بعد اعتلاء الماعز خشبة مسرح قصر الإمارات في اختتام الدورة الماضية
من مهرجان
أبو ظبي... وبعد خيول حفلة افتتاح الدورة الرابعة، ما الذي يخبئه مدير
المهرجان
بيتر سكارليت من دعابات لحفلة الاختتام التي تقام غداً على خشبة المسرح
ذاته؟
بالتأكيد ليس ثيران بيكاسو التي ترمز عادة الى الحروب. فالحروب في هذه
الدورة من
المهرجان ليست بحاجة الى رموز، بل هي حاضرة على الشاشة بقضها وقضيضها. ولأن
تداعياتها تثير عادة لدى النفوس الحساسة أسئلة وجودية، ها هو النصف الآخر
من أفلام
المهرجان يطرح هذه الأسئلة.
البداية مع إحدى أكثر الحروب وجوداً على شاشة المهرجان، حرب لبنان
التي لا تزال
منبتاً لأفلام كثيرة. أفلام تحمل شعار «صُنع في لبنان»، وأفلام من بلاد
شقيقة وأخرى
بعيدة. فمن لبنان يطل فيلم بهيج حجيج الروائي الثاني «شتي يا دني» طارحاً
بلغة
سينمائية حذقة قضية المخطوفين في الحرب. وهناك أيضاً فيلم سوري
لفت الأنظار بعنوان
«مرة
أخرى» من إخراج جود سعيد، وفيلم كندي متقن للمخرج دني فيلنوف مقتبس عن
مسرحية
للكاتب المسرحي اللبناني الكندي وجدي معوض بعنوان «حرائق».
ثلاثة أفلام تدنو من الحرب اللبنانية، وإن اختلفت الرؤى. الأول يصوّر
الحرب
النفسية التي لا تزال تعيشها شرائح ممن عاشت الحرب الحقيقية بعد انقضائها.
الثاني
لا يبتعد عن هذا الطرح، وإن أُخذ من زاوية العسكري السوري الذي دخل لبنان
بعد
اندلاع شرارة الحرب الأولى. أما الثالث فيطلق صرخة مدوية ضد
العنف.
وإذا شكّلت حرب لبنان المتن الأساس للفيلمين الأخيرين، فإن بهيج حجيج
اختار في
جديده أن تكون الحرب في خلفية الأحداث. ربما، لأنه سبق وأنهى حسابه معها في
فيلمه
الأول «زنار النار» المأخوذ عن رواية رشيد الضعيف. وربما لأنه آن الأوان
للسينما
اللبنانية أن تطرح الأسئلة حول تداعيات هذه الحرب على الإنسان
والمجتمع. الإنسان
المكبّل بماض لا يمضي، والمجتمع التائه وسط تناقضات جمّة. من هنا لم يصنع
بهيج حجيج
فيلماً سياسياً يلامس به قضية لا تزال تؤرق عائلات كثيرة في لبنان، إنما
صنع فيلماً
عن الإنسان وسط تحولات طرأت على المدينة وناسها، راسماً صورة
كائن مضطرب يعود الى
الحياة بعد 20 سنة من الاعتقال، ليصطدم بماض يأبى أن يتركه يعيش بسلام،
وعائلة
اعتادت على غيابه، ومدينة غريبة عنه.
ثالوث يؤرق، أيضاً، بطل فيلم جود سعيد «مرة أخرى» (قيس شيخ نجيب). فهو
مثله مثل «رامز»
بطل «شتي يا دني» (حسان مراد) يرزح تحت ثقل الماضي. ومثله لا يجد عائلة
تحتضنه، أو مدينة تجلب له الطمأنينة. وكما يجد بطل بهيج حجيج
نفسه أمام مواجهة مع
الماضي، يعيش بطل جود سعيد المواجهة ذاتها ما أن تُعين فتاة لبنانية (بياريت
قطريب)
مديرة في المصرف السوري الذي يعمل فيه، ما
يُعيد إليه صفحات من كتاب حياته المفقود.
فلبنان بالنسبة الى بطلنا ليس مجرد بلد يقبع على الخريطة في جوار بلده الأم
سورية.
لبنان خزان لماض عاشه قبل أن يفقد ذاكرته
أثناء تولي والده الضابط في الجيش السوري
مهمات عسكرية مع دخول السوريين الى لبنان في السبعينات. ولبنان
مطهر للتكفير عن
أخطاء الماضي. تطهير يحدث من خلال انجراف بطلنا في حب الشابة اللبنانية،
وكأن هذا
الحب يؤذن لمصالحة لا بد من أن تتحقق بين الشعبين السوري واللبناني.
