حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

اسطورة "بوني وكلايد" تتجدد

طاهر علوان

 

معلوم انه بالأمكان في هذه الحياة التقاط اية قصة نسمعها او تتحدث عنها وسائل الأعلام وتتناقلها الألسن واعادة تقديمها في عمل ابداعي او سينمائي ، هذه مرحلة واكبت فن الفيلم طويلا وخاصة فيما يتعلق بقصص تلك الشخصيات الأستثنائية التي تشغل المجتمع وتهز الوجدان وتنغرس عميقا في الذاكرة الجمعية .

ولهذا تعج السينما الأمريكية خاصة بعشرات القصص الحقيقية التي جرى الحديث عنها في وسائل الأعلام لتتلقفها هوليوود وتحولها الى اعمال سينمائية تخلد في الذاكرة .

ومن هذه القصص التي هزت الولايات المتحدة في الثلاثينيات كانت قصة الثنائي " بوني وكلايد " ، انها واحدة من اكثر القصص اثارة للرأي العام في تلك الحقبة ، فقد كان هذا الثنائي مقترنا بتحولات كبيرة في المجتمع الأمريكي اولها كونهما كانا شاهدين على الأنهيار الأقتصادي فيما عرف بالكساد العظيم والذي ترتب عليه مزيد من الفقر والتردي في كل قطاعات الحياة والجانب الثاني انهما كانا سببا مباشرا ورء احداث تغيير جذري في التشريعات الجنائية الأمريكية وانتقال بعض من الجرائم وخاصة السطو المسلح الى مرتبة الجرائم التي تمس الأتحاد الفيدرالي للولايات المتحدة كما انهما كانا سببا مباشرا وراء ولادة مكتب التحقيقات الفيدرالي المعروف في زمننا ب "F.B.I ".

حقيقة بوني وكلايد هو عنوان الفيلم الوثائقي المنتج حديثا ومن اخراج  "كريس ويلسون"، مجرمان شابان يافعان لم يتجاوزا منتصف العشرينيات من عمريهما وقد اقضا المضاجع لشدة تحديهما للسلطات والجرائم المروعة التي ارتكباها على مدى عامين فقط مابين 1932 و1934 ، فهما عنوان مرحلة اليأس والأحباط واللاجدوى والضياع القيمي وقد عكسا بحق ملامح تلك الحقبة التاريخية في المجتمع الأمريكي وحيث قيل ان امريكا قد جثت على ركبتيها من جراء تلك العاصفة الأقتصادية الكبيرة وهو مايتحدث عنه الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت بأسهاب في احدى خطاباته كخلفية للأزمة فيما نحن نمضي مع المخرج في تقليب صفحات الشخصيتين المغامرتين وعلى خلفية انتشار الجريمة بشكل مروع كرد فعل على الفقر المدقع والأفلاس وهو مايتحدث عنه (جيف غان) مؤلف كتاب القصة الحقيقية لبوني وكلايد  حيث يذهب الى ان حقبة ظهور هاتين الشخصيتين قد شهدت ظهور مجرمين محترفين انقسموا في ادوارهم فمنهم من مثل دور "روبن هود " الذي يسرق من الأغنياء ويعطي للفقراء ومنهم من هو قاتل محترف ومجرم خطير يقرن السرقة والسطو بالقتل وترويع المجتمع وكلتا الحالتين قد شهدهما المجتمع الأمريكي في تلك الحقبة .

تتعدد اوجه سيرة بوني وكلايد واحد جوانبها هو  الفضول الذي لاحق قصة الحب والعلاقة العاطفية التي ربطت بينهما وكيف التقيا ومتى واين ؟ ولهذا تتعدد الروايات في تاريخ ومكان ذلك اللقاء اذ ان هنالك من يؤكد انهما التقيا في منزل صديق مشترك لهما وسرعان ماانضم الصديق وزوجته لهما ليكونا عصابة من اربعة اشخاص مختصة بالسطو المسلح والقتل وهنالك من يروي قصة مخالفة وهي انهما التقيا في داخل السجن ومن هناك توطدت علاقتهما  وفي كل الأحوال فأن المخرج يمضي بعيدا في استجلاب عشرات الوثائق والقصص ومقابلة الشهود واستطلاع اراء رجال القانون في خلفية قصة هاتين الشخصيتين المغامرتين

يمضي كلايد عامين في السجن ليطلق سراحه بعد ذلك لكن تجربة السجن كانت من القسوة بحيث ان ذلك الشاب ذو الأثنين وعشرين عاما خرج وهو اشد تصميما على الأنتقام من كل اشكال السلطة اولا وخاصة رجال الشرطة وفرض القانون والمجتمع بصفة عامة ولهذا فأنه سرعان ما انخرط قي اعمال قتل مروعة جعلت منه المطلوب رقم واحد في تلك الحقبة خاصة بسبب قتله عددا غير قليل من رجال الشرطة. ثم مالبثت ان التحقت به حبيبته بوني التي كانت تحلم في صباها ان تصبح ممثلة او مغنية اوبرا ولكن لينتهي بها المطاف شريكة لكلايد في تنفيذ الجرائم حتى اشيع عنها انها كانت تنفذ جرائهما بدم بارد ومن ذلك اقدامها على قتل عمدة احدى ضواحي مدينة دالاس وحيث رويت تلك الواقعة على نطاق واسع ووصفت طريقة دخولها بهدوء الى مقر العمدة وقتلها له وانسحابها بكل خفة وهدوء.

