لم تأت
عودة الفنان حسن يوسف إلى التمثيل بعد فترة اعتزال طال مداها الزمني
هادئة.. ولم تمر على الدراما التلفزيونية مرور الكرام؛ فقد عاد حسن يوسف
الممثل الشقي ليدخل من البوابة الأكثر أمنا في عالم التلفزيون وهي الدراما
الدينية بمعناها التقليدي التي تتناول فترة من التاريخ الإسلامي القديم أو
شخصية فقهية، وقدم عددا لا بأس به من هذه النوعية.
لكنه قفز
على التقليدية.. وقدم مسلسل "إمام الدعاة" عن سيرة حياة الشيخ الشعراوي،
فيما تعد نقلة في تاريخ حسن يوسف الممتد وفي أحوال الدراما الدينية التي
نحا بها منحى جديدا أكثر فاعلية -بدليل تفاعل الجمهور- حيث تخلى عن العمامة
والعباءة وقدم صورة قريبة الشبه من حياتنا اليوم بموضوع ومادة ثرية
بالمعرفة مهذبة للنفس عبر سيرة عطرة لشخصيات عرفناها وتآلفنا معها، أعقبها
مسلسل المراغي.. وها هو يقدم للتلفزيون في شهر رمضان مسلسل "العارف بالله"
عن سيرة حياة الشيخ عبد الحليم محمود.
وفي حوار
وسطي -مثل النهج الذي ينتهجه فناننا- التقيناه ليسرد لنا تفصيليا قصته مع
هذه الشخصية التي اختارها لتنضم إلى قافلة مسلسلاته الدينية التي يسير بها
دوما من أجل رفعة الإسلام:
تفاعل مع
الشخصية
·
الفنان حسن يوسف.. بعد نجاحك في تقديم شخصية
الإمام محمد متولي الشعراوي، ما الإضافة التي ستقدمها من خلال الشيخ عبد
الحليم محمود؟
- لست أنا
من أقدم هذه الإضافة، لكنها الشخصية بكل ما تحمله من عمق وبساطة هي التي
تقدم نفسها، وليس بالإمكان شرح تفاصيل صفحات عريضة من حياة هذا الشيخ
الجليل في سطرين فحسب، وكل ما أود قوله إن الشيخ الشعراوي كان الناس على
دراية واضحة بجانبه الديني من خلال الأحاديث التي يقدمها، وكان الجانب
الحياتي من جانبه مجهولا إلى حد كبير، واستطعنا من خلال مسلسل "إمام
الدعاة" توضيح هذا الجانب من حياته للجمهور، أما في حالة الشيخ عبد الحليم
محمود فالجمهور لم يعرفه على كافة المستويات سواء العلمية، والاجتماعية، أو
الإنسانية، وهو ما سنحاول التركيز عليه من خلال مسلسل "العارف بالله".
·
تقاربت ملامحك الشكلية والباطنية مع الشيخ
الشعراوي، فكيف عن اختلاف ملامحك مع الإمام عبد الحليم محمود؟
- لا
يشغلني على الإطلاق الجانب الشكلي؛ فالروح هي التي تغلب علي وأنا أجسد أيا
من الشخصيات، وفي الواقع لا يوجد شبه بيني وبين الشعراوي، ما أفادني كذلك
في غلبة الملامح الظاهرية للشعراوي علي هو أني عاشرت هذا الرجل عن قرب
فتآلفت أرواحنا، فهناك عِشرة عمر بيننا دامت لأكثر من خمسة عشر عاما، على
العكس من الإمام عبد الحليم محمود الذي لم أتقرب إليه في الواقع، لكني
حاولت تعويض ذلك بأنني عاشرت أهله، ودخلت بيته، وجلست مع أولاده وتلاميذه
وزوج ابنته العمدة محمود صالح، وابنه الدكتور منيع ومريديه، وزرت كلية أصول
الدين والأزهر حيث كان دائم التواجد بهما، وذلك كي أبحث عن عبقه وتاريخه
وأستنشق منهم عبير روحه.
