الحب من طرف واحد أقسي وأشقي أنواع الحب.. حيث يسهر الحبيب يعد النجوم
ويكابد اللوعة والسهاد بينما المحبوب لا يشعر به وربما أيضاً مشغول بحبيب
آخر.
هذا هو بالضبط حال السينما العربية مع مهرجان «كان» السينمائي.. محاولات لا
تنقطع من السينما العربية للتودد والوصال، بينما المهرجان لا يمنحنا غير
الصد والهجران.. هذه الدورة والتي تحمل رقم «63» وتفتتح مساء اليوم -
الأربعاء - من المؤكد أنه قد تقدم إلي إدارة المهرجان عدد من الأفلام
المصرية والعربية رفضت كلها.. بالطبع لا تعلن إدارة المهرجان أسماء
الأفلام، فهذا يخالف البروتوكول المتعارف عليه، وعلي الجانب الآخر فإن صناع
الأفلام ليس من صالحهم إعلان ذلك وليس أمامنا في هذه الحالة إلا السوق وهو
مفتوح بالطبع لأي منتج يدفع ثمن تأجير الجناح، وأيضاً ثمن العرض في صالة
السينما.. وهذا العام سوف نشاهد عددًا من الأفلام المصرية في السوق مثل
«بنتين من مصر» إخراج «محمد أمين» وبطولة «صبا مبارك» و «زينة».. «الديلر»
إخراج «أحمد صالح» وبطولة «أحمد السقا» و «خالد النبوي».. أهم مشاركة لنا
هي في قسم «سينما العالم» حيث إن «مارتن سكورسيزي» المخرج العالمي والمسئول
عن مؤسسة الحفاظ علي التراث السينمائي العالمي للمرة الثانية وقع في هوي
«شادي عبدالسلام» حيث تم ترميم نسخة الفيلم التسجيلي «الفلاح الفصيح».. في
العام الماضي أشرفت نفس هذه المؤسسة علي ترميم فيلم «المومياء» وأشاد «سكورسيزي»
بالمومياء الذي ينضح في لقطاته بكل هذا السحر.. بعيداً عن ذلك فإن مصر
والعرب غائبون عن المشاركة المباشرة بالأفلام داخل فعاليات المهرجان في هذه
الدورة ولكن القضايا العربية أبداً لن تغيب فيلم «خارج علي القانون» للمخرج
الجزائري «رشيد بوشارب» والذي أثار مشكلات داخل الجزائر يطالبون بمنع
عرضه.. والمعروف أن «بوشارب» يقدم فيلماً فرنسياً وليس جزائرياً سبق أن عرض
له أيضاً في «كان» قبل خمس سنوات فيلم «بلديون» شاركت في إنتاجه كل من
الجزائر والمغرب وحصل نجوم الفيلم علي جائزة أفضل تمثيل لأبطاله الأربعة..
واتهم أيضاً المخرج الجزائري بتشويه الكفاح الجزائري ورغم ذلك فإن الفيلم
سوف يأخذ بالتأكيد مكانه للعرض رغم كل الاعتراضات.. في دور صغير يشارك
«خالد النبوي» في فيلم «لعبة عادلة» إخراج «دوج ليمان» وبطولة شون بين» و «ناعومي
واتس».. آخر مشاركة عربية لنا في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان كانت في
العام الماضي هي فيلم «الزمن المتبقي» للمخرج «إيليا سليمان» وهو من عرب
إسرائيل.. وكان قد سبق لإيليا أن شارك أيضاً بفيلمه «يد إلهية» عام 2002
وحصل علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة.. «إيليا» لم يحصل علي شيء في الدورة
الماضية لكنه اقتنص جائزة أفضل فيلم عربي في العام الماضي في مهرجان «أبو
ظبي».. «إيليا» من مواليد ما بعد عام 1948 عام النكبة ورغم ذلك، فإننا لا
يمكن أن ننكر الهوية العربية لفيلم «إيليا» وهو نفسه متمسك في كل أحاديثه
علي التأكيد بأن فيلمه فلسطيني وليس إسرائيلياً والفيلم شاركت في إنتاجه
فرنسا وأيضاً قناة
M.B.C
، في العام الماضي شارك أيضاً في قسم «أسبوع المخرجين» فيلم عنوانه
«أمريكا» إخراج الفلسطينية «شيرين دعبس» والفيلم إنتاج أمريكي كندي ويحكي
عن مأساة امرأة فلسطينية تهاجر إلي أمريكا.. أيضاً المخرج العراقي الكردي «شهرام
إليدي» اشترك في قسم «أسبوع النقاد» بفيلم «ميوتا لاجالبا» بينما المخرج
التونسي المعروف «فريد بوغدير» اشترك كعضو لجنة تحكيم في مسابقة الأفلام
القصيرة ولكننا في هذه الدورة العرب جميعاً غائبون!!
للسينما العربية تاريخ موغل في القدم مع مهرجان «كان» يعود إلي أولي دوراته
التي أقيمت عام 1946 حيث اشتركت مصر بفيلم «دنيا» إخراج «محمد كريم»
وتتابعت المشاركات العربية باستثناء هذه الدورة.