يستعرض الفيلم تلك الدراما التي تغص بحوادث  اجرامية امتدت في ولايات الوسط والغرب الأمريكي بصفة خاصة وخلالها كان بوني وكلايد يستخدمان اشكالا متعددة من التخفي وطرق التخلص لتفادي  الوقوع في قبضة العدالة ومن ذلك مثلا سرقة السيارات واختيار اي منها اكثر سرعة ومنها ايضا سيارة الفورد الحديثة التي انتجت في تلك الحقبة ليستخدمها رجال التحري الجنائي ولذا في منئى عن اي اشتباه وكانت سيارتهما تمر في وسط المدن وتحت انظار البوليس دون ان تلفت نظر احد .

وتكشف وقائع اخرى ان كلايد وقد دخل السجن لعامين بسب  السرقة لم يكن قاتلا محترفا بل انه لم يقتل في حياته لكنه شاهد العديد من الفضائع هناك  ومنها قتل احد زعماء العصابات ثم الأعتداءات الجنسية ثم استهدافه هو في داخل السجن من طرف مجرمين قطعوا له اصبعا او اكثر من اصابع قدميه.

لكن الحدث الأكثر درامية الذي اجج سخطا هائلا ودفع السلطات الى استخدام اقصى مالديها من ضباط التحري والمطاردة هو اقدام بوني وكلايد على الهجوم على احدى ثكنات الشرطة وقتل العديد منهم  ويقدم الفيلم الأدوات التي مكنت بوني وكلايد من تنفيذ جريمتيهما وهي لجوئهما الى استخدام سلاح جديد وهو المدفع الرشاش المتطور الذي صار اداتهما في تنفيذ جرائم جديدة .وبسبب الحملة الواسعة ضدهما تشاء الصدف انهما يكادان يسقطان في قبضة العدالة عندما يشتبه عنصران من عناصر التحري بوجود مشتيه بهما في احدى الشقق السكنية فيداهمانها فجرا ولكن سرعة بوني وكلايد تردي الشرطيين قتيلين وبسبب احساسسهما ان ثمة رجال شرطة آخرون سيلتحقون بهذين الشرطيين فأنها يتركان المكان على عجل تاركين كثيرا من ادواتهما الشخصية ومنها مجموعة افلام تم تظهيرها فيما بعد من طرف رجال الشرطة لتتضح امام الجميع صورة بوني وكلايد وتكون تلك الصورة هي الأكثر شيوعا حتى الساعة : بوني تتكئ على السيارة الفورد الحديثة وفي يدها مسدس وفي فمها السيجار ثم صورتها هي وكلايد وهما يحملان سلاحا حديثا وعلى وجهيهما ابتسامة لامبالية ويظهران وكأنهما في مشهد غرام وليس شخصان تلاحقهما اجهزة الشرطة في طول الولايات المتحدة وعرضها .

لقد هيجت هذه الصور كثيرا من ردود الأفعال الضاغطة والغاضبة من اجل القاء القبض عليهما ولهذا تروي بوني في مذكراتها انه بسبب حملات الشرطة الشرسة فأنهما كانا يقطعان مئات الأميال يوميا ويتخذان الطرق البعيدة ولاينامان الا قليللا جدا وفي داخل السيارة وتظهر خارطة سير رحلتهما ابان اشتداد الطوق عليهما من ولاية كارولاينا الشمالية الى اوكلاهوما الى تنيسي الى المسيسيبي وانهما كانا يحملان معهما عشرات من لوحات تسجيل السيارات المزورة او المسروقة التي تعود لولايات مختلفة حيث كانا يحرصان على تغيير تلك اللوحات بين آونة واخرى.

يتابع الفيلم تلك المطاردة التي تستعر الى اشدها ليقودها ضابط محنك هو ايدغار هوفر يرافقه فريق محترف من المحققين ورجال الشرطة ويتوصلون الى خيوط مهمة تدل على مسار حركة بوني وكلايد وذلك في شهر مايو آيار 1933حيث يقتفون اثرهما في منتجع بعيد في ولاية ايوا ولم يكن في الحسبان ان بوني وكلايد سيكونان مصحوبان بشخصين آخرين هما ايضا مجرم ومجرمة مطلوبان العدالة وتقع المواجهة مع الشرطة لتنتهي بتمكن بوني وكلايد من الهرب رغم اصابتيهما فيما يسقط صديقهما صريعا واما زميلته فيلقى القبض عليها وتنال عقوبة السجن لعشر سنوات  لكن المفارقة ان بوني وكلايد يمضيان في لعبة اثبات الذات  وتحديهما الشرس للسلطات حيث يهجمان على احد السجون ويتسببان في هرب عدد من السجناء

