حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

شياطين الإنس

طارق الشناوي

July 29th, 2012 9:30 am

 

ليس مستغرَبًا ما قاله مرشد الإخوان المسلمين فضيلة الشيخ، د.محمد بديع، عن تحريم مسلسلات رمضان التى تلهى الناس عن العبادة رغم أن بيوت الله على أرض الواقع عامرة بالمؤمنين الذين يلزمون الجوامع طوال شهر رمضان.. قال المرشد ما يفيد أن الله يحبس شياطين الجن فى رمضان ولكن شياطين الإنس الذين يقدمون هذه المسلسلات أحرارا طلقاء.

بالطبع الكثير منا لديهم ملاحظات سلبية على هذا العدد الضخم من المسلسلات التى بدد فيها المنتجون أموالهم وكل منهم يبدو وكأنه لا يسعى لتحقيق النجاح لنفسه بقدر ما يحرص على أن يؤدى إلى خسارة منافسه!

إلا أن السؤال: هل ما يبثه التليفزيون هو ما يقف حائلا ضد العمل الصالح فى رمضان؟ قبل الفضائيات كان عدد المسلسلات محدودا جدا لا يتجاوز ثلاثة مثل «ليالى الحلمية» و«الهجان» و«بابا عبده» وكان يسبقها عرض الفوازير التى انتقلت من نيللى إلى سمير غانم «فطوطة» ثم شريهان، ونفس هذه الاعتراضات كنا نسمعها أيضا من المتزمتين.

دعونا نفترض أن التليفزيون وقد أغلق أبوابه فهل يذهب كل الناس إلى دور العبادة؟ نعود إلى زمن ما قبل التليفزيون الذى بدأ إرساله فى عام 1960 تعالوا نلقى نظرة على مصر فى الخمسينيات سوف تكتشفون مثلا أن السينما كانت هى المقصد الأول للناس -دور العرض الآن تغلق أبوابها فى رمضان- قبل التليفزيون كان الموسم السينمائى الأول هو رمضان السينمات تحدد حفلاتها وفقا للمواعيد الجديدة والناس تسلى صيامها بفيلمين قبل الإفطار ثم يعودون لحفلات السينما بعد الإفطار وحتى السحور.

لا أتصور أن السبعين مسلسلا الذين ننتقد عددا كبيرا منها هى التى تسرق وقت الناس وتبعدهم عن العمل ثم هل هم شياطين الإنس الذين صنعوا هذه الأعمال.

لقد شاهدنا بمجرد غلبة التيار الإسلامى وفودا فنية تذهب إلى المرشد، وكان أولهم أشرف عبد الغفور نقيب الممثلين، وخرج من باب المرشد وهو يشيد بدوره التنويرى وعشقه للفن واعتبرها وقتها رسالة تطمينية، رغم أن قناعات المرشد الحقيقية تختلف تماما عن هذا الانطباع التطمينى الذى صدره لعبد الغفور.

هل من الممكن فى ظل أى نظام قائم أو قادم تحكمه معايير دينية صارمة أن يشكل حياة الناس كما يريد؟ الإنسان بعد عصر الفضاء والنت لم يعد هو قبلها.. الحرية فى الاختيار تحدد ما الذى يريده الناس لو أن التليفزيون استجاب إلى نصيحة المرشد، لا أتصور أن هذا يغير من طبيعة الأمر فى شىء، وسوف يرى الناس كل شىء على النت.

المصريون فى الجامع وأمام التليفزيون وفى الشارع ويسهرون فى سيدنا الحسين والشوادر ممتلئة بالناس لا أحد يعتبرهم شياطين الإنس.

الفن والإيمان ليسا أبدا نقيضين كما يعتقد المرشد. هل شاهد فضيلته مسلسل «عمر» أم أنه ضد التجسيد وبالتالى سوف يحرم مشاهدته.. هل شاهد مسلسل «الخواجة عبد القادر» للكاتب المبدع عبد الرحيم كمال والمخرج الشاب شادى الفخرانى، يا ليته يفعلها ليرى هذا الإيمان العميق الذى عبر عنه هذا الخواجة الذى أدى دوره بألق يحيى الفخرانى، اعتنق الإسلام عن قناعة والذى أنار طريقه للإسلام هو حالة الوجد الصوفية، وتلك الأنغام والموسيقى التى تنساب فى القرآن والتواشيح الدينية والشعر الصوفى، أليس هذا هو الطريق السحرى للإسلام؟!

قناعات المرشد تخصه وحده بالتأكيد، وطالما تحدثنا عن الحرية فلا يمكن أن نصادر الآراء التى تتعارض مع قناعاتنا ولكن على المرشد أيضا أن لا يصادر حق الناس فى الاختيار.

ليس هذا بالتأكيد فكر الإخوان الذين انطلقوا فى عام 1928 وكان لديهم فرقة مسرحية يشارك فيها الرجال والنساء، فى وقت كان القانون المصرى يرى فيه أن الفنان والقرداتى ليس من حقهما الشهادة أمام المحكمة.

