حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جان كلود قدسي:

في فيلم مماثل كان يجب أن أنسى طموحي السينمائي

هوفيك حبشيان

بدأ أمس في الصالات اللبنانية عرض آخر أعمال المخرج اللبناني جان كلود قدسي، "انسانٌ شريف"، الذي سبق أن اختير في مهرجان الدوحة السينمائي، مسجلاً به عودة لم تكن في الحسبان، كون آخر عمل روائي طويل له يعود الى عام 1994 ("آن الآوان"). في الآتي، يحاول هذا المخرج المترجح بين الغرب والشرق أن يفتح لنا صندوق اسراره السينمائية

"لم أستطع ان أقدم أفلاماً جديدة لأسباب انتاجية. اشتغلت على مشاريع عدة، لكن ما من مشروع دخل حيز التنفيذ. هذا أول فيلم أجد له انتاجاً منذ فترة طويلة. أثناء غيابي، عملتُ في التعليم وتنقلتُ بين لبنان وباريس. صوّرتُ "إنسانٌ شريف" في أواخر عام 2009، لكن قلة الامكانات حالت دون ان أنكبّ على المونتاج. ثم حصلتُ على دعم من مهرجان الدوحة السينمائي، لكن شرطهم الأساسي كان الاّ اعرض الفيلم في مهرجان عربي آخر قبل عرضه في الدوحة، ما جعلني أضطر للانتظار الى الآن لعرضه في الصالات

درامياً، الموضوع الاساسي في الفيلم هو جريمة الشرف. لكن، لم يكن هدفنا ان نفضح هذا الموضوع وان نحول الفيلم عملا نضاليا. كنت اريد النظر اليه بشكل أوسع، أي أن اتطرق الى مسألة الشرف بشكل عام. الشرف قيمة اساسية في مجتمعنا الشرقي، ولا أحد ينكر ضرورة أن يكون الانسان شريفاً ومحترماً. لكن، البحث عن تلك القيمة قد تفضي بنا أحياناً الى أماكن غير محترمة. تبدأ الفكرة من لحظة اكتشاف ابرهيم أن كل الناس يعتبرونه انساناً شريفاً، في حين هو لا يعتبر نفسه كذلك، لذا يحاول خلال الفيلم أن يتحول فعلاً الى انسان شريف. هذا الشريط يحاول أن يرى أين هناك شرف واين ليس هناك شرف، لمعرفة ما السبب خلف ارتباط الشرف بالجنس في عالمنا العربي، علماً ان الأجوبة تُترك الى المشاهد ولا نحلل هذه الأمور، بل نشير اليها. عنوان الفيلم بالانكليزية يوحي بأنه فيلم مافيا. السؤال هنا: هل هذا الانسان شريفٌ أم لا؟ وما معنى أن يكون شريفاً؟

لا اعتقد أن ابتعادي عن التصوير صعّب عليَّ عودتي. لم افقد علاقتي مع الواقع اللبناني، خصوصاً انني اعلم في جامعة، وعندي طلاب. لا اصور لكنني لا ازال في هذا المجال. في المقابل، ما اختلف طوال هذه السنوات هو تطور الامكانات في لبنان. عندما صورتُ "آن الآوان" عام 1993، أضطررتُ الى أن آتي بكاميرا من روسيا. لم يكن هناك تقنيون ولم يكن هناك شيء. حتى خطّ التلفون كان يصعب الحصول عليه. الآن، صار لدينا محترفون في كل المجالات. هذه ميزة. في لبنان باتت لنا امكانات. وهذا كله بفضل صناعة الفيديو كليب. لكن القائمين على هذه الصناعة يحبون العمل في فيلم سينمائي، وعندما تقول لهم انك لا تستطيع أن تنفق على فيلم ما ينفق على كليب، يقولون لك "لا بأس، نحن نحبّ ان نساهم في انعاش السينما اللبنانية". 

مرحلة الكتابة هي الأكثر امتصاصاً للوقت. هناك ايضاً عملية العثور على تمويل. في البداية، كتبتُ ملخصاً عن الفكرة وقدمتها الى منتجين وورشات عمل. اختير المشروع ودعيتُ الى أماكن عدة لمناشقته والعمل على السيناريو مع منتجين. هذا كله تطلب الكثير من الوقت، لكنه ساعدني كثيراً كي أخوض المغامرة. لولا الدعم الذي جاءني من "صندوق الجنوب"، لما كان ممكناً انجاز الفيلم. أثناء الكتابة، استشرتُ كثيرين. تعاونتُ مع كتّاب سيناريو. كنتُ اطلب الى اشخاص أعرفهم أن يطالعوا النصّ. وأكثر من ساعدني هو غسان سلهب، زميلي في التعليم. سينماه مختلفة عن سينماي، لكنه امتهن السيناريو لفترة طويلة. عنده تجربة وأحساس، وهو سينمائي قبل كل شيء. أحبّ سينماه كمتفرج، لكن لا استطيع ان اصنع مثلها.

