رغم أن
الإنتاج السوري هذا العام من الدراما البدوية لم يتجاوز عملين اثنين هما
»صراع على
الرمال« و»فنجان الدم« (ثمة عمل ثالث للمخرج نذير عواد هو »سعدون العواجي«
بوشر
بتنفيذه مؤخراً)، إلا أن الجدل الدائر حولهما، والذي وصل إلى حد التحدث عن
موضة
بدوية تغزو الإنتاج الدرامي السوري، فاق التأثير المحتمل الذي يمكن ان
يتركه إنتاج
عملين من أصل أكثر من أربعين عملاً سورياً أنتجت هذا العام.
كان مسلسل
»صراع
على
الرمال«، للمخرج حاتم علي، أول من أشعل فتيل الجدل الإعلامي المرافق
للإنتاج
البدوي، فقد رصد لإنتاجه ميزانية ضخمة جداً فاقت الستة ملايين دولار، وحشد
لتنفيذه
نخبة من نجوم الدراما السورية، وفي مقدمتهم المثنى صبح الحائز على جائزة
»أفضل مخرج
عربي لعام ٢٠٠٧«، إضافة إلى نخبة من أفضل الفنيين العرب والأجانب.
وبعيداً
عن
التهويل لما عرف بـ»موضة بدوية لا تمت لواقعنا بصلة«، وبخلاف النظر
لحماستنا لهذا
النوع الدرامي أم لا، يبدو أننا أمام عمل تأسيسي لشكل جديد من الدراما، رأى
مخرجه
حاتم علي أنه يأتي في إطار »محاولة طموحة لإعادة شيء من الاعتبار للدراما
البدوية،
من خلال تأمين ما تتطلبه الأحداث من إمكانات إنتاجية كبيرة، وأيضا من خلال
معالجات
بصرية فنية تحاكي ما وصلت إليه الصناعة الفنية من تقدم تقني...«.
بدت هذه
المعالجات البصرية الفنية والتقنية، أولاً في الشكل التأسيسي الذي أرساه
السوريون،
لكن الخطوة الأهم كانت في تجاوز الشكل الساذج لما قدم من قبل من مسلسلات
بدوية
انتهت في مجملها إلى خلق بيئة بدوية تلفزيونية، بعيدة عن الواقع الحقيقي
للمجتمع
البدوي، وذلك بـ »تقديم مضامين متطورة فيه وخاصة لجهة مرجعية العمل، بمعنى
إرجاعه
إلى زمان ومكان محددين«، على حد تعبير المخرج حاتم علي، بينما رأى مخرج
المسلسل
البدوي »فنجان الدم« الليث حجو في مسلسله أنه »للمرة الأولى أرى البادية
بهذه
الرؤية والمنطقية وعمق التفاصيل، بطريقة غير التي تعودنا عليها في الأعمال
البدوية
الكلاسيكية السابقة«.
سعيُ
السوريين إلى تقديم مضامين متطورة وواقعية للمسلسل
البدوي، كانت خطوة متقدمة عما شغل الأردنيون أنفسهم به خلال السنوات
السابقة حين
أقدموا على تقديم نسخ جديدة لأعمال بدوية قديمة لاقت رواجاً عند عرضها
للمرة
الأولى، مثل مسلسلات: »رأس غليص«، »وضحا وابن عجلان«... وذلك بعد إخضاع هذه
الأعمال
لشرط
إنتاجي وفني جديدين، ولكنهم أغفلوا بالمقابل مضامينها، فتركوها على حالها.
في
الغالب، سيكون الإنتاج السوري الجديد من المسلسلات البدوية نموذجياً، يمتد
تأثيره لسنوات عديدة قادمة، يحدد مدتها حماسة المال المنتج، الذي يبدو من
الآن أنه
سيدفع لرمضان المقبل الكثير، مأخوذاً بإبهار الشكل التأسيسي الذي أنتج هذا
العام.
السفير اللبنانية في 29
أغسطس 2008
|