نشهد الآن تراجعا فى موقف الإخوان من الفن ولا أدرى بالطبع ما موقف رئيس الجمهورية من الموسيقى والغناء والأدب؟ هل يعتبر مبدعيها من شياطين الإنس أيضا؟ المرة الوحيدة التى اقترب فيها د.مرسى من الفن كانت فى لقائه مع عماد أديب، وقال كلمة كثيرا ما تتردد رغم أنها لا تعنى شيئا محددا أو قاطعا وهى «أنا مع الفن الهادف» وهى كما ترى تسمح بكل شىء وتمنع كل شىء ويختلط فيها شياطين الجن والإنس!

 

حُسن شاه

طارق الشناوي

July 16th, 2012 10:05 am

على باب شقة «حُسن شاه» طبق به قطع من اللحم المطبوخ وآخر به ماء وثالث مملوء باللبن.. كل القطط الضالة فى حى المهندسين وفى الأحياء المجاورة تعرف بالضبط أين يقع باب الشقة ودائما ما تظفر بطعام شهى بلا مجهود وطبقا للمواصفات الصحية، وبعد أن تلتهم ما تريده تعود مرة أخرى للانطلاق إلى الشارع.. وداخل شقة «حُسن شاه» تجد القطة الصغيرة «كاتى» كان عمر كاتى بضعة أسابيع عندما التقيتها لأول مرة قبل 8 سنوات فى بيت «حُسن شاه» ولكاتى قصة.. اكتشفت «حُسن شاه» أن كاتى ضحية أُمٍّ لا تعرف الأمومة، فقد تركتها على باب الشقة وهى مغمضة العينين ولهذا اعتبرت «حُسن» أن عليها أن تلعب دور الأم البديلة.. اشترت لها ببرونة لإرضاعها اللبن ولا تطيق كاتى أن تبعد عنها أمها ولا تطيق الأم أيضا أن تبتعد كاتى عن ناظريها، ورغم ما ترتكبه كاتى من حماقات مثل العبث فى المفارش وتقطيع السجاجيد، فإن قلب الأم يغفر لها كل شىء.. إنه وجه آخر لحُسن شاه تعرفت إليه عن قرب، ثم التقيت وجها ثانيا وهو أن «أم كاتى» كانت تحمل قبل 45 عاما لقب «أم العبد» حيث إنها شاركت فى عمليات فدائية ضد العدوان الإسرائيلى فى أعقاب هزيمة 67 من الأراضى الأردنية المتاخمة لإسرائيل.. لم تكن «حُسن» فى يوم من الأيام مراسلة عسكرية، ولكن الأقدار وضعتها على خط النار.. إنه النهم الصحفى، واكتشفت أن عليها أن تزحف على الأرض مثل الفدائيين وأن تمسك بمدفع «كلاشينكوف» وأن تنسى أنها «حُسن شاه» وتتذكر فقط أنها «أم العبد» الفدائية الفلسطينية. الكاتبة الكبيرة «حُسن شاه» لا تستطيع أن تضعها فقط فى قائمة نقاد السينما الكبار ،رغم مقالاتها المتعددة، ورغم متابعتها الجيدة للأفلام المصرية والعربية وللمهرجانات العالمية.. فهى ناقدة من الطراز الأول، ولكنها أيضا صحفية متمرسة وفى كل المجالات، ولهذا تولت مسؤولية الصفحة الأدبية فى جريدة الأخبار خلال الثمانينيات ثم رئاسة تحرير أهم وأشهر مجلة فنية فى التسعينيات «الكواكب».. وخلال ذلك كتبت ست قصص سينمائية، بالإضافة إلى «أريد حلًّا» لديها «امرأة مطلقة»، و«الضائعة»،و «الغرقانة»، و«القتل اللذيذ»، و«الإرهاب».. لا تخشى «حُسن شاه» المواجهة ولا تخجل من أن تعترف بأخطائها.. كانت تكتب بابا نقديا فى «الأخبار» عن الأفلام «أبيض وأسود» وفى عرض خاص جلس بجوارها المونتير الشهير محمد حسين عفيفى، الشهير باسم «حسنوف» وطلب منها أن تكتب عن مونتاج الفيلم وسألت نفسها هل هى حقا تعرف ما المونتاج وتستطيع أن تحلله وتدرك الخلل، هل هو بسبب المخرج أم المونتير أم السيناريو أم أداء الممثل؟.. وكانت الإجابة هى لا.. وعلى الفور ذهبت إلى المعهد العالى للسينما لتدرس تفاصيل الفيلم السينمائى علميا وتحصل على دبلوم عال وتقدم مشروعا سينمائيا فى فيلم قصير باسم «موقف»، لعب بطولته شادية وشكرى سرحان وأحمد مظهر وكمال الشناوى!

«حُسن شاه» أستاذة فى الحوار ولها العديد من الخبطات الصحفية. قرأت لها حوارا مع توفيق الحكيم اقتنصت خلاله شهادتين، الأولى أنه عاشق للمرأة وليس عدوا لها، كما هو معروف فى الوسط الأدبى والصحفى، والثانى أن شائعة بخله هو الذى أطلقها على نفسه، ولكنها لا تمت إلى الحقيقة بصلة قربى أو نسب!