ثالوث
ولا يغيب ثالوث «الماضي - العائلة – المدينة» عن فيلم «حرائق».
فالرحلة التي
يقوم بها التوأم الكنديان بحثاً عن ماضي والدتهما تنفيذاً لوصيتها بعد
مماتها تقضي
بتعقب اثر والدهما الذي لا يزال حياً وشقيقهما الذي لم يسمعا به وتسليمهما
رسالتين
مغلقتين. رحلة الى بلد تشير كل أحداثه الى انه لبنان، حتى ولو
لم يسمه المخرج
بالاسم، مختاراً أسماء للمدن والقرى مختلفة عن الأسماء الحقيقية، إضافة الى
ممثلين
غير لبنانيين، وبالتالي لهجات لا تمت بصلة الى اللهجة اللبنانية تأكيداً
على أن
فيلمه ليس عن الحرب اللبنانية بمقدار ما هو صرخة إنسانية (لم
يعجب ذلك عدداً من
الحضور الذين لم يفهموا الفكرة البديعة التي تقبع خلف هذا الخيار، فاكتفوا
بالنظر
الى القشور من دون أن يدخلوا في عمق القصة التي تختزل المسافات وتلامس أي
فرد في أي
مكان وزمان). رحلة تبدو انها ذاهبة في الاتجاه الصحيح الى
مدينة أرهقتها الحرب قبل
أن يضرب المخرج ضربته القاضية بخبطة مسرحية تنسف كل جهود الولدين للتعرف
الى ماضي
والدتهما «نوال» الحافل بالعمل السياسي الناشط والاعتقال. فبدلاً من أن
يكتشف
التوأم هذا الماضي الذي لا يعرفان عنه شيئاً، وجدا أنفسهما
أمام اكتشاف ذاتهما. ذلك
أن «السيدة التي تغني»، كما أُطلق على والدتهما في السجن، فقدت قبل أيام من
اندلاع
الحرب ابنها الذي انتزع منها لجلبها العار لعائلتها المسيحية بإقامة علاقة
مع شاب
من المخيمات. ولئن باءت كل
محاولاتها في إيجاد الطفل بالفشل بعدما انتقلت الى
المدينة عند خالها حيث تعلمت القراءة والكتابة، كان طبيعياً أن تنضم الى
«الوطنيين»،
كما يطلق عليهم في الفيلم، انتقاماً لحبها ولولدها الضائع. ولم تكتف
بالعمل السياسي انما كانت الرأس المنفذ لعملية قتل زعيم الحزب المسيحي
اليميني.
وإثر هذه الحادثة اقتيدت «نوال» الى السجن، حيث مورست بحقها أقسى صنوف
العنف، وهناك
حملت بالتوأم من أحد جلاديها الذي لم يشبع من اغتصابها قبل أن يُفرج عنها
وتهاجر
لتعيش مع ولديها بسلام. ولكن، هل كانت فعلاً تعيش بسلام؟ ربما
حتى اليوم الذي وجدت
فيه ابنها الضائع بعدما عرفته من الوشم المرسوم على رجليه. ولكن حين تكون
المعادلة «واحد زائد واحد يساوي واحد»، يكون المخرج
قد ضرب ضربته القاضية. فالجلاد الذي
اعتدى عليها مراراً وتكراراً ليس إلا ابنها الذي ما هو إلا ضحية حرب صنعت
منه وحشاً
آدمياً. هنا تطل معادلة الجلاد والضحية، وتطل حقيقة يأبى أن يصدقها عقل.
فكانت
رسالتا الوالدة الى الشخص نفسه: الأب والابن في الوقت ذاته.
رسالتان تحملان كل الحب
لإخماد نار الحرب، إذ تحولت الى حرب داخلية.
مرافعة إنسانية
وإذا كانت «نوال» عاشت حرب الخارج (حرب لبنان) والداخل (حقيقة أن يكون
ابنها
جلادها)، فإن أفلاماً كثيرة في المهرجان لامست هذا الواقع، أبرزها فيلم
«الحفرة»
للمخرج الصيني وانغ بينغ الذي يقدم مرافعة
إنسانية قاسية ضد الحرب التي شنتها
الحكومة الشيوعية في الصين على من اعتبرتهم منشقين عن الماوية في خمسينات
القرن
العشرين. وقد أبدع المخرج في تصوير سبل التعذيب النفسي والجسدي التي قام
عليها نظام
ما عرف باسم «إعادة التأهيل». كما أبدع في نقل إحساس الألم الذي ينخر في
عمق أعماق
أولئك المحكوم عليهم بالعمل المضني في مخيمات صحراء غوبي حيث قضى الآلاف
جوعاً.
