حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

د. سيد خطاب:

لا مجال للهروب وسأمارس عملي مهما كانت الضغوط

كتب: القاهرة - فايزة هنداوي

 

يعيش الفنانون والمهتمون بالفنون عموماً والسينما خصوصاً حالة من الترقب بعد وصول «الإخوان» إلى قمة السلطة في مصر، وأكثر ما يشغلهم هو التخوف على حرية الإبداع، وفرض مزيد من المحاذير الرقابية التي تتماشى مع فكر «الإخوان المسلمين».

حول شكل الرقابة في الفترة المقبلة، كان اللقاء التالي مع الدكتور سيد خطاب، رئس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية.

·        ما هو موقف الرقابة من أفلام العيد؟

أجزنا أربعة أفلام من دون أي ملاحظات إلا «البار» للمخرج مازن الجبلي الذي تم تصنيفه لـ «الكبار فقط»، وهي إضافة إلى الأخير: «تيتة رهيبة» لمحمد هنيدي من تأليف يوسف معاطي وإخراج سامح عبد العزيز، «مستر آند مسيز عويس» من بطولة حمادة هلال وبشرى وتأليف كريم فهمي وإخراج أكرم فريد، «بابا» من بطولة أحمد السقا ودرة وتأليف زينب عزيز وإخراج علي إدريس.

·        لماذا تم تصنيف فيلم «البار» للكبار فقط؟

لأن العمل يتناول حياة مجموعة من فتيات الليل، ويتضمن ألفاظاً يجب ألا يتعرض لها الأطفال.

·     يشعر عدد كبير من صانعي الفن عموماً والسينما خصوصاً بالقلق حول مستقبل الفن في ظل وصول «الإخوان المسلمين» إلى الرئاسة، هل يساورك القلق نفسه؟

ليست لديَّ أي شكوك في ما يخص حرية الفن والإبداع، إذ لا يمكن لفصيل سياسي أن يتحكم فيها لأنها ملك المجتمع، الذي لا يمكن أن يقبل بتقييد حريته بعد الآن سواء السياسية أو الإبداعية.

·        لكنك قلت إنك حزين بسبب الخطاب الأول للرئيس محمد مرسي؟

فعلاً، كان ذلك بسبب تجاهله للمفكرين والمبدعين والثقافة والإبداع ولم يلق لهم بالاً. كنت آمل بأن يهتم الرئيس بالثقافة والفن والإبداع لأهميتها في حياتنا، لكن هذا لا يعني إمكان تقييد حرية الإبداع في الفترة المقبلة، فالفن ضرورة في حياتنا اليومية.

·        هل من الممكن تغيير قانون الرقابة في الفترة المقبلة؟

قانون الرقابة على المصنفات الفنية الذي يعود إلى سنة 1955 قادر على البقاء لفترات طويلة، لأنه يمتاز بالمرونة.

·        بعد الثورة طالب البعض بإلغاء الرقابة، فهل هذا المطلب ما زال قائماً؟

هذا المطلب كان مثاراً فعلاً، لكن بشكل خافت. كنت أؤيد فكرة الوصول إلى الحرية الملتزمة في مرحلة قراءة السيناريو، لكن في المرحلة الحالية أعتقد أنه من الصعب تغيير أي شيء، فنحن نحتاج إلى الهدوء قليلاً.

·        ماذا ستفعل لو تعرضت لضغوط أثناء أدائك لعملك الرقابي؟

سأظل أمارس عملي، لأن ما يُفرض عليّ وأنا رقيب سيفرض عليّ كفنان مبدع، فلا مجال للهروب. سأقف وأدافع عن حقي بكل قوة وإيمان، ما دام ذلك لا يخل بحقوق الآخرين، وسأظل في هذه المعركة، فلن يأتي نظام في أحد الأيام يرضى عن مبدع أو يرضى عنه المبدع، فالاختلاف جزء أساسي من مقومات الإبداع.

·        ما مدى العلاقة بين الرقابة وبين مؤسستي الأزهر والكنيسة؟

الأزهر والكنيسة من أهم مؤسساتنا الدينية ويحافظان بقدر كبير جداً على وسطية الدين الإسلامي والمسيحي، ولم يعتديا على دور الرقابة ولم يقدما ملاحظات عدا اعتراض على عرض فيلم يسيء إلى جهة من الجهات وهو حق لأي مؤسسة، فضلاً عن أن الرقابة تحتاج إلى هاتين المؤسستين في الاستشارات الدينية لأنني لست رجل دين.

·     اقترحت إلغاء جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وإنشاء مؤسسة «حقوق الملكية الفكرية»، ما دور هذه المؤسسة ومهامها؟

فعلاً، طالبت بتطوير مؤسسة الرقابة وتحويلها من صفتها الرقابية إلى مؤسسة ثقافية وحقوقية؛ لمناقشة الأعمال الفنية وحماية المبدع الفكرية والمادية من ضغوط المجتمع، ومهام هذه المؤسسة رفع العبء عن الدولة والتقليل من حجم الموارد المالية وضخها لشركات الإنتاج لاستكمال دورة رأس المال وإنعاش صناعة السينما، فالرقابة ليست صوت الدولة في الإبداع.

·     الرقابة متهمة بأنها تمارس الممارسات القمعية نفسها التي كانت تحدث في عهد النظام السابق.

الرقابة ليست قمعاً، بل هي قانون يجب تطبيقه. في رأيي، لا توجد خطوط حمراء على المواضيع وكل الأفكار متاحة، لكننا دائماً نتكلم عن كيفية التناول وشكله، لأن ذلك يتعلق بالمضمون، والأهم ألا يتضمن العمل أي تعد على الآداب وألا يزدري الأديان أو يحث على الكراهية.

·        لكن الرقابة رفضت في الفترات الأخيرة عدداً كبيراً من الأفلام من بينها «لامؤاخذة» لعمرو سلامة؟

الأمر لم يكن فيه تعنت بل تمّ الرفض لأن الفيلم يعرض لاضطهاد طفل مسيحي في إحدى المدارس بسبب ديانته، وهو أمر يتناقض مع طبيعة المجتمع المصري.

·     اتهمكم يوسف أبو سيف، مؤلف فيلم «صدفة لقيتني» الذي رفضته الرقابة، بالتعاطف مع حسني مبارك الذي يتعرض الفيم لقصة حياته.

