نال الفيلم اللبنانى "هلأ لوين" للمخرجة نادية لبكى إعجاب النقاد من
مختلف دول العالم فى مهرجان كان السينمائى الدولى والذى تم عرضه بقسم "نظرة
ما"، وهو الفيلم الثانى لها إخراجياً والثانى أيضاً الذى يعرض لها بـ"كان"
بعد أن كان فيلمها الأول "سكر بنات" أختير للعرض بقسم "نصف شهر المخرجين"،
حيث أكدت نادين لبكى فى حوارها لـ "اليوم السابع" أنها تشعر بالسعادة
والفخر ليتم اختيار فيلمها للعرض بمهرجان كبير مثل "كان".
وقالت "لا أتحدث عن أهمية هذا الأمر بالنسبة لى فقط كمخرجة ولكن الأهم
فى رأيى هو بالنسبة للسينما اللبنانية، فبلبنان لا توجد صناعة سينما
حقيقية، وإنما هى محاولات فردية للإنتاج وفى الأغلب تجد صعوبة كبيرة للخروج
إلى النور، لذا فإن تواجد السينما اللبنانية بمهرجانات كبرى هى فرصة عظيمة
لإلقاء الضوء على سينمانا وفتح نوافذ لها للظهور.
·
هل عدم وجود صناعة سينما حقيقية
بلبنان هو السبب وراء وجود فارق زمنى كبير (4 سنوات) بين فيلمك الجديد
وفيلمك السابق؟
لا ليس بالضرورة فهذا الفارق الزمنى يعود بشكل أكبر إلى انشغالى لأكثر
من عام بعد الانتهاء من فيلم "سكر بنات" فى تسويقه ومصاحبته فى المهرجانات
المختلفة التى تم عرضه بها، كما أننى خلال فترة ما بين الفيلمين رزقت بطفل،
وبالتالى كان يجب أن أخصص لها الجزء الأكبر من وقتى، بالإضافة بالطبع أن
كتابة سيناريو فيلم "وهلأ لوين" أخذ منّا حوالى عامين حتى تم الوصول إلى
الصورة النهاية للسيناريو.
·
ممكن تحدثينى أكثر عن كيفية ظهور
السيناريو إلى النور؟ من أين جاءت الفكرة ولماذا فكرة الورشة الثلاثية التى
شاركت فى كتابة السيناريو؟
فكرة الفيلم جاءت من البيئة التى نعيش بها بلبنان والتى للأسف هى تربة
خصبة للصراعات الطائفية، كل يوم نسمع أخبارا عن مجموعة تم قتلها على يد
مجموعة أخرى قامت بفتح النار عليهم بسبب اختلاف فى الانتماءات، وكأى أم
أصابنى القلق على مصير طفلى، لا أريده عندما يكبر أن يأخذ سلاحاً ويدخل فى
صراع مع من يختلفون عنه فى اعتقاداته، أريده أن يحيا حياة عادية، لذا قررت
أن أصنع فيلماً كصرخة نداء ضد هذه الصراعات الطائفية، أريد أن أقول أننا
كلنا أبناء وطن واحد وأن خراب هذا الوطن سيودى بنا جميعاً، بغض النظر عن
انتمائنا وديانتنا.
أما بالنسبة لكتابة سيناريو الفيلم فقد كانت تجربة ممتعة، فنحن فى
لبنان نقوم بصنع الأفلام لنسعد لذا فقد كانت الجلسات التى تجمعنى مع زملائى
ممن شاركونى كتابة الفيلم هى جلسات سمر وضحك وتبادل للآراء نخرج منها
بأفكار للفيلم ومواقف مضحكة، حتى وصلنا فى النهاية إلى صيغة متكاملة
للسيناريو، كانت حقيقةً تجربة ممتعة.
·
كيف وجدت استقبال الجمهور للفيلم
فى "كان"؟
استقبال رائع وسعدت به للغاية، وجدت ردود فعل ممتازة وما أسعدنى أكثر
هو تفهّم الجمهور الأجنبى للمشكلة التى يتعرض لها الفيلم، ولاحظت أثناء
متابعتى للفيلم اندماج الجمهور الفرنسى والأجنبى بصفة عامة مع قصة الفيلم
رغم أنهم لا يعانون بشكل صريح من مشاكل الطائفية الدينية التى أناقشها، بل
لمست تفهمهم للقفشات والمواقف المضحكة بالفيلم رغم أنها من صميم البيئة
اللبنانية والعربية.