حرب أخرى قدمها الفيلم الآتي من البوسنة والهرسك تحت عنوان «سيرك
كولومبيا». في
هذا العمل الذي يحمل توقيع المخرج دانيس تانوفيتش كل شيء ينذر أن شبح الحرب
سيخيم
على يوغوسلافيا عقب انهيار سلطة الشيوعيين على البلاد عام 1991. ومع هذا
القصة ليست
قصة حرب، إنما قصة عائلة يعود الانسجام الى صفوفها في الوقت
الذي تتدهور فيه أوضاع
البلاد.
العائلة والوطن خطان متوازنان يسير عليهما أيضاً فيلم «كرنتينة»
للمخرج العراقي
عدي رشيد. في هذا العمل حرب العراق حاضرة، ولكن لا من خلال مشاهد القتل
والعنف
والدمار، إنما من خلال قصة عائلة محاصرة بتشوهات خلقية من مفاعيل الحرب. من
هنا اسم
الفيلم «كرنتينة» في إشارة الى أن المجتمع العراقي بات
«كرنتينة» كبيرة لأمراض
نفسية.
ولا تقف الحروب عند هذا الحد، هناك أيضاً فيلم «ميرال» الذي يصوّر
جانباً من
الصراع العربي الإسرائيلي، إضافة الى مجموعة أفلام وثائقية، منها «دموع غزة»
و «مملكة
النساء» و «أطفال الحجارة - أطفال الجدار» و «وطن» و «القنوات
الخلفية:
ثمن السلام». وهناك أفلام وثائقية عن
صراعات أخرى في العالم أبرزها الفيلم التشيلي
«حنين
الى الضوء» حول المفقودين في عهد بينوشيه.
إذاً السياسة حاضرة بقوة في الدورة الرابعة من مهرجان أبو ظبي، وفي
المقابل يحضر
أيضاً السؤال الأزلي حول الحياة والموت في الأفلام الأخرى. ولعل أكثر
الأفلام قسوة
في هذا الطرح الفيلم الروائي الروسي «أرواح صامتة» للمخرج أليكسي
فيدورتشنكو. هنا
يجد المشاهد نفسه أمام فيلم سوداوي من تلك الأفلام التي تحرّك
المشاهد وتحضه على
طرح الأسئلة حول معنى الوجود. يفعل المخرج هذا من خلال ملاحقة طقوس الموت
عند أقلية
عرقية استقرت في الماضي في منطقة الفولغا الروسية مع موت «تانيا» وطلب
زوجها
«ميرون»
من صديقهما المشترك «آيست» أن يرافقه في مراسم الجنازة. رحلة على مراحل
تكشف في كل محطة منها، علاقات متشابكة وحكايات حب وخيانة وأرواح صامتة.
سؤال الحياة والموت موجود أيضاً في فيلم الخيال العلمي «لا تتخلّ عني»
للمخرج
مارك رومانك. هنا يضعنا المخرج في مدرسة داخلية إنكليزية تخرّج أناساً –
آلات أصحاء
ليتمكنوا من التبرع بأعضائهم في مراحل معينة من شبابهم. ولكن عندما يتحوّل
هؤلاء
الى بشر من لحم ودم يحاولون أن يغيّروا قدرهم ويعيشوا حياتهم
ويحبوا، يواجهون
مصيرهم المحتوم، فهم صُنعوا لهدف واضح ولا مجال لأن يحيدوا عنه. «ولكن ألا
يشبه
مصيرهم مصير البشر؟»، يسأل الفيلم قبل أن يسدل ستارته بسوداوية تحفز على
طرح
الأسئلة.
هذا غيض من فيض ما حملته هذه الدورة من مواضيع سوداوية تتراوح بين
الحروب
والوجود. ومع هذا كانت للمشاهدين في المهرجان فسحات أمل وفرح. ولم يكن
غريباً أن
يكون أحد أكثر الأفلام اكتظاظاً بالمتفرجين في الأيام العشرة من فترة
المهرجان
فيلماً كرتونياً موسيقياً («تشيكو وريتا») يأخذ المشاهد في
رحلة رومانسية على إيقاع
نغمات منعشة تردد أن على الأرض ما يستحق الحياة.
الحياة اللندنية في
22/10/2010
انطلاقة «الكارافان» وللعرب حصة في
الأموال والعروض
أبو ظبي - فيكي حبيب
عيد السينما عربياً انطلق. السجاد الأحمر فُرش. النجوم عدّوا العدّة.
