حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

محسن محي الدين:

من يعارض الفن والإبداع لم يفهم دينه بصورة صحيحة

مجدي الشاذلي من القاهرة

بعد غياب أكثر من عشرين عاما عن التمثيل، يعود الفنان محسن محي الدين، لعملين هذا العام أحدهما للسينما هو فيلم "الخطاب الأخير"، والثاني دراما تليفزيونية هو مسلسل "المرافعة" الذي سيبدأ تصويره خلال أيام للعرض في شهر رمضان القادم.

وقال محي الدين لـ "فارايتي أرابيا" أنه أوقف العمل في فيلم" الخطاب الأخير" الذي انتهى من كتابة السيناريو الخاص به منذ شهر مايو 2011، لحين الانتهاء من تصوير دوره في مسلسل "المرافعة".

يدور المسلسل عن فساد قيادات الحزب الوطني الحاكم سابقا في مصر، في ظل التزاوج بين السلطة والمال، من خلال قصة مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، والتي اتهم فيها رجل الأعمال البارز والقيادي في الحزب هشام طلعت مصطفى

وقد كتب مسلسل "المرافعة" ويشارك في بطولته الممثل تامر عبدالمنعم، ويضم العمل كلا من: لبنى عبد العزيز وسمير صبري وأحمد راتب ومحمد لطفي وباسم ياخور وطوني خليفة ونادين نجيم، ومن إخراج أمير رمسيس.

وعن فيلم "الخطاب الأخير"، يقول: أحاول من خلال هذا العمل أن أكشف مدى التشابه بين الزعماء العرب، وتوجهاتهم ومواقفهم حيال شعوبهم، والفيلم من إخراجي وتأليفي وإنتاجي أيضا، ويبدو أنني سوف أضطر للقيام ببطولته كذلك لأن كل الممثلين الذين عرضت عليهم دور البطولة ترددوا، ورفضوا القيام به، وخاصة أن الفيلم يروي الملابسات الخاصة بخطاب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، وردود فعل الشارع المصري على الخطاب.

أما عن موقفه من هواجس التضييق على حرية الإبداع، أشار محسن محي الدين إلى أن كل ما يدور حاليا من لغط على الساحة الفنية ينم عن عدم فهم حقيقي للدين.. موضحا أنه لا يجب أن يزكي أحد نفسه على الآخرين، ويدعي احتكاره للدين، أو دفاعه عنه لأن الإسلام نفسه يرفض الاحتكار.

وقال: "لا تعارض بين الدين والفن، وأؤكد هنا أن الفن برىء مما يفعله هؤلاء الذين يضيقون على المبدعين بحجة أن الفن حرام، لأن الدين الإسلامي فيه الليبرالية والاشتراكية بل والعلمانية كذلك بمفهومها الحقيقي".

وأكد محي الدين أن الفن ليس حراما مطلقا.. مستشهدا برأي للداعية الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي في هذا الشأن، حين أوضح أن الفن "حلاله حلال .. وحرامه حرام"، فالفن الذي يشجع علي شرب المخدرات أو ممارسة الرذيلة فن مرفوض تماما..أما الفن الذي يبني العقل ويشجع علي تعزيز القيم مقبول ويجب أن نتمسك به مهما كانت الظروف والضغوط.

يذكر أن آخر أعمال محسن محي الدين، فيلم "شباب على كف عفريت" الذي قدمه في العام 1990، من بطولته وإخراجه وإنتاجه، وشاركته بطولة الفيلم زوجته الفنانة المعتزلة حاليا نسرين والمطرب محمد منير. كما شارك في بطولة العديد من أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين أبرزها حدوتة مصرية وإسكندرية ليه واليوم السادس.

فارييتي العربية في

22/03/2012

 

رحيل تونينو غويرا.. شاعر السينما 

يوسف يلدا – سيدني

توفي الشاعر وكاتب سيناريو أفلام فلليني، ودي سيكا، وأنجلوبولوس، يوم الأربعاء الماضي، عن عمر يناهز 92 عاماً.

الشعراء الذين يتعاملون مع السينما عددهم قليل. ونادراً ما يبرز إسم هنا وهناك. وعندما يطرقون أبوابها، قد لا ينالون إعتراف الآخرين بنتاجاتهم. تونينو غويرا (1920 – 2012، سانتاركانجيلو دي روماجنا)، كان شاعراً. يشاء القدر أن يترك تونينو غويرا هذا العالم في "يوم الشعر العالمي". أو في أول أيام فصل الربيع. أو مرور شهرين فقط على وفاة صديقه العزيز ثيو أنجلوبولوس، الذي كتب غويرا سيناريو آخر أفلامه "ذا داست أوف تايم".