هذا ليس صحيحاً على الإطلاق، فالسبب الرئيس وراء رفض الرقابة للفيلم يتمثل في أنه يتناول حياة أشخاص ما زالوا متهمين، ولم يصدر حكم قاطع عليهم، وتناول قصتهم مخالف للقانون، فالمتهم يُعتبر بريئاً حتى تثبت إدانته. عموماً، لم يأت رفض الفيلم من جانبي فحسب، لكن أجمع على ذلك أعضاء الرقابة.

·        ماذا عن فيلم «رغيف عيش»؟

رُفض الفيلم لبعض الملاحظات الخاصة على السيناريو، فكانت للجنة الرقابة تعليقات عدة على خلفية أنه يتضمن في أحداثه فكرة التطبيع مع إسرائيل، إذ تدور قصته حول ثلاثة أشخاص أحدهم مصري والثاني فلسطيني والثالث إسرائيلي. يجتمع الثلاثة حول العمل المتبادل لأجل لقمة العيش، في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة العربية والعالمية.

الجريدة الكويتية في

22/08/2012

 

استفتاء لا يعرف التزوير!

مجدي الطيب 

تشغلنا الحياة اليومية أحياناً عن رصد وتأمل ثم قراءة وتحليل وقائع تمر علينا مرور الكرام، بينما تحمل في الحقيقة دلالات وإيحاءات كان ينبغي أن تكون في الحسبان، وتصبح محل اعتبار.

من بين هذه الوقائع، التي لم تستوقف أحداً سابقاً، خصوصاً النقاد السينمائيين والباحثين، أن ما يجري في صالات العرض السينمائي مع كل فيلم جديد يُطرح على الجمهور يكاد يعكس مظهراً من مظاهر «الديمقراطية» في معناها الدقيق.

تبدأ «العملية الديمقراطية» بفيلم سينمائي «ترشحه» الشركة المنتجة للعرض، و{تختار» الشركة الموزعة توقيتاً محدداً لعرضه في الصالات والشاشات، تُراعي فيه أن يضمن «النجاح»، ويعود بالأرباح والمكاسب الوفيرة على «أصحاب المصلحة»، الذين يمكن النظر إليهم بوصفهم «الأحزاب» التي تقف وراء «المرشح»، الفيلم، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة لدعمه وإنجاحه.

هنا يظهر دور «الجمهور»، «الشعب»، الذي يُعد طرفاً أصيلاً في «العملية»، التي لا تتم، بل تفقد أهميتها، في حال غيابه عن «المشاركة»، ومع إقبال «الجمهور» على الصالات، بعد امتلاك «البطاقات»، في مشهد أقرب إلى ما يحدث في الحياة السياسية، عندما يتوافد «الشعب» على «الدوائر الانتخابية»، يبدو مجدداً وكأننا أمام «اقتراع» أو «استفتاء» بمعنى الكلمة!

هو «استفتاء» فعلاً في سياق خطوة ديمقراطية تلقائية كونها لا تخضع، هذه المرة، لسطوة الحكومات والأنظمة وسيطرتهما، ويمثل «التصويت» حجر الأساس فيها مع الفارق أن هذه الخطوة التلقائية لا تعرف «الصناديق الزجاجية الشفافة»، وتعترف فحسب بـ «شباك التذاكر»، الذي يؤدي إلى «نجاح» فيلم و{فشل» آخر تماماً كما يحدث في الانتخابات التي تُسفر عن نجاح «مرشح» وإخفاق آخر.

عيد الفطر هو الموعد الذي تحدد، بحكم العادة، لانطلاق «الاستفتاء» الجديد الذي يجري، بشكل غير رسمي لاختيار «الفيلم» الذي يحظى بثقة «الجمهور»، مثلما يفوز «المرشح» بثقة «الناخبين»، ومع بدء العد التنازلي واقتراب «ساعة الصفر» اكتملت «الإجراءات»، وتم الإعلان عن قائمة «الأفلام المرشحة»، التي وافق جهاز الرقابة على المصنفات الفنية على إجازة عرضها، مثلما تفعل اللجنة المسؤولة عن الانتخابات عند إعلان قائمة «المرشحين»، وتضمنت القائمة التي تم اعتمادها: فيلم «تيتة رهيبة» بطولة محمد هنيدي، فيلم «بابا» بطولة أحمد السقا، فيلم «مستر آند مسز عويس» بطولة حمادة هلال بالإضافة إلى فيلم «البار»، الذي تؤدي بطولته الوجوه الجديدة: أحمد عبد العزيز، أحمد بجة، أحمد عبد الله محمود، منى ممدوح ومي القاضي، لكن جهاز الرقابة اشترط عرضه «للكبار فقط» بسبب جرأته (!)، ما يعني أن المنافسة ستصبح مقصورة في «الاستفتاء» على «هنيدي» و{السقا»، لكن فوز أحدهما لا يعني أبداً أنه صاحب الشعبية والجماهيرية الكبرى، نظراً إلى تراجع عدد «المرشحين»!

ثمة فارق آخر طريف يتمثل في أن اللجان الانتخابية لا بد من أن تفتح أبواب مقارها في أي «استفتاء» أو «اقتراع» في توقيت محدد لا يمكن الإخلال به، وإلا تعرض من ارتكب المخالفة للعقوبة القانونية، لكن عدداً من المنتجين لجأ، في الأعوام القليلة الماضية، إلى الاتفاق مع الموزعين وأصحاب الصالات والشاشات على التبكير بموعد نزول الأفلام إلى الأسواق في حفلات تجارية عشوائية قبل يوم العرض الذي جرى عليه العرف، حتى يتسنى لهم جمع حفنة من الجنيهات، وعلى رغم عدم مشروعية الخطوة لما تمثله من إخلال جسيم بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأفلام والنجوم، فإن غرفة صناعة السينما في مصر المخولة بحكم القانون حماية الصناعة تقف مكتوفة الأيدي، ولا تتحرك لردع مرتكبي المخالفة وكأنها تشجع الجريمة، الأمر الذي أدى إلى استفحالها وشجع آخرين على تكرارها.