المواعيد
اكتظت. وقاعات الأفلام حُجزت.
أول الاحتفالات بتوقيع إماراتي
مع مهرجان أبو ظبي السينمائي الذي افتتح أمس ويستمر 10 ايام،
لتختتم في كانون الأول
(ديسمبر)
في الإمارات أيضاً، ولكن هذه المرة بتوقيع مهرجان دبي. وبين الإمارتين
يمرّ «الكارافان» السينمائي الطويل في الدوحة والقاهرة ودمشق ومراكش.
صحيح
أنه سبقت هذه المحطات الرئيسة تظاهرات سينمائية عربية من هنا، وأخرى من
هناك...
لكنها بغالبيتها ليست اكثر من تظاهرات
صغيرة، إما محصورة بنمط واحد من الأفلام
(أفلام
قصيرة او أفلام وثائقية) او انها لم ترق الى احتراف مهرجان مثل مراكش او
طموح مهرجانات مثل دبي والدوحة او عراقة مهرجانات مثل القاهرة ودمشق...
ولكن ماذا
عن مهرجان أبو ظبي الذي افتتح دورته الرابعة امس بفيلم «سكريتيرييت»
ويستمر حتى 23
من الشهر الجاري؟ أين يمكن تصنيفه وسط زحمة هذه المهرجانات؟ وهل يمكن ان
ينافسها،
خصوصاً انه الأحدث سناً بينها إذا نسينا ان مهرجان الدوحة هو الأحدث
بيولوجياً
(الدورة
الثانية) وأخذنا في الحسبان ما قاله مدير مهرجان ابو ظبي بيتر سكارليت حين
تسلّم مهامه العام الماضي معتبراً ان الدورة الحالية هي الدورة الاولى
للمهرجان،
وأن الدورة الماضية لم تكن أكثر من «بروفة» او «عدد
صفر»؟
يرى كثر من
المراقبين ان المهرجانات العربية قبل مهرجان أبو ظبي شيء – ونعني مع تسلّم
بيتر
سكارليت إدارة المهرجان - وبعده شيء آخر. ويضيفون ان لا بد لهذه المهرجانات
من ان
تحسب ألف حساب لهذا المهرجان الطموح. ولا مبالغة في هذا
الاستنتاج. حديث الأرقام
يقول هذا.
كلام بالأرقام
فإذا بدأنا مع الجوائز، هناك حوالى مليون
دولار مرصودة لمسابقة «اللؤلؤة السوداء»، منها 100 ألف دولار
لكل فيلم فائز في
الفئات الآتية: «أفضل فيلم روائي» و «أفضل
فيلم روائي من العالم العربي» و «أفضل
فيلم وثائقي» و «أفضل فيلم وثائقي من العالم العربي» و «أفضل
فيلم روائي جديد»
و «أفضل فيلم روائي جديد من العالم العربي» و «أفضل
فيلم وثائقي جديد» و «أفضل فيلم
وثائقي جديد من العالم العربي أو حول العالم العربي»... ومنها
أيضاً 30 ألف دولار
جائزة الجمهور، و25 ألف دولار لأفضل ممثل في مسابقة الأفلام الروائية
ومثلها لأفضل
ممثلة. وهناك 500 ألف دولار سنوياً من صندوق «سند» الذي وزع جوائزه قبل
فترة على 28
فيلماً بين أفلام في مرحلة التطوير وأفلام في مرحلة الإنتاج النهائي.
وفي
كلام الأرقام أيضاً، يعرض المهرجان 173 فيلماً من 43 بلداً، منها ثلاثة
أفلام عربية
روائية طويلة مشاركة في المسابقة، هي «شتّي يا دني» للبناني بهيج حجيج و «روداج»
للسوري نضال الدبس و «رسائل البحر» للمصري داوود عبدالسيد... إضافة الى فيلمين
لبنانيين في مسابقة الافلام الوثائقية
الطويلة، هما «شيوعيين كنا» لماهر ابي سمرا و «بحبك
يا وحش» لمحمد سويد... فضلاً عن
مجموعة مميزة من الأفلام الأجنبية منها «حرائق» للمخرج الكندي دنيس فيلنوف
عن نص
اللبناني - الكندي وجدي معوض، وفيلم «سيرك كولومبيا» للمخرج البوسني دنيس
تانوفيتش،
و «تشيكو
وريتا» من إسبانيا للمخرجين فرناندو تروييا وخابيير ماربسكال وتونو
ايراندو. وإذا أردنا الاستفاضة أكثر، تتضمن قائمة الأفلام
المعروضة 32 عرضاً
عالمياً أوّل و26 عرضاً دولياً أوّل من دون ان ننسى العروض الكثيرة الأولى
في الشرق
الأوسط.