خطوط
التمثيل الحمراء
·
ماذا عن الخطوط الحمراء التي تضعها نصب عينيك
كممثل؟
- بصفة
عامة لا أقبل على الإطلاق ما يمس التزامي بشيء، أو ما يقدم في إطار غير
محترم، وبالنسبة لتجسيدي لأي من الشخصيات فأهم الخطوط الحمراء التي أضعها
هي ألا أقول ما لا يوجد في الشخصية التي أقدمها، ولا أقدم مهاترات، حتى إن
كان ذلك في خدمة العمل الدرامي، وفي صالحي أنا كممثل، فأهم شيئين في فني
هما: الأمانة، والصدق.
·
كثيرا ما يتم تقديم الشخصيات الدينية في إطار
النبر الخطابي واللغة الإرشادية.. كيف استطعت أن تجسد هذه الشخصيات دون
الوقوع في فخ المبالغة في الأداء؟
- لأنني
لا أصطنع بل أكون بطبيعتي، ومن هنا أحافظ على التلقائية، وأن يصل كل ما
أريد توصيله بشيء من البساطة، بالإضافة إلى ذلك أن معاشرتي لكل ما يتعلق
بالإمام عبد الحليم محمود أفادني وقربني إلى أن أكون أكثر تفاعلا معه.
·
وما أكثر شيء لفت نظرك أثناء جلوسك مع أهل
الإمام الجليل؟
- إنهم
يعيشون على سجيتهم وطبيعتهم إلى حد كبير، وكلنا يعلم أن هذا الإمام كان
وزيرا أي أنه عرض عليه القصور والفيلات، لكنه خشي أن يجذبه متاع الدنيا
فابتعد عنها.
وسطية
العارف بالله
·
في ظل تواجد بعض التيارات المتشددة تقدم
شخصية الإمام عبد الحليم محمود وسطي الفكر.. ألا تخشى الهجوم عليك من جانب
بعض المتشددين وأن يهتز عرشك كممثل؟
- بسبب
هذا التساؤل علي في البداية أن أشرح وجهة نظري من تقديم الشخصيات الدينية
بصفة خاصة، ألا وهي أن تقديمي لها ليس استعراض نفسي كممثل، بل إنني أريد
تقديم نماذج استطاعت أن توضح صحيح الإسلام، فمثلا الإمام عبد الحليم محمود
قدم للغرب الصورة الصحيحة للإسلام، وأرسل بعض الشيوخ لدراسة اللغات
الإنجليزية والفرنسية والألمانية لنشر الإسلام في كل البلاد، وهنا علي أن
أوضح لأصحاب الفكر المتطرف ما هو الإسلام.
كذلك أحرص
على تقديم قدوة للاقتداء بها والسير على نهجها، فكلنا يتفق على أن كل
الفساد الذي نعيشه يرجع في مقامه الأول إلى انهيار الأخلاق، وقد يؤدي
تقديمي لمثل هذه الشخصيات إلى عودتها، والله المستعان.
·
ما بين الفكر السني والصوفي مزج الإمام عبد
الحليم محمود.. ألا تخشى النقد من أي الجانبين؟
- هو رائد
الفكر الإسلامي المعاصر وإمام الصوفية المعاصرة، فقدم الصورة الصحيحة
للصوفية؛ حيث اكتظاظها بالعديد من البدع فأراد تقديم هذا النهج حتى يبتعد
الناس عن الإيمان ببعض المهاترات التي قيلت في حق هذه الطريقة، وبالنسبة
للنقد المتوقع كما تقولين فلن يكون موجها لشخصي أنا كحسن يوسف بل سيوجه إلى
فكر الشخصية نفسها، ونحن لدينا كل ما نستطيع الرد به، والأقوال مقابلها
أقوال قالها الإمام بنفسه، وكما سبق فقد خاض هذا الشيخ معارك مع الشيوعية
وبعض الصوفيين.
صحفيان
مصريان
إسلام أنلاين في 2
سبتمبر 2008
|