المنافسة حامية. صراعٌ
يُمكن اعتباره تجاوزاً للسينما إلى الحياة الشخصية، كما ألمحت صحفٌ عديدة
إثر إعلان
الترشيحات، قبل أسابيع قليلة. النتيـــجة صادمة، أقلّه على المستوى التجاري:
الفـــيلم الحاصد أعلى الإيرادات في العالم (أكثر من ملياري دولار أميركي
منذ منتصف
كــانون الأول، علماً أن عروضه مستمرّة في دول متفـــرّقة، ما يعني أن
الإيـــرادات
مرشّحة لمزيد من الأرباح)، يفـــشل في انتزاع أبرز الجوائز من
فيلم لم يُحقّق
أرباحاً مالية كثيرة.
المرأة تفوز، وللمرة الاولى بجائزة افضل اخراج. الرجل
يخسر. الزوجة السابقة تنتصر على طليقها. حرب العراق أقوى، والخيال العلمي
يسقط أمام
بؤس الواقع وخرابه. السينما في مقابل السينما. الواقعية البحتة تتغلّب على
المؤثّرات الصوتية والبصرية. السجال النقدي المبطّن إزاء
العلاقة الملتبسة بين
الإنسان والحروب التي يخوضها أو يعيشها، بدا أفضل من الدخول في اللعبة
الخبيثة
للخيال العلمي، عندما يُقال إن الأخير غطاء لمواقف إنسانية وأخلاقية
وثقافية.
هذا ليس تلاعباً بالكلام، أو خروجاً على المشهد الواضح للاّئحة
النهائية للحفلة
الثانية والثمانين لجوائز «أوسكار». إنه واقعٌ حقيقي، انكشف أمام المهتمّين
بالسينما وصناعتها أمس الأول، عندما نال «خزانة الالم» (أو «منتزعو
الألغام» بحسب
إحدى الترجمات الأجنبية) للمخرجة كاترين بيغولو ست جوائز
(بعضها أساسي)، في مقابل
ثلاث جوائز فقط لـ«أفاتار» لجيمس كاميرون، مندرجة في إطار التقنيات البحتة.
المرأة
منعته من استعادة اللحظات القديمة التي توّجته «ملكاً على العالم»، بفوز
فيلمه
السابق «تايتانيك» بـ11 جائزة «أوسكار» قبل 12 عاماً.
العمل السينمائي الأخير
لبيغولو، الزوجة السابقة لكاميرون، حصد أهمّ الجوائز في فئات
أفضل فيلم، وأفضل
إخراج، وأفضل سيناريو أصلي لمارك بوال، وأفضل مونتاج للثنائي بول مورافسكي
وكريس
إينيس، وأفضل مونتاج صوتي لبول أن. جي. أوتوسّون، وأفضل ميكساج صوتي
للثنائي
أوتوسّون وراي بيكيت، وهي الفئات نفسها التي فاز الفيلم بها في
حفلة توزيع جوائز «بافتا
2010»، قبل أيام قليلة. وفاز «أفاتار» بجوائز أفضل إدارة فنية لريك كارتر
وروبرت سترومبيرغ وديكورات لكيم سينكلير، وأفضل صورة لمورو فيور، وأفضل
مؤثّرات
بصرية لكلّ من جو لوتيري وستيفن روزنبوم وريتشارد بانيهانس وأندرو ر. جونز.
إلى
ذلك، فاز جف بريدجز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في «قلب مجروح» لسكوت كووبر،
علماً
أنه فاز بجائزة الفئة نفسها من «غولدن غلوب»، كما نال الفيلم جائزة
«أوسكار» أفضل
أغنية بعنوان «النوع الكئيب» التي كتبها ولحّنها راين بينغهام
وتي بون بورنيت، بعد
فوزهما بجائزة «غولدن غلوب» في الفئة نفسها.
ونالت ساندرا بولوك جائزة أفضل
ممثلة عن دورها في «الجانب الأعمى» لجون لي هانكوك، بعد يوم
واحد فقط على منحها
جائزة «راتزي» لأسوأ ممثلة عن دورها في «كل شيء عن ستيف» لفيل ترايل، علماً
أنها
حضرت الحفلة وتسلّمت الجائزة بنفسها، بعدما وزّعت على الحضور نسخ «دي. في.
