* كيف كان حال مهرجان فينسيا سنة 1957؟
على المرء أن يبحث عن معمر كان حاضرا في تلك السنوات، والبحث لا يجب
أن يطول، فالتاريخ ليس بعيدا جدا. في الحقيقة يمكن للمرء أن يسأل الممثلة
المشهورة كلوديا كاردينالي لأنها حضرت دورة ذلك العام لأول مرة.
كان عمرها تسع عشرة سنة، وجاءت للاشتراك في مسابقة جمال كانت كسبتها،
وواحدة من الجوائز كانت حضور دورة ذلك العام. قد تتذكر كارديناللي مثلا
أنها قابلت هنا المخرج الفرنسي جاك باراتييه الذي كان يحضر لبدء تصوير
فيلمه «جحا» الذي قام ببطولته عمر الشريف. لكن حتى وإن فينيسيا بالتالي كان
نقطة انطلاقها صوب مستقبل سينمائي انجلى حتى الآن عن 95 فيلما.
بريقها وتاريخها ومكانتها دفعتا المدير الفني للمهرجان ألبرتو باربيرا
لدعوتها إلى الدورة السبعين من أعرق مهرجانات السينما في العالم الذي ينطلق
رسميا مساء اليوم (الأربعاء) ويستمر حتى الثامن من الشهر المقبل.
الفيلم المعروض لها للمناسبة يستحق إعادة التقديم. إنه «ساندرا» الذي
حققه الراحل لوكينو فيسكونتي سنة 1965 عن الميثالوجيا اليونانية «إلكترا»،
وهو يشترك في مظاهرة سميت بـ«كلاسيكيات فينيسيا» وتنطوي على بعض الأعمال
التي يختارها المهرجان كأعمال دخلت التاريخ. لكن في حين يوافق المرء على أن
«ساندرا» (الذي هو ليس أفضل أعمال فيسكونتي بالطبع) قد يكون كلاسيكيا،
يتساءل عن سبب زج «ساحر» في هذا القسم، بل وتكريم مخرجه ويليام فرايدكن
بمنحه جائزة تقديرية خاصة عن جل أعماله. «ساحر» مثل معظم ما قدمه فرايدكن
من أعمال بالكاد متعة ترفيهية وبالغالب ادعاء وتكلف ضمن مضمار النوع
المختار. وهو فيلم اختاره فرايدكن سنة 1977 ليكون تكملة لفيلمه السابق
«طارد الأرواح» الذي وضع مسمارا في عرش الرعب الموحي ليقدم رعبا مباشرا و-
بالنسبة لكثيرين - فجا.
«ساحر» هو الذي سيفتتح هذا القسم الكلاسيكي الذي يعرض 22 فيلما
بالإضافة إلى خمسة أفلام من أعمال المخرجة التجريبية الفرنسية شانتال
أكرمان. من بين المخرجين الكبار لهذا القسم الهندي ساتياجيت راي والفرنسيين
الآن رينيه وجان رنوار والإيطاليين فرنشسكو روزي وروبرتو روسيليني وإليو
بتري، بالإضافة إلى لوكينو فيسكونتي كما ذكرنا.
لن يتمكن المرء، إذا ما أم هذه الأفلام، إلا مقارنة مدارس الأمس
بمدارس اليوم، وله أن يختار موقع القلب منها جميعا. تلك السينما الجديدة
تلتقي في عشرين فيلما داخل المسابقة وأحد عشر فيلما روائيا خارجها وسبعة
أفلام تسجيلية خارج المسابقة أيضا.
في قسم «آفاق» نجد سبعة عشر فيلما وبعضها، كما يحدث في كل سنة، ربما
كان جديرا بالعرض داخل المسابقة ذاتها. وهناك عشرات الأفلام الأخرى التي
تعرض في مظاهرات إضافية موزعة على تلك الصالات المؤقتة التي تقام فوق جزيرة
سان ليدو. واحدة في كازينو الجزيرة وأخرى في بناء مجاور كبير بكراسي
متقاربة لا توفر الراحة لكنها تستقطب أكثر من ألف مشاهد، ثم عدد من الصالات
الأصغر التي تتوزع في أماكن قريبة.
جزيرة ليدو التي تبعد نحو خمس عشرة دقيقة بحرية عن مدينة البندقية
ذاتها، كانت - حتى حين قريب - أصغر وأبسط من أن تلبي رغبة السياح لكن
المهرجان تسبب في ازدهارها، ومع ازدهارها تسبب في غلاء أسعارها. شأنها في
ذلك شأن «كان» وبعض المدن الأخرى التي ترتفع أسعارها في الفترة التي يعقد
فيها مهرجانها.
للملاحظة فقط، في المهرجانات التي تعرض في العواصم الكبيرة (تورنتو،
شيكاغو، سان فرانسيسكو، لندن، نيويورك…) لا يضرب الغلاء المدن في فترة
انعقاد مهرجانها. هي أكبر حجما بحيث يضيع المهرجان ورواده وسط زحامها
اليومي من سكانها الدائمين.
ما يتميز به فينسيا عن سواه هو أنه اعتاد أن يجذب إليه بعض الأعمال
التي هي أكثر رقيا من أن تضيع وسط كاميرات المصورين. طبعا هناك العروض
الليلية التي يصطف لها المصورون والجمهور، لكنها لا تصل إلى حد الجنون الذي
يواكب استعراضات مهرجان «كان».
إنه ليس من الهين مطلقا أن يواصل مهرجان ما تميزه، وأن يواكب نجاحه من
عام إلى عام بنجاح جديد في كل سنة لاحقة. عوض أن يمشي قدما تراه يصعد إلى
أعلى مستفيدا من ذلك القدر الكبير من الهالة التي تحيط به وترفض أن تنزاح
عنه. «فينسيا» من بين هذا النوع. ما إن تحط في مطار المنطقة وتأخذ المركب
البحري إلى المدينة الصغيرة حتى تشعر بأن المهرجان سيلقي في وجهك مفاجأة
سينمائية كل يوم، وأنه من المكانة الفنية بحيث إنه سيكون محطة اكتشاف كبيرة
وعامرة. في دورات سابقة، حقق هذا التفاؤل. في أخرى جمع بين الجديد الجيد
والجديد الذي كنت تتمنى لو لم تلتقِ به.