في البداية، كنتُ اريد أن اصوّر الفيلم بأكمله في الأردن، تسهيلاً لعملية تطابق تفاصيل الحكاية مع المكان. بعض المشاهد التي من المفترض انها تجري في الأردن صورناها في الهرمل والبقاع. كان علينا المزج في أماكن التصوير، كي تركب الحكاية. كان هناك منتج اردني يريد المشاركة في الانتاج، وأخضع بعض الممثلين لكاستينغ وقام باستطلاعات، لكنه في النهاية تخلى عن المشروع. كنتُ اعرف مجدي مشموشي مذ صورت معه "آن الآوان"، قبل نحو 20 عاماً. انذاك، كان صغير السنّ. عندما عرف انني اعمل على هذا المشروع، طلب اليّ ان اتكلم مع الممثل محمود سعيد، الذي اعرفه مذ عملتُ مع برهان علوية على "قفر قاسم"، اذ كان يفترض به أن يضطلع بدور البطولة فيه، لكن مصطفى العقاد اتصل به طالباً اياه لدور في "الرسالة". عندما تبين لي انه لم يعد هناك مجال للعمل في الأردن، عدتُ الى لبنان. واخرتُ الممثلين وأولهم مجدي. ثم تعرفتُ الى شادي حداد الذي لم أكن اعرفه. في البداية، لم اكن انتظر هذا النوع من التمثيل. كانت لي رؤية أخرى لشخصية شادي، لكن حين رأيته يمثل هكذا، قلتُ لنفسي: ... ولكن لماذا يلعب على هذا النحو. ثم قلتُ "لمَ لا؟". وجدت فيه اضافة

هناك صعوبة في ان تنجز فيلما قادرا على اظهار شخصيتك كمخرج وأن يصل الى الجمهور في الحين نفسه. بالنسبة إليَّ من المهم أن يُشاهد الفيلم. طبعاً، ليست هذه ميزته الأساسية. خصوصاً عندما تتطرق الى موضوع كهذا، مع اني لا اعرف اذا كان يفيد أم لا. كنت محتاراً بين طريقين: من جهة، السينما التي احبها وهي سينما لا تخاطب أبداً، تاركاً للمتفرج مهام استنتاج كل شيء، من جهة أخرى السينما التي تنفتح على المشاهد وتعطيه فرصاً متتالية. فقررتُ أن أميل الى الثانية. كانت لي بداية طويلة وصعبة وكنت اجدها جميلة سينمائياً، ولكن ما ان شاهدها المنتجون حتى قرروا أن المشاهدين سيخرجون من الصالة. سينمائياً كانت جيدة لكنها لا تجذب. كان على المشاهد ان ينتظر طويلاً ليفهم ما يحصل. وبعد نقاش مع المنتجين وصلتُ الى اقتناع أن في فيلم مماثل كان يجب أن أنسى قليلاً طموحي السينمائي. وجدتُ انه كان عليّ أن أكون أكثر مباشرة

لستُ ضد ظاهرة الأفلام التلفزيونية التي تُعرض في الصالات. ما من عيب في أن يزيد عدد الأفلام اللبنانية، مهما تكن نوعيتها ومستواها. الأهمّ ان نشجع المتفرج على مشاهدة الفيلم اللبناني. ثمة أفلام تجارية هدفها ان تحقق الاموال. لمَ لا؟ انا لا انتمي الى هذه الشريحة. لكن لا مانع عندي. في النهاية سيكون هناك فرز. والمتلقي سيعرف مع الوقت أن يختار الجيد. الفيلم ليس عن الحرب، لكن، هناك رواسب منها. هذه الصفحة لا يُمكن ان تطوى. هذه تاريخنا، وهو شيء اساسي على الاقل درامياً. الحرب تسمح لي بأن أروي قصصاً عالية النبرة. حالياً، ليس عندي رغبة في ان اعود وانجز أفلاماً عن الحرب، لكنها ستبقى ماثلة في أفلامي بشكل أو بآخر". 

روس ماير، عاشق النهدين!

هـ. ح.

في السينما الأميركية المعاصرة، وربما في السينما العالمية أيضاً، لا أحد استطاع أن يبلغ هذه المرتبة من السوقية والذوق الرديء كما فعل روس ماير في أفلامه. مع ذلك صار "مدرسة" في فنّ المبالغة والتعظيم والتطرف المضحك في تصوير الجنس وصدور النساء الممتلئة، حدّ انه امسى بالنسبة الى السينما "ب" ما كانه ايد وود بالنسبة الى سينما السلسلة "زد": مرجعاً وأميراً بلا منازع، برغم أنوف النقاد والرأي العام المحافظ. مع هذا الفرق البسيط بينهما، وهو انه لم يكن يحب ارتداء التنانير النسائية وجوارب الحرير كما كانت الحال مع زميله وود. من خلال حفنة من الأفلام لا قيمة لها سوى انها حولت عيب السينمائيين الآخرين فضيلة، عرف كيف يخاطب جمهورا أميركيا متيما بصدر النساء العامر، قبل بسنوات من اكتشاف أطباء التجميل المعجزات التي يستطيعون فعلها (والشناعات ايضاً عندما تطاول الشفاه على سبيل المثال)، بتلك المادة المسماة السيليكون.  

