" يسخر فيه المخرج من
الحياة والموت.. الحياة لا تقهرها تجربة الموت حتى لمن هم الأقرب، والجسد
الذي رأيناه تحت الأرض عرضة؛ لكي تأكله الكلاب الضالة يتحول أمام الطبيب
الشرعي أثناء التشريح إلى مجرد أجزاء تتناثر الدماء على وجه الطبيب، الذي
صاحب الجسد.
وفي رحلة اكتشاف الجريمة وإلقاء القبض على المجرم نتعرف على الشخصيات
التي تتواجد داخل دائرة الشرطة، ونقترب من تفاصيل حياتها.. ننتقل عادة من
حكايات الشخصيات إلى الحياة التي تستمر على الرغم من كل شيء؛ لأن نداءها
أكبر من الموت، هذا المعنى نراه مباشرةً في اللقطة الأخيرة من الفيلم؛ حيث
نشاهد المرأة التي فقدت زوجها مع طفلها في طريق عودتهما للمنزل، وعلى البعد
كان هناك أطفال يلعبون الكرة تصل إليه يقذفها إليهم مرة أخرى، ويواصل
اللحاق بأمه، ما حدث ذات يوم في الأناضول هو ما يحدث دائمًا في حياتنا
وعلاقتنا مع الموت!.
أما فيلم الأخوين "داردين"، فإنهما يلتقطان في فيلم "الصبي صاحب
الدراجة" حكاية الطفل الذي تركه أبوه وتبنته امرأة تعمل "كوافيرة".. الأب
يريد أن يقطع تمامًا الصلة مع الابن، وكأننا لم نكن نرى كيف أن الابن يمارس
العنف على الجميع، ويستغله أحد الأشقياء في السرقة بالإكراه ويسرق أب
وابنه، ويلقي القبض عليه، ويتسامح الأب ويرفض الابن التسامح مع الجاني،
ويعتقد أثناء مطاردته له أنه قد لقي حتفه، وتنتهي الأحداث بنهاية سعيدة، هي
أن الطفل لم يقتل ويعود مرة أخرى إلى دراجته.
المخرجان بشفافية خاصة يقدمان لنا معنى التسامح حتى مع تجاوزات
الآخرين، بالتأكيد أن كل الجرائم التي شاهدناها تنتهي بالتصالح بين الجاني
والضحية، وهى بالتأكيد مبالغات درامية لو أننا حللنا الفيلم ببعده الأول
المباشر، لكن في المعنى الكامن، هو يريد ألا نُدين أحدًا الكل مخطئ ومذنب،
وفى الوقت نفسه التسامح هو القيمة التي علينا أن نضعها أمامنا حتى تستمر
الحياة.
حصدت الممثلة "كريستين دانست" الجائزة عن فيلم "مانخوليا" للمخرج "لارس
فون تراير"، وأتصور أن هذه الجائزة تحمل رسالة واضحة، وهى أن اللجنة لم
تستبعد الفيلم من الترشيح للجوائز، بعد أن استبعد المهرجان المخرج.
وتبقى جوائز فيلم "درايف" أفضل مخرج للدانمركي "نيكولاس يندينجرفين"
المليء بالعنف والدماء، والجائزة أتصورها انحازت لقدرة المخرج على ضبط
الإيقاع، ومن الأفلام التي حصلت على جائزة لا تستحقها: "بوليس" للمخرجة
الفرنسية "مايوين"، الفيلم يفضح ممارسات الشرطة، لكنه لا يقدم رؤية إبداعية
تستحق الجائزة.
جائزة أفضل ممثل للفيلم الفرنسي حصل عليها الفنان "ميشال هازافانيسيوس"،
الفيلم كان يستحق جائزة لجنة التحكيم الخاصة، ويبقى جائزة السيناريو التي
كانت من نصيب الفيلم الإسرائيلي "ملاحظة" لجوزيف سيدار، وهو فيلم متواضع
فنيًا لا يستحق أي جائزة.
مقال خاص بـmbc.net.
الـ
mbc.net في
23/05/2011
دليل المخرجين المصريين للحصول على السعفة الذهبية
أمير العمري
1- ابحث عن موضوع يدور نصفه على الأقل في الصحراء، يتحرك أبطاله ببطء
شديد، ويجب أن تصور مهدا للسراب وانعكاس اشعة الشمس على الرمال، ويستحسن
أيضا يضل بطلك طريقه ويدخل داخل مجموعة من الكهوف التي تؤدي الى متاهة
كبرى.
