ناقد بحريني : لم تعد الجودة المعيار الوحيد لترشيح العمل الفني
التليفزيوني للعرض في شهر رمضان، فقد أصبحت اعتبارات دينية وسياسية
وحتي تسويقية تتدخل
ناقد كويتي : تضاعفت مشاهد الاغتصاب في دراما رمضان هذا العام، بل ولم
تقتصر علي مجرد التحرش بل تناولت أيضا زنا المحارم
ناقد سعودي: : كيف يستطيع المشاهد العربي في رمضان تحديدا أن يتعلق
بشخصية نجح الشيطان في أن يتلاعب بها، رغم أنه صور للجميع في بداية
الأحداث كشخص أشبه بشيخ يقتدي الجميع به؟!
الدراما
المصرية ما زالت علي القمة بالنسبة لعدد المسلسلات المنتجة والموجهة بشكل
حصري تجاه سوق رمضان الدرامي، وعلي الرغم من تراجع الدراما المصرية الفني
والتقني والفكري في الأعوام الأخيرة، فإنها لا تزال تحتفظ ببعض الوجوه التي
تعشقها الجماهير العربية في مختلف الدول وتحب أن تراها كل عام.فمن خلال هذا
المفهوم الأقرب إلي ريادة الكم والاحتفاظ ببعض من مجد الماضي أنتجت
الاستوديوهات المصرية أكثر من 50 مسلسلا خصيصا لرمضان.وتأكد مشاركة ممثلي
الدراما الاعتياديين هذا العام بأعمال جديدة، مثل يحيي الفخراني، نور
الشريف، يسرا، إلهام شاهين... وغيرهم من النجوم المحببة للجماهير العربية
في دول الخليج والشام والمغرب العربي، والذين يتخيرونهم في لجان تحكيم
مهرجاناتهم الفنية بل وتكريمهم أيضا، ومن هذا المنطلق كان من الواجب رصد
ردود الأفعال العربية علي الدراما المصرية في رمضان الحالي.فيقول الناقد
البحريني حسن حداد: من خلال متابعتي أري أنه لم تعد الجودة المعيار الوحيد
لترشيح العمل الفني التليفزيوني للعرض في شهر رمضان، فقد أصبحت اعتبارات
دينية وسياسية وحتي تسويقية تتدخل في دراما رمضان ربما منذ مرحلة إعدادها.
وبحسب المتابعات فان مسلسل عدي النهار قد استبدل صانعوه اسم شخصية شعراوي
جمعة، السياسي البارز ووزير الداخلية في عهد الرئيس المصري جمال عبد
الناصر1954-1970 باسم آخر خشية التصادم مع عائلة جمعة. ويظهر المسلسل جلال
عارففي دور أحد القيادات السياسية الفاسدة التي أدت لهزيمة مصر عسكريا أمام
اسرائيل عام 1967 وحوكم عام 1971. وكرر المؤلف محمد صفاء عامر أنها شخصية
خيالية.وكان من أكثر ما أثار لدينا الدهشة رفض التليفزيون الرسمي في مصر أن
يعرض علي محطاته الأرضية مسلسل ناصر والذي أخرجه السوري باسل الخطيب، والذي
يحكي قصة حياة رئيس مصر الأسبق، وفسره بعض الكتّاب بأنه رغبة في عدم دفع
المشاهدين للمقارنة بين عهده وما يعيشونه حاليا من أوضاع اقتصادية متدهورة
وتراجع في الدور الاقليمي المصري. وقد علمت أن الكاتب المصري محمد فاضل
يعكف حاليا علي مسلسل آخرعن حياة ناصر بعد أن قدم منتصف التسعينات فيلم
ناصر 56 وتناول قراره بتأميم شركة قناة السويس.لكن كي أكون منصفا فإني
أعتقد أن اسم بطل العمل مجدي كامل قد لا يجذب الاعلانات الكافية مما يكون
السبب في رفض المسلسل. وهو ما يشير للدور الكبير للابعاد التجارية
والتسويقية في هذا الصدد.باروكة صابرينبينما ذكرت بعض الصحف السعودية أن
أكثر المسلسلات المصرية إثارة لاستياء الجمهور في منطقة الخليج هو مسلسل
الفنار الذي تقوم الفنانة المحجبة صابرين ببطولته، حيث ترتدي شعرا اصطناعيا
باروكة فلن يستطيع الجمهور أن ينظر فقط طوال الثلاثين حلقة إلي الباروكة أو
الحجاب إنه يريد أن يري الفكر الكامن تحت الباروكة أو الحجاب. وفكرة أن
تناقض الفنانة نفسها بأن ترتدي الحجاب وتبرر ارتدائها للباروكة بأنها لن
تظهر شعرها وبالتالي فلا تحريم في ذلك، فكرة غير مقبولة شكلا وموضوعا لأنه
ـ حسب الصحف الخليجية ـ تلاعب بالدين!بينما كتب الناقد الكويتي فاروق عبد