بعد عام كامل على تلك الواقعة يتفق بوني وكلايد مع قاتل مأجور على اللقاء في احدى ضواحي ولاية لويزيانا وتقتفي الشرطة الأثر وتتجمع لديها معلومات كافية فتنصب كمينا طوال الليل وحتى ساعات الصباح الأولى لتنتهي تلك المواجهة الشرسة بمقتل بوني وكلايد بعد اشتباك عنيف اطلقت فيه الشرطة قرابة 150 رصاصة كان نصيب بوني وكلايد 50 رصاصة لكل واحد منهما لتنتهي اسطورة ذلك الثنائي الذي هز ضمير الولايات المتحدة وسلطاتها طولا وعرضا وصارا موضوعا اثيرا في الثقافة الشعبية الأمريكية .

تميزت معالجة المخرج للأحدث بقدر كبير من التنوع في استقصاء الحقائق وتتبع الخيوط المفضية لتكوين صورة كاملة عن تلك الوقائع اذ يعج الفيلم بالوثائق المتنوعة من رسائل وقصاصات صحف فضلا عن مقابلات للعديد من الباحثين في العلم الجنائي ورجال الشرطة والنبش في ارشيف الشرطة ذاته ليقدم لنا حصيلة مشوقة من الأحداث المتلاحقة الدراماتيكية التي تكشف عن وجه آخر من وجوه الحياة الأمريكية في حقبة الكساد العظيم وتفشي الفقر والجريمة في ثلاثينيات القرن الماضي كما يقدم الفيلم شخصيتين ظلتا شغلا شاغلا للصحافة والرأي العام .

في العام 1967 يلتقط المخرج الأمريكي المعروف ارثر بن تلك القصة ويقدمهما فيلما من تمثيل وارين  بيتي (بدور كلايد) و فاي دونواي (بدور فاني) ، فيلما حقق نجاحا كبيرا ونال جائزتين من جوائز الأوسكار وعد في حينه احد افضل مئة فيلم امريكي ، لكن الملفت للنظر هو ان هذا الفيلم عد نقطة تحول حقيقية في السينما الأمريكية لجهة طريقة معالجة وتقديم عنصرين مهمين في سينما هوليوود وهما (العنف والجنس) وحيث كان الفيلم جريئا بما فيه الكفاية لتناولهما وبهذا يكون هذين "المجرمين" سببا في تحول اضافي آخر وهو ولادة خط ومسار والسوب جديد في السينما الأمريكية مع ان معالجة ارثر بن خضعت لكثير من الجدل لجهة الحفاظ على صدقية الأحداث الحقيقية كما جرت .

الجزيرة الوثائقية في

15/04/2012

 

مهرجان "السينما الأفريقية" في السويد

هموم القارة وثوراتها في دورته السابعة عشر

قيس قاسم ـ السويد 

طغى الحضور العربي على ما سواه من مشاركات في مهرجان السينما الأفريقية في السويد، لدرجة ظهرت فيها دورته السابعة عشر وكأنها مكرسة للسينما العربية وأفلام ربيعها، وإنسحب الحضور على فعاليات المهرجان الأخرى، فالندوات وضيوفها أغلبيتهم كانوا من الدول العربية كما ان افتتاحها كان بفيلم مغربي عنوانه "فيلم" حصل مخرجه محمد عاشور،  خلال مشاركته العام الفائت في "المهرجان الوطني للفيلم" في طنجة، على جائزة العمل الأول

من تقاليد المهرجان إنتقاله الى أكثر من مدينة سويدية فبعد ستوكهولم أنتقل الى ثان مدنها غوتنبرغ، وسيعرض فيها، من تاريخ الثالث عشر من أبريل حتى الخامس عشر منه، أغلب الأفلام التي عرضت في العاصمة وبذلك يوفر فرص مشاهدة لجمهور سويدي أكبر، فالغاية منه وفي أساس إنطلاقته تعريف أبناء البلد بالتطور الحاصل في السينما الأفريقية، ولعل البرنامج المدرس يعطي فكرة عن طبيعة المهرجان التي تتخطى العروض الى انفتاح على الفئات العمرية الأصغر في محاولة لإشراكهم في فهم ما يجري في القارة من حراك ومشكلات من منظور فني سينمائي، كما يوفر للجميع امكانية مشاهدة جديدها، الى جانب التعرف عن قرب، على بعض صناعها وبخاصة منجزي أفلام الثورات، التي إنطلقت من شمالها ولهذا فجل العروض جاءت من تونس، المغرب، الجزائر ومصر

