شخصية "أموميّة" تكتنز قدراً كبيراً من الطفولية والمشاكسة. إنها ماري-بيار
ماسيا صاحبة المسيرة السينمائية الطويلة في حقل المهرجانات، تنظيماً وإدارة
وبرمجة، التي قررت قبل ثلاث سنوات أن تدخل عالم الإنتاج بعدّة بسيطة قوامها
الشغف والصبر والتسامح. لا نستثني المعرفة والخبرة لافتقارها إليهما، بل
لأنهما تحصيل حاصل وغنيّتان عن الذّكر والتعريف في مسيرتها الحافلة. عندما
اختارها مهرجان أبوظبي السينمائي قبل أشهر قليلة للإشراف على صندوق التمويل
السينمائي "سند" الذي أطلقه، بدا وكأنها تظهر إلى العلن للمرة الأولى. ولكن
المصادقة على اختيارها التي جاءت في شكل تعليقات إيجابية من كل مكان، أكّدت
أن لصاحبة الشعر الأبيض تلك بملامح وجهها الطفولية نجومية متوارية عن
الأنظار، مردّها إلى طبيعتها المتواضعة والودودة وتعاطيها غير النهائي مع
قدراتها وعملها. على هامش الحوار الذي جمعنا في المهرجان، أشارت سريعاً إلى
أنها مضطرة للسفر لبضعة أيام إلى فرنسا لمشاهدة النسخة الأولية لفيلم
السينمائي المجري بيلاّ تار الذي تنتجه. ولم تذكر كيف اكتشفت، خلال السنوات
التي أدارت فيها تظاهرة "نصف شهر المخرجين"، سينمائيين باتوا اليوم في
طليعة السينما المعاصرة من أمثال المكسيكي كارلوس ريغاداس والبريطاني ستيفن
دالدري ورواد السينما الرومانية الجديدة كريستي بيو وكريستيان مونغيو
والأميركية صوفيا كوبولا والتشادي محمد صالح هارون. وتحدّثت عن معرفتها
بالسينما العربية من موقع المكتشف والشغوف وليس كنتيجة طبيعية لأصولها
الجزائرية.
جاءت ماسيا السينما من دراسة الأدب الكلاسيكي والفرنسي، فكانت بداياتها
العملية في "المكتبة السينمائية الفرنسية" قبل أن تعمل لسنوات في مجال حفظ
الإرث السينمائي في "متحف الفن الحديث" في نيويورك و"مكتبة الكونغرس" وفي
مجال البرمجة مع "مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي" وغيره من المهرجانات.
لا تستطيع ماسيا أن تخفي حماستها تجاه مشروع "سند" لاسيما أنها كانت من
أوائل الذين اقترحوا على مهرجان أبوظبي السينمائي فكرة إنشاء صندوق تمويل
للمشاريع والأفلام السينمائية العربية. فقبل أشهر قليلة من إطلاق "سند"،
حضرت ماسيا الدورة الثالثة للمهرجان كمنتجة للفيلم الوثائقي الفلسطيني
"ميناء الذاكرة" لكمال الجعفري. كان منح المهرجان الفيلم مساعدة إنتاجية
إشارة واضحة إلى أن فكرة تأسيس صندوق دعم ليست بعيدة من تفكير منظّميه.
هكذا أبصر الصندوق النور في نيسان/أبريل الماضي وعيّنت ماسيا مشرفة عليه،
يشاركها فريق من مبرمجي المهرجان وإدارته (بيتر سكارليت وتيريزا كافينا
ورشا سلطي وانتشال التميمي) في عملية اختيار المشاريع والأفلام التي ستحوز
الدعم. تصل قيمة الدعم الإجمالي الى 500 ألف دولار أميركي سنوياً وتستفيد
منه المشاريع الروائية والوثائقية الطويلة، حيث تصل قيمة منحة مرحلة
التطوير إلى عشرين ألف دولار، فيما تصل منحة مرحلة الإنتاج النهائية إلى
ستين ألف دولار.
خلال أربعة أشهر بين نيسان وأيلول، شاهدت لجنة الإختيار نحو خمسين فيلماً
في مراحل الإنتاج النهائية وقرأت قرابة مئة سيناريو. جاءت حصيلة الدورة
الأولى من "سند" سبعة وعشرين مشروعاً توزعت بين 17 مشروعاً في مرحلة
التطوير وعشرة في مرحلة الإنتاج النهائية. من بين الأخيرة، أربعة أفلام
انتهى العمل عليها بالفعل وعُرضت خلال الدورة الرابعة من المهرجان هي: "
شتي يا دني" للبناني بهيج حجيج (عُرض في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة
وحاز جائزة أفضل فيلم روائي عربي)، "طيب، خلص، يللا" للبنانية رانيا عطية
والأميركي دانييل غارسيا، "كرنتينة" للعراقي عدي رشيد و"ثوب الشمس"
للإماراتي سعيد سالمين (عُرضت الأفلام الثلاثة في مسابقة "آفاق جديدة"
للأفلام الأولى والثانية وحاز شريط عطية وغارسيا جائزة أفضل فيلم روائي
عربي لمخرج جديد). وثمة عمل رابع هو الوثائقي "في أحضان أمي" للمخرجين
العراقيين عطية ومحمّد الدراجي قُدم في إطار "عمل قيد الإنجاز". ومن
المنتظر أن تعلن الدفعة الأولى من مشاريع الدورة الثانية في شهر
شباط/فبراير 2011.
