خرجت السينما المصرية بنصيب بيّن من جوائز الدورة السابعة لمهرجان دبي
السينمائي التي أعلنت في حفل نهائي أقيم مساء التاسع عشر من هذا الشهر،
وبعد ثمانية أيام من العروض الثرية لأكثر من مائة وخمسين فيلما من 57 دولة
قصيرة وطويلة، وثائقية وروائية وجديدة تعرض للمرة الأولى حول العالم، نقدم
بعض الحديث الذي سبق وتم تداوله في بعض المهرجانات الدولية.
مهرجان دبي دولي في كل شيء، ومزيد عن هذا لاحقا، لكن مسابقاته محصورة
في ثلاثة مواضع جغرافية: هناك مسابقة المهر للأفلام الإماراتية ومسابقة
المهر للأفلام العربية ومسابقة المهر للأفلام الأفرو- آسيوية. ونتائج هذه
المسابقات شغلت نحو ساعة كاملة من الحفل وهي فترة لا بأس بها على الإطلاق
علما بأن السائد في المهرجانات العربية عموما أن تنطلق (متأخرة) وتكاد لا
تنتهي، أو تتعرض لمطبات وأخطاء في التقديم أو، على نحو أكثر وقعا، إلى خطب
طويلة عصماء يكرر فيها الرؤساء والمتوالون أمام الميكروفون التأكيد على دور
السينما في المجتمع ومساندة الدولة لها وما فعلته وتفعله وستفعله حيالها:
غالبا القليل.
ومع أن أخطاء في التقديم وقعت هنا أيضا، إلا أنها وقعت في الدقائق
الخمس الأخيرة وحدها حين تلخبط التواصل بين المذيعين الواقفين على المسرح
وبين بنود الجوائز، فتم القول مرتين إن الجائزة المقبلة هي نهاية الجوائز،
ولم تكن، وتم تسمية جائزتين بأنهما جائزتان معينتان فإذا بهما جائزتان
مختلفتان. لكن ذلك لم يؤثر إلا موضعيا وفي اللحظة ذاتها، أما الحفلة
بكاملها فامتازت بالدقة والإيجاز وبحسن الابتعاد عن استغلال الفرصة لإعلان
المواقف أو أخذ «البوزات» أمام الكاميرا.
ولم يكن على الحفل تقديم نكات للترفيه ولا جلب رجلين يمثلان دور حصان
(كما جرى في مهرجان آخر) ولا الوقوف لساعات طويلة بانتظار انتهاء الخطب
العصماء. على ذلك، بل وبسببه، عمت الفرحة وروح المنافسة المناسبة بأسرها
رافعة إلى أعلى ذلك التقدير بقيمة الجوائز ذاتها في عالمين سينمائيين
(العربي والأفرو- آسيوي) اللذين ما زالا بحاجة إلى الكثير من الجهد للوصول
إلى حيث يجب أن تصل إليه السينما في دولهما.
الميزة الأكبر تبقى في الأفلام. هذه السينمات القادمة من أنحاء العالم
العربي وتلك القادمة من دول آسيوية وأفريقية شتى تحتاج إلى دعم دولها لكي
تنمو (وفي بعض الحالات لكي تنطلق أساسا)، لكن إلى أن يتم ذلك، إذا ما تم،
فإن لديها مهرجان دبي الكبير مكانا تلجأ إليه لتقديم أعمالها ولجذب
الانتباه، وربما، للفوز بالجوائز الثمينة الممنوحة.
أربعة أفلام إماراتية جاء ذكرها في نتائج مسابقة المهر الإماراتي، وهي
مسابقة استحدثت هذا العام لأول مرة بعدما كانت المسابقات حكرا على السينما
العربية، والأفرو- آسيوية. هذه الأفلام هي «ملل» لنايلة الخاجة (الجائزة
الأولى) و«سبيل» لخالد المحمود (الجائزة الثانية) و«حمامة» لنجوم الغانم
(جائزة لجنة التحكيم الخاصة) و«ريح» لوليد الشحي (تقدير خاص).
بين هذه الأفلام يبرز «سبيل» لخالد المحمود لناحية ابتكاره الموقع
والحدث. إنه عن شقيقين يبيعان الماء والفاكهة عند كتف طريق في البرية.
