استخدام تباين اللون تعبيرا عن الصراع بين الخير
والشر
سبعة وثلاثون عاما.. هي عمر المشوار الفني لمديرالتصوير د. ماهر
راضي, الذي بدأه عام1972 كمصور في فيلم هل تعرفين معني الحب, ليكون
هذا الفيلم أولي خطوات مشواره السينمائي.. الذي احتل فيه مدير تصوير
مبكرا في عام1975, اي بعد عمله بثلاث سنوات كمصور في ستة أفلام, ولعل
أشهر أفلام هذه المرحلة فيلم أبناء الصمت.
أما أفلامه كمدير تصوير علي مدي أربعة وثلاثون عاما فجاءت تسعة وعشرون
فيلما ما بين افلاما تسجيلية, وروائية طويلة.. تمثل الأخيرة منها عشرون
فيلما أشهرها الأفوكاتو, و الأنس والجن, ودانتلا, والعاشقان, و
مذكرات مراهقة.
لم يقف راضي عند عمله كمدير تصوير, بل اتجه لإنتاج الأفلام بفيلمي ايام
الغضب, و زيارة السيد الرئيس.. وتمتد نشاطاته الي تأسيسه جمعية معامل
الألوان, بهدف نشر الوعي الثقافي للتصوير, وتدريب العاملين, وتمثيلهم
أمام الجهات الرسمية.. هذا الي جانب تدريسه بالمعهد العالي للسينما,
وبعض الجامعات الخاصة.. ويأتي التأليف كآخر المجالات التي يدخلها راضي
بكتابي فن الضوء في التصوير السينمائي, وفكرة الضوء.. وقد نال عن
الكتاب الأخير جائزة الشيخ زايد للكتاب, لما قدمه من مادة احتوت علي
البعد الأكاديمي, والخبرة العملية, والرؤية المميزة في التعامل مع
الأفلام المختلفة سواء رومانسية مثل العاشقان, والاجتماعية مثل أيام
الغضب والتجارية مثل دانتلا, والسياسية مثل زيارة السيد الرئيس..
وإظهاره الجيد لطبيعة كل من الزمان, والمكان كعنصر واحد, الي جانب
اظهاره لأبعاد الشخصيات خاصة النفسية, والفكرية بصورة دقيقة من خلال درجة
الاضاءة, ولونها, وزاويتها.. وقد اوضح راضي في كتابه كيف تشكلت رؤيته
من خلال استخدامه لكل من المدرسة التعبيرية واستغلاله لاهتمامها باظهار
الجوانب النفسية والفكرية: والصراعات الداخلية للإنسان.. والمدرسة
التأثيرية واهتمامها بتجاور الألوان والفصل بين خطوطها حتي يكون المتفرج
الصورة بعينه ومن ثم عقله وأخيرا الاحساس بمضمون ومعني الصورة.
إن رؤية د. ماهر راضي لفن الاضاءة يظهر بوضوح في ر ؤيته لوظيفة مدير
التصوير قائلا: علي الفنان أن يكون تفكيره بصريا في تناوله لمرئيات
الفيلم, وهذا يعني أن نفكر في نقل المعاني والأفكار والأحاسيس التي
يتناولها الموضوع من خلال عناصر بصرية تستطيع من خلالها اثارة المعرفة
البصرية للمشاهد, والتي تتحول بدورها في عقله الي أفكار ومعان واحاسيس
تؤثر في عقله ووجدانه.. لذلك جاءت أفلامه محملة برؤية تشكيلية في
صورتها, ولعل أكثر الأفلام تعبيرا عن هذه الرؤية بنظرته التعبيرية فيلم
الهروب من الخانكة حين رمز للمستشفي بأنه كالسجن في نظر المريضة بجعل ظلال
السقف علي الأرض والحوائط مثل قضبان السجن, الي جانب اعتماده علي اضاءة
ضعيفة بمساقط مختلفة لتعبر عن الأطباء اشباه السجانين, والمرضي الضحايا
اشباه الأبرياء.. أما فيلم دانتيلا فرغم انه بداية مرحلة السينما
التجارية, الا ان راضي تعامل مع الصورة ليس بشكل جمالي فقط, وانما
بقيمة فنية أيضا حملت الرؤية التأثيرية من تعامله بألوان مختلفة فاصلا بين
خطوطها للحفاظ علي حالة كل شخصية, وحالة المكان.