الكم والنوع
أثار العدد الكبير للمشاريع الدهشة والتساؤل. هل كلها تستحق الدعم بالفعل؟
أوليس الأفضل دعم عدد أقل من الأفلام بمبالغ مالية أكبر؟ تعلّق ماري ـ بيار
على ذلك بالقول: "عندما أطلقنا "سند"، كان في بالنا دعم خمسة أفلام وعشرة
سيناريوات سنوياً. ولكننا اكتشفنا ان التمسّك بتلك الخطة الأولية سيتسبب
بإلحاق الظلم بمشاريع كثيرة تستحق الدعم. وما حدث أننا تلقينا عدداً كبيراً
من المشاريع نظراً إلى أن "سند" هو أول صندوق للتمويل السينمائي في العالم
العربي ولأنها ايضاً كانت دورته الأولى. اجتمع العدد الكبير من المشاريع مع
الجودة. ولا أنكر انني ذهلت بمستوى الأعمال لاسيما السيناريوات."
خلف قرار المهرجان تقديم الدعم لمرحلتي تطوير السيناريو والإنتاج النهائية،
تقف عوامل عدة، ليس أقلّها الكلفة الكبرى التي يتطلّبها الإنتاج الفعلي
والتي تتجاوز القيمة الكلية للصندوق في معظم الأحيان. ولكن ماسيا ليست
معنية كثيرة بالأرقام بقدر اهتمامها بالمدلولات: "من خبرتي كمنتجة ومبرمجة
ومديرة مهرجانات، أعرف تماماً ما يعانيه السينمائي في العالم العربي. نحن
نتحدّث دائماً عن مشكلة الإنتاج كمعضلة واحدة ولكن الواقع ان هنالك مراحل
في عملية الإنتاج ولكل منها مواصفاتها ومشكلاتها وحساسياتها. أعتقد أن
مرحلتي الكتابة وما بعد الإنتاج هما الأكثر حساسية في العالم العربي.
الأولى تتطلب تفرّغاً وهدوءاً وانصرافاً تاماً من المخرج الى الكتابة
الإبداعية. وذلك يحتاج إلى تأمين مورد له خلال هذه الفترة ومن هنا أهمية
دعم التطوير. وفي حين يعثر المخرج على طريقة ما لبدء التصوير، يجد نفسه في
مراحل الإنتاج النهائية من دون دعم لأن التصوير يكون قد استهلك الموازنة
المتوفرة بين يديه والشحيحة أصلاً. ومن هنا جاء قرار تخصيص دعم مراحل
الإنتاج النهائية. بقول ذلك، لا أقصد ابداً قطع الطريق على فكرة إنشاء
تمويل خاص بالإنتاج. فهذا مشروع ليس بعيداً من طموحاتنا بل إن العمل جارٍ
على بلورته. وبالعودة إلى مراحل تطوير السيناريو، يجب أن نتذكر ان الإنتاج
السينمائي اليوم قائم على تضافر أكثر من جهة. لذلك يشكّل حصول مشروع
سينمائي على منحة تطوير اعترافاً به ويمهّد الطريق لحصوله على دعم من جهات
أخرى."
التوقيت والحاجة
صحيح أن توقيت الإعلان عن "سند" مرتبط بعوامل داخلية خاصة بمهرجان أبوظبي
السينمائي ولكنّه أيضاً ذو دلالات تتقاطع مع المشهد العام. فاللافت في
الأمر تزامنه مع تراجع حاد في الدعم الأوروبي للأفلام العربية، كما مع صعود
مشاريع تمويلية أخرى في المنطقة (مثل الصندوق العربي للثقافة والفنون
مبادرة مهرجان الدوحة ترايبيكا وسواهما)، يثير اهتمامها بالثقافة عموماً
والسينما خصوصاً سؤال "لماذا الآن؟". مما لا شك فيه ان "الإعتراف" التدريجي
الذي حقّقه فنانون وسينمائيون عرب خلال السنوات الأخيرة في المهرجانات
والمتاحف الدولية لعب دوراً ما في التفات الداخل إليهم. ومما لاشك فيه
أيضاً أن الغياب شبه الكامل للدعم الرسمي للسينما في معظم البلدان العربية
شكّل نداءً لبروز قنوات دعم بديلة. عن ذلك تقول ماسيا: "إن إنشاء صندوق
تمويل سينمائي هو في الاساس استجابة لحاجة ملحّة لدى السينمائيين العرب كما
أنه برأيي الموقف الأكثر إيجابية الذي يمكن مهرجان سينمائي عربي أن يتّخذه
ويعبر من خلاله عن فهمه لحاجات السينمائيين والمنطقة كما لدوره. ولاشك في
أن هذا الموقف أصبح أكثر إلحاحاً مع تراجع الدعم الأوروبي للسينما العربية
بسبب الأزمة المالية من جهة وتقلّص الإهتمام بها من جهة ثانية. علينا ان
نكون صادقين مع أنفسنا عند تقويم تجربة الإنتاج المشترك مع أوروبا. فالأخير
اسهم خلال السنوات الأخيرة في تسليط الضوء على سينمات أميركا اللاتينية
وإيران وسواهما. مع السنما العربية، اختلف الأمر حيث بقيت الإكتشافات على
مستوى المخرجين فيما لم تحقق السينما العربية صحوة شاملة. لا يرمي هذا
القول الى التقليل من شأن الأخيرة بل إلى إدراك ضرورة مساندتها ودعمها
داخلياً واحتضان تجاربها على اختلاف أشكالها ومستوياتها."