عاشت «حُسن شاه» مشكلات الناس بتفاصيلها وهكذا ارتبط باسمها باب أسبوعى يحمل اسم «أريد حلا».. ولكن ماذا تفعل عندما تواجه هى مشكلة خاصة، مثل موت الزوج ورفيق الرحلة والصديق والحبيب أبو أبنائها، رشا ومحمد.. وبعد ذلك بعام أو اثنين تواجه أشد الأمراض شراسة ومراوغة وهو السرطان، تصدت بهدوء وثبات وعزيمة مقاتل يؤمن بأن الله فقط هو الذى يمنح الحياة وهو الذى يحدد ساعة البداية والنهاية.

عندما اتصلت بى لكى أقدم عنها كتابا، حيث قرر المهرجان القومى للسينما تكريمها قلت لها إنك تكرميننى عندما أكتب عنك، سألتنى عن العنوان الذى أقترحه للكتاب.. قلت من المستحيل العثور على اسم آخر سوى «أريد حلًّا».. عندما تقول «أريد حلًّا» يقفز إلى ذهنك اسم «حُسن شاه» وعندما تقول «حُسن شاه» تتذكر «أريد حلًّا».. ورحلت الكاتبة الكبيرة «حسن شاه» والشعب المصرى كله «يريد حلًّا»!

 

فى حضرة كوروساوا

طارق الشناوي

July 10th, 2012 9:20 am

فى العالم عدد قليل جدا من المخرجين تشم فيهم رائحة وتاريخ وعبق وملامح البلد التى ينتمون إليها.. كوروساوا «اليابان»، بيرجمان «السويد»، ساتياجيت راى «الهند»، فيللينى «إيطاليا»، تريفو «فرنسا»، شادى عبد السلام «مصر».

تقيم مؤسسة اليابان حاليا أسبوعا لأفلام كوروساوا فى مركز الإبداع بالأوبرا، ومع كل فيلم لهذا المخرج الاستثنائى تكتشف أن الشريط ما إن ينتهى مع كلمة النهاية حتى يبدأ عرضه مجددا فى أعماقك.. إنها السينما القائمة على التأمل، تشعر فيها أنك لا تشاهد فقط العمل الفنى ولكنك ترى وتحس وتعقد صداقة مع المخرج.

رحل كوروساوا قبل 14 عاما ولكن بقى جزء منه يعيش بيننا، إنه تلميذ كوروساوا النجيب المخرج تاكاشى كويزومى، الذى لا يزال يحتفظ بالكثير من ملامحه ولمحاته.. كل أعمال كوروساوا حتى المأخوذ منها عن روايات كتب لها السيناريو كان كوروساوا كما حكى كويزومى يدرك جيدا البداية وخطوطا عريضة فى التتابع، ولكنه دائما ما يعرف بكل دقة مشهد النهاية الذى يعيش فى خياله حتى يصل إليه.. طقوس كوروساوا فى أثناء العمل أن يطلب من تلاميذه أن يستسلموا لحالة الفراغ، فهو يعتبر أن الطريق للإبداع يبدأ بهذا الفراغ الداخلى ويشبه المبدع بآلة الكمان، ينبغى أن تكون مجوفة من داخلها مثل كل الآلات الموسيقية، وبهذا الفراغ ترسل لنا أعظم الألحان.

أتوقف أمام فيلم مبكر لـ«كروساوا» وهو الحصن الخفى أخرجه عام 58 وهو الفيلم الذى ألهم المخرج الأمريكى جورج لوكاس بـ«حرب الكواكب».. حصل المخرج على جائزة مهرجان برلين وجائزة النقاد الدولية.. فى هذا الفيلم نعود إلى القرن السادس عشر، حيث نتابع رحلة العثور على الذهب الملتصق بأوراق أغصان الشجر، الأمر يستلزم حرق الخشب قبل استخراج الذهب، إنه من إرث أميرة أكيهيمية ويقدم الفيلم حكاية اثنين من الفلاحين اللذين يطمعان فى الذهب ويتصارعان، وفى النهاية ومع تعدد المغامرات يكتشفان أن حياتهما لا تستقيم إلا معا، وتنتهى الأحداث وكل منهما يريد أن يمنح الآخر قطعة الذهب.. ويتبقى فيلم استثنائى فى حياة كوروساوا إنه ليس من إخراجه، كتب السيناريو ولم يمهله القدر لاستكماله وأخرجه تاكاشى كويزومى، الذى قال فى الندوة إنه يتمنى عندما يلتقى فى العالم الآخر مع كوروساوا أن يسأله عن رأيه فى الفيلم، وهل نجح فى أن يستلهم روح وفكر كوروساوا.. الفيلم يبدأ بهطول أمطار غزيرة تمنع أهل القرية وبينهم الساموراى من السفر، ويقررون أن يعيشوا سهرة منزلية نعيش من خلالها طقوس وفولكلور وأغانى هؤلاء البسطاء فى حياتهم المليئة بالسعادة رغم ضيق الحال.. الساموراى خبير فى فنون القتال لكنه يرفض استخدام العنف ويلمحه حاكم القرية وهو يفض مبارزة ويعجب به، ويقرر أن يعينه مدربا للجنود لديه فى قصره، وقبل تنصيبه يصبح عليه أن يشارك فى استعراض وفى أثناء احتدام الصراع مع الحاكم يلقى به فى بركة، ويظل الساموراى يتأسف كثيرا ويعتذر مما يوغل فى قلب حاكم القرية، لأن كثرة الاعتذار تشعره أكثر بالهزيمة، ورغم ذلك لا ينكر إعجابه به ويكتشف الحراس أنه -أقصد الساموراى- راهن فى مرحلة ما من حياته على المبارزة، وهذا محرم ويعترف بالواقعة، فتقول زوجته للحراس نعم فعل ذلك، ولكن قساة القلوب أمثالكم لا يشعرون بأن هناك من يخالف القانون لمساعدة محتاج، أو لإدخال السعادة على قلوب تتوق لمثل هذه اللحظات المسروقة من عمر الزمن، ويسافر بعد أن هدأت الأمطار وعادت السماء صافية، ويعاود العيش مع الطبيعة بنقاء ذهن وروح متسامحة، نعيش بعضا منها مع نهاية الفيلم.