خلافاً للكثير من السينمائيين الذين لم يكن في نيتهم سوى تسليع المرأة في افلام جنسية تجارية تتنافى مع فكرة المساواة، لا تتخذ صورة المرأة لدى ماير ابعاداً رخيصة. لأن هذه الأفلام، ومهما سعينا الى أن نحط من شأنها، ليست سوى تمجيد لجمالهن والأشياء التي يستطعن القيام مع ذلك الجمال. بل وهي هنا أساساً (أي الأفلام) لتكون على قدر من الانحراف الايجابي انسجاماً مع الشعار الذي رفعه الكثير من الفنانين، في مراحل سابقة، رغبة منهم في التموضع في منتصف الطريق بين تيارات النسوية التي تراجع نشاطها مع الزمن، والتيارات الاخرى التي لم تفعل الا استغلال المرأة. هذا الانحراف الايجابي لم يأتِ عند ماير انطلاقاً من مبدأ ان خير الأمور أوسطها، انما لأنه شكل، وبسرعة قياسية، الركيزة الاساسية لسينما لعبت مع الانحراف طولاً وعرضاً من دون أن تكون متواطئة مع اي من الايديولوجيات المنتشرة انذاك. لهذا السبب ربما لا نزال نتكلم عن هذه السينما الى اليوم

لا شك ان ماير كان يعشق النساء عشقاً خاصاً. لكن في نظرته رومنطيقية غير تلك التي تتجلى في أغاني خوليو أغليسياس. كل ما كان يريده ماير هو النساء والنساء ثم المزيد من النساء ليروي من خلال أجسادهن، قصصاً تبينت انها أميركية قلباً وقالباً. وهي تقول اميركا من خلال سرد حكائي لم يكن ليغدو منطقيا لولا براعة ماير في امراره على نحو يتهكم من الصدقية والمنطق. الغربيون يشيرون الى بعض الفنانين وعوالمهم الفانتازماغورية بكلمة جميلة قد تفتقد مثلها اللغة العربية: كولت. ماير من هؤلاء الـ"كولتيين". يصنَّف دوماً بمهووس جنسي يضع ما يليق من أفكاره المنحرفة على الشاشة، لكنه لا يستطيع الا أن يكون ابن بيئة أميركية ترزح تحت وطأة السياسة والدين والرأسمالية

من هذا التناقض الخلاّق بين أفكار الشخص وأفكار الأمة، تلاحمت شخصيته وأفلامه، تلاحم العظام باللحم. قيل عنه الكثير وكتبت على نيته الشتائم والاسقاطات المسيسة وغالباً ما اختصرت سينماه ببضعة كليشيهات لنساء، سلاحهن الوحيد صدورهن العارمة والسخية، ولا شك ان هناك ما هو صحيح في هذه الكتابات، لكن في العموم ظلّ هذا المخرج أسير اللعبة التي ابتكرها، ولم يستطع الخروج من جدران هذا السجن الذي ابتكره لنفسه، فحرم تالياً من قراءات أكثر سينمائية لأفلام تستحق ما تستحقه من التفات حباً بالابتكار. صحيحٌ أن همه الاول تمحور على تعميم حالة المرأة السيئة الخلق، وصحيح أيضاً انه مولع بالنساء ذوات الصدور الضخمة، بيد أنه استطاع حمل هذه النماذج الى أماكن أرقى من مجرد اللهو واغراء المشاهد ومداعبته

للسخرية والطرافة والازدراء فضل كبير على سينما ماير. من دونها لكان هاجر ربما مكانه، الهامش، الى المتن، مع العلم ان هذه السينما لا تعيش الاّ في الظلّ. جاء بسخرية شعبية لكنه جعلها نخبوية تداعب احساس سينيفيليين كبار من مثل كوانتن تارانتينو الذي لا شك انه استرق النظر كثيراً الى أفلامه عندما كان يعمل في متجر الفيديو. قبل سلسلة "إمرأة سيئة الخلق"، كان يشاع ان ماير يقدّس النهدين. مع هذه السلسلة ثبتت عليه التهمة. مذذاك، لم يعد في حاجة حتى لاختلاق الحجج سعياً وراء تصوير حلمات الصدور العظيمة للنساء من كلّ الزوايا. هذا جانب من الذي يمكنكم ملاقاته في فيلم لروس ماير. انه الجنس، نعم، بكل مكوّناته، لكنه جنس يزيل عن سطحه هذا الخوف المتأتي من التربية الدينية الصارمة التي تنالها المجتمعات الكاثوليكية والاسلامية واليهودية الارثوذكسية. الجنس في صميم كل وحدة تصويرية، لكنه ملهاة. هذا الجنس، عندما يتموضع بعيداً من المأساة، لا يمكن الا ان يكون ملهاة. باختصار، انه جنس يلهو به الكبار، من دون عقد ومآزق أخلاقية ومعضلات نفسية. الطابع الهزلي الذي يرافق كل صغيرة وكبيرة من الحوادث في الفيلم، هو الذي يأتي بهذا الانطباع الى المُشاهد، اذ لا تحمل أيٌّ من الشخصيات مشكلاتها على محمل الجد. لم يشأ ماير التطرق إلى الجنس، في ايّ من أفلامه، على أنه من الممارسات اليومية المفروضة فرضاً. الجنس بالنسبة إليه مقدس فقط عندما يمارس للذة وليس كواجب بين زوج وزوجة