·
كيف تفسرين ذلك؟
أعتقد أن ذلك يعود إلى أن مشكلة التعصب مشكلة عالمية، ليس شرطاً
التعصب الدينى الذى أناقشه فى "وهلأ لوين؟" ولكن أى تعصب لانتماء معين.
أسود أم أبيض.. رأسمالى أم اشتراكى.. أو حتى التعصب لفريق كرة.. ربما لذلك
قد يكون الفيلم قد لمس مختلف الجمهور بغض النظر عن جنسيته.
·
هل تطمحين فى جائزة هذه المرة؟
أتمنى ذلك بالطبع فجائزة فى مهرجان كبير مثل هذا سيعطى الفيلم صدى
قويا على النطاق العالمى يسمح له بتوزيعه فى جميع الأنحاء. كما أن أى جائزة
يفوز بها فنان تسعده وترضيه.
·
بالربط بين فيلمك الأول "سكر
بنات" مع فيلم "وهلأ لوين؟" يظهر بوضوح انحيازك الكبير إلى النساء وحرصك
على تناول قصص أفلامك من الجانب النسائى أكثر، هل هذه مصادفة أم أنك تنوين
تبنّى هذا النهج فى إخراج جميع أفلامك؟
أجد انحيازى هذا شيئاً طبيعياً فكونى أنثى ذلك يسمح لى بتفهم الطبيعة
النسائية أكثر وبعرض رؤيتهنّ للحياة ومصاعبها بشكل أكثر صدقاً، وبالتالى
أجد الأفكار التى تجىء ببالى تنحاز تلقائياً للموضوعات التى تلعب بها
النساء الدور الرئيسى، ولكن لا أستطيع الجزم بأن أفلامى القادمة ستتبع
جميعها هذا المنهج فأنا حتى وقتنا هذا لا أعلم عمّا سيدور فيلمى القادم.
·
بالنسبة لاختيار الممثلين الذين
قاموا ببطولة الفيلم.. كيف تمت عملية الاختيار خاصةً وأننى أعلم أن أغلبهم
ليسوا ممثلين محترفين ويعتبر "وهلأ لوين؟" تجربتهم التمثيلية الأولى؟
بالفعل لم أستعن سوى بممثلين 2 فقط محترفين وحرصت على أن يكون جميع
الممثلين والممثلات الأخريات من غير المحترفين، وكنت أريد أن أخوض هذه
المغامرة، وتحد ممتع أن تجىء بممثلين لا خبرة لهم وتضعهم فى أدوار بطولة.
أردت من وراء هذا الاستفادة من الروح التى يكون عليها الممثلون غير
المحترفين فى تجربتهم الأولى، وهو شىء كان يتطلب وجوده فى الممثلين الذين
يلعبون بطولة هذا الفيلم بطبيعته المختلفة، وما يجب أن تكون عليه شخصيات
الفيلم من عفوية وبساطة، نظراً لحياتهم فى قرية فقيرة لا يشعر الكثيرون بها،
كانت عملية اختيار الممثلين متعبة وطويلة جداً. أخذ فريق العمل يجوب مختلف
الأنحاء بلبنان بحثاً عن مبتغانا، ووضعنا إعلانا بالجرائد المحلية وشاهدنا
ساعات طويلة من التسجيلات لاختبارات تمثيل حتى عثرت فى النهاية على
الممثلين والممثلات الممتلكين لروح الشخصيات بالفيلم.
