حالة
الفوضى والانقسام التي يتخبط فيها الفلسطينييون تكاد لا تقل في
خطورتها عن اثار قصف الطائرات الإسرائيلية لبيوت الفلسطينيين،
هكذا يرى المخرج رشيد
المشهراوي الصورة في فيلمه «عيد ميلاد ليلى» الذي لاقي اقبالا جماهيريا
كبيرا لدى
عرضه للمرة الأولى في مهرجان ايام قرطاج السينمائية.
وعرض
الفيلم، أول من
أمس، وسط حضور جماهير غفيرة تزاحمت من اجل ضمان مقعد داخل قاعة العرض. وهشم
محتجون
من
الجمهور نوافذ التذاكر بقاعة المونديال لعدم تمكنهم من دخول القاعة، على
الرغم
من حملهم تذاكر. واستعان المنظمون بقوات الشرطة التي تدخلت لفض
التجمهر. وبدأ
الفيلم متأخرا ما يقارب نصف الساعة ليشد اهتمام الحاضرين الذين افترش
اغلبهم الأرض.
وكان الحاضرون ينتظرون ان يسمعوا اصوات قصف المدفعيات والطائرات
الإسرائيلية، وان
يشاهدوا صور الشرطة الإسرائيلية وهي تنكل بالفلسطينيين على الحواجز
والمعابر..
لكنهم لم يروا شيئا من كل هذا الذي اعتادوه في أفلام فلسطينية عدة.
ويؤدي
الفنان محمد بكري دور البطولة في الفيلم الذي يستغرق 70 دقيقة،
وتدور وقائعه في رام
الله حيث يسعى «ابو ليلى» ان يفرض القانون الذي لا مكان له في سيارة الاجرة
الصغيرة
التي يملكها. يجابه ابو ليلى مواقف تنم عن فوضى واستهتار، اذ تتواتر مشاهد
مسلحين
يجوبون الشوارع وآخرين يساندون «حماس» تارة، و«فتح» تارة أخرى
عملا بالمثل القائل «احنا
مع اللي يعطينا». حكايات صغيرة يرويها الفيلم تتغير كلما تغيرت هوية
الراكب،
فهناك السجين السابق او زوجة الشهيد او العاشقان اللذان لا يجدان مكانا
يلتقيان فيه
افضل من سيارة الاجرة.. لكن كل هذه الحكايات الصغيرة تتفق في
حالة الفوضى والضياع
والانقسام. الفيلم نال اعجاب الحاضرين الذين قاطعوا العرض مرات عدة
بالتصفيق، خصوصا
اثناء مواقف من الكوميديا السوداء عرضها المخرج منتقدا اوضاعا داخلية.
وقال
المشهرواي الذي حضر العرض برفقة بكري «انه من خلال هذا الفيلم
الذي يصور قلب
المدينة، بعيداً عن الحواجز والجدار العازل حاول بثّ بعض الأمل بإلقاء
الضوء على
عناصر اخرى لاستشراف مستقبل افضل، واعطاء الجمهور فرصة ليرى كيف استطاع
الاحتلال شق
الفلسطينيين ايديولوجيا.
وحضر
العرض عدد من النجوم، من بينهم المغنية لطيفة
العرفاوي التي قالت «جئت الى هنا لأدعم فلسطين، وادعم قضية كل العرب في
الذكرى
الـ60 للنكبة». واضافت «الفيلم أكثر من رائع ومعالجته متميزة
واهنئ رشيد المشهراوي،
وأعلن دعمي لهذا الفيلم الذي اتوقع ان ينال جائزة في المهرجان». وعبر
الجمهور عن
اعجابه بالفيلم ودارت نقاشات بينهم بعد العرض، وقالت متفرجة اسمها بركة
العماري
«الأمر المميز اننا شاهدنا فيلما عن فلسطين فيه نوع من جلد الذات ونوع من
الحكي
المختلف
عما ألفناه»، ويتنافس «عيد ميلاد ليلى» مع 17 فليما آخر ضمن المسابقة
الرسمية للفوز بجائزة «التانيت الذهبي» للمهرجان الذي سيختتم يوم السبت
المقبل.
الإمارات اليوم في 30
أكتوبر 2008
|