"الحوض الخامس" لسيمون الهبر في "شاشات الواقع":

أيادٍ خشنة وذاكرة طرية

في "الحوض الخامس" لسيمون الهبر (عُرض سابقاً في مهرجان دبي) الطريق معبرٌ بين زمنين. مَن سبق أن أعجب بـ"سمعان بالضيعة" (2009) كان في انتظار هذا العمل على أحرّ من الجمر. الهبر يتعامل هنا مع أيادٍ خشنة وقلوب يعشش فيها الاجحاف. هذه الأيادي الخشنة ليست موضع اهتمام لخشونتها فحسب، لكن لما يمكن أن تصنع من لحظات انسجام مع الذات. هذه العلاقة العضوية بين سائق وشاحنة، تغدو مادة دسمة لفيلم يتحول بورتريهاً لمرحلة أساسية من تاريخ لبنان.

بداية، هناك الجانب الجمالي للعمل الذي تعززه كادرات مدير التصوير باسم فياض (سبق أن تعاونا على "سمعان"). مقابل صور تنتمي الى المرفأ البيروتي وحوضه الخامس الشهير، يضع النصّ كلاماً ظريفاً حيناً، ومؤلماً حيناً آخر في أفواه عدد من سائقي الشاحنات، الذين عاصروا الحرب اللبنانية، ما قبلها وما بعدها. هؤلاء باتوا شهود عيان على مرحلة انحلال ودمار، بدءاً من التسعينات التي أتت بمشروعها التأهيلي، ولم يفعل هذا المشروع الا تعميق الهوة بينهم وبين تاريخهم ومعاناتهم، وبينهم وبين المجتمع. للهبر أفكار اخراجية ملهمة، يُستغنى فيها عن الكلام: مرةً ضجيج المحركات، مرةً صوت الهليكوبتر، مرةً صخب تحدثه الرافعات، هذا كله يتحول موسيقى تصويرية "تتعدى" في أكثر من مكان على شهادة سائق أو اثنين، من الصنف الذي نجده بالمئات: صاحب روايات لا أحد يستطيع التدقيق في صدقيتها. بيد ان قسوة المخرج لا تمنع نظرته الرحوم، يرميها على شخصيات تشكل مدخلاً لفهم الواقع اللبناني

يمضي بنا الفيلم بين الشخصي والعام، ليستقر في حضن الوالد، والد المخرج. الحكايات الصغيرة والكبيرة تصبح عاطفية أكثر منها توثيقية في حضرة العجوز. ما يربط الهبر الصغير بالهبر الكبير ليس علاقة مصور بمادته. انها علاقة سيفتح من أجلها نجم (هذا اسم الأب) علبة الذكريات، كي يُخرج منها ما يشكل مصدر اعتزاز له، هو الذي بات في حاجة الى أن يغسل كليته كي يبقى على قيد الحياة. في مشهد رمزي، لعله الأجمل في الفيلم، يقتفي سيمون أثر والده وهو يمشي في مرأب للشاحنات يغدو للعين نوعاً من دهاليز. برغم المأساة الصحية والمادية التي عصفت بأيامه المعدودة على هذه الارض، يجد الرجل طريقه وسط أطنان الخردة.

في لقطة أخرى تتكرر مرتين، تخرج مجموعة أبقار من شاحنات النقل لتشق طريقها، على الأرجح، الى الذبح. مرةً، نجد المشهد هذا، كلقطة افتتاحية، ومرةً أخرى نلتقيه في دقائق ما قبل الختام، على خلفية فيها شذرات من أصوات مرعبة، لكن بين الزمنين، تتبدل نظرتنا ولا نعود نرى بالطريقة نفسها. هناك عند الهبر، قدرة على الاقناع بأقل الامكانات الممكنة؛ قدرة على ضرورة توثيق كل حكاية من الحكايات. دائماً الصغير يجد مكانه الصحّ الى جانب الكبير. هذا العالم (الحوض الخامس) القائم على هذا القدر من التناقضات والأضداد ينبغي له الاّ يبقى في العتمة. النقيض هنا يولد من أي شيء. بين خشونة يد السائق وذاكرته الطرية. بين شخص استندت "ثقافته" السينمائية الى "سبارتاكوس" لكوبريك، وآخر معجب بـ"ضاع العمر يا ولدي"، بطولة رشدي أباظة. بين "شوفوريّي" يلعبون الورق، وآخرين يطلقون نظريات حول الحمار، هناك صوتٌ يأتي من بعيد، ربما من السبعينات، صوت يأتي، ككل ما هو جميل وبلا هدف، لكن لا يذهب الى مكان...