من خلال أشعاره، التي كان يكتبها بالرومانيولو (لغة رومانسية يتحدث بها في إميليا رومانيا في إيطاليا)، التي قال إيتالو كالفينو عنها أن الناس، في غضون 100 عام، سوف يتعلمون الرومانيولو كي يكون بمقدورهم قراءة أشعاره باللغة الأصلية، أو من خلال أعماله المسرحية، أو لوحاته، وبطبيعة الحال، السيناريوهات التي كتبها للسينما، إعتمد تونينو غويرا، في أحايين كثيرة، على أشخاص حقيقيين ممن يبحثون عن مسارهم، حيث شغلت تجارب الحرب مكاناً بارزاً في حياته، كما لو كانت هاجسه الكبير

في لقاء أجرته معه مجلة "لا داما دويندي" التي تعنى بالشعر، قال غويرا: "الرجل على إستعداد لتدمير كل شئ. أنه حيوان غير مسالم، مخلوق ضخم يستعرض عضلاته من خلال تدمير كل ما يحيط به". 

لم يتوقف تونينو غويرا عن العمل حتى أخر رمق من حياته في قرية " سانتاركانجيلو دي روماجنا، القريبة من ريميني"، منذ الخمسينات من القرن الماضي في أطراف روما، أو منذ عودته الى جبال "فالماريسيا"، الوادي الذي ترعرع بين أحضانه.

يعد غويرا من أبرز الفنانين الكبار، في الأوساط الأدبية والسينمائية في إيطاليا، حيث أسست قصصه القاعدة التي إنطلقت منها ثورات السينما المعاصرة التي بدأت من إيطاليا، عندما كانت السينما في أوج تألقها، الأمر الذي زرع الغيرة في نفوس العديد من السينمائيين في بقية أنحاء العالم، الذين راحوا يقلدونها في ما أدخلته، في صناعة السينما، من أفكار وأساليب جديدة، بتفجير دواخل الإنسان ما بعد الحرب العالمية الثانية. وإستطاع من خلال السيناريوهات التي كان يكتبها، رواية تأريخ الواقعية الجديدة، والسينما الأوروبية الحديثة

ولكن، ما هي الأشرطة الفلمية العالمية الأخرى التي تربط شاعرية فرانسيسكو روسي، وفيديريكو فيلليني، ومايكل أنجلو أنطونيوني، والأخوة تافياني، وثيو أنجلوبولوس ببعض؟

من المؤكد أن يكون من بين أبرز هذه الأشرطة الفلمية "آماركورد – 1974" لفيديريكو فلليني، القريب من السيرة الذاتية، والذي حلّق بنا الى سني المراهقة. وكان كتب فلليني سيناريو فيلمه هذا، الذي ترشح لجائزة أوسكار أفضل سيناريو، بالإشتراك مع تونينو غويرا. كان لقاء فلليني وغويرا، في ذلك الحين، مناسباً جداً، فقد ولدا في ذات العام 1920، وفي ذات المكان "ريميني". ومن ثم عادا من جديد في فيلمين آخرين هما "إي لا نافه فا – 1983"، و"جينجر إي فريد – 1985"، أنجزهما فلليني في مراحل حياته الأخيرة، وكلا الفيلمين رسما صورة قاتمة لنهاية السينما

ولكن قبل أول تعاون بينه وبين فلليني في فيلم "آماركورد"، كان غويرا قد إستحوذ على لقب أفضل كاتب سيناريو، حيث قوبل بالإعجاب من قبل كافة الأوساط السينمائية

الدولية. وكل الفضل يعود الى مايكل أنجلو أنطونيوني. إذ أن جميع أفلام السينمائي الإيطالي التي أخرجها في أعوام الستينات، والتي رفعت من شأنه في عالم الفن السابع، كتب تونينو غويرا السيناريو لها، أفلام مثل "ذا أدفينجر- 1960"، و"ذا نايت – 1961"، و"إيكليبس – 1962"، إضافة الى "ريد ديزرت – 1964"، و"بلو آب – 1967"، و"زابرسكي بوينت – 1970". هذه الباقة من روائع الأفلام هي في الواقع المرحلة الأولى لغويرا ككاتب سيناريو، تحمل بين ثناياها قضايا فكرية وسياسية، و تعد شاهدة، في الوقت ذاته، على كيفية إنصهار أساليب سينمائية حديثة في تشكيلة مثالية، من الشاعرية اليائسة للإنسان المعاصر.

