شهدت
الدراما المصرية في الموسم الرمضاني الحالي، تغييرات شاملة تقنياً وفنياً،
حيث نجح المخرجون العرب في تقديم شكل جديد للمسلسلات هذا العام، بعد تخليهم
عن الأسلوب القديم في التصوير، والذي تستخدم فيه أكثر من كاميرا، واستعانوا
بكاميرا واحدة حديثة تحمل اسم «هاي ديفنشن»، ساهمت في تطوير الصورة
واقترابها من الصورة السينمائية.
وصل عدد
المسلسلات التي تم استخدام هذه الكاميرا في تصويرها (5) مسلسلات هي: «طيارة
ورق»، و«ناصر»، و«شرف فتح الباب»، و«أسمهان»، و«في أيد أمينة»، ودخول هذه
الكاميرات عالم الدراما التلفزيونية ساهم بلا شك في تطوير شكل التصوير،
وعندما ننظر إلى الأعمال الجديدة، نجد أن مستوى الصورة اختلف كثيراً، لذلك
فهذه الخطوة مفيدة جداً، وتحتاج إلى دعم لزيادتها خلال السنوات
المقبلة.وهذه الكاميرا لا تحتاج إلى إضاءة كثيرة نظراً لحساسيتها الشديدة،
وفي الوقت ذاته، تحتاج إلى مدير تصوير ذي خبرة كبيرة، كذلك إلى مخرج متمرس
لأنها قد تستهلك وقتاً طويلاً في التصوير، وهذا ما يجعل معظم المخرجين
المصريين يفضلون استخدام الأسلوب القديم بهدف الإنجاز.
ولكن
المخرجين العرب يفضلون هذا الأسلوب نظراً لخبراتهم في هذا المجال، وهذه
الطريقة ستغير وجه الدراما لكنها لن تنتشر بسهولة، نظراً لارتفاع تكلفة
الكاميرا والتي تصل إلى مليون ونصف المليون دولار وتملكها شركات قليلة،
ولكن لا جدال في أن الأسلوب القديم سيختفي، ويحل مكانه الجديد خلال السنوات
القليلة المقبلة.
كما شهدت
دراما العام الحالي دخول عدد من المخرجين والمؤلفين والممثلين الذين يخوضون
تجربة الدراما التلفزيونية للمرة الأولى، غير أن معظمهم له تجارب سابقة في
مجالات فنية أخرى، تتنوع بين العمل في الإذاعة أو السينما أو الإعلانات أو
المسرح أو الدراما التلفزيونية خارج أو داخل مصر، لكن القاسم الوحيد
المشترك بين كل هؤلاء كان المغامرة والرغبة في التنافس، وفرض وجودهم
بمعايير السوق من عرض وطلب.
ففي مجال
كتابة السيناريو دخل سوق الدراما التلفزيونية خمسة كتاب جدد هم أحمد عطا
مؤلف مسلسل «هاي سكول»، وأحمد عبدالرحمن مؤلف مسلسل «جدار القلب»، ومحمد
الصفتي المشارك في كتابة سيناريو مسلسل «في إيد أمينة» مع المصور عادل
مبارز صاحب القصة، الذي يخوض التجربة للمرة الأولى أيضاً.
ونبيل
المالح المشارك في كتابة سيناريو مسلسل «أسمهان» مع بسيوني عثمان. أما في
مجال التمثيل فهناك ثلاث ممثلات يخضن تجربة الدراما التلفزيونية للمرة
الأولى في مصر، وهن هند صبري وسلاف فواخرجي ونيكول سابا.
ورغم
الرصيد السينمائي الكبير للتونسية هند صبري، فإن عملها في الدراما
التلفزيونية من خلال مسلسل «بعد الفراق» يعد مغامرة لأكثر من سبب، منها أن
المجال جديد عليها، وأن العمل يدخل السباق الرمضاني وهو موسم يصل فيه
التنافس إلى ذروته، ويشارك فيه عدد كبير من النجوم لكن المستفيد في النهاية
من هذا التنافس هو بلا شك المشاهد.
من جهتها،
تشارك سلاف فواخرجي أيضاً للمرة الأولى في الدراما التلفزيونية المصرية من
خلال مسلسل «أسمهان»، وتعد هذه التجربة ذات خصوصية نظراً لضخامة العمل
والحساسية السياسية للشخصية التي تقدمها فضلاً عن قيمتها الفنية الكبيرة.
