حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

السيدة الوردية..

أفضل فيلم تسجيلي "سبيل ".. جائزة أحسن فيلم وإخراج وسيناريو

تقدمها: خيرية البشلاوي

أعلنت يوم الخميس الماضي جوائز المهرجان السينمائي الأول لدول مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في الفترة من 23 فبراير وحتي الأول من مارس.

بدأ الإعلان عن الجوائز التسجيلية بحضور وزير الثقافة والفنون والتراث بفوز فيلم "السيدة الوردية" وهو فيلم تسجيلي قطري للمخرجة شروق شاهين. وهو من إنتاج مؤسسة الدوحة القطرية.

فازت الكويت بجائزة أفضل مونتاج عن فيلم "حديث الصحراء".. وفاز بجائزة أفضل إخراج فيلم "حمامة" الإماراتي للمخرجة نجوم الغانم.

وفي مجال الأفلام الروائية فاز الفيلم الإماراتي "ريح" بجائزة أفضل تصوير "وليد الشحي" وفاز الممثل محمد بوفيصل بجائرة أحسن تمثيل عن دوره في الفيلم القطري "أم الصبيان" في حين فاز فيلم "ماي الجنة" بجائزة أفضل ممثلة سينمائية "هايا عبدالسلام".. أما جائزة أفضل فيلم فقد فاز بها الفيلم الإماراتي "سبيل" للمخرج خالد المحمود. وقد فاز الفيلم أيضاً بجائزة أحسن إخراج وأحسن سيناريو.

الدورة الأولي لمهرجان دول مجلس التعاون الخليجي

اعتراف بأهمية ودور السينما الوطنية

احتفاء بالرواد وباب أمل أمام صُناع الأفلام

يحتار المتابع للمهرجان السينمائي الأول لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أمام عروض الأفلام التي تمثل هذه الدول الغنية. وأيضاً أمام أجيال من السينمائيين بعضهم طاف بأعماله المهرجانات العربية وبعض المهرجانات الدولية ليس أملاً في جائزة فحسب. وإنما طموحاً إلي الخروج بعيداً عن الدائرة المحلية المغلقة. وبحثاً عن حضور دولي واعترافا بوجود سينما يُمكن أن نطلق عليها سينما خليجية.

ويستقبل المتلقي المتابع لفعاليات الدورة الأولي في مهرجان دول مجلس التعاون بمزيد من الحيرة كلمات المسئولين عن الثقافة والفنون التي تعترف بأهمية السينما وقدرتها علي التأثير في المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية مثلما جاء في كلمة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري الذي أكد أن السينما فن لا يمكن الاستغناء عنه وينبغي تعزيز مكانته علي الساحة الفنية خاصة في ظل تعدد وسائل الإعلام. حيث أصبح الفيلم مرآة خاصة في ظل تعدد وسائل الإعلام. حيث أصبح الفيلم مرآة للواقع السياسي والاجتماعي الذي يعيشه المواطن.

وقد يتساءل القارئ: ولماذا الحيرة؟!

هناك أسباب عديدة تبعث علي هذا الشعور. وأيضاً علي الإحساس بالدهشة يمكن أن نلمسها في شهادة مجموعة من السينمائيين الرواد من أبناء دول الخليج العربي أنفسهم الذين يشيرون صراحة إلي صعوبة صناعة الفيلم وإيجاد التمويل للتجارب الروائية الطويلة..

والمفارقة أن أموالاً كثيرة تنفق علي المهرجانات الدولية ومنها هذا المهرجان نفسه الذي شرفنا بحضور فعالياته. والذي جاء حسب ما فهمنا من كلمة السيد وزير الثقافة والتراث والفنون كثمرة لجهود خليجية وتنفيذاً لاتفاق بين وزراء الثقافة الخليجيين. الذي عقد في شهر نوفمبر الماضي .2011

إذن هناك علي المستوي الرسمي اهتمام بالسينما وإجماع علي أهميتها. ونحن نعرف أن دولة قطر علي سبيل المثال ساهمت من خلال مؤسسة الدوحة للأفلام في تمويل فيلم "الذهب الأسود" للمخرج الفرنسي جان أنود والذي تقول المعلومات المنشورة عنه إنه تكلف 55 مليون دولار. علماً بأن الفيلم لا يتضمن شخصية عربية واحدة ضمن طاقم التمثيل. اللهم إلا الممثل "رحيم" الذي ينتمي إلي أصول جزائرية. ولكنه في حقيقة الأمر ممثل فرنسي قلباً وقالباً. وتعليماً وانتماءً وليس محسوباً علي الممثلين الخليجيين. ورغم أنه يتناول بداية اكتشاف البترول في الخليج. وكل الذين يظهرون فيه يفترض أنهم من أبناء المنطقة. ومع ذلك يقوم بأدوارهم ممثلون أجانب ومنهم أنطونيو بانديراس.

