حالة من ردود الفعل المختلفة صنعتها
أفلام الأسبوع الأول لفعاليات المهرجان لدي النقاد والجمهور.
وكانت الآراء متفقة لدي الجانبين,مما يوضح أن
دورة العام الحالي بدأت بشكل
مختلف عن سابقتها التي أوجدت هذه الحالة من النصف الثاني
للفعاليات نال فيلم رومان
بولانسكي'الكاتب الشبح'قسطا كبيرا من الأستحسان النقدي,والأعجاب
الجماهيري
لفيلمه المأخوذ عن رواية إنجليزية بنفس العنوان,ليقدم المخرج صورة لعالم
السياسة
من خلال الكاتب الشاب المنوط بمهمة كتابة مذكرات رئيس
الوزراء,وبذلك تسمح معايشته
له من الدخول في هذا العالم ومعرفة ألغازه التي تجذبه كباحث وكاتب تنتهي
بإغتياله.
لعل بولانسكي استغل أسلوبه السينمائي في معالجته للرواية التي ظهرت
في صورة ممتعة من خلال تعدد الخيوط الدرامية وجمعها في نقطة واحدة في
النهاية,
لكن دون الأعلان عن نهاياتها صراحة ليجعل ذهن المتفرج في حالة
من التفكير مع نهاية
الفيلم حين تصطدم سيارة بالكاتب بعد خروجه من حفل نشر الكتاب تابينا
للسياسي الذي
أغتيل;ليستخدم المخرج هنا النهاية المفتوحة الممزوجة بالدلالة للتعبير
عما يريد
قوله وجعل المتفرج في حالة تأثر بالفيلم بعد أنتهائه..وهذا
ما حدث من الأحاديث مع
بعض الصحفيين والنقاد الأجانب إلي جانب بعض المناقشات مع الجمهور الذي أتفق
أيضا مع
النقاد في أعتبار الفيلم الروماني'إذا أردت أن أصفر سأصفر'للمخرج الشاب
فلورين
شربان الذي طرح قضية إنحراف الشباب,وجنوح سلوكه
وتصرفاته;ويعتبر عنوان الفيلم
توضيح لحالة العناد والأنانية التي يتمتع بها هؤلاء الصبية
والشباب..ليلقي الضوء
علي قضية ليست محلية علي المستوي الروماني, ولكنها عالمية لوجود هذه
الحالة في
الكثير من دول العالم.
إستطاع شربان أن يركز علي التفاصيل في علاقات
الشخصيات, وملامحها,وردود أفعالها في حين نال الفيلم
الصيني' المرأة
والمسدس و محل المكرونة' إعجاب الحضور للحرفية العالية للمخرج زانج يمو
في ضبط
إيقاع الفيلم المختلف في الكثير من المشاهد التي أحتوت علي الكوميديا,
والكوميديا
السوداء التي أجاد توظيفها بشكل جعل المشاهدين يضحكون في صالة
العرض رغم شدة
تراجيدية الموقف..وقد إعتمد في هذان النوعين علي خلل التفكير,وعدم
إتساق الفكر
مع أفعال الشخصيات,عيوبها الخلقية;إلي جانب أستخدامه لآلعاب السيرك
التي يؤديه
العاملون بالمحل أثناء صنعهم للفطائر والمكرونة;بخلاف صنعه لصورة
سينمائية تظهر
علي الشاشة كلوحة فن تشكيلي مستغلا الطبيعة الجبلية لمنطقة
التصوير وتدرج إنعكاس
الشمس علي سفوحها,وإستخدامها العالي الحرفية للجرافيك في تغير الزمن من
الليل إلي
النهار..تمكن زانج من إستخدام هذه الوسائل في شكل مبرر دراميا داخل محل
المكرونة
والمنطقة الكائن بها و يشهدا جريمتي قتل بسبب المسدس الذي
أشترته المرأة.. أكدت
السينما الصينية مكانتها في المهرجان بخطفها لأنظار الحضور بهذه
الفيلم,وفيلم
الأفتتاح.
شهد الأسبوع الأول أيضا إفتتاح العديد من الأنشطة منها فعاليات
منتدي صندوق دعم السينما العالمي, و مسابقة الكامبوس المهتمة بعمل الورش
السينمائية التي يحضرها شباب من جميع أنحاء العالم وأختيار
افضل مشاريعهم
لتمويلها,ويشارك بها من مصر ستة مخرجون شباب.وتكتمل المشاركة المصرية
بإنضمام
الشركة العربية للأنتاج والتوزيع إلي سوق الفيلم للعام الثاني علي التوالي
لتكون
بذلك الدولة العربية الموجودة في السوق;في حين ياتي حضور
دولة الأمارات من خلال
حضور القائمين علي مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي(مهرجان ابوظبي)
علي
الهامش بفيلم' أبن بابل'الذي عرض في الدورة الأخيرة لمهرجان أبوظبي.
أما
دولة قطر فجاءت مشاركتها ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية( الفوريم)
بفيلم'
عايشين'إنتاج قناة الجزيرة للأطفال..ويصور الفيلم أوضاع الأسر والأطفال
الفلسطنيون بعد الحرب الأسرائيلية الأخيرة في2008; وقد تمكن
المخرج نيكولا
فلاديموف الشريك في الإنتاج من تصوير أوضاع الطفل من خلال التنقل بين
مجموعات
الأطفال التي تتمني أن تتعلم,وأخري تقاوم الأحتلال بالموسيقي,وثالثة
تحاول أن
تلهو,ورابع أستشهد أخيه ويقرر أنه سينتقم عند إشتداد
قوامه.. ليوضح بذلك طبيعة
حياة الطفل الفلسطيني ومأساته المتمثلة في فقدانه أبسط حقوقه, وهي اللهو
والتعليم;لكن ما فعلته إسرائيل وتفعله يصنع من هؤلاء الأطفال رجال مقاومة
بعد
يأسهم من الحصول علي حقوقهم, والحياة الكريمة.
ألقي الفيلم الضوء علي
الممارسات الاسرائيلية من القنابل الفوسفورية وما تركته من أثر علي أجساد
الأطفال
الذي أصبح همهم طرد إسرائيل..ولعل المخرج إستطاع أن يعبر عن حال الطفل
الفلسطيني
بأنه يعيش في دائرة لا يعرف الفرار منها عندما يصور أحد الأطفال وهو يركب
الطبق
الدوارويلف به والطفل مستسلم.
يعتبر الحضور العربي قويا في هذه الدورة عن
سابقتها في العام الماضي حيث مشاركة دولتين في أهم أقسام
المهرجان هما سوق
الفيلم, ومسابقة التسجيلي;في حين جاءت الثالثة تعرف نفسها سينمائيا
للعالم من
خلال فعاليات الدورة الستين لمهرجان برلين الذي يطفئ ستون شمعة بعرض أفلام
من
الدورات الأولي.
الأهرام اليومي في
17/02/2010 |