2- اجعل في الفيلم شخصية إسرائيلي من يهود مصر كان
قد هاجو من مصر الى اسرائيل وشارك في حربي 1967 و1973 ضد مصر وقتل عشرات
المصريين، وهو يعود اليوم الى مصر ويزور بيت اسرته القديم في حي السكاكيني
ويستقبله الجيران بالحفاوة فيقرر الاستقرار في مصر لكي يموت فيها.
3- اجعل شخصيات الرجال داخل البيت المصري التقليدي (لابد أن يوجد فيه
صحن الدار المفتوح على السماء) يخاطبون النساء من وراء الحجاب ولييس
المقصود بالحجاب هنا غطاء الرأس، بل ستار كثيف يقسم الصالة الرئيسية في
البيت ويخفي النساء وراءه. فالفكرة هي عدم اظهار المرأة بل فقط الاستماع
لصوتها، واحظر عليها الخروج الا بصحبة الرجل وهي تتستر بالسواد الكامل في
جنح الليل ونبدو مثل الشبح المخيف.
4- يجب ألا يقل طول اللقطة الواحدة عن 3 دقائق، والا يزيد طول المشهد
عن 3 لقطات، بشرط عدم استخدام الكاميرا المتحركة (فهذه الميزة قاصرة فقط
على الاوروبيين) بل استخدم الكاميرا الثابتة في الفيلم كله، واستخدام الضوء
الخافت الباهت الذي يجعل المتفرج يتعب في الحملقة محاولا رؤية الاشباح التي
تتحرك في الظلام، ولابهار نقاد كان بالأصالة الشرقية، حتى في المناظر
الخارجية اتي تدور في الاسواق الشعبية مثلا.
5- يجب أن يكون الحوار المستمر الذي لا يتوقف هو أساس الفيلم، ليس لكي
تتحاور الشخصيات معا في ديالوج بل لكي يقفون أمام الكاميرا يحدقون في
الفراغ وكأنهم على خشبة مسرح، ويتحدثون في المطلق عن أشياء خارج الزمن
والتاريخ والمشهد وليس مهما أن يحتوي الفيلم على حبكة أو يروي قصة ما بل
المهم تصوير عدة شخصيات لا تكف عن الكلام طول الوقت عن اشياء غير مفهومة.
المه مأنها تبدجة شخصيات متجهمة تفكر في مأساة ما خارج نطاق الفيلم.
6- الفيلم لا يجب أن يقل عن 3 ساعات، ويجب ألا تستخدم أي موسيقى على
الاطلاق، للإيحاء بثقل الزمن الذي يتسق مع ما يتصوره أعضاء لجان التحكيم عن
"الشرق".
7- اجعل احدى شخصيات النساء تتمرد على العائلة بأن تخرج من وراء
الحجاب الكبير وهي حامل لكي تبحث عن وسيلة من وسائل الطب الشعبي لاجراء
عملية اجهاض، لدى امرأة عجوز تستخدم عود البخور والملوخية لاجهاضها مما
يؤدي الى اصابتها بحمى النفاس وتقضي عدة ايام في آلام مبرحة ونزيف ينتهي
بموتها في مشهد مفزع... حيث تغرق الدماء حجر أرضية المنزل العتيق.
8- يجب أن يبدأ الفيلم في الصحراء وينتهي في الصحراء أيضا، وتجعل بطل
الفيلم يسير في اتجاه الأفق في لقطة مصورة بالحركة البطيئة، بينما تتبدى
صورة أبو الهول في الخلفية.
9- احذر تماما التطرق الى أي فكرة سياسية تغضب الغرب كأن تجعل أحد
الممثلين في الفيلم يأتي بأي سوء على سيرة اليهود او اسرائيل او الحروب،
ولابد أن تصور مشاكل مصر كلها وقد نشأت بسبب طرد اليهود أو تهجيرهم، وان في
عودتهم عودة الروح للبلاد لأنهم يحملون سر التاريخ.
10- انشر دعاية واسعة تقول ان الاسلاميين السلفيين يدعون الى حرق
الفيلم، وان مؤلفه أو بطله اختطف واختفى منذ خمسين يوما ولذلك فلن يمكنه
المشاركة في مهرجان كان وطالب السينمائيين في العالم باصدار بيان للدفاع عن
الفيلم وبطله المختطف.