الواقع أن مهرجانات السينما العالمية الكبيرة تحتاج إلى هويات متميزة.
من حسن حظ «فينسيا» و«برلين» و«كان» أنها أصبحت مثل الأيقونة المنفردة لا
ضرورة بعد ذلك لتمييزها ما دام الجهد المبذول يواكب السمعة الحسنة التي لكل
واحد من هذه المهرجانات. لكن ليجرب مهرجان نيويورك مثلا حاله لو أنه في
إحدى دوراته أخفق في إدهاش الجمهور، أو لو أن مهرجان سراييفو (وهو واحد من
تلك المهرجانات الجديدة النشطة والمثيرة للاهتمام) انطلقت دورته وانتهت من
دون أن يترك أي من أفلامه أثرا يذكر في أوصال المشاهدين والنقاد. دورتان
فاشلتان ويتراجع المهرجان مراكز متعددة إلى الوراء.
الواقع أيضا أن الكثير من المهرجانات الصغيرة تسعى لأن تتميز بتوفير
نشاطات لا تجدها في مهرجانات أخرى. «كان» مثلا لا يأخذ رواده في رحلة
سياحية على شاطئ الكروازت، ولا يجد برلين نفسه مطالبا بإدخال عنصر سياحي
مثل رحلة إلى ما كان ذات يوم «برلين الشرقية». كذلك فإن فينسيا لا ينظم
رحلات بقوارب الغوندول. لكن المهرجانات الأصغر تعتقد أنها بحاجة إلى مثل
تلك الرحلات. وهل ينسى المرء الرحلات المسائية التي كان مهرجان القاهرة
يقيمها فوق مركب فوق النيل العظيم؟ وكيف لا يمكن لمهرجان سراييفو أن لا
ينظم رحلة إلى التاريخ القريب ليعرض الأماكن الطبيعية لأكثر معارك الحرب
الأهلية التي دارت بين البوسنيين والصربيين؟ المهرجان البوسني المذكور كان
انطلق سنة 1994 بينما المدينة في حال حصار واستطاع أن يترعرع سريعا كاسبا
على مدى سنين اهتماما واسعا من قبل رواده.
في الركب ذاته ينظم مهرجان سان فرانسيسكو رحلة لنصف يوم تجول في
الأماكن التي صور فيها الراحل ألفرد هيتشكوك رائعته «فرتيغو».
طبعا، ليس كل المهرجانات غير الرئيسة تبتكر رحلات من هذا النوع أو
ذاك، لكنها جميعا تجد نفسها في إطار من التنافس على نحو ألف فيلم تتبادلها
كل سنة شاشات الفن والتجربة والمهرجانات المختلفة. وكثير منها يأخذ من
المهرجانات الدولية الثلاثة الأولى (برلين وكان وفينيسيا) ويضيف إليها
أفلاما من لوكارنو وكارلوفي فاري وتورنتو (الذي يأخذ من سواه أيضا).
مهرجان فينسيا، كونه الأقدم بين المهرجانات (الدورة الأولى سنة 1932)،
يستطيع أن يقتنص لنفسه أفلاما لم يسبق عرضها. مخرجو العالم يسعون إلى ذلك.
وفي كل مرة ينجزون فيها عملا جديدا فإن اختياراتهم الأولى محدودة
بالمهرجانات الرئيسة وحدها. إذا لم يمر هناك فإن مروره على أي شاشة أخرى هو
هزيمة مؤلمة.
فينسيا لا يبحث عن هوية سينمائية لأنه بات الهوية السينمائية المثلى
في جو أقل تطلبا للجهد وأكثر تركيزا على الفن. هو بلا سوق تجارية كونه يأتي
بعيدا عن العواصم (يتبعه بعد نحو شهر مهرجان روما) ولأن الراغبين في البيع
والشراء لديهم مهرجان تورنتو القريب للسفر إليه.
مخرجو هذا العام جاءوا إليه من الجزائر وإيطاليا وفرنسا واليونان
وأستراليا وبريطانيا وألمانيا واليابان وتايوان والولايات المتحدة بالطبع.
الحال الأميركي لا يزال هو نفسه في كل مرة كما في كل مهرجان دولي: إرسال
أفلام مستقلة الروح والإنتاج لأن الأفلام المنتجة من قبل استوديوهات
هوليوود لا يهمها كثيرا لو ربحت جائزة الأسد الذهبي أو الفضي أو خرجت بلا
جائزة على الإطلاق.
المحطات الرئيسية لوجهة الأفلام في هذا الموسم باتت معروفة: إذا كان
لديك فيلم يبحث عن خلود نقدي عليك بفينيسيا. إذا كنت ترغب فقط في توزيعه في
الولايات المتحدة ومنها إلى سواها لديك تورنتو. أما إذا كان فيلمك أميركيا
من إنتاج شركة كبيرة فيكفيه أن يبدأ الاحتفال بالعرض العالمي الأول.
من هذا الباب اندفع مهرجان فينسيا باختيار فيلم «Gravity» من شركة «وورنر». دراما تدور أحداثها في الفضاء الخارجي عندما يخفق
ملاحا فضاء، هما جورج كلوني وساندرا بولوك، في إصلاح عطب ليجدا نفسيهما
سابحين في هذا الكون البعيد الذي لا حدود له. الفيلم من إبداع المخرج
المكسيكي ألفونسو كوارون صاحب رائعة أخرى حققها سنة 2006 بعنوان «أطفال
الرجال»، وهو واحد من قلة من أفلام المسابقة متحررة من الانتماء إلى الواقع
الرمادي الذي نعيشه اليوم على هذه الأرض.