تلك هى الرؤية التى قدمها تلميذ كوروساوا المخرج كويزومى، وسألته لماذا الساموراى لا يصاب حتى ولو بخدش فى أثناء المعارك الكثيرة التى يشارك فيها؟ قال لى لأن هذه الشخصية الواقعية بداخلها جانب آخر أسطورى. وأضاف أن كوروساوا كان يمتاز بالقوة العضلية، ورغم ذلك لم يكن يشارك فى أفعال بدنية، فهو على العكس من ملامحه خجول، وربما وجد فى تقديم هذه الشخصية فرصة للتعبير عن المكبوت بداخله.. ومع نهاية فيلم كويزومى لا تزال ترن فى وجدانى كلمته التى نقلها عن كوروساوا، وهى أن المبدع عليه أن يأخذ الحكمة من الآلات الوترية الفارغة من الداخل ليمنحنا أروع النغمات.

 

أصل وصورة

طارق الشناوي

July 8th, 2012 9:58 am

هناك دائما ما يمكن أن نطلق عليه المرأة النموذج، مثلا كانت ليلى مراد فى الأربعينيات وفاتن حمامة فى الخمسينيات وسعاد حسنى فى الستينيات، وهناك أيضا الرجل النموذج أنور وجدى وشكرى سرحان ومحمود يسن لعبوا هذا الدور.. كلٌّ فى زمنه.

الفتيات يقلدن النموذج فى الملابس أو أسلوب الحديث والملامح ولم تكن بالطبع جراحات التجميل قد تقدمت كما حدث فى السنوات الأخيرة، حيث إن نانسى عجرم وهيفاء وهبى صارتا الموضة الآن، وأطباء التجميل أصبح يطرق بابهم عدد من الفتيات لهن أهداف مشتركة، بعضهن يردن ملامح نانسى والأخريات هيفاء، ومن الممكن أن تجد فى الممثلة اللبنانية قمر شيئا من هذا، حيث إنها تبدو وكأنها تريد أن تقول للجمهور إنها هيفاء الجديدة، بل وأكثر، إذ إنها تصغرها بعدد لا بأس به من السنوات.

أتصور أن الفنانة الجديدة قمر وقعت تحت ضغط مرض يصيب البعض وهو محاكاة النموذج الذى يحقق نجاحا طاغيا ومن أعراض هذا المرض الشائعة أن المصاب لا يدرك أنه هو الذى يقلِّد، بل يعتقد أن العكس هو الصحيح، يتصور أنه الأصل والآخرين هم الصورة.. قبل 60 عاما تقدم للإذاعة المصرية أكثر من 25 مطربا يقدمون أغنيات على طريقة عبد الحليم وعندما واجههم المسؤولون بذلك كانت إجابتهم هى أن حليم هو الذى يقلدهم!

قمر تنويعة فنية وشكلية على هيفاء، حيث إن رأسمالها الفنى ليس فى الصوت ولكن فى الأداء الذى يعتمد على الغواية والأنوثة، وضعت عينها على هيفاء وقررت أن تحاكيها فى الحركة والنظرة، ومع تقدم علم جراحات التجميل من الممكن أيضا أن تكتشف أنها صارت صورة منها، ولو سألتها سوف تقول لك إن العكس هو الصحيح وهيفاء هى التى تتحسس خطواتها وتسعى لكى تكتسب نفس ملامحها، وأعتقد أن فيلم «حصل خير» لم يكن يعنى صنَّاعَه سوى اللعب بهذه الورقة.

