ناقش
المخرجان العالميان رشيد بوشارب وتشوي هارك أمس قضية “صناعة السينما بين
الربح التجاري والإبداع المستقل” في مؤتمر صحافي نظمه المهرجان وأداره
سيمون فيلد المدير الفني لبرامج الأفلام العالمية في المهرجان.
وكان
مقرراً أن يشارك المخرج العالمي تيري جيليام في المؤتمر لولا مغادرته دبي
قبل ثلاثة أيام لظروف خاصة، رغم أن المهرجان يكرمه هذا العام مع بوشارب
وهارك تقديراً لمسيرتهم السينمائية.
قال فيلد
إن المهرجان عندما يختار شخصيات عالمية ليكرمها، فإنه يضع نصب عينيه شخصيات
في أحسن حالاتها السينمائية وفي قمة مجدها وعصرها الذهبي للعطاء الفني وفي
نفس الوقت تحافظ على عدة أشياء منها الانتماء الوطني والهوية والتقاليد.
وأشاد
فيلد بالمخرجين الفرنسي من أصل جزائري رشيد بوشارب والصيني تشوي هارك،
وأضاف أنهما عبرا بأفلامها الحدود بفضل ما اكتسباه من خبرة على المستوى
الفني وصناعة السينما الراقية.
من جانبه
أكد تشوي هارك أن تحقيق معادلة تقديم فن مبدع يحافظ على التقاليد والتراث
عمل شاق، خاصة أن السوق السينمائي في هونج كونج صعب للغاية، فيبدأ المخرج
فترة من حياته في العمل في الأفلام التجارية ومن ثم يكوّن رصيدا جيدا من
النجاح التجاري، يستطيع أن يرضي به جيوب التجار وتتأجل قليلا الأفلام التي
تحمل فكرا ويرضي بها المخرج ذائقته الفنية، ويكون مقبولا كذلك من الجمهور
الذي يتابعه من خلال أفلام تحمل مستوى فكريا عاليا،
وقال:
الوضع السينمائي في هونج كونج اختلف عن ذي قبل، خاصة بعد تحسن العلاقات مع
الصين، وانفتح سوق الصين الكبير أمام السينما لدينا، لذلك اضطررنا ثانية
لتغيير محتوى الأفلام وفقا لحاجة السوق الجديد، وبقي أمامنا خياران أحدهما
دخول السوق الصينية والثاني الاكتفاء بالأسواق الأخرى التي كنا نتعامل معها
آسيويا.
وكشف
المخرج العالمي أن سوق السينما اليوم انكمش بشدة لعدة أسباب، وعن كيفية
تحقيق المعادلة بين البحث عن الربح والنجاح التجاري وتقديم الفن شدد على أن
المخرج يجب أن يحظى بالابداع من أجل إيجاد فرص ووجوه جديدة بدلا من القديمة
التي ملّها، والأخرى التي ما تلبث أن تنجح حتى تستحوذ عليها السينما في
هوليوود. ولفت إلى أن عناصر قوية في السوق الصيني استنفدها تماما السوق
العالمي وأنهم حاليا في حالة بحث عن عناصر جديدة وتكوين جيل سينمائي جديد.
من ناحيته
وقف المخرج الفرنسي رشيد بوشارب موقفاً معارضاً لما طرحه سابقه، وقال:
أختلف تماما مع تشوي هارك في نظرته، فمن البداية لا نتعرض مطلقا لضغوط
السوق أو غيرها، يكون بمقتضاها التحكم في العمل الفني أو الإبداعي من نصيب
التجار أو الجمهور، في فرنسا نصنع فنا من اجل الفن، تعمل الحكومة الفرنسية
بشكل مباشر على دعم صناعة السينما وهذا لا ينفي حق الفراد في الإنتاج
السينمائي وأنا شخصيا أشارك منتجا فرنسيا في أفلامي، وأنا مهتم جدا بكتابة
قصص الأفلام التي أنتجها أو أخرجها، وهذا ليس معناه فقدان الجمهور، ففيلمي
الأخير (Days
of glory)
شاهده
قرابة المليون وجنى أرباحا بالملايين.
وأضاف،
لست قادرا على صنع قصة أو فيلم وأنا أنظر للجانب المادي البحت من ورائه، أو
حتى عدد المشاهدين الذين يرونه، هذه أشياء غير فارقة، كانت هناك أفلام من
كلاسيكيات السينما الفرنسية ولكنها ظلت راسخة في عقول محبيها واستطاعت أن
تحقق ربحية عالية على مدى 50 عاما، في الوقت الذي ينظر فيه البعض إلى ربحية
سريعة تحت أقدامهم.
وأوضح أن
فرنسا تنتج سنويا نحو 250 فيلما يحقق 20 منها نجاحا جماهيريا، وإن هذا يصنع
جوا جيدا لصناع السينما، الذين لا يخشون السقوط من النواحي التجارية
لإمكانية إنتاج أفلام أخرى، فقط تعنيهم الجوانب الفنية والفكرية التي تخدم
الهوية والتراث الفني في فرنسا.
وقال: أنا
محظوظ بالعمل في فرنسا التي تخدم السينمائيين فنيا ليس أكثر، الفيلم في
فرنسا فن بعكس هوليوود، وقبل 4 سنوات حاولت أمريكا أن تعرقل الفيلم
الفرنسي، فاقترح الرئيس الأمريكي أن تدخل صناعة السينما بشكل عام ضمن منظمة
التجارة العالمية، ولكن لحسن الحظ وقف الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك
أمام تلك الموجة، وجمع حوله في ذلك إسبانيا وألمانيا وإيطاليا لمواجهة
الرغبة الأمريكية، التي كانت بلا شك ستدمر سعادة السينمائيين لدينا.
الخليج الإماراتية في 18
ديسمبر 2008
|