وراءهما فضاء كبير وأمامهما طريق تمر به السيارات. قليل منها يتوقف. عند
نهاية كل يوم يركبان الدراجة النارية وينطلقان عائدين للبيت الصغير الكائن
وحده فيما قد يكون قرية. المخرج لن يسمح للكاميرا باستجواب المكان وتحديده،
لكننا سنجد شقيقين كثيري الرعاية لوالدتهما المقعدة. يداويانها حين عودتهما
ويطعمانها ويجلسان قربها. هذا المنوال يقع كل يوم إلى أن يعودا، متأخرين في
أحد الأيام، ليجداها قد توفيت. «سبيل» فيلم صامت (إلا من الموسيقى
والمؤثرات) وبصمته يطبق نوعا من السينما التي عليها أن تعبر عن نفسها
بالصورة فقط. الصورة هنا واضحة بلا التباس، وربما ذلك بعض ما كانت تحتاجه.
يلغي المخرج الشاب الذي سبق له أن أخرج لنفسه ومثل في أفلام آخرين،
الجماليات ويركز على اللا-حدث الماثل أمامنا. لا شيء يقال، لا شيء كثيرا
يوحى به. البعض أراد اعتبار أن الأم ترمز إلى الأرض، لكن المخرج يقول إنها
جزء من الواقع الذي يصوره. علاقة وطيدة لعائلة تصحو وتنام على ذات المنوال
يوما بعد يوم.
تاريخ سباق
* استحداث هذه الجائزة كان ضروريا، ولو أن المؤسسة ذاتها، التي تمولها
وتديرها «حكومة دبي»، لديها مهرجان «الخليج» الجامع للأفلام الإماراتية بين
سواها من أعمال دول الخليج العربي. الضرورة فرضتها تبعات مختلفة، فمن ناحية
هي استكمال لخطى المدير الفني للمهرجان، مسعود أمرالله آل علي، الذي انطلق
بمسابقة «أفلام من الإمارات» قبل عشر سنوات وذلك ضمن مؤسسة «المركز
الثقافي» في أبوظبي. حين تغيرت إدارة المركز وجد مدير ذلك المهرجان نفسه
غير قادر على الاستمرار وسط جهود الإدارة الجديدة لإجراء تغييرات لم يوافق
عليها، وانتقل إلى مهرجان دبي السينمائي من عام 2006 أي قبل عام من إطلاق
مهرجان أبوظبي السينمائي (باسم «مهرجان الشرق الأوسط» أولا). ذلك المهرجان
واصل مسابقة أفلام من الإمارات، لكنه احتار في تموضعها؟ هل تنتمي عمليا إلى
المهرجان الأكبر أم تبقى مستقلة؟ هل تسبق عروضها عروض الأفلام الدولية أم
تحاذيها؟ وهل ترفع من جوائزها أم تبقيها كما كانت؟
في الدورة الرابعة فقط لمهرجان أبوظبي تم إرساء ذلك المهرجان - داخل -
المهرجان على وضع مرضٍ، ولو أنه ما زال يعاني من منافسة السقف الذي يحتويه
على طريقة منافسة مهرجان برلين لأحد أقسامه الأخرى («فورام») على سبيل
المثال.
لكن ذلك أدى إلى رفع حدة المنافسة بين مهرجان «أفلام من الإمارات»
ومهرجان «الخليج» في دبي، ما حدا بالقائم عليه، مسعود أمرالله آل علي، إلى
استحداث جائزة المهر الإماراتية التي تمهد لمهرجان «الخليج السينمائي» بعد
ثلاثة أشهر فقط من الآن.
لكن المنافسة بين مهرجاني دبي وأبوظبي ليست حكرا على السينما
الإماراتية بل تمتد لتشمل كيانيْ المهرجانين بأسرهما. منذ البداية، شكل
انطلاق مهرجان أبوظبي تحديا واضحا لمهرجان دبي من حيث أن الآخر كان استحوذ
على أسبقية الوجود لا في الإمارات العربية المتحدة فقط، بل في المنطقة
الخليجية ككل. لا يعني ذلك أنه لم تنطلق فعاليات مهرجانات أخرى في منطقة
الخليج من قبل، بل كان هناك مهرجان للسينما المستقلة في الدوحة ومهرجان
للسينما العربية في البحرين ومهرجان مسقط السينمائي لكن هذه إما توقفت أو
بقيت صغيرة محصورة في حيز احتفالي ضيق جدا.