·
هل يمكن أن تحدثينى عن التعاون
بينك وبين زوجك "خالد مزنّر" مؤلف موسيقى فيلمى "وهلأ لوين؟" و"سكر بنات"؟
هو تعاون أسعد به جداً ويُصبّ دائماً فى مصلحة أعمالى. فخالد يكون
متابعاً لعملية بناء الفيلم منذ بداية ظهور الفكرة بحكم إقامتنا معاً، مما
يسهّل كثيرا من الأمور، فيبدأ هو من جانبه ببدء وضع الجمل الموسيقية
الرئيسية للفيلم أثناء قيامى بعملية كتابة السيناريو، كثيراً ما كنت أستمع
لموسيقى يقوم بلعبها أثناء وضعه لموسيقى الفيلم وأستغرب بشدة كيف نجح فى
تخيّل تصورى للموسيقى التى يحتاجها المشهد المشغولة بكتابته دون أن نتناقش
فى ذلك، هذا التفاهم هام جداً ويسهّل على الكثير من الأمور.
·
شاركت بالغناء فى "وهلأ لوين"؟
نعم شاركت فى غناء أغنيتين بالفيلم. أعرف أنى لا أملك صوتاً حلواً
ولكن كان المهم فى غنائى أن يكون صوتى مناسباً لشخصية "آمال" التى ألعبها
بالفيلم. وأعتقد أننا نجحنا فى الوصول إلى الطبقة المناسبة وهذا هو المهم
بالنسبة لى.
·
شاهدت لكِ مؤخراً دوراً لعبته
كممثلة فى الفيلم الإيطالى "الأب والغريب".. فهل تنوين الاستمرار فى خوض
تجارب تمثيل فى أفلام أجنبية؟
دورى فى "الأب والغريب" كان دوراً صغيراً للغاية ولم أتوقف كثيراً
أمامه ولكنه كان مجرد تجربة. أردت فقط محاولة التمثيل باللغة الإيطالية ليس
أكثر، ولكننى بالطبع لا أمانع فى خوض تجارب تمثيل أخرى فى السينما
العالمية.
·
أيهما يأتى على قمة أولوياتك فى
الفترة القادمة، التمثيل أم الإخراج؟
لا أستطيع القول أن أحدهما تأتى أولويته قبل الآخر، ما يهمنى هو الفن
بشكل عام وهذا هو أولويتى.
- شكراً جزيلاً، ومبروك نجاح فيلمك "وهلأ لوين".
اليوم السابع المصرية في
22/05/2011
توقعات بفوز فيلم "عين النسا" بالسعفة الذهبية أو جائزة
التمثيل
رسالة كان - أحمد رزق الله
وسط حالة من الانقسام تعالت صفافير "الاستهجان" وتصفيق "الإعجاب" فى
نفس الوقت حول عرض الفيلم الفرنسى الناطق بالعربية "عين النسا" (أو
Source des Femmes)،
وذلك أثناء عرضه بالأمس، ضمن أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان "كان"
السينمائى الدولى تمهيداً لإعلان النتائج مساء اليوم.
فيلم "عين النسا" تقع أحداثه فى أحد بلاد شمال أفريقيا دون تحديد
إياها (إلا أن تصوير الفيلم تم بإحدى القرى القريبة من مراكش المغربية)،
حيث تقرر نساء إحدى القرى التى أصابها الجفاف منذ فترة التمرد على أزواجهن
لحثهم على تحمل عبء نقل المياه من العين التى تقع على قمة جبل إلى القرية
التى يعيشون بها بدلاً عنهن وبدلاً من جلستهم على المقاهى طوال اليوم دون
عمل.
يقود هذا التمرد "ليلة"، الفتاة التى انتقلت للقرية حديثاً بعد زواجها
من "سامى" أحد المثقفين القلائل بالقرية والذى يعمل مدرساً. وبالفعل تحرّض
"ليلة" نساء القرية على أخذ موقف ضد أزواجهن بعد توالى حوادث سقوط النساء
الحوامل من على الجبل أثناء نقلهن للمياه، وتسبب ذلك فى موت الأجنّة
ببطونهن، ولا تجد النساء حلاً أفضل لإيصال غضبهن إلى الرجال سوى الامتناع
عن معاشرة أزواجهن لهن ورفض أدائهن لواجباتهن الزوجية حتى يتم تلبية طلبهن
بأن يتولى الرجال نقل المياه من العين.
الأبطال الرئيسيين للفيلم من النساء بطبيعة الحال، وقد تألق منهن بشدة
"ليلى بختى" التى قدمت دور "ليلة"، والفنانة الجزائرية الكبيرة "بيونا"
التى أدت فى هذا الفيلم دور حياتها رغم كونها فى الأصل مغنية معروفة.
