مساء اليوم الخميس المصادف 11.02.2010 ستفتح "البرلينارة"، مهرجان
برلين السينمائي أبوابه للمرة الستين أمام الجمهور والنقاد لمشاهدة مجموعة
من الأفلام المعاصرة المنتقاة من بين كمية هائلة من الأفلام التي أحتشدت
على موائد القائمين على هذا المهرجان، الذي يعتبر الى جانب مهرجان كان
ومهرجان البندقية واحدا من أهم المهرجانات السينمائية في أوربا. ومن الجدير
بالذكر أن مهرجان برلين السينمائي قد تأسس في العام 1951 بمبادرة من الضابط
الأمريكي أوسكار مارتاي الذي كان مسؤولا عن شؤون السينما لدى الإدارة
الأمريكية العسكرية، وكان الغرض منه تشجيع النشاط السينمائي في القطاع
الغربي من برلين، من هنا جاءت تسمية المهرجان بـ "البيرلينارة، فترينة
العالم الحر" منسجمة مع أهدافه الفنية والدعائية. وقد أفتتح المهرجان في
ذلك الوقت بـفلم الفريد هيتشكوك "ريبيكا". وكان المهرجان في بداياته عبارة
عن مهرجان "جمهور"، أي أن الجمهور هو الذي يقيم الأفلام الى جانب المسؤولين
التي تعرض خلاله، ولم تكن هناك لجنة مختصة للتحكيم، علما بأن المدير الأول
للمهرجان الفريد باور كان من ضمن المتخصصين بالسينما. وقد تم تشكيل أول
لجنة تحكيم دولية للمهرجان في العام 1956.
خلال عمره الطويل نسبيا شاهد مهرجان برلين الذي راح يكتسب بالتدريج
طابعا مسيسا الكثير من الأحداث المثيرة، كان أكثرها إثارة الفضيحة التي
أثارها عام 1970 فلم المخرج الألماني (الشاب حينها) ميخائيل فيرهوفن "“o.k. الذي وافقت لجنة التحكيم المشرفة على المهرجان
على عرضه ي البداية، ثم سرعان ما حصل إنشقاق بين أعضاء اللجنة فيما يتعلق
بالتوجه السياسي للفلم الذي كان يعالج موضوعا يرتبط بحرب فيتنام (إغتصاب
صبية من قبل مجموعة من الجنود)، فكان هناك من يدعو الى عرض الفلم من جهة،
وهناك من يطالب بمنعه من جهة أخرى، مما أدى الى إلغاء المهرجان للمرة
الأولى منذ تأسيسه.
منذ سنواته الأولى تجري أعمال المهرجان في عدة إطارات تغيرت مع مرور
السنين حتى أستقرت أخيرا على الصيغة التالية:
- المسابقة تعرض خلالها 26 فلما، تتنافس 22 منها على جائزتي الدب
الذهبي والدب الفضي، أغلبها افلام تعرض للمرة الأولى)
- منتدى الفلم العالمي الجديد (منذ العام 1971، تأسس كردة فعل على
الفضيحة التي أثارها فلم ميخائيل فيرهوفن، لغرض إحتواء التجارب السينمائية
الجديدة ذات الطابع السياسي)
- مراجعة (تحت إشراف متحف الفلم في برلين- السينماتيك الألمانية،
وتعرض خلالها أفلام لعبت دورا مهما في تاريخ السينما، العام الماضي كان
مخصصا لسينما 70 ملمتر وفي العام 2008 لأعمال لويس بونويل)
- بانوراما (أفلام تتعلق بمواضيع إجتماعية تتعلق بالأقليات وتشمل
أفلاما تقع في إطار السينما المثلية)
- البرلينارة خاص (ا ُلـْحِق حديثا ليشمل أفلاما لمخرجين كبار أو
لتقديم أعمال كلاسيكية أو أعمال ترتبط بتاريخ البيرلينالة)
- أجيال (سابقا افلام الشبيبة والأطفال)
- آفاق الفلم الألماني (عرض افلام ألمانية وثائقية وتمثيلية حديثة،
يجري إختيارها من قبل لجنة تحكيم خاصة)
وقد قام المدير الحالي للمهرجان، ديتر كوزليك المعروف بحبه للطعام
الشهي، فوق حبه للسينما، بإلحاق قسم جديد الى أقسام المهرجان المذكورة
أعلاه، الا وهو "قسم سينما الملذات" الذي خصص للأفلام التي تعالج مواضيع
تتعلق بهذا الشكل أو ذاك بـ "ملذات المائدة"، ومن ضمنها فلم "كولابسه" لكرس
سميث الذي كان مخبرا في الـ
CIA
قبل أن ينتقل للسينما، ويدور فلمه المذكور حول رؤيا لعالم يخلو من النفط،
أما فلم
Bananas! لفريدريك غيرتين فهو يعالج فضائح شركة "فواكه الجنوب"، إضافة الى
فلم من الهند والفلم الكوري "المطبخ العاري" لهونغ جي يانغ.
لقد مرت على لجنة التحكيم في برلين العديد من الأسماء المعروفة ومن
ضمنها باتريشيا هايسمث وجوان فونتين وليف أولمان وجينا لولو بريجيدا وبن
كنغسلي، وغيرها. أما أعضاء اللجنة الحالية فهم المخرج السينمائي الألماني
فيرنر هيرتزوغ (رئيسا) و المخرجة الإيطالية فراسيس كومينجيني والكاتب
الصومالي نور الدين فرح.. الخ.
ومن ضمن الأفلام المهمة التي حصلت على جائزة الدب الذهبي أو الدب
الفضي: "الإسكندرية ليه؟" ليوسف شاهين –الدب الفضي 1979- و"لاري فلنت"
لميلوش فورمان –الدب الذهبي 1997- و"حلم أريزونا" لأيمير كوستوريجا (الدب
الذهبي 1993) و "8 مليمتر" لجويل شوماكر 1999
وغيرها..
أغلب الأفلام التي ستعرض خلال المهرجان هذا العام لم يسبق لها أن
شاهدت دور السينما، ومن ضمنها أفلام لمخرجين عالميين كبار مثل رومان
بولانسكي "غوست رايتر- كاتب الظل؟" ومارتين سكورزيزي "شوتر آيلاند" (خارج
المسابقة).
الأفلام الأخرى التي ستعرض خلال مسابقة المهرجان جاءت من مختلف بلدان
العالم ومن بينها تركيا التي ستشارك بإنتاج مشترك مع المانيا عنوانه "عسل"
من إخراج سميح كابلان أوغلو وإيران "زمن الغضب" –مشترك مع المانيا- كما
سيكون هناك حضور مميز للصين وبلدان شرق أوربا والولايات المتحدة التي
ستشارك بفلمين في المسابقة من ضمنها "عواء" إخراج روب إيبشتاين وجيفري
فريدمان، وأفلام أخرى.
وربما لم تصل البرلينارة بعد الى المستوى الذي يمكن أن تناس فيه
مثيلاتها في البندقية وكان، غير أنها مازالت ترفد التراث السينمائي المعاصر
بتجارب جديدة، وبأجيال جديدة من المخرجين الشباب وممثلي "السينما المستقلة"
في المانيا وغيرها.
إيلاف في
10/02/2010 |