المنتج أحمد السبكى بالتأكيد وجد فيها فرصة لكى يدفع أجرا أقل، ولسان حاله يقول على طريقة الإعلان الشهير «ليه تدفع أكثر لما ممكن تدفع أقل».

الأحداث تجرى فى عمارة «سُبكية» المذاق لم نر فى تلك العمارة التى يملكها طلعت لبيب سوى أن هناك «قمر» راقصة ومطربة لبنانية جاءت للقاهرة لرعاية شقيقتها الصغرى، وفى العمارة ثلاثة متزوجون سعد الصغير من آيتن عامر، ومحمد رمضان من بدرية طلبة، وكريم محمود عبد العزيز من أمينة، مطربة الحنطور..

الثلاثة يصابون بحالة من الهلع و«الشحتفة» بمجرد أن يشاهدوا «قمر» ويخرُّون صرعى واحدا تلو الآخر على باب شقتها ويبدأ السيناريو فى البحث عن أغنية أو رقصة، وكل ذلك من أجل أن تزداد المشاهد التى توجد بها «قمر» فهو فيلم مصنوع على مقاسها، والهدف هو أن يحيلها فى لحظة إلى نجمة كبيرة ولكن النتائج لم تسفر إلا عن فشل ذريع.

قرر المخرج أن يقدم أسلوب «البارودى» أى أنه يلتقط مشهدا شهيرا من فيلم قديم مثل «معبودة الجماهير» بين عبد الحليم وشادية ويؤدى سعد الصغير دور حليم، وتصبح قمر هى شادية فى المشهد الذى يحملها فيه على دراجته.

وفى كل فيلم يشارك فيه المطرب الشعبى محمود الليثى تنهال على وجهه عشرات من الصفعات من كل المشاركين فى الفيلم، وتكرر الأمر بالطبع فى «حصل خير» ويتردد بهذه المناسبة فى شركات الإنتاج أنه يحصل على أجره مقابل عدد الصفعات التى ينالها مخصوما منها عدد الأغنيات التى يقدمها!

المخرج إسماعيل فاروق تخصص فى مثل هذه الأفلام التجارية، وفى مثل هذه الظروف لا تجد أى شىء مختلف عما سبق، ولكنه يقرر استنساخا باهتا لكل ما سبق رؤيته فى أفلام مماثلة.

فيلم تجارى متواضع يبحث صناعه دون جدوى عن ضحكة وقفشة ونكتة وغنوة ورقصة.. وأصبح نجومه أشبه بالبديل الصينى الرخيص فى الثمن.

يسأل الناس كثيرا: هل هذه هى السينما التى ننتظرها بعد الثورة المصرية؟ والحقيقة أن الجماهير تستحق أعمالا فنية أعظم، ولكن لن تنتهى من حياتنا أبدا الأعمال التجارية.. الثورة لا تملك عصا سحرية لتغيير ملامح مصر الثقافية والفنية.. «حصل خير» لن تجد من ورائه أى خير؟!

 

جائزة إبداعية مغموسة بالسياسة

طارق الشناوي

July 7th, 2012 10:02 am

نعم يستحق وحيد حامد جائزة «النيل» لما قدمه على الشاشتين، ولكن لم تكن الجائزة فقط للكاتب، ولكن لما يمثله إبداعه من تحدٍّ مباشر للقوى الإسلامية التى انتعشت بعد الثورة.

وحيد هو ثانى سينمائى يحصل على جائزة النيل («مبارك» سابقا)، حيث نالها قبل أربع سنوات المخرج يوسف شاهين.. تستطيع أن تعتبرها ضربة استباقية وجهها جزء كبير من أعضاء المجلس الأعلى للثقافة إلى النظام المصرى الجديد تقول بوضوح إنهم لا يزالون قادرين على إعلان آرائهم المناهضة ضد حكم له مرجعية إسلامية.. من الواضح أن قطاعا من المثقفين كانوا حريصين على توصيل رسالة تؤكد أن أهم وأشهر كاتب درامى قدم العديد من الأعمال الدرامية التى تنتقد الجماعة الإسلامية والتطرف الدينى وآخرها مسلسل «الجماعة» يستحق أرفع الأوسمة، فهو لديه تاريخ عريض فى هذا المجال نذكر منه مسلسل «العائلة» أول صرخة تليفزيونية ضد التطرف الدينى.. بالإضافة إلى أفلام مثل «طيور الظلام»، و«الإرهاب والكباب»، و«دم الغزال» وغيرها، وكلها تحمل طعنات لكل من يعتقد أنه سوف يتدثر بلحية أو جلباب، ويفعل كما يحلو له فى حياة الناس.. وحيد لم يكتفِ بهذا القدر، حيث أكد أنه بصدد كتابة الجزء الثانى من فيلم «طيور الظلام» ومسلسل «الجماعة».. كان لى الكثير من الملاحظات على أفلام ومسلسلات وحيد عندما أرى أن الدولة الفاسدة التى أنبتت التطرف لا تحظى بنفس القدر من الهجوم الذى تناله الجماعات المتطرفة، ولكن هذا لا ينفى أبدا أن الرجل فضح الكثير مما كان مسكوتا عنه.