وفي حين تشهد هذه المنطقة من العالم عواصف سياسية وأمنية عاتية، لا بد
من أن يعكس المهرجان الإيطالي (غير البعيد عن الشرق الأوسط جغرافيا) قدرا
كبيرا من الواقع. وهو لهذا السبب اختار فيلمين في المسابقة يمثلان وجهتي
نظر في موضوعين من تلك التي تؤجج الصراعات والأزمات الحالية، فمن ناحية
يعود المخرج الجزائري مرزاق علواش إلى أوج نجاحاته المرتقبة عبر فيلم
«السطوح» (الذي اختطفه مهرجان دبي من الآن)، في حين يقوم المخرج الإسرائيلي
أموس غيتاي بتقديم «أنا عربية» من إنتاج فرنسي / إسرائيلي.
كلا الفيلمين سيواجه الآخر بأسلوب صاحبه المختلف، كذلك سيواجهان معا
أفلاما بعضها يماثلهما في قوة المادة ومعالجتها. روائيا، كحال «السطوح» قد
ينبري الأميركي - البريطاني تيري جيليام بخطف إعجاب النقاد عبر «نظرية
الصفر»، وتسجيليا قد يفوز الأميركي إيرول موريس بالنقاط على فيلم غيتاي عبر
فيلمه الجديد «المعلوم المجهول» الذي يرصد فيه بدء الحرب التي قادتها
الولايات المتحدة على العراق.
في نهاية المطاف، كل شيء جائز في «فينيسيا»: الفيلم الكبير قد يتمخض
والصغير قد ينمو. لكن المؤكد أن الدورة السبعين ستبحر بسفن أفلامها. وما
التصميم الجميل لشعارها هذا العام، المكون من رجل يلوح لمركب صغير يحمل
وحيد القرن، إلا رمز لعالم مدهش ينتظر كل من أسعدته السينما ولا تزال
تبهره.
الشرق الأوسط في
28/08/2013
"البندقية
70": سقوط كوارون رغم الجاذبية!
البندقية - "النهار"
ـ هوفيك حبشيان
منذ "رعاة بقر الفضاء" (2000) لكلينت ايستوود، لم يرفع "معرض الفنّ
السينماتوغرافي" المعروف باسم "موسترا" البندقية، الستارة عن مهرجانه
السنوي، بفيلم ينتمي الى علم الخيال. 13 سنة مرت منذ ذلك الحين، ولا أحد
لاحظ ان المهرجان بات في فخّ الواقعية المفرطة.
أمس، وبحجة فيلم "جاذبية" لألفونسو كوارون (خارج المسابقة) اجتاحت
المركبات الفضائية والتعابير الملغز والانفصال التامّ عن الواقع، شاشات "الليدو"،
في ثلاثة عروض بالأبعاد الثلاثة. مرتين للصحافة ومرة للجمهور الواسع،
الجمهور الرسمي من اصحاب المكانة في المجتمع الايطالي. بين هذه العروض
الثلاثة، عقد جورج كلوني وساندرا بولوك ومخرجهما كوارون مؤتمراً صحافياً،
لم يتسنّ للكل حضوره، بسبب الزحمة التي شهدها، فتسمّر الصحافيون امام
الشاشات الموزعة في أرجاء القصر المتهالك، ليتابعوا تفاصيل اللقاء. جرياً
على العادة في مثل هذه المناسبات، طغت الأسئلة السطحية والمملة، وتكاثرت،
فنسفت الجوهر. وكما كان متوقعاً، لم يبقَ كلوني، في منأى من حشرية الصحافة
الصفراء، هو الذي - يا للدهشة! - شوهد قبل ساعات يمشي في الشارع وسط
الجموع، مرتدياً كنزة بيضاء مدموغة بلوغو احدى ماركات التيكيلا. بلى، مروّج
قهوة "نسبريسو" يحبّ التيكيلا أيضاً.
أما "جاذبية"، هذا الفيلم الذي جاء بالثلاثي كوارون/ كلوني/ بولوك الى
جزيرة السينما، فمسألة تحتاج الى كلام آخر. اولاً، نال الشريط ما يستحقه من
استقبال فاتر جداً من النقاد في عرضه الثاني، صباح أمس. عندما صعد جنريك
النهاية، كان التعب قد مزّق الوجوه، حدّ انه لم يعد هناك من يقوى على
التصفيق. انه من اللحظات السينمائية التي تتبخر ما ان يضع المرء رجله خارج
الصالة. ثانياً، بدا الفيلم برمته فاقداً للروح، اذ اغرق كوارون نصه الهزيل
في كوكتيل من المؤثرات البصرية والصوتية (على الرغم من الاشتغال اللافت على
الصوت) التي لن ترتاح الا مع نهاية الفيلم ووصوله الى شاطئ الصفاء (حرفياً).
الحكاية؟ بسيطة جداً: رائد فضاء مخضرم (كلوني) يصبح أسيراً للفضاء غير
المحدود. سيتراقص جسده في الأجواء مع زميلة له متخصصة في الهندسة الطبية (بولوك).
هذا كله بعد كارثة يتعرض لها طاقم المهمة تؤدي الى تحطم المركبات واحدة تلو
الاخرى، وصولاً الى المصيبة الكبرى المتمثلة في انفصال الشخصيتين، الواحدة
عن الاخرى. طبعاً، لا نصدق لدقيقة واحدة حكاية القمر الاصطناعي الروسي، ليس
لأننا لا نشاهده، بل لأن الحكاية تبدو مقحمة في النصّ. في الخلاصة، ما كان
من المتوقع ان يكون مهمة روتينية، يتحول الى أبوكاليبس فضائي، بحيث ان
الهمّ الوحيد يصبح الصمود في وسط اللامكان والخراب، وايضاً التغلب على
الظروف الطبيعية، كنقصان الاوكسيجين او انعدام الجاذبية.
والحقّ ان كوارون ليس لديه ما يقوله. على الأقل لا يصل فحوى خطابه،
لانشغاله بالجانب الشكلاني. حتى هذا، أي الشكل الجذاب والمشغول بأناقة، يمر
أمام العينين على نحو متسلسل ومتعاقب من دون أن يخاطب لا الطفل ولا الحالم
ولا المثقف الذي داخل المشاهد. هذا فيلم، خطيئته الأصلية انه يريد ان يرفع
رأسه أكثر مما يتيح له السقف.