النهار اللبنانية في

30/03/2012

 

تونينو غويرا.. «الموت يأتي مرة واحدة»

سيرة سينمائية لكاتب كبير كتب بعض روائع الخمسين سنة الأخيرة

لوس أنجليس: محمد رُضا

جولة في سينما العالم

* عنكبوت عربي يغزو أميركا

* هناك عنكبوت اسمه «عنكبوت الجمل» يعيش في منطقة «الشرق الأوسط»… هكذا يقول سيناريو فيلم بنفس الاسم «عنكبوت الجمل»، ويكمل أن عنكبوت الجمل من أخطر العناكب في العالم، وقد انتشرت آثاره بين الجنود الأميركيين في العراق (لا عجب أن عدد الضحايا الأميركيين كان مرتفعا!) وحين عودة بعضهم إلى صحارى الغرب الأميركي نقلوا معهم هذا العنكبوت، فإذا به يتأقلم مع البيئة الأميركية ويتكاثر مهاجما البشر.. لا شيء يمكن أن يوقف فتكه. شخصيا نظرت حولي وتحت الكرسي بعناية وأنا أرى الفيلم في عرض خاص؛ من يدري فقد يتسلل بعضها من الفيلم فيصبح الفيلم حقيقة؟! المخرج اسمه جيم وينورسكي، ومثلك لم أسمع به قبل اليوم لكنه من بين أكثر السينمائيين الأميركيين نشاطا؛ أردنا ذلك أو لم نرد، فقد انتشر في 120 فيلما من عام 1982 وإلى اليوم؛ كاتبا هنا وممثلا هناك ومنتجا هناك ومخرجا لـ90 فيلما لم يؤد أي منها إلى شهرته، لعل أشهرها «ضائع في الغابة» من بطولة مايكل مادسن، وأكثرها طرافة فيلم رعب آخر بعنوان «الهضاب لها سيقان» على نسق فيلم الرعب الأكثر شهرة «الهضاب لها أعين».

هذا لا يعني أن لدى «عنكبوت الجمل» حظا كبيرا في النجاح هذا الأسبوع، فالمنافسون كثيرون من بينها إنتاجات أقوى وأكبر وهي جميعا ستجد نفسها في منافسة كبيرة مع الفيلم الأكثر نجاحا هذا الأسبوع (وصاحب ثالث أعلى دخل مسجّل في ثلاثة أيام) «ألعاب الجوع»، إذا ما قرر الجمهور أنه لم يشبع من وليمته وسوف يواصل إقباله عليها. الأفلام الجديدة التي ستنطلق بدءا من هذا اليوم هي «مرآة.. مرآة» حيث جوليا روبرتس في دور شرير في فيلم فانتازي من إخراج تارسم سينغ داندوار، الذي كان انطلق سنة 2000 بفيلم رعب هو «خلية» تحت اسم تارسم. وحين أخرج فيلمه الثاني «السقطة» أضاف اسم سينغ فبات تارسم سينغ. مع فيلمه الثالث «أبديون» (2011) كتب اسمه كاملا لأول مرة، مضيفا كلمة «داندوار»، كما الحال هنا.. طبعا هذا من دون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع جودة عمله، بل هبوطه.

فيلم آخر جديد يثير اهتمامنا هو «غضب التايتنز» الذي هو الجزء المكمّل لفيلم «صراع التايتنز» الذي أخرجه قبل عام ونصف العام لويس ليتيريير. الجزء الجديد من إخراج جوناثان ليبرمان الذي كان أظهر مفعوله في سينما الأكشن حين قدّم، في العام الماضي أيضا، الفيلم العسكري المستند إلى الخيال العلمي «معركة لوس أنجليس».

طبعا، الفشل الأكبر في الأيام القليلة الماضية كان حكرا على فيلمين كوميديين من بطولة نجمين في هذا المجال: إيدي مورفي في «ألف كلمة»، وويل فارل في «منزل أبي». الأول جمع بعد جهد ملحوظ 15 مليون دولار (أقل من ربع ميزانيّته) والثاني توارى ببضعة مئات الألوف أو نحوها. كل من مورفي وفارل يحاول إعادة جمع قواهما لما هو مضمون أكثر: مورفي يستعجل كتابة جزء جديد من «تحري بيفرلي هيلز» وفارل يريد العودة إلى واحد من نجاحاته السابقة المتمثّلة بفيلم «أنكورمان».. (Good luck!).

تونينو غويرا.. «الموت يأتي مرة واحدة»

سيرة سينمائية لكاتب كبير كتب بعض روائع الخمسين سنة الأخيرة

* «أربعة أعزاء على قلبي؛ فيلليني، تاركوفسكي، أنطونيوني وبارادجانوف» يقول تونينو غويرا في فيلم تسجيلي سبق موته في الحادي والعشرين من هذا الشهر ببضعة أشهر، ثم يضيف: «والأربعة رحلوا». خلال تلك اللقطة يحط عصفور يشبه عصافير بارادجانوف على كتف الكاتب ثم يطير بعيدا عنه؛ هل أخبره بأنه سيرحل قريبا؟

المشهد من ذلك الفيلم وعنوانه «3Xtonino» يقع في دارته المشرفة على هضاب خضراء جميلة في الريف الإيطالي: «لقد سافرت كثيرا؛ إلى فرنسا، إلى روسيا، إلى أميركا، إلى إنجلترا، لكن المرء حين يكبر يلزم بيته». ويضيف: «لم أعد أسعى لتحف سينمائية كبيرة. حين أشاهد الثلج ينهمر، أرى نفسي كالثلج. الشتاء موسيقاي الداخلية».