دي.» من
هذا الفيلم. والمعروف أن الغالبية الساحقة من السينمائيين لا يشاركون في
حفلة توزيع
جوائز «راتزي» لأسوأ الأعمال ومنجزيها، التي تُقام عشية إعلان
نتائج «أوسكار».
كما فاز كريستوف فالتز بجائزة أفضل ممثل في دور ثان عن مشاركته في
«سفلة
مجهولون» لكوانتين تارانتينو، ومو نيك بجائزة أفضل ممثلة في دور ثان عن
مشاركتها في «بريشس» للي دانيالز، بعد فوزها بجوائز «غولدن
غلوب» و«بافتا» و«سبيريت للأفلام
المستقلّة» في الفئة نفسها. و«بريشس» نال أيضاً جائزة «أوسكار»
في فئة أفضل اقتباس
لجيوفري فليتشر (عن رواية «إدفع» لسافير).
تكتمل اللائحة بالجوائز التالية:
أفضل فيلم تحريك طويل لـ«فوق» للثنائي بيت دوكتور وبوب بيترسون، وأفضل
موسيقى أصلية
للفيلم نفسه، نالها مايكل جياتشينو. أفضل فيلم تحريك قصير لـ«حول منتصف
الليل»
لنيكولا شميركن. أفضل أزياء لساندي بوويل عن عملها في «فيكتوريا الشابة»
لجان ـ
مارك فالي. أفضل ماكياج لبارني بورمان وميندي هال وجويل هارلو عن عملهم
المشترك في
«ستار
ترك» لجيفري جي. أبرامز.
ونال الفيلم الأرجنتيني «سرّ العيون» لخوان خوسي
كامبانيلاّ جائزة «أوسكار» أفضل فيلم أجنبي، و«الخـــليج الصغير» للوي
بسيهوياس
جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، و«الموسيـــقى بحذر» لروجر روس ويليامز
وإليونور
بوركيت جائزة أفضل فيــلم وثائقي قصير، و«المستأجرون الجدد»
ليواكيم باك وتيفي
ماغنوسّون جائزة أفضل فيلم قصير. ومُنح جون هيوغ جائزة تكريمية.
السفير اللبنانية في
09/03/2010
كتــاب
«آلان
ديلون: نجوم
من سينما الزمن الجميل»
خمسة عشر فصلاً شكّلت
الكتاب السينمائي الجديد «آلان ديلون: نجوم من سينما الزمن الجميل: سيرة
حياته
وأفلامه»، الصادر حديثاً عن وزارة الثقافة السورية في «سلسلة الفن السابع».
إعداد
الكتاب وترجمة فصوله عائدان إلى محمد علاّم خضر. لائحة بأفلام
الممثل الفرنسي.
صُوَر مختلفة له. لقطات من بعض أفلامه.
آلان ديلون ممثل إشكالي. خاض تجارب
متفرّقة. لكن إحدى معاركه انصبّت على كتّاب سيرته. لا يريد
المثول أمام من لا يثق
به. سيرته حكرٌ عليه. الكتاب المترجم إلى اللغة العربية سرد مراحل عدّة من
هذه
السيرة. لم يُشر المعدّ والمترجم إلى المصادر التي استُلت منها الفصول.
الكتاب
مفتوح على الحكايات، وهي كثيرة بالنسبة إلى ممثل كآلان ديلون.
الطفولة. الفتى
المتمرّد. بدايات الشهرة. زواج. عرش الشاشة الفرنسية. صانع الأفلام. معشوق
النساء.
خيبات الأمل. الاعتزال الملتبس. عودة «كازانوفا».
عناوين تختصر الأعوام الخمسة
والسبعين لرجل يزداد تألّقاً ووسامة على طريق الشيخوخة.