العزيز قائلا : يبدو أن حملة النقد اللاذعة التي تعرضت لها الفنانة يسرا
نتيجة مشهد الاغتصاب الذي تعرضت له في أحداث مسلسل قضية رأي عام - الذي
عُرض خلال رمضان الماضي- جاءت بنتيجة عكسية، حيث تضاعفت تلك المشاهد في
دراما رمضان هذا العام، بل ولم تقتصر علي مشاهد الاغتصاب والتحرش لتتناول
أيضا قضية زنا المحارم مثل مسلسل قلب ميت بطولة غادة عادل.وتصل أعداد
الأعمال الدرامية التي تطرقت إلي قضايا الاغتصاب والتحرش الجنسي وزنا
المحارم إلي ستة مسلسلات، هي : بنت من الزمن ده، ودموع القمر، والفنار،
وبعد الفراق، وظل المحارب، وقلب ميت.فتتعرض غادة عادل ضمن أحداث مسلسل قلب
ميت إلي التحرش الجنسي من زوج خالتها، الأمر الذي يدفعها إلي الهرب
والإقامة بمفردها في غرفة تحت السلم، وتتعرض مرة أخري لهذه الجريمة من أحد
سكان العمارة، فضلاً عن محاولة اغتصابها أثناء رجوعها من عملها ليلاً.كما
تتعرض داليا البحيري بطلة مسلسل بنت من الزمن ده للاغتصاب علي يد بلطجية في
المنطقة العشوائية التي تسكنها، كما يتعرض المسلسل للعديد من قضايا
الاغتصاب التي يتعرض لها أولاد الشوارع، فضلاً عن أن أحداث المسلسل تتناول
العديد من مشاهد زنا المحارم والتي تعرض لأول مرة في التليفزيون.وتتعرض
بطلة دموع القمر طوال حلقات المسلسل إلي تحرش جنسي بدءاً من زوج أمها الذي
حاول التعدي عليها جنسيا أكثر من مرة في قريتها توتة وصولاً إلي كل الرجال
الذين قابلتهم في الأماكن التي هربت إليها.ولمدة أربع دقائق تعرضت الفتاة
التي تجسد شخصيتها الممثلة إيمي في مسلسل الفنار إلي الاغتصاب وهو المشهد
الذي سيتم عرضه كاملاً علي الشاشة، واعتبرته إيمي من أصعب المشاهد التي
قدمتها.كما تتعرض هند صبري في أول عمل درامي لها وهو بعد الفراق إلي محاولة
اغتصاب، فأثناء ركوبها الميكروباص استدرجها السائق واثنان من أصدقائه إلي
منطقة مهجورة وحاولوا اغتصابها تحت تهديد السلاح وأنقذتها العناية الإلهية
في اللحظة الأخيرة.الموقف نفسه تتعرض له علا غانم ضمن أحداث مسلسل ظل
المحارب عندما استدرجها باسم ياخور إلي منزله بحجة رؤية والدته فتفاجأ بأنه
يعيش بمفرده وبعد أن يحاول اغتصابها بالقوة تنجح في الإفلات منه بعد أن
تضربه بزجاجة علي رأسه.فهل خلت جعبة المصريين من الأفكار لدرجة أن يصير
الشهر الكريم كله مشاهد غير لائقة، فمشاهد زنا محارم في الدراما
التليفزيونية لا تصح خاصة إذا عُرضت في شهر رمضان، لأن التليفزيون دخل كل
البيوت وهي مشاهد مقززة والمفروض أن يقتصر تناولها علي السينما فقط.لماذا
فتح شرف الباب؟في حين كتب الناقد السينمائي السعودي فهد الأسطا : لقد هاجم
نقاد مصريون مسلسل شرف فتح الباب للنجم يحيي الفخراني، معتبرين أن أحداثه
قدمت قضية مهمة بأسلوب سطحي لا يضم حبكة درامية مشوقة، وربما لا يليق بشهر
رمضان لأنه يروج لفساد الذمم بحثا عن المادة، وزاد من غضبهم لحية الفخراني
التي جعلته يبدو في بداية المسلسل تقيا ورعا. حيث يقدم الفخراني دور أمين
مخازن بشركة حكومية يفاجأ ببيع الشركة للقطاع الخاص، ويطلب منه الخروج
للمعاش المبكر، بينما لديه التزامات تجاه أولاده وجميعهم في مراحل التعليم،
فيضطر للتحالف مع مدير الشركة لسرقة 15 مليون جنيه نصيبه منها مليونان قبل
أن يدخل السجن، بعد كشف القضية ومصادرة الأموال ليخرج من السجن شخصا
آخر.ويشير الأسطا إلي وجود عامل نفسي وراء فشل المسلسل في جذب الجمهور،
متسائلا: كيف يستطيع المشاهد العربي في رمضان تحديدا أن يتعلق بشخصية نجح
الشيطان في أن يتلاعب بها، رغم أنه صور للجميع في بداية الأحداث كشخص أشبه
بشيخ يقتدي الجميع به؟!. وأضاف أن النجم يحيي الفخراني والكاتب محمد جلال
