انتظم حشد
كبير من الجمهور مساء امس الاول لمتابعة الفيلم الفلسطيني “ملح هذا
البحر”وهو انتاج مشترك ومن اخراج الامريكية من اصل فلسطيني آن ماري جاسر.
وامتلأت صالة العرض الثانية بسينما سيني ستار بمول الامارات عن اخرها
بفلسطينيين واجانب حرصوا على الحضور من بداية العرض الى نهايته احتفاء بعمل
جديد يضاف الى عدد قليل حقيقة من أفلام استطاع الفلسطينيون بها الى حد بعيد
ان يعبروا بأنفسهم عما يريدون وألا ينتظروا من احد ان يتحدث عنهم.
انتزع
الفيلم بمواقفه الساخرة وما جاء على لسان شخوصه تصفيق الجمهور فضلاً عن
ضحكات مكبوتة تكررت اثناء العرض حزنا على واقع مرير لمعاناة الفلسطينيين
الذين يتعرضون في كل حياتهم الى ضياع حقوقهم أو عدم قدرة الأجيال الجديدة
على الحصول على مجرد اوراق تثبت انتماءهم لوطنهم، فضلا عن منعهم من الوصول
الى مختلف المدن الفلسطينية وبشكل خاص القدس والمدن الأخرى المطلة على
الضفة وكانت اخر كلمات اطلقتها “ثريا” ابنة الجيل الثالث للنكبة والتي أدت
دورها الفنانة الفلسطينية سهير حماد بطلة الفيلم في وجه الجندي
“الاسرائيلي” ممثلة لمحور الفيلم وجملته المفيدة “أنا من هنا.. أنا من
يافا.. أنا من فلسطين”. ثريا فلسطينية الأصل أمريكية الجنسية تحمل جواز
السفر الصادر من مدينة بروكلين الامريكية وعادت باحثة عن انتمائها الحقيقي
الذي ظل يراودها وقررت النزول كسائحة الى حيث تواجد اهلها في يافا ورام
الله، واقترن الحنين ببحثها عن حق عائلتها لأبيها في نحو 15 ألف دولار
آودعها جدها في بنك محلي فلسطيني قبل عام 1948. رحلة البحث عن المال كانت
فرصة للتعرف اكثر الى رام الله، ولم يفت طاقم العمل الاشارة الى ان الحياة
القائمة بملامحها اليومية من محلات وسيارات تاكسي وباعة جائلين واستغلال
احيانا يصل الى حد دفع 800 دولار في حجرة في رام الله لا تليق بآدميين بل
ومع الاكرامية، أو حتى استغلال حاجة الناس للعمل ولو بثمن بخس. وفي نفس
الوقت تلحظ “جدعنة” أولاد البلد الذين يقفون معها ويستضيفونها بل ويضحون من
أجل ان تصل لغايتها بطريقة “ميكيافيلية” وان كانت عاقبة السجن تلوح لديهم
في الأفق، بل ويتذكرون القضية. اذا مسهم قدر من اللامبالاة بفعل نمط الحياة
الخانق والظالم فيتسلل الاحساس بالهزيمة لنفوسهم. وتمثل ذلك في الشاب
“عماد” أو الفنان صالح بكري شريك بطولة العمل مع ثريا، والذي يسعى للسفر
كما هو حال معظم اقرانه الى الخارج، وتحديداً الى كندا، كما يلمح بين الحين
والآخر بأسئلته لثريا عن الحياة والفارق بين امريكا ورام الله. عقدة العمل
في القرار الذي اتخذه عماد وثريا وصديقهم الثالث الذي أدى دوره الفنان رياض
عيدس والذي يطمح للعمل مخرجا سينمائيا وهو ان تأخذ ثريا حقها وميراث الجد
الذي اعترف به المدير “الاسرائيلي” للبنك الفلسطيني عن طريق السطو المسلح
وبالفعل تنجح العملية.
بعدها اطل
عماد وثريا من نوافذ السيارة وفتحاتها يتنسمون هواء يافا ويتسللون على
أسوار البيوت ليأخذوا برتقالها على وعد بألا يتركوا منه حبة واحدة، يتجهون
للبحر بعفوية يرتمون في احضانه كمن وجد ضالته التي فقدها في صحراء شاسعة.