من بين الأفلام المعروضة في غوتنبرغ الوثائقي التونسي "لا خوف بعد اليوم" لمراد بن الشيخ، و"1/2 ثورة" لعمر الشرقاوي و"18 يوم" الذي وصف بأنه الفيلم الأول عن الثورة المصرية ومن ليبيا فيلم التحريك القصير "خرابيشx 8 " ويجسد بطريقة ساخرة وعبر أجزاء متسلسلة التغيير الحاصل في ليبيا وغيرها من البلدان. ولايقتصر الأمر على أفلام الربيع العربي، بل يتعداه الى تقديم أفضل ما أنجز حديثاً ومنها فيلم "عمر قتلني" لرشدي زم والذي رشحته المغرب ليمثلها في منافسات الأوسكار الأخيرة. ومن تونس الشريط القصير ''بنات البوكس'' من عمل لطيفة ربانة دوغري وسالم الطرابلسي، الذي سبق له المشاركة في مهرجان الدوحة السينمائي. من العروض اللافتة فيلم "رجال أحرار" للمغربي الفرنسي الجنسية اسماعيل فروخي، ويرجع فيه الى الحرب العالمية الثانية حين ساعدت مجموعة من المسلمين المقيمين في باريس بعض اليهود المطاردين من قبل النازيين.

الفيلم يمكن وصفة بأنه اعادة قراءة تاريخ غَطَت عليه أحداث أخرى أعقبته وساهمت في طمسه، فالرجال الذين ضحوا بحياتهم في سبيل تخليص عوائل يهودية من الموت جسدوا بأفعالهم معان انسانية، لعب فيها العرب والمسلمون دوراً مشرفاً لابد من تسجيله، ولهذا ف"رجال أحرار"هو في جزء منه توثيق سينمائي لتاريخ وحقبة زمنية توحدت فيها البشرية وعلى اختلاف دياناتها ومذاهبها في مجابهة عدوها البغيض: الفاشية.  أما فيلم "الشوق" فيعرض من خلاله المخرج خالد الحجر، حالة مصر قبل الثورة وبطريقة غير مباشرة يشير فيها الى حالٍ كان لابد من تغييره. من الجزائر سيشاهد جمهور غوتنبرغ فيلماً يحمل اسمها: "الجزائر غداً"، ويسلط فيه مخرجه أمين سيدي بومدين ضوءاً على مشكلات شباب بلاده ومستقبلهم عبر مجموعة من الجزائرين كانوا يقضون معظم أوقاتهم في حوارات يغلب عليها هاجس التغيير والهجرة، كما في حالة فؤاد، الذي قرّر الهجرة إلى فرنسا، وحاول إقناع رفاقه بها. كان من الممكن أن يظلَّ هذا الموضوع مصدر حكاية الفيلم كلّه، لكن، وفي لحظة جسدت تقاطع طرق الأصدقاء، ظهر على الشاشة تاريخ الزمن الذي كانوا فيه: إنهم في اليوم الرابع من تشرين الأول/أكتوبر 1988، أي قبل يوم واحد من الأحداث الدراماتيكية التي عاشتها الجزائز حينها. عمل أمين سي بومدين مراوغ، حمّال أوجه: هو قابل للتفسير بكونه قراءة لتاريخ يتوعّد بإعادة نفسه إذا حدث تغيّراً في البلد، شبيه بالذي عرفته تونس ومصر. بمعنى الخوف من انفلات يعيد البلد إلى "سنوات الجمر". وفي قراءة ثانية، بدا كأنه تنبّأ بحدوث تغيير وشيك في الجزائر، كالذي حدث في الجوار العربي. في الحالتين، أعطى التاريخ المكتوب في خاتمة الفيلم لوحده معنىً درامياً، رفع من قيمة العمل وأغناه. وعلى المستوى السينما غير العربية هناك "جمال" للجنوب أفريقي أوليفر هيرمانوس الذي رشح، أيضاً، ليمثل بلاده في منافسات الأوسكار، وقبلها خرج بالكثير من الجوائز منها جائزة أفضل فيلم في مهرجان دوربان السينمائي، فيما مَثل فيلم "قضية جري" مفاجأة رواندية كونه أول فيلم روائي تنتجه في تاريخها، ويشي شغل مخرجه كيفو روهوروزا بموهبة سينمائية واعدة، تجلت في إسلوب تناوله موضوع الحرب الأهلية التي عاشها، وجسدها بطله جري، من خلال دوره كشاب فقد جزءاً من عقله إثر ما شاهده من أهوال. لجأ كيفو الى مستويين من السرد أحدهما يمثل المخرج نفسه الذي أراد صنع فيلم ولكنه لم يجد الدعم اللازم له، فالفن ليس من أولويات الساسة في بلاده ولهذا سيحاول بجهده صنع فيلمه الخاص وليصور، وهنا يأتي المستوى الثاني، بكامرته ما تعرضا له جري من تمزق وضياع بسبب الحروب التي دمرت بلاده وراح جل أفراد قريتهم ضحية لها فما كان منه في النهاية إلا أن وضع حداً لحياته. بإنتحاره يصدم كيفو متفرجه بعد أن أعطاه بارقة أمل بتحسن حالته النفسية. انه ترميز الى النهاية التراجيدية لآلاف من الأفارقة الذين كان الموت في انتظارهم سواء من خصومهم أو من ذواتهم المعذبة التي لم تعد تحتمل حتى ذكريات الحرب.

