تحت شعار
«جسر الثقافات وملتقي الإبداع» عقدت في الفترة من 11-18 ديسمبر الدورة
الخامسة لمهرجان دبي السينمائي الدولي وأضاف المهرجان هذا العام وفي هذه
الدورة مسابقة جديدة للأفلام الآسيوية الافريقية مساوية في جوائزها لمسابقة
الإبداع السينمائي العربي.وقد ساعد التمويل الجيد والمنتظم مع السعي الدءوب
لتطوير المهرجان من جانب القائمين عليه، وعلي رأسهم عبدالحميد جمعة رئيس
المهرجان ومسعود أمر الله آل علي مديره الفني إلي أن تكون هذه الدورة أضخم
دوراته من حيث عدد الأفلام والدول المشاركة والبرامج والجوائز والفعاليات
والأنشطة والإصدارات والضيوف، ويعزي هذا في نظري إلي الاستعانة بالكثير من
الكوادر الأجنبية المحترفة التي لها خبرة كبيرة في إدارة المهرجانات
وتنظيمها.المهرجان إذن إلي جانب ما يتمتع به من كرم الضيافة يبدي أداء
مهنيا عاليا يؤهله لاحتلال مكانة بارزة بين المهرجانات السينمائية
الدولية.عرض المهرجان 181 فيلما من 66 دولة موزعة علي 10 برامج هي برنامج
الجسر الثقافي الذي يعرض أفلاما تجسد شعار المهرجان وتسعي لتجاوز القيود
الثقافية وتدعو إلي التسامح والحوار تجسيدا لشعار «ملتقي الثقافات
والإبداعات»، وبرنامج ليال عربية الذي يعرض نخبة من الأفلام العربية خارج
المسابقة تتنوع في الشكل والمضمون وتشترك بلمس جانب من جوانب الحياة
العربية المعاصرة، والبرنامج الثالث هو سينما العالم، والتي يعني بها
المهرجان أفلام القارات الأربع الأخري، الأمريكتان وأوروبا واستراليا، وهي
تضم مجموعة من الأفلام من 10 دول تعرض مختارات من أهم وأبرز الأعمال
السينمائية تلخص الإبداع السينمائي غير الآسيوي والإفريقي، يضع البرنامج
الرابع السينما الإيطالية في دائرة الضوء حيث يقدم مجموعة من أحدث انتاجات
السينما الإيطالية، ويحتفي البرنامج الخامس بالسينما الهندية باعتبارها أحد
أضخم دول العالم إنتاجا للأفلام، البرنامج الخاص بالسينما الآسيوية
الإفريقية يتميز بصوره السينمائية المتنوعة من أفلام لمخرجين في تجاربهم
الأولي، وهو ما لا ينتجه لهم الكثير من المهرجانات الكبري، علاوة علي
الانتاجات الروائية الضخمة.سابع البرامج هو سينما التحريك وهو برنامج
استحدث كما ذكرت هذا العام ويضم إنتاجات عام 008 من أفلام تنبض بالألوان
والخيال والإبداع.البرنامج الثامن مخصص لسينما الأطفال ويقدم باقة من أفضل
انتاجات عام 008 ، ولأن المهرجان يعقد في الخليج فإنه يكرس البرنامج التاسع
لأصوات من الخليج، فيقدم أفلاما لمخرجين شباب من دول الخليج تحديدا
الإمارات وقطر وعمان والكويت والسعودية والعراق، وهي أفلام تستكشف
مجتمعاتهم العربية وتروي حكايات وأحلاما وتعبر عن طموحات لمنطقة تتمتع
بتراث ثقافي غني، البرنامج العاشر والأخير هو برنامج إيقاع وأفلام وهو يجمع
بين السينما والموسيقي لا في شكل الفيلم الموسيقي وإنما في عرض سينمائي
تصحبه موسيقي حية، ويجمع البرنامج بين الكلاسيكيات حيث يعرض فيلم «نوسفيراتو»