خلافاً لستانلي كوبريك، معلم سينما علم الخيال الذي انتشل هذا النوع
من سياقه المحض ترفيهي، نحن هنا امام نموذج هوليوودي باهت لتيمة الصمود في
وجه الاعاصير، ومجاراة وضع مستجد كي يستحق البطل الولادة الثانية. لكن هذا
كله يواجه هنا مطبات كثيرة بالمعنى الحرفي للكلمة ويقع في فخّ التسطيح، لا
سيما مع الكلام عن امور جانبية وشخصية بين البطلين. ففي حين يقدم كوبريك
على صناعة فضاء مشرع على الغموض والأسئلة الوجودية والقلق والمجهول، طارحاً
نفسه معلماً تنويرياً، فان ما يفعله كوارون هو السير في الاتجاه المعاكس،
اتجاه يفضي الى جعل المساحة غير المحدودة الأطراف سجناً لشذرات فلسفية
متهافتة. انجز كوارون واحداً من اكثر الأفلام "كلوستروفوبية" وانغلاقاً،
على الرغم من انه كان لديه كل المساحة، ولا شيء غير المساحة. هنا فكرة
الفيلم غير المتبلورة وهنا حدوده. هذا الانغلاق هو شعورٌ يسود جراء احتجاز
البطلين داخل الخوذة، واحتجازنا نحن داخلهما. بالتأكيد، هناك لقطات بديعة
ولحظات صمت تحلق عالياً (المشهد الذي تأخذ فيه بولوك وضعية الجنين في بطن
الأم)، لا سيما تلك التي ترينا البطلين معلقين في الخيط الفاصل بين الواقع
والخيال، بين قلب يريد الهبوط على الارض وعقل يطمح الى الارتقاء الى فوق.
ربما في هذه المعضلة (الصراع بين القلب والعقل)، تكمن تراجيديا الانسان
برمتها.
(•) المزيد عن مهرجان البندقية في
صفحة "أدب فكر فنّ - سينما".
النهار اللبنانية في
28/08/2013
مهرجان البندقية في دورته السبعين ينطلق مع فيلم تشويق
فضائي من بطولة كلوني وبولوك
أ. ف. ب./
البندقية (إيطاليا):
يفتتح فيلم التشويق الفضائي المرتقب جدا "غرافيتي" من اخراج المكسيكي
الفونسو كوارون ومن بطولة جورج كلوني وساندرا بولوك الدورة السبعين
للمومسترا في البندقية اقدم المهرجانات السينمائية في العالم.
عشية الافتتاح كانت الشمس خجولة بعض الشيء في استقبال اول الوافدين
الى المهرجان بانتظار النجوم الذين يأتي عدد كبير منهم من دول ناطقة
بالانكليزية. وكانت الجزيرة الصغيرة في البحيرة الشاطئية الشهيرة العزيزة
على قلب لوكينو فيسكونتي وحيث يقام مهرجان موسترا سنويا، تشهد التحضيرات
الاخيرة قرب قصر المهرجان.
يعرض "غرافيتي" خارج اطار المسابقة ويتناول قصة رائد فضاء متمرس (جورج
كلوني) وخبيرة في الهندسة الفضائية (ساندرا بولوك) يضطران الى تدبر امرهما
من دون امل بانقاذهما، بعد تدمير مكوكهما الفضائي.
ورشح الفونسو كوارون (51 عاما) مرات عدة للفوز بجوائز اوسكار وكوفئ
مرتين في مهرجان البندقية وهو حقق شهرة عالمية ويعتبر من اكثر المخرجين
المكسيكيين موهبة بين ابناء جيله الى جانب غييرمو ديل تورو اليخندرو
غونزاليس اناريتو. ويعود فيلمه الاخير وهو بعنوان "ابناء الانسان" الى
العام 2006.
وسيعرض ما مجموعه 50 فيلما تقريبا من انجاز مخرجين متمرسين ومواهب
شابة خلال الايام العشرة للمهرجان الذي يضم ايضا سوقا للافلام منذ العام
الماضي.
ويشارك في المسابقة الرسمية 20 فيلما يضاف اليها فيلم "مفاجأة"، للفوز
بالاسد الذهبي الذي تمنحه في السابع من ايلول/سبتمبر لجنة تحكيم برئاسة
المخرج الايطالي برنارد برتولوتشي (73 عاما) محاطا بالمخرجة والكاتبة
البريطانية اندريا ارنولد والممثلة الفرنسية فيرجيني لودويان ومدير التصوير
الفرنسي-السويسري ريناتو برتا والممثلة الالمانية مارتينا جيدك.
وسيكون التألق والاناقة على الموعد على السجادة الحمراء مع مشاركة
كبيرة لمخرجين ونجوم ناطقين بالانكليزية (جورج كلوني وساندرا بولوك
وسكارليت جوهانسن ونيكولاس كيدج ومات دايمون..) الا ان اجواء دورة المهرجان
تبدو قاتمة على صعيد المواضيع التي تتناولها الافلام وتعكس الازمات
"الاقتصادية والاجتماعية والعائلية" التي يمر بها العالم على ما قال مدير
المهرجان البرتو باربيرا.
ومن بين المشاركين في المسابقة الرسمية المخرجان البريطانيان ستيفن
فريرز (فيلومينا) وتيري جيليام (ذي زيرو ثيوريم) والاسرائيلي عاموس غيتاي (انا
عربية) والياباني هايا مياكازي (كازيه تاشينو) وهو السينمائي الاسيوي
الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية الى جانب تسلاي مينغ-ليان (جياويو) من
تايوان.
ويمثل المخرج فيليب غاريل فرنسا في المسابقة مع فيلم "لا جالوزي"
(الغيرة) وهي قصة حب وعلاقة زوجين مع مشاركة اثنين من اطفاله لوي واستير
غاريل والممثلة آنا ماغليس.