كان مسلسل «الجماعة» هو آخر عمل فنى فى زمن مبارك أثيرت حوله المعارك ولا نستطيع أن ننكر أن المسلسل كان يحظى برعاية خاصة من الدولة، ليس معنى ذلك أن وحيد كتبه بالضرورة بتوجيه من النظام، ولكن الحد الأدنى أنه حدث توافق فكرى وسياسى بين رأى النظام ورؤية وحيد، وأتصور أن إصرار وحيد على كتابة جزء ثانٍ من «طيور الظلام» و«الجماعة» يحمل رسالة للمتشككين تقول سطورها إنه كان يكتب قناعاته، والدليل أنه بعد سقوط النظام لا تزال هذه هى قناعاته.. لا شك أن هناك من الفنانين من يؤثر المهادنة والسلامة ويبدو وكأنه يغنى لهم «سماح يا اهل السماح» مثل عادل إمام الذى تراجع مؤخرا عن مشروع تقديم جزء ثانٍ من «طيور الظلام»، بل أكد أنه لا يراها طيورا مظلمة، ولا أستبعد أن نرى عادل وقد وُلد من جديد فى ظل الحكم الإسلامى يلعب بطولة فيلم يحمل اسم «طيور السلام»؟!

لا تتعجبوا عندما تشاهدون تباين ردود فعل الوسط الفنى.. بعض الفنانين بدؤوا فى إعلان ولائهم للمرشد وبعضهم أكدوا أنهم يريدون صناعة فن ينضح بالفضيلة، تابعوا ما يقوله الآن عدد من قيادات «ماسبيرو» بتعضيد من الوزير اللواء أحمد أنيس، وهم يصرون على أن يرتدى التليفزيون المصرى لحية وجلبابا فى رمضان، كل هذا حتى يضمن اللواء الذى كان ولاؤه فقط للمجلس الأعلى، مقعده فى التشكيل الوزارى الجديد، إنهم دائما يرقصون على إيقاع الحاكم.

نتابع الآن ميلاد شركات إنتاج ذات مرجعية إسلامية تضع معايير أخلاقية ودينية مسبقة وسوف يرحب العديد من الفنانين بالعمل فى هذه الشركات.. ولكن الأمر سيظل فى النهاية مرتبطا بإرادة الجمهور، هل يُقبل الناس على عمل فنى لمجرد أن البطلات محجبات؟ أشك أن الأمر من الممكن التعامل معه بهذه البساطة.. الأعمال الدرامية التى حققت نجاحا لم يكن الحجاب هو السبب، الأغنية الدينية لا تنجح لأنها دينية، ولكن بما تحمله من جمال، والفنان من الممكن أن يقدم أعمالا دينية ووطنية وعاطفية فى نفس الوقت ويظل الأمر مرتهنا بالإبداع، وكلنا نستمتع بشادية وهى تغنى «ادخلوها آمنين» و«يا حبيبتى يا مصر» و«إن راح منك يا عين»، ولكن البعض من أجل مغازلة التيار الدينى يريد لنا أن نغنى فقط «ادخلوها آمنين».

سوف نرى معا كيف تتناقض ردود الفعل ما بين أصحاب المواقف وأصحاب المصالح.. والمعركة وشيكة، وأستمع الآن إلى دقات طبول الحرب.. الوسط الثقافى سارع بتوجيه تلك الضربة الاستباقية فى مرمى التيار الدينى بجائزة وحيد، وعلينا أن نترقب د.محمد مرسى وهو يسلم إليه الجائزة، إنه مشهد واقعى لم يخطر يوما على خيال وحيد!!

 

جما ل سليمان غادر الحافة

طارق الشناوي

July 3rd, 2012 9:35 am

كثيرا ما كتبت عاتبا على جمال سليمان، لأنه كان يُبقى دائما على شعرة معاوية بينه وبين النظام السورى، ويحرص على أن لا يقترب بكلمة ضد بشار الأسد، بل إنه مثل كل النجوم السوريين دافع عن توريث الحكم.

جمال يعلم أن النظام السورى هو الأكثر قسوة فى العالم، وهو لا يريد أن يستعدى ضده الأجهزة، ومن السهل أن يجد نفسه فى لحظات مطلوبا، بل ومطاردا لو نسب إليه قول أو فعل يغضب النظام، إلا أنه فى نفس الوقت كان يرى أن الشعب السورى ينتفض ولن يسامحه على الصمت، ولهذا كان يقف على الحافة فى تلك المنطقة الرمادية، مؤكدا حرية الشعب فى ثورته ويشيد بحقهم فى الديمقراطية، ولكن لا يقترب من قريب أو بعيد فى الوصول إلى سقف الثوار الذى يطالب بإسقاط بشار.

جمال كان ينتقل، على حسب تصريحاته، بين القائمتين البيضاء والسوداء، يؤيد الثوار تحال أوراقه إلى البيضاء، يرتعد من بشار ينتقل إلى السوداء.