مهرجان دبي، الذي انطلق سنة 2004 أنجز ما كان وعد به ولو تطلب الأمر
سنتين قبل أن يؤكد للإعلام العربي أنه أكثر من مجرد «فرجة» استعراضية
واحتفالية أنتجتها الأموال الكبيرة المصروفة عليه. مع تعيين رئيسه الحالي،
عبد الحميد جمعة وانتقال مديره الفني مسعود أمرالله آل علي إليه غلب العنصر
العربي على الإدارة وغلبت معه قرارات توجيه دفته لخدمة السينما العربية من
ناحية والعالمية بأسرها من ناحية أخرى. المسابقات الأولى كانت محصورة
بالأفلام، الثانية باتت تشمل التصوير والسيناريو والتمثيل والتوليف، ما زاد
من رقعة الجوائز المالية الممنوحة. مع انطلاق مهرجان أبوظبي، فإن النموذج
الذي سعى ذاك لتطبيقه هو نموذج دبي، فالكثير من القوانين هي ذاتها والكثير
من الجوائز الممنوحة متشابهة.
ما لم يستطع مهرجان أبوظبي تحقيقه حتى الآن هو التأكيد على الهوية
العربية على نحو منفصل ومستقل، إذ إن مسابقته دولية، ولو أنه تم لرئيسه
الفني بيتر سكارلت الخروج بفكرة استحداث مسابقة ضمن المسابقة الجارية تمنح
للسينما العربية، فبات لدينا منذ هذا العام جائزة لأفضل فيلم عربي من بين
الأفلام العربية المشتركة والواردة أصلا في مسابقة الأفلام الدولية.
هذه الهوية العربية التي يفتقدها مهرجان أبوظبي مؤكدة في مهرجان دبي
منذ أن استلم الرئيس عبد الحميد جمعة مهامه الإدارية سنة 2006 مجريا
تبديلات جوهرية في سياق تلك الإدارة واكبها تحويل شعار «جسر الثقافات» إلى
فعل ما زال قائما وذلك عبر رفع نسبة الإسهامات العربية ونوعياتها عوض الشكل
الديكوراتي الذي كانت عليه في الدورتين الأوليين.
جوائز مختلفة
* لذلك كله ارتفعت حدة المنافسة بين المهرجانين، لكن معظم من سألهم
هذا الناقد ممن حضروا الدورة الأخيرة لمهرجان أبوظبي شهدوا أن مهرجان دبي
لا يزال الأول تنظيما وأهمية. هذا متبدٍّ في أكثر من ناحية، خصوصا لناحية
الأفلام التي جهد مهرجان دبي في استحواذها، كونه يقع في نهاية كل
المهرجانات العربية (والدولية أيضا) ولناحية لجان التحكيم. وفي حين أن لجان
التحكيم في مراكش والقاهرة ودمشق وأبوظبي خلت من النقاد، حشد مهرجان دبي
عددا ملحوظا من النقاد في مسابقاته المختلفة.
فرئاسة تحكيم مسابقة المهر الإماراتي آلت إلى الناقد سمير فريد، مع
مشاركة الناقد الإماراتي إبراهيم الملا، ومسابقة الفيلم الروائي الأفرو -
آسيوي التي ترأسها المخرج الصيني جوني تو ضمت الناقد البريطاني ديريك
مالكولم. ويكفي أن جائزة اتحاد نقاد السينما الدوليين (المعروفة اختصارا بـ
«فيبريسي») اتخذت من مهرجان دبي السينمائي الدولي مقرا لتوزيع جوائزها
الخاصة. ليس المقر الوحيد في المنطقة العربية (توزع جوائزها في كل من
القاهرة وقرطاج التونسي) لكنه المقر الأمثل كونها تتخصص في الأفلام العربية
الطويلة والقصيرة، روائية كانت أو قصيرة.
هذا العام ضمت ستة نقاد، ثلاثة منهم لمتابعة الأفلام الروائية الطويلة
(12 فيلما) والقصيرة (15 فيلما) وشملت البولندي أندريه فرنر، والقرقزستانية
غولبارا تولوموشوفا وناقد صحيفة «الشرق الأوسط» محمد رُضا كاتب هذه السطور.
الجانب الوثائقي تكوّن من ماجدا ميهايلسكو وليو سوسانتو وهالا الماوي.