وفي أعوام السبعينات، على أثر إيقاف تعاونه مع فيتوريو دي سيكا "إي جيراصول – 1970"، و ماريو مونيسيلي "كارو مايكل – 1976"، مد غويرا جسور علاقة تعاون متينة مع فرانسيسكو روسي، الذي كتب سيناريو مجموعة من أفلامه، مثل "إل كاسو ماتي – 1972"، و"لاكي لوسيانو – 1973"، و"كادافيري إكسيلينتي – 1976"، و"كرايست ستوبت آت إيبولي – 1979"، وغيرها من الأفلام

وبعد أن ذاع صيته كأشهر كاتب سيناريو في السينما الإيطالية والعالمية، شاء أن يعرض خدماته في هذا المجال للأخوة باولو وفيتوريو تافياني، وذلك من خلال العديد من الأعمال السينمائية، مثل "ذا نايت أوف سان لورينزو – 1982"، و"غود مورننغ بابيلونيا – 1987"، و"إل صول أنتي دي نوته – 1990"، وغيرها. وتعاون تونينو غويرا أيضاً مع آندريه تاركوفسكي، عندما طلب منه الأخير ذلك في فيلمه الخالد "نوستالجيا – 1983". وإستمر في عمله الى جانب روسي حتى فيلمه الأخير "ذا تراس – 1997"، وبضمنها إقتباسه لرواية غابرييل غارسيا ماركيز"قصة موت معلن – 1987"، ومن ثم لقائه، في أوائل الثمانينات، بشريك جديد هو المخرج اليوناني ثيو أنجلوبولوس، الذي إستمر في التعاون معه على مدى ثلاثة عقود، وأنجز العديد من الأشرطة الفلمية بمعيته، مثل "فوج تو سيثيرا- 1984"، و"ذا بيكيبر – 1986"، و"لانسكب إن ذا ميست – 1988"، و"يوليسيس غيز – 1995"، و"إيتيرنتي أند آ داي – 1998". 

يقول تونينو غويرا: "أن الوسيلة الوحيدة للتغلب على الموت تكمن في المكوث طويلا في ذاكرة الآخرين. وأعتقد أن كل ما كتبته، وقمت به في هذه الحياة، لم يتعد ذلك".

لقد كانت الأفكار التي نقلها غويرا الى الورق بمثابة قصائد عظيمة، قام كبار المخرجين بتجسيدها في أشرطة سينمائية خالدة، أدخلت المتعة الى نفوسنا

ibrahimyousif@hotmail.com

إيلاف في

23/03/2012

 

محمد سعيد حارب يخرج فيلماً عالمياً مقتبس عن كتاب لجبران

جيهان فيصل من دبي:" 

أنا فخور بكوني العربي الوحيد ضمن مخرجين فائزين بجوائز أوسكار لإخراج رواية النبي لجبران خليل جبران، وفخور أنني وصلت للعالمية من خلال محليتي،" هكذا صرح المخرج الإماراتي محمد سعيد حارب عقب اختياره للمشاركة في إخراج فيلم عالمي مأخوذ عن كتاب "النبي" للكاتب اللبناني الراحل جبران خليل جبران،كما سيقوم بإخراج فصل الجريمة والعقاب في هذا الفيلم.

وقد زار في أواخر شهر يناير الماضي فريق إنتاج فيلم النبي للكاتب اللبناني المعروف جبران خليل جبران أين زار؟، حيث قام حارب بالتوقيع على عقد المشاركة في إخراج الفيلم. ويجري العمل حالياً على إنتاج رواية النبي لجبران خليل جبران كفيلم كرتوني عالمي بمشاركة نخبة من المخرجين العالميين، كما سيشارك في إنتاج الفيلم الشركة اللبنانية mygroup، إضافة الى كل من الممثلة سلمى حايك، كلارك بيترسون ورون سيكوسكي

هذه الرواية التي كتبها جبران عام 1923 ، التي كانت سبباً في شهرته لدى العالم الغربي حتى الآن، مؤلفة من 26 قصيدة شعرية، تمت ترجمتها إلى ما يزيد عن 20 لغة. وسيقوم كل مخرج بصنع فيلم كرتوني لمدة خمس دقائق حول واحدة من القصائد الموجودة في الكتاب

"لقد قمت باختيار فكرة الفيلم وعرضتها على المنتج الذي كان سعيداً جداً بها،" يقول حارب لفاريتي أرابيا، ويضيف: "سيكون فيلمي صامتاً لا يوجد أصوات ممثلين بل يقتصر فقط على موسيقى موضّحة، وقد وجدت أن هذه الطريقة ستساعد في إيصال فكرة القصيدة بشكل أفضل خاصة إذا ما تمت ترجمتها الى اللغة العربية أو غيرها من اللغات." 