وتشارك
أيضاً، للمرة الأولى المغنية اللبنانية نيكول سابا بعد مشاركات سينمائية
عدة في مصر بدأتها بـ «التجربة الدنماركية» ثم «تمن دستة أشرار» ثم «قصة
الحي الشعبي» وأخيراً «ليلة البيبي دول»، حيث تخوض نيكول مجال الدراما عبر
مسلسل «عدى النهار» من تأليف محمد صفاء عامر وإخراج إسماعيل عبدالحافظ.
وفي مجال
الإخراج، توجد سبعة أسماء جديدة في عالم الدراما المصرية هي رأفت الميهي
الذي يخرج مسلسل «وكالة عطية»، والسوري زهير قنوع الذي يخرج «طيارة ورق»،
والفلسطيني باسل الخطيب الذي يخرج مسلسل «ناصر»، والتونسي شوقي الماجري
الذي يخرج مسلسل «أسمهان»، وعصام شعبان الذي يخرج «دموع القمر»، وأمل أسعد
التي تخرج «رمانة الميزان»، ووليد عبدالعال الذي يخرج «ثورة وحكاية».
وهكذا
نستطيع القول، إن الدراما المصرية بدأت باستعادة بعض عافيتها هذه السنة مع
عرض مسلسلات أكثر جدية تتبنى قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، خاصة
المسلسلات التي اشترك فيها مخرجون وممثلون عرب، في ملمح قد يثير غيرة أو
غضب البعض، ما يستدعي مواجهة صريحة وقوية للحفاظ على المكتسبات الجديدة.
البيان الإماراتية في 7
سبتمبر 2008
لقاء
محمد صفاء عامر: حولت أعمالي الأدبية إلى مسلسلات لأن الناس في بلادي
لا يقرأون
خدمة ـ (دار الإعلام
العربية)
كاتب مصري
نجح من خلال أعماله الدرامية، في العبور ببساطة إلى أعماق المشاهد العربي،
كما عرف بقدرته على كشف العديد من تفاصيل وخفايا عالم الصعيد، وتسليط الضوء
على العادات السيئة في مجتمعاتنا، معطيا في بعض الأحيان توصيفاً للعلاج.
إنه
المؤلف والسيناريست محمد صفاء عامر الذي قدم «ذئاب الجبل»، و«الضوء
الشارد»، و«حلم الجنوبي»، و«الفرار من الحب»، بالإضافة إلى «حدائق الشيطان»
و«نقطة نظام».. ويطل علينا هذا العام بـ «عدى النهار».. حول هذا العمل
التقيناه فكان هذا الحوار:متى بدأت الكتابة في مسلسل «عدى النهار»؟بدأت
الكتابة في حلقات العمل منذ حوالي 5 سنوات، ووصلت في الكتابة حتى الحلقة
الثالثة عشرة، لكن الظروف منعتني من استكمال باقي الحلقات، فحدث أن اتفقت
مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ على خروج هذا المسلسل للنور، ومن هنا بدأت
استكمال حلقات «عدى النهار» لكي يستمتع بها الجمهور في شهر رمضان الكريم.
·
على أي أساس تم اختيار أبطال المسلسل؟
المسلسل
يعتمد على البطولة الجماعية، لذا كانت هناك مشكلة في اختيار الأبطال لأن
هناك بعض الفنانين لا يقبلون بالبطولة الجماعية، ويرغبون في أداء دور البطل
الوحيد، لكي يكون الضوء مسلطًا عليهم من بداية المسلسل لنهايته، لكن الحمد
لله بالتنسيق وبذكاء المخرج إسماعيل عبد الحافظ، تم اختيار أبطال المسلسل
بدقة ودراية وهم: صلاح السعدني، وعفاف شعيب، ونيكول سابا، ورزان مغربي،
ومنة فضالي، ونهال عنبر، وسمير صبري.
والمسلسل
يستعرض ما حدث في مصر في العام الذي سبق نكسة 67 وهو العام 1966. ونرصد في
هذه الفترة تفاصيل الحياة اليومية سواء أكانت اجتماعية أم اقتصادية أم
سياسية حتى حدوث النكسة، وكيف تغيرت مصر بعدها على مدى عام أيضًا.
·
هل هناك بالفعل جزء ثان للمسلسل؟
هذا صحيح،
وبدأت في كتابته فور تسليم الحلقات الأخيرة من الجزء الأول، وسوف يحمل
الجزء الثاني عنوان «عام الانتصار»، وتدور أحداثه خلال العام الذي سبق
انتصارات أكتوبر1973، وهو عبارة عن رصد للأحداث التي سبقت الانتصار العظيم،
ثم الانتصار وتأثيره على المجتمع المصري.