تونينو غويرا كان أشهر، والبعض يقول أفضل، كاتب سيناريو أوروبي بعد الحرب العالمية الثانية. وإذا كان في كلام النقاد مغالاة، فإن حديث المخرجين الكبار عنه وسعيهم للتعاون معه تأكيد على ذلك. فغويرا، الذي وُلد في مدينة ريميني في السادس عشر مارس (آذار) سنة 1920 عمل مع نخبة النخبة: الروسيين الشاعرين أندريه تاركوفسكي وسيرغي بارادجانوف، الإيطاليين الكبيرين مايكل أنجلو أنطونيوني وفديريكو فيلليني واليوناني ثيو أنجيلوبولوس والأخوين الإيطاليين باولو وفيتوريو تافياني، كما ماركو بيلوكيو، فرنشيسكو روزي، بينما توزعت باقي أعماله الـ105 على الكثير من المخرجين الذين تعاون معهم مرة واحدة، من بينهم التونسي ناصر خمير الذي لجأ إليه سنة 2005 لمساعدته في كتابة مشروعه «بابا عزيز».

وُلد غويرا بعد ولادة فديريكو فيلليني بشهرين في العام نفسه (1920) وفي البلدة ذاتها. لكن بدايات كل منهما اختلفت. الكاتب غويرا انطلق نحو الشعر والمخرج الشهير انطلق نحو الرسم. ثم التقيا أول مرة، على الشاشة، بفيلم «أتذكر» («أماركورد» - 1973) الذي في واقعه عن ذاكرة الاثنين حول بلدة ريميني التي ولدا فيها. شبابهما والحكايات التي عايشاها أو سمعا بها حينما كانا صغيرين، وأحداث الظرف السياسي من صعود الهجمة الفاشية إلى اندحارها.

هذا التعاون تبعه ثلاثة أفلام، ليست بالقوة ذاتها لكنها على الرغم من ذلك متميزة، هي «كازانوفا فيلليني» (1967) و«السفن تبحر» (1983) و«فرد وجنجر» (1986). لكن فيلليني، بالطبع، لم يكن أول مخرج إيطالي كبير الشأن يجد في سيناريوهات تونينو غويرا إلهاما يبحث عنه. سبقه إلى ذلك مايكل أنجلو أنطونيوني سنة 1960 حينما أخرج «المغامرة» (واحد من أعماله الملتزمة) بأسلوب لا يخلو من التجريب والمختلفة تماما عن أعمال أي من المخرجين الآخرين.

لأنطونيوني أيضا، كتب غويرا «خسوف» و«الصحراء الحمراء» و«تكبير صورة» (فيلم أنطونيوني الأول بالإنجليزية) وذلك في الستينات. في السبعينات كتب له «نقطة زابريسكي» (فيلم أنطونيوني الأميركي الإنتاج الوحيد - 1970) ثم «هوية امرأة» (1982) كما فيلم أنطونيوني الأخير «وراء السحب» (1996).

تونينو عمل كثيرا أيضا مع المخرج الجيد (والمنسي غالبا) فرنشيسكو روزي، بدءا من «أكثر من معجزة» (1967)، مرورا بأفلام شهيرة مثل «قضية ماتي» (1973) و«المسيح توقّف عند إيبولي» (1979) و«ثلاثة إخوة» (1981) و«مفكرة موت منتظر» عن رواية غبريال غارسيا ماركيز (1987) وصولا إلى «الميثاق» (1997) الذي لم يحظ بالاهتمام الكافي آنذاك.

خلال هذه الفترة، كان ارتباطه مع المخرج اليوناني ثيو أنجيلوبولوس قد بدأ. حقيقة أن غويرو لم يذكره بين الأربعة الأقرب إليه غالبا ما يعود إلى أنه حين تم تصوير هذا الفيلم كان المخرج اليوناني ما زال حيا، ومعا اشتغلا على «رحلة إلى سيثيرا» (1984) و«منظر في الضباب» (1988) و«نظرات أوليسيس» (1995) و«الأبدية ويوم» (1988) و«المرج الناحب» (2004) وصولا إلى «غبار الأيام» (2008).

لابد من ملاحظة أن شغل الكاتب مع هذا العدد من المخرجين البارزين، ومع سواهم ممن اعترضوا حياته، كان مرنا. صحيح أنه ضمن في كل سيناريوهاته عنصري الإجادة الروائية والمضمون المنتقد، إلا أن أعماله تبرز منفردة في الوقت الذي تندمج فيه مع رؤية وأسلوب كل مخرج؛ مع أسلوب فيلليني الحكواتي الساخر، ومع أسلوب روزي السياسي الصارم، ومعالجات أنطونيوني المتمّهلة، التي تختلف مع معالجات أنيجلوبولوس على الرغم من إيقاعهما المشترك.