وفي طريق البحث عن بيت عائلة والدها موسى عبدالسلام تهاني تتحسن الجدران
التي طالما حلمت بها بل وتذوق ملح حجارتها وبحرها، ورفيقاها يتلفتان يمنة
ويسرى بحثا عن الفردوس المفقود، فرياض مُنع من زيارة القدس قبل 10 سنوات
وعماد لم يتحرك من رام الله منذ 17 عاما. وتتواصل رحلة البحث عن الجذور
لتصل الى بيت عائلتها القديم في يافا التي طالما حكى لهم عنه جدها وتسمح
لها “الاسرائيلية” التي ملكت الوكالة اليهودية البيت لأسرتها منذ عملية
التهجير القسري في 48 بالدخول ومعها صديقاها فيما يظنه البعض ملمحاً من
ملامح نشر ثقافة السلام ولكنه ما يلبث ان يعود الوضع الطبيعي بعد ان استولت
الفتاة اليهودية على قلب رياض المخرج المسرحي فاستفز ذلك ثريا وطلبت منها
ان تخرج من البيت وبالمقابل طردت “الاسرائيلية” ثريا من البيت ومعها عماد
يبحثان عن قرية “دوايمة” التي اخذت اسم عبرياً، وفضل رياض البقاء مع الفتاة
“الاسرائيلية”. في حين عثر عماد وثريا على اثار مسجد قديم متهدم والى جواره
حجرة اتخذاها مسكنا مشتركاً، وينجحان في الافلات من قبضة الشرطة “الاسرائيلية”.
وفي مشهد دال بعد ذلك يوقظ ثريا وعماد استاذ للتاريخ العبري جاء ليعلم
تلامذته كيف ان اليهود هم بناة تلك الآثار قاصداً مسجد دوايمة والآثار
الإسلامية المحيطة في تزوير للتاريخ يضحك به امثال هؤلاء على السائحين
الأجانب الذين يزورون فلسطين بين الحين والآخر. يلقى القبض على عماد فيما
يكون مصير ثريا هو العودة الى “مخيمات” امريكا مرة أخرى.
صباح أمس
الأول رأيت ايضاً فيلما فلسطينيا آخر وهو “المر والرمان” والذي يتناول
أبعادا إنسانية أخذت فيه الشخصيات أشكالا متناقضة وغابت فيه القضية، ومن
بعده “ملح هذا البحر”، ورغم أن الفيلمين من نوعية الإنتاج المشترك مع عدة
دول غربية، جعلني أبحث فيهما عما أعجب الممول وجعله ينتج لمن كان هو نفسه
سببا في معاناته وضياع قضيته، فضلا عن بعض المشاهد والمواقف الملتبسة ولا
تقبلها عروبتنا، إلا أني وجدت نفسي لأسباب عدة مشدودا نحو الفيلم الثاني
لأسباب عدة، السبب الأول قصته التي انتقدت سلبيات موجودة في المجتمع ومع
ذلك لم ينس إظهار معاناة الأفراد والتفتيش الذي يصل لنزع الملابس إضافة
لمعاناة المعابر والتنسيق الأمني والتربح، فضلا عن القضية المتيقظة في قلوب
وعقول أبنائها رغم توقعات المحتل وأعوانه أن الغربة وجوازات السفر وإن كانت
أمريكية ستذيب العقول وتمنع قرار العودة أو البحث عن الحقوق والجذور. أما
ثاني الأسباب فكان الأداء العفوي والتعبير الطبيعي للممثلين رغم انها
التجربة الأولى لهم في السينما، فلم يشعر الجمهور أنهم يمثلون، بالإضافة
إلى الإخراج الرائع والمتمكن في ظروف غير طبيعية للتصوير. الجمهور هو الآخر
كان بطل الفيلم، فحرصه على المشاركة بهذا الكم الكبير دليل أكبر على أن
محتوى الفيلم وصل لهم قبلا، حقيقة لو كان التمويل الغربي والإنتاج المشترك
بهذا الشكل الذي طرح في الفيلم مع تلافي السلبيات لكان أفضل من صور التمويل
الأخرى.