والفيلم نفسه لا يختلف إلا بقدر ضئيل عن الأفلام الغربية. التي حبست الشخصية العربية في صورة نمطية سلبية وذلك من خلال عشرات المئات من الأفلام الأمريكية والأوروبية.. ومثل هذه التجربة "الذهب الأسود" كان من الممكن أن تكون فرصة مواتية للاحتكاك بين الممثل العربي الخليجي وبين ممثلين عالميين لو أن الجهة الممولة القطرية اشترطت إسناد دور ولو صغير لممثل قطري. وخصوصاً أن المشارك في الإنتاج. المنتج التونسي طارق بن عمار. وكان من الممكن أن يتفهم هذا الشرط كمقابل أدبي وفني للدولة التي ساهمت بأموالها في إنتاج فيلمه.. وأعتقد أن هذا الشرط نفسه يمكن أن تضعه مؤسسة الدوحة علي الأفلام التي تدعمها حتي تصبح المؤسسة بمثابة "استوديو" أيضاً لتفريخ الممثلين القطريين وتعويدهم علي التعامل مع طاقم أجنبي وعلي فهم العملية الإنتاجية حتي تتكون لديه الخبرة والمعرفة ومهارات الأداء التمثيلي.

إن الممثل العربي في هذه المنطقة العربية لديه إمكانيات قابلة للتطوير والإبداع تظهر في المسلسلات التي يعرضها التليفزيون. بالإضافة إلي أن هناك أجيالاً من الممثلين صغار السن في حاجة إلي اكتساب مهارات وخبرات تتجاوز الإمكانيات المحلية والفرص المحدودة جداً التي تتاح لهم. وأنهم في حاجة إلي الاطلاع علي مدارس الأداء التمثيلي واتجاهاته. فهذا "علم" واسع ويحتاج إلي دراسة أكاديمية إلي جانب التدريب العملي والاطلاع علي نماذج تطبيقية. وتاريخ السينما العالمية حافل بهذه النماذج. وكذلك السينما العربية وبشكل خاص السينما المصرية. لو تذكرنا الممثلين العظام في تاريخ هذه السينما التي أثرت في الجمهور العربي.

لقد آن الأوان أمام هذا الطموح السينمائي الذي نلحظه في المهرجانات العربية لخلق حركة فنية سينمائية تسهم في خلق أجيال جديدة من أبناء دول المجلس وبناته خصوصاً أن حظ المرأة في هذا المجال شحيح والإيمان بها كممثلة يكاد يكون معدوماً رغم الاهتمام ووجود شخصيات مسئولة ترعي الفن وتؤمن بالعمل الثقافي وتسعي إلي تأسيس نهضة فنية.

الحيرة تتضاعف أمام المفارقة التي تتجسد في هذه المناسبات الثقافية الجادة والمحترمة وبصفة خاصة من خلال هذا الحدث السينمائي الوليد الذي تحتضنه دولة قطر. وأعني تشتت الخبرات السينمائية. ولو كان هناك أي محاولة للتعاون بين الخبرات الشبابية المختلفة من السينمائيين في دول الخليج فإنها تنم عن مستوي فردي أحياناً وليس علي مستوي دول مجلس التعاون. هناك تعاون ربما علي مستوي السيناريو وربما التمثيل. رأيناها في الأفلام القصيرة والتسجيلية.. والمؤكد أن الحاجة ملحة إلي وجود صندوق خليجي خاص بتحويل الأعمال الجديرة بالتمويل. وهذا الأمر لن يتحقق إلا بمزيد من الإيمان بالفيلم السينمائي ودوره. وليس فقط بالمهرجانات السينمائية. وكذلك هناك فراغ في مجال الدراسة الأكاديمية للسينما واحتياج إلي معهد عال للسينما يوفر الدراسة لأبناء دول المجلس ويتم دعمه بأساتذة أكاديميين من دول العالم المتقدمة سينمائياً حتي يتخرج أجيال قادرة علي المشاركة في دورات المهرجان التالية لدول المجلس وجاهزة بأفلامها. فالمهرجان الأول بدأ بأفلام من إنتاج 2010. 2011 وهذه الأفلام المشاركة نفسها سبق اشتراكها في مناسبات مشابهة. والحاجة إلي إنتاج أعمال جديدة لا شك ملحة حتي لا يأتي وقت وتكون مثل هذه المناسبات مجرد احتفاليات مظهرية تتكرر فيها العروض وتشارك نفس الأعمال أو أعمال أخري من إنتاج سنوات سابقة. ومع وجود مهرجان إقليمي خاص بدول المجلس تزداد الحاجة إلي تيار متواصل من الأفلام يفي بحاجة هذه الأحداث الثقافية الفنية.