من جهته، عبر نائل نصر، المؤسس الشريك لشركة mygroup، عن سعادته بأن يكون جزءاً من هذا العمل المهم، وأضاف: "نحن نشعر بالفخر والسعادة بكوننا جزءاً من هذا الفيلم والذي سيقوم بتسليط الضوء على جبران خليل جبران وعلى لبنان. ما أحب في رواية النبي هو كونها عابرة للثقافات والديانات، وتستطيع التواصل مع جميع القصائد أو أغلبيتها." ومن المقرر أن يتم الانتهاء من الفيلم في نهاية العام 2012، وهناك إمكانية لترجمته للغة العربية لاحقاً.

المخرج محمد سعيد حارب ولد في الإمارات عام 1978، وهو حائز على شهادة الفنون العامة وفنون التحريك من جامعة نورث إيسترن في بوسطن، الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001. إكتسب حارب شهرته عقب تحقيق حلمه في إخراج سلسلة رسوم متحركة رائدة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، والتي تعتمد على أحدث تقنيات التحريك ثلاثية الأبعاد. ففي سبتمبر 2005 أسس حارب "لمترى بيكتشرز"، وأعلن عن أول مشاريع الشركة الكرتونية "فريج" والذي أصبح ظاهرة ثقافية، ليختار الجمهور المسلسل كأفضل برامج العام، ويحظى محمد بلقب شخصية العام الشابة. كما حظي الموسم الأول من مسلسل "فريج" بشهرة عالمية عندما فاز بجائزة الدولة الخاصة في مهرجان هامبورغ لأفلام التحريك.

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي،ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان وتوفي في نيويورك 10 إبريل 1931 بداء السل. هاجر وهو صغير مع أمه وإخوته إلى أمريكا عام 1895 الذي درس فيها الفن وبدأ مشواره الأدبي. كتابه النبي هو الأكثر شهرة الى جانب كتابات أخرى مبدعة، وهو الشاعر الأفضل مبيعاً بعد شكسبير ولاوزي.

فارييتي العربية في

25/03/2012

 

حكايات السينما وبطلاتها: افتراءات الأنثوي

زياد الخزاعي 

مفارقة! السينما لا تُخصص حصة ليوم المرأة. السبب انها موجودة في كل الحكايات والسرديات وألعاب الصور. لم يخذل الفيلم قوة المرأة وحنكتها واطراء بصيرتها وفضائلها، مثلما لم يغفل كيدها وضعفها وعيوبها وتناقضاتها. ان سيرها موجودة لا كتكميل لحيوات نصفها الاخر الذي يتميز بميله الى القوة والبطش، بل هي (السِّير) متوافرة كاستحواذ مشهدي يتحول مع اكتمال عناصره الى قيمة اجتماعية وذاتية ضد الخذلان ونقص الجماعية وتعميم الشهوات وتشتت الارادات. هنا يُفهم لماذا وضع الرائد السينمائي الأميركي دايفيد وريك غريفيث في مفتتح شريطه التأسيسي "تعصب"(1916) مشهد الام التي تهّز مهد وليدها تحت حزمة الضوء الربّاني الساقط من سماء كالحة كي يغمرهما بجلال الوراثة التي تُشكّل ـ مع تراكم القرون والتواريخ ـ المناحي الطبقية والإيمانية للمجتمعات البشرية المعاصرة. من هذا المهد الأمومي، نتابع لاحقاً في الفصول الأربعة لملحمته الطويلة المرأة التي تقود الرجال إلى خطاياهم ومؤامراتهم وشبقهم للسلطة والجسد. إن المهد الذي نراه لاحقاً في المشهد الختامي، ليس سوى الترميز الفاقع لليقين الجماعي في رسم وقائع البشر المتناحرين بين الإيمان والقوة. غريفيث علاّمة سينمائي  مهووس بقيم الأمّة الوليدة آنذاك، استغل بصيرته النافذة في وضع تخطيطات صادمة لعصره، نجد صدياتها اليوم بوضوح باهر. فمثله، عاد الجهبذ الروسي اندريه تاركوفسكي في "مرآة"(1975) الى صورة والدته لتُصبح حاضنة اشتياقاته الأسرية التي تتلبس الشعر الخالص. ومَنْ ينسى النثار السينمائي الباهر لمشهديات الأم في نص المخرج الأميركي تيرينس ماليك "شجرة الحياة"(2011) حيث يكون طيرانها الملائكي في "مقطع الفتوة" هو بمثابة النزوع الحاسم إلى قداسة الحضن الأزلي وتوكيد المغازي العميقة القائلة ان "في حياة كل أمرىء مأساتان: الأولى عندما يفتقد الحب، والأخرى حينما يجده".