·
كيف يختار محمد صفاء عامر أعماله؟
البداية
تكون مثل شرارة تنطلق في ذهني من دون سابق إنذار أو دون تفكير، فهي تكون
وليدة اللحظة وصاحبة وقتها، وبعد ذلك تبنى الأحداث على هذه الفكرة.
·
هناك أحداث من مسلسلاتك يقال إنها حقيقية،
وإن أغلبها قضايا مرت عليك في سلك القضاء؟
هذا ليس
صحيحًا بالضبط، لكن الذي يحدث أن الشرارة الأولى تنبع من خبرات الإنسان
سواء كانت محسوسة أم غير محسوسة، فالعمل الإبداعي ليس خيالا بحتًا وليس
أيضًا عملاً تسجيلياً، وإنما هو واقع عماده الخيال، ربما يشعر الكاتب
بهؤلاء الناس وأنهم عاشوا معهم بالفعل.
كما حدث
معي في «الضوء الشارد» فكانت الأحداث قريبة جدًا أكاد أشعر أني رأيت هؤلاء
الأشخاص بالفعل، لكن أين وكيف ومتى؟ لا أعرف فلا أستطيع القول إن هذه
الشخصيات نقلتها من الواقع، وإنما هي جاءت من خبرات وتجارب ونماذج بشرية
عديدة مررت بها وعشت معها وتعايشت معها.
·
هل هناك أعمال أدبية تزيد أو تقل قيمتها
عندما تحول إلى سيناريو؟
هناك
أعمال أدبية تقل قيمتها، لكن لا يمكن أن تزيد قيمتها عند تحويلها إلى
سيناريو مثل ثلاثية نجيب محفوظ.
·
برأيك.. ما الفرق بين الروائي والسيناريست؟
الروائي
لديه موهبة من عند الله ويجسدها بحكمة، ويكون لديه قدرات كذلك، لأن أي عمل
يجسده يكون نابعا من داخله، أما السيناريست فهو حكاء، ويمكن أن يتعلم كيف
يكتب الرواية مثل الملحن والموزع.
·
لماذا حولت أعمالك الأدبية إلى سيناريو ولم
تنشرها؟
حولت
أعمالي الأدبية، لأن الناس في بلادي لا يقرأون، وتلك مشكلة حقيقية تجاه
الأعمال الأدبية، فأصبحنا في مأزق من ذلك، وأنا حولتها لسيناريو لأن حلمي
أن تصل للناس، وعندما فشلت في توصيلها إلى القارئ عن طريق النشر، قررت
تحويلها إلى سيناريو لكي تصل إلى الجماهير من خلال التلفزيون.
·
ماذا عن أبرز أعمالك الروائية التي صدرت؟
الرواية
التي نشرت وقبلت قريبًا في هيئة قصور الثقافة هي «غريق في بئر الذهب» وهي
سيرة ذاتية لإسماعيل صديق المفتش ووزير مالية الخديوي إسماعيل وصاحب فكرة
الديون وأمه كانت مرضعة الخديوي، ووصل إلى مرحلة من الثراء ضخمة جدًا لذلك
سميته غريق في بئر الذهب، وهناك رواية أخرى تم نشرها منذ مدة بعيدة هي«الحب
والثمن»، ولم أحولها إلى سيناريو لأن تكلفتها غالية جدًا وكبيرة لذلك لا
يمكن تحويلها.
·
إلى أي مدى يشارك المؤلف في اختيار الأبطال؟
كاتب
العمل الفني هو الذي يقوم برسم ملامح الشخصيات، وبالطبع من حقه أن يشارك في
اختيار شخوص العمل الدرامي، ونادرًا ما تتعارض اختياراتي مع اختيارات
المخرج، خاصة وأن كاتب النص هو الذي يعرف الشخصية جدًا، ويعيش معها وتتطور
على يديه، وفي الواقع يقوم المؤلف بالترشيح، ولكن الحق الأول والأخير في
اختيار الأبطال يكون للمخرج.
·
هل تسمح بالتدخل في النص المكتوب سواء للمخرج
أو المنتج؟
أنا لا
أقبل أن يتدخل أحد في تغيير شيء ضمن النص المكتوب، ولكن أحيانًا يكون هناك
نقاش حول جزئية معينة، وإذا اقتنعت أقوم بالتغيير أو التعديل، وهذا يكون
قبل بداية التصوير، أما بعد ذلك لا أقبل.