ويلمس المتابع للمهرجان وجود رغبة في تطوير فن السينما وطموح للتواجد علي خريطة السينما في العالم. وقد تحقق ذلك ذات يوم مع ظهور فيلم "بس يا بحر" "1972" الذي شكل حينئذي مفاجأة كبيرة للجمهور العربي. واحتفت به كثير من الدول من خلال اشتراكه في المهرجانات العالمية. وكنا نتصور أن السينما الكويتية قد بدأت الطريق. وها نحن بعد أربعين سنة نشاهد الفيلم مرة أخري كفيلم خليجي رائد دون أن كون هناك تجارب عديدة ظهرت طوال هذه السنوات.

ولا يكفي بطبيعة الحال الجهود الفردية ولا وجود مؤسسة أو منح لدعم الأفلام حتي تخرج إلي النور. فالمنطقة في حاجة إلي كيانات إنتاجية تهتم بالفيلم الروائي الطويل إلي جانب الزخم الثقافي والطموح لتحقيق نهضة ثقافية.

لقد كشفت الأفلام التسجيلية وبعض التجارب الروائية القصيرة عن وجود ميراث ثقافي وحساسية خاصة للمنطقة ولأبنائها الموهوبين وعن اتجاه إلي تكريس مقومات البيئة وكنوز الجغرافيا وخصوصية التاريخ. بالإضافة إلي تفرد الشخصية الخليجية بملامح وثقافة وميراث غني من التقاليد والقيم العربية.. وأذكر في هذا المجال فيلم "حمامة" من دولة الإمارات و"أنين السواحل" من البحرين و"حديث الصحراء" الكويتي و"الحياة في جبال ظفار" العُماني. وكلها أعمال تستحق التناول. ومن المؤكد أنني سأعود إليها مع أفلام روائية جيدة مثل فيلم "سبيل" وهو أحد الأفلام الجميلة الجديرة بالجائزة وأيضاً الفيلم الكويتي "ماي الجنة" الذي يتميز بعنصر التصوير والتمثيل ويكاد يكون الفيلم الوحيد الذي يضم ممثلة امرأة "هيا عبدالسلام" بمعايير احترافية لافتة.

مثل هذه التجارب وغيرها كفيلم "يوم سعيد" الذي مثل سلطنة عُمان. تستحق تناولا خاصا يفرض العودة إليها بالتفصيل.

فالملاحظ أن هذه التجارب تكشف عن إمكانيات غير محدودة للبيئة الصحراوية للتراث الشعبي والتنوع المدهش في اللهجات والعادات والخصوصية التي تمتاز بها كل منطقة. الأمر الذي يستدعي خطة وبرنامجا لتسجيل وتأصيل الهوية البيئية والجغرافية واللغوية. وتفرض علي المسئولين في وزارات الثقافة والفنون والتراث عمل خطة وتخصيص ميزانية لأفلام تسجل ملامح البيئة وتبرز خصوصيتها قبل أن تغول وتجور عليها المؤسسات الصناعية العملاقة المرتبطة بالصناعات البترولية مثلما رأينا في فيلم "أنين السواحل".

ويلفت النظر أن بعض هذه التجارب خليجية خالصة بمعني أنها تخلو من أسماء أجنبية لفنيين أو لفنانين في أي من الفروع. الأمر الذي يشهد بتطور فني وبالذات في عنصر التصوير مثلما ظهر واضحاً في فيلم "حديث الصحراء" الكويتي الذي تميز بصورة فاتنة وكادرات ساحرة الجمال. مما يؤهل أبناء دول المجلس للتقدم وامتلاك أدوات السينما وتأسيس صناعة لم تولد حتي الآن رغم ولادة السينما في بعض البلدان منذ أكثر من نصف قرن.

ولكن مثل هذه المهارات في فروع السينما المختلفة سوف تظل اجتهادات فردية. ومحاولات مشكورة للتعليم الذاتي. ومن ثم سوف تبقي التجارب الجيدة جهوداً مبعثرة. بينما الضرورة تقتضي توفير الفرصة لظهور تيار لا يتوقف من المصورين السينمائيين القادرين علي مواكبة التطور السينمائي وخلق جمهور يتذوق السينما الوطنية.