الجزيرة الوثائقية في

15/04/2012

 

رسالة مهرجان بارى بإيطاليا (2)

"الرجل الأول " فيلم مكتمل عن قصة غير مكتملة

صفاء الليثى 

أتصور أننى تابعت الفيلم بعد مرور الدقائق الأولى ، ودون أن تكون لدى خلفية عما سأشاهده. أرى رجلا متوسط العمر بحلة رسمية وسط تجمع صاخب، منهم من يحمل لافتة _ الجزائر فرنسية- ، تظهر معارضة كبرى للرجل الذى يتحدث  بلغة فرنسية عن انحيازه لاستقلال الجزائر عن فرنسا ، أتابع الترجمة الإنجليزية على الشريط ، وخطوات الرجل الهاديء المختلف عن المحيط الذى يملأ المشهد. ثم قطع على مشهد لعربة بدائية محبوس بها كلاب ضالة. طفل كان قد تسلل من منزله يقترب بفضول من الكلاب خلف الحجز، فجأة يظهر أطفال أشقياء يحثونه على إطلاق سراح الكلاب، فيطلقها، يظهر رجل بلباس مغاربى يتحدث بالعربية نادبا حظه، يطارد الأشقياء وينجح فى اصطياد الطفل بطوق الكلاب، يأخذه ويحبسه فى العربة مكان الكلاب، ويتركه حتى صباح اليوم التالى، العربة الآن على شاطئ البحر فى موقع قريب من كوخ العربى. يقترب ابن الرجل العربى يطلق سراح الصبى الأبيض ولكنه يساومه – فى صمت- ليحصل على حذائه

تقديم شخصية العربى صائد الكلاب الضالة أهوجا طائشا، والعربى الصغير وضيعا يأخذ مقابل مساعدته للآخر ستتدعم على مدى الفيلم . فسوف نعرف أن الصبى الأبيض يدرس فى مدرسة عامة ومعه الصبى العربى الذى يبادره بالعراك، يتحمس التلاميذ الآخرون ويتزايد العراك، يحضر المدرس الفرنسى ويعاقب العربى بتذنيبه ، هو الآن فى الحوش رافعا يده والآخرون يلعبون، يقترب الصبى الأبيض ليعطيه طعاما فيصفعه على وجهه . يصور المخرج العربى الصغير جحودا يقابل الحسنة بالعنف. وهو عين موقف العرب الكبار الذين يهاجمون الأستاذ لمساندته استقلال الجزائر. وهكذا بعد مضى حوالى ربع الساعة من الفيلم الذى بلغ طوله مائة دقيقة  فيها يضعنا المخرج إيمليو على طريق تتبع فيلمه الذى يقدم سردا بأسلوب تيار الوعى المعروف فى الأعمال الأدبية. متتبعا طفولة جاك وهو ألبير كامو نفسه صغيرا وعلاقته بالسكان الأصليين للجزائر. مستعرضا أزمة الكاتب وأمه الفرنسية التى اندمجت مع العرب وفضلت البقاء فى الجزائر بعد الاستقلال. تعبير السكان الأصليون ترفضه السيدة عقيلة أوراد التى تم استضافتها لتعلق على الفيلم فى ندوة عقدت صباح اليوم التالى لعرضه، فى حضور المخرج جيانى إميليو وناقد إيطالى ومدير المهرجان السيد فيليتشى لوداديو، السيدة عقيلة ناشطة حقوقية ومدافعة عن حقوق المرأة أعربت عن غضبها من استخدام مصطلح السكان الأصليون وقالت نحن جزائريون أو تونسيون أو فلسطينيون. المخرج الإيطالى المعروف باهتماماته التى تتخطى حدود قضايا بلاده المحلية نفى أن يكون قد صور العرب على أنهم يميلون إلى العنف وجاحدون. وأكد أنه أراد أن يقدم لعمل المقاومة الذى سينخرط فيه لاحقا " الرجل الأول" وهو الابن الذكر الوحيد للعربى الذى زامل ألبير كامو فى الدراسة الابتدائية. ودافع عن عمله أمام رأى الناقدة التونسية نورا بورصالى التى طُلب منها التحدث عن الثورات العربية فبدأت بالتعبير عن رفضها الصورة التى ظهر عليها العرب فى الفيلم . ولكننى أميل إلى رأى المخرج الذى نجح فى تصوير علاقة قوية بين كامى والعربى استمرت حتى عام 1957 حين انخرط ابن العربى فى المقاومة ويحصل كامو على اذن بالزيارة وفيها نشاهد فتى أبيا يطلب من أبيه أن يطمئن عليه لأنه فى حالة ممتازة مستعدا للشهادة فى سبيل تحرير بلاده.

