مسافة طويلة قطعها أسامة أنور عكاشة، والذى جاء من قريته حالما ومتمنيا أن
يصبح واحداً من قادة الرأى، إلا أنه بات ملكاً متوجاً على عرش الدراما
التليفزيونية العربية إن جاز التعبير، حيث قدم للدراما أعمالا شديدة الثراء
مازالت و ستظل تعيش فى الوجدان، وحده كان أسامة قادراً على أن يجعل شوارع
القاهرة والأقاليم هادئة، حيث كانت الأغلبية "تظبط" موعد عودتها إلى المنزل
مع مواعيد عرض مسلسلاته، ومن ينسى الحالة التى صنعتها دراما "الشهد
والدموع" و"ليالى الحلمية" فى الشارع المصرى، وباتت شخصياته محوراً
للنقاشات بين الأسر المتعاطف مع عفاف شعيب فى "الشهد والدموع"، والذى يكره
تسلط نازك، ويرفض أفعالها، والآخرون الذين كانوا يتمنون تحقق قصص الحب
المستحيلة بين أبناء العم المختلفين فى "الشهد والدموع"، وكيف لجمهوره أن
ينسى صراع الباشا سليم البدرى مع العمدة سليمان غانم وفصوله ومقالبه، والتى
ملأت البيوت المصرية دعابات. ومن لم يرغب فى المقاومة مع الدكتور مفيد أبو
الغار فى "الراية البيضا"، حيث نجح أسامة فى إثارة اهتمام الناس بما يكتبه.
وبدأ الجمهور يتساءل بعد مسلسل "الشهد والدموع" عن اسم الكاتب وأصبح يبحث
عن اسم الكاتب مثلما يبحث عن اسم الممثل، ويكمن نجاحه منذ أعماله الأولى
لأن أفكاره من واقع الحياة، حسبما صرح، حيث قال عكاشة: أشخاصى هم الناس
العاديون الذين نراهم يوميا فى الشارع. فى إحدى المرات سألنى أحد القراء من
أن أين أنتقى أسماء شخصياتى.. قلت له أنتقيها من الشارع. أنا لا أخترع
أسماء، ولا أخترع شخصيات أو أحداثاً. أنا أنهل من الواقع، والواقع أغنى من
خيال أى مؤلف، وهكذا فالهموم التى أطرحها فى أعمالى هى هموم شعبى،
والطموحات هى طموحات شعبى. أنا مرتبط بالناس وبآمالهم وآلامهم وواقعهم،
وخيالى يرتبط بالواقع الذى ألمسه كل يوم، خيالى وأفكارى لا ينفصلان عن
الواقع، ولأن أقبل فى يوم من الأيام أو أسمح لنفسى بأن أفكر فى غير آلام
وآمال شعبى والناس الذين أرتبط بهم".
أسامة كان حريصاً دائما على التأريخ لمصر وأحوال الوطن، كان يحلم وحاول أن
يحقق حلمه هذا بـ "المصراوية"، والذى بدأت أحداثه من تاريخ مصر أثناء الحرب
العالمية الثانية، واعتبر "المصراوية" بمثابة مشروعه الذى يرغب فى أن يختتم
به مشواره فى الدراما التليفزيونية، وأبدا لم يستسلم أسامة ولم يرفع الراية
البيضا فى وجه من اختلفوا معه، وظل يحلم بالبطل الشعبى الذى قد يأخذ بيد
الشعب، وينقذ الوطن من الفساد المعشعش فى الوطن، على حد تعبير الأستاذ،
والبطل الشعبى لم يغب أيضاً عن السينمائية، والتى رفع فيها شعار "خد حقك
بأيدك".. مثلما فعل حسن عز الرجال - جسده نور الشريف- فى كتيبة الإعدام،
وأتذكر أنه كان يضحك عندما كنت أحاوره فى أحد المرات، وأقول له "عايز الناس
تأخد حقها بأيديها بجد؟ فيرد علىَّ مازحا ماذا يفعلون أمام الظلم وعدم
الإنصاف، خصوصا وأن القهر قد يجهلهم يستسلمون وينهزمون وأنا أرفض الاثنين.