وتحظى ايطاليا بشرف افتتاح المسابقة الرسمية الخميس مع المخرجة
المسرحية الكبيرة ايما دانتي التي تقدم اول افلامها "فيا كاستالينا
باندييرا" وه شارع ضيق تمضي فيه 24 ساعة من حياة امرأتين ترفض كل واحد
منهما السماح للاخرى بالمرور.
ويعرض الخميس في اطار المنافسة ايضا فيلم "تراكس" وهو انتاج
استرالي-بريطاني للمخرج الاميركي جون كوران المقتبس عن راوية روبين
ديفديسون الذي يروي عبور امرأة في نهاية السبعينات للصحراء الاسترالية
برفقة اربعة جمال.
إيلاف في
28/08/2013
ينطلق الليلة تحت شعار «سينما أوقات الأزمات»
«الخيال
العلمي» يفتتح مهرجان فينيسيا السينمائي
فينيسيا ـ البيان ـ وكالات
تحت شعار "سينما أوقات الأزمات" تنطلق الليلة فعاليات النسخة الـ 70
لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، الذي يفتتح بفيلم الخيال العلمي "غرافيتي"
(الجاذبية) للمخرج ألفونسو كوارون، وبطولة الممثل الأميركي جورج كلوني،
ومواطنته سارة بولوك، ويحكي الفيلم المصور بتقنية ثلاثية الأبعاد، قصة
اثنين من رواد الفضاء يواجهان مهمة مشؤومة، فيما يشتمل برنامج المهرجان
الذي يستمر حتى 7 سبتمبر المقبل، في أقسامه المختلفة على أكثر من 150
فيلماً، من بينها 70 فيلماً قصيراً.
وفي تصريحات له، وصف مدير المهرجان ألبرتو باربيرا هذه الدورة
بالعملاقة، ليس بسبب أفلامها ونجومها فقط، بل لتلك الاحتفالية السينمائية
التي تحتفي بمرور 70 عاماً على هذه التظاهرة الفنية التي رسخت العديد من
القيم والتقاليد المهرجانية، التي جعلت من المهرجان وجهة صناع الفيلم
والسينما المستقبلية الواعدة. وأكد باربيرا أن الدورة الحالية ستكون واحدة
من أهم دورات المهرجان، بسبب وجود عدد كبير من الأفلام والأعمال المثيرة
للاهتمام والذائقة الفنية، بما فيها عرض 40 فيلماً من كلاسيكيات السينما
الإيطالية والعالمية التي تم ترميمها خصيصاً لهذه الدورة.
قانون الصفر
يتصدر أفلام المسابقة الرسمية لهذه الدورة فيلم للمخرج تيري جيليام
بعنوان "قانون الصفر" بالإضافة إلى مشاركة عربية استثنائية بفيلم المخرج
الجزائري مرزاق علواش "السطوح" (الأسطح)، و"فيلومينا" للمخرج البريطاني
ستيفن فريرز، و"طفل الآلهة" لجيمس فرانكو، و"تحت الجلد" لجوناثان غلايسر،
وفي دورته الحالية يعرض المهرجان فيلمين تسجيليين للمرة الأولى في تاريخه
هما:
"حياة وأزمنة دونالد رمسفيلد" لإيرول موريس، و"جي. آر. إيه.
المقدس" للإيطالي جيافرانكو روزي، كما يشارك المخرج الإيطالي جياني أيميليو
في المسابقة بفيلم جديد يحمل عنوان إنتربيد". وهناك فيلم إيطالي آخر من
نوعية "السباغيتي ويسترن" بعنوان "إيما دانتي" للمخرجة كاستيلانو بانديرا
وهو من الإنتاج المشترك مع فرنسا.
كما سيعرض أيضاً لجمهور المهرجان فيلماً مهماً بعنوان "الغيورة"
لفيليب غاريل، وفي احتفاء نادر بالمخرج الإيطالي الراحل فيديريكو فيلليني،
يعرض المهرجان خارج المسابقة الرسمية فيلم "كم هو غريب أن أدعوك فيديريكو"
للمخرج الإيطالي إيتوري سكولا، كما يعرض أيضاً فيلم "الأخدود" للأميركي بول
شرايدر.
آفاق
وإلى جانب المسابقة الرسمية، يعرض في قسم (آفاق) 31 فيلماً منها 13
فيلماً قصيراً و18 فيلماً روائياً طويلاً، كما يعرض خارج المسابقة 18
فيلماً ما بين طويل وقصير من أهمها فيلم المخرج الألماني الكبير إدغار
رايتز الذي يعرض له فيلم يبلغ زمنه 225 دقيقة بعنوان "الوطن من الوطن..
يوميات رؤية".
في المقابل، بدت المشاركة الأميركية خجولة في المهرجان بأفلام خارج
المسابقة الرسمية، مثل فيلم الممثل الأميركي الجديد جيمس فرانكو بعنوان
"طفل خاص"، وفيلم "المعروف المجهول" للمخرج التسجيلي إيرول موريس، الذي
ينقل لنا حواراً طويلاً مع السيناتور وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد
رامسفيلد.
غياب روسي
وفي موازاة الجرأة الكورية، التي يجسدها فيلم "موبيوس" لمخرجه الكوري
الجنوبي كيم كي ـ داك، تشهد الدورة الحالية خروج السينما الروسية، بعد أن
تم الإعلان عن القائمة الرسمية لعروض المهرجان، والتي خلت من أي فيلم روسي
داخل المسابقة الرسمية، باستثناء تواجد محدود في فئة "كلاسيكيات البندقية"،
بفيلم المخرج أليكسي جيرمان بعنوان "صديقي إيفان لابشين"، الذي عرض للمرة
الأولى في 1984.
