* أثناء
فعاليات مهرجان دبي.. كانت الصحف اليومية بالإمارات تخرج علينا بالجديد
يومياً من أشكال وأنواع الدعم للمهرجان.. مؤسسات ومجموعات اقتصادية تعلن
انضمامها إلي جبهة رعاته بإنشاء صندوق "لدعم الثقافة والفنون في الشرق
الأوسط" من خلال هذا الحدث السينمائي. أو اطلاق مبادرات لدعم أعمال
المهرجان في جهة محددة مثل منح جوائز للمشروعات السينمائية الجديدة قيد
التنفيذ أو حتي قيد التفكير. أو دعم مشروعات لمحاربة الأمراض الصعبة مثل
الإيدز.. كل هذا يتدفق مع وجود الآتي: خمسة رعاة رئيسيون. وأربعة لحفلات
العروض الخاصة المصحوبة بحفل "جالا". وسبعة رعاة إعلاميون من المجموعة
العربية الإعلامية "مؤسسة دبي للإعلام" إلي مجلة جود نيوز السينمائية
المصرية إلي مجلة هوليوود ريبورتر.. ثم 21 داعماً رسمياً "والداعم هنا حسب
هذا التقسيم غير الراعي" 21 مؤسسة تعمل في فروع السينما والتصوير والنشر
والأجهزة الحديثة وحتي الملابس. وأخيراً مؤسسة كبري للمنتجعات تكمل
الدائرة.. واللهم لا حسد.. لكن 38 مؤسسة ترعي وتدعم وتبارك وتدفع المهرجان
هو أمر مهم ويستحق التوقف عنده.. خاصة أنها جميعها تعمل في إطار القواعد
التي يضعها المسئولون في المهرجان.. ومنها أن الحفلات الافتتاحية لأفلام
البرامج الخاصة أو حفلات "الجالا" لا يشترط أن يحضرها كل ضيوف المهرجان.
ففي الأولي يقف الضيوف مع بقية الناس لحجز تذاكرهم "فلماذا إذن يذهب
الصحفيون والنقاد ببطاقاتهم المعتمدة؟ وهذه واحدة من غرائب مهرجان دبي أن
يدعو الصحفيين والنقاد من كل العالم لتغطية نشاطاته وأفلامه. ولكنه لا
يعترف ببطاقاتهم التي تخول لهم دخول قاعات العروض بدون حجز تذاكر مقدماً.
مهما كانوا.. كما أنه لا يخصص عروضاً خاصة لهم لأفلام المسابقات كما يحدث
في كل مكان.." نعود إلي هؤلاء الذين يدعمون المهرجان. والذين نجحوا بالفعل
في حشد كم من الأنشطة المفيدة له كمناسبة. وكموقع متميز لدعم السينمائيين
الجدد من خلال دعم مشروعاتهم. وأيضاً دعم الإعلام والإعلان عنه "وإن كان
أقل من العام السابق" فمع الأزمة الاقتصادية التي وصلت إلي دبي أيضا وبدت
في إجراءات تقشف مهرجانية. خاصة فيما يتعلق بالانتقال. وما يكتب من موضوعات
في الجرائد هناك. إلا أن محاولات دفع المهرجان إلي الأمام وتقويته تبدو
واضحة وثابتة كسياسة لكل الأطراف في مدينة دبي. والتعاون بين مدينة دبي
للإعلام. ومثيلتها للاستديوهات قائم سواء في اجتذاب الوفود القادمة من
أوروبا وأمريكا لعمل "شراكة" مع السينما العربية في دبي "ومنها وفد إيطالي.
وشركة سينما أمريكية أعلنت رئيستها أنها بصدد تأسيس صناعة سينما عربية
جديدة. وأقارن هذا مع ما يحدث لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي. مهرجاننا
المصنف ضمن أكبر عشرة مهرجانات في العالم. الذي كان يبحث عن راع واحد تم
العثور عليه في وقت متأخر بعدما تخلي عنه الراعي السابق.. راع واحد في بلد
مليء بالرعاة أو بمن يفترض بهم أن يكونوا رعاة وداعمين لهذا المهرجان. ولا
أدري لماذا لا توجه الحكومة في مصر مؤسسات رجال الاعمال التي تربح الملايين
والمليارات لأن تدعم المشروعات الثقافية تحديدا. وفي الاتجاه الذي يخدم
جميع المواطنين وليس فئة منهم.. ماذا وإلا.. فسوف نبكي طويلا في السنوات
القادمة لأن "منصة" الثقافة في العالم العربي والشرق الأوسط قد أفلتت منا
وذهبت إلي مجتمعات أخري تحتفي بها وتجتهد في دعمها ورعايتها.. من يعود من
مهرجان دبي لابد أن يشعر بالاكتئاب فهناك ثروات وأثرياء وهنا أيضا. وهناك
برامج وعروض.. وهنا ايضا. بل النظام هنا أفضل. والعروض للمتخصصين واضحة..
حتي الأفلام المشتركة كثيرة بين هنا وهناك.. ففي مسابقة الفيلم الروائي
العربي عمر في دبي عرضته نصف الافلام في القاهرة ومنها الفيلم الجزائري
الفائز بذهبية دبي "مسخرة" والذي فاز من قبل بذهبية القاهرة! كما رأينا
أفلاما أخري مهمة مثل "ملح هذا الأرض" الفلسطيني "وأيام الضجر" السوري
و"أذان" الجزائري و"حديقة الاسماك المصري" ولهذا السبب استطعنا اكمال بقية
عروض المسابقة العربية بأفلام مثل "مصطفي بن بولعبد" الجزائري و"فرنسيس" و"كازانجرا"
و"هل رأيت عادل" وثلاثتها مغربية والفيلم العراقي "فجر الارض" واللبناني "بدي
شوف".. احد عشر فيلما عربيا جديدا بينها فيلم واحد مصري. وثلاثة لكل من
المغرب والجزائر.. وقد حصلت هذه الأفلام الأخيرة علي كل الجوائز تقريبا
فغير ذهبية "مسخرة" ذهبت الفضية إلي "كازانجرا" المغربي إخراج نورالدين
بوخماري والذي يطرح صورة صادقة وبشعة للوجه الآخر. الاسود. لمدينة الدار
البيضاء. وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلي "أذان" الجزائري إخراج رابح
عميش الذي يصور محاولة صاحب عمل في فرنسا الضحك علي عماله العرب بإنشاء
مسجد لهم بينما يرفض اعطاءهم حقوقهم المادية وتأمينهم.. لهم العام يأكل
الجميع في هذه الافلام وان كان لكل مخرج طريقته في التعبير عن رؤيته. وسواء
أحببت هذا الفيلم أو ذاك فإن هذه المجموعة من الافلام تعد من أفضل وأقوي
الافلام العربية التي قدمت في السنوات الاخيرة علي مدي عام واحد.. وليست
فقط هي وإنما ايضا الافلام الوثائقية والقصيرة.. فلجان الاختيارات هنا لها
إمكانيات أخري مختلفة عن العمل الفدائي الذي يقوم به فريق مهرجان القاهرة
الصغير.
magdamaurice1@yahoo.com
الجمهورية المصرية في 25
ديسمبر 2008
|