ولمحبي الأضواء، النجوم أيضاً حاضرون بوفرة. من الأجانب نذكر ادريان
برودي وجيرار ديبارديو وكلايف اوين وأوما تورمن وجوليان مور... ومن العالم
العربي
يسرا ويحيى الفخراني ولبلبة وخالد ابو النجا وجوليا قصار
وكارمن لبس وبسام كوسى
وأحمد حلمي ويونس ميجري... بعض هؤلاء يكتفي بالمرور على السجادة الحمراء.
وبعضهم
على موعد مع حوارات مفتوحة امام الجمهور او له فيلم معروض في البرنامج.
وراء
النجوم... وراء السينما
إذاً لكل مراده. فمن يسعى وراء النجوم سيجد ضالته في
هذا المهرجان. ومن يسعى وراء السينما لن يخيب ظنه. معادلة حرص القائمون على
المهرجان على الوصول إليها، كما يقول مبرمج السينما العربية
فيه انتشال التميمي لـ
«الحياة»،
ويضيف: «يهدف المهرجان الى ألا يكون مجرد منصة لعروض الأفلام السينمائية،
إذ يهتم أيضاً بأن يكون فرصة لتبادل الخبرات واللقاء والتعرف الى الثقافات
الأخرى... والأهم يهدف المهرجان الى دعم صناع الأفلام
ومساعدتهم في تحقيق أفلامهم.
يتحقق هذا من طريق صندوق «سند» الذي تجلّت أولى إرهاصاته هذا العام. ولا
أخفي انه
كان حافزاً لمهرجانات أخرى لإيجاد شكل من أشكال الدعم لصناع الأفلام. وهذه
منافسة
مشروعة تخدم السينما العربية قبل اي شيء آخر. ولمن يريد ان
يصطاد في الماء العكر،
أقول ان الهدف من إنشاء هذا الصندوق لم يكن ملء فراغ ما في البرنامج إنما
المساهمة
في تنشيط الحركة السينمائية العربية...
والدليل على هذا الكلام ان من أصل 10 أفلام
فائزة لهذا العام ضمن فئة الإنتاج النهائي لم نختر للمهرجان سوى خمسة
أفلام».
مشروعية
ولكن، ما العيب في ان يستفيد مهرجان ابو ظبي من حق
العرض الأول لأفلام شكّل لها دعماً أساسياً؟ ألا يحدث هذا في مهرجانات
عالمية كثيرة
تشترط هذا الحق على الأفلام المدعومة منها؟ يجيب التميمي:
«يأخذ الصندوق مشروعيته
إذا كان يخدم السينما ام لا؟ وهل قدم جوائزه لأفلام تستحق الدعم او لا
تستحقه؟
الحكم سيكون في الأيام المقبلة. عندها سيكون جلياً للجميع الخط التصاعدي
الذي يأخذه
المهرجان لما سيشكله من حالة ثقافية تسير في اتجاه جديد وحيوي».
وإذا كان
الخرق الذي حققه المهرجان العام الماضي يتمثل في مستوى الأفلام التي
استقطبها فحسب،
فإنه هذا العام يسجل
اختراقات عدة، كما يقول التميمي.
«اولاً، ارتباط مسابقة الإمارات (تتضمن
أفلاماً إماراتية وخليجية) ارتباطاً عضوياً بجسم المهرجان، ما
من شأنه ان يساهم في
تحقيق نجاح على المستوى المحلي. ثانياً، هناك تركيز على ورش العمل
واللقاءات بين
صانعي الأفلام والموزعين والمنتجين لتسهيل عملية الإنتاج. ثالثاً، هناك
جوائز سخية
لا تميز بين فيلم وثائقي وفيلم روائي كما تفعل غالبية
المهرجانات حيث قيمة هذا
الأخير تصل احياناً كثيرة الى ضعف قيمة الفيلم الوثائقي».
باختصار، كل
الإغراءات موجودة في هذه الدورة الجديدة من مهرجان أبو ظبي. ويبقى التحدي
الدائم
لأي مهرجان سينمائي خليجي في قدرته على استقطاب الجمهور، لخصوصية هذه
المجتمعات،
وهجمة الفن السابع عليها حديثاً. فهل سينجح المهرجان في إحداث
خرق في هذا المجال ام
ان مشهد الصالات الفارغة سيتكرر؟
الحياة اللندنية في
15/10/2010 |