لم نبالغ عندما قلنا إن ما يحدث مع عرض الأفلام في صالات العرض السينمائي بمثابة «استفتاء» غير تقليدي يقدم نموذجاً فريداً لديمقراطية تؤكد قدرة الشعوب، التي يحلو للبعض اتهامها بأنها غير مؤهلة للديمقراطية، على امتلاك زمام أمرها وقيادة نفسها، والتحكم في قرارها وتوجيهه شطر الشخص الذي تختاره، سواء أكان رجل سياسة أو نجماً سينمائياً، لكنه هذه المرة «استفتاء» من دون «صناديق»، وأهم ما فيه أنه لا يعرف التزوير أو تزييف إرادة «الناخبين»!

magditayeb@yahoo.com

الجريدة الكويتية في

22/08/2012

 

راشيل وايز :

الأدوار الجديدة تجعلني سعيدة

الياس توما من براغ:  

أكدت الممثلة البريطانية الشهيرة راشيل وايز البالغة من العمر 42 عاما والحاصلة على جائزة الاوسكار بان 99% من اللقطات البهلوانية التي مثلتها في فيلمها الأخير " ارث بوريني " قد أدتها بنفسها وان أكثرها خطورة كان ركوب دراجة نارية وتصوير مطاردة عليها وسط العاصمة الفيليبين مانيلا.

قالت الممثلة البريطانية الشهيرة زوجة الممثل دانييل كريف المشهور بتأديته ادوار جيمس بوند بان التحدي الأكبر الذي واجهته شخصيا في فيلمها الأخير " ارث بوريني" كان طبيعة دورها الصعبة جدا جسديا ، مشيرة إلى أن من أصعب القطات التي صورتها كانت المطاردة على دراجة نارية في شوارع مانيلا المكتظة بالناس والقفز من فوق جسر على باص مفتوح.

وأكدت انه لم يتحتم عليها التدرب في قاعات التدريب ساعات طويلة مشيرة إلى أن القائمين على الفيلم قد أخذوها كما هي لأنها تتواجد في وضع جسدي جيد كما أن شخصية البطلة لم تحتم عليها أن تكون صاحبة عضلات وإنما كان يكفي أنها تجيد الركض بسرعة والقفز وتسلق الأشجار.

وأشارت إلى أنها كانت منذ صغرها تنافس الأولاد في تسلق الأشجار و الركض بجدارة ولفتت إلى أن الفيلم قد أثار إعجابها لسبب رئيسي لأنه لا يتحدث عن أبطال خارقين وإنما عن أناس عاديين قائلة إن الأمر المثير كان في الفيلم انه ليس خياليا وإنما يمكن أن يحدث في أي مكان بالقرب منا.

وأضافت أن شخصية العالمة مارتا هي امرأة حقيقية تكافح للبقاء على قيد الحياة رافضة الرأي السائد لدى بعض الناس بان العالمات غير جميلات قائلة بأنها التقت قبل بدء التصوير مع العديد من العالمات وان بعضهن كن جميلات.

وأشارت إلى أنها كممثلة تعتبر نفسها سعيدة عندما تقوم بأداء دور شخصية جديدة لم يسبق لها أن مثلته مؤكدة أن هذه المرة هي الأولى التي تقوم فيها بدور باحثة علمية.

الانتقال إلى نيويورك

بررت راشيل قرارها مع زوجها دانييل كريف الذي احتفلت معه في هذا الصيف بالذكرى الأولى لزواجهما بالانتقال إلى نيويورك بالقول بأنه يمكن في نيويورك وبشكل أفضل حماية الخصوصية وان لا احد فيها يضايقهما.

وتضيف الممثلة التي حصلت أيضا على الجنسية الأمريكية وفي كل الأحوال فان الناس لم يعرفوني كثيرا لأنني لم أتردد إلى الحفلات المسائية للمشاهير ولا إلى المطاعم الشهيرة فيما ينزل دانييل القبعة إلى جبهته بشكل عميق وبالتالي يمكن لنا التجول في نيويورك بيسر والعيش حياة عادية كاملة

خريجة جامعة كمبريدج

راشيل هي ابنة الطبيب المجري جورج مخترع الأجهزة الطبية والمعالجة النفسية ايديت وهي نمساوية من أصول إيطالية هاجرا إلى بريطانيا قبل الحرب العالمية الثانية وقد درست الأدب الإنجليزي في جامعة كمبريدج الشهيرة غير أنها ظلت محتفظة بحسها للفكاهة ولهذا قبلت بسعادة أن تؤدي دوارا فكاهيا في فيلم الأخوة بلوم بعد أن مثلت العديد من الأفلام الصعبة

وحسب النقاد فقد أظهرت فيه موهبتها ومقدرتها فيما تقول هي بأنه كان لديها أسبوعين كي تتعلم ما هو غير ممكن وهو العزف قليلا على البيانو والكمان والرقص ولعب البينغ بونغ وتعلم الكاراتيه وكان حظها ممتازا بأنها تعيش في نيويورك حيث يوجد الكثير من الفنانين الرائعين في الشوارع ولذلك تعلمت منهم الكثير.

وتؤكد راشيل بان ميزة الأفلام أنها تمنحها الإمكانية لزيارة العديد من الدول في العالم للتصوير فيها قائلة بأنها ولدت في ولندن ولذلك فإنها تحضر إلى أوروبا بسعادة مشيرة إلى أن جزءا أساسيا من فيلمها الأخير مثلته في براغ التي كانت قد سمعت عن جمالها الكثير.

إيلاف في

22/08/2012

 

عن فيلم المخرج الياباني آكيرا كوروساوا

«راشومون».. قاطع الطـــــــريق والساموراي والزوجة والحقيقة

زياد عبدالله 

من يخبرنا الحقيقة؟ ما الذي حدث حقاً ؟ وما الذي نلفّقه؟ الكل يعتبر الصدق واحدة من خصاله، وما يرويه لا يتصل بالكذب أبداً، وأن زاوية رؤيته هو دون غيره، ومسقطه الذي يرى من خلاله الأحداث يشكل معبراً نحو حقيقة خالصة! كل هذا على اتصال بقدرة الإنسان على سرد ما يراه من دون تدخل من ذاته، وبالاعتماد على ذلك تتدخل عوامل كثيرة متعلقة بالحذف والإضافة، وصولاً إلى النبرة التي تروى بها الأحداث وزاوية الرؤية، والتي تتقرر جميعاً وفق صفات الراوي لا المروي، وهكذا يمكننا القول ودائماً: إن سمعنا قصة على ذمة الراوي، وهذه الذمة ليست حكماً أخلاقياً بقدر ما هي تعبير يختزل كل ما على الراوي أن يوجهه حين يروي.