يمكن القول إن كل شريط سينمائي هو احتفاء بامرأة ما، بأنوثة ما، ببطلة ما، كائنة ما. لا يضير حجم مكانتها في الحكاية أو موقعها، الأهم قوة حجتها الدرامية. ولئن اعتبرت دوروثي غايل (أداء جودي غارلاند) بطلة "ساحرة أوز" للمخرج فيكتور فليمنغ (1939) النموذج الأمثل للبطلة الإيجابية التي لا تخاف الإمتحان والمغامرة، لتقود البحث عن عناصر الحياة السَّديدة على شاكلة: العقل (المتمثل بشخصية الفَزَاعة) والمحبَّة (شخصية رجل الصفيح الباحث عن القلب) والإقدام (شخصية الاسد الساعي الى الشجاعة)، فإن أيف هارنغتون (أداء آن باكستر) الشخصية الرئيسية في عمل المخرج  جوزيف ل.مانكيويكس "كل شيء عن إيف"(1950)، يُكرّس وجه البطلة المفترى عليها، ذلك إن إحلالها بسرعة في أداء دور مسرحي بدلاً من مخدومتها المتهالكة ماركو تشاننغ (بيتي دايفيس) وقطفها للشهرة لاحقاً، يحولها الى ند غير متكافىء اجتماعياً مع النجمة الكبيرة، على الرغم من ان دوافعها تصب في إظهار ولائها الكامل للأخيرة، بيد إن رياء العالم الأرستقراطي يحيل الشابة إلى عنصر بهرجة ومؤامرات حسية. تعود هذه المفارقة مراراً، فنرى كيف ينقلب موقع الشابة روزماري وودهاوس (ميا فارو) في نص المخرج الإشكالي رومان بولانسكي "رضيع روزماري"(1968) من أم مثالية إلى هلوسة طاغية تدور حول تلبّس شيطاني، يسكن طوطمه في الشقة المجاورة، ويتلبّس نطفة الزوج المتواطىء كي تجلب رضيعاً (أو لنقل قيادياً جديداً) إلى عالم السحر الأسود وشكوكه. ذلك ان "الأمر الكافر" لن يحدث إلا في "مدينة مؤمنة" مثل نيويورك!. إن افتراء الآخرين على روزماري يجْلِب الظنون ويجعلها تدور حول الحداثة التي تتميز بها شخصية البطلة، هي السباقة إلى مسايرة موضات تضج بألوان أزيائها الباهرة، مثلما هي الحيوية التي تسبغها على جدران الشقة المتهالكة وغرفها الكئيبة، الأمر الذي يُحرّض جيران ثقلاء الظل وعبيد أطر حياتية عتيقة على وضع عراقيل المؤامرة الشيطانية ضد غريزة أمومتها، أي إيقاف الجديد ووأد عصرنته.

هذه الأخيرة هي أساس العلّة الإجتماعية في صدود الجميع عن الأم الشابة إرين بروكوفيتش (جوليا روبرتس) إخراج ستيفن سودربيرغ (2000) والإفتراء عليها باعتبارها نموذجاً لتحرر شخصي لا يتساير مع تحفظ أخلاقي جماعي في مدينة تقع عند حواف البوادي الغربية للولايات المتحدة. ان بينونية الأم الشابة عن زوجها، الذي لن نقابله، يحيلها إلى عوّرة اجتماعية منبوذة، لذا لن ينصرها في المواجهة سوى عنادها. في لباس إرين الكثير من الإغواء، اذ إنها كائنة مغامرة، قوية الشخصية، مالكة لقرارها الذاتي. ويكون عليها الإنتظار إلى أن تحين فرصتها في العمل ضمن طاقم مكتب محاماة، كي تتفجر إمكاناتها الذاتية في مواجهة شركات كيماوية نافذة وتجبرها عبر القضاء على تعويض عشرات العائلات التي تسببت المواد المسرّبة من معاملها الى مياه الشرب في إصابة الكثيرين بمرض السرطان. آني بروكوفيتش نموذج حيوي لقوة الحجة والارادة التي تجترح معجزات جماعية، بمعنى ان قياديتها تبقى حبيسة افتراء اجتماعي لن يفك أسره عليها الا حينما تخترق مخاوف الآخرين وصدودهم. الغريب ان المخرج  سودربيرغ، وهو شخص مكثر في منجزاته، ينكث عهده السينمائي لاحقا في جديده المعتمد على الإثارة والتشويق "هايواير"(2011) حيث يكون الإفتراء على بطلته عنواناً صارخاً، ذلك انه يحول امرأة تعمل ضمن فريق مرتزقة يؤمّن عمليات تصفيات سياسية دموية، ويحقق انقلابات دولية بدعم من مكاتب خاصة في الإدارة الأميركية، إلى ضحية عصابات حكومية تسعى إلى تصفيتها وإخراسها. إن الكاريكاتورية في رسم سحنة البطلة مالوري كاين (جينا كارانو) وطلّتها وحركاتها تجعلها أقرب إلى كائن افتراضي يمتاز بقوى بدنية لا تُقهر ومناورات استخباراتية لا تُضاهى وحظوظ لا يملكها سوى ملاك سماوي ينقذها المرّة تلو الأخرى من أحابيل القضاء عليها وتدميرها. ان مالوري هي افتراء سينمائي يتلبس برداءة شديدة، بطولات الآنسة ريبلي (سيغورني ويفر) بطلة سلسلة "غريب"(1979 ـ 1992) التي تتخلى مرغمة عن أنوثتها لمقارعة كائن معدني لا يقهره سواها.