الجوائز التي منحتها لجنتا الفيبريسي تمحورت حول أفلام «مدن ترانزيت»
للأردني محمد الحشكي، كأفضل عمل روائي طويل و«اثنان ونصف» للبناني إيلي
كمال كأفضل فيلم روائي قصير ثم «ظلال» وهو إنتاج مصري/ إماراتي/ فرنسي/
مغربي مشترك أخرجه كل من إيليان خوري ومصطفى حسناوي.
أحد هذه الأفلام ورد ذكرها في الجوائز الرئيسية أيضا. إذ فاز فيلم
«مدن ترانزيت» بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة المهر العربي للفيلم
الروائي الطويل. الجوائز الأخرى في هذه المسابقة توزعت على النحو التالي:
الجائزة الأولى لأفضل فيلم «رصاصة طايشة» لجورج هاشم (لبنان) وهو
الفيلم الذي عرضناه هنا حول المرأة الشابة (نادين لبكي) التي تجد نفسها
منبوذة في بيئتها خلال الحرب الأهلية اللبنانية نظرا لمواقفها سواء
العاطفية أو السياسية. الممثلة المصرية بشرى استحوذت بجدارة على جائزة أفضل
ممثلة عن دورها في فيلم «678» وعن الفيلم نفسه نال الممثل ماجد الكدواني
جائزة أفضل ممثل. الفيلم المغربي «براق» لمحمد مفتكر نال أفضل تصوير (قام
به إكزافيير كاسترو) وأفضل موسيقى ذهبت للفيلم السوري «مطر أيلول» الذي
كتبه عصام رفاعي والذي أخرجه عبد اللطيف عبد الحميد. أفضل توليف ذهب للفيلم
المصري «مايكروفون» وهو فيلم من إخراج أحمد عبد الله.
في نطاق السينما العربية الوثائقية، ذهبت الأولى لفيلم «هذه صورتي
عندما كنت ميتا» لمحمود المسعد وهو مخرج من أصل سوري يعيش في هولندا ويحمل
فيلمه هذا هوية إماراتية أميركية هولندية مشتركة. الجائزة الثانية هي «سقف
دمشق وحكايات الجنة» وهو إنتاج سوري قطري لسؤدد كعدان. الجائزة الخاصة
للجنة التحكيم في هذا المجال ذهبت إلى فيلم دنماركي الإنتاج أخرجه عمر
شرقاوي بعنوان «أبي من حيفا».
وإذا ما كانت لجنة الفيبريسي منحت الفيلم اللبناني «اثنين ونصف» جائزة
أفضل فيلم قصير، فإن لجنة مسابقة الفيلم القصير وجدت في الفيلم اللبناني
الآخر «الثلاثاء» ضالتها وهو فيلم لسابين الشمعة وهو حول امرأة عجوز اختطفت
لنفسها ثوبا أسود لتؤم به عزاء فيلحق بها شرطي إلى حيث تعيش ويجد نفسه
مشدودا إلى المنزل العابق بالفن والثقافة.
العودة إلى الوطن
* الخطب التي سادت أفلام العام خلت، إلى حد بعيد، عن التعرض للوضع
الفلسطيني كما كان الحال في الدورات القليلة السابقة. لا يعني ذلك عدم وجود
أفلام فلسطينية أو ذات علاقة بوضع فلسطيني أو آخر، بل بانحسار عدد الأفلام
التي تمنح هذا الشأن الحيز الكمي على الأقل. لكن العودة إلى الوطن تبقى سمة
مهمة موجودة، كما مر معنا من قبل عبر فيلم «مدن ترانزيت» للأردني محمد
الحشكي حيث تعود بطلة الفيلم من أميركا بعد غيبة سنوات لتجد نفسها في صدام
مع عالم لم تعه جيدا قبل مغادرتها بل ازداد حدة خلال تلك السنين أو كما
تقول في الفيلم «ما الذي حصل؟ لم تكن الحياة هكذا؟» ما تطرحه هو ارتفاع
الظواهر الدينية طاغية على الحرية الفردية التي سادت الأردن حتى مطلع هذا
القرن، وحسب المخرج، انحسرت بالتدريج.