مصحوبا بموسيقي عصرية وأحدث التقنيات السمعية والبصرية.جوائز مهرجان دبي
ربما تكون الأعلي من حيث القيمة المادية بين الجوائز السينمائية التي تمنح
في المهرجانات التي تقام في العالم العربي، إذ تبلغ قيمتها الإجمالية 576
ألف دولار أمريكي أي ما يعادل ثلاثة ملايين جنيه مصري تقريبا.وهي موزعة
بالتساوي بين مسابقتين هما مسابقة المهر للإبداع السينمائي العربي، ومسابقة
المهر للإبداع السينمائي الآسيوي الإفريقي.وتضم كل مسابقة منهما ثلاثة فروع
هي مسابقة الأفلام الرائية الطويلة : وجوائزها 138 ألف دولار تمنح لأفضل
فيلم «50 ألف دولار» وجائزة لجنة التحكيم الخاصة «40 ألف دولار» وأفضل ممثل
«10 آلاف دولار» وأفضل ممثلة «10 آلاف دولار» وأفضل سيناريو وأفضل مونتاج
وأفضل مؤلف موسيقي وأفضل تصوير «قيمة كل جائزة 7 آلاف دولار» ولا توجد
جائزة للإخراج وتمنح جائزة أفضل فيلم للمخرج .مسابقة الأفلام الوثائقية:
وتمنح ثلاث جوائز قيمتها الإجمالية «90 ألف دولار» موزعة بين أفضل فيلم «40
ألف دولار» الجائزة الثانية «5 ألف دولار» جائزة لجنة التحكيم الخاصة «5
ألف دولار» وأخيرا مسابقة الأفلام القصيرة: وتمنح ثلاث جوائز قيمتها
الإجمالية «60 ألف دولار» موزعة كالآتي: الجائزة الأولي «30 ألف دولار»،
الجائزة الثانية «15 ألف دولار»، جائزة لجنة التحكيم الخاصة «15 ألف دولار»
والتمثال المقدم كجائزة يجسد مهرا عربيا كرمز للمهرجان وصورته توضع علي كل
ملصقاته ومطبوعاته.في حين يري البعض أن كثرة الجوائز لها جانبها السلبي
الذي يجعلنا نفقد أهميتها المعنوية، يري آخرون أنها قد تكون حافزا علي
المشاركة والمنافسة في تطوير التقنيات الفنية وتعميق الأصالة واستكشاف
جوانب من الحقيقة واختفاء جهود الفنانين في الخلق والإبداع، وهي عند كاتب
هذه السطور كذلك بالفعل.وإلي جانب ملتقي دبي السينمائي حيث يلتقي العشرات
من أصحاب المشروعات السينمائية العربية والأسيوية والإفريقية مع عشرات
المنتجين الأوروبيين للحصول علي تمويلات لمشروعات أفلامهم، سوف تجد الكثير
من الفعاليات والأنشطة المتمثلة في حلقات النقاش والندوات اليومية المتعلقة
بقضايا ومشكلات وأزمات الإنتاج السينمائي.جذبت انتباهي في كتاب المهرجان
لمحتان إعلاميتان أولاهما إلي مجال عرض الفيلم حيث يشار إلي أن الفيلم يعرض
لأول مرة في الخليج أو يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط، أو يعرض لأول مرة في
العالم، واللمحة الأخيرة تجيب عن سؤال ما الأفلام الجديدة في هذا المهرجان
وتكشف عن أن المهرجان قام بعرض 5 فيلما لأول مرة في العالم وأغلبها أفلام
عربية ربما لا تتاح لها فرصة العرض في مهرجانات دولية كبري . أما اللمحة
الأخري فهي التصنيف العمري لمشاهدي الأفلام أي أفلام يشاهدها من فوق 18 سنة
وأفلام يشاهدها من فوق 15 سنة وأفلام يشاهدها من فوق 1 سنة، وهذا التصنيف
العصري يختلف عن تصنيف الرقابة في مصر الذي يتحدد في قسمين للكبار «فوق 18