فى أحد مشاهد العودة للماضى سنشهد ميلاد المناضل طفلا ذكرا بعد عدد من الإناث وسيكون فرحة أبيه والرجل الأول فى العائلة. ينتهى الفيلم بالبيان الذى ألقاه جاك-ألبير كامو- فى الإذاعة ينحاز فيه إلى استقلال الجزائر عن فرنسا. بعدما زار أمه التى رفضت أن تجمع حاجياتها وتغادر الجزائر التى استراحت فيها رغم عدم اندماجها مع أهلها. الفيلم ليس من الأفلام باهظة التكاليف ضخمة الديكورات، ويظهر هذا فى السوق الذى سيذهب إليه جاك للبحث عن أمه، فقط بضع نساء بحجابهن الأبيض وقليل من التفاصيل. وكانت المشاهد التى تحكى عن طفولته أكثر غنى استمتعنا فيها بتفاصيل علاقته مع جدته القاسية، وخاله عامل المصنع المحب لابن أخته اليتيم الذى فقد أباه وربته الجده بقسوة محبة ليشب مسئولا ، نشاهد الطفل يعمل فى المصنع وينال الإعجاب لأنه يجيد الحساب، الطفل متفوق وعندما يقررون ألا يذهب للمدرسة لضيق ذات اليد، يأتى مدرسه ويحصل له على منحة. الطفل الذى قام بالدور تم تكريمه فى الدورة الرابعة لمهرجان بارى ومنح جائزة خاصة عن أدائه قدمها له المخرج جيانى إميليو فى حفل ختام المهرجان 31 مارس 2012. وكان الفيلم حاز جائزة النقاد الدولية الفيبريسى للأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية عام 2011.

العمل الأدبى يمثل سيرة ذاتية خيالية للكاتب الفرنسى المولود بالجزائر ألبير كامو، وتغطي شبابه في الجزائر،  مع قدر من التفاصيل عن حياة الطبقة العاملة البيضاء التي ينتمي إليها، غياب الأب والعلاقة القوية مع الأم  التى لم تترك الجزائر حتى بعد الاستقلال، تصف تدخل أحد مدرسي المدرسة الذين حصلوا على منحة دراسية له ، وكان يربطه به علاقة شبه أبوية ومحبة خاصة، كانت الرواية هى الخطوة الأولى على الطريق إلى جائزة نوبل للآداب  رغم أنها لاتدرج ضمن أعماله الهامة الغريب والطاعون. ونشرت في فرنسا في عام 1994، اكتشفت  بعد 34 عاما بعد مخطوطة بخط اليد لها في حطام حادث سيارة أسفر عن مقتل صاحبه وكان ذلك عام 1960، وقد نقلها الكاتب / المخرج جياني أميليو إلى الشاشة مع كامل الاحترام لتفاصيل الرواية . الفيلم من بطولة جاك كومرى ومن إنتاج فرنسا والجزائر وإيطاليا عام 2011.

أما المخرج الإيطالي.جياني أميليو  فهو من مواليد 20 يناير 1945 في دي سان بيتر ، بمقاطعة كاتانزارو، كالابريا. بجنوب إيطاليا، انتقل والده إلى الأرجنتين بعد وقت قصير من ولادته. أمضى شبابه والمراهقة مع والدته وجدته.  وسيكون عدم وجود الأب ملمحا متكررا في أعمال أميليو في المستقبل.

خلال دراسته الجامعية في الفلسفة في ميسينا، اهتم أميليو بالسينما ، ومارس الكتابة والنقد السينمائي لمجلة محلية. وفي عام 1965 انتقل إلى روما، حيث عمل مساعدا للإخراج مع ليليانا كافاني وفيتوريو دي سيتا. كما عمل في التلفزيون فى إخراج البرامج الوثائقية والإعلانات.

قدم إميليو عمله الهام الأول فى التلفزيون  عام1973 للتلفزيون ، وأعقب ذلك بوثائقى عن فيلم  بيرتولوتشي  1900 اطلاق النار 1976، وبعد عامين قدم فيلمه " مدينة الشمس" الذى فاز بجائزة في مهرجان لوكارنو،   وأعقبه بفيلم " الموت فى العمل "  1979 نال انتقادات لاذعة. في عام 1982  قدم فيلم " تبادل لاطلاق النار في القلب" عن الارهاب الايطالية، الذى عرض في مهرجان البندقية السينمائي. في عام 1987 صدر أميليو فيلم " عن طريق الولاد" عن حياة  علماء الفيزياء اٌلإيطاليين عام 1930 الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان باري. (ثم قدم عام 1989  فيلم " الأبواب المفتوحة" الذى أكد وضع أميليو باعتباره واحدا من أفضل المخرجين في ايطاليا وحصل على ترشيح لأفضل فيلم أجنبي في جوائز الاوسكار عام 1991

واستمر النجاح مع فيلم " الأطفال المسروقة "  عام1992، الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان كان السينمائي ، وقدم  لاأمريكا  عام 1994، حول الهجرة الألبانية في إيطاليا، والجنيات والنجاح،. بعد أربع سنوات فاز "طريق كوزى" بالأسد الذهبي في مهرجان –فينيسيا- البندقية السينمائي

كما نال أميليو الشريط الفضى كأفضل مخرج عن  "مفاتيح البيت " عام 2004.