فيلم آخر عن العودة نجده في فيلم مصري بعنوان «ما يدوم» أخرجه (المصري
الأصل) عمر روبرت هاملتون حول شاب مهاجر عاد إلى مصر ليمنع عملية بيع قطعة
أرض زراعية عاش وترعرع فوقها. يسافر إليها ويجلس مستمعا لذكرياتها. الفيلم
لم ينل الذكر أو أي من الجوائز رغم فكرته الواعدة، وذلك لسبب جيد: غياب
النهاية المناسبة، فهي مبتورة بلا نتيجة، مما يترك العمل بلا تأثير. لكنه
تقنيا فيلم جيد وطرحه مثير.
والحقيقة أن العديد من الأفلام القصيرة حملت أفكارا جيدة مصوغة
بأساليب تعبيرية ذات مستوى نوعي جيد. الفيلم الفائز بذهبية الفيلم القصير
«الثلاثاء» (أو كما عنوانه باللبنانية «تليتا») يحمل خامة فنية عالية من
تقطيع وزوايا لقطات وصولا إلى كيف تستطيع المخرجة في عشرين دقيقة التعبير
عن حياة مضت وأخرى ما زالت تنبض في عالم من الحاضر والماضي الغائب. فيلم ذي
ملامح حزينة غير دفينة معالجة برقة وتفهم شديدين.
الفيلم اللبناني الآخر «اثنين ونصف» مسألة نسائية أخرى حول تلك المرأة
العاملة من فجر النهار إلى آخر الليل. تستيقظ لتلتحق بالفرن كخبازة، ثم
لتنتقل إلى تكنيس وتنظيف أرض مؤسسة تجارية، قبل أن تعود ليلا إلى شقتها
الصغيرة. ذات يوم يتعرض لها اثنان ويقوم أحدهما باغتصابها. يحافظ الفيلم
على سمة أنه حدث مؤلم مر عارض في حياة مدينة تقوم على مئات القصص التي تقع
لمهمشيها.
وكان من بين الأفلام القصيرة أيضا فيلم «عايش» للمخرج السعودي الجيد
عبد الله آل عياف. جيد لأن أعماله القصيرة كلها حظيت بإدراكه الشامل لما
يريد بلوغه وبتحقيقه غاياته. «عايش» ليس أفضل من فيلمه السابق «مطر» مثلا،
لكنه بنفس مزايا المخرج الفنية ونجاحه في خلق عالمه من أبسط العناصر
الحدثية الممكنة: عايش هو مواطن تجاوز منتصف العمر أو يكاد. مات أهله جميعا
ولم يتزوج أو ينجب. يعمل في مشرحة أحد المستشفيات راضيا. ذات مرة يطلب منه
الانتقال إلى قسم الولادة حيث يشاهد الحياة من مطلعها. أمر غريب عليه. بعيد
فراسخ بعيدة عما اعتاد عليه وألفه. التجربة تخلق منه شأنا جديدا ولو أنه
سينام وحده في نهاية المطاف باستثناء دمية دب خلفها وراءه رجل فجع بأن
مولوده الجديد هو أيضا بنت. كان الفيلم بحاجة إلى صمت أطول لأن شخصياته
وممثليها هم في أضعف حالاتهم حين ينطقون.
ذكر خاص من لجنة تحكيم الأفلام الروائية تم توجيهه للفيلم الجزائري «قراقوز»
عن ذلك الأب وابنه الجزائريين اللذين يصنعان دمى وألعابا ويوزعانها على
الأطفال كما يقيمان عرض أراجوز جوالا بين تلك القرى النائية وكيف أن
رحلتهما تزداد صعوبة بسبب الوضع الحالي الذي يطحن المواطن العادي بين دفتي
الجانبين المتخاصمين؛ الدولة والمتطرفين. فيلم جيد كان يستحق أكثر من ذكر
خاص، لمخرج عاصر أفلاما وثائقية حققها من قبل اسمه (عبد النور زحزاح) وهذا
أول فيلم روائي له.
يبقى أنه من بين التكريمات الثلاثة التي قام بها المهرجان حيال
السينمائيين، والتي شملت الممثل - المخرج شون بن والمخرج الأفريقي سليمان
سيسي، وحده الاحتفاء بالممثلة والمطربة صباح لتاريخها الفني الذي يحوي أكثر
من ألف فيلم و3000 أغنية، مست القلوب جميعا. على الشاشة، في فيلم تم تصويره
في لبنان وبث خصيصا لحفل الاختتام، شكرت صباح المهرجان الذي منحها هذا
الاحتفاء وقالت إنه يحفزها للمواصلة. عيد سعيد لك يا فنانة العصور.