إن تطور وسيط الفيلم كمنتج ثقافي فني حضاري يعكس مدي تطور المجتمع الذي ينشأ فيه والشيء اللافت أن مدينة صغيرة مثل الدوحة التي استضافت أول دورة في المهرجان السينمائي لدول مجلس التعاون أصبحت تشكل "معرضاً" لنماذج العمارة الحديثة التي تزاوج بين الأصالة والتجديد. وتنافس علي مستوي العالم بنماذج معمارية فريدة. وأيضاً معرضاً لجماليات المشهد الطبيعي "لاند سكيب".. والأمر نفسه ينطبق علي دبي والإمارات والكويت.. كل هذه المظاهر المبهرة لا تجد لها معادلاً في الإنتاج السينمائي. فالأفلام المشاركة في المهرجان لا تعكس هذا التطور الذي طرأ علي المدن ولا تصلح كشهادة علي طموح سينمائي.. وربما يعود السبب إلي أن الفيلم الروائي الطويل الخليجي ليس له سوق في المدن الخليجية. وأن دور العرض ليست مستعدة لتشجيعه.

المساء المصرية في

04/03/2012

 

حكايات تونسية... حكايات بلا هوية

رامي عبد الرازق 

في عرضه العالمي الأول تابع جمهور مهرجان الأقصر الدولي للسينما الأفريقية في دورته الأولى فيلم"حكايات تونسية" للمخرجة الشابة ندى مازني حفيظ والذي يعتبر من أوائل الافلام الروائية الطويلة  التي يتم تصويرها بعد ثورة الياسمين في يناير 2011.

تنتمى المخرجة ندى مازني حفيظ إلى الجيل الجديد من مخرجي السينما التونسية الشباب فهي من مواليد 1983 ورغم أنها درست إدارة الأعمال في مونتريال لكنها عادت وغيرت مسار الدراسة وشرعت في دراسة الإخراج السينمائي حيث تخرجت من مدرسة السينما في مونتريال.

عادت ندى إلى تونس عام 2009 وقررت أن تكتب وتخرج أول افلامها الروائية" حكايات تونسية" والذي أنتجه له زوجها المنتج الشاب محمد سليم حفيظ.

تدور أحداث الفيلم في محأولة رصد الواقع اليومي لثلاثة شخصيات رئيسية شمس الفنانة التشكيلية التي تعاني من آثار علاقة حب فاشلة تعرضت فيها للخيانة وصابرين التي تواجه ضغواطا من اهلها للزواج بينما هي تريد أن تنتظر لكي تقرر من هو الشخص المناسب اما ايناس فهي امرأة مطلقة تستمع بحياتها في علاقات حرة لكنها تهمل في المقابل ابنتها المراهقة التي تنتقم منها عبر دخولها في علاقات غير شرعية مع أصدقائها، ولدينا في المقابل الجانب الذكوري المتمثل في حسن الرجل الوسيم الذي يفقد زوجته بالموت فيقرر أن يعود من المهجر إلى تونس فيتعرف على شمس ويدخل معها في علاقة حب ولدينا سائق التاكسي العجوز الذي يجد نفسه فجأة بلا عمل فيفكر في الانتحار وأيضا "مو" صاحب البازار الفاسد الذي يتاجر في المخدرات ويعيش حياة ماجنة بلا حساب.

الصدفة الا درامية

يفتقد الفيلم بالطبع إلى خبرة كتابة السيناريو الدرامي المحكم ربما بحكم كونه التجربة الأولى لمخرجته وكاتبته حيث تعتمد اعتمادا كليا أو جزئيا على تطور الأحداث من خلال الصدف البحتة التي تتوالد منها المواقف بلا حساب، ومن المعروف أن الصدفة هي اضعف انواع التطوير الدرامي لانها قد تحدث وقد لا تحدث والعمل الدرامي الجيد هو الذي يعتمد على تطور صراعه وأحداثه من خلال قرارات شخصياته التي تتخذ بناء على الأبعاد الدرامية لكل شخصية.

فحسن بالصدفة يركب مع سائق التاكسي العجوز ليحكي له عن واقع تونس (ما قبل الثورة) الذي يتسم بالفقر وضياع الفرص، رغم اننا لا نجد هذا في حياة الشخصيات الأخرى التي تعيش في واقع مخملي، حتى حسن نفسه لا ندرى ما هو عمله، فنحن لا نراه سوى مع الفتيات الجميلات طوال الوقت يحب شمس ويداعبها ويتجول معها في كل مكان.