يخبئ كلام ماري-بيار ماسيا طموحاً في أن يكون "سند" ومن خلفه مهرجان أبوظبي
السينمائي ومن خلفهما أبوظبي تلك المنصّة لإطلاق سينما عربية واعدة وحيوية.
وهو طموح مشروع بالطبع ولكنّه لا يلغي حقائق أخرى أبرزها الإختلافات
الكبيرة بين السينمات العربية التي تعاند الإنضواء تحت راية "سينما عربية"
موحّدة والشروط التي قد يفرضها مثل هذا الطموح من مثل توجيه الدعم إلى
أفلام "مقبولة" على الأصعدة الإجتماعية والجماهيرية وحتى السياسية. ولكن
ماسيا تؤكد: " لم نواجه أية ضغوطات خلال اختيارنا المشاريع ولا وجود لدفتر
شروط مسبق. أما الإتجاه إلى دعم مشاريع جماهيرية فهذا ما لم أفكّر به أبداً
لأنه في عرفي ان لا قاعدة لمسألة الجماهيرية وبعض الأفلام المتطرّف في
خياراته الفنية والسردية قد يلاقي الجماهيرية. ولا تنسي أن 17 مشروعاً من
بين التي دعمناها هي سيناريوات وبالتالي يصعب تحديد توجهها لأنها ليست
الأفلام النهائية."
تنوع ومعايير
تحتوي المجموعة المختارة من الأفلام على تنوّع هائل لجهة توجهات مخرجيها
وتجاربهم وجنسياتهم ولجهة النوع. في اللائحة، 15 مشروعاً لمخرجين يقدمون
تجاربهم الأولى، يتجاورون مع سينمائيين مخضرمين من أمثال السوريين محمد ملص
وعمر أميرالاي وآخرين حاضرين في المشهد السينمائي بأعمال معروفة من طراز
فوزي بنسعيدي وبهيج حجيج وصبحي الزبيدي وكريم طريدية وطارق تغية ورجاء
عماري وخليل جريج وجوانا حاجي توما وناديا الفاني وآخرين. كذك موّل الصندوق
الباكورة الروائية للمخرج الإماراتي سعيد سالمين "ثوب الشمس" ومشروعين،
أحدهما روائي والثاني وثائقي، للعراقي محمّد الدراجي. تعتبر ماسيا أن
المثال الأخير دليل على ان الحسابات الجغرافية لا تلعب دوراً في الإختيار:
"لقد صدف ان للدراجي مشروعين وكلاهما قوي ويستحق الدعم. لم يكن ممكناً أن
نحرم أحدهما من الدعم لمجرد أنه لا يحق لمخرج التقدم بعملين. أما مشروع
سعيد سالمين فدعمه مسألة بديهية لأنه امتلك مقومات جيدة ولأن دعمه هو دعم
لحركة سينمائية ناشئة في الإمارات. الأمر ليس استثناء البتة بل هو عرف
وتقليد متّبع في العالم ونلمسه كثيراً في المهرجانات السينمائية. فحين يقام
مهرجان سينمائي في روما، نقع فيه على أفلام إيطالية قد لا تكون بمستوى
الأفلام الايطالية التي تشارك في مهرجانات عالمية ولكن جزء من دور المهرجان
أن يؤمن مساحة لنتاج سينماه قد لا تتوفر في أماكن أخرى."
تبقى معايير الإختيار في المهرجانات كما في المسابقات عملية غامضة لا تخضع
لمقاييس ثابتة بقدر ما تقوم على حساسيات الأفراد وذائقاتهم. من هنا تعتبر
ماسيا تأتي أهمية لجان الإختيار المتنوعة بأعضائها وبخلفياتهم. السر بحسب
ماري-بيار يكمن في "الصبر والتسامح والعيش مع الأفلام لأيام قبل اتخاذ أي
قرار. العناصر التي تحكم عملية الإختيار كثيرة، تبدأ بالجودة بالطبع ولكن
تتخطاها إلى أشياء كثيرة منها ما يريد المخرج قوله والموضوع والمعالجة
وسواها. هدف هذا التمويل اكتشاف ما يفعله المخرجون في المنطقة العربية
وتسليط الضوء عليه. لا يعنيني أن يكون الفيلم كاملاً بل أن يقول شيئاً سواء
ا[موضوعه او شكله أو مقاربته. إذا لمست شيئاً مميزاً في فيلم حتى لو لم يكن
مكتملاً أميل إلى مساندته لأنني بذلك أساند موهبة وأساعدها على التطوّر."