كما شارك فى الأداء التمثيلى المميز الممثل الفلسطينى "صالح بكرى"
(ابن الفنان الفلسطينى الكبير محمد بكرى) والفلسطينية أيضاً "هيام عباس" و"حافصية
حرزى" التى تشارك أيضاً فى بطولة فيلم آخر بالمسابقة الرسمية وهو "L’appolonide".
الفيلم فى مجمله يقدم رسالة هامة حول القهر الذى تتعرض له النساء فى
الكثير من الدول العربية، ولكن الأهم أنه يصحح مفاهيم كثيرة مغلوطة عن
مكانة المرأة بالإسلام، وكيف أن الإسلام أعطى المرأة حقها غير أن تفسيرات
عديدة غير دقيقة لآيات وأحاديث تستخدم فى غير موضعها لبخس حق المرأة.
المثير أن يقدم هذا الطرح مخرج فرنسى يهودى وهو "رادو ميهايليانو"
والذى قال أنه قام بأبحاث طويلة وسأل كثيراً من أهل المعرفة بالإسلام قبل
الانتهاء من كتابة سيناريو الفيلم، إضافةً إلى إقامته لأكثر من شهر بالقرية
التى صور بها أحداث الفيلم، ليتعرف على طبيعة أهلها والدور الذى تلعبه
النساء فى الحياة اليومية والذى وجده دوراً حيوياً جداً لا تكتمل الحياة
بدونه.
ورغم اختلاف الآراء حول مستوى الفيلم واتهام الكثيرين له بالمباشرة
والفقر الفنى، إلا أن هذا لا يمنع أن "عين النسا" أحد الأفلام المرشحة بقوة
لنيل إحدى الجوائز الليلة، إن لم تكن السعفة الذهبية فربما جائزة التمثيل.
اليوم السابع المصرية في
22/05/2011
"ماكدوال" يلقى درس السينما بـ"كان"
رسالة كان ـ أحمد رزق الله
عقد أمس درس السينما السنوى، الذى يعقده مهرجان "كان" السينمائى
الدولى على هامش فعالياته، كما جرت العادة، حيث يستضيف المهرجان أحد كبار
صناع السينما، ويقوم واحد من أهم النقاد الفرنسيين بمحاورته لحوالى ساعتين
عن تجربته فى عالم السينما، وأهم ما مرّ به من مواقف ودروس من أجل نقلها
إلى الجمهور وشباب السينمائيين الحاضرين لهذا الدرس.
ضيف "درس السينما" هذا العام الممثل البريطانى الكبير "مالكوم ماكدوال"،
الذى اشتهر بشدة بعد أدائه العبقرى لشخصية "أليكس" فى فيلم "A Clockwork
Orange" للمخرج الراحل العظيم "ستانلى كوبريك" وأحد أهم أفلام الأخير، والذى
ترشح عنه للأوسكار.
كان وراء هذا الاختيار قيام إدارة مهرجان "كان" بعرض نسخة جديدة – بعد
ترميم النسخة الأصلية - من الفيلم، وذلك فى قسم "كلاسيكيات كان"، بمناسبة
مرور أربعين عاماً على إنتاج الفيلم، وأيضاً بمناسبة إقامة معرض كبير عن
جميع أعمال "ستانلى كوبريك" بالسينماتيك الفرنسى بباريس.
حضر عرض النسخة الجديدة من الفيلم بـ"كان"، والذى تمّ فى الليلة
السابقة لدرس السينما، كل من "ماكدوال" و"كريستيان كوبريك" أرملة المخرج
الراحل "ستانلى كوبريك"، وشهد العرض جمهوراً كبيراً ملأ القاعة عن آخرها،
رغم كون الفيلم من إنتاج 1971.
حرص "ماكدوال" خلال درس السينما على التركيز على علاقته بـ"كوبريك"
وكيفية اختيار الأخير له للقيام بدور البطولة فى فيلم "Clockwork
Orange" موضحاً أنه عرف منذ عامين فقط – من خلال أرملة "كوبريك"
- أن سبب الاختيار هذا هو إعجاب "ستانلى" بأداء "مالكوم" فى فيلم "If"،
والذى ما لبث أن انتهى من مشاهدته حتى قفز من مكانه قائلاً، إنه أخيراً عثر
على من يستطيع أداء الشخصية المعقدة لـ"ألكس" المجنون بالفيلم.
