بدأت قبل أسبوعين في دور السينما أولى عروض الفيلم المثير «ملائكة
وشياطين»، وهو
مقتبس من رواية للمؤلف الشهير دان براون (صاحب رواية شفرة
دافينشي)، وكانت
الروايتان قد حققتا أعلى المبيعات وترجمتا إلى أكثر من 50 لغة في العالم،
وتصدر
الفيلم في أول ثلاثة أيام من عرضه إيرادت السينما في أميركا، وهو من بطولة
توم
هانكس وإيوان ماجريجور وإيليت زوير، ومن إخراج رون هوارد.
المادة المضادة
في مقر المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) بسويسرا، يبدأ الفيلم
بتصوير خرافي مذهل لأول تجربة علمية لإنتاج ما يعرف بالمادة
المضادة Antimatter،
بواسطة الجهاز الفيزيائي العملاق «صادم الهدرون الكبير» LHC،
وذلك محاكاة لبداية
نشأة الكون ونظرية الانفجار العظيم
Big Bang
وصولاً إلى معرفة المزيد من أسرار لحظة
الخلق.
يلعب توم هانكس دور البروفسور «روبرت لانجدون» عالم الرموز نفسه في
(شفرة
دافينشي) وذلك للمساعدة في الكشف عن المتسبب في جريمة قتل العالم الذي
تمكّن
بمشاركة زملائه من إنتاج كميات من المادة المضادة في مركز (سيرن)، لكن
الأمور تزداد
سوءاً حين يكون الفاتيكان مهدداً بانفجار هذه المادة في أحد
زواياه المجهولة بعد أن
سرقت من المركز النووي بشكل مثير جداً إثر جريمة القتل.
ظهور الطبقة
المستنيرة
يستنجد الفاتيكان بروبرت في أوقات عصيبة يمر بها بعد وفاة
البابا، حيث يختطف في الوقت ذاته أربعة (كرادلة) هم المرشحون الأبرز لخلافة
المنصب،
في حين يجتمع بقية الكرادلة في حيرة وخوف لانتخاب البابا الجديد وسط ترقب
العالم.
يطلب من البروفسور فك شفرة الشعار الذي أرسل مع تهديد مسجل من قبل
الخاطفين والذي خطّ بحيث يقرأ من الجهتين: Illuminati
الطبقة المستنيرة، وبعد تحليل
لغوي مذهل للتهديد المسجل، يقرر لانجدون أن الطبقة المستنيرة وهي مجموعة من
العلماء
والمفكرين الذين أسسوا عصر النهضة (التنوير) في أوروبا - ما بعد 1500م-
اضطروا
لمواصلة بحوثهم واجتماعاتهم سراً تحت اضطهاد الكنيسة، التي
كانت في صراع دائم مع
العلم والعلماء، ومنهم العالم الشهير جاليليو جاليلي الذي اعتقلته، وعذّبت
أربعة من
العلماء في جماعته السرية، ثم وسمت صدورهم بشعار الصليب، ما أدى إلى إعلان
الحرب من
قبل الجماعة السرية ضد الكنيسة الكاثوليكية، هذه الجماعة ربما تكون قد عادت
للانتقام الآن.
الأختام الخمسة
تبدأ الإثارة مع بقية التحليل
الذي يأتي عليه البروفسور لانجدون، تساعده في ذلك فيتوريا (شريكة العالم
النووي في
تجربته) والتي كانت قد شرحت للحرس السويسري (جهاز الأمن المسئول عن أمن
الفاتيكان
والبلاط الرسولي) سر المادة المضادة.
تخوض مخيلة روبرت في دراسته السابقة
لرموز جماعة المتنوّرين السرية وثنايا أفكارهم، يتصادم الواقع مع التاريخ
والأساطير
في عقل روبرت، ويرى أن القاتل الذي هدد بوسم الكرادلة الأربعة وقتلهم
بالتتابع في
كل ساعة من الساعات الأربع قبل أن تنفجر المادة المضادة منتصف
الليل، سينفذ تهديده
في كنائس أربع فيها ما يكفي للرمز إلى العناصر الأربعة المكونة للعلم:
الماء،
الهواء، النار والأرض، وذلك تبعاً لأسطورة قديمة تتحدث عن 5 أوسام (أختام)
نحتت
كتابتها بشكل متماثل
Ambigrama
تماماً كالشعار الأسطوري للجماعة نفسها
Illuminati
وذلك تخليداً للعالم جاليليو، وقد عرف منها أربعة وكان الخامس
سراً.
المخبأ السري
هذه الكنائس، هي علامات الطريق إلى مخبأ
الجماعة السري (درب التنوّر) الذي كانوا يجتمعون فيه والذي ظل حياً
ومجهولاً طوال
تلك العصور كما يبدو. مهمة مستحيلة، هي التي سيقوم بها البروفسور لانجدون،
حين
يراجع التاريخ، ليفك شفرة الطريق السري إلى الكنيسة الأولى من
أحد كتب جاليليو الذي
صودر من قبل الكنيسة بسبب آرائه العلمية ثم أجبر جاليليو على تحريفه وإعادة
نشره،
ولم يبق من نسخه الأصلية إلا نسخة واحدة في أرشيف الفاتيكان السري.
يسمح
لروبرت بصعوبة بالدخول إلى أرشيف الفاتيكان السري بأمر من السكرتير
البابوي، يعثر
روبرت في كتاب جاليليو على إشارة مقصودة ومهمة للتدليل على
الطريق السري، وهي ما
يرمز للملائكة والشياطين من منحوتات في هذه الكنائس الأربع.