الشرق الأوسط في
21/12/2010
'رصاصة
طايشة' تُصيب الجائزة الاولى في مهرجان دبي
السينمائي
دبي – من هدى إبراهيم
نايلة الخاجة تفوز بجائزة المهر الاماراتي عن فيلم 'ملل'، ومحمد صالح
هارون يحصد جائزة المهر الافريقي الاسيوي عن فيلم 'رجل يصرخ'.
انتزع الفيلم اللبناني "رصاصة طايشة" للمخرج جورج هاشم الجائزة الاولى
من بين جوائز المهر التي تكافىء الافلام المشاركة في المسابقة العربية
لمهرجان دبي السينمائي في دورته السابعة الاحد.
وتدور احداث الشريط عند بدايات الحرب اللبنانية مثيرة قضية امراة
موزعة بين الامتثال لرغبة عائلتها بالزواج وبين الارتباط بشاب تحبه.
وكان هذا الشريط حصل على جائزة افضل سيناريو قبل ايام في مهرجان
القاهرة السينمائي.
وفي فئة جوائز المهر للفيلم الاماراتي، فازت بالجائزة الاولى نايلة
الخاجة عن فيلم "ملل"، وبجائزة لجنة التحكيم الخاصة نجوم الغانم عن فيلم
"حمامة". كما منحت الجائزة الثانية لخالد المحمود عن فيلم "سبيل" وشهادة
تقدير لوليد الشحي عن فيلم "ريح".
ومنحت جائزة المهر الافريقي الاسيوي لافضل فيلم لشريط "رجل يصرخ"
لمحمد صالح هارون الذي نال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي
الدولي الاخير.
وتسلم الفائزان بالمهر العربي والمهر الافريقي لافضل فيلم جائزتيهما
من يد النجمة الفرنسية ايزابيل هوبير.
ونال شريط محمد الحشكي "مدن الترانزيت" الحائز على جائزة النقاد
الدوليين في المهرجان، جائزة لجنة التحكيم لفئة المهر العربي.
ونال شريط الاردني محمود المساد "هذه صورتي وانا ميت" جائزة المهر
الاولى للافلام الوثائقية بينما نالت اللبنانية سابين الشمعة جائزة المهر
للفيلم القصير عن شريطها "تلاتا".
وفي المسابقة العربية، نال جائزة افضل ممثل وافضل ممثلة المصري ماجد
كدواني و"بشرى" عن دوريهما في فيلم "ستة سبعة ثمانية"
وذهبت جائزة افضل سيناريو في هذه الفئة للمغربي جيلالي فرحاتي عن فيلم
"عند الفجر"، وجائزة افضل مونتاج للمصري هشام صقر عن فيلم "ميكروفون"
للمخرج احمد عبدالله. وحصل على جائزة افضل موسيقى السوري عصام رافع عن فيلم
"مطر ايلول"، وعلى جائزة افضل تصوير الفرنسي زافيير كاسترو عن شريط "براق"
للمغربي محمد مفتكر.
وفي فئة الفيلم الوثائقي منحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفلسطيني
عمر شرقاوي عن شريطه "ابي من حيفا"، وذهبت الجائزة الثانية للسورية سؤدد
كعدان عن فيلم "سقف دمشق وحكايات الجنة". ونال شهادة تقدير كل من المصري
عبالله الغول عن فيلم "تذكرة من عزرائيل"، والمصرية ايمان كامل عن فيلم
"بيت شعر".
وفي مسابقة المهر العربي للافلام الروائية القصيرة، نال جائزة لجنة
التحكيم الخاصة الجزائري عبد النور زحزاح عن فيلم "قراقوز"، والجائزة
الثانية اماراتي خالد المحمود عن فيلم "سبيل". كما منحت شهادة تقدير
للاماراتي وليد الشحي عن فيلم "ريح".
وفي فئة الافلام الروائية الطويلة في مسابقة المهر الاسيوي - الافريقي،
منحت جائزة افضل فيلم للتشادي محمد صالح هارون عن فيلم "رجل يصرخ"، وجائزة
لجنة التحكيم الخاصة للجنوب افريقي اوليفر شميت عن فيلم "الحياة اولا".
وذهبت جائزة افضل ممثل للتشادي يوسف جارو عن دوره في فيلم "رجل يصرخ"،
وجائزة افضل ممثلة للايرانية كوبرا حسن زادة عن دورها في فيلم "مرهم".