التواجد العربي الخجول تكرر هذا العام أيضاً في أروقة المهرجان،
باستثناء المشاركة الجزائرية المتمثلة في فيلم "السطوح"، وفيلم "مي في
الصيف" للمخرجة الفلسطينية شيرين دعيبس، واختيار الممثل المصري عمرو واكد
عضواً في لجنة تحكيم مسابقة "الأوريزونتي" في المهرجان.
10
أفلام من «دبي السينمائي» في سوق فينيسيا
في إطار دعمه للمواهب وانتاجات السينما العربية، أعلن مهرجان دبي
السينمائي عن استمرار تعاونه مع سوق فينيسيا السينمائي هذا العام، حيث
سيشهد السوق عرض 10 أفلام عُرضت العام الماضي في دورة مهرجان دبي السينمائي
الدولي التاسعة، وقد حظيت بإشادة واسعة، حيث سيتم عرضها في مكتبة الفيديو
الرقمية التي تتيح لصانعي السينما توفير أعمالهم للعرض على الموزعين،
والمشترين، والبائعين، والوكلاء، ووكالات ترويج الأفلام من حول العالم.
وقد حظي بهذه الفرصة كل من فيلم "قصة ثواني" للمخرجة لارا سابا، و"مطر
وشيك" لحيدر رشيد و"متسللون" لخالد جرار، و"السلحفاة التي فقدت درعها"
للمخرجة باري القلقيلي، و"على مد البصر" للمخرج أصيل منصور، و"عصفوري"
لفؤاد عليوان، و"هرج ومرج" لنادين خان.
و"محاولة فاشلة لتعريف الحب" لحكيم بلعباس، و"مشوار" لميار الرومي، و"ديترويت
أنلادد" لرولا ناشف، وسوف تتوفر الأفلام التي سيتم عرضها في "مهرجان
فينيسيا السينمائي" عبر مكتبة سوق دبي السينمائي "سينيتيك" الرقمية.
في المقابل، يجدد دبي السينمائي تعاونه مع بينالي فينيسيا من خلال
كلية بينالي السينمائية في مدينة فينيسيا، وذلك لضمان توفير الفرص
والمبادرات .
البيان الإماراتية في
28/08/2013
40 فيلماً كلاسيكياً مرمماً وغياب روسي وضمور أميركي وحضور
إسرائيلي «ملغوم»
جديد مهرجان فينيسيا.. قديم
أحمد علي البحيري
ننتظر بشغف كبير انطلاقة الدورة السبعين لمهرجان البندقية (فينيسيا)
السينمائي الدولي والمعروف أيضاً باسم (لاموسترا)، وهو المهرجان الأقدم في
العالم. وقد وصف مدير المهرجان ألبرتو باربيرا هذه الدورة بـ(العملاقة)،
ليس بسبب أفلامها ونجومها فقط، بل لتلك الاحتفالية السينمائية العظيمة التي
تحتفي بمرور سبعين عاماً على هذه التظاهرة الفنية الدولية التي رسخت العديد
من القيم والتقاليد المهرجانية، التي جعلت من المهرجان وجهة صناع الفيلم
والسينما المستقبلية الواعدة. وأكد مدير المهرجان أن هذه الدورة ستكون
واحدة من أهم دورات هذا الحدث، بسبب وجود عدد كبير من الأفلام والأعمال
المثيرة للاهتمام والذائقة الفنية، بما في ذلك عرض أربعين فيلماً من
كلاسيكيات السينما الإيطالية والعالمية تم ترميمها خصيصاً لهذه الدورة التي
ستنطلق في الثامن والعشرين من شهر أغسطس الجاري، حيث إن رجال الإعلام
والنقاد المدعوين لتغطية المهرجان سيعودون إلى تشكيلة هذا العام أكثر من
مرة، على أساس ما تمثله من قوة ومستوى، وعلى أساس القيمة الفنية للأفلام
التي تشترك في طرح ما يمر به العالم اليوم من أزمات طاحنة.
150 فيلماً
يشتمل برنامج المهرجان الذي سينطلق في مدينة فينيسيا، ويستمر حتى
السابع من سبتمبر المقبل، في أقسامه المختلفة على أكثر من مائة وخمسين
فيلماً، من بينها سبعين فيلماً قصيراً، بالإضافة إلى أفلام المسابقة
الرسمية، التي يتصدرها فيلم للمخرج تيري جيليام بعنوان «قانون الصفر»
بالإضافة إلى مشاركة عربية استثنائية بفيلم المخرج الجزائري مرزاق علواش
«السطوح» (الأسطح)، وفيلم «فيلومينا» للمخرج البريطاني ستيفن فريرز، وفيلم
«طفل الآلهة» لجيمس فرانكو، وفيلم «تحت الجلد» لجوناثان جلايسر.
ويعرض المهرجان فيلمين تسجيليين للمرة الأولى في تاريخه هما: «حياة
وأزمنة دونالد رمسفيلد» لإيرول موريس، و»جي. آر. إيه. المقدس» للإيطالي
جيافرانكو روزي، كما يشارك المخرج الإيطالي جياني أيميليو بفيلم جديد في
المسابقة تحت مسمى «إنتربيد» وكان أيميليو آخر مخرج إيطالي يفوز بالأسد
الذهبي في المهرجان العام 1998 بفيلمه المعنون «طريقة ضحكنا». وهناك فيلم
إيطالي آخر من نوعية السباغيتي ويسترن بعنوان «إيما دانتي» للمخرجة
كاستيلانو بانديرا وهو من الإنتاج المشترك مع فرنسا، التي ستعرض لجمهور
المهرجان فيلماً مهماً بعنوان «الغيورة» لفيليب جاريل. كما أن هناك أفلاماً
عديدة من الصين وتايوان وكوريا الجنوبية.
ويعرض خارج المسابقة الرسمية للمهرجان فيلم «كم هو غريب أن أدعوك
فيديريكو» للمخرج الإيطالي الكبير إيتوري سكولا في احتفاء نادر بالمخرج
الإيطالي الراحل فيديريكو فيلليني. وسيعرض أيضاً فيلم «الأخدود» للأمريكي
بول شرايدر.