الجليّ ان الرائد غريفيث لم يسعَ إلى تنميط ثورته النسوية حينما بدأ عمله "تعصّب" في العام 1916 بمجموعة نسوة متحررات يسعين إلى تعزيز "لوبي انثوي" ينادي بحقوق المرأة والإنسانية. فآنذاك كان مثل هذا الفعل ثورياً إلى أقصى الحدود الإيديولوجية والسياسية، فيما نرى سينما اليوم تضع افتراءات العنصرين الاخيرين على ذمة امرأة ما ضمن تفسيرات متضاربة الأبعاد ولكن ضمن هدف واحد: اصطياد اكبر قدر من البهتان. ففي جديد صاحب "كيناتاي"، الذي حصد جائزة افضل مخرج في مهرجان كان عام 2009 من دون وجه حق، المخرج الفيليبيني بريانت مندوزا والذي حمل عنوانا استفزازيا هو "مختطفة"(أو "أسيرة")، تضخيم أدوار ومبالغات خطاب وإدانات مبطنة وتدليس سياسي يضع الأوروبي في الأولوية باعتباره ضحية "شيطان إسلاموي". حجة مندوزا في اختطاف السيدة الفرنسية تيريز بورغوين (إيزابيل أوبير) ونقلها إلى عمق غابات جزيرة ميندناو جنوب البلاد هو ضمانها كمقايضة مالية ثمينة، رغم انها لم تكن الهدف وبصحبتها جمهرة المبشرين المسيحيين والممرضات الذين اختطفوا خلال غارة على مركز مأهول في جزيرة صغيرة، وانما كانت الخطة "اصطياد" خبراء من البنك الدولي. الغريب ان السيناريو الذي كتبه مندوزا وثلاثة اخرين لا يكلف نفسه توضيح خفايا تواجدهؤلاء جميعهم في جزيرة غالبية سكانها من المسلمين، وتشهد نزاعاً مسلحاً دموياً من أجل الإستقلال. بمعنى ان ذكر وجود هذه الحقيقة الجيوسياسية ستنال بحدة من غرض التحامل الدعائي الذي يساير الخطاب الرسمي ضد المجموعة المتشددة وداعميهم وموفري خيط الحياة وعدّة الحرب اليهم. في اشارة واضحة الى هذا التورط، صوّر مندوزا مشهداً سريعاً لعميلين، أحدهما خليجي والآخر ذي لكنة لبنانية، يشرفان على مؤن وخطط لوجستية في قاعدة خلفية لعصابات أبي سياف. لن يلفّ نص "مختطفة" أو يداور حول تاريخ الصراع الدموي، بل يقفز منذ الدقيقة الأولى في المحنة الشخصية، ونجد أنفسنا أمام تيريز (أداء مفتعل من النجمة الفرنسية إيزابيل أوبير) الممحونة باختطافها ومن ثم شهادتها على الترويع والجريمة اللاحقين اللذين يرتكبهما شباب أبي سياف الذين يزاوجون بين الصلاة للرب والآذان للدعوة والإغتصاب بحجة الإمامة!.

يرسم المخرج مندوزا ملامح بطلته الأوروبية باعتبارها بتولاً مسيحية وجدت في المكان والزمان غير المناسبين (وليس "الخطأين" على أساس ان للغربي الحق في التواجد أينما يحل له وفي الزمان الذي يريده، وهو بالضرورة ليس بحاجة الى تبرير اي منهما!)، لكن من دون إدانة فكرة الباعث على المجيء إلى أرض الدم في المقام الأول. من هنا فإن اسم البطلة ذا الترميز القداسي يتطابق مع الفاجعة التي تقودها الى الغَيْهَب الوحشي لجحيم الملتحين. خلال الرحلة تشهد المواطنة الفرنسية موتاً يتراكم، وقتلاً يولّد قتلاً، ومعارك تتفنن ببشاعاتها، وكائنات تُصفّى بدم بارد، وصفقات مدسوسة بين طرفين يريدان النيل من بعضهما: الفرقة الإسلامية من أجل الفدية المالية التي تحقق لهم السبيل في تأمين السلاح، وعسكر مانيلا الساعين إلى خبطة استراتيجية إلى إبادة هولاء "الإنفصالين المتعصبين".

