مشهد البداية فى الحديث عن فيلم «بوبوس» أحدث أفلام عادل إمام هو مشهد ما
بعد النهاية بعد انتهاء عرض الفيلم فى المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية
عندما قدم منتج الفيلم عماد الدين أديب الزعيم «كما قال» عادل إمام وتحدث
الأخير عن انه كان صاحب الفكرة بمشاركة يوسف معاطى وان الفكرة سبقت الأزمة
المالية العالمية التى تفجرت فى شهر سبتمبر من العام الماضي.
هنا يريد عادل إمام أن يقول بأن عبقريته جعلته يتوقع الأزمة المالية ويقدم
عنها فيلما قبل أن تحدث ولا أريد أن أكذبه بل أتحدث من منطلق التصديق
الأعمى له لكنى أسأل هل يتحدث «بوبوس» عن الأزمة المالية العالمية ويتوقعها
أو يقترب منها؟! الحقيقة لا وألف لا فالحديث عن فساد رجال الأعمال وتعثرهم
وخسارة بعضهم للأموال التى اقترضوها فى البورصة أو غير ذلك مما طرحه الفيلم
عن رجال الأعمال وفسادهم ليس بجديد ولا يرتبط بالأزمة المالية التى عصفت
بالعالم مؤخراً، وفساد رجال الأعمال تحت أعين النظام كما يطرح الفيلم شيئا
قديم فى بلدنا وخسارة الملايين فى البورصة يحدث منذ أن نشأت البورصة فى مصر
منذ مائة عام تقريبا ويتكرر على فترات لأن هبوط البورصة الأخير ليس بجديد
وليس الهبوط الأول أو الأخير وإن ارتبط بالأزمة المالية العالمية الحالية
إذن فإن فيلم «بوبوس» لا يستشرف شيئا جديدا ولا يتحدث عما أصاب العالم من
أزمة كانت لها أسبابها وسبقت ما حدث بشهور كثيرة وعلى عادل إمام أن يكف عن
هذا الغرور والتلاعب بأفكار جمهوره لأن فيلم «بوبوس» كما شاهدناه فيلم هزيل
على المستوى الفكرى والموضوعى وإذا كان منتجه عماد الدين أديب كما قدم
للفيلم قبل عرضه يعتبره فيلما كوميديا لم نر مثله منذ سنوات فإن هذه النقطة
ليست حقيقية ايضا لأن الكوميديا بالفيلم كوميديا قديمة وخلال الفيلم من
البداية حتى النهاية يكرر عادل إمام «إيفيهاته» القديمة والمعروف بها غير
أنه ركز فى بوبوس على «الإيفيهات» الجنسية فكانت 09 بالمائة مما قدمه من
ضحك فى الفيلم و«بوبوس» على مستوى الحكاية يعرض نموذج رجل أعمال متعثرا وهو
فاسد بحكم نزواته وعلاقاته ومشروعاته التى يقترض لها الملايين من الدولة
بمباركة النظام الذى يمثله «نظام» باشا الذى يقم شخصيته عزت أبو عوف هى
مشروعات وهمية ورغم ذلك يحصل على قروض ويتم التسهيل له لأنه دائما يشرك «بوبوس»
ابن النظام فى مشروعاته و«بوبوس» هو طفل صغير ابن نظام باشا وصورته موجودة
على مكتبه دائما.. «انها رمز يمكن أن يفسره كل على قدر خياله».. ويستمر هذا
الشخص فى مشروعاته الوهمية وأساليبه غير المشروعه حتى بعد أن يتم تغيير
نظام باشا وقدوم شخص آخر يضع صورة «بوبوس جديدا» على مكتبه.. اذن فإن كل شئ
سيسير فى هذا البلد كما هو وسيستمر الفساد طالما كان هناك «بوبوس» هذه هى
رسالة الفيلم وفكرته ولا نختلف على هذا لكن كيف تم تقديم الرسالة؟!
يمكن تقسيم فيلم «بوبوس» الى نصفين الأول عبارة عن مجموعة من المشاهد التى
تم تجميعها على طريقة «القص واللصق» ولا جديد فيها عما يقدمه عادل إمام فى
أفلامه الأخيرة مع يوسف معاطى حيث التمهيد للموضوع بالاعتماد على ايفيهات
جنسية مكررة ومشاهد بعيدة عن الابتكار أما النصف الثانى من الفيلم فيبدأ من
المواجهة ببن شخصية رجل الأعمال «عادل إمام» وشخصية المواطن البسيط «أشرف
عبدالباقي» الذى يعمل فى فيللا يسرا ويتخيل كل منهما الآخر فى موقف رئيس
الدولة وتنتقل الأحداث الى الحى الفقير الذى يعيش فيه أشرف عبدالباقى ويقيم
فيه فرحه على الفتاة التى ارتبط بها على مدى 9 سنوات وتعوق زواجهما مشاكل
بسيطة لكنها بالنسبة لهما مشاكل كبيرة وبمشهد الفرح نجد فيلما آخر يقترب من
الشارع وأزمات البسطاء لكن المواقف الكوميدية لا تخرج عن حيز الجنس وتشارك
فيها يسرا ومى كساب وأسرة العريس «أشرف عبدالباقي» ليلة عرسه.
إننا أمام فيلم أقرب الى تجميع لمشاهد من سلسلة أفلام عادل إمام فى العشر
سنوات الأخيرة منذ مشهد البداية الذى يذكرنا ببداية فيلم «مرجان أحمد
مرجان» مرورا بالمشاهد الكوميدية التى تعتمد على الجنس والتى قدمها عادل
إمام فى أفلام «التجربة الدانمركية» و«السفارة فى العمارة» ويمكن أن نقول
إن وائل إحسان فى تجربته مع عادل إمام يقدم أى بصمة جديدة ولا نظلمه إذا
قلنا إنه كان مجرد آداة لأن مشاهد الفيلم كما قلنا مكررة وتجميع لمشاهد من
أفلام سابقة لعادل إمام.
أما النجمة يسرا فلا شك أنها تملأ الشاشة بالحيوية حيث الحضور والكاريزما
وهى رغم ذلك تدفع فاتورة الارتباط بعادل إمام على مدى مشوارها الطويل والتى
شاركته خلاله مجموعة كبيرة من الأفلام بعضها كان ناجحاً والآخر لم يكن
بقدرها كذلك تدفع يسرا ثمن انحصار نجوميتها السينمائية فى السنوات الأخيرة
بعدما انحازت السينما للجيل الجديد ولم أجد بصمة حقيقية لنجم بقدر حسن حسنى
أو عزت أبو عوف وأسماء كبيرة أخرى كانت موجودة بالفيلم لمجرد التواجد فى
فيلم من إنتاج جود نيوز وبطولة عادل إمام ويسرا ونستثنى من أبطال الفيلم
أشرف عبدالباقى الذى كان له حضور قوى وقم بصمته فى حدود ما أتيح له ويحسب
لمى كساب دورها المختلف وحضورها القوى فى مشاهد مهمة مع يسرا وعادل إمام
كذلك اجتهد الفنان ضياء الميرغنى فى تقديم شخصية الموظف البسيط المفصول من
شركات رجل الأعمال «عادل إمام» والذى يتوعده بالقتل واعتبر ان أكبر فائز فى
فيلم «بوبوس» هو الفنان الكوميدى الشاب سامح حسين الذى رفض المشاركة فيه
وانسحب لأنه لم يجد له دوراً يتناسب مع ما حققه مؤخراً وعنده ألف حق.
العربي المصرية في
23/06/2009 |