اليوم السابع المصرية في
22/05/2011
عرض ضمن «اسبوع المخرجين» في {كان}
«على الحافة».. فيلم أسود عن الحياة
كان- ا . ف . ب-
درجت السينما المغربية على تصوير الكثير من الصبية التائهين في شوراع المدن
المغربية قادمين من احزمة تلك المدن الفقيرة، غير ان ليلى كيلاني في
تجربتها الروائية الاولى «على الحافة» التي تشارك في تظاهرة «اسبوع
المخرجين» في مهرجان كان قدمت سيرة مختلفة لاربع فتيات عاملات يجبن شوارع
مدينة طنجة ويخضن صراعا يوميا محموما من اجل البقاء.
ويصور الفيلم قساوة الحياة وعدم رأفتها بفتيات في سن صغيرة يتولين مسؤولية
انفسهن من دون احد لمساعدتهن او توفير قسط من العطف والحنان.
ضغط نفسي
فتاتان تعملان في مصنع لتعليب الجمبري، في المغرب المعولم اليوم، حيث تستغل
اليد العاملة الصغيرة والفقيرة ضمن اجواء من الضغط النفسي الذي تعيشانه
نتيجة عملهما الكثير وكسبهما القليل مما يقربهما من بعض اكثر ويضطرهما
للبحث المستمر عن فرص عمل اضافية.
وتقودهما محاولاتهما تلك للالتقاء بفتاتين اخريين تحاولان مثلهما التخلص من
وضعهما الوضيع لكنهما تجدان طرقا اخرى لا تحبذانها وهما تبدوان اقل جمالا،
وبالتالي اقل استعدادا للسقوط في الجانب الآخر، من حيث تستحيل العودة
وتتحول الحياة الى شيء آخر.
غير ان لقدرتهن على المقاومة بعمرهن الصغير امام مصاعب الحياة حدودا وهو ما
يصوره الفيلم الذي تتبع لحظاته حركتهن الدائبة ليل نهار وجهودهن المتواصلة
كما محاولاتهن الفاشلة لتغيير وضعهن وحيث يواجهن قساوة الحياة بشجاعة تولد
قساوة مع الذات والآخرين.
بين الحافة والسقوط
وصور الفيلم في الحيز الزمني لتلك المسافة الصغيرة الفاصلة بين الحافة،
وبين سقوطهن في مدينة طنجة التي تعرفها المخرجة جيدا، والتي صورتها في
اعمال سابقة، وحيث تلحق كاميرتها هنا تلك الاجسام الصغيرة في شوارع المدينة
العتيقة، وصولا الى الميناء حيث يعملن قبل العودة الى مكان سكناهن في حي
شعبي.
ويتميز «على الحافة» بتقنيات تصويره العالية والصورة القريبة من الوجوه،
والكاميرا التي تسير على ايقاع صبايا مراهقات دائمات الحركة، لا يتعبهن
ويجربن شتى السبل للخلاص الذي لا يأتي طالما استمرت حياتهن.
لا حدود
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس قالت ليلى كيلاني عن انتقالها من الوثائقي
الى الروائي، ان لا حدود بينهما لديها، وان الانتقال لم يكن صعبا او مختلفا
سوى لناحية ادارة الفريق.
اما عن طبيعة السينما التي تصنعها فاعتبرت: «انا بالاساس باحثة، وفي
السينما ابحث دائما عن الماهية، اضع نفسي في الخطر وامام عقبات وتحديات.
السينما لدي ليس فيها طقوس والواقعية التي انتهجها دين يتطلب الاحترام،
يتطلب ان نخوض التحدي والا نبحث عن النفعية من خلال العمل السينمائي».
اما عن كيفية اختيار الممثلات غير المحترفات للفيلم فقالت انه الشيء الاصعب،
واستغرق منها العمل لمدة 3 اشهر مستخدمة كل الوسائل من الانترنت وصولا الى
توزيع اعلانات في الشارع: «اختياري للفتيات الاربع كان لطريقة تفاعلهن مع
بعضهن».