الخليج الإماراتية في 15
ديسمبر 2008
آن ماري جاسر: خدعت “الإسرائيليين” لتهريب
الفيلم
أكدت آن
ماري جاسر مخرجة ومؤلفة “ملح هذا البحر” أن الحكومة “الاسرائيلية” منعتها
من دخول الأراضي المحتلة بفضل فيلمها الذي شاركت به في مهرجانات عالمية
وحاز اعجاب الجمهور والنقاد في مهرجان “كان”.
وأضافت أن
هوية فريق العمل الفلسطيني في معظمه تسببت في منعهم من دخول المناطق
“الإسرائيلية” وأن مسؤولي الحواجز طلبوا منها الاستعانة بفنيين
“إسرائيليين” لكنها رفضت تماما وتحدت الجميع لاستكمال الفيلم الذي صورت
معظم أحداثه في أماكنها الطبيعية عدا مشاهد المطار التي رفضت أمنيا.
وقالت في
ندوة عقب عرض الفيلم: واجهت الكثير من المصاعب في سبيل إنجازه ومنها صعوبات
على مستوى التمويل وصلت لحد 5 سنوات من البحث عن ممول، لأنه يناقش قضية
سياسية تخوف منها الجميع، إلى أن عثرت على ممول فرنسي لم تكن تعنيه
السياسة.
وأشارت
إلى أنها لم تفاجأ بنجاح العمل الذي تناولت فيه القضية الفلسطينية وحظي
بإعجاب الجميع رغم كونه فيلمها الروائي الطويل الأول بعد مجموعة من الأفلام
القصيرة وان الإنتاج شاركت فيه ايضاً شركات سويسرية وبلجيكية واسبانية
وبريطانية وهولندية وفلسطينية إضافة إلى الممثل والمنتج الأمريكي المعروف
داني جلوفر وتكفلت شركة “بيراميد” الفرنسية بعملية التوزيع.
وأوضحت
المخرجة أنها أمريكية من أصول فلسطينية، وأبواها من الضفة التي تعرفها جيدا
وأنها مثل بطلة فيلمها كانت تحلم بزيارة وطنها مثل الآلاف من اللاجئين
الذين لم يزوروا الأراضي الفلسطينية أبدا.
وقالت آن
ماري جاسر إن الأزمة الحقيقية كانت في كيفية خروج فيلم يتناول “اغتصاب حقوق
الفلسطينيين على أيدي الاحتلال” من داخل “إسرائيل”، الأمر الذي لجأت فيه
إلى حيلة وصفتها بال”مثيرة” حيث كانت تعطي المادة المسجلة للمشاركين
الأوروبيين لإخراجها جزءا جزءا قبل أن تقوم بتجميعها في النهاية.
واعتبرت
أن الفيلم يبشر بنوع من استرجاع الحقوق التي تحتاج في رأيها إلى القوة.
وأضافت أن الفيلم قوبل باستجابة قوية من جانب الجمهور الأوروبي واستمر عرضه
في باريس مثلا لمدة ثلاثة أشهر رغم أنه فيلم مستقل ومنخفض التكاليف لكن لم
يوزع في الولايات المتحدة حتى الآن لعدم تحمس أي موزع له.
الفنانة
الفلسطينية سير حامد التي أدت دور ثريا قالت: ساعدني الفيلم وهو تجربتي
الفنية الأولى في أن أعود لأصولي وأقترب أكثر من معاناة الأهل في فلسطين،
وأنا في الأصل شاعرة، وأخذت القصة الجيدة قلبي، وخلال 3 أشهر من التصوير
داخل الأرض المحتلة تعرفت على معاناة الأهل بين المعابر والحواجز الأمنية،
كنا نقف بالخمس ساعات في انتظار العبور وأكاد أموت كمدا وغيظا، فيما أرى من
حولي قد اعتادوا على ذلك وتأقلموا معه.
الخليج الإماراتية في 15
ديسمبر 2008
إنتاج
وتأليف وإخراج الإماراتي علي
مصطفى
"دار
الحي" أول فيلم محلي عن التركيبة
السكانية
دبي
-
محمد رضا السيد:
نظم
المهرجان على هامش فعالياته أمس مؤتمراً صحافياً عن الفيلم العالمي
الإماراتي الجديد “دار الحي” لمخرجه ومؤلفه الحائز على جائزة أفضل مخرج
إماراتي في دورة مهرجان دبي السينمائي الرابع الإماراتي علي مصطفى. وضم
المؤتمر عددا من الرعاة في مقدمتهم سعيد النابودة مدير الفعاليات بمجلس دبي
للثقافة والفنون وعبدالله بن سوقات الرئيس التنفيذي للقطاع التجاري بمركز
دبي المالي العالمي وصلاح تهلك من إدارة طيران الإمارات ومنتج العمل
الروماني تيم سميث.