روح أسامة دائماً كانت شديدة الحماسة، ولكن فى الأيام الأخيرة كان صوته
واهناً شديد الضعف، ورفض مرارا أن يقهره المرض، وكان حريصاً على العمل حتى
آخر لحظة، يرفض الاستسلام للمرض، وأعتقد أنه الشىء الوحيد الذى هزمه، وأخذ
من روحه المتدفقة، فلترقد روح الأستاذ فى سلام، ولتبقى أعماله التى تضج
بالحياة والثراء بيننا، نتعلم منها ونعرف معنى الحلم، والأمل والمقاومة فى
وقت فقدنا فيه القدرة على الحلم وتملك اليأس منا، وقد يكون فى إعادة عرض
أعمال أسامة أنور عكاشة ما يبعث فينا روح الأمل من جديد.
اليوم السابع المصرية في
28/05/2010
رحيل عكاشة فى عيون النجوم..سميرة أحمد: رحل صديق العمر..
أشرف زكى:
أعماله طالت العرب قبل المصريين.. أبو عوف: مصيبة
فادحة.. وائل نور: كتب "المصراوية" على سرير المرض
كتب أحمد سعيد
لم يمثل رحيل الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة مجرد حدث تتناوله الأخبار
حينا من الزمن، كما أكد أصدقاءه من الفنانين الذين صدموا بخبر رحيله صباح
اليوم، وقالوا إن رحيله "فاجعة" للجميع سواء الفنانين أو المشاهدين داخل
مصر وخارجها، بعد أن تمكن هذا المؤلف العبقرى من ملامسه مشاعر المشاهد قبل
الممثل الذى يؤدى الأدوار التى كتبها بقلمه ومشاعره ووجدانه.
"رحل صديق العمر"، هكذا بدأت الفنان سميرة أحمد كلامها لـ"اليوم السابع"
مضيفه، "كان يرسل لى السيناريوهات ويقول لى، أنا شايفك فى الدور ده، وعندما
أنتهى من قراءة الورق أتعجب من قدرة الرجل على معرفة أسرار شخصيتى الحقيقية
لتشابه ما كتبه فى السيناريو مع صفاتى الحقيقية، مما كان له أبلغ الأثر فى
وصف الجميع له بـ نافذ الرؤية". وعن الأعمال الفنية التى جمعتها به قالت:
"أول الأعمال مسلسل، امرأة من زمن الحب، الذى كان بمثابة ورقة تعارف لم تجف
كلماتها حتى الآن، ولن تجف مهما طال الزمان، وأكثر ما أحزننى هو منع
الأطباء زيارة أحبائه له، مما دفعنى للاطمئنان عليه بالتليفون الذى لم يشبع
رغبتى فى الاطمئنان عليه".
الفنان عزت أبو عوف قال: "مصيبة فادحة، أقل وصف لفقدان مؤلف كبير فى قيمة
الأستاذ الكبير، أسامة أنور عكاشة، وهو ليس مصابنا نحن فقط، وإنما مصاب كل
المصريين والعرب بشكل خاص، وكل متابع للفن العربى بشكل عام، وإذا كان رحيل
نجيب محفوظ، أو إحسان عبد القدوس يمثل وقفات فى تاريخنا، فإن رحيل أسامة
أنور عكاشة لا يقل أهمية أو تأثيرا، وأحب أن أقول لكل أبنائه وتلامذته
ومحبيه، ربنا يصبركم".
أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية ورئيس اتحاد الفنانين العرب، أعرب من جانبه
عن حزنه الشديد فور سماعه خبر وفاة عكاشة، وقال: "الكاتب الكبير أسامة أنور
عكاشة ليس مجرد مؤلف أو سيناريست، وإنما رحلة عطاء فى العالم العربى كله،
ولا يقتصر تأثير أعماله على المشاهد المصرى، حيث اعتبره الجميع مدرسة
مستقلة بذاتها فى عالم التأليف والسيناريو والحوار".
وأضاف، "شرفت بالعمل معه كمشرف على أحد أعماله العبقرية عندما كنت رئيس
البيت الفنى للمسرح، وقدم مسرحية، ولاد اللذين، ثم عملت معه فى مسلسل،
عفاريت السيالة، وهما العملان اللذان أعتبرهما بصمة حية فى تاريخى الفنى
المسرحى والدرامى".
الفنان وائل نور، الذى اشترك فى العديد من أعمال الراحل، قال: "تعرفت على
الأستاذ أسامة أنور عكاشة فى بداية حياتى من خلال مسلسلى، عصفور النار،
ودكتور محمد وأخواته البنات، وبعد مرور 15 عاما عدت للعمل معه فى "المصراوية"
الجزء الأول والثانى، وهى بالطبع أعمال أضعها فى مقدمة تاريخى الفنى، ولا
أنسى جملة كان كثيرا ما يرددها لى وهى، كل شىء نصيب يا عم وائل".