وشمس تكتشف خيانة خطيبها لها بالصدفة عندما تعبث في تليفونه المحمول فتجد كليبا جنسيا له مع فتاة اخرى وهي صدفة ساذجة نسبة حدوثها بسيطة وكان من الممكن ان تستمر العلاقة بينهم لو أن خطيبها رجل ذكي لن يضع مثل هذه الكليبات الفاضحة لنفسه على موبيله بشكل مكشوف هكذا أو لم تحأول هي ان تعبث به من ورائه ولو انها مثلا كانت شخصية شكاكة تبحث خلفه لكان العثور على الكليب الفاضح منطقيا بشكل درامي لأنه نابع من سمات الشخصية وليس من لحظة ملل قررت فيها شمس أن تعبث بموبيل خطيبها لتكتشف خيانته لها ويصبح هناك موقف شد و جذب بينهما.

ثم تلتقي شمس بحسن ايضا عن طريق الصدفة في احد الكافيهات حيث يعجب سائح اسباني بلوحة لها فيتحدث معها بالإسبانية فيتدخل حسن للترجمة، وبالصدفة ايضا نكتشف أن صديق حسن هو صديق لزوج احد صديقات شمس وهكذا تدور الشخصيات في فلك الصدفة الدرامية طوال الوقت ما يجعل الصراع ساكنا فاترا يتطور بشكل قافز ولا يتصاعد محبوكا ومتقنا.

الحقد الطبقي

الازمة الكبرى في الفيلم هو أنه يتعامل مع الطبقة المخملية للنساء الأربعة على اعتبار أنها طبقة فاسدة جنت اموالها من دم الشعب ولا تجد ما تفعله سوى ان تصرف تلك الاموال على الملذات والخمر ولعب القمار وهي نظرة تقدم بشكل غير فني وتأتي اقرب للحقد الطبقي منها للتحليل الاجتماعي الجاد.

فنحن لا ندري من أين أتت ثروات هذه الأسر الغنية في الفيلم بل إننا نجد ان آباء الفتيات على سبيل المثال شمس وصديقتها صابرين يبدون رجالا على قدر من الاحترام والاتزان والشرف ولا نلمح فيهم كونهم رجال اعمال فاسدين أو مستفيدين من فساد النظام وبالتالي يبدو التناقض واضحا بشدة بين ما تريد المخرجة ان تقدمه عن هذه الطبقة وبين ما قدمته بالفعل حيث أنها تفترض أن المتلقي يعاني من حقد طبقي سوف يجعله يعرف دون أي مبررات درامية أن هذه الطبقة فاسدة طالما أنهم أغنياء وكأن كل غني فاسد..!

وفي المقابل تفترض المخرجة أيضا أن المواطن التونسي البسيط سائق التاكسي هو رجل شريف بدليل أنه فقير وأن ابنته ترتدي الحجاب في البيت امام أبيها دلالة على الشرف وهي إشارة ساذجة جدا أرادت المخرجة ان تصنع منها تقابلا مع تهتك الفتيات الأغنياء بالفيلم فجاءت بفتاة محجبة حتى في المنزل وهو نوع سطحي من المقارنات البصرية الغير حقيقية.

فليس كل غني فاسد بالضرورة وليس كل فقير شريف وليس هذا دفاعا عن الفاسدين أو هجوما على الفقراء ولكن الدراما لا تعترف سوى بالمبررات المنطقية والمستحيل الممكن تبريره في الدراما اقوى من الممكن والمنطقي الغير مبرر كما قال ارسطو قبل آلاف السنين في تنظيره الدرامي الشهير.

واتخاذ مواقف ايديولوجية ثورية يحتاج إلى أكثر من استعراض صدور وسيقان الممثلات والعربات الفارهة والفيلات البيضاء ذات الحدائق الواسعة فحتى المجتمع الأمريكي صاحب التجارب الديموقراطية الكبرى ثمة تفاوت طبقي كبير وواضح به، وثمة من يعانون البطالة ويأكلون من القمامة بينما يخسر آخرون ملايين الدولارت على موائد القمار في لاس فيجاس !

المخيلة التركية..

أصبحت ثمة ظاهرة جديدة بدأت تغزو عقول صناع السينما والدراما العربية يمكن أن نطلق عليها "المخيلة التركية" وهي صدى للدراما التركية التي سيطرت عناصرها البراقة على الشاشات العربية خلال الفترة الأخيرة.

نستطيع أن نلمح ذلك في تجربة حكايات تونسية بشكل واضح حتى أن الفيلم يمكن أن يطلق عليه اسم "حكايات" فقط دون أن تلحقه بأي جنسية تونسية كانت أو مصرية أو سورية..!

