الذاكرة مطلب على اتصال بالحاضر، الذاكرة البطيئة والمعطلة تمنح
الحاضر امتياز الكسل وخطيئة الارتكاس. ما الحافز للإبداع إن كان مصيره أن
يمحى ويغيب؟ ما الخيبة التي تطال الإبداع حين تفرض عليه تواريخ صلاحية
قسرية، هو الذي يوسم إن كان حقيقياً بتجاوزه الزمن وقدرته، أي الفن على
مقاومة الفناء؟
أسئلة تتلاحق، لها أن تكون توصيفاً لحالة عربية بامتياز، ونحن نعاين
أرشيفا سينمائيا مغيباً، أفلاماً بالعشرات عرضت ثم حكم عليها بالموت، وأخرى
قد يسمع بها المهتم بالسينما، لكن من غير المتاح له أن يشاهدها.
التوصيف سابق الذكر له أن يجد من يجيب عنه في اطار عملي تجسده مبادرة
قام بها متحف الفن الحديث، ومؤسسة «آرت إيست» في نيويورك، تحت عنوان
«التجريب في السينما العربية منذ الستينات وحتى الآن»، وذلك من خلال
استعادة أفلام عربية شكلت مفاصل ريادية وقدمت مقترحا جماليا مغايراً لا
يسعى إلا إلى تعزيز القيم الإبداعية للسينما، والسعي إلى اكتشاف مساحات
جديدة، والاضطلاع بدور طليعي سرعان ما غاب أو تم تغييبه تحت وطأة متغيرات
وأمزجة سياسية واجتماعية واقتصادية أجهضت تلك المحاولات، ولعلها أي هذه
الأفلام كانت على اتساق مع أحلام عربية امتلكت مشروعيتها من مراحل اكتست
معالم تقدمية سرعان ما اصطدمت بما يناهضها.
مجموعة من الأفلام التي تم ترميمها واستعادتها من قبل متحف نيويورك و«آرت
ايست» تعرض في الدورة المقبلة من مهرجان أبوظبي السينمائي تحت مسمى «خرائط
الذات»، وهي أربعة أفلام هي: «اليازرلي» ،1972 للمخرج العراقي قيس الزبيدي،
و«المومياء» ،1973 للراحل المصري شادي عبدالسلام، وفيلمان للفلسطيني ايليا
سليمان «سجل اختفاء» ،1996 و«يد إلهية» .2002
أتوقف هنا عند «اليازرلي» دون أفلام عبدالسلام وسليمان، لا لشيء إلا
في اتباع لما له أن يكون بحثاً عن الأكثر ظلماً، إن صح التعبير، ولكون
«المومياء» عرض في مناسبات ومهرجانات عدة مستعاداً وصولاً إلى عرضه على
قنوات تلفزيونية بوصفه بالتأكيد أيقونة السينما المصرية، والحفاظ عليه مطلب
عربي من المبهج أن يجد استجابة لائقة وقد وجد، بينما تأتي أفلام سليمان
بوصفها حاضرة بقوة الآن، وكلنا يعرف أن «يد إلهية» حصل على جائزة لجنة
التحكيم الخاصة في مهرجان كان، ولها أن تكون أفلاماً لم يطلها أي نسيان،
وهذا جيد وضروري أيضاً.
لفيلم «اليازرلي» قصته، هو المأخوذ عن قصة قصيرة للروائي السوري حنا
مينا بعنوان «على الأكياس» التي تضمنتها مجموعة قصصية بعنوان «الأبنوسة
البيضاء»، ولعل معالجة القصة سينمائياً مضت نحو فيلم تجريبي له أن يجد في
بلاغيات الصورة معادلاً بصريا، لما ستكون عليه حياة فتى حين يستيقظ على
والده وقد مضى مخلفاً إياه مع أمه وإخوته والفقر، وليمضي يعمل في مستودعات
اليازرلي (عدنان بركات) عتالاً ومن ثم كاتباً على الأكياس ومدوناً
للحسابات، لأنه كان قد تلقى تعليمه في المدرسة ثم خرج منها ليعيل عائلته،
وهنا يخرج الفيلم بهذه الشخصية ومعها اليازرلي إلى إيجاد مجازات لكل ما
يعتمل في دواخل الصبي، الأب المفقود الذي يجد الصبي في اليازرلي بديلاً
عنه، الخيالات الجنسية، القوة البدنية، ومن ثم الانتقال من الكتابة على
الأكياس إلى الكتابة على الورق، كون هذا الفتى سيصبح كاتباً في الكبر.