للسينما العربية نصيب من الجوائز لكنه نصيب متواضع لا يتناسب مع حجم
السينما العربية ولو عقدنا مقارنة مع دولة مثل «إيران» علي سبيل المثال
سنجد وجودها في هذا المهرجان يتجاوز كل الدول العربية مجتمعة.. أول جائزة
حصلت عليها السينما العربية عن فيلم «عطيل» إخراج «أورسون ويلز» وبالرغم من
أن المخرج وبطل الفيلم هو الفنان الأمريكي العالمي «أورسون ويلز» إلا أن
الفيلم يحصل علي جنسيته من جهة الإنتاج وليس الإخراج أو التمثيل، وهذا
الفيلم مغربي الإنتاج، ولهذا تحسب الجائزة من رصيد السينما العربية حيث حصل
الفيلم علي الجائزة الكبري للمهرجان عام 1953 وهي تعادل حالياً «السعفة
الذهبية».. لأن جائزة «السعفة» لم يتم إقرارها إلي عام 1955!!
ونتوقف أمام جائزتين مهمتين للسينما العربية للمخرج الجزائري «محمد الأخضر
حامينا» الأولي عن فيلمه «ريح الأوراس» عام 67 وهي جائزة الكاميرا دور
«الكاميرا الذهبية» للعمل الأول، ثم بعد ذلك يحقق «حامينا» أهم جائزة
للسينما العربية «السعفة الذهبية» عام 75 عن فيلم «وقائع سنوات الجمر»..
وتغيب السينما العربية عن الجوائز لتعود عام 91 مع الفيلم اللبناني «خارج
الحياة» للمخرج الراحل «مارون بغدادي» الحاصل علي جائزة لجنة التحكيم
الخاصة!!
ومن المشاركات المهمة في «كان» الفيلم الجزائري «صيف 62» المشارك في القسم
الرسمي ولكنه خارج التسابق علي الجوائز.. أيضاً المخرج المصري «يسري نصر
الله» شارك فيلمه «باب الشمس» عام 2004 رسمياً ولكن خارج التسابق وفي العام
نفسه اشتركت سوريا لأول مرة بفيلم «صندوق الدنيا» للمخرج «أسامة محمد»
أيضاً خارج المسابقة ولكن في القسم الرسمي.. أيضاً المخرجة اللبنانية
«نادين لبكي» اشتركت بفيلمها «سكر بنات» عام 2007 في قسم «أسبوع المخرجين»
وكان الفيلم مرشحاً لجائزة «الكاميرا دور» للعمل الأول ولم يحصل عليها،
وقبل أربعة أعوام اشتركت المخرجة «تهاني راشد» بفيلمها التسجيلي «البنات
دول» داخل القسم الرسمي ولكن خارج التسابق!!
و«يوسف شاهين» هو أكثر المخرجين العرب إصراراً علي الوجود في مهرجان «كان»
وله عشر مشاركات بدأت عام 52 بفيلم «ابن النيل» ورشح بقوة للحصول علي جائزة
العمل الأول للمهرجان، ولكنه لم ينلها ولهذا عندما تسلم جائزته في اليوبيل
الذهبي عام 1997 قال علي مسرح «لوميير» أمام 3 آلاف متفرج حيث يقام حفل
الافتتاح والختام أن الجائزة تستحق كفاح 45 عاماً.. آخر مرة شارك فيها
«يوسف شاهين» بفيلمه «إسكندرية نيويورك» 2004 وذلك في قسم «نظرة ما» حيث
عرض الفيلم في ختام هذه التظاهرة وقدم المهرجان في الدورة الماضية احتفالية
خاصة برحيل «يوسف شاهين»!!
خارج نطاق «يوسف شاهين» لدينا مشاركة مهمة لعاطف الطيب بفيلمه «الحب فوق
هضبة الهرم» عام 85 في قسم «أسبوع المخرجين» وبعدها بعامين اشترك «محمد
خان» بفيلمه «عودة مواطن» وذلك في إطار احتفال المهرجان بمرور 40 عاماً علي
إنشائه.
إن الحضور العربي في «كان» لا يقتصر فقط علي الأفلام ولكن أصبح عدد من
النجوم والنجمات يحرصون كل عام علي الذهاب لمتابعة هذا الحدث السينمائي
العالمي.. بعضهم مثل «ليلي علوي»، «محمود حميدة»، «خالد أبو النجا»، «لبلبة»
تجدهم بالفعل في أروقة المهرجان يتابعون بشغف الأفلام والندوات.. عدد آخر
مثل هذه الراقصة الشهيرة التي كانت تذهب إلي «كان» من أجل أن تلتقط لها بعض
الصور علي سلالم القصر الذي يقام فيه المهرجان بمفردها أو مع أحد النجوم
العالميين بعد ذلك توزع هذه الصور علي بعض دور الصحف باعتبارها كانت هي
نجمة المهرجان المتألقة التي تابعتها وكالات الأنباء وشبكات الإنترنت، آخر
نجمة عربية شاهدتها في «كان» العام الماضي «هيفاء وهبي» كان لديها في السوق
فيلم «دكان شحاتة» ورأيت «عمر الشريف» يصعد السلم الرئيسي أمام قاعة «لوميير»
ويسير علي السجادة الحمراء أمسكت بيده وتم تصويرها مع «عمر» الذي لم يكن
يعرف من هي ولكنه بالطبع لم يمانع أن تمسك يده امرأة بجمال «هيفاء»، بينما
هي كانت تعلم أن يدها في يد «عمر الشريف» سوف تجبر الكاميرات علي التوجه
إليها.. وبعد أن صعدت السلم فص ملح وداب اختفت تماماً عن عين «عمر الشريف»
ولم يرها منذ ذلك الحين!!
الدستور المصرية في
11/05/2010 |