مؤخرا اكتشف جمال أن هذا لا يكفى عند الأجهزة الأمنية التى تترصده حتى فى القاهرة، وبسبب لقاء له أو لعله عشاء مع عدد من المعارضين توعدوه بالانتقام، وعلى صفحات جريدة «الحياة» اللندنية فضحهم فى مقال نارى، بعد أن فاض به الكيل ولم يعد قادرا على أن يمسك العصا من المنتصف.

هناك فنانون كانوا مباشرين فى مهاجمة النظام مثل أصالة، وهى تتلقى هجمات وضربات متتالية من أقرب الناس إليها، شقيقها على سبيل المثال الذى كثيرا ما اتهمها بالجحود، والمطربة ميادة الحناوى وجدتها فرصة لكى تصفى ما بينهما من حسابات قديمة، بعد أن صارت أصالة هى العنوان الأبرز للغناء السورى!

جمال سليمان هو عنوان الدراما السورية حاليا خارج الحدود، لذلك كان النظام حريصا على أن يظل على حياده كحد أدنى، وجمال نفسه كان معجبا ومتوافقا مع شروط تلك اللعبة، فهو مثلا من أوائل الفنانين الذين وقَّعوا بيانا يؤيدون فيه الثورة، ويبايعون بشار لكى يحقق مطالبها وهو البيان الذى أغضب الثوار وأرضى بشار.

دريد يعلم أن قناة «الجزيرة» ممنوعة على الفنان السورى، ولهذا نجد أن الفنانين السوريين يعتذرون عن كل المهرجانات الخليجية، خصوصا تلك التى تقام فى الدوحة، بينما جمال يلبى الدعوة وفى نفس الوقت يعلم أن قناة مثل «الجزيرة» موضوعة على رأس قائمة الأعداء، ومتهمة من قبل السلطات السورية بأنها هى التى تفجر الثورة. قد ترى جمال سليمان فى الدوحة، ولكن مستحيل أن تشاهده على شاشة «الجزيرة» فهو يقف على الحافة فى علاقته بالنظام.

جهاز الأمن السورى يضع الجميع تحت المجهر، يريدون الفنانين على شاكلة دريد لحام، يمشى بجوار الحائط وعند الضرورة يمشى فى الحائط، ولم يدرك النظام أنه قد حدث تغير نوعى تلمسه بوضوح، مثلا مع الفنانة مى إسكاف التى تحدت النظام وهتفت فى المظاهرات «الله.. الوطن.. سوريا وبس»، لمواجهة من يقولون «بشار وبس»، ولكنها لا تزال هى الاستثناء، ومع الزمن أرى أن الخائفين والمؤيدين لبشار سيصبحون هم الاستثناء.

العصا الغليظة دائما ما تعلن عن نفسها، لا أتصور أن الموقف من جمال سوف يتوقف عند ذلك الحد، لا أستبعد أن تزداد الهجمات ضده وسوف يبحثون عن أقرب الناس ليوجهوا إليه اتهامات علنية لتصبح الطعنة غائرة.

النظام السورى يلعب على المكشوف، خصوصا وهو يرى جمال سليمان يفضحه على صفحات جريدة يعتبرها معادية. جمال هو العنوان الأبرز الآن فى الشارع العربى للفنان السورى. دريد لحام فى الماضى شغل نفس الموقع فى العالم العربى. توارى دريد كثيرا فى السنوات الأخيرة، ولم يدرك أن القوة الناعمة فى سوريا لم يعد مقبولا منها هذا الخضوع، وأن مشاعر الناس فى اللحظات المصيرية لا تكتفى من الفنان بموقفه وهو يؤدى دورا أمام الكاميرا، إنها تنتظر منه أن يؤدى دوره الحقيقى فى الحياة.

أعلم جيدا أن جمال سليمان قرر أن يصالح نفسه قبل أن يصالح شعبه، فهو فضح أجهزة القمع فى وقت تصور فيه البعض أن الفنان لن يتحرر من مصالحه وسيحسبها ألف مرة قبل أن يغادر الحافة!

 

«كاريوكا» من مُبطِلات الصيام

طارق الشناوي

!July 2nd, 2012 9:54 am

فى رمضان تختفى الشياطين ويمنع التليفزيون المصرى مسلسل «تحية كاريوكا».. من الممكن أن يوقف التليفزيون عرض المسلسل لو اكتشف مثلًا تواضع مستواه الفنى، وهذا بالتأكيد واجب على المسؤولين، ولكنك لو قرأت ما قاله عصام الأمير رئيس التليفزيون، فى تبرير إقصاء المسلسل عن خريطة ماسبيرو ستكتشف أنه يرحّب بعرضه بعد رمضان، وأن السر وراء المنع هو أن مسلسل «كاريوكا» يقدم حياة راقصة، وهو ما يتعارض مع الشهر الفضيل.

