ما موقف المخرج الأميركي تيم بيرتون من أفلام المسابقة التي عين رئيس لجنة
التحكيم لكي يحكم بينها؟
كيف يمكن لمخرج مشهور بأفلامه الفانتازية، وآخرها «9» و«أليس في بلاد
العجائب» أن يُعجب بسيل الأفلام التي لا تتحدث إلا عن الواقع، وإن حدث
وابتعدت عنه فإن بعدها ليس ذا أثر كبير مما يجعله محكوما بالتنبيش بين
الأفلام الواقعية لاستخراج ما يراه، وأعضاء لجنته، مناسبا منها؟
هل سيتجه أميركيا فيمنح الفيلم الوحيد المتسابق «لعبة عادلة» جائزة ما؟ هل
سيتجه إلى جنوب شرق آسيا فيرى في الفيلم الياباني «غضب» والكوري «شعر» بعض
ما يبحث عنه من دلالات؟ أم هل سينضم إلى طروحات العالم الماثلة في معظم ما
تم تقديمه ويمنح الجائزة الأولى لفيلم ذي رسالة سياسية؟
ما يجعل الدورة صعبة التوقع هو أنه كان أعلن أنه سيبتعد عن السياسة في
النتائج التي سيتوصل، وأعضاء لجنة التحكيم، إليها. لو لم يعلن عن ذلك لطافت
التوقعات أكثر مما فعلت لأن الرجل - على ما يبدو- لم يكن يعلم حين قال ما
قال أن معظم المعروض يتعاطى والظروف السياسية والاجتماعية لهذا العالم الذي
يبدو كما لو أصبح واقفا على قدم واحدة يتأرجح حسب مصدر الرياح.
في دورة سابقة، تلك التي قاد لجنة تحكيمها أميركي آخر هو شون بن، سادت
النتائج مواقف ونظرات المخرج والممثل المذكور فسحب الجائزة من بعض الأفلام
الجيدة ومنحها للفيلم الفرنسي «الصف» للوريل كانيه، علما بأن أفلاما أفضل
كانت متواجدة، وذلك لأن الفيلم مثل بالنسبة إليه حالة اجتماعية واقعية
استحوذت على تأييده.
في العام الماضي وجدنا الممثلة إليزابيث أوبير تكافئ المخرج ميشال هنيكي
الذي تسبب في منحها جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان - عبر فيلم «عازفة
البيانو» - بمنح فيلمه الأخير «شريط أبيض» السعفة الذهبية. ليس أنه لم يكن
يستحقها لكن المسألة بدت على نحو رد جميل شاءت أوبير أم أبت.
الطريقة الوحيدة المتاحة لتيم بيرتون للخروج من ورطة الأفلام الواقعية
والداكنة اختيار «العم بونمي الذي يستطيع تذكر حياته السابقة» للتايواني
أبيشابتبونغ ويرساتوكول الذي لم يجد التفافا نقديا حوله رغم إجماع معظم
الحاضرين على أنه لا يتساوى وجودة فيلم المخرج السابق «مرض آسيوي».
فهل يفوز هذا الفيلم فعلا بالسعفة وبذلك يهرب المهرجان بأسره من المواجهة
مع الحاضر أو تسعى إدارة المهرجان لدى رئيس لجنة التحكيم لكي يضع في حسبانه
أن منح هذه الجائزة سيكون بمثابة هروب من المشكلات الاجتماعية والسياسية
التي دارت حولها معظم الأفلام؟
لا ننسى أن هناك -على ما يبدو- مسألة مثيرة للاهتمام تتعلق بالمستجدات
الحالية: المهرجان كان ضم المخرج الإيراني جعفر باناهي للجنة التحكيم لكن
الحكومة الإيرانية كانت وضعت المخرج في السجن بلا تبرير قبل ذلك الاختيار
وارتأت السلطات هناك إبقاءه في السجن، ما جعل المهرجان يحتج على الموقف.
هذا ما يعني أن هناك احتمالا لفوز فيلم عباس كياروستامي بالجائزة الأولى
(أو بواحدة من الجوائز الأساسية) رغم أنه لا يستحق أيا منها، وذلك ردا على
سجن باناهي، خصوصا وأن كياروستامي يعتبر لاجئا الآن في رحاب السينما
الأوروبية.