وكان أميليو عضوا في لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي في عام 1995. في عام 2006 أخرج فيلمه الثامن " النجم المفقود" عام 2009، وأصبح مدير مهرجان تورينو، تورينو. عام2011 قدم فيلمه " الرجل الأول" الذى كان واحدا من أهم الأفلام التى عرضت بمهرجان بارى.

الجزيرة الوثائقية في

15/04/2012

 

مصورون فوتوغرافيون مَكْشُوفون لعدسات التسجيل

محمد موسى من أمستردام 

تعرض صالات سينمائية اوربية فيلمين تسجيليين يشتركان بتقديمها لسيرة ويوميات مصورين فوتوغرافيين شهيرين، احدهما يرفض التعاقد، رغم انه تجاوز الثمانين من العمر، والآخر تفتحت له في الاعوام الاخيرة أبواب السينما، فأخرج فيلمان طويلين نالا ثناء نقديا لافتا، لكنه، مثل زميله من الفيلم الآخر يرفض أن يرمي كاميراته الفوتغرافية، ويتمنى ان يجمع بين الانشغال بها والعمل السينمائي الذي يستهويه.

من السهل تخمين إسم المصور الفوتغرافي الذي اتجه للسينما مؤخرا، فالخطوة التي قطعها المصور الهولندي أنطون كورباين بالوقوف خلف الكاميرا السينمائية ليست شائعة كثيرا بين اقرانه. لكن الفيلم التسجيلي ( أنطون كورباين من الداخل الى الخارج) والذي عرض في الدورة الاخيرة لمهرجان برلين السينمائي ويعرض حاليا في صالات سينمائية هولندية، لن يركز فقط على تلك الانتقالة للمخرج، بل يعود معه الى سنوات حياته المبكرة في قريته الهولندية الصغيرة، وترعرعه بكنف عائلة، همين عليها الاب القس، والقادم من خط طويل من الرجال الذين عملوا بخدمة الكنيسة البروتستاتية.

بدل العمل الكهنوتي، والذي كان رغبة الاب، كان الصبي اليافع مأخوذا بعالم آخر، يبدو على النقيض من أجواء الكنائس، فموسيقى الروك الرول، ونجومها خطفوا قلب الشاب الخجول، لكنه لم يرغب كثيرا بالانضمام اليهم كمغني او عازف، بل إختار ان يحفظ عالمهم الغريب الصاخب والسوداوي عن طريق الصور الفوتوغرافية، فاقترب المصور الشاب سريعا من عالم الفرق الموسيقية الهولندية والاوربية، والتي انتبهت الى موهبة المصور الخاصة لتقربه منها، ولتبدأ من هذه الرفقة، واحيانا الصداقة، مسيرة شديدة التميز، يمكن التعرف على بعضا أبرز محطاتها  في المعرض الاسترجاعي الكبير لاعمال أنطون كورباين ، والذي نظم قبل عامين في العاصمة الهولندية أمستردام، وهو المحطة الزمانية التي بدأت منه المخرجة الهولندية كلارتيه كوراينز فيلمها التسجيلي عن المصور.

تبين المشاهد الاولى من الفيلم والتي صورت كواليس الاستعدادات للمعرض الاخير لأنطون كورباين ، وخاصة عندما كانت الكاميرا تنتقل بين الصور الفوتوغرافية الكبيرة المعلقة على جدران القاعة التي كانت تعرض اعمال المصور الهولندي، للاهمية والمكانة المتميزة له، فليس من السهل ابدا لمصور آخر ان يقنع تلك المجموعة المختلفة المزاج من مشاهير الغناء الغربيين بالوقوف لساعات امام كاميرته وتلبية كل رغباته. من فرقة ( U2  ) الايرلندية الشهيرة، الى ميك جاكغر مغني فرقة الرولنغ ستون البريطانية، والذي ارتدى ملابس نسائية وصبغ وجه بالمكياج من اجل صورة لأنطون كورباين ، تطول القائمة، وتمتد زمنيا من بداية عقد السبعينات من القرن الماضي الى الزمن الحالي ، حيث لم يتوقف أنطون كورباين عن عمله الاساسي كمصور رغم اتجاه للسينما واخراجه لفيلمين (كنترول ،عام 2007) و (الامريكي ، عام 2010) ، فالمخرجة ترافق  المصور اثناء جولته مع فرقة (U2)، من اجل صور جديدة لالبوهم القادم.