السرد القصصي سيتخذ من اللقطات والمشاهد مساراً له أن يستثمر بالأبيض
والأسود، مع تغليب للبياض بما يجعل السواد بدرجات أقل، وعلى هدي فيلليني في
«ثمانية ونصف»، وفي الوقت نفسه سيلقى «اليازرلي» عقاباً قاسياً منذ عرضه
الأول كونه احتوى مشاهد ايروتيكية، وبالتالي لم يعرض إلا في مناسبات قليلة،
ولعل هذه الايروتيكية جاءت بوصفها أحد مستويات القمع التي يعيشها الصبي
واستكمالاً لما ستكون عليه شخصية اليازرلي. وبمعنى أشمل كما يورد الزبيدي
في كتابه «المرئي والمسموع في السينما» تأسيساً للثيمات الأربع التي بنى
عليها معالجته السينمائية لقصة مينا والتي تتلخص بـ: «الذاكرة، والوضع
الاجتماعي، والقوة البدنية، والجنس»، ولنكون في النهاية أمام فيلم يسعى
لسرد تلك الثيمات في انحياز مطلق لمعادلاتها البصرية.
من بين عشرات الأفلام الوثائقية التي أخرجها قيس الزبيدي، كان «اليازرلي»
ومازال يتيماً بوصفه الفيلم الروائي الطويل الوحيد الذي أخرجه، وليضاف إلى
هذا اليتم العقاب الذي أنزل به بمنعه في أكثر من مكان، والذي سيشكل عرضه في
أبوظبي فرصة لمعاينة جماليات هذا الفيلم الاستثنائي في تاريخ السينما
العربية، الذي حاز عدالة من «الفن السابع» بعد العقاب الرقابي، ودعوة لجيل
السينمائيين الجدد للانحياز نحو التجريب والانفتاح على آفاق مغايرة،
والتعرف الى مسارات سينمائية عربية نفتقدها ونحن نتكلم عن فيلم صُور منذ
أكثر من 38 سنة.
الإمارات اليوم في
07/10/2010
عينها على
لؤلؤة أبوظبي السوداء
شتي يا دني: كارمن لبس في مهرجان أبوظبي
كتب - محمد الحمامصي
صعود وحضور ملحوظان للنجمة اللبنانية في الدراما العربية
واعتراف بأن السينما العربية لا تزال سينما مصرية.
بدأت الفنانة
كارمن لبس مشوارها مع الفن على خشبة المسرح اللبناني حيث قدمت أكثر من عرض
مسرحي مع
زياد الرحباني ويعقوب الشبراوي ونضال الأشقر، لتنطلق بعد ذلك إلى عالم
السينما من
خلال أفلام مثل "بيروت الغربية" و"المتحضرات" و"معارك حب"
والذي شارك في الدورة
الماضية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وفيلم "بطل من الجنوب" أمام
الفنانة
نجلاء فتحي. ودراميا تألقت في العديد من المسلسلات بسوريا ولبنان ومصر،
وأبرز
مسلسلاتها تلك التي عرضت في شهر رمضان للعام الماضي والحالي
"أبو ضحكة جنان" حيث
قامت بدور بديعة مصابني، و"البوابة الثانية" قامت فيه بدور مناضلة
فلسطينية، وأخيرا
مسلسل "بابا نور" الذي قامت فيه بدور شقيقة الفنان حسين فهمي أو بابا نور.