·
ما علاقة كاتب النص بفشل أو نجاح العمل؟
النجاح
مرتبط بالاتفاق والتوافق بين المؤلف والمخرج وفريق العمل، ولكن المسؤولية
تقع على الكاتب، وإذا اتسم العمل بالضعف، ولم يجذب اهتمام المشاهد من الصعب
أن ينجح مهما اجتهد المخرج والأبطال.
·
ما رأيك في زيادة دخول السوريين في الأعمال
المصرية؟
الممثلون
المصريون تعالوا علينا، وأصبحت لهم تطلعات كبيرة، يريدون القيام بالتعديلات
في السيناريوهات حسب رؤيتهم، بالإضافة إلى الأجور المتضاعفة والعالية التي
يطلبونها، ولكن رؤيتنا كمؤلفين ورؤية المخرجين تختلف عن ذلك، لأن هدفنا
يكون هو إخراج عمل ناجح، وهذا لا يتعلق بممثل سوري أو مصري المهم من يقدم
العمل جيدًا.
·
ما رأيك في الدراما المصرية الآن؟
هناك تدنٍ
في مستوى الدراما، وبدأت في العد التنازلي بسبب سيطرة النجم، ما يتيح له
إملاء شروطه على العمل الدرامي، خاصة بعد تسويق المسلسل باسمه، كما أن
النجم يطلب أجرًا مبالغًا فيه ويضطر المنتج لأن يقوم بإعطاء معظم الميزانية
المخصصة للعمل له، ويتم تقليص باقي عناصر العمل، ومن هنا يأتي العمل فقيرًا
للغاية لأنه اعتمد على عنصر واحد.
·
هل يمكننا القول إن الدراما التاريخية
والكوميدية تضمحل شيئاً فشيئاً؟
لم تختف
فهي موجودة، ولكنها نوع من الدراما المكلفة ماليًا واقتصاديًا، ولكن لم
تختف، وهذا بالنسبة للدراما التاريخية، أما الدراما الكوميدية فهي موجودة
في مسلسلات «الست كوم».
·
ألم تفكر في الرجوع للسينما؟
أفضل
العمل في التلفزيون الآن، لأن السينما بطبيعتها محدودة، كما أنني أفضل نشر
رواياتي بسرد طويل لكي يعرفها كل الناس، على الرغم أن ما قدمته في السينما
لاقى نجاحًا كبيرًا مثل أفلام «الهروب إلى القمة«، و«الشيطان يقدم حلا«،
و«نشاطركم الأفراح»، و«صعيدي رايح جاي»، ولكن لا أفضل هذا الإطار لأنه من
الصعب أن يسيطر الكاتب على أعماله بهذا الشكل، وأنا أطرح أعمالي في
التلفزيون بكل أمانة.
·
ما صفات المؤلف الناجح؟
أن يتمتع
بالموهبة ويكون عنده ثقافة، ويعرف كيف يجسد الفكرة وليدة اللحظة، وينفذها
بالشكل الصحيح.
·
من أحب المخرجين إليك؟
المخرجون
المقربون إلي هم إسماعيل عبد الحافظ ومجدي أبو عميرة وجمال عبد الحميد.
·
ما آخر أعمالك التي كتبتها؟
آخر
أعمالي مسلسل «الأب الروحي»، وسيكون بطله الفنان جمال سليمان، وسوف أبدأ
فيه بعد العيد وقصته عن رجل طاغية، ولا أستطيع الحكي أكثر من ذلك لأن
المسلسل كبير ومتشعب، ولم يتم تحديد كل أبطاله أو المخرج حتى الآن، وربما
تكون عبلة كامل في المسلسل.
·
ما سبب اختيارك للممثل السوري جمال سليمان
أكثر من مرة؟
الممثل
جمال سليمان هو أنسب ممثل للدور، وأنا أثق في قدراته الفنية، كما أنه صديق
عزيز عليَّ، وأعتقد أن الممثلين العرب موجودون في السينما المصرية بشكل
عادي، فالفن لا يطلب شهادة أو جنسية، وإنما يطلب فناناً قادراً على أداء
الدور، والفنان جمال سليمان قدم العديد من الأعمال السورية التي نالت إعجاب
الجمهور المصري، وهو من نجوم الصف الأول.
البيان الإماراتية في 7
سبتمبر 2008
|