لا يرغب أنطون كورباين بالحديث كثيرا عن حياته الخاصة. تنجح المخرجة احيانا بجره للحديث عن والده القس، ذو الشخصية القوية، والام التي لم تكن سعيدة في حياتها. لكن عندما تتجه الاسئلة الى شخصه هو، يظهر عدم الارتياح على وجه المصور، ليكشف بصوت خافت وخجل، كالذي يعتقد انه من المبالغة الحديث عن الذات، بانه ربما اهمل الانسان، وركز على الفنان في حياته المزدحمة بالتقاط الصور الفوتوغرافية ، وهي الاعمال التي وصفها مغني فرقة (U2) الارلندي "بونو"،  بانها تنجح دائما بان تجد شيئا مخفيا في روح الذين تصورهم، وتظهره كقوة سوداء فريدة !

وبسبب غياب الحوارات الطويلة ، ورغبة المخرجة بتقديم معادل فيلمي لقوة الصورة الفوتوغرافية لأنطون كورباين ، تبدو كثير من مشاهد الفيلم ، والانتقالات التي يقوم بها من الماضي الى الزمن الحالي ، ومن الصورة الساكنة الى المتحركة ، وكانها جزء من حلم طويل للمصور ، بدأ من قرية هولندية بروتستاتية صغيرة ، ويتوزع الآن على غرف في فنادق حول العالم ، تشهد عبور الموهبة والايقونة ، والذي دارت حوله كاميرا الفيلم التسجيلي ، دون ان تتطفل عليه كثيرا.

مصور أزياء اهل نيويورك 

بمعطف ازرق، يرتديه بالعادة كناسي المدن الاوربية، ودراجة هوائية قديمة، يقطع المصور الامريكي بيل كانينغهام شوراع مدينة نيويورك، متنقلا من مناسبة موضة الى آخرى، ومن عرض ازياء الى آخر، لكن منجزه الابرز هو توثيقه لازياء ناس عاديين في  الشارع، ليعدها لزوايته التي تصدر كل يوم سبت في جريدة نيويورك تايمز، والتي حولته الى واحد  من اهم الذين يحددون اتجاه الموضة كل عام، بنقله لمزاج الشارع، والذي يسبق احيانا خيال مصممي الازياء في نيويورك ، المدينة الامريكية، والتي تعد الى جانب لندن، باريس وميلان، من اهم مراكز الموضة في العالم.

وكحال فيلم (أنطون كورباين من الداخل الى الخارج)، يسعى مخرج فيلم (بيل كانينغهام نيويورك ) الامريكي ريتشاد بريس، الى تقديم متوازي، لمنجز المصور واسلوب عمله، بالاضافة الى تسليط الضوء على حياته الخاصة. لكن ومثل الفيلم الاول، يتجنب بيل كانينغهام من الحديث عن حياة خاصة، ربما لغياب تلك "الحياة الخاصة" ، فهو نذر حياته ومنذ عقود طويلة لعمله، وليس هناك متسع لاي شيء آخر، فالمكان الذي يحجزه لنومه لا تزيد مساحته عن مترين فقط من الاستديو الذي يعيش فيه منذ اكثر من ستين عاما، وتحتل زويا المكان، خزائن للصور التي التقطتها، ويحتفظ بها جميعا.

عندما يحصل بيل كانينغهام على جائزة تكريمية في باريس، يلقي كلمة مستعجلة بفرنسية مخلوطة بالانكليزية، ليعود بعدها الى شوارع باريس، والتي صور بها كثيرا في زياراته السنوية للمدينة، ليبحث عن شخصيات عنيدة ترفض الموضة التقليدية، لترتدي ما تراه مناسبا، وهو الامر  الذي يجذب المصور الامريكي، والذي لا يعير اهمية للنجوم، فعندما تمر من جنبه الممثلة الفرنسية المعروفة كاترين دينوف، لا يكلف نفسه برفع الكاميرا ليصورها، في الوقت الذي يطارد مجهولين في شوراع نيويورك وباريس.

لن يترك بيل كانينغهام صور فوتوغرافية شهيرة كالتي يضمها كاتلوغ المصور الهولندي أنطون كورباين. فعمله بالاساس هو لتوثيق موضة الشارع، وابرازه بعرضه على صفحات واحدة من اشهر صحف العالم، ليؤثر في النهاية على تطور الموضة، اضافة الى وظيفته الترفيهة الآنية لقراء ومتابعي صفحات الموضة العادين.

ولانه لا يمكن الحديث عن الفن في نيويورك الآن ، دون تخصيص مساحة تقترب من "الرثاء" لحال المدينة التي تفقد كل عام بعضها من هويتها الفريدة ، يسجل الفيلم التسجيلي ، المحاولات التي يقوم بها فنانين للحفاظ على البناية التي يقيم فيها بيل كانينغهام ، والتي شهدت ايضا انطلاقة النجم السينمائي الشهير مارلون براندو . هذه البناية الشديدة الاهمية في تاريخ المدينة الفني ، تم بيعها الى شركات تجارية ، وعلى سكانها من الفنانين القدماء  ، تركها لاصحاب البدلات الانيقة الغالية! .

الجزيرة الوثائقية في

17/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)