خمسة أفلام على الأقل من بين تلك التي حازت دعماً لمراحل الإنتاج النهائية
ستكون مكتملة وجاهزة للعرض خلال العام المقبل. وحين تُسأل ماري-بيار عن
المردود المعنوي من دعم هذه الأفلام الذي يُترجم عن طريق حصول المهرجان على
حقوق العرض الأول تقول: "إن عرض فيلم دعمناه في المهرجانات الدولية إنما هو
كسب لنا. ومسألة عرضه في مهرجان أبوظبي ستظل خاضعة لجودته وقوته وليست
تحصيل حاصل."
ملامح
لا تميل ماسيا إلى تقديم رأي نقدي في السينما العربية أو الأحرى انها لا
تقدم وجهة نظرها في إطار نقدي بل على شكل استنتاجات تعتبرها سمات متفرّدة
في الأفلام: "السينما العربية ميالة إلى الإتجاه السردي الكلاسيكي وتلك
ليست نقيصة بل هي ملمح عام، يشهد بين الحين والآخر استثناءات. لقد لفتني في
المشاريع انها طالعة من قلق وإلحاح وحيوية تنم عن مدى الحاجة عند
السينمائيين إلى تقديم أفلامهم. لهذا الإلحاح وجهه السلبي أحياناً إذ يتسبب
بتسريع عملية الكتابة قبل اختمار الإفكار وتبلور الرؤية. لا أريد أن أعمم
في شأن الموضوعات، ولكن مرة أخرى وصلني إحساس المخرجين العميق بالغربة
والمنفى بالمعنيين الداخلي والخارجي. الشباب مشغولون برصد محيطهم وما حلّ
به، بينما الجيل الأكبر يلوذ بالحلم والنوستالجيا بديلاً من واقع منفصل
عنه. أعتقد أننا سنشهد خروج بعض الأفلام المهم السنة المقبلة."
المستقبل اللبنانية في
05/11/2010
أرواح صامتة تنطق باصوات تعبيرية
أبوظبي - من عدنان
حسين أحمد
تحفة فنية ترصد قصة حبٌ لايموت وهوية لا تنمسخ تنال بجدارة
اللؤلؤة السوداء في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي.
بادئ ذي بدء، لابد من الاشارة الى أن معظم الأفلام التي إشتركت في
مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الرابعة لمهرجان أبوظبي
السينمائي الدولي لهذا العام كانت تتوفر على سوية فنية واضحة تؤهلها
للتنافس على كبرى جوائز المهرجان مثل (أرواح صامتة) للمخرج أليكسي
فيدورتشنكو، (شتّي يا دني) لبهيج حجيج، (لا تتخلَّ عني) لمارنك رومانك،
(حرائق) لدني فينلوف، (سيرك كولومبيا) لدانيس تانوفيتش، (مزهرية) لفرانسوا
أوزون وغيرها من الأفلام الخمسة عشر التي إشتملت عليها المسابقة المذكورة.
وعلى الرغم من أهمية بعض هذه الأفلام إلا أن فوز فيلم (أرواح صامتة) للمخرج
الروسي أليكسي فيدورتشنكو قد جاء في محله، وقد وُفقت لجنة التحكيم في أن
تُسند جائزة المهرجان الكبرى (اللؤلؤة السوداء وقيمتها مائة ألف دولار) الى
مستحقها الذي أبدع في كل مفصل من مفاصل هذه التحفة البصرية التي قدّمت أروع
ما يمكن من جماليات الخطاب السينمائي. وقد جاء في قرار لجنة التحكيم أنها
أسندت هذه الجائزة لفيلم فيدورتشنكو وذلك "لتصويره الشعري لأصداء تراث
ثقافي لشعب حاضر اليوم، ولتميز لغته السينمائية." وقبل ذلك كانت لجنة تحكيم
مهرجان فنيسيا في دورته السابعة والستين قد إحتفت بهذا الفيلم ومنحت مخرجه
جائزة النقاد، فيما نال مصوره جائزة (أوزيلو) لأفضل تصوير.
طقوس المريان وشعائرهم
لكي نحيط القارئ الكريم علماً بالأس التراثي لفيلم (أرواح صامتة) لابد
لنا أن نتوقف عند طقوس وأعراف وتقاليد المجموعة الأثنية المعروفة بالـ (Merja) وهي مجموعة ذات أصول فينو- أغريقية تمّ إستيعابهم من قبل
الأسكندنافيين الى أن جاء القيصر الروسي إيفان الرابع، الملقّب بـ (إيفان
الرهيب) فضمهم الى روسيا ومارس ضدهم مختلف أشكال القمع في محاولة لتذويبهم
وتمييع هويتهم الوطنية.