مقدمة طويلة للدخول إلى فيلم المخرج الياباني الكبير آكيرا كوروساوا Rashomon «راشومون» ،1950 ونحن نستعيده هنا تحت ضربات ما يوجه للحقيقة من عبث، الحقيقة التي تضطهد في كل مكان كما يقول لنا بريشت، ولعل هذا الفيلم المفصلي في تاريخ السينما يشكل معبراً نحو الحقيقة، والتي ستكون واحدة من تجلياته الكثيرة، بدءاً من آليات سرد الفيلم، وصولاً إلى الأدوات والعناصر التي وظفت للغوص عميقاً في خفايا النفس الإنسانية، الأمر الذي يمكن الوقوع عليه في الفيلم بما يتخطى السيناريو إلى زمن اللقطات والإضاءة ولعبة الظل والشمس، وصولاً إلى مونتاج الفيلم.

توضيح ما تقدم له أن يكون أيضاً بكلمات كوروساوا نفسه، مع أنه يقول إنه لا يحب التحدث عن أفلامه «فإذا ما أردت أن أقول شيئاً عن أفلامي، فهذا الشيء موجود فيه. وأعتقد اعتقاداً كافياً أنني لو حاولت أن أعطي بعض الإيضاحات، فهذا شبيه برسم قدم للأفعى كما يقال عندنا»، هذا المقطع مقتبس من كتابه «ما يشبه السيرة الذاتية» الصادر بطبعته العربية عن منشورات المؤسسة العامة للسينما في سورية عام ،1996 ترجمة المخرج فجر يعقوب. طبعاً هذا الكتاب يؤكد حقيقة ما يقوله كوروساوا عن عدم ميله للحديث عن أفلامه، بحيث يأتي ما يرويه عن تلك الأفلام مختزلاً ومكثفاً أميل للحديث عن ما يحيط الفيلم من ظروف انتاجية وحياتية، فهو يكتب كما لو أنه ضفدع محبوس في صندوق تغطي جدرانه المرايا «رغم أنني لست ضفدعاً فإنني أشعر كيف بدأت أتعرق لتوي»، بهذا يقدم كوروساوا كتابه وصعوبة أن يكتب عن نفسه.

بالعودة إلى «راشومون» فإن هناك ما يجدر بنا اقتباسه من سيرته، خصوصاً من الفصل السادس والأخير من الكتاب المعنون «في الطريق إلى راشومون»، فشركة انتاج الفيلم عينت له أثناء تصويره ثلاثة مساعدين لكوروساوا، وثلاثتهم لم يفهموا السيناريو حين قراءته ولمرات عدة، وطلبوا من كوروساوا تفسيرات له هو الذي يعتبره مكتوباً بلغة بسيطة وسهلة، وتعقيباً على ذلك يورد كوروساوا ما يلي ليوضح لمساعديه قصة الفيلم «الطبيعة الإنسانية هكذا، الإنسان مغلق أمام نفسه، حتى حين يتحدث عن نفسه. الأبطال في السيناريو يعبرون عن ماهية الإنسان، عن أنه لا يستطيع ولا يود أن يعيش دون كذب. وهذه الميزة الإنسانية مفضوحة بعمق في السيناريو. أحد الأبطال يسكت عن الحقيقة ليس فقط في الحياة، لكن بعد الموت. وأنتم تؤكدون أن السيناريو غير مفهوم، ولكن النفس الإنسانية غير مفهومة أيضاً. خذوا العالم الداخلي للناس، فهو بحد ذاته أحجية ويقيناً ستفهمون الفيلم».

تتمركز أحداث فيلم «راشومون» حول قصة واحدة وثلاث شخصيات، القصة نفسها ستصير أربع قصص وفقاً لرواتها، فنحن سنقع أول ما نقع على تلك البوابة هائلة الحجم التي اسمها «راشومون» ومطر غزير ينهمر، فإذا بنا حيال شخصيتين الأولى حطاب، والثانية كاهن، وهما يقولان لنا: «إن شيئاً مروّعاً قد حصل»، شيء لم يريا مثله من قبل، هذا ما سيخبران به عابر السبيل الذي يقصدهما ليحتمي من المطر الذي لا يعرف التوقف أبداً، وهناك سيروي لنا الحطاب أنه رأى جثة في الغابة ومضى يخبر الشرطة بها، وذلك منذ ثلاثة أيام، بينما سيقول الكاهن إنه رأى الساموراي وزوجته يمضيان في الغابة في اليوم نفسه، وليصبح أيضاً إلى جانب الحطاب في حضرة الشرطة، لن نرى أي شرطي أو قاضٍ، سيكونان جالسين يتكلمان إلى المحقق وقد تربعا على الأرض، يخاطباه مواجهين للكاميرا، وهناك سيضاف إليهما قاطع الطريق، والذي سيروي قصته بخصوص الساموراي وزوجته، سيقول إنه خدع الساموري بقوله إن لديه سيوفاً خاصة، نصلها من المرايا، وأخذه بعيداً معه ليراها، وهناك همّ بتقييده ومن ثم أحضر زوجته التي وقع في غرامها من النظرة الأولى، وحين همّ باغتصابها فوجئ بأنها ترغب فيه، وبعد أن فرغ منها سألته أن يقتل زوجها لأنها لا تستطيع أن تعيش مع قاطع الطريق وزوجها على قيد الحياة، وبالتالي فإن قاطع الطريق يفك وثاق الساموراي ويسأله أن ينازله، لينتصر قاطع الطريق في النهاية، لكن المرأة تكون قد هربت.

