يدعو مهرجان برلين السينمائي سنوياً عدداً من المواهب السينمائية
الشابة إلى فعالية خاصة تدعى ملتقى المواهب، يتيح لهم خلالها فرصة تبادل
الخبرات وتقييم مشروعاتهم المستقبلية. موقعنا التقى بعدد من المواهب
العربية المشاركة.
منذ ثمانية أعوام، بدأ مهرجان برلين السينمائي الدولي في تنظيم فعالية
تحمل عنوان "ملتقى المواهب" أو "جامعة المواهب" „Talent
Campus"، يجتمع فيها السينمائيون الشباب من كل أنحاء العالم، لمناقشة
أعمالهم مشاريعهم المستقبلية، ولاكتساب خبرات جديدة من خلال أوراش العمل
مختلفة، وكذلك المحاضرات التي يستمعون فيها لكبار السينمائيين في العالم.
وفي دورة هذا العام، وعلى مدى ستة أيام، التقى 350 شاب وشابة من
المواهب السينمائية الصاعدة، والذين قدموا من حوالي مائة دولة، إلى مدينة
برلين على هامش مهرجان برلين السينمائي الدولي، في إطار "ملتقى المواهب".
"وضوح الرؤية" شرط أساسي لقبول المتقدمين
ويتقدم سنوياً لحضور هذه الفعالية آلاف الشباب من كل أنحاء العالم،
ويقع الاختيار بناء على نماذج الأعمال المقدمة، وأيضاً بناء على ما يتوقع
القائمون على المشروع أن يصل إليه الشباب من خطوات عملية خلال الأيام الست
التي يقضونها في برلين كما يؤكد مدير "ملتقى المواهب"، ماتييس فاوتر كنول،
في حديث لدويتشه فيله "نحن ندعو أشخاص يعرفون بدقة ما يريدون وما يبحثون
عنه، ليتمكنوا خلال فترة الملتقى القصيرة، وهي ستة أيام، أن يتقدموا خطوة
إلى الأمام".
وبالفعل، ليست الدراسة هي شرط التقدم ولكن الموهبة وأفكار الأفلام
التي يتقدم بها الشباب، كما يؤكد فادي حنداش، الكاتب والمخرج الفلسطيني
اللبناني المقيم في الإمارات، فرغم كونه درس الهندسة المعمارية، لكن حبه
للسينما دفعه لترك هذا المجال والتوجه إلى صناعة الأفلام. وقد تقدم فادي
للملتقى بفكرة فيلمه الوثائقي الجديد.
ويوافقه الرأي أحمد مجدي، البالغ من العمر 24 عاماً، والذي تخرج من
كلية الحقوق، ودرس الفن السابع في مدرسة مستقلة للسينما في مصر، وبدأ في
الكتابة والإخراج والتمثيل في عدد من الأفلام القصيرة في إطار دراسته، تقدم
بها لعدد من المهرجانات العالمية، من بينها مهرجان الأفلام العربية في
روتردام، وفاز فيلمه "كيكة بالكريمة" خلاله بجائزة الفضي، وهذا الفيلم هو
أيضاً الذي جاء بأحمد إلى برلين.
أحمد الذي سمع بفكرة المنتدى منذ نحو ثلاث سنوات، لم يكن يتوقع أن
يُقبل ويقول في هذا الإطار "كنت أعتقد أن تجربتي صغيرة وأنني لست مستعداً
لمثل هذا الملتقى الدولي، لكن أستاذي في مدرسة السينما شجعني للتقديم، وقد
تقدمنا جميعاً في المدرسة، وعددنا عشرة طلبة، لكني الوحيد الذي قبلت هذا
العام، رغم أن فيلمي ذا الإمكانيات الضعيفة لم يكن ذي جودة عالية من
الناحية التقنية، فتكلفة الفيلم كانت ألف جنيهاً فقط، والصورة لم تكن
بالجودة الكافية وكذلك الصوت، لكني أعتقد أن الفكرة هي التي جذبت القائمين
على المنتدى لدعوتي للمنتدى".