اما عن طريقة العمل معهن فتوضح: «عملت كثيرا على ايجاد علاقة عضوية لهن مع
المدينة قضينا 3 اشهر في فيللا وكنت ادربهن على الرقص والرياضة والراب...دربتهن
على التفاعل مع احياء المدينة حتى اتمكن من لقطات عبارة عن مشهد كامل».
علاقة عضوية
وتضيف المخرجة المغربية التي تمثل في كان جيلا جديدا من المخرجين في المغرب
«عملت على خلق علاقة عضوية بين اجسامهن وحركاتهن، والمدينة لأحصل على
الايقاع المركب. كان يهمني ان التقط هذه الطاقة وهذا الانطلاق.. كان الامر
صعبا واردت ان انجح».
اما عن مدينة طنجة فقالت ان «علاقة غرامية بل عضوية» تربطها بها «طنجة
بالنسبة لي عضو ينبض، جغرافيتها غنية ودائمة التحول، فالمدينة تكبر بسرعة
وهي في الوقت نفسه روائية وشاعرية لكن قاسية وعنيفة، صعبة وحنونة وهي مرفأ
يتغير سكانه باستمرار كما يتغير مشهدها العمراني».
وفي ختام حديثها لوكالة فرانس برس عبرت ليلى كيلاني عن اعتزازها بالحضور مع
فيلمها الذي انجزت العمل عليه الاثنين الماضي فقط، وعبرت عن حبها لـ:
«الكتابات الجديدة في منطقتنا، تلك التي تعبر عن خصوصية قوية وتعطي عنا
صورة يمكن لها ان تمسني».
وتعيش ليلى كيلاني اليوم بين باريس وطنجة وهي انجزت سابقا افلاما وثائقية
مثل «طنجة، حلم الحراقة» حول المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون ترك
المغرب نحو اوروبا كما انجزت شريط «اماكننا الممنوعة» الوثائقي وشريطا آخر
عن الموسيقي اللبناني زاد ملتقى.
كاميرا ذهبية
على الحافة هو فيلمها الطويل الاول وهو بين الافلام المرشحة لنيل جائزة
الكاميرا الذهبية التي تكافئ العمل الاول للمخرج، وانتج بالتعاون بين
المركز السينمائي المغربي و«شركة اورورا» الفرنسية للانتاج، كما حصل على
دعم برنامج سند الذي يمنحه مهرجان ابو ظبي.
القبس الكويتية في
22/05/2011
لقاء: المخرجة المغربية ليلى كيلاني
·
«على اللوح» قد يكون أفضل ترجمة
للعنوان الفرنسي للفيلم الناطق بالعربية «Sur La Planche»..
- في طيات الموضوع حكاية أربع فتيات قويات ومتحدات هاربات من أوضاع مختلفة
ومقبلات على تحقيق غايات متعددة تحت لواء البحث عن الحرية الفردية ولقمة
العيش وتحقيق الحلم الكبير، الذي ما عاد يقرن بأميركا وحدها، كما كان حال
الأحلام السابقة، بل بالقرية الكونية. وأنت لا تستطيع لومهن أو إغفال
حاجتهن لتحقيق الأفضل. إنهن من بين العاملات في مصنع «قريدس» يمضين الأيام
يقشرن الحيوان المائي الصغير في مدينة طنجة ويحلمن باليوم الذي يستطعن فيه
ترك هذا العمل وتحقيق مكانة أفضل لأنفسهن. كل ذلك وسواه في أسلوب سينمائي
غير مطروق على هذا النحو من قبل. فالمخرجة ليلى كيلاني حدث أنها تحب الفيلم
«نوار»، وهو نوع من السينما الأميركية بزغ شمسه في الأربعينات واستمر حتى
أواخر الخمسينات، كان يسرد الحكايات الداكنة حول أوضاع لا تكون داكنة مع
شخصيات رمادية لها متاعبها مع الحياة، سواء أكانت داخل أم خارج القانون أم
في ذلك الحيز الضيق بينهما.