فالعلاقات العاطفية المركبة والنساء الجميلات والرجال الوسيمين الأقرب لموديلات المجلات والمنازل الواسعة المشمسة والسيارات الفخمة والشوارع النظيفة والشواطئ السياحية البراقة والحفلات الصاخبة واللحظات الرومانسية الرقيقة والعائلات الغنية ذات الوجوه المشبعة بالعز والرخاء كلها تفاصيل عامة يمكن أن تخص أي مجتمع في العالم به شرائح من الأغنياء وأصحاب الثروات ورجال الأعمال وهي ذاتها العناصر المميزة التي غزت بها الدراما التركية عقول المشاهدين العرب وباعت لهم الحلم من خلالها.

ولكنها في نفس الوقت جردت تلك العناصر من أية هوية خاصة حتى تنطبق في عمومها على أي مجتمع يعاني من تفاوت طبقي كالمجتمعات العربية أو من ظروف اجتماعية خاصة كالمجتمعات الخليجية على سبيل المثال.

وبالتالي أصبح اللجوء لمثل هذه العناصر في السينما والدراما التليفزيونية هو مسخ للهوية الخاصة بالفيلم أو العمل الدرامي ولو أن فيلم حكايات تونسية تمت دبلجته للسورية – وهي اللهجة الأثيرة في المسلسلات التركية- لما استطاع أحد أن يفرق بينه وبين اي مسلسل تركي أنيق يقدم نفس العناصر والتيمات التي قدمها الفيلم.

ولجوء المسلسلات التركية لمسخ هوية تلك العناصر سببه الرغبة في الانتشار واتساق الدبلجة لأي لغة على الصورة اللامعة المقدمة عن تلك المجتمعات، ولكن لا يمكن أن تتسق تلك الرؤية التسويقية مع رؤية من المفترض أنها تحليلية عميقة تحاول تقديم صورة عن مجتمع يعاني من تفاوت طبقي نتيجة فساد سياسي واجتماعي، ومن هنا اخفق "حكايات تونسية" في استخدامه لعناصر المخيلة التركية لصناعة تجربة فيلمية تتبنى اتجاه كاشف وثوري يفضح سلبيات مجتمع ما قبل يناير 2011 في تونس.

المشكلة أيضا أن المخرجة تعاملت مع فيلمها بشكل تليفزيوني جدا حيث امتلأت المشاهد بكميات كبيرة من الحوار المتبادل بين الشخصيات دون أن يكون ثمة توظيف لأي عنصر بصري كزاوية كاميرا أو حجم لقطة أو اشارة بالإضاءة أو الظل بل مجرد شخصيات تجلس في حجرات مغلقة أو على حمامات السباحة أو الشواطئ أو في السيارات تتحدث طوال الوقت وتعبر عن مشاعرها وافكارها بالحوار المتواصل دون لحظة صمت بل أن المخرجة تتعامل بمنطق بصري غريب وهو أن تدخل الحوار الداخلي لشخصية سائق التاكسي العجوز على مشاهد صابرين التي تعاني من ضغوط اهلها لأجبارها على الزواج وهو تداخل لا أحد يدري ما المقصود به سوى المخرجة فقط.

ناهيك عن أن بعض المشاهد تبدو منفذة بشكل غير حرفي مثل مشهد اجتماع الصديقات الأربعة في السيارة ليلا حيث نكتشف أن الإضاءة الخارجية المفترضة للشارع الذي يسيرون به اضاءة ثابتة لا تتغير مع حركة السيارة أو تتابع أعمدة الانارة على الطريق وكأن السيارة تسير وعليها كشاف ضوئي ينيرها من داخلها دون منطق بصري يحتم الإيهام بإضاءة الشارع المتلاحقة على وجوه الممثلات بالداخل وهو أحد العيوب التقنية والفنية التي تدل على قلة خبرة المخرجة والاستسهال في التعامل مع اللقطة السينمائية بشكل تليفزيوني غير محكم

العهد البائد

في المشاهد الأخيرة للفيلم تظهر صورة الدكتاتور التونسي المخلوع زين العابدين خلف أحد رجال الأمن في قسم الشرطة عندما يقوم رجل الأمن بمعاملة سائق التاكسي بخشونة ويأمر بطرده أيضا لأن سائق التاكسي تضرر من مصادرة عربة الخضروات البسيطة التي يعمل عليها ويرتزق من ورائها بعد أن طرده صاحب التاكسي واستبدله بقريب له.

هذه الصورة تشير بالطبع إلى أن الاحداث تدور في العهد البائد الذي يجب أن تتم مهاجمته بعد كل ثورة، ويحاول الفيلم من خلال الصورة إعطاء نفسه عمقا سياسيا خاصة أنه اعتبر الطبقة الغنية في هذا العهد هي طبقة فاسدة، رغم أن مشاكلها يمكن أن تعاني منها أية طبقة اخرى كالفراغ العاطفي أو البحث عن زوج مناسب أو اكتشاف خيانة الزوج أو شذوذه، فهي ليست مشكلات تخص الاغنياء فقط..! ولكن السيناريو الذي يعتبر أن تلك من امراض الغنى وحياة الدعة يمكن ان يعتبر أن مصادرة عربة الخضراوات من السائق الفقير هي قمة الظلم السياسي والاجتماعي وليس مثلا أن ثمة قوانين تجرم عملية البيع بهذه الطريقة !

