أصبح شهر
رمضان أهم سوق للدراما التلفزيونية العربية، وهذه السوق اتسعت وتطورت بشكل
كبير في السنوات الأخيرة، نتيجة لاتساع رقعة القنوات المتخصصة في عرض
الدراما التلفزيونية، فبعد أن كانت السوق محصورة بين القنوات الأرضية وبعض
القنوات الفضائية العامة اتسعت لتشمل العديد من القنوات المتخصصة في عرض
المسلسلات، ففي العام المنصرم وحده افتتح ما يقارب خمس قنوات متخصصة في ذلك
اللون.
ويلاحظ
حول دراما رمضان ذلك الصراع الكبير فيما يخص العرض الحصري أو العرض الأرضي،
حيث لا يعتبر سرًّا أنه في مصر –مثلا- تقوم شركات الإنتاج الخاصة بالموافقة
على إدخال شركة الإنتاج الإعلامي كشريك حتى لو لم تحتج هذه الشركات هذه
الشراكة؛ وذلك لضمان فرصة العرض على قنوات التلفزيون المصري الأرضية وهو ما
ينعكس على سعر الإعلانات في هذه المسلسلات.
ريادة
الكم!!
الدراما
المصرية ما زالت على القمة بالنسبة لعدد المسلسلات المنتجة والموجهة بشكل
حصري تجاه سوق رمضان الدرامي، وعلى الرغم من تراجع الدراما المصرية الفني
والتقني والفكري في الأعوام الأخيرة، فإنها لا تزال تحتفظ ببعض الوجوه التي
تعشقها الجماهير العربية في مختلف الدول وتحب أن تراها كل عام.
فمن خلال
هذا المفهوم الأقرب إلى ريادة الكم والاحتفاظ ببعض من مجد الماضي أنتجت
الأستوديوهات المصرية أكثر من 50 مسلسلا خصيصا لرمضان.
وتأكد
مشاركة ممثلي الدراما الاعتياديين هذا العام بأعمال جديدة، فالممثل "يحيى
الفخراني" الذي حقق مسلسله "يتربى في عزو" العام الماضي نجاحا كبيرا يدخل
سباق رمضان هذا العام بمسلسل "شرف فتح الباب"، ويقوم يحيى الفخراني بدور
موظف بسيط يعيش في مدينة مرسى مطروح الساحلية رزقه الله أبناء متفوقين
للغاية في دراساتهم، ويعمل شرف فتح الباب أمين مخازن في إحدى شركات
المقاولات الحكومية، لكنه يشتهر بأمانته وتفانيه في العمل وإخلاصه لبيته
وعائلته وحرصه على تربية أولاده أفضل تربية وتعليمهم أحسن تعليم، ويتعرض
شرف فتح الباب إلى الكثير من المتاعب والمواقف الظالمة، الأمر الذي يدفع به
إلى التخلي عن مبادئه لتأمين مستقبل أولاده.
أما نور
الشريف فيعود ليكمل حكاية رجل الأعمال المصري المحير الدالي في الجزء
الثاني من مسلسل "الدالي" والذي لم يحقق النجاح الذي تعود عليه نور في
رمضان بدءا من مسلسله الشهير "لن أعيش في جلباب أبي" مرورا بمسلسله الأشهر
على الإطلاق "عائلة الحاج متولي".
أما يسرا
فتحارب الفساد مرة جديدة في مسلسلها الجديد "في أيد أمينة" هذه المرة تقوم
بدور صحفية تواجه إحدى العصابات التي تتاجر في أعضاء الأطفال.
أما
الممثل السينمائي خالد صالح الذي أصبح من متصدري الدراما التلفزيونية بعد
نجاح مسلسله "سلطان الغرام" في العام الماضي فيعود بمشاركة الممثلة
السينمائية هند صبري في مسلسله الجديد "بعد الفراق"، وتدور أحداث المسلسل
حول شاب طموح يصبح صحفيا كبيرا والفتاة الفقيرة التي تقوم بدورها هند صبري
التي تعمل خادمة وتتحول إلى سيدة أعمال، والظروف التي تفرقهما أكثر من مرة
نتيجة الطموح الجامح للشاب رغم رغبة الفتاة في الارتباط به برغم أي شيء.
أما تيسير
فهمي التي أصبحت أعمالها الدرامية من علامات رمضان المسجلة منذ عملها
"أماكن في القلب" فتعود هذا العام بمسلسل "الهاربة" والذي يخلط السياسة
بالمشاعر الإنسانية والنقد الاجتماعي، ولكن بسطحية شديدة هذه المرة، حيث
تقوم فيه بدور امرأة مصرية تتهم بجريمة قتل تقرر على إثرها الهروب إلى
الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تنقلب
الأمور حينما تطاردها السلطات الأمريكية.
انتهى
أيضا عدد من ممثلي دراما رمضان المعتادين من أعمالهم حيث انتهت سميرة أحمد
من مسلسلها "جدار القلب"، وفيفي عبده من مسلسل "قمر"، وصلاح السعدني من
"عدى النهار"، وعلى جانب آخر انتهى كمال أبو رية من مسلسل "علي مبارك".