* كاميرات الدجيتال لا تصنع مخرجا عظيما
* المخرج برتران تافرنييه
* حوار
* رغم أن المخرج الفرنسي المعروف برتران تافرنييه جاء من وراء كتابة النقد
السينمائي إلا أنه لم يكن صديقا أو زميلا لأترابه القادمين من ذات الخلفية
أمثال جان- لوك غودار، كلود شابرول وإريك رومير وفرنسوا تروفو الذين شكلوا
نواة السينما الفرنسية الجديدة قبل خمسين سنة أو نحوها.
في الحقيقة هناك اختلاف شاسع بين أسلوب المخرج السينمائي وبين أساليب سواه
من المخرجين المذكورين. لم يكن يوما مخرجا مؤلفا ولا انتمى إلى السينما
الجديدة ولا شق طريقا فنيا مائة في المائة، بل حافظ على موقع يحتوي على
عناصر فنية وعناصر جماهيرية متساوية.
هذا لا يعني مطلقا أن المخرج البالغ حاليا 69 سنة، والذي أنجز أول أفلامه
سنة 1974 كان ناجحا دائما في هذا الجمع بين الفن والجماهيرية، لكن إذا ما
تابع المرء أفلامه الأولى، بدءا من «ساعاتي سان بول» مع فيليب نواريه وجان
روشفو في البطولة، سيلاحظ أن شهرته ارتبطت بجودة أعماله وإن تراجعت في
التسعينات نوعيا إلى أن وجدت طريقا يعيدها إلى مركزها المتقدم في صناعة
الفيلم الفرنسي في العقد الأول من هذا القرن. هذه الرحلة تتوج حاليا بفيلمه
الجديد «أميرة مونتبنسييه» الذي قد يفوز بالسعفة أو بسواها. الحقيقة أن ما
هو متوقع هنا هو فوز الفيلم بجائزة ما أو فوز المخرج بجائزة أفضل إخراج
أيضا.
·
اشتركت في هذا المهرجان أكثر من
مرة. ما هي المتغيرات التي تستطيع التحدث عنها من خلال المرات التي حضرت
فيها هذا المهرجان؟
- أعتقد من السهل أن أذكر أن المهرجان أصبح أكبر بكثير مما كان عليه في
السبعينات أو في الثمانينات من كل نواحيه. مع هذا الكبر تأتي تغييرات يختلف
تقييمها من شخص إلى آخر حسب رؤيته هو للوضع.
·
هناك فترة طويلة لم تحضر فيها
هذا المهرجان.
- نعم. هناك 22 سنة من الانقطاع.
·
لماذا اخترت العودة هذا العام
بهذا الفيلم؟
- بطيعة الحال هو اختيار مشترك. أنا أبحث عن فيلم جيد لتحقيقه والمهرجان
يبحث عن فيلم جيد لتقديمه. إلى ذلك، «كان» يشكل بالفعل منصة إطلاق جيدة
للأفلام التي تحتاج لرعاية. و«أميرة مونتبنسييه» الفيلم التاريخي كشأن هذا
الفيلم يحتاج إلى كل رعاية فنية وإعلامية يمكن أن تأتيه لأنه نوع مكلف
والجمهور متقلب.
·
هل اخترت الموضوع بنفسك؟
- عادة ما أفعل وأفلامي السابقة تختلف عن هذا الفيلم من هذه الناحية. لكن
هذه المرة استلمت المهمة عن طريق المنتج ووافقت طبعا بعد قراءة السيناريو
وإعجابي بما يكشفه من وقائع. سيناريو مكتوب جيدا، لا بد أن أقول ذلك
بتأكيد.
·
هل الشخصية الرئيسية، وهي شخصية
نسائية، كانت من بين المسببات الرئيسية لقرارك إخراج الفيلم؟
- طبعا. كما تعلم الأحداث تقع في القرن السادس عشر ولكي تجد امرأة بمواصفات
بطلة الفيلم (تقوم بها ميلاني تييري) فإن الأمر نادر. إنها بطلة فعلية تجسد
الكلمة بكل شموليتها. جريئة وحساسة وذات فهم متقدم لعصرها وتعرف خياراتها
الصعبة: هل تتبع حبها أو واجبها. إنها تريد أن تكون مخلصة لزوجها لكنها تحب
شخصا آخر. المسألة معتادة وتقع في كل عصر، لكن قراراتها كانت نيرة آنذاك في
عصر كانوا يعلمون فيه الرجال القتال والنساء الخياطة ولا شيء آخر.
·
كانت هناك عناية كبيرة بالتفاصيل
من تصاميم وملابس وكل ما له علاقة بالزمان والمكان.
