صدر حديثا عن دار الاهلية للنشر والتوزيع ووزارة الثقافة في الاردن الجزء
الثالث من كتاب "روائع السينما" للناقد السينمائي محمود زواوي، وفيه يستأنف
ما بدأه في الجزء الثاني الذي تناول فيه أهم مائة فيلم أمريكي بين عامي
1916-1980، والآن يواصل أهم مائة فيلم أمريكي بين عامي 1981-1994، وسيلحقه
في الجزء الرابع أهم مائة فيلم أمريكي بين عامي 1995-2006، وكان قد تناول
في الجزء الأول أهم مائة فيلم أمريكي وفقاً لقائمة معهد الأفلام الأمريكي،
أما في الأجزاء اللاحقة فإنتخب أفلام تمتلك أهمية خاصة من وجهة نظره كناقد.
يشكل "روائع السينما" بأجزائه مرجعاً مفيداً لكل من السينمائيين المحترفين،
والدارسين، والهواة على حد سواء، يمكن العودة اليه للتعرف على المعلومات
الأساسية لتلك الأفلام المهمة؛ سنة الانتاج، الكاتب، المخرج، الممثلين، قصة
الفيلم، وعلى الظروف الخاصة التي أحاطت بانتاج كل منها، والعناصر التي جعلت
من كل فيلم من هذه الأفلام علامة مميزة، أو نقطة تحول في تاريخ السينما
الأمريكية. قد تبدو هذه المعلومات جافة لكن يحسب للأستاذ زواوي عرضها
بأسلوب جذاب، بالاعتماد من حين لآخر على عرض بعض التفاصيل الشخصية الشيقة
والقصص الطريفة، كالسبب وراء تسمية فيلم "لا تقل أبدا بعد اليوم"، وكذلك
تتبع مسيرة ملكية اليخت "نبيلة" الذي صورت فيه بعض مشاهد هذا الفيلم.
والاطلاع على قائمة الافلام التي تم انتخابها في الكتاب تعطي فكرة عن بعض
الأمور التي تحدد خيارات هوليوود لموضوعات أفلامها، حيث أغلبها يعتمد بشكل
كبير على أعمال "أدبية أو مسرحية" ناجحة سبق وأن حققت شعبية واسعة، لتضمن
هوليوود بدورها النجاح لتلك الأفلام، كـ "خط الكورس"، و"مجنون الحب"
المأخوذة عن أعمال مسرحية، أو كأفلام "الشمس الصاعدة"، و"الفرسان الثلاثة"
المأخوذة عن روايات، أو كفيلم "الهارب" المأخوذ عن مسلسلات تلفزيونية، أو
كفيلم "ديك تريسي" المأخوذ عن قصص هزلية مصورة. كذلك بعد أن خبت منذ أواخر
ستينات القرن الماضي شعبية بعض الأنواع من الأفلام؛ كالموسيقية
والاستعراضية وأفلام الغرب الامريكي "رعاة البقر"، تعود هوليوود وتحيي هذه
الأنواع في الثمانينات من ذات القرن، كأفلام "سيلفيرادو"، و"الراكب الشاحب"
(الغرب الامريكي)، أو الغنائي الراقص "غير المقيد".
إن كانت أوائل الثمانينات من القرن الماضي قد شهدت شعبية ما يعرف بالأفلام
النسائية، التي تقوم بالأدوار الرئيسية نجمات سينمائيات، فان من الملفت أن
يبقى حضور أسماء مخرجات في قوائم أفضل الأفلام أمر نادر، إلا أن فيلمين
انتزاعا وجودهما في قائمة افلام هذا الجزء من روائع السينما وهما: الفيلم
الكوميدي "كبير" للمخرجة بيني مارشال، والفيلم السياسي "موسم أبيض جاف"
للمخرجة يوجان بالسي، والتي تتناول من خلاله مأساة سياسة الفصل العنصري
التي يمارسها البيض في جنوب أفريقيا.
ومن أسماء المخرجين التي تكررت أكثر من مرة في هذا الجزء؛ كلينت استوود،
مارتن سكورسيزي، فورد كوبولا، ستيفين سبيلبيرغ، الا أن شهرة وتميز هؤلاء
المخرجين لم تشفع من تعرِّض بعض أفلامهم لخسائر مادية، كفيلم "امبراطورية
الشمس" لسبيلبيرغ، وكـ "حدائق الحجر" لكوبولا، وهناك المزيد من المعلومات
التي يمكن قراءتها في هذا الجزء من بين السطور، ومن خلال المقارنات.
وأخيراً قد يتفق المرء مع الناقد الزواوي وقد يختلف معه في تحديد معايير
الأهمية في هذا الجزء، إذ أن نوع وقيمة الأفلام الفنية التي تم انتقائها في
هذا الجزء تختلف عن الأجزاء السابقة، حيث احتلت أفلام الحركة والاثارة
والمغامرة ذات الأجزاء المتسلسلة ذات الصبغة التجارية حيزاً كبيراً يبلغ
ربع القائمة؛ كرامبو ج2 و ج3، روكي ج3 و ج4، ... والتي بعض الأجزاء منها
باعتراف الناقد ليس الأفضل كفيلم سوبرمان الجزء الثالث، وفيلم "البقاء
حيا"، وفيلم "مجموعة القتلى"، إلا أننا لا نملك سوى تقدير الجهد المبذول في
هذه السلسلة.
raniahaddadus@yahoo.com
إيلاف في
18/06/2009 |