وجدير ذكره أن هذه الأثنية وثنية تقدس الطبيعة بشكل خاص ولهم آلهة
محددة مثل إله النار وإله الريح وما الى ذلك. ووفقاً لمعتقداتهم الراسخة
فإنهم يربطون بين الانسان والطبيعة المحيطة بهم حيث يعتقدون أن لها تأثيراً
سحرياً على حياة (المريان) وأن الإنسان الذي يريد أن يعيش خارج الطبيعة
وبمعزل عنها فإنه لا يقوى على الحياة. كما يلعب الماء دوراً مهماً في
حياتهم، ولذلك فهم يعيشون عند ضفاف الأنهار والبحيرات مثل نهر (الفولغا)
وبحيرة (نيرو) وللمناسبة فإن (الفولغا) هي تسمية متشقة من اللغة المارية
التي يتحدث بها المريان. إن ما يهمنا من أمر هذه الاثنية هو شعائرها
وطقوسها، وعاداتها وتقاليدها التي أفاد منها كاتب السيناريو دينيس أوسوكين،
صاحب الرواية الأصلية المعنونة بـ (Buntings) وهي نوع من عصافير الدُرَّسة. يعتقد المريان أيضاً بأن (كل شيء قابل
للزوال ماعدا الحب الذي لا يعرف الموت) كما يقول الراوي (إيست).
لا يقتصر الفيلم، كما أشرنا آنفاً، الى موضوع الهوية (المريانية) التي
ذابت بشكل أو بآخر لكنها لم تمت، ولم تتعرض للإنقراض بعد، وإنما يتمحور على
موضوعات أخرى مثل الحب، والمشاركة الوجدانية، والفقد الأبدي، وتناول فكرة
الموت من زاوية نظر جديدة. يمكن إختصار ثيمة الفيلم بأن ميرون (يوري
تسيرليو)، مدير معمل الورق في مدينة (Neya المريانية) يطلب من صديقه الحميم إيست (
إيغور سيرغييف)، المصور الفوتوغرافي، وابن الشاعر المحلي، الذي يزاول كتابة
الأغاني والقصائد المتعلقة بالتراث المرياني، أن يرافقه في رحلة مراسيم حرق
زوجته تانيا (يوليا أوغ) التي توفيت بسبب مرض مفاجئ، ويتوجب عليه أن يحرقها
في مدينة (غورباتوف) التي تربطهم بذكريات شهر العسل. إيست الذي نسمعه عبر
تقنية الـ (فويس أوفر) ونراه وهو يزاول مهنة التصوير الفوتوغرافي وكتابة
الأشعار يرتبط هو الآخر مع تانيا بقصة حب أيضاً.
من هنا فإن المثلث العاطفي يحضر بأركانه الثلاثة في مشاهد الغسل
والرحلة الطويلة وحرق الجثة.
النزوع الإيروسي
لاشك في أن أداء يوليا أوغ التي جسّدت الدور الصعب لـ(تانيا) كانت
فنانة من طراز خاص وهي تسيطر على نفسها في دور الزوجة الميتة أو الجثة التي
يغسلها بالفودكا كلاً من الزوج المكتئب والعشيق الحزين وهي عارية تماماً من
دون أن تُصدر أية نأمة أو حركة، بل بدت وكأنها جثة مسجاة فعلاً. يمشط الزوج
شعرها الطويل، ثم يغسل بقطعة قماش منقعّة بالفودكا كل بقعة من جسدها، ولعل
غسل النهدين الناعمين الكبيرين كان طقساً مؤثراً خاصاً بالمريانيين يمتزج
فيه الحب بالنزوع الإيروسي البعيد عن البورنوغرافية الرخيصة (للمناسبة منعت
وزارة الثقافة الروسية دعم وتمويل هذا الفيلم لتوفره على مشاهدة "بورنوغرافية"
كما تصور بعض الموظفين في الوزارة المذكورة!).
ومن الشعائر الجميلة التي تنطوي عليها عملية الغسل والتطهير هو ربط
شعر العانة بعدد من الخيوط الملونة الجميلة التي تتدلى وتغطي عضوها
التناسلي، وهي ذات الشعيرة التي أدتها لتانيا فتاتان شبه عاريتين في حفلة
زفافها. ثم يلفان جسدها الطاهر العاري ببطانية ثقيلة. وحينما ينتهيان من
غسلها وتطهيرها تتم قراءة بعض العِظات الدينية حيث نسمع صوت (إيست) ينساب
إلينا قائلاً: ( جسد المرأة الحيّة هو أيضاً نهر يحمل الهموم بعيداً. . .
ومن العار ألا تستطيع أن تغرق فيه). بعد هذه المَشاهد الطويلة التي دارت في
أمكنة ضيقة يخرج الفيلم الى الفضاءات الواسعة لكي يصور لنا صدق العلاقة بين
المريانيين وعناصر الطبيعة التي تقدسها هذه الأثنية. قد لا نغالي إذا قلنا
إن الفيلم سيصبح من أفلام الطريق حيث يتطلب من السائق ميرون وصديقه الحميم
الجالس الى جواره والعصفورين اللذين لا يكفان عن الحركة في القفص، وجثة
تانيا الهامدة على أرضية السيارة الجيب، بضع ساعات كي يصلا الى المكان
المائي المنشود. لا شك في أن اللقطات والمَشاهد الساحرة التي صوّرها
ميخائيل كريتشمان منذ إنطلاق السيارة وحتى مشهد الحرق والعودة الى المدينة
كانت من أجمل المشاهد التي توفر عليها هذا الفيلم الرثائي شديد التعبير.