ويضيف، "كان انفصالى عن عكاشة طوال 15 عاما لسوء تفاهم بيننا سببه شركة
إنتاج، عندما طلب من القائمين عليها اشراكى فى أحد أعماله الدرامية
الجديدة، إلا أنهم أخبروه بأننى رفضت لانشغالى بأعمال أخرى، وهو ما لم
يحدث، حتى تقابلنا وشرحت له حقيقية الأمر، وعدت للعمل معه مرة أخرى فى
مسلسل المصراوية، فى جزأيه الأول والثانى، الذى انتهى من كتابة حلقات الجزء
الثانى منه وهو فى فراش المرض".
اليوم السابع المصرية في
28/05/2010
هل كل ما كتبه أسامه أنور عكاشة هو قصصه
الحياتية؟
القاهرة: مروة عبد الفضيل
فرفش خاص وحصري
تحت نفس الشمس وفوق نفس التراب كلنا
بنجرى ورا نفس السراب كلنا من أم واحدة.. أب واحد.. دم واحد بس حاسِّين
باغتراب،
تلك هي بعض من كلمات مقدمة تتر مسلسل الشهد والدموع الذي يعتبر من أولى
الأعمال
التي نسجها الكاتب أسامه أنور عكاشة بخليط من العبقرية والعمق والبساطة
والرقي،ليرحل عنا مبدلا الشهد علقم وتاركا الدموع، بكى عليه تقريبا كل من
تعلم منه
ولو حرفا ولما لا وقد كانت مؤلفاته بمثابة منهج دراسي سار عليه من اكبر
فنان إلى
أصغرهم.
فرفش رصد بعض من ما تعلمه النجوم من الراحل
أسامه أنور عكاشة
ومفاجآت في حياته
ماذا قالوا عنه:
يوسف شعبان: الفنان ليس مجرد
صورة ضاحكة أو باكية على
الشاشة
في البداية أكد الفنان يوسف
شعبان أن الكاتب الراحل كان له اثر عظيم في حياته فطيلة مدة عمله معه في
مسلسل
(الشهد
والدموع) ورغم عدم فارق السن الكبير بينهم إلا انه يتعلم كان منه يوما بعد
الأخر فتعلم منه أن الفنان ليس مجرد صورة ضاحكة أو باكية على الشاشة بل
الفنان هو
إحساس ليس عليه نقل ما على الورق إلى المتلقي بقدر ما ضرورة أن ينقل ما
يشعر به إلى
الجمهور فتتحرك ملامحه دون أن تتحرك ويخاطب كل فرد من الجمهور دون أن ينطق،
معادلة
عكاشية لا يفهمها سواه. وأضاف يوسف أن عكاشة رحمه الله كان ليس مجرد قلم
يكتب على
ورق بل كان قلب نابض يترجم ما يشعر به إلى كلمات وسطور.
من جانبها أكدت الفنانة فردوس عبد الحميد التي شاركته في مسلسل
(أنا
وأنت وبابا في المشمش) أن الجانب الأخر من الكاتب الراحل أسامه أنور عكاشة
قد
يكون غير واضح في ملامح وجهه التي كثيرا ما كانت تعبر عن القوة والشموخ
ولكن
الحقيقة انه كان من الداخل إنسان رقيق يحب الحب فلا أنسى انه كان دائما ما
يقول لي
بالنص (يا فردوس الحب ده زى الكهرباء بالنسبة لي ينير حياتي رغم قهرتي في
الحب)
واضافت فردوس أن الأستاذ أسامه كان يحثنا طيلة فترة التصوير عن الحب وان
الحقد
والضغينة الموجودين في البعض من أهل الفن كان سبب ضياع عمرهم هباء،وأضافت
فردوس أن
الأستاذ أسامه كانت معظم الشخصيات النسائية في أعماله عايشها ورآها عن قرب
فعلا ولا
اقصد قصص الحب فقط بل النماذج النسائية الأخرى مثل فضة المعداوى وأبله حكمت
وغيرهن.