- طبعا. كنت حريصا على تمييز الفترة عن أي فترة تاريخية مماثلة. أحيانا ما
يلتبس الأمر أو يذعن البعض لتمريرات سريعة. هذا المسدس البدائي لم يكن
موجودا بعد في تلك الحقبة، أو تلك الحلي لم تكن دارجة إلخ.. علينا دائما
التحري والتأكد وأنا مدين لمن ساعدوني في هذا العمل كل باختصاصه. كان عملا
مجهدا.
·
جئت من خلفية نقدية، ثم كتبت
للسينما وساعدت في الإخراج قبل أن تصبح مخرجا قائما بذاتك وناجحا جدا في
عملك. ما هو تأثير المراحل السابقة عليك عند إقدامك على الإخراج؟
- كان لا بد أن أبدأ من نقطة ما. في البداية كنت محاميا مبتدئا. لكني كنت
أحب السينما وأقدمت على العمل ناقدا لهذه الغاية. لكني بالطبع لم أتوقف
ولعشر سنوات قمت، كما ذكرت، بالكتابة للسينما وبالعمل مخرجا مساعدا. بعدها
حين تأكدت مما أريد أن أفعله أخرجت. إذا كنت تريدني توجيه نصيحة للمبتدئين،
وهناك دائما مبتدئون، فهي المثابرة على التعلم واختزان التجارب قبل
الانتقال إلى الإخراج. طبعا كاميرات الدجيتال هذه الأيام توجز المسافة
كثيرا، لكن هل تصنع مخرجين كبارا؟ أشك. ليس بالطريقة التي تستخدم الآن.
·
قرأت ما ذكرته عن الموقف الذي
ووجه به المخرج رشيد بوشارب وفيلمه «خارجون عن القانون».
- أليس ما حدث يدعو للسخرية. موقف عدائي من فيلم؟ قد نسمع حدوث ذلك في دول
أخرى، لكن هنا!
·
أرادوا من المهرجان سحب الفيلم
ومن شركة التوزيع عدم عرضه في البلاد؟ أليس هذا غريبا؟
- وكل ذلك وهم لم يشاهدوه بعد. لا يحق اتخاذ موقف من فيلم من دون مشاهدته،
ثم لا أعتقد أننا نستطيع أن نحجر على أفكار المبدعين. إن بدأنا ذلك لا ندري
إلى أين نصل.
أفلام المسابقة في لمحة نهائية
*
Another Year
عام آخر (بريطانيا) فيلم مايك لي الذي يتناول البشر ووحدتهم ومعاناتهم التي
تحاول الاختفاء في داخل الذات. جميل على سوداويته. واقعي لكنه ليس أفضل
أفلام مخرجه.
*
Biutiful
جميل (المكسيك/ إسبانيا) الممثل الإسباني خافييه باردام يستحق جائزة أفضل
تمثيل (وقد ينالها فعلا هذا اليوم) عن دوره هنا كرجل سيموت مخلفا عائلة
يحبها في خضم هذا العالم المتعب.
*
Burnt By the Sun
حرقتهم الشمس (روسيا) فيلم نيكيتا ميخالكوف الحربي الذي ينتهج -فجأة- موقفا
غير معاد للماضي مشيدا بالحرب التي خاضها السوفيت ضد الألمان. بعض النقاد
وصفه برامبو الروسي.
*
Certified Copy
نسخة مصدقة (فرنسا/إيران) ثرثرة بلا أسلوب نير للمخرج الإيراني عباس
كياروستامي حول كاتب وصاحبة معرض رسم غريبين عن إيطاليا يلتقيان فيها
ويتحدثان مشتركين في لعبة غير مقنعة.
*
Chongqing Blues
أحزان شونغكينغ (الصين) مزج تسجيلي- روائي حول معاناة الصينيين (عبر
مقابلات) من نير الثورة الثقافية للبلاد في السبعينات. بعد قليل تشعر بأنك
في حضرة ندوة أو مؤتمر وليس فيلما.
*
Fair Game
لعبة عادلة (إماراتي/ أميركي) مر من دون تقدير يستحقه حول حادثة حقيقية
أبطالها البيت الأبيض والسي آي إيه وزوجين (شون بن وناوومي ووتس) يكشفان
حقيقة السياسة الأميركية في العراق (إماراتي/ أميركي).