كل ما تقدم نشاهده مستعاداً، وعناصر القصة تبقى منحصرة بين ثلاثة، قاطع الطريق والساموراي وزوجته، وحين تدخل الزوجة مجال السرد فإنها تروي قصة مختلفة عن تلك التي رواها قاطع الطريق، وهي أن قاطع الطريق اغتصبها، وحين تركها مع زوجها فإن هذا الأخير لم يسامحها رغم أنه لم ينطق حرفاً واحداً، لكنه ظل يحدق بها بنظرة مريعة، دفعتها الى الإغماء، وحين استيقظت وجدت زوجها وقد انتحر، بينما هي لم تنجح بأن تنتحر رغم محاولاتها، ورغم أن الساموراي قد مات (قتل أو انتحر) لا فرق، فإن روايته تحضر أيضاً، والتي يفترض أنها الرواية الأكثر صدقاً على اعتبار أن «الموتى لا يكذبون»، كما يرد في الفيلم. وهكذا تكون رواية الزوج أمراً آخر تماماً حين يتم استحضار روحه، فقاطع الطريق اغتصب زوجته، وسألها أن تمضي معه فوافقت، لكن شرط أن يقوم بقتل زوجها الساموراي، فصدم قاطع الطريق من هذا الطلب، حينها جذب الزوجة ووضعها بين يدي الساموراي سائلاً إياه أن يفعل بها ما يشاء، لكن الزوجة تهرب ولا ينجح قاطع الطريق بالتقاطها، وبعدها ينتحر الساموراي. يضاف إلى الروايات الثلاث رواية الحطاب الذي سيقول إنه كذب في البداية، وإنه كان شاهداً على الاغتصاب والقتل ولم يخبر المحقق لأنه كان خائفاً، هنا سيقول ان قاطع الطريق ترجى الزوجة أن تمضي معه، لكن الأخيرة تقوم بتحرير زوجها من الوثاق المقيد به، وليقول زوجها بأنه لا رغبة له بالقتال من أجل امرأة فاسدة، وحينها تلجأ الزوجة إلى الحيلة وتقول لهما إنهما ليسا رجلين حقيقيين، لأنهما لا يتقاتلان من أجل قلب امرأة، وهكذا يمضي قاطع الطريق في قتال الساموراي، ولينتصر ويقتل الأول الثاني.

الفيلم مصاغ وفق التنويع في الأفعال والدوافع والغرائز والأفكار، بما يتسق طبعاً مع تعدد الروايات، كما أن الاستثمار في الظلال، والمسعى لتقديم اضاءة تكاد تبدو كما لو انها اضاءة طبيعية كان يسعى كوروساوا أن يصور بها، إلا أنه لم يفعل بل استعان بالمرايا لتكون معبراً للظلال والشمس المتسربة من بين أغصان الأشجار، أو تصوير الشمس مباشرة حين كان في حينها ذلك محرماً، كونه يتسبب بحروق في الشريط، إلا أن مصور «راشومون» كاذو مياغافا «وجه الكاميرا بشجاعة نحو الشمس وأثبت أن هذا الرأس ترهة ليس إلا»، وها نحن نرى تلك الشمس الساطعة بعد أكثر من 62 سنة على تصويره.

الإمارات اليوم في

22/08/2012

 

بتنويعة من الأكشن والكوميدى والرومانسى..

هوليوود تفترس السينما المصرية

كتب - محـمـد شــكر :  

ما زال بعض القائمين على صناعة السينما فى مصر يلهثون وراء المكسب السهل، حتى لو ساهمت طرقهم الملتوية للحصول على حفنة من الجنيهات فى القضاء على البقية الباقية من صناعة السينما التى تحتضر، لا بسبب الثورة التى يلقى عليها كل متخاذل خطاياه ولكن بسبب جشع صناعها والفوضى غير الخلاقة التى ابتدعوها لتكون وسيلتهم فى تخريب الفن السابع بحجة الجمهور عاوز كدة.

ورغم مطالبتنا بالانفتاح على سينمات أخرى لتخليص المشاهد المصرى من براثن الأفلام الأمريكية التجارية النزعة، والتى يعتبرها العقلاء نفايات السينما العالمية إلا أن جهات التوزيع السينمائى ووزارة الثقافة لم يحركا ساكناً حتى توحشت هوليوود وأوشكت على القضاء على السينما المصرية، مع ما تعانيه من قلة الإنتاج وضعف الإيرادات وندرة التوزيع الخارجى الذى يقتصر على دويلات الخليج والتى لم يعد المسئولون عن التوزيع فيها بالسذاجة التى تدفعهم لقبول كل الهراء الذى تنتجه السينما المصرية، مما دفعهم لاستغلال العشوائية والفرقة بين جهات الإنتاج المصرية وتخفيض أسعار الافلام قبل أن تزداد سطوة الموزع الخليجى، ليشترط أبطال وموضوعات معينة ويضع كثيراً من المحاذير فى مقابل وعود بشراء الأفلام. فى الوقت نفسه استحوذ الفيلم الأمريكى على السوق الخليجى وزاحم الفيلم المصرى الذى لم يعد بالقوة التى كان عليها، حتى إن أسماء مثل عادل امام الذى كان يباع فيلمه بالحصول على صورة من توقيعه على عقد الفيلم فقد نفوذه، حتى إن بعض الموزعين لم يدفعوا باقى مستحقات الجهة الإنتاجية بحجة أن الفيلم لم يحقق عائداً لأنه ضعيف فنياً.

ولأن السينما رافد مهم من روافد الثقافة، كما أنها صناعة تتبع اتحاد الصناعات الفنية كان على غرفة السينما ووزارة الثقافة البحث فى أزماتها ومحاولة حلها، بدلاً من تجاهل وزارة الثقافة لما تمر به السينما وتواطؤ الغرفة مع بعض المنتجين الذين يجلسون على مقاعد مجلس إدارتها لتحقيق مصالح شخصية، ليساهم الطرفان فى المذبحة التى اتضحت معالمها خلال موسم عيد الفطر بعد أن شهد عرض عدد قليل من الأفلام المصرية فى مقابل عدد أكبر من الأفلام الأمريكية التى نافست على الإيرادات وتسببت فى خسارة «فاضحة» لصناع السينما.

ففى الوقت الذى تمخضت السينما المصرية عن أربعة أفلام فى موسم عيد الفطر تغزو هوليوود دور العرض المصرية بستة أفلام تمتلك عناصر الجذب، وهو ما جعل الأفلام الأمريكية تناطح أفلام العيد مع تقديم الموزعين لتنويعه مدروسة بين الأكشن والكوميدى والتاريخى والرومانسى على العكس مما تحمله أفلام الموسم، رغم أن معظم الأفلام الأمريكية التى اقتسمت مع الأفلام المصرية عيدية الجمهور تقدم تيمات معادة وتعمل على استغلال نجاح أفلام سابقة مثل SnowWhite and the Huntsman أو «سنوايت والقناص» لروبرت ساندرز فى تجربته الاولى والذى استعان فيها بتشارلز ثيرون وكريستين ستيورات أو تقديم اجزاء جديدة لعمل سابق، كما فى فيلم الرسوم المتحركة Madagascar 3: Europe's Most Wanted والذى سبقة جزآن حققا نجاحا عالمياً من سلسلة «مدغشقر» لمخرجيها توم ماكجراث وايرك دارنيل وThe Amazing Spider-Man أو «الرجل العنكبوت المذهل» وهى الشخصية الشهيرة التى تعود بمخرج ونجوم جدد فى نسخته الأخيرة التى اخرجها مارك ويب فى تجربته الثانية ويقوم ببطولتها أندرو جارفيلد وايما ستون، والأمر نفسه يتكرر مع شخصية «باتمان» التى يعاد استغلالها فى فيلم The Dark Knight Rises أو «صحوة فارس الظلام» التى يخرج نسختها الأخيرة كريستوفر نولان ويجسدها كريستيان بال مع الفرنسية ماريون كوتيارد كما يصر عجائز هوليوود على الاستمرار فى تقديم جزء ثانٍ منThe Expendables أو «فريق الدمار 2» الذى كتبه وشارك فى بطولته سليفستر ستالون واسند المخرج سايمون ويست بطولة الجزء الثانى لجان كلود فان دام مع باقى نجوم الجزء الاول.