تصاحب تيريز خلال المسيرة المرّة كائنات تتمسح بدين لكنها تتسربل بجرائم ودم ضحايا، بيد إن فطنتها تقودها إلى الصمت والإلتفاف على الموت. إنها بطلة دينية لا تطمح إلى الإعلان عن شهادتها، فوجودها حية يعني ان الحقيقة ستبُان الى العالم المتحضّر حول وحشية هذه العصابة الخارجة عن القانون والعُرْف الإنساني. إلى ذلك، فإن أنوثة تيريز لا تُمس كما هي حال البقية من النساء اللواتي يُرغمن على إشهار إسلامهن لفتح مجال "نكاحهن الإسلامي" الذي يقدمه مندوزا كوجه ملّتبس للزواج العرفي، وضمن إشارة إلى انه نوع من الإرتباط القسري غير القانوني.

في تلك الغابة الإستوائية، حيث لا مجال إلى الرّحمة البشرية، ولا مكان للعواطف والشفقة، يخضع الجميع إلى عذابين: الأول قهر شباب أبي سياف وعسفهم وعزمهم على المقايضة، والثاني المحيط الطبيعي الذي يحول تيريز إلى كائن سريع التآلف مع حيواناته وحشراته و...بشره المتوحشين! ان المخرج مندوزا يفتري على امرأته ويحيلها إلى كائن جبّار التحمّل، يملك قدراً مفتوحاً على الحياة، في وقت نرى فيه النساء الفيليبينيات يقعن بسرعة ضحية دمائهن وانتهاء صلاحياتهن الجنسية لزمرة أبي سياف. إلى ذلك، يرغم مندوزا بطلتنا الفرنسية على الخضوع إلى تنميط أنوثي فاقع، اوله واكثره تدليسا، انها تملك القدرة على المسامحة التي نراها متجلّية في مشهد زيارة المدرسة وطَلْقها مع صغارها! الى ذلك إسباغ صفة الكائن صاحب المبادأة الذي لا يفرق بين جلاده ورفاقه من الممحونين، اذ تُسعف مقاتلاً فتياً وتمنحه حناناً أمومياً غامضاً، يتماهى الصبي فيه مع أحد ابنائها في الغرب البعيد.

تنتهي محنة تيريز ـ مندوزا بمعركة شرسة تجري تحت عدسات الإعلام، تخرج البطلة أثرها محملّة بإثم خفي وقناعة ان حياتها لن تعود كما السابق، ذلك ان شرخاً كبيراً قد اخترق إيمانها وإنسانيتها بسبب مجموعة من المتوحشين. وهؤلاء الأخيرين يظهرون مرّ ة أخرى إلى بطلة من قوم يبدو ان القهر والموت والحرب تتشكل كأقدار أزلية لا فكاك من ويلاتها

في واحدة من أكثر نماذج البطلات المعاصرات قوة في حجتها الدرامية، تظهر لنا الصبية الافريقية كومونا في شريط المخرج الكندي كيم نيغوين "متمردة" (او "ساحرة الحرب") وكأنها بركان من الأسى على حال قارة تعصف في بلدانها حروب أهلية وتخطف بشرها عصابات بلا ذمم أو أخلاق.

إن كومونا سيرة أنثى يرغمها قدر أعمى على الخضوع إلى انقلابات ذاتية تنقلها من صبية لاهية تلعب مع أقرانها في أزقة القرية الفقيرة إلى امرأة تلد وليدها بيديها في عراء مطلق الصمت والوحشة. إنها ابنة السفانة الافريقية وبيئة الاقتتار والفاقة والعيش على الهامش. ابنة جيل لا مستقبل له، فالمدرسة حلم، والتربية قسر، والعمر هباء. وضمن عالم قائم على المصادفة لا التخطيط العقلاني، يكون عمر كومونا (أداء ساحر من الشابة راشيل ماونزا استحقت عليه جائزة افضل ممثلة في الدورة الاخيرة لمهرجان برلين السينمائي في شباط/فبراير الفائت) وأنوثتها المقبلة خاضعين إلى حسابات الكبار ودسائسهم وحساباتهم، بيد ان مسار حياة الصبية يأخذ وجهة ثانية أكثر وحشية، حينما تتعرض القرية إلى هجوم مباغت من فرق عصابات مسلحة تخطف الفتيان والفتيات من أجل ضمّهم إلى صفوف الميليشيات المتقاتلة (إشارة صاعقة إلى جرائم رجل العصابات وقائد "جيش الرّب" الأوغندي جوزيف كوني العامل ضمن عقيدة دينية متطرفة من الإثنية الأكولية). إنهم أبناء الحروب، القتلة المتوارثون لزعامات الفرق الدموية التي تسرق وتزني وتقتل باسم الأعراق والرؤساء وحسابات الأمم الكبرى.