السفير اللبنانية في
09/03/2010
كلاكيت
جرح بيغولو
نديم جرجورة
استاء عربٌ عديدون من
تصريح المخرجة الأميركية كاتلين بيغولو، إثر فوزها بجوائز «أوسكار» أفضل
فيلم وأفضل
إخراج عن «خزانة
الألم». انتقدوا تمنيّاتها بالعودة السليمة للجنود الأميركيين من
أفغانستان والعراق. أهدت جوائزها إليهم. إنها مواطنة أميركية
مثلهم. إنها سينمائية
لديها وجهة نظر، أو موقف ما.
لم يُشاهد هؤلاء فيلمها. لعلّه منتم إلى فئة
الأفلام الأميركية السجالية ضد الحرب في العراق. لكن تصريحاً
كهذا منسجمٌ وارتباطها
ببلدها وناسه. هذا حقٌّ لها. العرب مستاؤون دائماً من مواقف غربيين. يريدون
إسقاط
أوضاعهم وغرائزهم وأفكارهم على الآخرين. يريدون من الآخرين أن يكونوا لهم،
أو
مثلهم. يتناسون أن مواقف سجالية كثيرة لغربيين عديدين إزاء
الإدارات السياسية
والقيادات العسكرية لبلدانهم، ترجمة لعلاقة صدامية داخلية. هلّلوا لشتيمة
مايكل مور
الموجّهة ضد جورج بوش الابن. لكنهم تغاضوا عن أن الأفلام الانتقادية
الحادّة لهذا
المخرج نابعةٌ من التناقض الصارخ بين وجهتي نظر، لا أكثر ولا
أقلّ. شون بن انتقد
إدارة بلده، سياسياً واقتصادياً، إثر جريمة الحادي عشر من أيلول 2001، لأنه
لم يفصل
بين السطوة الاقتصادية والرأسمالية القاتلة على البلد وناسه، وانهيار هذه
السطوة
بفعل الاعتداء الإرهابي. سوزان ساراندون وتيم روبنز خاضا معارك
شتّى، من بينها رفض
الحرب الأميركية. هذه مسائل متعلّقة بالداخل الأميركي، وإن غُلِّفت بخطاب
إنساني
عام. الأفلام المناهضة للحربين الأميركيتين على أفغانستان والعراق مستلّة
من الجرح
الإنساني الأميركي، بعيداً (غالباً) عن أدنى اهتمام بالـ
«ضحية». لا يُمكن مطالبة
الجلاّد الغربي بتفهّم الضحية العربية، مع أن غربيين كثيرين انتقدوا
الجلاّد،
وتفهّموا وضع الضحية.
لا شكّ في أن سينمائيين أميركيين وغربيين اتّخذوا مواقف
إيجابية مع قضايا عربية، طالعة من حسّ إنساني، لا من تحرّك سياسي. الحسّ
الإنساني
مهمّ للغاية. لكن، لا يُمكن مطالبة الجميع بما يشتهيه العرب
ولا يفعلونه. تمنيات
كاترين بيغولو متوافقة وموقفها من تلك الحرب. هناك من قال بالحقّ العراقي
في الحرية
والسيادة والاستقلال. هناك من طالب بجلاء القوات الأميركية من أفغانستان.
هناك من
انتقد وحشية الجندي الإسرائيلي في حروبه اليومية ضد
الفلسطينيين. العكس صحيح أيضاً.
لكن، ليس المطلوب من الجميع موقفاً واحداً. لكاترين بيغولو الحقّ في
تمنياتها هذه،
تماماً كما أن للآخرين الحقّ في اتّخاذ ما يرونه مناسباً لهم. للعرب الحقّ
في إعلان
استياء أو موقف رافض. لكن، عليهم أن يقوموا بواجباتهم، وأن
يتحمّلوا مسؤولياتهم،
بدلاً من التهليل لخطاب غوغائي وانتهازي يصدر من هنا أو هناك، بحجّة تلاؤمه
والحقّ
العربي؛ وبدلاً من الاستياء المتزمّت من موقف ذاتي خاص، بحجّة تناسيه
الضحية.
ما يجري في أفغانستان والعراق وحشي. أميركيون وغربيون عديدون متورّطون
في حربين
لا علاقة لهما بأهدافهما المعلنة. لكن عرباً كثيرين متورّطون في ما هو أخطر:
التغاضي عن الفعل، والتمسّك بردّ الفعل.
السفير اللبنانية في
11/03/2010 |