الحب وأشياء
أخرى
صلاح السعدني: اشعر أن ظهري انقسم
أما الفنان ممدوح عبد العليم فقد
كشف النقاب عن أن مسلسل (الحب وأشياء أخرى) الذي جسده بمشاركة الفنانة أثار
الحكيم
ما هي إلا بعض من ملامح قصة حب الكاتب الكبير أسامه أنور عكاشة باختلاف
الأحداث
والأسماء وأشياء أخرى وقد اعترف لي شخصيا بذلك بعد أن فرق الحب بينه وبين
فتاته
التي كان يحبها وهو شاب بالجامعة ولذلك كنت امثل هذا المسلسل واضعا يدي على
قلبي من
تلك المسؤولية الخطيرة التي وضعها أستاذنا على كاهلي ،لذا فقد كنت في بعض
المشاهد
المؤثرة التي كنت أجسدها المح في عيونه قطرات من الدموع محاولا إخفائها وان
كنت
دائما ما اكتشفها،وأنهى عبد العليم كلامه مشيرا إلى انه في زيارته الأخيرة
للأستاذ
أسامه كان متماسكا يريد بكل شجاعة وقوة أن يقهر المرض لكن خسر عكاشة معركته
مع
المرض وأعلن الأخير انتصاره.
وبكل حزن جاءنا صوت الفنان صلاح السعدني الذي سبق وشارك الكاتب
الراحل في بعض الأعمال لعل أشهرها (ارابيسك)، و(ليالي الحلمية) قائلا: اشعر
أن ظهري
انقسم ففي خلال شهر واحد فقدت أخي رحمه الله محمود السعدني وها أنا فقدت
الآن صديقي
وحبيبي أسامه بصراحة اشعر أن الدنيا قاسية جدا علي هذه الفترة لكن قدر الله
وما شاء
فعل ،فعلى المستوى الإنساني كان صديقي بمعنى الكلمة فإذا مررت بأزمة أو أي
شيء أراه
صعبا أشكو له فيهون كل شيء علي فكان بالنسبة لي فعلا كالبلسم،وعلى المستوى
الفني
اشعر أن هناك جدار من الدراما المصرية تهشم تماما واعتقد أن من الصعب
تعويضه في ظل
وجود بعض المؤلفين الترزية كما يطلق عليهم فلنترحم على كتابات أسامه أنور
عكاشة.
أخيرا فقد أشارت أخر اكتشافات الكاتب الراحل الفنانة ميس حمدان
إنها حزينة لوفاته قبل أن تحقق أحلامها في العمل معه من جديد بعد أن أعطاها
الثقة
وتوجها في دور هام في الجزء الثاني من مسلسل (المصراوية)،فقد كان وعدها
بالعمل معه
مرة أخرى ،وأشارت ميس إنها ما أن سمعت خبر وفاته إلا وأصيبت بحالة بكاء
شديد ولم
تصدق هذا الخبر الذي وقع على رأسها كالصاعقة لأنه كان بمثابة أبوها الروحي،
وكان
يحتويها وينصحها دون ملل أو كلل.
وفاة أبو الدراما التلفزيونية العربية
"أسامة
أنور عكاشة"
فرفش/
تلقّى أمس الجمعة أبناء المجتمع
العربي خبر وفاة أحد أعلامه، إذ توفي أسامة أنور عكاشة ابرز كتاب الدراما
التلفزيونية في مصر والعالم العربي بعد صراع طويل مع المرض. واعلنت وكالة
انباء
الشرق الاوسط ان عكاشة توفي في أحد مستشفيات القاهرة التي كان يعالج فيها
منذ
اسابيع من ازمة صحية لم تفصح عنها.
ويعتبر عكاشة واحدا من ابرز كتاب
الدراما وصاحب اشهر المسلسلات التلفزيونية في العالم العربي الامر الذي
استحق عن
جدارة ان يطلق عليه أبو الدراما التلفزيونية المصرية والعربية.
ولد عكاشة عام 1941 في مدينة طنطا بدلتا النيل وتخرج من كلية
الآداب جامعة القاهرة عام 1962.كتب العشرات من الاعمال الدرامية التي عرضت
في معظم
محطات التلفزيون في العالم العربي خلال السنوات الثلاثين الماضية. وآخر
أعماله
التليفزيونية كان مسلسل المصراوية الذي بث في سبتمبر/ايلول 2007 والذي حاز
علي
جائزة أفضل عمل، وجسد خلاله فترة مهمة من تاريخ مصر منذ بداية القرن
الماضي.ومن أهم
الاعمال التي كتبها مسلسلات "عصفور النار" و "رحلة أبو العلا البشري" و
"الشهد
والدموع" و"ليالي الحلمية" و"أرابيسك" و" زيزينيا".وكتب عكاشة عددا من
الروايات
الأدبية والمسرحيات.
موقع "فرفش" يطلب من الله عزّ وجلّ أن يتغمّد الفقيد
بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جناته.
فرفش المصرية في
28/05/2010 |