في الإمتحان الأول، تُجبر كومونا المرعوبة على تصفية والديها كديّة قسريّة على إعلانها كمتمردة ومقاتلة. تعود هاتان الضحيتان العزيزتان على كيانها إلى خيالها وأحلامها كأشباح بيضاء تمدّها بالعزم والصبر على اجتياز محن المعارك والرصاص وغدر الآخرين. إن لون هذه الاشباح يمتد درامياً مع سحنة زميلها المقاتل الأبلق الذي تقع لاحقاً في حبه، وتجبره على الزواج منها بعد أن يحصل على التميمة السحرية اللازمة وهي ديك أبيض! لا ريب ان شريط "متمردة" هو سيرة أخرى لكن ناقصة الهمّة في ما يتعلق برصد المؤثر الأجنبي الذي يوضّب عمليات الميليشيات وينظّم نشاطاتها ويخطط لجرائمها، فما عدا الأسلحة ولقطات الفيديو لنجم أفلام الحركة جان-كلود فان دام التي يتابعها المقاتلون الفتية لغسل أدمغتهم، فإن الأوروبي يقف على الجانب المظلم لجريمة يومية جعلت من كومونا ضحية افتراء سياسي لا يشار له بعزم قاطع. إن أبناء الأرياف هم الخزّان الدائم لنمط "المقاتل الموبايل" المتحرك، سريع التعويض. بطلة "ساحرة الحرب" تشارك الفرنسية تيريز في "مختطفة" في ان كلتيهما مسحورتان بالطبيعة التي ترافقهما وتسيران على أرضها وضمن أحراشها. وفيما تنتظر الأخيرة فرصتها كي ترفع صوتها احتجاجاً على رفض عصابة أبي سياف دفن صاحبتها العجوز الهندية، يكون على كومونا انتظار فرصتها المقابلة التي تتمثل بالهرب من جحيم المعارك إلى مطهر الرجل القصاب الذي يرفع صورة شهيد افريقيا باتريس لومومبا، كإشارة على نظافة سيرته السياسية. هنا تكتشف الأم الفتية ان الإفتراء الكبير وصل إلى منتهاه، بعد أن قادتها أشباحها البيضاء إلى دارة الأمان، ومن ثم إلى موقع وجع ولادة ابنها الذي تقوم بعملية مخاضه كما كانت جداتها يفعلن منذ عصور.

ان انعتاق الثنائي تيريز ـ كومونا من أسره، هو في وجهه الدرامي انفكاك من بهتان تاريخي. للأولى، وحسب المخرج مندوزا، ان قوة الام الفرنسية تكمن في عقلانيتها التي تحولها الى مجِالدَة صامتة على اللاإنصاف الذي تتعرض له هي  ومجموعتها الساعية إلى فعل الخير للآخرين، بينما تمر اليافعة الافريقية بانقلاباتها الكثيرة وهي عازمة على تراكم فهمها ـ بمساعدة شبحي والديها ـ الذي سيوصلها الى حقيقة انها ضحية نمط جاهز لمحارب يُقاد بشعوذات سحرة يرغمون الصبية والصبايا على شرب دماء حيوانات نافقة وعصائر اشجار معمرة كتمائم لشحنهن بإرادة القتل والتصفيات. كلتا الشخصيتين تمثلان إلى حد بعيد الصورة الحداثية للبطلة التي لا تغفل نسويتها، وتبقى على عزم نادر في تكريسها كواجهة يقينية لانخراطها في التحولات الكبرى. إنها جزء هائل القدرة على محاربة أعراف تنميط تشترك في تعميمها إرادات تتلبّس الديني (أو الحزبي على حد سواء)، كما هي حال كومونا التي "لا ترى" تلك القوى في أنوثتها المقبلة أمومة يجب حمايتها، في الوقت الذي تقع فيه تيريز رهينة عصبة دينية "لا ترى" بدورها في كيانها سوى كائن قابل للمقايضة وليس للإستغلال في مجال مهنيتها العالية الجودة، ذلك ان الإفتراء اليوم يعمّ الجميع.

أبوظبي السينمائي في

25/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)