ملحوظة:
اذا لم تستطع تصوير الفيلم في ثلاث ساعات بسبب عدم توفر الخام بما
يكفي أو لضيق ذات اليد، ابتدع طريقة تجعلك تكتفي بساعة ونصف ولكن بحيث لا
يقل طول اللقطة عن 5 دقائق، وبذلك يشعر المتفرج بالايقاع السرمدي الممتد
وحبذا ايضا لو استخدمت حجم الكلوز أب تحديدا للانتقال في المشاهد الداخلية
تحديدا. فهذه ممن يعشقها نقاد الشانزليزيه تحديداّ الذين يضمنون لك السعفة
الذهبية.
أخيرا على كل منكم نقل الرسالة الى زملائه، موفقين جميعا ان شاء واحد
أحد.
عين على السينما في
23/05/2011
كريستين دنست:
لارس فان تراير أكثر مخرج ترك لي الحرية في التمثيل
فرنسا- أكدت الفنانة الأميركية كريستين دنست، الفائزة بحائزة أفضل
ممثلة في مهرجان كان السينمائي الدولي عن دورها في فيلم (Melancholia) أو "كآبة" أن مخرج العمل، لارس فون تراير، منحها "أكبر قدر من
الحرية" أثناء التصوير.
وقالت دنست المولودة في ولاية نيو جيرسي الأميركية العام 1982 في
مقابلة مع عدد من وسائل الأعلام الدولية، "بالنسبة لي، لاري يعطي أكبر قدر
من الحرية رأيته بين المخرجين الذين عملت معهم".
وأضافت بطلة أفلام "سبايدر مان" "إنها تجربة حرة للغاية، ليس هناك
تدريبات للمشاهد، كل ما هو مطلوب منك ببساطة أن تبدأ في التصوير والكاميرا
تتابعك".
وأكدت أن تراير "يكره" أن يطلق على المشاهد اسم "تمثيل"، وأنه أعطاها
الشعور أثناء العمل معه بأن ما يحدث في البلاتو "حقيقي".
ولم يشارك تراير في حفل توزيع الجوائز، بعد أن اعتبرته إدارة المهرجان
شخصا غير مرغوب فيه على خلفية تصريحات نارية أعرب فيها عن إعجابه بهتلر.
وقد اعتذر تراير عن هذه التصريحات وقال إنها كانت فقط مجرد مزحة لا أكثر
ولا أقل.
وقالت دنست "يبدو أن كاتب السيناريو ذاتي للغاية، وبعض التجارب في
الفيلم مستوحاة من حياته فقد كان حساس للغاية تجاه ما يحدث أثناء تصوير
الفيلم".
وأضافت بطلة فيلم "ماري انطونييت" (2006) للمخرجة صوفيا كوبولا "أنه
أحد الكتاب والمخرجين القلائل الذين يقدمون أفلاما عن السيدات، كما أن
الفيلم غريب جدا". وأردفت "إنه حساس للغاية، ويعمل مع الكثير من النساء،
سواء من فريقه في العمل أو من طاقم الإنتاج".
ويدور فيلم "كآبة" الذي تم تصويره في السويد، وتتقاسم فيه تشارلوت
جينسبور، البطولة، حول العلاقات المعقدة داخل الأسرة خلال حفل زفاف تلعب
دنست فيه دور العروس.
ولكن يأتي نهاية العالم ليهدد أبطال الفيلم، الذي يشارك فيه أيضا
تشارلوت رامبلينج، وكيفر ساذرلاند، وجون هورت، بسبب اقتراب كوكب "Melancholia" من الدخول في مدار الأرض.
وقالت دنست حول فكرة الموت ونهاية الحياة، التي يتناولها تراير في
الفيلم "لا أخشى نهاية العالم. أفكر أكثر في وفاتي، وليس في نهاية العالم.
لأنه إذا حدث هذا فلن نكون قادرين على تغييره العام المقبل".
وحول أسباب انجذابها لقصة الفيلم، أكدت أن السيناريو كان العامل الأول
في موافقتها على العمل "قبل لقاء المخرج والحديث معه".
وأكدت أنها استمعت لردود فعل إيجابية عن الفيلم، وقالت "اعتقد أنه
فيلم جيد، ولكن لا يمكنني تحليله كما يفعل الآخرون، هناك كثير من الأشياء
لا تقال عن هذا الفيلم".
وكشفت أنها تجد صعوبة في مشاهد الفيلم، قائلة "لا أشعر بالراحة عندما
أنظر لنفسي".
واختتمت المقابلة بقولها "لكن ذلك سينتهي، ولكن الآن من الجيد أن أسير
على السجادة الحمراء، ولكن علي أن أشاهد الفيلم، وسأعذب نفسي بعض الشيء
بسبب رؤية نفسي".
(إفي)
الغد الأردنية في
23/05/2011 |