التلاقي الفني يتعدى الحدود الجغرافية والسياسية
تتنوع فعاليات المنتدى بين أوراش العمل التخصصية في مجالات الإخراج
والتصوير والإضاءة والفعاليات التسويقية أو المحاضرات، ففادي حنداش مثلاً
تقدم للمنتدى ليشارك في برنامج خاص بدعم الأفلام الوثائقية وتطوير أفكارها
على مدى أيام المنتدى الستة، بالتعاون مع بعض الاستشاريين المتخصصين في هذا
المجال من كل أنحاء العالم. وقد استفاد حنداش كثيراً من خبرة هؤلاء
المستشارين الذين يعملون في مجال الأفلام الوثائقية في قنوات أوروبية
مشهورة مثل القناة الألمانية الثانية تسد.دي.اف
ZDF وقناة
ARTE الفرنسية الألمانية. هؤلاء الخبراء ساعدوا الشباب المشاركين في تطوير
أفكارهم لتحويلها إلى أفلام وثائقية يمكن تسويقها، كما تحمسوا أيضاً لفكرة
فيلم حنداش، مما يجعله من الممكن أن يشاركوا في إنتاج هذا الفيلم.
كذلك شاءت الصدفة أن يتقابل فادي، الذي يطور فكرة فيلم عن باكستان
أثناء تناوله وجبة العشاء ببعض السينمائيين الباكستانيين، ما قد يفتح
الفرصة له للتعاون معهم لإنتاج فيلمه. ويعتبر حنداش أن فرصة التقابل مع كل
هذا الكم من الفنانين المنفتحين على الثقافات الأخرى والراغبين في التعاون
في مشاريع مستقبلية أهم ما حدث لهم خلال المنتدى. ويوافقه الرأي الألماني
فولفرام هوكه، الطالب في معهد السينما والتلفزيون في ميونخ، الذي تمكن من
التعرف على منتجة إفريقية من كينيا، واتفق الاثنان خلال المنتدى على تنفيذ
فيلم وثائقي مشترك في كينيا. كذلك يعتبر السينمائي اللبناني الشاب مارك
خليفة، الذي عمل في مجال الإنتاج والإضاءة أن فرصة التعرف على كل هؤلاء
السينمائيين الموهوبين هو أهم ما استفاد منه خلال أيام المنتدى الست.
فرصة فريدة للتعرف على كبار الفنانين السينمائيين
أحمد مجدي يعتبر أيضاً أن كم العلاقات الفنية والإنسانية التي حققها
هي أهم ما حدث له خلال هذه الفترة، ويضيف في هذا السياق: "لقد عرفت أن
العالم صغير وأن الفنانين في كل مكان في العالم قادرين على التفاهم فما
بينهم. كما أنني فوجئت من روح الدعابة المشتركة بيننا، فلم أظن أبداً أنني
سأتمكن من إلقاء النكات والضحك مع غير المصريين، لكنني اكتسبت الكثير من
الصداقات هنا".
لكن السينمائي المصري الشاب يؤكد أيضاً أنه تعلم الكثير على المستوى
العملي، وبالإضافة إلى مراجعة مشروع السيناريو الذي جاء به لمناقشته هنا مع
الخبراء والمنتجين، فقد شارك أحمد أيضاً في ورشة عمل خاصة بمرحلة ما بعد
التصوير، وتعلم فيها الكثير من كبار المصورين الذين عملوا في أفلام عالمية
مثل فيلم "متشرد مليونير" أو
slumdog millionaire
ومصور فيلم أنيكريست، الذي يصفه مجدي قائلاً "لقد جلست مع مصور عظيم،
وأبهرني تواضعه وبساطته ورده على كل أسئلتنا، الساذجة والبدائية أحياناً
كثيرة، وتعلمنا منه الكثير عن إمكانيات الكاميرات الرقمية الجديدة، التي
نعرفها وعملنا عليها، لكننا لا ندرك إمكانياتها". تعلم أحمد الكثير عن
التصوير والمونتاج وتصحيح الألوان، وهو سعيد بهذه الخبرة التي سينقلها
لزملائه في مصر.