ونال جائزة افضل سيناريو الايراني محسن عبد الوهاب عن فيلم "الرجاء
عدم الازعاج"، وجائزة افضل مونتاج الفرنسية ماري هيلين دورز عن فيلم "رجل
يصرخ"، وجائزة افضل موسيقى الياباني جوني غينوود عن فيلم "غابة نروجية".
وذهبت جائزة افضل تصوير لكل من سايومبهو موكديبرم ويوكنتورن مينغمونغن
عن فيلم "العم بونمي الذي يتذكر حيواته السابقة".
وفي فئة مسابقة المهر الاسيوي - الافريقي فئة الفيلم القصير، ذهبت
الجائزة الاولى للقرغيزية نرجيزا ممتلكوفا عن فيلم "الحلق"، وجائزة لجنة
التحكيم الخاصة للتايواني "شي سي ون " فيلم "النوم معها"، والجائزة الثانية
للكوري الجنوبي جونغ شول بارك عن فيلم "لعبة غير طريفة".
وفي مسابقة المهر الاسيوي الافريقي فئة الافلام الوثائقية ذهبت
الجائزة الاولى للصيني جيا زانج كي عن فيلم "ليتني عرفت"، وجائزة لجنة
التحكيم الخاصة للكاميروني اريان استريد انجي عن فيلم "كوندي والخميس
الوطني".
اما الجائزة الثانية فمنحت للغاني جون اكمفرا عن فيلم "المهمات
السبع".
ومنحت شهادة تقدير لكل من الايراني شاهين برهامي عن فيلم "امين"،
وللهندي اشفين كومار عن فيلم "انشاء الله كرة القدم".
ومنح المهرجان ما مجموعه 36 جائزة تصل قيمتها المالية الى ما يزيد على
600 الف دولار.
وشارك في المهرجان الذي افتتح قبل اسبوع، 157 فيلما من 75 دولة.
ميدل إيست أنلاين في
21/12/2010
كان مسك ختام موسم المهرجانات العربية
مهرجان دبي يشجّع المواهب العربية الشابة
ويكرس 2010 لاكتشافهم
دبي – أ ف ب / عكست جوائز مهرجان دبي في مسابقة "المهر للأفلام
العربية الطويلة" طبيعة الدورة السابعة لهذا المهرجان التي وضعت تحت شعار
"اكتشاف المواهب العربية"، فضلاً عن تقنيات الإنتاج والتصوير الآخذة
بالانتقال كلياً إلى الرقمي مع الجيل الجديد الذي ينجز الأفلام بأقل كلفة
ممكنة.
وتصدرت أعمال المخرجين الشباب لائحة الأفلام المشاركة في المسابقة
العربية للمهرجان الذي يختتم موسم المهرجانات العربية لعام 2010 إذا ما
استثنينا مهرجان وهران الذي يقام حالياً في غير موعده.
ومن بين 11 فيلماً شارك بالمسابقة في دبي، تم تقديم 7 أعمال أولى
لمخرجين شباب، ما يجعل من هذا المهرجان الملتقى العربي الأول من ناحية
قدرته على تقديم المواهب الشابة والجديدة بجانب أعمال المخضرمين الذين حصل
من بينهم المغربي جيلالي فرحاتي على جائزة أفضل سيناريو عن شريطه "عند
الفجر".
رؤية المهرجان
واعتبر القائمون على المهرجان أن التوجه نحو الشباب والتركيز عليهم
خيار جوهري، كما يؤكد مدير المسابقة العربية عرفان رشيد الذي أشار إلى أن
"كلاً منهم يضع إصبعه على الجرح الأكثر إيلاماً وحضوراً في الواقع اليومي
المعاش".
وأشار القائمون على المهرجان إلى أن الدورة المنتهية للتو اكتملت معها
رؤية المهرجان التي سعى لإحلالها منذ تأسيسه وهي توفير واجهة العرض الأكثر
ملاءمة لإنجازات الشباب.
وقد اعتبر المدير الفني لمهرجان دبي مسعود أمر الله العلي ليلة ختام
الدورة السابعة مساء 19-12-2010 أن عملية ترشيح الأفلام للمراحل الأخيرة
شكّلت واحداً من أكبر التحديات التي واجهتهم.
ويضيف "الفائزون الذين تم تكريمهم كانوا من بين الأسماء المرشحة،
ونقول لأولئك الذين لم يتمكنوا من حصد أي من جوائز المهر إنهم "يجب أن
يكونوا فخورين بما قدموه".