وإلى جانب هذه الأفلام يدخل الفيلم التاريخى Brave أو «الشجاعة» للمخرج مارك اندروز وبطولة ايما طومسون وكاريج فيرجسون السباق إلى جانب فيلم Step Up Revolution أو «ثورة الخطوات الساخنة» للمخرج سكوت سبير وبطولة أدم سيفانى وكاثرين ماكورميك وفيلم The Dictator أو «الديكتاتور» إخراج لارى شارليز وبطولة ميجان فوكس وبن كنجسلى.

وقد تكون هذه التنويعة هى السبب الحقيقى وراء ثورة منتج وموزع مثل محمد حسن رمزى ومطالبته باستبعاد الافلام الاجنبية من المنافسة على إيرادات موسم العيد إنقاذاً للصناعة -على حد قوله- ولكن المؤسف أن رمزى الذى يخاطب غرفة صناعة السينما للموافقة على اقتراحه هو أحد اعضاء مجلسها، والأغرب أنه وغيره من المنتجين يتحملون مسئولية هذه الأزمة التى وضعوا أنفسهم والسينما المصرية فيها بعد مطالبتهم برفع عدد نسخ الفيلم الاجنبى من 5 نسخ لـ 8 ثم لـ 10 نسخ للفيلم الواحد وموافقة وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى على هذا القرار بعد إلحاح من أعضاء غرفة صناعة السينما لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية ومع ضعف الإنتاج المصرى ظهرت سلبيات هذا القرار الذى يمثل تهديداً للفيلم المصرى، رغم أن هذا التهديد ليس وليد اللحظة ولكنه مر بمراحل تطور لم يلتفت إليها أى من الساخطين على غزو السينما الأمريكية لأنهم كانوا منتفعين وقتها.

فالرسم البيانى للأفلام الأجنبية فى مصر يوضح ارتفاع عددها وارتفاع إيراداتها بشكل مضاعف حتى تجاوزت حاجز المائة فيلم وحققت إيرادات قيمتها خمسة وثلاثين مليون جنيه فى 2007، حينما كانت تعرض بخمسة نسخ للفيلم الواحد بينما ارتفع عدد الأفلام فى 2008 لمائة وستة وثلاثين فيلما وحققت ضعف الإيرادات، حيث وصلت لسبعين مليون جنيه مع حصولها على استثناءات من وزير الثقافة لتعرض بثمانية نسخ وهو ما أدى لارتفاع نسبة الإيرادات من 10% فى 2007 لـ 20% فى 2008 وليس من الغريب أن تصل النسبة فى 2010 و 2011 إلى 35% ويجب ألا نتعجب بعد أن أوضحت مؤشرات موسم العيد حصول الأفلام الأجنبية على نسبة وصلت لـ 50 % من إجمالى إيرادات هذا الموسم.

ورغم حالة الشيزوفرينيا التى تتملك البعض من منتجى وموزعى السينما الذين ينصبون الفخاخ ويقعون فيه إلا أن مبادرة محمد حسن رمزى بوقف عرض الأفلام الأجنبية فى أيام العيد تستحق الدراسة فى هذا الوقت لمواجهة الإغراق الذى تقوم به السينما الأمريكية ولكن الأهم أن هذا القرار صدر لتحقيق مصالح فئة من محتكرى السينما الذين يملكون جهات إنتاجية ودور عرض إلى جانب عملهم كموزعين، وعليه يجب أن تسعى وزارة الثقافة بصفتها المعنية بصناعة السينما إلى استصدار قانون يحرم الهيمنة على السينما بالتشاور مع غرفة صناعة السينما فالمنتجون الأفراد والكيانات الصغيرة هى التى تعطى السينما المصرية قبلة الحياة فى الوقت الذى يتصارع فيه الكبار على كل ما يرفع أرصدتهم المصرفية وهو ما يجعل حلم العودة إلى إنتاج مائة فيلم سينمائى مصرى بعيد المنال، لأننا مازلنا نتعامل مع السينما باعتبارها سبوبة وليست صناعة تستطيع تحريك اقتصاد دولة كما فى الهند التى أصبحت تنافس هوليوود بمدينتها الإنتاجية الكبيرة وعدد أفلامها الذى تجاوز الألف فيلم فى العام فقط، لأن هناك قانوناً وهناك دولة تحمى الصناعة وتدفعها للأمام.

الوفد المصرية في

22/08/2012

 

الأغاني في السينما الهندية فترة الستينيّات

صلاح سرميني ـ باريس 

هذه محاولة مُتواضعة في تحليل المُفردات الجمالية لبعض أغاني أفلامٍ أُنتجت خلال عقدٍ من تاريخ السينما الهندية (1961- 1970)، وهي تُكمّل قراءةً سابقةً بعنوان "وظائف الأغاني في السينما الهندية".

وقد إقتطعتُ هذه العينات من سياقاتها الدرامية في الأفلام التي ظهرت فيها، وشاهدتُها كوحداتٍ فنية قائمة بذاتها.

تتشارك معظم أغاني الأفلام الهندية في تلك الفترة بالمُبالغة الواضحة في التعبير عن المشاعر، الأحاسيس، والعواطف، حيث نجد البطل المُغرم على إستعدادٍ بأن يفعل المُستحيلات من أجل إرضاء حبيبته، أو كسب ودّها، وهو ما نُشاهده بطرافةٍ في الأغنية الشهيرة (Mere Sapnon)من فيلم (Aradhana) ـ إنتاج عام 1969، وإخراج "شاكتي سامانتا" ـ .