في
البداية كشف علي مصطفى أن الفيلم جاهز للعرض أول فبراير/شباط المقبل،
ويستمر العرض 5 أسابيع لاحقة، وأنه ليس الأول ولن يكون الأخير في مجال
صناعة السينما، ولكن ما يميزه أنه من النوع الروائي الطويل الذي كتب وأخرج
وأنتج بيد إماراتية وصور في مدينة دبي للاستوديوهات. وأوضح أن القصة تدور
حول 3 شخصيات رئيسية من ثقافات متنوعة تعيش في دبي وتتنقل في مشاهد الفيلم
بين مدينتي أبوظبي ودبي، أحدهم شاب إماراتي قليل الحظ ومعه سائق تاكسي هندي
وفتاة تعمل راقصة باليه ويحاولون جميعاً الالتقاء على البحث عن الحب
والرفقة، وسط تنقلات حياتية بين الاصطدام بالأفضل والأسوأ في مدينة تتمتع
بالطموح والأمل وفرص النمو وتشجع على الأحلام، إنها دبي “مدينة الحياة” أو
كما عبر عنها باللهجة المحلية “دار الحي”.
وأوضح أن
دبي تضم مزيجاً من المسارات المختلفة والتقاطعات متعددة الأعراق، التي
يترتب عليها نتائج تؤثر في المحيط.
وأضاف:
يوحي اسم الفيلم بتأثير الحياة على الإنسان ولكنه في نهاية المطاف يكشف عن
مأساة غير متوقعة وكيف يمكن أن يؤدي إلى فقدان الأمل والتحول العميق لأنه
يستكشف ويكشف أن وجود شبكة معقدة متعددة الثقافات والأعراق والاثنيات تقسم
المجتمع.
وأوضح أن
خبراته في تقديم الأفلام القصيرة أفادته إلى حد بعيد كما كان لحصوله على
جائزة من مهرجان دبي السينمائي اعظم الأثر في تبنيه هذه الفكرة، مشدداً على
أن الفيلم عالمي ولذلك فإن لغة الحوار تجمع بين الإنجليزية والعربية
والهندية كونه موجهاً بالدرجة الأولى للعالم ولكنه يخاطب أيضا المواطنين.
وقال نريد ان نفتخر به كمواطنبن وبمكانة دولتنا ودبي.
وأوضح ان
العمل يشارك به ممثلون من مختلف دول العالم منهم المذيع الإماراتي سعود
الكعبي الذي يلعب دور “فيصل” والفنان الكوميدي الأمريكي من أصل عربي أحمد
أحمد والنجمة العالمية اليكسندرا ماريا لارا من رومانيا ومن الهند سونيو
صود ونتالي دورمر ومغني الهيب هوب الكندي من اصل عراقي نارسييست أو “خلفان”
حسب دوره في العمل وكلهم سيتحدثون بلغة بلادهم فضلا عن 200 فني وممثل ومصور
آخرين من الإمارات.
وشارك
المنتج تيم سميث والذي يشارك علي مصطفي في إنتاج الفيلم في إنتاج فيلم
إماراتي آخر أنتج في دبي بعنوان “سيريانا” وآخر أنتج في أبو ظبي بعنوان
“المملكة”، وقال سميث إنه يعنيه في المقام الأول رعاية المواهب والحفز على
الإبداع.
من جانبه
قال عبد الله بن سوقات: يعنينا دعم المواهب الإماراتية وبالأخص التي تحافظ
على مكانتنا وتعرض وجهة نظر مبدعينا ونطمح لأن يكون التعاون في مجال
الإبداع متوجا لخدماتنا لدبي، وهذا الدعم يحفزه كون علي مصطفى أحد المواهب
الإماراتية التي حازت على جوائز وله العديد من الأعمال.
الخليج الإماراتية في 15
ديسمبر 2008
|