خلاصة القول أن مثل هذه الأفلام تضر بفكرة الثورة ولا تفيد تقييم مسؤولية العهد البائد بشكل ناضج لأنها تجعل الثورة في النهاية قامت من أجل الاطاحة بطبقة من الفتيات اليائسات عاطفيا واللائي يعانين من سوء اتخاذ القرار المناسب مع شريك الحياة، ويختصر معاناة "البوعزيزي" في جملة بلا روح يقولها سائق التاكسي العجوز لنفسه أمام المرآة في النهاية وهو ان هذه البلد قد تدفع الشخص في النهاية للأنتحار!  

الجزيرة الوثائقية في

04/03/2012

 

سيرة بيل وهيلاري كلينتون في "تجربة امريكية"

محمد موسى – أمستردام 

في صورة شهيره التقطت في عام 1963، يحيط مجموعة من طلبة مدارس الرئيس الامريكي الراحل جون كنيدي، الذي يصافح صبيا منهم لم يتجاوز السابعة عشرة من العمر بشعر أشقر ووجه عريض. الصبي هذا، سيحكم الولايات المتحدة الامريكية، وسيحول الزمن بأحداثه وتبدلاته ويجعل الصورة ذاتها إيقونة، ليس فقط عن الرمز الذي سيمثله الرئيس كيندي لأجيال قادمة من الأمريكيين، لكن أيضا بسبب التفاؤل العابر الذي حملته تلك السنوات القليلة فقط من عمر الولايات المتحدة الامريكية، عندما انطلقت الاحلام بتغيير امريكيا، واعادة تلك الهوية الفريدة للبلد الجديد المتسامح، والتي ضاعت، وربما للابد، في فترة ما بين الحربين العالمتين

ذلك الصبي الامريكي في الصورة هو بيل كلينتون، والذي تخصص له السلسلة التسجيلية الامريكية الشهيرة ( تجربة امريكية) اربع ساعات كاملة، لعرض سيرته، من ولادته، وحتى نهاية فترة رئاسته الثانية في عام 2001. أما السنوات الملهمة القليلة من عمر الولايات المتحدة الامريكية، فهي ستبدأ مع بداية صعود السياسي الشاب جون اف كينيدي في نهاية الخمسينات، وتنتهي بمقتله الفاجع في الحادثة الشهيرة في عام 1963، لكنها، اي تلك السنوات، لن تتوقف عن تكون المثال الاول، وربما الوحيد، الذي سيبحث بيل كلينتون في ثناياه عن العزيمة لمواجهة الازمات السياسية العاصفة التي لم تتوقف طوال حياته السياسية كلها، بل ان خصومه السياسين من كل الجهات، تركز هجومهم الأول، بعد فوزه بفترة رئاسته الأولى عام 1993، على التشكيك بقدرة هذا الرجل "الأخرق"، المنتمي بأفكاره الى عقد الستينات المتحرر، لحكم بلد محافظ مثل الولايات المتحدة الامريكية.

يهتم النصف الاول من سلسلة ( تجربة أمريكية: كلينتون)، بسنوات صعود كلينتون، كسياسي شاب، عرف في سن مبكرة جدا بأن السياسية هي الطريق الذي سيسلكه في حياته. فيعرض ذلك الجزء، مشاهد أرشيفية عديدة، لكلينتون والذي كان يعمل بجد حقا، للتقرب من الطبقات العمالية الأمريكية. لكنه، وعلى خلاف كثير من السياسيين الآخريين، سيجذب انتباه الاعلام الامريكي، لصدقه الواضح في التعامل مع الذين يقابلهم. فالسلسلة تعرض فيلما مصورا لكيلنتون وهو يبكي مع سيدة امريكية، تواجه صعوبات مالية جمة لتسديد ثمن الادوية التي تحتاجها لمرضها.

في مقابل صعوده الشعبي السريع، يبدأ الجانب القاتم من حياة كلينتون الشخصية، بالتكشف أيضا. فالإعلام يغري أمريكيات ارتبطن بعلاقات جنسية مع كلينتون المتزوج وقتها، للحديث عن تلك العلاقات، وهو الكابوس الذي سيطارده سنوات حياته العامة جميعها، بل إن إحدى تلك العلاقات، تكاد تفجر أزمة هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية الحديث، عندما يعترف الرئيس كلينتون بعلاقته مع المتدربة في البيت الابيض مونيكا لوينسكي، في الحادثة المعروفة، والتي ستخصص لها السلسلة التسجيلية كثيرا من الوقت، مستعيدة مشاهد أرشيفية من تلك الأشهر الصعبة، معظمها تم عرضه مرارا على الشاشات.