وإلى جانب المسابقة الرسمية يعرض في قسم (آفاق) 31 فيلماً منها 13
فيلماً قصيراً وثمانية عشر فيلماً روائياً طويلاً، كما يعرض خارج المسابقة
18 فيلماً ما بين طويل وقصير من أهمها فيلم المخرج الألماني الكبير إدجار
رايتز صاحب العمل الملحمي «الوطن» الذي يعرض له فيلم يبلغ زمنه 225 دقيقة
بعنوان «الوطن من الوطن.. يوميات رؤية»، فيما نلمح مشاركة أميركية خجولة
بأفلام خارج المسابقة الرسمية، مثل فيلم الممثل الأمريكي الجديد جيمس
فرانكو بعنوان «طفل خاص»، وهناك فيلم آخر بعنوان «المعروف المجهول» للمخرج
التسجيلي إيرول موريس، الذي ينقل لنا حواراً طويلاً مع السيناتور وزير
الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد، حيث يجمع الفيلم ما بين لغة
الحوار والمشاهد الوثائقية لطرح فترة تاريخية من الحياة السياسية للولايات
المتحدة خلال وجود رامسفيلد في السلطة.
جرأة كورية
وتبقى الأنظار موجهة نحو فيلم المخرج الكوري الجنوبي كيم كي ـ داك
بعنوان «موبيوس»، ومشكلة هذا الفيلم في بطله، الذي قرر فجأة بتر رجولته
بالكامل، بسبب مغامراته الجنسية الفاحشة، التي أوصلته إلى جملة من المآزق
والمتاعب التي انعكست سلباً على محيطه الاجتماعي وعائلته، وربما تكون
الرقابة في كوريا الجنوبية (مجلس تقييم الميديا الكوري)، قد لعبت دوراً
مهماً دون أن تدري في تعزيز الاهتمام الجماهيري بمشاهدته بعد أن قررت عدم
عرضه في كوريا الجنوبية لأسباب تتعلق بمحظورات اجتماعية تحظر عرض مشاهد
الجنس والعنف بهذه الطريقة. بموازاة ذلك ما زال كيم كي ـ داك، يحارب من أجل
انتزاع قرار بعرض فيلمه للراشدين في بلده، كما يحارب أيضاً من أجل حصد أهم
جوائز المهرجان، بعد أن نال ذهبية مهرجان البندقية العام الماضي بفيلمه
الشهير «باييتا» الذي لم يخل أيضاً من مشاهد الجنس والعنف، التي يطرحها
ويناقشها في إطار اجتماعي وعلى طريقته الخاصة.
وينافس أيضًا بالمهرجان، فيلم «تحت الجلد» عن قصة الكاتب الهولندي
مايكل فيبر، وبطولة الأمريكية سكارليت جوهانسون بدور تجسد فيه شخصية مخلوق
غريب يبحث في المناطق النائية في أسكتلندا عن فرائس بشرية. كذلك يعرض
الفيلم الذي يحمل إشكالياته في عنوانه ومضمونه «ابن الرب» من بطولة وإخراج
الأميركي جيمس فرانكو، ويحكي قصة شخص منعزل يتسم بالعنف في تصرفاته ويعيش
داخل كهف في جبال ولاية تينيسي الأمريكية.
فيما تأكد عرض افتتاح المهرجان بفيلم الخيال العلمي «جاذبية»، والذي
يقوم ببطولته النجم الأمريكي جورج كلوني، والممثلة الأميركية سارة بولوك،
بتوقيع المخرج المكسيكي ألفونسو كورانوس، ويحكي الفيلم المصور بتقنية
الابعاد الثلاثة، قصة اثنين من رواد الفضاء يواجهان مهمة مشؤومة.
خروج روسي
ويسجل في كواليس المهرجان أيضاً خروج السينما الروسية من الحدث، بعد
أن تم الإعلان عن القائمة الرسمية لعروض المهرجان، والتي تخلو من أي فيلم
روسي داخل المسابقة الرسمية، باستثناء تواجد محدود في فئة (كلاسيكيات
البندقية)، التي تترأس لجنة تحكيمها الممثلة الإيطالية المخضرمة كلوديا
كاردينالي بفيلم للمخرج الروسي العريق أليكسي جيرمان بعنوان لافت «صديقي
إيفان لابشين»، وقد تم عرض هذا الفيلم لأول مرة في العام 1984، وهو من
بطولة أندريه بولتنيف، ونينا روسلانوفا، وأندريه ميرونوف، وإنتاج شركة
«لينفيلم»، وقصته مستوحاة عن رواية للكاتب يوري جيرمان، والد مخرج العمل.
تم تصوير الفيلم في العام 1982، ولم يُوزّع إلا في دور السينما الموسكوفية
في العام 1984، بسبب الرقابة. وبعد سنتين، فاز الفيلم بفضية في مهرجان
لوكارنو واعتبره النقّاد الروس «أفضل فيلم روسي على الإطلاق». تجري أحداث
الفيلم في العام 1935، عندما تصل مجموعة مسرحية إلى بلدة صغيرة في شمال
لينينجراد. ويلتقي الممثلون قائد الشرطة المحلية، إيفان لابشين، الذي يكافح
عصابات المدينة. وسرعان ما تصبح قصة لابشين وأصدقائه دوامة متشابكة من
القلق وخيبة الأمل والحب والموت.
بموازاة ذلك، وفي المجال الفكري للمهرجان، ستُعقد ورشة عمل للبحث في
العلاقة بين السينما والأعمال، ولاكتشاف فرص الأعمال وإمكانيات الإنتاج
الروسي ـ الإيطالي المشترك.