في الطريق الى النهر الكائن في مدينة (غورباتوف) يشتري ميرون كماً
كبيراً من الأخشاب التي سيرصفانها مثل دكّة مريحة ترقد فوقها جثة تانيا
الملفعة بدثار ثقيل. ثم تندلع ألسنة النيران في الدكة الخشبية والجثة
المسجّاة فيما يغلّف الحزن الكثيف معالم وجهيهما. يغرف ميرون بقايا رماد
الجثة ويُلقيها في تيار النهر الجاري صوب الأبدية. وقبل أن يعود يخلع خاتم
الزواج ويقذفه في النهر أيضاً على وفق التقاليد والشعائر المريانية. وقبل
أن يعودا نكحل أعيننا بمشهد صبي صغير يسحب وراءه عربة صغيرة تستقر فوقها
طابعة يدوية يلقيها في النهر بعد أن يهشّم صفحته المتجمدة. يقفل الزوج
وصديقه الحميم عائدين الى مدينتهما (Neya) حيث يشاهدان عدداً من النساء، وقرب أحد الفنارات الشاهقة يرقصان
رقصة تعبيرية جميلة لكي يطوي هذا الفيلم المرهف قصته الرثائية. ثمة مقاربة
لهذا الموت الفجائعي الذي هزّ ميرون، وأدخل العشيق إيست في دائرة الحزن
الطويل أيضاً، هوت موت والد إيست نفسه، الشاعر الذي قيل إنه توفي من الحزن
الشديد بعد موت زوجته أو ثنية روحه، لكنه لم ينتحر لأن المريانين لا يؤمنون
بالموت قبل الأجل المحدد أو المكتوب سلفاً. بل أنهم يؤمنون بأن الحب، هذا
النزوع الانساني الراقية، لا يموت، وأنه يظل يظل نابضاً حتى وإن غادرت
الروحُ الجسد.
يذكرنا المريانيون بالصابئة العراقيين وغير العراقيين الذين يعيشون
بجوار الأنهار والبحيرات والمسطحات المائية ويمارسون بعض الطقوس وما الى
ذلك من شعائر تستحق الرصد والدراسة والمقارنة لما ينطويان عليه من مقاربات
متشابهة في موضوعة الحياة والموت وما بينهما من محطات أساسية تستوقف العقل
البشري الذي يشترك في بعض المفهومات الثقافية والفكرية التي تربط بين هذه
المجموعات الأثنية مهما بعدت المسافة وإشتط المزار.
ميدل إيست أنلاين في
05/11/2010
فيلم 'ميرال': نحن نصنع السلام، لا نحلم به!
سليم البيك
كان لا بدّ من حضور فيلم ' ميرال' ثانيةً، ومن ثمّ ( أو: من
أجل) الكتابة عن أمور لم أعرضها في مقالي السابق عن الفيلم. بعد أسبوع من
عودتي إلى
أبوظبي، قرأت عن عرضين للفيلم ضمن مهرجان أبوظبي السينمائي.
قطّبت حاجبيّ..
ورحت.
ثمّ كانت الملاحظات التالية، الملخّصة والملطّفة:
عند تقديم الفيلم،
أصرّ ( استباقاً) المخرج الأمريكي شانبيل على أن فيلمه يروي القصة كما حصلت
تماماً
دون أية رسائل سياسية لفيلمه ( الذي كان فجّاً مستغبياً المشاهدين في
رسائله
'
الأوسلويّة').
بدأ الفيلم بمشهد الاحتفال بعيد الميلاد في
'American Colony'
أي
المستعمرة الامريكية، التي تصرّ المستضيفة العجوز الشقراء على أنها واحة
للجميع،
وكان ذلك في مدينة القدس، والتي هي - حسب ما أراد الفيلم - المكان المقدّس
وواحة
السلام المحايدة التي يتفيأ بها كلّ ٌمن الفلسطينيين والإسرائيليين، أهلين!
ثمّ
المشهد السطحي لهند، البرجوازية الكبيرة ( جداً) ولقائها الدراماتيكي
بالأطفال والـ cat walk
في أزقّة القدس العتيقة. ثمّ ' تلمّ' الأطفال المشرّدين المنكوبين بمجزرة
دير ياسين، وتمشي بهم إلى بيت الحسيني وهناك تصدر بيانها
الأوّل we need to feed themوالذي
اختصر مأساة التهجير والاحتلال إلى مأساة إنسانية تسترعي التعاطف وتأمين
المأوى والمأكل لمن شُرّدوا، وهذا أسوأ ما قد يمس قضية اللاجئين كقضية
سياسية
بالمقام الأول تحتاج لحل سياسيّ جذريّ لا لتعاطف إنسانيّ لا
يزيد مفعوله عن مفعول
حبة البنادول.
مشهد الممرضة فاطمة التي تضع القنبلة تحت كرسيّها في السينما
وتخرج، حيث لم ينسَ المخرج أن يلفت النظر إلى أن الصالة مليئة بالمدنيّين
المسالمين '
الحبّيبة' الذين ' قد' يُقتلون في انفجار
القنبلة لذنبِ أنهم كانوا في الصالة مع
عشّاقهن / عشيقاتهم في حينه.