وعبّرت لجنة التحكيم التي رئسها المخرج الفلسطيني ميشال خليفي أيضاً
عن صعوبة قيامها بعملية الاختيار، نظراً لتقارب الجودة في الأعمال وصعوبة
التفريق بين عدد كبير منها.
"رصاصة طايشة"
وتصدر قائمة الرابحين الفيلم اللبناني "رصاصة طايشة" الذي نال جائزة
المهر لأفضل فيلم عربي.
ويعالج "رصاصة طايشة" موضوع امرأة خاضعة لقيد العائلة ولكل أنواع
الضغوط على خلفية بدايات الحرب الأهلية اللبنانية، ويوازي المخرج بين
الانفجار العام الحاصل على مستوى البلد والانفجار داخل حياة العائلة التي
تعيش حالة توتر قصوى قبل أن تتشظى.
وتؤدي الممثلة والمخرجة اللبنانية نادين لبكي دور نهى في الفيلم،
وتحاول عائلتها عبثاً إجبارها على الزواج من شخص لا تحبه.
وأضفى المخرج على شريطه صبغة واقعية بدت فعالة خاصة حين يظهر الممثلون
بدون ماكياج تقريباً، وبينهم نادين لبكي التي تؤدي دور ابنة عائلة داخل
مجتمع مسيحي مأزوم.
وكوفئت السينما العربية الجديدة وتوجهاتها، أيضاً، عبر منح الأردني
محمد الحشكي جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلم "مدن الترانزيت"، وهو أول
عمل له في بلد الندرة السينمائية. وقد صور بشاعرية وواقعية قصة شابة تعود
إلى وطنها لتعجز عن مواكبة التحولات السلبية وترفض أن تكون جزءاً منها.
وصور هذا الفيلم أيضاً بإمكانيات ضئيلة في 8 أيام، لكن رؤية مخرجه
واختياره لموضوعه ومفردات عمله كانت كفيلة بنيل إعجاب لجنة التحكيم،
وبجانبها لجنة تحكيم النقاد الدوليين في دبي حيث نال هذا الفيلم جائزتهم
ايضاً.
الأفلام المصرية
أما "ميكروفون" وهو الفيلم الثاني للمخرج أحمد عبدالله، فكان مازجاً
بين ممثلين محترفين وبين شخصيات حقيقية تعبر عن مجتمعها وملامحه بالأغاني
والموسيقى. وحاز الفيلم جائزة أفضل مونتاج في دبي بعد انتزاعه لجائزة "التانيت
الذهبي" في قرطاج وجائزة أفضل فيلم عربي في القاهرة.
أما العملان المصريان الآخران "678" لمحمد دياب، و"خروج" لهشام عيساوي
وهي أعمال أولى للمخرجين، فناقشت قضايا اجتماعية حساسة قليلاً ما تتطرق لها
سينما اليوم السائدة في مصر.
وإذا كان محمد دياب كتب سيناريوهات لأربعة أفلام تجارية سابقاً بينها
فيلم "الجزيرة"، فهو بتوقيعه لأول شريط من كتابته وإخراجه اختار التطرق
لموضوع التحرش الجنسي في القاهرة من خلال حبكة لا تخلو من كوميديا ويدخل
على خطها الطب النفسي والشرطة. وحصل هذا الشريط في دبي على جائزتي التمثيل
لكل من بشرى وماجد الكدواني.
وتطرق فيلم "خروج" لبطالة الشباب ومحاولته البروز على السطح والعيش
بكرامة وسط مدينة طاحنة وضغوط لا ترحم، تجبر على الهجرة غير المشروعة.
وبدأ الفيلم المغربي "براق" وهو أيضاً فيلم أول لمحمد مفتكر مختلفاً
تماماً عن القضايا التي عولجت في الأفلام التي شاركت في مسابقة المهر
العربي، حيث توغل بغموض وسوداوية إلى داخل العوالم النفسية لشابة اغتصبها
والدها وتتوهم باستمرار أنها حامل من الجن، وصور بجماليات رفيعة ولغة
سينمائية حادة كفلت له الفوز بجائزة أفضل تصوير في دبي بعد أن كان فاز
بجائزة الفيلم الوطني المغربي لعام 2010.
العربية نت في
21/12/2010 |