لقد تناول المؤلف مجموع أفلامه وبعض المشاهد التي رآها مهمة بالتحليل في
كتابه مع ارفاق الصور الخاصة بهذه المشاهد للتوضيح, وشهدت الندوة عرضا
لهذه المشاهد( فيديو), والتعقيب عليها من الحضور زملاء الوسط
السينمائي, الذين أتو للاحتفال بماهر راضي, وهم المخرج علي بدرخان,
والمخرج منير راضي شقيقه, ومدير التصوير محسن أحمد, والمخرجة صفاء
الليثي, ود. خالد عبد الجليل رئيس المركز القومي للسينما.. واختتم
لقاء التكريم بفيلم تسجيلي للدكتور مجدي عبد الرحمن باسم ماهر راضي سينما
الجحيم وسينما الحب أوضح من خلاله امكانات ماهر راضي كمدير تصوير من خلال
المشاهد التحضيرية بينه وبين المخرجين, وابرازه لتعامله مع ادواته كمدير
تصوير مميز.
الأهرام اليومي في
27/05/2009
انهيار الحوار السينمائي
كتب : علاء سالم
ــ عبقرية الممثل اهم ما تميزت به الأفلام المصرية علي مدي تاريخها الطويل
بعيدا عن تقنيات السينما العالمية المكلفة مثل معالجة الصورة والالوان
ومؤثرات الحركة والحيل وكل ما يتعلق بتكنولوجيا الخيال الرقمي والإبهار
والديكورات الباهظة.. ولذا كان الاعتماد علي السيناريو الجيد هو الحل
الوحيد أمام صناع السينما في مصر نظرا لضعف ميزانية الإنتاج.. وقد برع
كتاب السيناريو وتفننوا في كتابة اقوي لغة حوار شكلت وجدان الشعب المصري
والعربي وأفرزت أجيالا عاشقة للسينما وتعاقب علي الكتابة للسينما ادباء
محترفون ولكن بعد دخول المنتج المغامر إلي العمل السينمائي أهمل العنصر
المميز للسينما المصرية ووجه الاهتمام الي نجم الشباك والإيرادات ونسي
تماما دور المؤلف.. فاحجم كبار الكتاب عن الكتابة للسينما وتم الاعتماد
علي مجتهدين بلا هوية فانهارت لغة الحوار..
وكما انهار مسرح القطاع الخاص وانصرف عنه جمهوره فأغلق أبوابه واسدلت
ستائره نظرا لانهيار لغة الحوار به والإباحية التي أهملت عادات وتقاليد
المجتمع الشرقي.. وصلت السينما حاليا إلي ذلك المنعطف الخطير دون أن يدري
المنتج المغامر الباحث عن الربح المادي خطورة الوضع الحالي.. لقد زحفت
لغة المسرح الهابط الي السينما نظرا لفشل المؤلف واطلاق الحرية للممثل
للارتجال المستوحي من ثقافة لغة الشارع الإباحية وتناسي الجميع أن لغة
شوارع العاصمة لاتفهم في معظم البلاد الأخري الأمر الذي هوي بالأفلام الي
الانعزالية والمحلية.. فالفيلم المصري حاليا بالنسبة للبلاد العربية اصبح
مثل الفيلم المغربي لدينا لاتفهم لغة الحوار به.. إن تجربة الأفلام قليلة
التكاليف والتي تعتمد علي شباب حاليا ينقصها فقط كاتب محترف يفهم طبيعة
السينما المصرية الخاصة جدا عديمة الإمكانيات.. سينما الأداء التمثيلي
والحوار.. سينما المؤلف.. ويجب أن يتذكر الجميع أننا مجتمع شرقي محافظ
جدا مهما انفتحنا علي الغرب.
الأهرام اليومي في
27/05/2009 |