كارمن تشارك هذا العام في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته
الرابعة
بفيلم "شتي يا دني" للمخرج بهيج حجيج، الذي ينافس على جائزة اللؤلؤة
السوداء كأفضل
فيلم عربي، ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وستكون إحدى نجمات
السجادة
الحمراء.
كارمن أكدت سعادتها أن تكون وفيلمها ضيفي مهرجان أبوظبي السينمائي،
هذا المهرجان
الذي أكد جديته سواء على مستوى اختياره للأفلام المشاركة أو على مستوى
الدعم الذي
يقدمه للسينما العربية عبر منحة "سند"، وقالت "من الرائع أن يكون هناك
اهتمام أساسي
في المهرجان بدعم صناعة السينما العربية إخراجا وكتابا وإنتاجا".
وأضافت "ألعب في 'شتّي يا دني' دور زينب التي اختُطف زوجها منذ عشرين
عاماً،
فقررت مقاطعة المجتمع والامتناع عن الخروج من منزلها عازلةً نفسها عن كل
محيطها
تقريباً، بعدها تلتقي بالصدفة بشخص عائد من الاعتقال بعد عشرين عاماً
أيضاً،
فيلتقيان فكرياً وتولد بينهما قصة حب فريدة من نوعها".
وأشارت إلى أن الفيلم يشارك في بطولته جوليا قصار وحسان الزين وعايدة
صبرا
وكارمن لبس، وتدور فكرته الأساسية عن عودة مخطوف وليس عن اختفائه وعن
محاولته
العثور على حياته التي سُلبت منه قبل عشرين عاماً، وذلك من
خلال ثلاث شخصيات
نسائية.
وعلى الرغم من الانتشار الذي حققته الممثلات اللبنانيات أخيرا في
الدراما
والسينما العربية رأت كارمن لبس"أن الممثلات اللبنانيات لم يأخذن حقهن على
مستوى
الوطن العربي لأنه ليس هناك سينما ذات جماهيرية إلا في مصر، وعلى شاشة
التلفزيون
أصبحت السيطرة شبه كاملة لبرامج التوك شو التي تستعين
بالمطربات، وان كان هناك بعض
المحاولات الجادة في الأعمال الدرامية التلفزيونية".
وحول سيطرة الموضوعات التي تتناول الحرب على الأفلام اللبنانية تقول
"تمويل
الأفلام اللبنانية يأتي غالبا من الخارج، والمنتجون يريدون أن يكون هناك
حدث مهم
بالفيلم لذلك تكون الحرب اللبنانية هي محور الأحداث أو تأتي كخلفية
للموضوعات
الاجتماعية".
كانت كارمن قد شاركت في مسلسل "البوابة الثانية" في رمضان قبل الماضي
وفازت
بجائزة أفضل ممثلة عن دورها فيه، "لقد أحببت الدور الذي لعبته وفرحت بأنني
أنال
جائزة في المرّة الأولى التي أدخل فيها إلى الدراما المصرية، كنت ألعب دور
امرأة
فلسطينية جارتها مصرية فتذهب إلى غزة حيث يتم اعتقال ابنها
وابن جارتها فنشاهد
معاناة أسرة فلسطينية خارج بلدها".
وأرجعت كارمن دخولها مجال الدراما في مصر للفنانة سميرة أحمد، التي
رشحتها
للمشاركة في مسلسل "البوابة الثانية" ثم تم طلبها لمشاركة في "أبو ضحكة
جنان"،
وأضافت"الفنانة سميرة أحمد شاهدتني عبر الفضائيات في مسلسل 'ابنة المعلم'،
ولم تكن
بيننا أي علاقة مسبقة، وفي البداية لم أصدق نفسي حين حدثتني، وسعدت جدا حين
أخبرتني
بأنها تريديني في عمل مصري".
ميدل إيست أنلاين في
07/10/2010 |