اذا كان
مهرجان السينما الأوروبية يختم المهرجانات
في
بيروت، فمهرجان دبي السينمائي يختم المهرجانات في العالم العربي، بعد شهرين
مزدحمين بالتظاهرات السينمائية التي عقدت في كلّ من بيروت
وقرطاج وأبو ظبي ودمشق
والقاهرة ومراكش. ولو لم يبدل تاريخ انعقاد مهرجان الفيلم الوطني في مدينة
طنجة
المغربية (13 - 20 الجاري)، لكان دبي فعلاً خاتم المهرجانات. أياً يكن،
هناك اثنا
عشر فيلماً عربياً تتنافس على جوائز "المهر" للأفلام الروائية
الطويلة في مهرجان
دبي الذي يفتتح اليوم دورته الخامسة لتستمر الى الثامن عشر من الجاري. نصف
أفلام
المسابقة العربية لهذه السنة من المغرب والجزائر، والبقية موزعة بين لبنان
وسوريا
وتونس ومصر والعراق وفلسطين. من هذه الاعمال: "فرنسية"
للمغربية سعاد البوحاتي،
تؤدي فيه حفصية حرزي (بطلة "البذرة والبغل") دور صوفيا التي تقيم مع
عائلتها في
فرنسا، لكنها تضطر إلى العودة إلى المغرب بعد فقدان والدها
عمله هناك. ومن الجزائر
يأتينا "آذان" لرباح عامر زعيمش، ومحوره مصنع في ضاحية باريس لتجهيز
المساند
الخشبية لشاحنات النقل يديره مهاجر جزائري. ومن المغرب، مرة
أخرى، يأتي فيلم "عقلت
على عديل؟" لمحمد زين الدين عن حياة أخوين مهاجرَين إلى بولونيا حيث يتورّط
الشقيق
الأصغر بعلاقات تودي به وشقيقه إلى كارثة. وتتضمن الاختيارات
المشاركة في المسابقة
قصتين عن الحبّ والعائلة. ففي فيلم "مسخرة" يروي الجزائري - الفرنسي لياس
سالم قصة
منير الذي يعيش في قرية تقع في قلب جبال أوراس الجزائرية مع
عائلته وأخته ريم،
المصابة بمرض النوم المفرط. منير مهووس بفكرة البحث عن خطيب لأخته. والى "جنينة
الأسماك" ليسري نصرالله، تتيح الدورة الحالية مشاهدة فيلم
"ثلاثون" للتونسي فاضل
الجزيري الذي يلقي الضوء على حياة شخصيات سياسية بارزة في تاريخ تونس.
ويعتبر هذا
العمل الملحمي، الذي استغرق انجازه عقداً من الزمن، أكثر
الأفلام التونسية تكلفة.
أما
"مصطفى بن بولعيد" للجزائري أحمد راشدي، والذي يُعرض للمرة الأولى عالمياً،
فهو عن
قصة الجزائري البطل بن بولعيد، القائد الحقيقي للثورة الجزائرية التي
أطلقها
من
السجن. "ثلاثون" و"بن بولعيد" قراءتان تلقيان الضوء على شخصيات معروفة في
التاريخين
التونسي والجزائري كادت الحوادث وتسارع التقلّبات السياسية تدفعهما إلى
النسيان. ويفتح السوري عبد اللطيف عبد الحميد بفيلمه "أيام الضجر" صفحة من
تاريخ
سوريا إبان قيام الوحدة بين بلاده ومصر. أما "كزا نغرا"
للمغربي نور الدين لخماري،
فهو عن قصة واقعية مستقاة من العنف والفوضى المنتشرين في شوارع الدار
البيضاء.
اختار المخرج شابين غير محترفين من بين آلاف الشباب المشردين المقيمين في "كازا".
ثمة حصة
أيضاً للسينما العراقية في دبي هذه السنة: يروي عباس فاضل في "فجر العالم"
قصة حب في
أهوار الجنوب العراقي لم تُتح له حروب النظام السابق فرصة التنفس.
باختصار، إنه قصة شابين عراقيين لا يهنآن بعرسهما، إذ تئدها حرب الخليج
الأولى قبل
الأوان.
مهرجان
دبي السينمائي ينتظر في هذه الدورة جمهوره بملاحم وتراجيديات من
الغرب. من "تشي" الى المعتقلين السياسيين في بريطانيا ("جوع")،
مروراً بالحرب
العالمية الثانية، فالبانوراما العالمية مثقلة بالنفس السينمائي الكبير
والضخامة.
ثمة عناوين مهمة: "أوستراليا" لباز لورمان الذي ينتظره الجميع (يبدأ عرضه
محلياً من 24
الجاري).
نيكول كيدمان وهيو جاكمان في ملحمة سينمائية باهظة التكلفة ذات ساعتين
واربعين دقيقة، تذكّر بالأفلام الهوليوودية الكبيرة، ولا سيما "ذهب مع
الريح".
"تشي" ستيفن سادربرغ، بجزءيه، سيعرج أيضاً على دبيّ، وهو عمل
بديع سبق أن شاهدناه
في
الدورة الأخيرة من "مهرجان كانّ". ويعود البريطاني المغاير داني بويل عبر
"سلامدوغ ميليونير" الى الاخراج، بعد فترة قدّم خلالها افلاماً
باهتة، وحبذا أن
يكون قد عاد اليه إلهامه الذي لمسناه في "تراينسبوتينغ". من كانّ أيضاً،
يستعيد دبي
أحد أكثر الأفلام تخييباً للآمال هذه السنة: "عمى" للبرازيلي
فرناندو ميرييس، علماً
ان
الفيلم مقتبس من ساراماغو والممثلان هما جوليان مور ومارك روفالو. بالاضافة
الى
رائعة لوران كانتيه "بين الجدران" ("سعفة" كانّ 2008)، سيعرض
أيضاً في دبي
"المصارع"
لدارن أرونوفكسي الذي نال "الأسد الذهبي" في مهرجان البندقية الأخير،
أيلول الماضي، والذي يعود من خلاله ميكي رورك في دور يسحق
القلوب. وفي هذه الفئة
يعرض كذلك آخر أعمال كل من مايكل وينتربوتوم، وكاترين بيغلو، وإد هاريس
الذي يستعيد
أمجاد السينما الأميركية من خلال وسترن أنجزه وسمّاه "أبولوزا". هناك أيضاً
"جوع"
لستيف
ماكوين، عن سجناء ايرلنديين في سجن بريطاني، الذي نال جائزة "الكاميرا
الذهبية" في كانّ، وهو واحد من أهم أفلام هذه السنة.
النهار اللبنانية في 11
ديسمبر 2008
|