مؤسسة دويشه فيله في
22/02/2010
"ابن بابل" يفوز بجائزتين فى مهرجان برلين 2010
كتبت هنا موسى
حصد فيلم "ابن بابل" جائزتين فى مهرجان برلين السينمائى، حيث حصل على
جائزة منظمة العفو الدولية، مناصفة بينه وبين فيلم "نفايات الأرض" للمخرج
لوسى ووكر "المملكة المتحدة البرازيل"، وهذه الجائزة تأسست من أجل تحفيز
وإثارة قضية حقوق الإنسان مع جمهور وصناع السينما، وتهدف إلى تشجيع
السينمائيين فى تناول تلك القضايا الإنسانية. كما فاز بجائزة السلام
الخامسة والعشرين، والتى مُنحت للمخرج محمد الدراجى فى حفل كبير أقيم فى
أكاديمية الفنون فى برلين. وقدم له الجائزة الكاتب الألمانى الكبير كارولين
إيميك.
"ابن بابل" تدور أحداثه فى شمال العراق، عام 2003، بعد مرور ثلاثة
أسابيع على سقوط صدام حسين، حول قصة أحمد الولد الكردى الذى يبلغ من العمر
12 عاما- ويعيش مع جدته، التى تسمع أن بعض أسرى الحرب وجدوا أحياء فى
الجنوب، فتقرر أن تعرف مصير ابنها المفقود، والد أحمد، الذى لم يُعد إلى
منزله قط منذ حرب الخليج عام 1991.
وطول الرحلة من جبال الشمال إلى أراضى بابل، كانا يستوقفا العربات
ليركبوا مجانًا متطفلين على الأغراب، والتقوا بالكثير من الرحالة مثلهم،
يقومون برحلات مشابهة. فأخذ أحمد يتبع خطى منسية لأبٍ لم يعرفه قط محاولاً
فهم ما تبحث عنه جدته، وأثناء الرحلة، ينمو الولد وينضج.
وقد جاءت الجوائز لتدعم إطلاق "حملة مفقودى العراق" التى يدعمها رئيس
الوزراء العراقى نورى المالكى، ومعالى وزير حقوق الإنسان العراقى وجدان
سالم ميخائيل، وتدعمها نشوة الروينى، الرئيس التنفيذى لشركة بيراميديا
بالمشاركة مع شركة "هيومان فيلم" وشركة "عراق الرافدين" وهى حملة ذات الصلة
بموضوع الفيلم.
وأشارت وزارة حقوق الإنسان العراقية إلى أن هناك أكثر من 1.5 مليون
شخص فى عداد المفقودين على مدى السنوات الـ40 الماضية، ومئات الآلاف من
الجثث التى انتشلت من 300 مقبرة جماعية حتى الآن. وتزداد الأعداد مع اكتشاف
المزيد من المقابر الجماعية، ويتغلب ذلك على الموارد المحدودة المتاحة
لمنظمات الإغاثة فى العراق. وتسعى حملة "مفقودى العراق" و"ابن بابل" لإيصال
حجم الإبادة الجماعية، وسوف يبدأ الضغط من أجل توجيه الموارد فى العراق
وخارجه من المنظمات المهتمة بمثل هذه القضايا، لتمويل التكنولوجيا اللازمة
للتعرف على الجثث بطريقة أكثر كفاءة.
وأعقب العرض الأوروبى لـ'ابن بابل' فى برلين الأسبوع الماضى خطاب مسجل
من قبل رئيس الوزراء العراقى دعماً للفيلم كما سلط الضوء على تأثير هذا
الفيلم والحملة على الشعب العراقى، وحضر وزير حقوق الإنسان العراقى العرض
الأول للمشاركة فى المناقشات التى أعقبت العرض كما حضر سعادة علاء الهاشمى،
السفير العراقى فى ألمانيا والوفد المرافق له.
وقالت نشوة الروينى هذا الفيلم فى غاية الأهمية بالنسبة للشعب العراقى
ونتمنى أن نستطيع من خلاله إظهار القضايا عميقة الجذور التى لا تزال قائمة
فى العراق للعالم، وسنواصل القيام بأكبر قدر ممكن فى العمل من أجل الحصول
على وسائل للعثور على هذه الأجساد التى فُقدت فى مقابر جماعية، فالفيلم يعد
رسالة واضحة للظلم الذى تعرض له الشعب العراقى، وقد جاءت مشاركة شركة
بيراميديا فى الإنتاج من منظور إيماننا الكامل بالرسالة التى يتبناها
الفيلم.
اليوم السابع المصرية في
24/02/2010 |