هي في الواقع دورة عملاقة واستثنائية كما قال باربيرا في المؤتمر
الصحفي الذي عقده قبل أيام من انطلاقة الحدث، الذي وضعت له كامل ترتيبات
النجاح والتميز في روما العاصمة، وخصوصاً إذا ما أضفنا إلى ما استعرضناه من
أفلام، تلك المشاركات المهمة من جانب مخرجين في إطار ما يعرف بـ (السينما
المستقلة)، لعرض وجهات نظر مختلفة حول حياة الإنسان وسط الحروب والمنازعات
السياسية والمآزق النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي خلقتها
أساليب العولمة ورعتها للإنسان المعاصر. وكما يبدو من دراسة سريعة لبرنامج
الدورة السبعين من المهرجان، فإن هناك توجّهاً واضحاً للابتعاد عن أفلام
الميزانيات الكبيرة، وأفلام المؤسسات العالمية والشركات الضخمة، لصالح
أفلام المخرجين المستقلين المنتمين إلى ما يعرف بـ (سينما المؤلف).
لغم إسرائيلي
خلف كواليس هذا الحدث، ثمة أمور كثيرة معقدة، مثل المشاركة
الإسرائيلية «الملغومة» من خلال تمويهات الإنتاج المشترك مع فرنسا، بفيلم
بعنوان «بيت لحم»، وتدور أحداث الفيلم الذي صور منذ عامين عن العلاقة
الشائكة بين رازي، رجل الشاباك الإسرائيلي (منظمة أمنية استخبارية) والشاب
العربي صنفور ابن الـ 17 ربيعًا، حيث يحاول رازي ضم صنفور لصفوف الشاباك،
مع العلم أن شقيقه ناصر هو قائد كتيبة شهداء الأقصى. ويشارك في الفيلم الذي
أخرجه يوفال أدلير كل من شادي مرعي، جورج إسكندر، هيثم عمري، تساحي هليفي،
إبراهيم صاق الله، طارق قبطي، هشام سليمان وغيرهم. وتؤشر المشاركة
الإسرائيلية في المهرجان إلى تعقيدات قد تنشأ في أوساط السينمائيين العرب
المشاركين تحت قضية المقاطعة الفنية والثقافية لأي منتج إسرائيلي مهما كان
نوعه ومكان عرضه.
ويتكرر هذا العام أيضاً التواجد العربي الخجول على الدوام في المحافل
السينمائية الدولية، باستثناء المشاركة الجزائرية، واختيار الممثل المصري
عمرو واكد عضواً في لجنة تحكيم مسابقة «الأوريزونتي» في المهرجان، الذي
يترأسها المخرج الإيطالي برناردو بيرتولوتشي صاحب فيلم «التانجو الأخير في
باريس».
وفي سياق متصل أعلن مهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي أن المخرجة
السعودية هيفاء المنصور (صاحبة فيلم «وجدة») سترأس لجنة تحكيم خاصة هي لجنة
لويجي دي لورنتس التي تمنح جائزة أحسن فيلم أول وتتكون من سبعة أعضاء من
السينمائيين. وتمنح اللجنة جائزة العمل الأول لفيلم من الأفلام التي تشارك
في مسابقات المهرجان المختلفة وتبلغ القيمة المالية للجائزة مائة ألف دولار
تدفعها شركة «فيلمورو دي أوريللو ولوجي جي لورنتس» ويطلق على هذه الجائزة
اسم جائزة أسد المستقبل. ويتم تقاسم القيمة المالية لها مناصفة ما بين
المنتج والمخرج. وكانت الجائزة قد منحت لعدد من الأفلام المتميزة خلال
السنوات الأخيرة من بينها فيلم «الرحلة الكبرى» للمغربي إسماعيل فروخي،
و»عداء أغسطس» لجياني دي جيوجوريو من إيطاليا عام 2008، و»تعليم إجرامي»
لجويدو لومباردي من إيطاليا أيضاً عام 2010 و»طحلب» لعلي عيدين عام 2012.
نجوم ومخرجين
ويشهد ختام المهرجان، عرض الفيلم البرازيلي الوثائقي «أمازونيا»
للمخرج تييري راجوبرت، ولعل ذلك ما يشير أيضاً إلى ضعف المشاركة الخارجة عن
دائرة عباءة سينما المهرجانات العالمية التي تتصدرها أفلام السينما
المخضرمة ذات الصلة بقدم تاريخ إنتاج وصناعة الأفلام. لكن تبقى التشكيلة
الرسمية للمهرجان محط اهتمام بالغ، وبخاصة تواجد أسماء كبيرة في عالم الفن
السابع، ولعل أشهرهم المخرج الياباني هاياو ميازاكي، أحد أهم مخرجي الرسوم
المتحركة الذي ينافس على جائزة الأسد الذهبي بفيلمه الجديد والمثير «الريح
تعصف بقوة» إلى جانب مخرجين مميزين في لغتهما السينمائية ورؤيتهما للعالم
من خلال الأفلام المصنوعة بإحكام ستيفين فريزر، وتيري غيليام، وجوناثان
غليزر.
بوصوله إلى الدورة السبعين بنجاح وتجدد مؤثر، بات مهرجان فينيسيا في
تنافس شديد مع العديد من المهرجانات العالمية، وبخاصة مهرجان تورنتو
السينمائي الدولي الذي سينطلق بعد أيام قليلة من إختتامه، حيث يعتبر مهرجان
تورنتو الخصم والغريم الحقيقي لهذا المهرجان، بسبب قدرة الأول على استقطاب
كبار المنتجين على المشاركة به، مما دفع مدير المهرجان الإيطالي ألبرتو
باربيرا إلى التصريح بقوله: «بعض المنتجين في السينما العالمية يستسلمون
لأسباب مختلفة ومجهولة، منها أن الفيلم قد بيع في كل أنحاء العالم، لذلك
يعتقدون خطأ أنه لم تعد هناك ضرورة للترويج للفيلم في المهرجانات
السينمائية، لأنهم أيضاً يعتقدون أن الموزعين المحليين في كل بلد هم من
سيتولى أمر الترويج ما أن ينزل الفيلم إلى الأسواق، لذلك هناك أسباب مختلفة
وغير واقعية، وغير مبررة بالمفهوم المهني لهذه الغيابات عندما نقارن بين
تورنتو وفينيسيا خارج المسابقة الرسمية».
الإتحاد الإماراتية في
22/08/2013 |