سنة» ولجميع الأعمار. بلغ عدد الأفلام التي عرضت داخل مسابقة الإبداع
السينمائي العربي 38 فيلما منها 11 فيلما روائيا طويلا، 15 فيلما وثائقيا،
1 فيلما قصيرا. أما في مسابقة الإبداع السينمائي الآسيوي الأفريقي فقد عرض
41 فيلما، منها 15 فيلما روائيا طويلا، 13 فيلما وثائقيا، 13 فيلما قصيرا،
وبهذا يكون عدد الأفلام المعروضة في المسابقات 79 فيلما من أصل 181 فيلما
عرضت في المهرجان إجمالا أي أن هناك 10 فيلم عرضت خارج المسابقة في إطار
البرامج المختلفة للمهرجان.شاركت مصر في هذه الدورة رسميا بفيلم روائي طويل
واحد هو «جنينة الأسماك» ليسري نصرالله في مسابقة الأفلام الروائية
الطويلة، وبفيلم روائي طويل واحد هو «عين شمس» لإبراهيم البطوط في برنامج
ليال عربية، وبفيلم وثائقي واحد هو «ملف خاص» لسعد هنداوي في مسابقة
الأفلام الوثائقية، وبثلاثة أفلام قصيرة في مسابقة الأفلام القصيرة هي
«ساعة عصاري» لشريف البنداري، «زيارات يوم شتوي» لإسماعيل حمدي «الشغالة»
لهايدي سمعان، وشاركت أيضا بالفيلم القصير «أحلام مقلية» لنانسي كمال في
برنامج ليال عربية، كما شاركت المخرجة إنجي واصف وهي مصرية تقيم في
الولايات المتحدة بفيلمها «مارينا الزبالين» الوثائقي وهو إنتاج مصري
أمريكي في مسابقة الأفلام الوثائقية.افتتح المهرجان بفيلم «دبليو»، الذي
يجسد جوانب ولمحات من سيرة حياة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وبحضور
مخرجه أوليفرستون الذي ألقي كلمة قصيرة قدم بها فيلمه، وقد استرعي انتباهي
ضمن ما قاله عن الفيلم أريده صورة عادلة وحقيقية عن هذا الرجل «يقصد بوش»
ورغم أن الفيلم جسد بالفعل بعض الجوانب التي تقدم صورة حقيقية جزئيا عن بوش
الابن إلا أنه لم يكن عادلا في حكمه عليه وعلي عكس ما قال مخرجه، فالفيلم
لم يكشف بدرجة كافية الجوانب الأسوأ في حياة رئيس أمريكي معاصر وإنما تناول
من حياته ما يكاد يكون معروفا للجميع إدمانه السابق للكحول غطرسته وفظاظته،
تدينه المزعوم جهله وافتقاده للذكاء السياسي والقدرة علي المبادرة .. إلخ،
وبدلا من تعرية الدور الذي لعبه في السياسة الأمريكية طوال سنوات حكمه من
الرغبة في السيطرة علي العالم إلي إرهاب الشعوب ونزح ثرواتها مرورا بإدعاء
نشر الديمقراطية، فإن رؤية الفيلم في نظري تكاد تنحصر في الرثاء لحال واحد
من أسوأ حكام أمريكا في تاريخها كله، مثلما كانت الرؤية في فيلم آخر لستون
هو «الفصيلة»، هي تعاطفه مع حال الجنود الأمريكيين الذين لاقوا الأهوال من
جراء المقاومة الفيتنامية وتجسيده بدرجة غير كافية عناء شعب فقير في الدفاع
عن حريته واستغلاله، سيناريو «دبليو» ضعيف ومفكك، وهناك سوء اختيار
للممثلين، فرغم قيام جوش برولين بمحاكاة بوش في سلوكه بالكلام والحركة
والإيماءات إلا أنه لم يضف جديدا إلي الأصل فالتقليد والمحاكاة فقط لا
يصنعان فنا.
جريدة القاهرة في 30
ديسمبر 2008
|