الصديق يقود سيارةً مكشوفة، وبجانبه "راجيش خانا" يغني لحبيبته "شارميلا طاغور" الجالسة في إحدى عربات قطار صغير ينتقل على مهلٍ بين قرى المنطقة التي تدور فيها الأحداث، تكشف إيماءاتها عن دهشةٍ مُصطنعة، تُخبئ إعجاباً مُغلفاً بقليلٍ من الخجل المُحبب.

وكما حال أغاني كثيرة أخرى، يتكوّن البناء السينمائيّ من مزج لقطاتٍ خارجية للحبيب، وصديقه في سيارةٍ تتابع المسيرة البطيئة لقطار تمّ تصويره من بعيدٍ في مشاهد خارجية، تتشابك مونتاجياً مع لقطاتٍ للحبيبة جالسةُ في إحدى العربات تمّ تصويرها في ديكوراتٍ داخلية مع إستخدام نظام "العرض الخلفيّ" يكشف عن مناظر طبيعية مرئية من النافذة.

في تلك الأغنية المُكلفة إنتاجياً بحسابات ميزانيات تلك الفترة، يتضح الجهد السينمائيّ في تنويع زوايا التصوير، حركات الكاميرا، وأحجام اللقطات، كما تُعتبر واحدةً من "أغاني الطريق" في الأفلام الهندية، التي تسمح بتقديم جغرافيا سينمائية متنوّعة، تجذب المتفرج، وتُزيد من جرعة أحلامه.

أغنية (Bol Radha Bol) في الفيلم الشهير (Sangam) ـ إنتاج عام 1964، وإخراج "راج كابور" ـ تمّ تصويرها في الطبيعة مع الحفاظ على وحدةٍ في الزمان، والمكان، الحبيبة "فايجايانتيمالا" تعوم في أحد الأنهار، والحبيب"راج كابور"(شارلي شابلن السينما الهندية) يجلس فوق شجرة عالية، يحتفظ بملابسها، يعزف على آلة القربة، ويغني لها، هي تتفاجئُ به، ولكننا نشعر بأنها راضيةً، وسعيدة في أعماقها، حتى وإن أظهرت بعض التذمرّ، وإنحصر همّها بإيجاد وسيلة لإستعادة ملابسها.

اللقطات هنا ثابتة، تخلو تقريباً من حركات الكاميرا، ما عدا "الزوم" الشائعة الإستخدام في تلك الفترة من تاريخ السينما الهندية.

وتُعتبر الكاميرا الثابتة إستخداماتٍ شائعة في أغاني تلك الفترة، ورُبما لم يكن المخرجون يرغبون بذل جهوداً إضافية تحتاج إلى وقتٍ، ومال.

لا تخفي الأغنية شهوانيةً مشتركةً بين العاشقيّن، تنعكس على الجمهور الذي ينتظر بشغفٍ خروج "شارميلا طاغور" من الماء بملابس سباحة حمراء مُبللة، تُظهر تقاطيع جسدها الفاتن، وسوف تتوقف الإثارة عند ذاك الحدّ الذي كانت الرقابة الهندية تتسامح معه.

في الطبيعة أيضاً، وبالقرب من أحد الأنهار، يُمتعنا "شامي كابور" في أغنية (Aye Gulbadan) عندما يغازل حبيبته "كالبانا" في فيلم (Professor) ـ إنتاج عام 1962، وإخراج "ليخت اندون" ـ هو أقلّ حركةً، وينتقل المونتاج من لقطةٍ ثابتة إلى أخرى مع حركات كاميرا قليلة، ولكن، يبدو المخرج هنا شغوفاً بحركات "الزوم".

في تلك الأغنية، تُشارك الصديقات رقصاً، كان الرقص ـ في الستينيّات ـ من نصيب النساء، ويكتفي الرجال بحركاتٍ، وإيماءاتٍ مدروسة.

وهكذا تتوالى الطبيعة في أغنياتٍ أخرى، حتى وإن تمّ التصوير في ديكوراتٍ داخلية : منطقة جبلية، شلالاتٍ، وبركة ماء،... كما الحال في أغنيةٍ بالأبيض، والأسود (Begaani Shaadi) بين الثنائيّ "راج كابور"، و"بادميني" من فيلم (Jis Desh Men)، ـ إنتاج 1960، وإخراج "رادو كارماكار" ـ

وفي أغنية (Baharon Phool) من فيلم (Suraj) ـ إنتاج عام 1966، وإخراج "ت. براكاش راو" ـ.

سوف نشاهد طبيعةً تمّ تصويرها في ديكوراتٍ داخلية حتى وإن كانت حدائق متخيلة من عوالم ألف ليلة، وليلة.

كانت الأغاني، بشكلٍ عامّ، تحافظ على وحدة الزمان، والمكان، ولا تتبارى الشخصيات في تغيّير ملابسها كما في الأغنية بالأبيض، والأسود (Bekaraar Karke) من فيلم (Bees Saal Baad) ـ إنتاج عام 1962، وإخراج "هيمانت كومار" ـ التي تمّ تصويرها في الطبيعة، وأماكن أثرية، وفيها أيضاً يتأكد بأنّ الخجل هو الطابع الغالب على ردود أفعال البطلات العاشقات، وهي العلامة الأجمل تعبيراً عن مشاعرهنّ تجاه الأبطال العاشقين.

وفي الأغنية الطريفة بالأبيض، والأسود (Jhoome Re) من فيلم (Jhumroo) ـ إنتاج عام 1961، إخراج "شنكار موخرجي" ـ تحافظ الأغنية على وحدة الزمان، والمكان، الطبيعة في ديكورٍ داخلي، ولن نستغرب الظهور المُفاجئ لمجموعةٍ من الراقصات، والراقصين يُضفون على الأغنية بهجةً، ونشاطاً.

وفي أغنية (SO SAAL PEHLE) بالأبيض، والأسود من فيلم (jab pyar kisise hota hai) ـ إنتاج عام 1961، وإخراج "ناصر حسين" ـ تحافظ بدورها على وحدة الزمان، والمكان، طبيعةٌ في مناظر خارجية، ومونتاج لقطاتٍ ثابتة ماعدا ذاك الغرام بحركات "الزوم" إلى الأمام، أو الخلف.