·
هذا الفيلم هو إنتاج مغربي/
فرنسي/ ألماني. هل نظر إليه كل من زاوية تختلف عن الآخر؟
لا. هو إنتاج مغربي بالدرجة الأولى وأنا المنتجة. صنعته برغبة في إلقاء
الضوء على الحياة في طنجة التي كنت تعاملت معها في فيلم سابق. ولم يحدث أن
طلبت مني جهة إنتاجية أخرى تغيير أي شيء في الفيلم. الحرية كانت مطلقة من
قبل الجميع. الفيلم يحمل نظرتي الخالصة تماما.
·
ما الغاية التي كانت في بالك من
وراء هذا الفيلم؟
- غايتي عرض قضية بطلات الفيلم التي أراها محقة، كون تأمين الحياة المريحة
وتحقيق الأحلام التي تراودنا أمر يجب أن يكون في مقدور الجميع. لم أكن أرغب
في تقديم شخصيات تقليدية، وفي الوقت ذاته كنت مصرة على الإسهام في تغيير
النظرة التقليدية للشخصيات العربية، تلك التي يرميها الغرب علينا وفي بعض
الأحيان نصنعها بأنفسنا. أردت أيضا أن أعبر عن نفسي من خلال حبي للفيلم
«نوار».
·
هذا نوع من السينما لم يلق بالا
من قبل إلا أيام كمال الشيخ وليس على النحو الممارس هنا....
- أحب هذا النوع لقدرته على تصوير الأحداث بصيغة فنية مختلفة تكاد تدين
الشخصيات، لكنها تدافع عنها طوال الوقت. هو معالجة بالظلال لمواضيع معينة
لا يمكن أن تروى بنفس التأثير عبر معالجة أخرى.
·
هل فهمت بطلاتك ما هو مطلوب
منهن؟ هل كانت لديهن فكرة عن هذا الأسلوب؟
- لقد عرضت عليهن أفلاما حديثة وقديمة. أحد الأفلام التي عرضتها هو «فزع في
نيدل بارك» لمخرج أحترمه جدا هو جيري تشاتزبيرغ (ملصقه يزين المهرجان هذه
السنة). والحقيقة أنهن تجاوبن تماما وأحببن هذا الفيلم والفيلمين الآخرين
اللذين عرضا عليهما. كان لا بد من ذلك لأن الوصف لم يكن لينجح.
·
الفيلم مقتبس عن رواية حقيقية،
أليس كذلك؟
- نعم، في عام 2005 كنت أقرأ الجرائد المغربية حينما لفت نظري مقال حول
ارتفاع نسبة النساء بين مرتكبي الجرائم. وفي هذا المقال حكاية أربع فتيات
كن يعملن في مصنع ألفن عصابة لسرقة الرجال. ثم هناك جريمة قتل. هذا حفزني
لكتابة المشروع.
·
فيلمك الأول كان وثائقيا عن طنجة،
أليس كذلك؟
- نعم.
·
منذ سنة تحقيق ذلك الفيلم، 2001،
إلى اليوم، شاهدنا موضوع المهاجرين إلى طنجة يتردد في أكثر من فيلم. كيف
تنظرين إلى ذلك؟
ـ هذا طبيعي جدا. لكن ليس كل هذه الأفلام تحاول أن تنقل البيئة الحقيقية،
بل تريد أن تنقل الخبر والموضوع فقط. الفيلم الوثائقي الذي حققته آنذاك كان
نتيجة شغفي بالبحث. لقد درست التاريخ ودراسة التاريخ لا بد أن تؤدي بالمرء
إلى أن يصبح باحثا. حين عدت إلى طنجة لتصوير هذا الفيلم وجدت أنني أعرف
الكثير مما كنت حققته في فيلمي السابق.
·
كيف اخترت بطلاتك؟
- قابلت 320 فتاة من أهالي طنجة. قمنا بحملة كبيرة شملت توزيع منشورات في
المقاهي وعلى الساحل وفي الصحف والراديو، وفتحنا صفحة الـ«فيس بوك»، ثم
أخذت أقوم باللقاءات. كنت أبحث عن الشخصية القوية ولم أكترث إذا ما كانت
الفتاة التي سأختارها مثلت سابقا أو لا.
الشرق الأوسط في
22/05/2011 |