للمرّة الأولى في تاريخها، تشهد السينما المصرية عرضاً لفيلم مستقل، لم
تنتجه أي من شركات الإنتاج الكبرى، ولم يخضع لإجراءات الرقابة المصرية قبل
إنتاجه. هذا الامتياز دفع بصانعي فيلم «عين شمس» إلى خوض معركة بدت أبدية
لعرض الفيلم على الشاشات العامة بوصفه فيلماً مصرياً لا فيلماً مغربياً كما
أرادت الجهات الرسمية والرقابة. هذه الأخيرة وجدت في الدعم الذي قدّمه
«المركز السينمائي المغربي» لتحويل الشريط من الديجيتال إلى 35 مليميتراً،
مَخرجاً يسمح بعرض الفيلم تجارياً. هكذا، تجاوز الفيلم، بعدما أصبح
«أجنبياً» قاعدة بيروقراطية أساسية تُلزم الفيلم المصري بالحصول على موافقة
الرقابة على الورق (السيناريو)، قبل البدء التصوير. وبهذه الطريقة، تفادت
الرقابة الحرج من عدم عرضه محلياً، بعدما نال العديد من الجوائز في الخارج.
في النهاية، أدّى جهد المدافعين عن الفيلم الذي أنتج بكلفة زهيدة وجهد
متطوعين، إلى بدء عرضه على أنه فيلم مصري، بعدما حصلت شركة «العربية» على
حق توزيعه. الانتصار على الرقابة يجعل الفيلم الذي أخرجه إبراهيم البطوط
واشترك في كتابته مع تامر السعيد (الاثنان من الأسماء البارزة في عالم
السينما المستقلة المصرية والعربية) حدثًا تاريخياً. لكنّ الشريط سيواجه
اختباراً أساسياً، إذ عليه قبل كلّ شيء الإجابة عن سؤال الإيرادات وفرصته
في التوزيع الداخلي. هنا، يبدو انتصاره على الرقابة رمزياً إلى حد كبير،
نظراً إلى كميّة الشاشات المفتوحة لعرضه ونوعيّتها. الشريط يُعرض على سبع
شاشات فقط، بعدما تمت الموافقة على عرض عشر نسخ منه. نحن هنا بالغنى عن
الإشارة إلى ضآلة الرقمين في السوق المصرية، وخصوصاً أنّ نظرةً سريعة على
طبيعة الشاشات المعنية بعرض الشريط تزيد من صعوبة مهمته في الانتشار
الحقيقي. الشاشات منقسمة إلى أربع في القاهرة: ثلاث منها في مجمعات تجارية،
ورابعتها في أحد الفنادق، بينما تستضيف الإسكندريّة الفيلم في 3 شاشات،
واحدة منها في سوق «كارفور» الشهير، والأخريان في داري عرض «طبيعيتين».
ما لا يصعب استنتاجه هنا، هو أنّ السوق استقبلت عرض الفيلم المستقل، لكن
على هامش الهامش. وهو وإن كان أفضل حظاً من أفلام تجارية أخرى ظلت سنوات في
«العلب»، أو طردت من المواسم الكبرى إلى الصغرى، إلا أن العرض البعيد عن
دور السينما الكبيرة يزيد من صعوبة توزيعه وانتشاره وتحقيقة لإيرادات
فعليّة. هذا الإبعاد، يضع على عاتق الشريط ـــــ الخالي من النجوم ومن
القصص المستهلكة ـــــ حملاً أكبر لجذب الحد الأدنى من الإيرادات، حتى لا
يكون الفيلم المستقل الأول والأخير على شاشات القاهرة.
الأخبار اللبنانية في
09/06/2009 |