في مشاهد مثيرة،
تملأها المطاردات البوليسية والأحداث المذهلة في طرق روما - يقدّم
البروفسور في
هوامشها معلومات تاريخية مهمة - ينجح لانجدون في الوصول إلى كنيسة سانت
ماريا
وكنيسة سان بيتر ولكنه كان متأخراً، حيث كان الكاردينال الأول
قد قتل بحشر كمية
كبيرة من التراب في حنجرته بعد أن وسم صدره بختم الأرض
Land، في حين كان الكاردينال
الثاني قد قتل في ساحة الكنيسة بثقب رئتيه بعد أن وسم بختم الهواء
Air، إلا أن هذه
المغامرة كادت أن تنتهي في كنيسة سانت تيريزا (الكنيسة الثالثة) حين حاول
روبرت أن
ينقذ الكاردينال الذي كان يحترق في الكنيسة التي ترمز للنار في
حين كان صدره
موسوماً بأحد الأختام الأسطورية للجماعة
Fire
نار، تماماً
كرفيقيه!
اغتيال البابا
في غضون ذلك، يكتشف الفاتيكان وعن
طريق الرسالة التي أرفقها الخاطفون مع جثة الكاردينال الثاني، بأن البابا
مات
مقتولاً هو الآخر، بسبب حقنة أنسولين زائدة!
يقتحم السكرتير البابوي (باتريك) خلوة الكرادلة الانتخابية بشكل غير
قانوني ليثير هذا الحدث، ويدعوهم لأن
يعلنوا للعالم بأن الكنيسة في حالة حرب مع عدوها اللدود من
جديد. يتحدث السكرتير
البابوي عن تمثل العلم كإله جديد لهذه الفئة، وأنهم لم يتيقنوا بعد بأن
العلم ما
زال حدثاً أن يستوعب الجوانب الإلهية في الكون، لكن طلبه يقابل بالرفض من
مجمع
الكرادلة.
أحداث غامضة
«تتصالب
عبر روما العناصر الأربعة»،
في خريطة روما، وبعد الوصول إلى الكنائس الثلاثة، يحدد روبرت
بدقة موقع الكنيسة
الرابعة (سانت أغنيس) برسم جزء من الصليب بين الكنائس الثلاثة وإكماله بخط
إلى
الكنيسة الرابعة حسبما استنتج من العبارة السرية في كتاب جاليليو، وبعد جهد
جهيد
بذله للوصول إليها، يتمكن روبرت من إنقاذ الكاردينال «باجو»
رغم أنه وسم بختم الماء
في صدره Water.
يتعرّف روبرت على المخبأ السري للجماعة عن طريق الكاردينال الرابع
(والذي
كان قد خبئ هناك)، وهو كنيسة سان أنجلو، لكن المفاجأة بأن القنبلة لم تكن
هناك تماماً.
في مقر البلاط الرسولي بالفاتيكان، تتصاعد الأحداث بشدة، ويخرج
(ريختر)
قائد الحرس السويسري - بعد بحث مطوّل في مذكرات العالم النووي المقتول -
للقاءٍ مغلق مع السكرتير البابوي، وفي هذه
الأثناء يصل روبرت ورفيقته العالمة
فيتوريا إلى المكتب البابوي عن طريق ممر سري يصل بينه وبين المخبأ السري
للطبقة
المستنيرة (كنيسة سان أنجلو)، حاملين استنتاجاً آخر وهو أن السكرتير
البابوي
(باتريك)
في خطر!!
يدخل الجميع عنوة ليجدوا السكرتير البابوي موسوماً بختم
آخر وهو يصرخ في وجه (ريختر): «إنه الرجل، رجل الطبقة المستنيرة» وقبيل
مقتل ريختر
برصاص جنود الحرس السويسري، يعطي مفتاحه السري إلى روبرت
خفية!
هوامش
المادة المضادة Antimatter
تناقلت وكالات
الأنباء في سبتمبر/ أيلول الماضي خبر الإطلاق الرسمي لتجربة محاكاة
الانفجار العظيم BigBang
في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن)، بعد عشرين عاماً من البحث
وجمع الأموال التي بلغت أكثر من 10 مليارات دولار لتصنيع هذ
الجهاز، والمادة
المضادة Antimatter -
إحدى المباحث الرئيسية لهذه التجربة - تعرّف على أنها النوع
الآخر من المادة (نقيضها) والتي يفترض بأنها تكوّنت إلى جانب
المادة الفيزيائية
الاعتيادية لحظة الخلق، وهي مطابقة للمادة تماماً سوى أن شحنات جسيماتها
معكوسة،
وكان سيناريو الفيلم (والرواية) قد قدّم المادة المضادة على أنها المصدر
الأعظم
للطاقة، ورغم أن علماء مركز سيرن وعلى موقعهم الإلكتروني
قالوا: إن اتصال المادة
بمضادها سينشأ عنه إبادة الاثنين وتحول كتلتيهما إلى طاقة. إلا أنهم يؤكدون
أن
المادة المضادة غير متوافرة في الطبيعة، ما يتطلب إنتاجها وتخزينها
صناعياً، وذلك
بنفسه يتكلف طاقة عالية، ما يجعل تصنيع كميات كبيرة منها عملية خاسرة تصرف
أكثر مما
تنتج.
@
كاتب بحريني
الوسط البحرينية في
18/06/2009 |