*
Hors-la-loi
خارجون عن القانون (فرنسا/الجزائر) صاحب «بلديون» الذي فاز هنا سابقا
بجائزة أفضل تمثيل رجالي، يعود بفيلم يكمل مسيرة ذلك الفيلم من زاوية تعرضه
للغبن الذي أصاب الجزائريين على أيدي الفرنسيين. مهم ووطني لكنه يحتاج
لأسلوب أجدى.
*
The Housemaid
الخادمة (كوريا) ينتقل الفيلم الكوري إيم سانغ-سو من الجيد إلى المعتدل
فإلى دون ذلك ساردا قصة خادمة بسيطة تعمل لدى عائلة أرستقراطية. تناقض
المصالح والغايات سريعا ما يتحول إلى ميلودراما جانحة.
*
La Nostra Vita
حياتنا (إيطاليا) فيلم إيطالي برسالة مناوئة لتلك التي ترد في «جميل» من
حيث الرغبة في الحد من الهجرة عبر تمرير القصة في حكاية عاطفية وعائلية.
إخراج محدود الأثر لدانيال لوشيتي.
*
La Princesse de Montpensier
أميرة مونتبنسييه (فرنسا) العائد بعد غياب برنارد ترافنييه يحيك قصة عاطفية
تقع في غضون عصر فرنسا الملكية وتتناول البطولة والتضحية وقصة الحب
المثالية وسط المتاعب. عناية جيدة بالمكان والزمان والتفاصيل.
*
Of Gods and Men
عن الإلهات والرجال لم يُشاهد بعد.
* غضب (اليابان) المخرج تاكيشي كيتانو يتحدث عن عنف منظمة إلياكوزا
اليابانية بعنف مماثل محاولا استخراج قدر من المرح الأسود من خلال مشاهد
دموية. لكنه لا يسجل نقاطا مهمة في خضم ذلك.
*
Poetry
شعر (كوريا) امرأة فوق الأربعين تقرر تعلم الشعر وتلجأ إلى مدرسة لذلك لكن
هنا ما هو أكثر إلحاحا خصوصا أن ابنها الشاب يبدو وقد انسحب تماما من
عالمهما المشترك.
*
Route Irish
طريق أيرلندية (بريطانيا) فيلم آخر لحظة للمخرج البريطاني كن لوتش يتناول
حكاية رجل يحقق في مقتل صديقه في الحرب العراقية ويكتشف أن المؤسسة التي
أرسلته إلى الحرب هي التي صفته. الأحداث غير مفاجئة والمتوقع يسود، لكنه
فنيا يبقى منتميا لأسلوب مخرجه.
*
A Screaming Man
رجل يصرخ (فرنسا/ بلجيكا/ تشاد) محمد صالح هارون القادم من تشاد ينجز فيلما
آخر حول العلاقة المعقدة بين الأب وابنه. الأول يشي بولده فيتم تجنيده وذلك
حتى لا ينافسه هذا على قوته. نظرة صادمة بأسلوب كان يحتاج معالجة أفضل.
*
Tender Son- The Frankestein Project
ابن رقيق، مشروع فرانكنستاين (المجر) محنة شاب يعود إلى عائلته بعد قضاء
فترة في المصح ليجد أن وجوده غير مرغوب فيه. يرتكب جريمة قتل في تداعيات لا
تشكل دلالات حتى على صعيد فردي. إخراج كورنل مندروسكو عبارة عن لحظات جميلة
ليس إلا.
*
Tournee
جولة (فرنسا) المخرج والممثل الفرنسي ماتيو أمالريك ينجز فيلما متوسط
القيمة حول صاحب فرقة من الراقصات والمغنيات اللواتي تجاوزن سن الشباب.
السيناريو ممطوط بلا نتيجة مرضية.
*
Uncle Boonmee Who Can Recall His Past Lives
العم بونمي الذي يستطيع تذكر حياته السابقة. لم يشاهد بعد (تايوان) للمخرج
أبيشابتبونغ ويرساتوكول.
*
You, My Joy
أنت، سعادتي (أوكرانيا/ ألمانيا) فيلم رائع ولو كان أكثر تشابكا مما يجب:
سائق شاحنة شاب يتعرض لتجربة قاسية فوق ثلوج أوكرانيا. المخرج سيرغي
لوزنتزا يتطرق لشخصيات أخرى تبدو بسبب طريقته في السرد دخيلة وإن لم تكن.
1.
Burnt by Sun 2.jpg
حرقتهم الشمس: نيكيتا ميخالكوف يلعب البطولة ويخرج
الشرق الأوسط في
23/05/2010 |