وفي الأغنية الحزينة (Khilona Jan Kar ) من الفيلم االملون (Khilona) ـ إنتاج عام 1970، وإخراج "شاندر فوهرا" ـ وحدةٌ في الزمان، والمكان، والملابس، غرفةٌ فوق السطح تمّ تصويرها في ديكور داخلي.

في أغنيةٍ بالألوان (Main Hoon Saaki) من فيلم (Ram Aur Shyam) ـ إنتاج عام 1967، وإخراج "تابي شاناكيا" ـ مزجٌ بين المشاهد الداخلية، والخارجية، الحبيبان (ديليب كومار ، وحيدة رحمن) يركبان سيارةً في نزهةٍ غرامية، تكوّنت الطبيعة هنا من مشاهد خارجية، وأخرى داخلية تمّ تصويرها في ديكور، ويتخيّر البناء السينمائي لهذه الأغنية تبديل الأماكن، والملابس مع أنّ الأحداث تجري في فترةٍ زمنية محددة.

الطبيعة أيضاً في أغنيةٍ بالأبيض، والأسود (Saiyan Chhod) من فيلم (Rakhi) ـ إنتاج عام 1962، وإخراج "أ. بيمسينغ" ـ

وفي فيلم (Aap Ki Parchhaiyan) ـ إنتاج عام 1964، وإخراج "موهان كومار" ـ أغنية (Agar Mujhse) بالأبيض، والأسود في وسط حقلٍ من الأزهار، تجمع "دارمندرا"، و"شاشيكالا" في لقطاتٍ كبيرة، بالتبادل مع أخرى متوسطة، الكاميرا ثابتة، وهما لا يتحركان كثيراً، ولقطةُ إعتراضيةٌ للغيوم في السماء تُستخدم غالباً للربط مونتاجياً بين اللقطات.

بينما ترتكز الأغنية بالأبيض، والأسود (Phool Tumhe) من فيلم (Saraswatichandra) ـ إنتاج عام 1968، وإخراج "غوفيد ساراييا" على بناءٍ سينمائيّ لطيف، وفيها يتبادل الحبيبان (نيتان، ومانيش) الرسائل بطريقةٍ مبتكرة تعتمد على مونتاج متوازٍ بينهما، هي في منزلها الفاخر، وهو بجانب شاطئ البحر، ومن ثمّ في حديقة، يقرأ كلّ واحدٍ منهما رسالة الآخر غناءً.

لم تكن كلّ أغاني أفلام تلك الفترة مقتصرةً فقط على الغزل، الحبّ، والرقص، كان الكثير منها يشذّ عن تلك القاعدة، وسوف تكون أغنية (Chahoonga Main Tujhe) بالأبيض، والأسود من فيلم (Dosti) ـ إنتاج عام 1964، وإخراج "ساتين بوس" ـ حالةً خاصة في هذه القراءة.

"موهان" (سودير كومار) شابٌ أعمى فقد بصره في حادثة، يمشي في طريقٍ طويل من مكانٍ إلى آخر، يغني أغنيةً حزينة تُجسّد حالة التشرّد التي يعيشها (أغنية طريق).

الطريف، بأنه قد تخطى عدد من شاهدها في "موقع يوتيوب" أكثر من مليون، و300 ألف شخصاً، بينما وصل عدد مشاهدي الأغنية الحزينة (Khilona Jan Kar ) من الفيلم االمُلون (Khilona) إلى حوالي مليون متفرج، ويكشف هذا الرقم الضخم مقارنةً مع أرقام مشاهدة كلّ الأغنيات المُشار إليها في هذه القراءة ولع المتفرج الهندي (وجنسياتٍ أخرى) بمشاهد الحزن التي تُتقن الأفلام الهندية إبداعها، كما تعكس ـ رُبما ـ حالةً إجتماعيةً، إقتصاديةً، ونفسيةً، وتماهي مع عذاب الشخصيات، وأيضاً فرصةً مناسبة للبكاء الفرديّ، أو الجماعيّ في صالةٍ مظلمة.

بدورها، تُعتبر اللقطات الكبيرة للشخصيات الرئيسية إحدى المُفردات الجمالية التي تحرص عليها الأغاني الهندية، وهي أفضل وسيلة لإيجاد علاقة حميمة معه تُقرّبه كثيراً من المتفرج، وتستحوذ على مشاعره، وعواطفه، كما الحال مثلاً في اغنية (Agar Mujhse Mohabbat) من فيلم(Aap Ki Parchhaiyan) ـ إنتاج عام 1964، وإخراج "موهان كومار" ـ

وأغنيةٌ أخرى بالألوان تحمل نفس عنوان فيلم (Chaudhvin Ka Chand) ـ إنتاج عام 1961، وإخراج "محمد صديق" ـ

في غرفة نوم الحبيبة "وحيدة رحمن"، المشهد ليليّ داخليّ، من الشرفة يُطلّ القمر مكتملاً كي يُزيد من شاعرية اللقاء العاطفي، ويتميّز البناء السينمائي بلقطاتٍ كبيرة تُظهر جمال "وحيدة رحمان" في دور "جميلة"، وهي تخفي نظرات الخجل من كلمات الغزل الرقيقة التي يبثها لها "أسلام" (غورو دوت) غناءَ.

كانت، وماتزال ساحات القصور الفاخرة، والصالونات الواسعة التي تستوعب شخصياتٍ كثيرة، وفرقة موسيقية، وراقصات، أماكن مثالية يستثمرها المخرجون في أغاني الأفلام، كما الحال في أغنية (Deewano Se Yeh Mat) من فيلم (Upkar) ـ إنتاج عام 1967، وإخراج "مانوج كومار" ـ وتوظيف الإضاءة أيضاً في تصميم الرقصة، وتكوين المشهد بكامله في مكانٍ واحد.

وفي أغنية (Sakhiya Aaj) من فيلم (Sahib Bibi Aur Ghulam) ـ إنتاج عام 1962، وإخراج "أبرار ألفي" ـ تُوظف الإضاءة بطريقةٍ تخفي ملامح الراقصات، وتُركز على الراقصة الأولى/المُغنية/ الحبيبة، وهي تقاليد سينمائية معروفة في السينما لإظهار الشخصيات الرئيسية في لقطةٍ ما بطريقةٍ مثيرة لإنتباه المتفرج.

هوامش :

وظائف الأغاني في السينما الهندية

http://doc.aljazeera.net/cinema/2011/08/20118167337530684.html

الجزيرة الوثائقية في

22/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)