هيلاري كلينتون

لا يمكن الحديث عن بيل كلينتون دون التوقف عند الدور الذي لعبته زوجته هيلاري في حياته السياسية كلها، فهذه السيدة الشديدة الطموح والذكاء، والتي تركت وظيفة ممتازة كمحامية شابة في واشنطن في بدايات السبعينات، لتتزوج بيل كلينتون،السياسي المبتدئ وقتها، والذي لم يكن يملك الكثير سوى طموحه، ستلعب الدور الأهم في حياته، ويمكن الجزم، إنه لولا مساعدتها، لم يكن لكلينتون أن يصمد أمام قسوة الفشل الذي رافق سنوات حياته السياسية الأولى. هي لم تكن زوجة وفية تطل في المناسبات العامة مبتسمة للكاميرات كما تفعل معظم زوجات السياسين، بل ستكرس سنوات طويلة للعمل الفعلي لإنجاز طموح زوجها، فالفيلم يقدم مشاهد أرشيفية لها أيضا، عندما قامت لسنوات عديدة بدعم حملات زوجها السياسية بشرح برنامجه الانتخابي الذي يخص التعليم والصحة، والذي قامت بكتابة معظمه أيضا.

يمكن الآن، وبعد ان شاهدنا هيلاري نفسها، تخوض في السنوات الاخيرة غمار السياسية، وتتقلد حاليا منصب وزيرة الخارجية الأمريكية، ان نعتبر أن حلم بيل كلينتون السياسي، لم يكن خاصته فقط، بل كان حلمها ايضا، وان جذور هذا الحلم تعود ايضا الى عقد الستينات الملهم نفسه.

يفشل كلا الزوجين بتحقيق إنجاز يرقى إلى مستوى طموحهما، فهو يعجز ان يقنع الامريكيين بجعل التأمين الصحي مكفولا لكل الأمريكيين على اختلاف ما يملكون من أموال، وهي تفشل في خطة كبيرة لتحسين المدارس الرسمية الحكومية، لم يتحقق منها الا القليل، كذلك خسرت هيلاري السباق في حزبها للتنافس على الرئاسة الامريكية  لباراك اوباما، لكن بدل ان تنسحب الى الظل، اختارت منصب وزيرة الخارجية الامريكية الذي عرض عليها، فيما يوزع بيل كلينتون وقته على عشرات المشاريع الخيرية حول العالم، ويسهر للاعتناء بزوجته، وكما يمزح دائما، ليرد لها ما فعلته له لسنوات طويلة.

عصر الصورة.

تستعيد السلسلة ارشيفا من الصور عمره يقارب الاربعين عاما لكلينتون وحياته السياسية، والارشيف هذا، هو الذي سيكون عماد السلسلة مع تعليق صوتي وموسيقى في الخلفية احيانا. ورغم ان السلسلة تقدم ايضا مقابلات محدودة مع الذين رافقوا هيلاري وبيل في فترات من حياتهم، لكن المشاهد الصورية، سواء تلك التي سجلتها محطات تلفزيونية، او الصور الفوتغرافية الرائعة، التي التقطتها مصوريين، ستكون كافية بقدر كبير لتتبع حياة الزوجين، وما مرت بها من مسرات وأوقات عصيبة أيضا.

تحظى السلسلة ومنذ عرضها الاولى على شاشة قناة " PBS " الامريكية الحكومية قبل اسابيع قليلة، باهتمام أوروبي خاص، فهي عرضت في بضعة دول اوربية، ونالت اهتماما من الصحافة الأوربية وبرامج الأخبار والتحقيقيات التلفزيونية، وهو الاهتمام الذي يشير الى تلهف الاوربيين الى أفلام تسجيلية جادة قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت وحتى منتصف السبعينات من القرن الماضي، تقوم بإنتاج العديد من البرامج التسجيلية الاستقصائية التي أثرت في تطور التلفزيون حول العالم، قبل أن يتغير التلفزيون الأمريكي، ويتجه الى الترفيه والسرعة في نقل الخبر، لتبقى قنوات قليلة فقط، ومنها القناة الحكومية الامريكية تلك، على الجدية نفسها في نبش تاريخ بلدها، وشخصياته الكبار.

الجزيرة الوثائقية في

04/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)