عبد القوي لم يستطيعا اختيار فكرة يمكن أن تقدم في هذا الشهر المعروف
بروحانياته، فليس مقبولا أن يتم الترويج لفكرة الاستسلام للشيطان والتحول
من الشرف إلي الشر بتلك السذاجة غير المبررة.هذا بالإضافة إلي أن المسلسل
جاء عاديا خاليا من المفاجآت والدهشة، ويستطيع المشاهد أن يكشف كل تفاصيله
من أول حلقة، حتي إن اسم المسلسل يكشف كثيرا، فنجد أن شرف يعني بالضرورة أن
البطل سيكون مواطنا شريفا، بينما فتح الباب تعني أنه فتح الباب للفساد ومن
ثم تصبح هناك حالة من الافتعال الذي لا داعي له علي حد قوله. حقيقة كنا
نتمني جميعا أن يملك الفخراني جرأة العام الماضي ويفاجئ جمهوره في المشرق
والمغرب العربي بدور مختلف، لكن بدا أن اللعب في المضمون هو الشعار الذي
رفعه أغلب النجوم هذا العام، وخاصة الفخراني الذي جاء مسلسله أقل كثيرا من
آخر أعماله يتربي في عزو.حمادة عزوبينما يري الناقد السينمائي السعودي خالد
ربيع السيد في أحد تحليلاته أن أزمة مسلسل شرف فتح الباب تكمن في مقارنته
المستمرة بنجاح مسلسل يتربي في عزو لأن الجمهور لا يزال متعلقا بشخصية
حمادة عزو وماما نونا اللذين حققا نجاحا باهرا العام الماضي.وبشكل عام فإن
الفقر كان وما زال مادة للدراما المصرية، لكن في هذا العام أجمعت علي أن
يكون الفقر وحده مادتها الأساسية، فبينما كان يختلط في الماضي بمشاكل أخري
اجتماعية ليس الفقر مسببا لها وحده، لكن يبدو أن باستفحال الفقر داخل
المجتمع المصري، أصبح الحديث بعيدا عن الفقر غير مقنع للجمهور أو الكتاب
علي السواء. وكذلك فكرة أطفال الشوارع والتي يناقشها مسلسل في ايد أمينة
صارت فكرة مستهلكة تمت معالجتها دراميا في مصر أكثر من مرة سواء في مسلسل
أو فيلم سينمائي في الثلاث سنوات الفائتة، وتكرارها لا فائدة منه بل هناك
ضرر وهو إصابة المشاهد بالملل، خاصة وأن المشاهد العربي بطبعه ملول.الإخوان
والمسلسلاتوفي حين تغاضت أغلبية الصحف المصرية عن خبر تقدم نائب بمجلس
الشعب بسؤال عاجل إلي الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء، وأنس الفقي وزير
الإعلام، بشأن زيادة البرامج الترفيهية والمسلسلات والأفلام المخصصة لشهر
رمضان، نشرت معظم الصحف العربية الخبر وعلقت عليه، وجاء في سياق الخبر كما
نشرته جريدة القدس طالب النائب - عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين -
سعد الحسيني بمحاسبة المسئولين عن إنفاق مئات الملايين من أموال الشعب
وتسخيرها لتضييع وقته وإفساد صومه وتوزيعها علي الممثلات والراقصات في
الوقت الذي يتكفف الناس الطعام علي موائد المحسنين في شهر شعاره التكافل
وحكمته الشعور بآلام الفقراء.وعلقت الصحف العربية بأن الترفيه والتسلية أمر
لا ينكره الإسلام ولا يرفضه شريطة أن يكون في وقته المناسب وفي إطاره
المنضبط بالقيم والأخلاقيات الصحيحة ونفي وجود هذه القيم في الخطة
التليفزيونية لبرامج شهر رمضان.يذكر أن عدد المسلسلات التليفزيونية الجديدة
التي تعرض في رمضان هذا العام وصل لنحو أربعة وستين مسلسلا، منها 34 مسلسلا
يتبعون شركات الإنتاج المصرية و 18 مسلسلا من إنتاج سوري والبقية من إنتاج
عربي متنوع.وقد وصلت التكلفة الإنتاجية لكل هذه المسلسلات مجتمعة لنحو 850
مليون جنيه كان نصيب شركات الإنتاج المصرية العامة والخاصة منها نحو 600
مليون بمتوسط 17 مليون جنيه للمسلسل الواحد هذا بخلاف مسلسلات السيت كوم
التي دخلت هذا العام المنافسة بشراسة بعد أن وصل عددها لنحو 16 مسلسلا دفعة
واحدة بلغت تكلفتها الإنتاجية 100 مليون جنيه بمتوسط سبعة ملايين جنيه
للمسلسل الواحد .
جريدة القاهرة في 23
سبتمبر 2008
|