حين يقول أبو ميرال
: I dont want her to end up like my sister،
تبدو المقاومة ـ ودائماً حسب المخرج وكاتبة السيناريو/ الكتاب -
زعرنة وهمالة وعيباً، وخاصة عند النساء/
الفتيات. وعدا عن أن للفيلم رسالة
'
أوسلوية' فجّة، فهو يظهر المقاومة كحالة ينفر منها الفلسطينيون، ويلقّمنا
بأن
الانتفاضة هي عبارة عن أولاد وبنات مدارس يرمون حجارة على الجيش في طريقهم
من
المدرسة إلى البيت.
اللقطة الأبشع في الفيلم هي تلك التي تقول فيها هند الحسيني
لميرال كي تمنعها عن ' رمي الحجارة':this school is the difference between you and
the children
of the refugee camp. (
أنا يا رولا جبريل وجوليان شانبيل وهيام
عباس ابن مخيّم).
وتكمل ابنة الحسيني عظاتها لميرال فتقول
Hadil is gone you are here.
هديل هي صديقة ميرال وقد استشهدت في مواجهات مع
جيش الاحتلال، وجملة هند ليست
إلا استخفافاً بالشهداء وتضحياتهم بأسلوب لا يخلو من الانتهازية الخبيثة،
وهو منطق '
جماعة أوسلو' على كل حال.
وإن حقاً قالت هند الحسيني كل ذلك، وكان كلامها
إدانة للانتفاضة والمقاومة واستعلاء أحمق على أطفال المخيمات (
أشكّ في أن الفيلم
كان مخلصاً هنا) فاللوم يطالها ـ رحمها الله - كما يطال القائمين على
الفيلم.
ليزا، صاحبة ابن عمة ميرال، اليهودية، أظهرها الفيلم كامرأة سلميّة
وعقلانية وتحبّ الحياة وكوول ( وتشبه تسيبي لِيفني بالمناسبة) ومنفتحة على
الآخر
بعكس ميرال الفلسطينية العابسة المعقّدة المنغلقة على الآخَر.
أما سؤالاها لميرال: have you ever loved anyone before'
و
what did I ever do to you'
واستغرابها من
ميرال ( المتخلّفة) التي لم تسمع بفرقة
Rolling Stones، فلم تكن أكثر من حشو مأدلج
زاد من إغراق الفيلم في كليشيهاته.
وطبعا أبو ليزا، الضابط في الجيش الإسرائيلي،
المتسامح الحضاري في التعامل مع ابنته بخلاف أبو ميرال الشيخ ـ
في الأقصى - الذي
يضربها ويبهدلها.
صديق ميرال، هاني، العاشق، المسيحي، المناضل، المطارد لأنه قبل
بالتسويات، ( والذي لم أفهم مسوّغات الربط بين مسيحيته وقبوله بالتسويات مع
المحتل
واغتياله).
الحلم الأميركي في الفيلم كان حاضراً ( أيضا) حين صرّحت ميرال: real democracy like in New Yourk.
وكذلك التلميح بأن الخلاص يكون بالسلام، أو الهجرة
إلى أوروبا للدراسة أو العمل أو مهما يكن، المهم هو ترك البلاد
( لأبناء المخيمات
ربما).
أما مأساة الفيلم الكبرى فهي أن ينتهي في مشهد لرابين ( وحده) وهو
يقول:
نحن نصنع السلام، لا نحلم به.
طبعا لم أغيّر رأيي في الفيلم. ما زلت أعتبره من
الأفلام ' الصديقة'، ولكن من تلك الغبيّة التي تلحّ على استغباء المُشاهد،
أي
الصداقة المؤذية بغبائها.
ما إن انتهى ' ميرال' حتى داهمتني آلام في المعدة (
فعليّاً في المثانة)، ثمّ خرجت راكضاً..
www.horria.org
القدس العربي في
05/11/2010
نجوم هوليوود أحدث سلاح في حروب الخليج السينمائية
ابوظبي ـ من اندرو هاموند
تهادت نجمة هوليوود سلمى حايك على
السجادة الحمراء مرتدية فستانا أنيقا تداخل فيه اللونان الذهبي
والأسود، وأعلى كعب
حذاء قد تكون رأيته على الإطلاق.
وقالت للصحافيين معلقة على دورها عضوا بلجنة
التحكيم في مهرجان الدوحة السينمائي 'يعجبني حقا وأتعامل معه
بجدية شديدة'. وأضافت 'يبدو
أنهم أقاموا موطنا عظيما للفنون والثقافة والسينما'.
من كان يصدق أنها
تتحدث عن قطر تلك الدولة الصحراوية البالغ عدد سكانها 1.7 مليون نسمة،
معظمهم من
المغتربين والتي طالما اعتبرت منعزلة ثقافيا حتى بالمقارنة مع جيرانها من
دول
الخليج العربية.
وفي الأعوام الأخيرة تنافست دول الخليج، التي تملك المال الوفير
بسبب احتياطيات النفط والغاز الهائلة والأعداد القليلة لسكانها، على أن
تصنع لنفسها
مكانة كعواصم ثقافية.
ففي الدوحة متحف رائع للفن الإسلامي، اما ابوظبي فتقيم
فرعا لمتحف جوجنهايم النيويوركي ومتحف اللوفر الباريسي.
لكن المهرجانات
السينمائية باتت الحدث الثقافي المفضل منذ أقامت دبي مهرجانها عام 2004،
الذي كان
وجها دعائيا لمسعاها لتصبح مقصدا للسائحين الأثرياء.