لقاء غويرا مع تاركوفسكي كان رائعا، وأنجب «نوستالجيا». لقاء الشاعرين السينمائيين تم أول مرة سنة 1962، حين تقدم المخرج الروسي بفيلمه الأول «طفولة إيفان» لمسابقة مهرجان فنيسيا (وخرج بجائزة من هناك). غويرا دعا تاركوفسكي لزيارته في إيطاليا وتاركوفسكي سعد بالدعوة، لكنه لم يستطع القيام بها إلا بعد عشرين سنة عندما سمحت السلطات السوفياتية له بالمغادرة لإنجاز فيلمه الرائع «نوستالجيا».

يتطلب «نوستالجيا» عدة مشاهدات من قبل أن يدرك المرء أين ينتهي دور غويرا وأين يبدأ دور تاركوفسكي. غويرا نفسه لا يمنح نفسه الكثير من الحضور بعد أن يكتب عملا. يقول لصحافي سأله في الثمانينات: «السيناريو بعد الانتهاء من كتابته جثة هامدة. المخرج يضيف إليه ما يبعثه للحياة؛ يضع له الأفكار والرؤية التي يريد».

من هذا المنطلق ندرك أن ليونة الكاتب تعود إلى أنه كان يدرك الدور الذي يفصل بينه وبين المراحل التالية جميعا. على ذلك، يحس المرء أنه كان يكتب لهؤلاء المخرجين، بالإضافة إلى إليو بتري والأخوين تافياني والروسي سيرغي بارادجانوف، مدركا سينما كل منهم، وملبيا بالضرورة حاجات تلك السينما لسيناريو مدروس ومناسب. الفكرة في أي من سيناريوهات غويرا كاملة، والأكمل منها الأحداث المعبرة عنها. لا ثغرات ولا ابتكارات ولا خروج عن الملكية التقنية والفنية لكتابة السيناريو، بذلك يأتي السيناريو الذي تفتحه وتحت عنوانه اسم تونينو غويرا، خاصا به وفي الوقت ذاته، ملك للمبدعين التعامل معه كونه غير منقوص.

«الموت ليس رهيبا. فهو يأتي مرة واحدة» قال الكاتب ذات مرة وجلس على شرفة منزله في تلك الربوع الإيطالية الخضراء. 92 سنة محملة بالإنجازات التي جعلته واحدا من عباقرة الكتابة السينمائية ومحط رغبة الكثيرين للعمل معه.

قبل 12 سنة التف حوله عدد كبير من السينمائيين يحتفلون بعيد ميلاده الـ80 آنذاك وجلبوا معهم راقصين من «البولشوي». بدا، حسب ما قرأناه، سعيدا وعاش ليكتب بعد ذلك عدة أعمال أخرى (آخرها «كل شيء رائع» قبل ثلاث سنوات). الصورة الآتية من ذلك الفيلم التسجيلي تصوره وحيدا في دارته، إلا من قطتين وعصفورين؛ واحد في القفص والآخر حط على كتفه ثم طار.

بين الأفلام

* الصراع من أجل البقاء The Hunger Games

* إخراج: غاري روس

* أدوار أولى: جنيفر لورنس، جوش هتشرسون، ليام همسوورث، وودي هارلسون.

* النوع: خيال علمي تقييم الناقد: (من خمسة).

* مع نجاح معتدل أنجزه «سيبسكيت»، توجّه المخرج غاري روس إلى شركة «ليونزغايت» وفاتحها في أمر قيامه بإخراج ثلاثية الكاتبة سوزان كولينز، أو (على الأقل) هذه الرواية الأولى من الثلاثية، وعنوانها «ألعاب الجوع» التي نشرت سنة 2008 وباعت أكثر من 28 مليون نسخة إلى الآن. لم يكن يعرف المخرج روس عدد المخرجين الذين استطلعتهم «ليونزغايت»، ولا من هم في مصاف الأكثر حظا منه، لكنه كان يعلم أنه لم ينجز في السابق ذلك الفيلم الناجح، ولم يحقق عملا من المغامرات الفانتازية يمكنه الاستشهاد به. لذلك فوجئ حين اتصلت به «ليونزغايت»، وأخبرته بأنها وافقت على رؤيته للمشروع.

ورؤيته لا تبتعد كثيرا عن رؤية الكاتبة، على الأقل كونها قامت بكتابة السيناريو بنفسها. الحكاية تتمحور حول الفتاة كاتنيس (جنيفر لورنس) التي تعيش في بلدة فقيرة وبعيدة عن عاصمة تتلألأ بالحضارة المعمارية الحديثة ويقطنها محظوظون منقطعون عن العالم الخارجي، وذلك بعد حرب قضت على الولايات المتحدة كما نعرفها اليوم، وتم تقسيم شمال أميركا إلى 12 مقاطعة عاصمتها تلك المدينة. مرّة كل سنة، يتم إجراء قرعة بين الفتية الصغار (من 12 إلى 16 سنة في الكتاب وإلى 18 سنة في الفيلم) لانتخاب فتاة وشاب من كل مقاطعة. المنتخبون الـ24 سوف يسافرون إلى العاصمة (لا خيار هنا) للاشتراك في لعبة تلفزيونية حية اسمها «ألعاب الجوع» يتقاتل فيها هؤلاء على البقاء أحياء، بعدما يتم إطلاقهم في غابة والطلب منهم أن يصطاد كل واحد منهم الآخر ليقتله. الناجي الأخير (والوحيد) يعود إلى مقاطعته. كل هذا لأجل سعادة المشاهدين واستحواذ داعمين ومموّلين للبرنامج التلفزيوني الذي يبث المغامرة أولا بأول. بعد التدريبات يتم إطلاق المتبارين للتقاتل. بعد ساعة من الكر والفر والمناورات وخسران البطلة شخصيات أحبتها (بينها فتاة سمراء أجبرت على الاشتراك)، عليها أن تجتاز الخطوات القليلة الباقية للفوز (إذا استطاعت) بالحياة.