وللعلم بطلة المسلسل وفاء عامر، لم ترتدِ بدلة الرقص طوال الحلقات، كما أن حياة تحية كاريوكا -التى حجّت إلى بيت الله الحرام عشرات المرات- لا تتعارض مع القيم النبيلة، فهى صاحبة قصة كفاح كانت فيها نموذجًا للوطنية والشهامة والجدعنة، عارضت الملك وأيّدت الثورة، ثم اختلفت مع رجال الثورة، ورفعت شعار «أسقطنا فاروق وجاء فواريق»، تقصد رجال الثورة، وأمضت فى المعتقل 101 يوم، ومن خلال مسرحها الذى حمل اسمها كانت كثيرًا ما تنتقد السادات، وتزعّمت إضراب الفنانين عام 87، الذين واجهوا فيه إصدار قانون 103 المكبِّل للحرية.

هل أراد رئيس التليفزيون أن ينافق الرئيس محمد مرسى، ليثبت له أنه جاهز للنظام الجديد بتوجهه المحافظ، إنها تبدو إشارة مباشرة يقول فيها إنه يعرف المطلوب بالضبط فى المرحلة القادمة، قبل أن يطلب أحد ذلك، أم أن رئيس التليفزيون لا يعرف شيئًا عن حياة تحية كاريوكا، وتصور أن مجرد ذكر اسمها يعتبر من مبطلات الصيام؟!

ما أزعجنى هو دلالة الاعتراض، لأنها تلقى ظلالًا سيئة على القادم فى التليفزيون الحكومى، وشهر رمضان من الممكن أن يصبح بمثابة ترمومتر لما هو آتٍ.

بالتأكيد اسم وزير الإعلام الجديد سيحدد الكثير، والخريطة الإعلامية فى رمضان هى الملعب الأساسى الذى تجد فيه الشاشة معبرة عن توجه الدولة الرسمى. كان التليفزيون قبل إعلان اسم رئيس الجمهورية متخبطًا فى قراراته لا يدرى أين البوصلة، ولكنه راهن على أحمد شفيق بقوة، ولا أتصوره مجرد اجتهاد من وزير الإعلام اللواء أحمد أنيس، ولكن ولاء منه للمجلس العسكرى الذى عيّنه فى هذا الموقع، وأرى فى قرار استبعاد مسلسل تحية لأسباب أخلاقية كما يبدو فى تصريح رئيس التليفزيون أيضا محاولة لمغازلة التيار الدينى، لأن التليفزيون دائما ما يتلوّن طبقًا للحالة التى عليها السلطة.

إلا أنه بهذا القرار لم يراعِ فروق التوقيت، لأن الناس تتابع الفضائيات، فإذا كان المسلسل جذّابًا، فكيف يفوّت التليفزيون فرصة عرضه على شاشته، وإذا كان سيئًا فهو لا يستحق العرض لا فى رمضان ولا شوال.

كنا فى الماضى القريب نتحدث عن منتصف السبعينيات، نشاهد فوازير نيللى الاستعراضية الراقصة وبعد ذلك فى الثمانينيات كانت فوازير شريهان، فهل لم نكن وقتها مسلمين وصائمين؟! المائدة الرمضانية كانت حافلة بكل شىء، استعراضات ومسلسل كوميدى لمدبولى ومسلسل أطفال للمهندس، وآخَر اجتماعى لأسامة أنور عكاشة، مع مسلسل دينى إخراج أحمد طنطاوى، كان ذلك قبل بداية الفضائيات فى وقت كان فيه التليفزيون يملك كل المقدرات ويستطيع أن يمنع هذا ويسمح لذاك، الآن لا شىء من الممكن أن تمنعه، لأنك ستجده فى قناة أخرى، والسطوة على توجهات الرأى العام باتت تنتمى إلى زمن سحيق، ألغته الفضائيات، وقضى عليه تمامًا النت.

الإعلام الرسمى يجب أن يضع أمامه نموذجًا أشبه بمحطة الـ«بى بى سى»، دولة تدعم لكى تحافظ على الاستقلال، وإعلام ليس تابعًا لها، أتصور أن الإعلام لا يملك الآن -إذا أراد الحياة- سوى الاستقلال عن النظام ليصبح معبِّرًا عن الناس. هل إذا جاء وزير إعلام يؤمن بالحرية ويريد بالفعل أن يعبّر الإعلام عن الشعب هل يجد بين الإعلاميين من لديهم هذه القناعة؟ المأزق أن قسطًا وافرًا من الإعلاميين توارث جينات الخضوع للسلطة من جيل إلى جيل، ومنذ ثورة 52 ستجدهم صدى للحاكم، وإذا لم تأتِ تعليمات مباشرة فهم يجتهدون فى قراءة ما هو قادم من تعليمات.

أشمّ فى قرار منع مسلسل «تحية كاريوكا»، محاولة لمغازلة التيار المحافظ. يؤكد رئيس التليفزيون لمن بيدهم الأمر أنه يستحق أن يستمر على الكرسى، فهو يحمل شهادة حسن السير والسلوك، تقول كلماتها بوضوح ومباشرة إنه على الموجة قبل أن يطلب منه أحد أن يضبط الموجة!!

التحرير المصرية في

02/07/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)