وقبل أسبوع من ظهور حايك في
مهرجان الدوحة تريبيكا السينمائي الثاني، مشت النجمة أوما
ثورمان على السجادة
الحمراء في مهرجان ابوظبي السينمائي الرابع بالإمارات العربية المتحدة.
وقالت
للصحافيين في العاصمة الإماراتية 'للمرة الأولى أشعر بطاقة تخرج من مهرجان
في هذه
المنطقة'.
ورصدت الإمارات، ثالث اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، جوائز قيمتها
نحو مليون دولار لمهرجان ابوظبي لهذا العام، وشارك فيه 13 فيلما عالميا
تعرض لأول
مرة. وستتاح لدبي التي تعاني من مشاكل مالية أزالت عن المدينة
بعض بريقها الفرصة
للرد في كانون الأول/ ديسمبر.
وقالت سينثيا شنايدر خبيرة تاريخ الفن واستاذة
الدبلوماسية بجامعة جورجتاون في واشنطن، 'آخر مرة أعلم بها
بوجود هذه النوعية من
المنافسة الثقافية كانت بين الدول المدينية خلال النهضة الإيطالية'، مشيرة
الى دول
مستقة ذات سيادة مؤلفة من مدينة واحدة.
وتتناقض عروض الأفلام التي تعرض للمرة
الأولى والحفلات التي تقام بعدها مع الواقع السياسي والثقافي
الذي يهيمن على
مجتمعات الخليج.
وفي السعودية على سبيل المثال لا توجد دور عرض سينمائي على
الإطلاق. اما معظم الأفلام العربية التي تعرض في دور السينما في بقية منطقة
الخليج
والتي لا تحظى بدعاية تذكر وسط الأفلام الأمريكية والهندية التي تحقق
إيرادات
هائلة، فهي أفلام درامية او كوميدية تنتج في مصر. وكانت مصر
التي تقع عند منتصف
الطرق بين أفريقيا والشرق الاوسط ودول حوض البحر المتوسط تصنع الأفلام قبل
100 عام،
حين كان كثيرون في الخليج يعيشون في أكواخ من سعف النخل، وهي طريقة حياتهم
التقليدية قبل أن تتغير بعد اكتشاف النفط.
ويقتصر الإنتاج الدرامي في الخليج على
المسلسلات التلفزيونية التي ينتج معظمها في الكويت والبحرين.
وحتى في هذا المجال
يتم إنتاج عدد اكبر من المسلسلات التلفزيونية العربية خارج الخليج في دول
مثل سورية
ولبنان التي بها مجتمعات اكثر ليبرالية ولها تاريخ أطول بمجال الفنون.
ويقول
بيتر سكارليت المدير التنفيذي لمهرجان ابوظبي السينمائي إن المهرجانات تلعب
دورا في
تنمية الفنون بدول الخليج، على الرغم من افتقار المنطقة للإنتاج.
وأضاف 'في
ابوظبي الأفلام الوحيدة التي تتاح للناس مشاهدتها حين لا يكون المهرجان
منعقدا هي
أفلام بوليوود (الهندية) وهوليوود متوسطة المستوى'.
وتابع قائلا 'على الأقل تعرض
أفلام من بقية أنحاء العالم لعشرة ايام في كل عام. هناك فرصة
لتقديم عينة من تاريخ
السينما الذي لا يستطيع الناس الاطلاع عليه، وكل هذا في الصالح وهو عنصر
ضروري في
تأسيس ثقافة سينمائية.'
وعلى الرغم من العقبة الواضحة التي يمثلها انتشار
الرقابة على المواد ذات المحتوى السياسي والجنسي على نطاق واسع في الشرق
الأوسط
ترعى حكومة ابوظبي محاولة لإنتاج المزيد من الأفلام المحلية.
ويجري حاليا إنتاج
فيلم (ظل البحر) رابع فيلم إمارتي روائي طويل. ويتناول فكرة تعاني
المجتمعات
الخليجية من التعامل معها، وهي التحديث السريع الذي يمزق عالما من القرى
الهادئة
التي يعيش اهلها على الصيد ومراكز تجارة اللؤلؤ لتحل محلها مدن
تحمل ملامح المستقبل
بمناظرها الأخاذةن وهي بالنسبة للبعض مثالية لكنها للبعض الآخر تدخلات
مزعجة.
وقال سكارليت الذي كان في قطر لحضور مهرجان الدوحة بعد مقارنة الأحداث
خلال مهرجان ابوظبي، الذي يشغل منصب مديره التنفيذي، إن التغيرات السريعة
في الشكل
الحضري والسكاني والاقتصادي للمجتمع في دولة مثل الإمارات أفكار جاهزة
لتقديمها على
الشاشة الفضية.
وأضاف 'من الواضح أن اي إنتاج سينمائي في الإمارات يجب أن يتعامل
مع فكرة أن التغيير الثقافي سريع جدا'.
ومضى يقول 'الكل مهتم بالاستعانة بماض
ثقافي وتوفيقه بما يتلاءم مع وجه الحاضر الذي يتغير بسرعة'.
القدس العربي في
05/11/2010 |