بين ما يعرضه الفيلم من مضامين، نقد صارم ضد التلفزيون وبرامجه المشابهة لحبكة الفيلم في هذه الأيام. تلك البرامج التي تصور شخصياتها في مغامرات حية، لأن عذاباتها هي ملهاة للمشاهدين الموافقين ضمنا على تلك المعاناة. نحن، في الصالة، نتحول إلى جزء مكمل. نحن أشبه بجمهور يجلس وراء الجمهور المتابع في الفيلم ولا ننفصل كثيرا عنه، ولو أن المخرج لا يرمي لنقدنا نحن بل يتواصل فقط مع فكرة التلفزيون الموجه لخدمة المعلن والجمهور الداخلي على حساب المتبارين.

على صعيد الحبكة والترفيه، فإن لدى المخرج روس الرؤية الشاملة لإنجاز فيلم بالغ التشويق. وهو بذلك يستند إلى قصة تحظى بمحرك ذاتي يدفعها إلى الأمام.

نصف الفيلم الأول هو ما سبق تقديمه هنا: تمهيد لشرح الخلفيات والتعريف بالشخصيات. النصف الثاني تقع فصوله في الغابة والمطاردات التي تعايشها كانتيس بعدما قررت مجموعة من المتبارين (الذين قتلوا معظم الآخرين) العمل معا للنيل منها. لكن عندما تختار المؤسسة تغيير قواعد اللعبة، ثم العودة عن هذا التغيير ووصولا إلى النهاية، يبدو الفيلم كما لو كان خسر وقوده. أو كما لو كان آلة منشارية حادة وفلت المنشار منها. بذلك، فإن الوعد السابق (لمعظم الفيلم) بأن نخلص إلى نهاية بحجم ما سبق، يتمخض عن نهاية «أوكي» لا أكثر.

شباك التذاكر

* فيلمان جديدان فقط هذا الأسبوع؛ أحدهما حط في المركز الأول («ألعاب الجوع») جامعا أكثر من 152 في ثلاثة أيام، والثاني فيلم صغير بعنوان «طفل أكتوبر» من بطولة راتشل هندركس، اكتفى بالمركز الثامن بإيراد ضعيف جدا.

تلك التي تراجعت (ستة) تشمل «دكتور سويس» و«جون كارتر» (التي أعلنت «ديزني» أنها خسرت فيه نحو 200 مليون دولار) و«منزل آمن» (جمع للآن 123 مليون دولار). في حين تماسك «الرحلة 2 الجزيرة الغامضة» في مركزه العاشر.

1 (-) The Hunger Games: 152,466,370 2 (1) 21 Jump Street: $21,306,971 3 (2) Dr. Seuss› The Lorax: $13,108,505 4 (3) John Carter: $5,014,458 5 (6) Act of Valor: $2,014,218 6 (4) Project X: $1,950,944 7 (5) A Thousand Words: $1,925,814 8 (-) October Baby: $1,718,062 9 (7) Safe House: $1,389,850 10 (10) Journey 2: The Mysterious Island: $1,229,072

سنوات السينما

1920 الحلقة الأولى: التجربة الألمانية

* السينما الألمانية كسبت في ذلك العام فيلما جيدا أُضيف سريعا إلى أعمالها الصامتة المبكرة، وتمثل بشريط رعب نفسي مع دلالات اجتماعية وسياسية بعنوان «عيادة الدكتور كاليغاري» لمخرجه روبرت واين. بصريا، فريد آنذاك بسبب المنحى التعبيري والسوريالي لتصاميمه. وروائيا، مهد لحديث بعض المؤرخين، ومن ثم بعض المترجمين، عن أن «الدكتور» في الفيلم (مجنون يعمل طبيبا نفسيا لكنه يختطف ضحاياه مثيرا الرعب في المدينة) هو «الديكتاتور» هتلر، لكن هتلر في ذلك الحين لم يكن وصل إلى القيادة، مما يجعل من هذا القول مجرد تأويل.

لكن «عيادة الدكتور غاليغاري» لم يكن الوحيد البارز حينها. فيلم بول ويغينر وكارل بوويش «الغولام» لا يقل عن السابق أهمية، ولو على صعيد آخر. إنها المرة الأولى التي تم فيها الحديث عن استعداد المخلوق الوارد في الميثالوجيات اليهودية للقتل ذودا عمن يتعرض لليهود بأذى. وكم يدفع هذان الفيلمان الناقد اليوم للبحث أكثر عن علاقة السينما الفريدة بالسياسة في ذلك التاريخ الصعب من حياة الدولة الألمانية.

الشرق الأوسط في

30/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)