الملاحظ
أن هذا العام يشهد إنتاج مسلسل ديني مصري واحد فقط وهو "العارف بالله عبد
الحليم محمود" للممثل حسن يوسف، ويتناول السيرة الذاتية لشيخ الأزهر الراحل
عبد الحليم محمود، وهو أحد أئمة الصوفية في العصر الحديث، ويتناول المسلسل
أحداثا مهمة في تاريخ مصر من خلال سيرة الرجل منها حربا 1967، 1973.
الست كوم
الرمضاني
يشهد
رمضان هذا العام دخول بعض ممثلي السينما إلى المنافسة بقوة من خلال أعمالهم
الدرامية حيث يشارك الممثل شريف منير بمسلسل "قلب ميت"، والذي وصفه قائلا:
"المسلسل شدني من عنوانه (قلب ميت) وهي رسالة للظلم الذي يقع على الإنسان،
وتكاتف كل الظروف ضده، وقد نجد الشخصية خاطئة في تصرفاتها وتبدو أنها لا
تتحمل المسئولية، لكن عندما يقع الظلم على رضا وأسرته نراه يواجه هذا الظلم
فهو عمل يجمع الرومانسية والأكشن والخط الاجتماعي أيضا".
ومن
الواضح أن نجاح تجربة مسلسل الست كوم "راجل وست ستات" للممثل أشرف عبد
الباقي، ومسلسل "تامر وشوقية" لأحمد الفيشاوي وهو من نفس النوعية شجع
الكثيرين إلى إنتاج عدد كبير من الأعمال الكوميدية مما يؤهل هذه المسلسلات
للمنافسة بشكل حقيقي في الموسم الرمضاني، وقد انتهت الأستوديوهات حتى الآن
من تسعة مسلسلات من هذه النوعية، منها موسم جديد من راجل وست ستات، وتامر
وشوقية، وهناك مسلسل جديد بعنوان "شريف ونص"، كما هناك أيضا مسلسل بعنوان
"العيادة"، و"كوافير أفكار" وغيرها من مسلسلات الست كوم، والتي سوف تعتبر
ظاهرة واضحة في سوق الدراما التلفزيونية هذا العام.
نسمات
الدراما السورية
في جانب
آخر تشارك الدراما السورية هذا العام بعدد من الأعمال الدرامية، التي تعتبر
لكثير من المشاهدين النسمة الرقيقة التي ترطب حرارة منافسة هذا الموسم
والوجبة المغذية على مائدة عامرة بالوجبات السريعة المسببة لعسر الهضم.
هذا العام
يعود مسلسل "باب الحارة" من جديد في جزئه الثالث، كما يعرض أيضا عالم العرب
المهاجرين داخل لندن ومشكلاتهم ومشاعرهم المتداخلة في مسلسل "عرب لندن"،
وهنالك المسلسل الاجتماعي "ليل ورجال" والذي يعالج ظاهرة لجوء الناس إلى
المشعوذين لحل مشكلاتهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والعاطفية، ويحاول
المسلسل البحث في أسباب نشوء هذه الظاهرة وانتشارها، ويكشف المسلسل عن
كيفية استغلال المشعوذين جهل الناس وفقرهم ليوقعوا بضحاياهم.
وكعادة
الدراما السورية تعطي اهتماما خاصا بالدراما التاريخية، فتعرض فترة من
الفترات الهامة في تاريخ الدولة الإسلامية في مسلسل "أبو جعفر المنصور"
الذي تدور أحداثه حول أبي جعفر وهو من مؤسسي الدولة العباسية وصانع مجدها
وعزتها وباني عاصمتها بغداد، المسلسل يتطرق إلى خلافته التي دامت 22 عاما
وفق خلالها في تثبيت أركان الدولة العباسية، وقد صور العمل في أوزبكستان
والأردن ولبنان ويقوم بالبطولة الممثل عباس النوري.
وهناك
مسلسل "أسمهان" وهو يعرض لسيرة الفنانة الراحلة أسمهان، حيث تبدأ أحداث
المسلسل مع هروب عائلتها من تركيا إلى بيروت والمؤلفة من والدها فهد الأطرش
ووالدتها الأميرة علياء والتي كانت تتمتع بصوت جميل وشقيقيها فريد الأطرش
وفؤاد، وهو مسلسل أثار الكثير من الاعتراض من العائلة والمحاولات لمنع عرضه
في التلفزيون السوري.
أخيرًا
يبدو أن المشاهد أصبح يتعامل مع النوافذ التلفزيونية والفضائية في شهر
رمضان بنفس المنهج الذي يستعمله مع الأطباق على مائدة الإفطار لا بد لها أن
تتنوع حتى لو لم تكن كلها مهمة أو في حاجة إليها، ولكن ربما يحقق هذا
التنوع الشبع، ولكن الواضح أن هذا التنوع الكبير أصبح يسبب للمشاهد التخمة
التي تؤذي المشاهد والعمل الدرامي نفسه.
ناقد فني
مصري
إسلام أنلاين في 24
أغسطس 2008
|